انوار الفقاهه - کتاب البیع

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب البیع موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

[هنا مطلبان]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ و به نستعین

و هو ثابت کتاباً و سنة و إجماعاً و هو الأصل فی نقل الأعیان و إلیه یرجع عند صدور الصیغة أو النقل القابلان له و لغیره و مع عدم تعین المراد منهما و فیه مطالب.

المطلب الأول: فی الصیغة و ما یتعلق بها

اشارة

و فیه أمور.

أحدها: الأصل

ففی کل صیغة من صیغ العقود أن تؤخذ من مبدئها المسمی به لصراحتها فی الدلالة علیه لأن المقصود من شرع العقود قطع النزاع و حسم مادة الاختلاف و لا یحصلان إلا بما هو صریح الدلالة و لو خرج من ذلک شی ء لکان لدلیل آخر أولیاء غیره فی الصراحة لتلک المرتبة و لا یشترط فی الاشتقاق تساوی المشتق و المشتق منه بل فی المعنی بل یکفی دوران أحد المعانی من المشتق منه فی المشتق کما یکفی فی بعتک إرادة النقل مع أن البیع مشترک بین معانی متعددة نعم یکفی فی القبول بلفظ قبلت فی سائر العقود للإجماع و الصراحة.

ثانیها: لفظ البیع

یقال علی نقل الأعیان فقط و نقلها و انتقالها معاً و قد یقال علی الإیجار فقط و هذه هی الشائعة فی اللغة و العرف العام و قد یقال علی مجموع العقد الدال علیه المرکب من الإیجاب و القبول و هو الشائع فی السنة الفقهاء بل فی لسان الشارع و الظاهر أنه حقیقة عرفیة بل لغویة فی الجمیع علی وجه الاشتراک و لم یثبت له حقیقة شرعیة جدیدة علی الأظهر و هل یختص فی اللغة و العرف بالنقل الخاص المأخوذ من اللفظ الخاص أو الإیجاب الخاص أو ما یقوم مقامة من إشارة و أخذ و إعطاء و لا یختص بل یکون ما زاد علی نقل الأعیان من الشرائط و الأحکام وجهان أوجههما الأخیر و هل یختص بالصحیح من النقل أو بما هو أعم منه و من الفاسد وجهان

ص: 2

أوجههما الأخیر و إطلاق البیع علی الانتقال مطلقاً أو مقیداً بلفظ خاص و علی ما دل علیه مجاز لا ینصرف لفظ البیع إلیه و لا یناسب تعدیته بنفسه و الأنسب صدق لفظ الشراء علیه و قد یطلق لفظ الشراء علی البیع إلا انه أقل من إطلاق لفظ البیع علیه.

ثالثها:

اختلاف الفقهاء فی الحدود و لیس للاختلاف فی المحدود کما قد یتخیل فی بادی النظر بل الغالب فی الاختلاف إنما یکون فی التأدیة من المعنی الواحد بحسب الکثرة و القلة و الأوصاف و الأحکام لأن غرضهم بیان المعنی برسمه و الإشارة إلیه بحیث یعرف عن غیره فمنهم من یقتصر علی ما یکفی به للفقیه و منهم من یبطل لزیادة التنبیه و أجود ما یقال أن البیع نقل بلفظ خاص أو ما یقوم مقامه معاطاة أو إشارة مع عدم التمکن لعین لا لمنفعة و لا لحق متمیز فی الخارج أو کان دیناً فی الذمة أو کلیاً مملوکة فعلًا أو قوة کالکلیات أو تقدیراً بعد البیع کمن باع ثمّ ملک فی وجه للمالک العاقد أو وکیله أو فضولیة معلومة بالمشاهدة و التقدیر مقدوراً علی تسلیمها بعوض عین أو منفعة لا حق علی الأظهر معلوم بالمشاهدة أو التقدیر من شخص إلی غیره تحقیقاً أو تقدیراً علی وجه التراضی أو الجبر القائم مقامه من الحاکم و نحوه فلا یصح بیع المنفعة و لا الحق لعدم صدق البیع و للأصل و الإجماع مع الشک فی شمول الدلیل نعم یجوز جعل المنفعة ثمناً لعموم الأدلة دون الحق علی الأظهر و لا بیع لا یملک أو ما لا یملک إلا مع إجازة المالک أو المالک الحقیقی و لا بیع ما خلا عن العوض أو ما کان عوضه غیر قابل للمالک و لا بیع المجهول و لا الممتنع تسلیمه و تسلمه و لا بیع الإکراه بدون إذن المالک الحقیقی إلی غیر ذلک مما یخرج البیع عن اسمه أو یخرج عن حکمه.

رابعها: قد یکون البیع بالصیغة الخاصة

و لا یکفی کل صیغة کما ذهب إلیه بعض الأعلام لخلو الأخبار عن بیانها و عدم التعرض لها و هو مردود بأن الاکتفاء عن ذکرها إنما لشیوع المعاطاة و قیامها مقامها و للاکتفاء بکل لفظ دل علی ذلک بحیث یکون الناقل نفس اللفظ دونها و یشترط فیها الصراحة بدلالتها علیه وضعاً مطابقة أو الأعم منه أو الأخص علی أن یکون مجازا مشهور متعارفاً أو مشترکاً لفظیاً أو معنویاً تخصصهما القرینة و لا یجزی غیر الصریح و إن دخل فی الاشتراک المعنوی کبدلت

ص: 3

و نقلت و عوضت و لا المجاز غیر المشوب کوهبت و لا الکنایة کانصرفت و ودعت و یجزی بعت و أسلمت و ملکت و شربت و لا یصح فی القبول أذعنت و تحملت و یجزی قبلت لصراحتها و للإجماع و کذا تملکت و ابتعت و اشتریت و لا یبعد الاکتفاء بما کان کقبلت مثل رضیت و نحوها و المنع فی ذلک کله للشک فی شمول دلیل العقود و البیوع لغیر الصیغ المتعارفة بل الظن بعدم شمولها لفتوی الأصحاب و ظواهر الإجماعات المنقولة فی الباب علی عدم إجزاء کل لفظ و إبقاء الدلالة علی عمومهما یلزم منه کون الخارج أکثر من الداخل و حینئذ فیدخل فی العام شوب الإجمال و یسقط به الاستدلال و یشترط فعلیة الصیغة و ماضویتها و عربیتها مع إمکان مباشرة العربیة بنفسه و موافقتها للقواعد النحویة و الصرفیة مع إمکان مباشرة ذلک بنفسه و ترتیبها سواء وقع القبول بلفظ قبلت أو بغیرها و إن کان المنع فی الأول أظهر و یشترط المطابقة بین الإیجاب و القبول ثمنا و مثمناً و عدم الفصل الطویل بینهما کل ذلک اقتصاراً علی مورد الیقین فی السببیة من العقود المتعارفة فی العرف العام و الدائرة علی السنة الأعلام و الأظهر سقوط جملة من هذه الشرائط مع عدم الإمکان بنفسه و الأحوط مراعاة التمکن من التوکیل أیضاً و عدم التمکن من عقد آخر بظنه یقوم مقامه و یشترط أیضا تنجیزها فلا یصح فی العقد التعلیق لظهور العقد فی المنجز و الشک فی سببیة المعلق و یشترط التعیین فیها فلا یصح التردید فیها بین صیغتین أو بین ثمنین أو مبیعین لما ذکرنا و هل یشترط ذکر المعقود علیه لفظاً أو یکفی الإشارة إلیه أو اضماره وجهان أحوطهما عدم کفایة الإضمار.

خامسها: قد یقع البیع بالفعل دون القول

و هو مختص بمعاطاة العوضین أو أحدهما مع القصد النقل بها مطلقاً فینصرف للبیع لأنه الظاهر من الإطلاق اللفظی أو الفعلی أو مع قصد البیع بالخصوص مصاحبة لقرینة دالة علی ذلک من الألفاظ العامة أو الخاصة غیر المستجمعة للشرائط أو غیر مصاحبة و لا ینفع مصاحبة ما لا یستجمع الشرائط معها مع عدم قصد النقل به منفرداً عنها أو منضماً و إلا فسد البیع قطعاً فی الأول و علی الأظهر فی الثانی و لا یکفی غیر المعاطاة فی النقل من الأفعال کالإشارة

ص: 4

و الکتابة و الملامسة و المنابذة للإجماع و الأصل مع الشک فی الاندراج فی العموم و لقوله (علیه السلام) فی المعتبرة المستفیضة المحمول علیها إنما یحلل الکلام و یحرم الکلام و لا تفاوت بین وقوعها بنفسها أو بمصاحبتها للفظ غیر صالح للنقل أو صالح غیر مقصود به ذلک و لو کان کل منهما مقصوداً بالنقل به فإشکال و هل یصح النقل بغیر المعاطاة مع العجز عن مباشرة الصیغة و المعاطاة أو لا یصح و الوجه الصحة مع العجز عن المباشرة و عن التوکیل أیضاً و عن مباشرة صیغة أخری من النواقل لمکان الضرورة و تنزل مراتب العقود منزلة العبادات مع احتمال عدم مشروعیة الضرورة لذلک إلا فی الأخرس و شبهه لقیام الدلیل:

سادسها: ما ذکرناه من إفادة المعاطاة النقل

و إنها بیع هو الأظهر من الدلیل لصدق البیع علیها لغة و عرفاً و صدق التجارة عن تراض علیها أیضاً و أظهر أفراد التجارة فی الأعیان هو البیع بل ربما یقال بشمول أوفر بالعقود لها بناء علی شمول العقد للقول و الفعل المقصود به الربط و الظاهر من العقد الناقل للأعیان هو البیع و للسیرة القطعیة القاضیة بجریان حکم النقل للأعیان علیها من دون نکیر من الأئمة (علیه السلام) و أصحابهم من مواریث و وصایا و أخماس و زکاة و نفقات و أوقاف و عتق و لان المعلوم بدیهة قصد الملک بها حین صدورها فلو لم یحصل کان أکل المال بها أکل مال بالباطل بل المعلوم بدیهة أجراء حکم البیع علیها و صدق أنه باع و اشتری عند المعاملة بها فظهر حینئذٍ أنها عقد تفید التملیک و أنها بیع لا عقد مستقل و یدل علی ذلک حصر الفقهاء للنواقل فی أنواع محصورة و لم یذکروا المعاطاة منها نعم هی من أقسام البیع الجائز بالأصل للأصل و الإجماع بقسمیه و لأن المعهود من السیرة و الطریقة إجراء حکم الجواز علیها حتی لو أرید اللزوم عدلوا عنها إلی الصیغ الخاصة و یجب الوفاء بالعقد علی ما هو علیه فالقول بلزومها استناداً إلی أصالة اللزوم فی البیع ضعیف کما أن القول بفسادها و عدم ترتب أثر علیها لا یعول علیه بل هو مخالف للإجماع بقسمیه علی الظاهر و مخالف للسیرة القطعیة من لدن سید البریة نعم لو قرنت المعاطاة بغیر الصیغة الخاصة و قصد النقل بتلک الصیغة لا بها کان العقد فاسداً للأصل

ص: 5

و عدم الدلیل علیه خلافاً لمن أجاز کل صیغة دالة علی المطلوب لخلو الأخبار عن ذکر الصیغ الخاصة و هو ضعیف لأن خلو الأخبار إنما کان للاکتفاء من الصیغة بالمعاطاة و الألفاظ العامة یؤتی بها معها للدلالة علی ذلک لا لقصد النقل و لیس خلوها للاکتفاء بکل لفظ دال علی المراد کما یشهد به الوجدان و ذهب جمع من أصحابنا إلی أن المعاطاة إنما تفید إباحة للتصرف لا تملیکا للعین و لا نقلًا له نعم تفید نقلًا و تملیکاً و لزوما عند التلف أو التصرف علی وجه البیع أو غیره و نسب ذلک للمشهور و نقل علیه الإجماع و هو بعید عن مذاق الفقاهة مردود باستلزامه أموراً تنافی القواعد الفقهیة و الأصول الشرعیة کاستلزامه عدم تبعیة العقود للقصود لأن القصد الملک مع أن الأثر الإباحة و استلزامه کون التصرف مملکاً قهراً لکل من الجانبین من دون نیة و هو بعید سیما مع عدم إذن المالک فیه لان قصده الإباحة و استلزامه کون التلف مملکاً مع انه قبله لا ملک لعدم حصول سببه و بعده ملک معدوم و معه بعید عن موارد المملکات الشرعیة و لاستلزامه الحکم بعدم الملک قبل التصرف أو التلف المقطوع بهما لاستصحاب البقاء مع الشک مع قضاء الضرورة بجریان حکم الأملاک و لاستلزامه کون التصرف من جانب و التلف منه ناقلًا للجانب الآخر قهراً و هو بعید و لاستلزامه کون وطء الجاریة غاصباً لأنه أن الملک قبل الوطء بنیة التصرف کان خارجاً عن قواعد النقل و إن ملک معه أو بعده کان واطئاً لغیر المملوک من غیر تحلیل و لاستلزامه کون النماء عند حدوثه إما مملکاً لنفسه دون الغیر أو مملکاً لهما أو غیر مملک حتی یتصرف بالعین فیملکها أو یملکه تبعاً أو لا یملک أصلًا و کلها خلاف القواعد و خلاف البداهة من إجراء حکم الأملاک ابتداءً أو ملکه بالتصرف فیه علی نحو العین بعید لخفاء شمول الأذن له و استدامة أن العین لو تلفت أو تصرف بها الغاصب فإن ملک تصرف الغاصب لأحد الجانبین أو کلاهما کان عجیباً من تصرف الغاصب مملک له و إن لم یملک کان بمقتضی القواعد أن علی القابض المثل و القیمة دون المسمی و هو خلاف ما علیه الفتوی و العمل و قد ینزل فی کلامهم لفظ الإباحة علی إرادة الملک دون اللزوم لظاهر قولهم أنها تفید إباحة و تلزم بالتصرف و یکون علی نحو قولهم بإباحة المساکن

ص: 6

و المتاجر و نبغی أن یعلم أنه علی ما اخترناه من کونها بیعاً أنها تجری علیها أحکام البیع من خیار و شفعة و صرف و سلم و عدم جواز الربا و عدم کون العوض مجهولا و غیر ذلک سوی ما خرج بالدلیل من الجواز و عدم اللزوم و یمکن إلحاق جواز الجهالة بالعوض بذلک لما نقل من أن سیرة المسلمین علی ذلک و ثبوت الخیار یمکن الحکم به مع الجواز إذ لا بأس باجتماع علل الجواز فی مورد واحد لأن العلل الشرعیة معرفات و یمکن الحکم به بعد التصرف و اللزوم و لکن یکون مثبتاً للجانب الأخر لأن التصرف من جانب المتصرف مسقط لخیاره و کما یجری علیهما أحکام البیع هاهنا یجری علیها أحکام العقود الأخر إذا قامت مقامها لأنها فرد من أفرادها و القول بأنها عقد مستقل کالصلح یقوم مقام العقود کقیام الصلح مقامها و لا یشترط فیها شرائط العقود للأصل بعید عن مقتضی الأدلة و علی ما اخترناه فانصرافه لکل عقد إما بالبینة أو بالظاهر القائم مقامها من أن الأصل فی نواقل العین البیع و فی نواقل المنافع الإجارة و لا فرق فی جریان أحکام البیع بین کون الدفع من الجانبین أو من جانب واحد لقضاء السیرة بذلک و علی القول بالإباحة فلا شک أنها قبل التصرف علی ظاهر قولهم أمانة بید قابضها و إنها تلزم من الجانبین بعد التصرف و التلف و لو من جانب واحد و إنها تلزم بالمسمی المأخوذ فیها و لکن لم یعلم أنها تعود بیعاً حینئذٍ أو عقداً مستقلًا أو حکماً شرعیاً ثبت للتصرف و التلف وجوه خالیة عن المأخذ و کالبیع فهل یجری أحکامه حینئذٍ عند التصرف أو من ابتدأ المعاطاة فیکون التصرف کجزء السبب وجهان و إن کان علی القول بالإباحة أوجههما الأول ثمّ لو ترادا قبل اللزوم علی کلا القولین رجع کل مال إلی صاحبه و وجبت التخلیة و لا یلزم أحدهما الآخر بمئونة الرد و لو فسخ أحدهما فأدعی الآخر اللزوم قبل ذلک بسبب خاص أو مطلقاً فالقول قول منکره ثمّ أن التصرف الملزم علی کلا القولین یراد به ما ینافی الرد علی وجه التمامیة قطعاً کنقصان فی عین أو صفة أو تغیر هیئة أو خلط أو مزج لعین بأخری أو غیر ذلک مما یؤثر تغیراً و ما لم یؤثر تغیراً کبعض الانتفاعات و التصرفات فإن کانت ناقلة بناقل شرعی لازم فکذلک علی ظاهر الفتوی و إن کانت جائزة فهی کالتصرفات غیر المؤثرة کالمقصود

ص: 7

منها النفقة أو الحفظ أو لمزیده حسنا فلا یبعد عدم اللزوم بسببها لاستصحاب الجواز مع احتمال أن الأصل اللزوم عند الشک فی بقاء الجواز أو إن التصرف کله بمنزلة الرضا فیفید اللزوم کما فی التصرف فی زمن الخیار و لکنها لا تخلو من نظر و تأمل لإطلاق الدلیل بأن الحدث مسقط للخیار بخلافه هاهنا لبنائه علی حدیث الضرار و لأن الرضا هناک مسقط للخیار بخلافه فی المعاطاة فإن الرضا و الإسقاط لا یفیدها لزوماً علی الأظهر و لان استصحاب الجواز لا یعارضه هاهنا دلیل لزوم البیع فظهر ضعف الأول أیضاً و مثل التصرف بالعین التصرف بالنماء فی حصول اللزوم بالنسبة إلی العین نفسها و بالنسبة إلیه و یجری فیه الإشکال المتقدم علی القول بالإباحة و التصرف بالمنافع و النماء جائز علی کلا القولین إلا أنها أن کانا متصلین کان حکمهما حکم العین و إن کانا منفصلین فإن تلفا فلا ضمان علی کلا القولین سواء فسخا عقد الإباحة و التملیک أو ابقیاه لتسلیط المالک غیره علیهما و إن کانا باقیین فلیس للدافع الرجوع به علی القول بالملک لملک القابض له سواء فسخ العقد الصادر علی العین نفسها أو أمضاه و له الرجوع به علی القول بالإباحة قبل لزومها قطعاً و بعده علی إشکال و تلف بعض العین کتلف جمیعه فی تأثیره فی اللزوم و احتمال اللزوم فیما قابلة فقط ضعیف لحصول الضرر بالرد فی البعض دون البعض و لو وقع تلف و فسخ و اختلفا فی السابق و اللاحق فإن علم تاریخ أحدهما حکم بتأخیر الأخر و إلا اتجه القول بتقدیم مدعی الفسخ أولًا لأصالة صحته و استصحاب الجواز الیه و احتمال تقدیم قول مدعی التصرف و التلف لأصالة صحته و حلیته للزوم و تصرف أحد المتعاقدین فیما أنتقل منه لا یؤثر علی القول بالإباحة أثر أو علی القول بالملک فهل هو فسخ وجهان و لو شرط أحدهما علی الأخر عدم اللزوم بالتصرف کان منافیا لمقتضی العقد علی القول بالملک فیتجه الفساد و علی القول بالإباحة ففی بقاء الإباحة وجهان و کذا لو شرط أحدهما علی الأخر عدم التصرف بوقت خاص أو حال خاص فعلی القول بالملک یبطل الشرط و علی القول بالإباحة ففی بقائها بالنسبة إلی غیره و اللزوم به وجهان:

ص: 8

سابعها: لو حصل النقل بغیر الصفة الخاصة أو المعاطاة أو غیرهما مع عدم إمکانهما کان العقد فاسداً

لا یترتب علیه أثار العقد الصحیح و کان المقبوض مضمونا علی قابضة للإجماع نقلًا بل تحصیلًا و للمشهور نقلًا و تحصیلًا و للخبر المستفیض المنجبر بالفتوی و العمل و هو علی الید ما أخذت حتی تؤدی و البحث فی دلالته علی الوجوب أو علی العموم فی الأخذ و المأخوذ أو علی العموم للعین و المثل و القیمة أو علی العموم للمأخوذ بنفس الید و غیره أو علی العموم للمأخوذ بالقهر و غیره ضعیف بعد فهم الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و للقاعدة المشهورة فتوی و المعمول علیها و المنقول علیها الإجماع إن ما یضمن بصحیحه یضمن بفاسده و ظاهرها الضمان بالقیمة لا بما أقدم علیه من المسمی کما قد یتخیل و ما أن جعلت عبارة عن العقد أفادت العموم بالنسبة إلیه و کانت بالنسبة لأفراد المضمون قضیة مهملة و إن جعلت عبارة عن المعقود علیه أفادت العموم بالنسبة إلیه و کانت بالنسبة للأفراد الغیر المعقود علیها کالنماء و شبهه قضیة مهملة و إن جعلت عبارة عما یتعلق به العقد أصالة أو تبعاً أفادت العموم للجمیع و کانت دلیلًا علی ضمانه إلا أن فی دلالتها علی ذلک نظر و تأمل و علی کل حال فالمقبوض من العوضین و نمائهما المتصل و المنتقل و منافعهما المستوفاة و غیرها کلها مضمونه علی القابض سواء أتلفها بنفسه أو لا و إن کان تضمنه النماء الذی لم یدخل تحت یده لحصوله بعد ذهاب الغیر منه بید غاصب آخر أو بلا وضع ید علیه لا یخلو من إشکال و لا یتفاوت الضمان بین کون المتعاقدین عالمین أو جاهلین أو مختلفین مع قصد المعاوضة و عدم تسلیط أحدهما للآخر مجاناً فیجب رد العین و لو مع الأجرة مع الغرور و تجب التخلیة مع عدمه مع ترابعها الجوهریة و العرضیة ما لم تکن من ماله و کان معذوراً فإنه یضرب بقیمتها إن بقیت و یدفع مثلها أو قیمتها إن تلفت بعد الرد و یجب مع تلف العین من القابض رد المثل عرفاً إن کانت تسمی مثلیه عرفاً أما لتساوی أجزائها فی الحقیقة النوعیة کما فی قول أو لتساوی قیمة أجزائها کما فی قول آخر أو تساوی أجزائها و جزئیاتها کما فی وجه ثالث أو لتساوی أجزائها أو منفعتها و تقارب صفاتها کما فی قول رابع أو لکونها مما یقدر بالکیل و الوزن کما فی قول خامس أو

ص: 9

لکونها إذا جمعت بعد التفریق أو فرقت بعد الجمع عادت الأولی کما فی وجه سادس و قد یقال بوجوب رد المثل فیما له مثل عرفاً سمی قیمیاً فی لسان الفقهاء و مع تعذر المثل وجبت قیمته وقت القبض أو التلف أو الإعواز أو الأداء و إلا و هو الأقرب هنا للقواعد أو التخییر بین الکل أو أعلی القیم بین کل واحد و آخر و بین الأول و الأخیر و یجب رد القیمة إن کانت قیمته و هی ما قابلت المثلیة و هل القیمة وقت القبض أو التلف و هو الأوفق بالقواعد لأنه وقت تعلق الخطاب بالأداء أو وقت الأداء أو وقت المطالبة أو التخییر بین الکل أو بین واحد و آخر أو أعلی القیم کذلک و المراد بالقیمة القیمة السوقیة و لو اختلفت أخذ بالأغلب و لو تساوت أخذ بالأقل مع احتمال الأخذ بالأکثر أو القرعة أو الصلح القهری أو الانتزاع من القیمة لرفع النزاع و تقومت الصفة مع تلفها منفردة إن کانت لها قیمة منفردة و إلا قومت مع العین و قومت مع العین منفردة و أخذ التفاوت و کذا العین یقوما منفردین إن لم یکن للإجماع مدخل و إلا قوما مجتمعین إن ذهبا معاً و إن ذهبت واحدة قوما مجتمعین و منفردین و أخذ التفاوت و علی تفصیل سیأتی إن شاء الله تعالی و لا یرجع القابض علی الدافع مع عدم الغرور بغرامة أو نفقة أو شبهها و یرجع مع الغرور لقاعدة المغرور و یرجع علی من غره و جهله و علم الدافع لیس غروراً له کما هو ظاهر الفتوی.

المطلب الثانی: فی المتعاقدین

اشارة

و فیه أمور.

أولها: یشترط فی المتعاقدین التغایر بینهما

و لو حکما کالوکیل عن اثنین أو الولی علیهما أو الفضولی عنهما أو الأصیل و الوکیل أو الولی فلا یکفی الواحد و لا یضر التعدد الاعتباری لعموم الأدلة و فتوی الأصحاب و استدعاء العقد فعلًا و انفعالًا و فاعلًا و قابلًا و تضایقاً لا یوجب التعدد الحقیقی کما توهمه بل یکفی فیه الاعتباری و کذا یکفی التغایر الاعتباری بین العاقد و المعقود علیه کما لو باع العبد نفسه لعموم الأدلة من غیر معارض و یشترط فیهما البلوغ و هو الحال الذی یعتری الإنسان بحیث یخرج به عن الصباوة فیتعلق به التکلیف و له علامات عرفیة و شرعیة منها ما تخص

ص: 10

الرجال و منها ما تخص النساء و منها ما تکون مشترکة کالمنی و ذا العقل و کذا القصد و کذا الاختیار مقارناً أو متأخراً کل ذلک للإجماع بقسمیه و للشک فی شمول أدلة العقود خطاباً و وضعاً لها لعدم القابلیة للخطاب التکلیفی و عدم انصراف الخطاب الوضعی إلیها فتبقی علی حکم الأصل و لا تؤثر الإجازة اللاحقة بها صحة بعد الحکم ببطلانها فی غیر ما یستثنی إن شاء الله تعالی و علی ذلک فلا عقد لصبی أو مجنون أو غافل أو ساهی أو سکران أو نائم أو مغمی علیه أو غیر قاصد للمعنی کالهازل و الغالط و من جوز عقد الصبی إذا کان ممیز أو إذا بلغ عشراً أو فی المحقرات مع إذن الأولیاء أو بدونه فقد خالف الأصحاب و الأخبار الخاصة فی الباب الدالة علی عدم نفوذ تصرفاته المؤیدة بالأصول و القواعد و الاحتیاط و الإجماع و غایة ما یستدل به من شمول العمومات له و من آیة (وَ ابْتَلُوا الْیَتٰامیٰ) حیث أن الابتلاء موقوف علی معاملته و مما دل علی صحة إسلامه و إصلاحه و تدبیره و وصیته و عباداته و من جریان السیرة علی العمل بإذنه فی دخول الدار و تولیته ضروب المعاملات و قبول الهدایا منه عند إیصالها من ولیه لأهلها مردود بالمنع من شمول العمومات له و السند ما تقدم و یمنع ظهور الآیة فی ذلک بل لا یبعد إرادة الاختبار بنفس الصور دون الحقائق و اختبار نفس البلوغ أو الاختبار بعد البلوغ لاستئناس الرشد أو الاختبار بغیر أموالهم أو الاختبار بالإباحة أو بالسؤال و البحث أو بما جاز لهم تولیته أو غیر ذلک و الحکم بالعموم للکل للإطلاق ضعیف و بمنع دلالة صحة ما قام علیه الدلیل علی صحة عقوده لأنه قیاس مع الفارق علی أنه منظور فی کثیر منه لضعف دلیله کضعف ما دل علی جواز تصرف الغلام إذا بلغ عشراً سنداً و عملًا و فتوی فحمله علی مقارنة العشرة للبلوغ الحقیقی أو علی غیر الذکر أو طرحه أولی من العمل به و بمنع جریان السیرة علی تولیته ضروب المعاملات سواء کان من المحقرات أو من غیرها و لو قضت بذلک سیرة قاطعة لکانت محمولًا علی جواز العمل بشاهد الحال من إباحة الأولیاء للأخذ منهم و الدفع إلیهم لا علی وجه النقل و الانتقال و أما جریان السیرة علی قبول قوله فی الإذن بدخول الدار و إیصال الهدیة فلو قلنا بها و کانت قاطعة فلا تفید سوی جواز العمل بالمظنّة الحاصلة

ص: 11

من قول الصبی بدخول الدار و کون الهدیة من الولی فیقتصر فیهما علی موردهما و لا یقاس علی ذلک باقی ضروب المعاملات و الظاهر أن هذا الشرط یلزم استمراره من مبدأ الإیجاب إلی تمام القبول بالنسبة إلی الموجب و القابل فلو کان الإیجاب مع صبی أو مجنون فقبل بعد بلوغه و عقله بطل العقد و هکذا و یستثنی من ذلک عقد المکره الذی لم یبلغ إکراهه إلی ارتفاع قصده کالخائف بتهدید أو توعید أو ضرب أو شتم و نحو ذلک فإنه یصح مع الإجازة عند الاختیار إذا استکمل سائر الشرائط عدا الرضا المقارن بفتوی المشهور و الإجماع المنقول و لاحتساب الفقهاء عقده من العقود المأمور بها و هم أدری بمدلول الألفاظ فیرتفع الشک فی شمولها له و دخوله تحتها فالحکم ببطلانه للأصل و الشک فی الاندراج ضعیف و هل یلزم غیر المجبور بانتظاره أوله الفسخ وجهان أوجههما الأول لإدخاله الضرر علی نفسه سواء أستمر الجبر زمناً طویلًا أو لا و هل یلزم عند ارتفاع الإکراه بأحد الأمرین إما الفسخ أو الإجازة لمکان الضرر أو لا وجهان أقواهما الأول و هل الإجازة کاشفة أو ناقلة وجهان أقربهما الأول أما بمعنی توقف صحته علی حصول الشرط المتأخر واقعاً کلما علم بحصوله علم صحته قبل ذلک عند علام الغیوب أو بمعنی تأثیر الإجازة لصحته عند وقوعه لا عند الإجازة و المعنی الأول أظهر من کلمات الفقهاء و لا بد من مطابقة الإجازة للعقد فلو عین شرطاً أو مکاناً أو زماناً لم تؤثر الإجازة شیئاً و لا بد فی الجبر کونه علی معین أو مردد لیس للجابر فیه حق فلو جبره علی البیع فصالح لم یکن مجبوراً و لو جبره علی أحدهما لا بعینه ففعل أحدهما معیناً کان مجبوراً و لو جبره علی مردد له فیه حق الجبر کان جبره علی البیع أو الإنفاق علی زوجته أو علی عبده أو علی أو علی خمسه أو علی زکاته فباع لم یکن مجبوراً و الحیاء لیس من الجبر للسیرة القطعیة فالاحتیاط منه لا معنی له و لو وقع عقد بین ناقضین فقبضا و کان بإذن الولیین ضمن الولیان بل لو علما و لم یمنعا من دون مانع ضمنا کذلک و إن لم یعلما أو کانا ممنوعین ضمن الناقصان و لو وقع القبض بین کامل و ناقص ضمن الکامل بقبضه حتی لو أرجعه إلیه کان مضموناً حتی یصل إلی ولیه و لو أذن المالک بالدفع إلی الناقص شیئاً فدفعه المأذون لم یضمن الدافع

ص: 12

و لو أذن الغریم للمدین بدفع ما فی ذمته للناقص وفاءً لم تبرأ ذمته علی الأظهر إلا إذا کان علی وجه توکیله فی قبضه وفاءً ثمّ دفعه للناقص و لو جهل الوکیل نقص المدفوع إلیه کان الضمان علیه مع التقصیر و لو تنازعا فی أن القبض هل کان علی حالة الکمال أو النقص فإن علم تاریخ أحدهما تأخر عنه المجهول و إلا ففی الضمان لعموم علی الید أو عدمه للأصل إشکال.

ثانیها: لا یشترط فی المتعاقدین الإسلام و الإیمان

للأصل و العموم و الإجماع فی أکثر الموارد فیصح بیع الکافرین و المسلمین و المختلفین من جمیع أنواع الکفار و جمیع أصناف المسلمین إلا أن فی بیع الحربی لشبهة عدم ملکه لکونه عبداً أو مملوکاً و بیع المرتد الفطری کذلک لکونه موروثاً دائماً إشکال و صحة عقد کل قوم بالنسبة إلیهم فقط لا العقد الجامع للشرائط الحقة فإنه صحیح بالنسبة إلی الجمیع و لو تعاقد ذو الشرائط الحقة مع ذی الشرائط الفاسدة فسد العقد لان الصحة لا تتبعض و لو تعاقد أهل الشرائط الفاسدة بینهم أجریناها علیهم حکم الصحة و أثارها للأخبار و السیرة القطعیة و فتوی الأصحاب و إن لم تکن صحیحة واقعاً و إلا قوی اشتراط إسلام المشتری و کل من أنتقل إلیه بأی صنف من أصناف الإسلام سوی ما خرج عنه إلی الکفر بإنکار ضروری أو هتک حرمة أو بسبب إذا اشتری مسلماً من أی أصناف الإسلام حتی ما خرج عنه بما ذکرنا فی وجه یؤیده الاحترام و الاحتیاط و یدل علی الاشتراط من الصحة و عدم الحرمة الشهرة بقسمیها و الإجماع المنقول و ما جاء فی إعزاز المؤمن و احترامه و النهی عن إذلاله برفعته و تعظیمه و إن الإسلام یعلو و لا یعلی علیه و ما ورد فی الکتاب من نفی السبیل العام و لا تخصیص مورده لان المورد لا یخصص الوارد و المراد بالسبیل أما المعنی الأعم فیدخل فیه الملک و لا یرد نقضاً علیه بتسلیط الکفار علی المؤمنین الأخیار لان ذلک سبیل الشیطان لم یسده الرحمن لمصلحة الامتحان أو الحجة کما فی الروایة فیدخل فیه أیضاً لان فی سلطان الملک أعظم الحجج علی المملوک إلا إذا أرید به الحجة فی إبطال الدین و نقض شریعة سید المرسلین فإنه یخص مورده و یکون فی دلیلنا الأول کفایة و الحکم بمخالفة الأصل یقتصر فیه علی

ص: 13

مورد الدلیل فلا یبطل نقل المؤمن إلی غیره من المخالفین أو الفرق الباقیة إلا فی الجاریة فالأحوط ذلک لأنها تأخذ من دین موالیها کما تأخذ الامرأة من دین زوجها و لا یبطل الملک القهری من میراث و نحوه و لا الملک الاختیاری السابق علی الإسلام و إن أجبر الکافر علی بیعه بعد إسلامه کما یأتی إن شاء الله تعالی و لا الملک الغیر منافی للاحترام کالملک الغیر المستقر إما بعتق کمن یشتری أباه أو شرط الحریة له بعد الصیغة أو بإقرار له بها قبل ذلک أو بیعه علی مرتد فطری فیرثه المسلم فإن الظاهر فی ذلک کله الصحة للشک فی دخوله تحت دلیل المنع و نفی السبیل بل ربما کان فیه تعجیل نفع و إعزاز و إثبات سبیل له علی الکافر لا العکس و أما النقل ففی اشتراط أسباب الحریة کالعتق أو البیع علی مسلم أو وقفه ففی کونه رافعاً للمنع و مخرجاً له عن دلیل البطلان إشکال و یشترط أیضاً فی الصحة و عدم الحرمة أن لا یکون المنقول مصحفاً أو أبعاضه إذا کان المنقول إلیه کافراً لفحوی ما تقدم من الأدلة أن لم تکن هی فی القرآن أولی سواء تعلق البیع به أو بجلده صورة و سواء کان منسوخ الحکم أو لا و الأحوط إلحاق منسوخ التلاوة و المکتوب بغیر خط العربی و المکتوب حروفاً مقطعة و المکتوب رقوماً و المکتوب بالبیاض المخرق و المکتوب بالجفر و المکتوب بلا قصد إذا کان مختصاً بالقرآن بل و لو کان مشترکاً لم یقصد به غیر القرآن بالقرآن فی الفساد و التحریم و إن کان بعضها أشد من بعض فی الاحتیاط کما أن الاحوط إلحاق کتب الأدعیة و الأخبار و المواعظ و الکتب الفقهیة و آلات العبادة کالتراب الحسینیة و السبح بالقرآن فی الفساد و الحرمة و بالأظهر هاهنا مساواة الاستدامة للابتداء فی منع التملک و مساواة الاضطرار للاختبار کما أن الأظهر مع اشتراط الوقف علی المسلم أو التملک له بنفس الشرط و الإقرار بأنه ملک للمسلمین إذا وقف علیهم الحکم بالصحة و عدم الإثم و أما مع اشتراط الوقف و التملیک الاختیاریین بالحکم بالصحة وجه لا یخلو من قوة و هل یصح تملیک منافع العبد أو الحر المسلمین علی نحو الإجارة الخاصة أو علی الإجارة المطلقة المتعلقة بالذمة علی أن یستوفیها بنفسه أو بمثله أو علی أن یستوفیها مسلم أو علی أن تکون مصروفه بمصالح المسلمین من بناء قنطرة أو مسجد أو نحوهما للأصل و الشک فی دخولها فی

ص: 14

دلیل المنع أو لا یصح لاستلزامه السلطنة علی المسلم و السبیل المنفی أو یفرق بین إجارة الحر نفسه لانتفاء السلطنة عنه عرفاً و للسیرة القاضیة بذلک و الأخبار الواردة عن علی (علیه السلام) و البتول الزهراء (علیه السلام) من إیجارهما أنفسهما لغیر المسلمین و للعسر و الحرج و بین إجارة العبد لاستلزامها السبیل المنفی لدخوله تحت الید أو یفرق بین الأجیر الخاص فیمنع و بین الإجارة المطلقة فتصح للشک فی دخولها تحت السبیل وجوه أقواها منع إیجار العبد إجارة خاصة تقضی بملک جمیع منافعه و دخوله تحت الید و کذا الکلام فی صحة إیجار المصحف له لانتفاع محلل کالاستثناء أو لیقرأ به مسلم أو غیر ذلک و الأوجه فیه صحة الإیجار إذا لم یدخل تحت یده کأن یشترط علیه تسلیمه لمسلم یقرأ فیه أو یشترط علیه وضعه عند المسلم إذا أراد الانتفاع به و هل یصح رهن العبد المسلم أو المصحف عند الکافر للأصل و العمومات أو لا یصح لأنه من أفراد السبیل أو یصح بشرط وضعه عند مسلم و تولی بیعه عند تعذر وفاء الدین وجوه أوجهها الأخیر و الأحوط عدم إعارة الکافر العبد المسلم أو المصحف للانتفاع و أما إیداعه فلا بأس به و یجوز أن یکون کل من المسلم و الکافر ودعیاً و معیراً للآخر فی غیر العبد و المصحف و یجوز قرض کل منهما للآخر و مطالبته له و یجوز مطالبة الکافر بالإنفاق من زوجة أو قرابة أو عبد و یجوز تعلیم کل منهما الآخر و یجوز مقاصة کل منهما للآخر و الأکل منه فی المارة أو فی البیوت المستثناة کل ذلک للشک فی الدخول تحت السبیل المنفی نعم فی جواز وصایته علی المسلمین وجهان أقواهما المنع لشبهها بالولایة و لو أسلم عبد الکافر أو کفر مولی المسلم لم تنفسخ ذا الملکیة للاستصحاب و ظاهر الفتوی و النص الوارد فی العبد إذا اسلم و الإجماع المنقول و یجری علی بیعه بعقد لازم أو جائز فیؤول إلی اللزوم علی وجه قوی أو عتقه من الحاکم أو عدول المسلمین إن لم یوجد و إن لم یتمکنوا من جبره قام الحاکم أو عدول المسلمین بتولی بیعه أو عتقه أو وقفه مقامه و فی إجراء هذا الحکم للمصحف إذا کفر مالکه وجه و لکن لا یبعد انفساخ الملکیة فیه قهر الظاهر الأدلة من دون معارض و یملک سید العبد الکافر الثمن و النماء المتجدد قبل بیعه أو وقفه أو عتقه و لو اشتبه النماء أنه من قبل النقل أو بعده فإن علم التاریخ بنی

ص: 15

علی تأخیر المجهول عن المعلوم و إلا بنی علی انه لذی الید المتأخرة علی الأظهر و لو بیع العبد أو المصحف بثمن کلی فدفع له فرداً معیباً جاز له الرد و الإبدال و لیس له فسخ العقد و إن کان بمعین جاز له أخذ الأرش و هل یجوز له الفسخ و إذا فسخ فهل له أن یسترد العبد و المصحف لعدم کون ذلک ملک ابتدائی بل سبب متقدم أو متعین علیه أخذ قیمتهما للمنع عن ملکهما بسبب اختیاری مطلقاً فیکون بمنزلة التلف وجوه أقواها تعین الأرش جمعاً بین قاعدة نفی الضرر و بین نفی السبیل و کذا الحکم فیما لو وجد مشتری العبد أو المصحف فیهما عیباً و یجزی نقل العبد و المصحف بأی ناقل کان للعین لازم أو جائز فیعود الجائز لازماً و لا یکفی نقل المنفعة عنه إلا المنفعة المستدامة ففی الاکتفاء بنقلها عنه وجه هذا کله إن جاز نقل عینه فإن لم یجز کما إذا کان موقوفاً علی الکافر علی القول بجواز الوقف علیه و عدم جواز بیع الوقف اکتفی بالحیلولة بینه و بینه أو بنقل منافعه لغیره دائماً و کذا لا یکفی التزویج و لا التحلیل و لا الرهن و لا الکتابة المشروطة و فی المطلقة وجهان من انقطاع سلطنة التصرف و من بقاء سلطنة الملک فیدخل تحت نفی السبیل و الأخیر أقوی إلا إذا ترتب ذلک فک الملک علیها فوراً من متبرع بالبذل أو من بیت المال و الاکتفاء أقوی و لو أجبر الکافر علی نقل المسلم أو المصحف فاشتری بهما مبیعاً فتلف قبل قبضه و فی زمن الخیار المختص إن قلنا بإمکان ثبوت الخیار له احتمل رجوعهما إلیه لأنه بمنزلة الملک القهری و أحتمل استثناء هذه من قاعدة أن تلف المبیع قبل قبضه من مال بائعه بل یکون من مال المشتری و أحتمل أن له علی البائع المثل و القیمة و احتمال بقاء العبد بلا مالک لخروجه عن ملک البائع بالانفساخ و عدم دخوله فی ملک المشتری ضعیف لا یقوله أحد و لو أسلم عبد الکافر بعد أن باعه علی مسلم بخیار له أو بمعاطاة لزم البیع علی الأظهر و لو أسلم بعد أن باعه فضولًا علی مسلم فهو المالک علی الإجازة أو البیع من آخر و لو أسلم عبد الکافر بعد أن اشتراه من کافر فأسلم البائع و کان له خیار فیه فهو علی بیعه و لا ینتظر خیار المسلم مع احتمال انتظاره و استئذانه احتراماً لحقه و لو أسلم عبد الکافر بعد أن اشتراه الکافر فضولًا انفسخ العقد بناءً علی النقل و علی الکشف أقهر المالک علی بیعه أو

ص: 16

الإجارة فإن أجاز أقهر الثانی و لو أسلمت أم ولده لم یجبر علی العتق و الوقف علی المسلمین مجاناً و لا مع قیمتها من بیت المال للأصل و عدم الدلیل و هل یجبر علی بیعها علی مسلم أو علی بیت المال تقدیما لدلیل نفی السبیل و الأخذ بما دل علی احترام المسلم أو لا یجبر تقدیماً لدلیل المنع من بیع أمهات الأولاد وجهان و الظاهر أن الأقوی بحسب الدلیل هو الأول بل ربما نقل علیه الإجماع و یساعده الاعتبار لأنه حق من شعائر الدین فلا تعارضه حقوق المخلوقین و علی الثانی فهل یحال بینها و بینه فتوضع علی ید مسلم فیصل إلیه نقصها و یصل إلیها نفقتها إلی أن تموت أو یموت الولد أو تستسعی فی فک رقبتها فإذا دفعت قیمتها تحررت أو یجبر علی المکاتبة معها مع بقائها فی یده أو مع عدمه أو تکتسب لنفسها فی نفقتها و ترد علیه الزائد وجوه أوجهها الأول و هل یلحق الطفل المملوک للکافر بإسلام أبویه بالمسلم الأصلی فیقهر علی بیعه قضاء لحق التبعیة الثابتة بالنص و الإجماع أو لا یلحق للأصل و الشک فی دخوله تحت دلیل المنع و لأن علاقة الملک أقوی من علاقة النسب إلا مع الاجتماع فی ید واحدة فهناک یجبر علی بیعهما وجهان و الأول أقوی لأن دلیل شرف الإسلام و التبعیة فیه یقوی علی دلیل الناس مسلطون علی أموالهم و أما إسلام الجد القریب مع وجود الأب و مع عدمه أو الجد البعید فالإشکال فیه أقوی لضعیف التبعیة و عدم قوة دلیلها سیما البعید مع وجود الأب.

ثالثها: یشترط فی العاقد صحة و لزوما کونه مالکاً

فلا یصح تصرف العبد لعدم ملکه نعم لو أذن له مولاه صح فی مال المولی و الأظهر صحة عقده لو وکله الغیر علی بیع شی ء أو شرائه من الغیر أو علی شراء نفسه و إن لم یأذن المولی بل و لو منع و الحرمة لاستلزام الفساد هاهنا لان حرمة نصرفه بلسانه إنما جاء من أمر خارج فلا یفید فساداً و وکالة الغیر له و إن کانت فاسدة لکن عقده بها بصحتها إذن المالک و بحکم المالک الأب النسبی دون الرضاعی و دون المنخلق من ماء الزنی و الجد للأب قریباً أو بعیداً مع وجود الأب و مع عدمه فإن لهما معاً فی العقد علی الصبی ممیزاً أم لا و علی المجنون و السفیه المستمران من قبل البلوغ إلی ما بعده علی تلک الحالتین ولایة إجباریة لا

ص: 17

تراعی بالمصلحة نعم لو أفسدا بطل تصرفهما فیما أفسدا به و لا ینعزلان و لو بلغ الصبی عاقلًا رشیداً زالت ولایتهما عنه فلو عاد إلیه الجنون عادت ولایتهما علیه علی الأقوی مع احتمال استصحاب زوالها فتکون للحاکم و احتمال الاشتراک بینهما و بین للحاکم و أما السفه ففی عودها وجهان و الأحوط اجتماعهما مع الحاکم فی التصرف و لهما أن یتولیا طرفی العقد ولایة و أصالة منهما لعموم الأدلة و فتوی الأصحاب من غیر معارض سوی ما یتخیل من استدعاء العقد فعلًا و انفعالًا و فاعلًا و قابلًا و هو غیر متحقق و هو مردود بأن الاختلاف و من جهة الحیثیة و المغایرة الاعتباریة کافیة فی المقام و هل یقدم الأب علی الجد مطلقاً أو العکس أو تساویهما و مع الاقتران یبطل العقدان أو بشرط عدم التعارض أما معه فیقدم الأب أو یقدم الجد وجوه أقواها ثبوت ولایتهما و تقدم الجد عند التعارض أما الأول فلعموم الأدلة و أما الثانی فلما دل علی تقدیمه فی النکاح مستنداً لقوله أنت و مالک لأبیک و تنقیح المناط و عموم العلة فی الخبر و ما دل علی أن ولی النکاح و هو ولی المال یثبت تقدیمه فی کل عقد و لا یعارض ذلک قوة ولایة الأب فی کثیر من المواضع لقصرها علی موردها کالعقوق و شبهه ولایة أولی الأرحام لتخصیصها بما قدمناه أو حملها أو محمولة علی أن من أسباب الأولویة القدم أو الولایة علی الولی و لو تعارضت الجدود فهل الأقرب أولی لآیة (أُولُوا الْأَرْحٰامِ*) أو لا لفحوی تقدم الجد علی الأب وجهان و لا حکم لوصی أحدهما مع الآخر و مع عدمه فهل ینزل وصی کل واحد منزلته أو یقدم وصی الأب وجهان و یحکم الأب و الجد الوصی عن أحدهما الجامع لشرائط الوصایة أو وصی الوصی مع الإذن منهما له بالوصایة فإنه ینفذ تصرفه بنقل أو انتقال بل بالفسخ و الإقالة و التغییر و التبدیل لأن الوصایة ولایة لا وکالة علی الأظهر فی مال الطفل أو المجنون المستمر جنونه من الصبا إلی البلوغ و السفیه کذلک و لو زال الجنون و عاد ففی عود ولایته إشکال و أشکل منه ما إذا زال السفه فعاد و الأحوط الجمع بینه و بین الحاکم فی التصرف و لو فقد الوصی کان الحاکم المنصوب نصباً عاماً أو خاصاً أو أمینه قائماً مقام المالک فإن فقد قام مقامه عدول المسلمین فإن فقد قام مقامهم فسقتهم إذا عرفوا من أنفسهم الأمانة و لهؤلاء

ص: 18

التصرف بمال الصغیر و المجنون استمر جنونه أو انقطع فعاد و کذلک السفیه و بمال الغائب عند خوف الفساد علیه بنظر أهل الخبرة و بمال الممتنع من أداء الحق المخلوقی أو الخالقی و فی إلحاق العاجز عنه وجه قوی و یشترط فی جواز تصرف الوصی و ما بعده أما خوف الفساد أو جلب المصلحة اقتصاراً علی مورد الیقین فی ثبوت ولایتهما بخلاف الولی الإجباری فإنه یکتفی فی تصرفه عدم الإفساد و الظاهر الاکتفاء بالمصلحة التی أدی إلیها النظر و لو أخطأ واقعاً لم یضمن المخطئ إلا إذا قصر بالنظر نعم یستثنی من اشتراط المصلحة جواز اقتراض ولی الأطفال دون غیرهم علی الظاهر من مالهم لنفسه دون غیره مع الملاءة بأن یملک وفاء القرض زائداً علی المستثنیات فی الدین متمکناً منه عند الوفاء واقعاً بحصوله للنص و فتوی الأصحاب و ظاهر إطلاقهما عدم اشتراط شی ء آخر إلا أن الأحوط لزوم الأشهاد و خوف الفساد و جعل رهن علی المال أو ضامن فی المال و لو اقترض من دون الشرط المتقدم لم یخرج المال عن ملک المولی علیه و ضمنه و تصح العقود المترتبة علیه إذا کان فیها ربح و یکون الربح للمولی علیه بل تصح مطلقاً و إن لم یترتب علیها ربح أما لأنه ولی فینفذ تصرفه أو لأنه فضولی تکفی فیه الإجازة الإلهیة أو تعبداً للنصوص و الظاهر أن للولی أن یقوم علی نفسه مال المولی علیه إذا کان من أهل الخبرة من دون إحضار مقوم و یملکه من دون صیغة ناقلة لو قبض بنیة المعاطاة و إن کان الأحوط إجراء الصیغة أو المعاطاة و یقوم الوکیل مقام موکله فی التصرف فإن عین له جهة أتبعها و إلا وجب علیه مراعاة الغبطة و المصلحة و لا یکفی عدم المفسدة و لا یجوز له الاقتراض مع الملاءة و القیاس علی الولی باطل و یجوز له تولی طرفی العقد وکالة عن اثنین أو أصالة و وکالة لعموم الأدلة و فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول و الشک فی شمول الأدلة بعد فهم الأصحاب و حکمهم بدخوله فی ذلک الباب لا وجه له عند أولی الألباب و إن کان الأحوط لمن یرید أن یعقد عن اثنین توکیل غیره عن نفسه أو عن غیره و إیقاع العقد معه و الأظهر أن یقال أن الوکیل لا یدخل فی إطلاق أمر الموکل ببیع أو شراء أو عطاء أو تفریق علی غیره ما لم ینص الموکل علی ذلک لان غرض الموکل المماکسة و المغابنة و فعلهما فی الوکیل مع نفسه مما

ص: 19

یستبعده الموکل من النفس الإمارة و فی الأخبار ما یدل علی المنع و فی بعضها لا یدنس عرضه و فی بعض آخر المنع من أخذ الوکیل علی التفریق ممن یعمه اللفظ المأمور به سهماً لنفسه إلا مع الإذن له و بالجملة فظاهر الخطابات بالنسبة إلی أهل العرف و العادات خروج المتکلم و المخاطب عن إطلاق المأمورین بالنقل إلیهم و إعطائهم بل و عمومهم و ینعزل الوصی و الوکیل و الحاکم و نحوها عن الولایة بالموت و الجنون و السفه و الإغماء و لا ینعزل الولی الإجباری و إن بطل تصرفه فولی الولی یکون من الولی مع احتمال العزل فیه و علی کل حال فالولی الإجباری تعود ولایته عند ارتفاع مانعها و کذا الحاکم و من قام مقامه و لا تعود ولایة الوصایة و لا الوکالة للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لأن عقد الوصایة و الوکالة لا یقضیان بالعموم فی الأزمان کی یخرج منه ما یقطع بخروجه منه و یبقی الباقی کما تخیله جمع بل الظاهر أنهما یتعلقان بزمن الوقوع و ینجز فیما بعده بالاستصحاب فإذا انقطع الاستصحاب استصحب القاطع إلی أن یثبت مزیلة و الظن أن فسق الوصی و الوکیل فیما تؤخذ فی وکالته العدالة یبطل الوصایة و الوکالة و لا یعودان بالتوبة لما قدمنا و کذا ما علق علی صفة فزالت ثمّ عادت نعم لو حصل مانع عن إیقاع موجب الوکالة قضی به الحکم الشرعی کالإحرام العارض لمن وکل علی النکاح و الاعتکاف العارض لمن وکل علی البیع و غیر ذلک لم یزل موجب الوکالة و یصح التصرف عند زوال المانع و قد یحصل الشک فی بقاء موجب الولایة أو الوکالة فیما لو وکل شخص فی تزویج امرأة مطلقاً فتزوجت و عادت خلیة أو فی تطلیقها کذلک أو کان وصیاً لأحد الأبوین مع وجود الآخر الناقص فکمل فزالت وصایة الوصی ثمّ عاد للنقص فهل تعود وصایته و الأظهر فی هذه الصور عدم العود و یضاف الأول أن المانع فیه أیضاً لفظی و لو وقع عقد الولیین أو الوکیلین فی زمان واحد بأن اتحد زمان آخر القبول منهما أو ممن عقدا معه و کانا مختلفین فی جهة العقد لا یمکن الجمع بینهما بطلا للتضاد بینهما و عدم إمکان الجمع و عدم جواز تزویج أحدهما من غیر مرجح فی غیر ما دل علیه الدلیل و یحتمل صحتهما موقوفة علی الإجازة من الأصل بالنسبة إلی الوکیل و من أحد الولیین بالنسبة

ص: 20

إلی عقد الآخر تنزیلًا لعقدهما منزلة الفضولی لصدوره من أهله فی محله و لا مانع سوی التضاد فبارتفاعه بالإجازة و أبطال الآخر یؤثر العقد أثره و أما احتمال القرعة أو التنصیف بینهما جمعاً بین العقدین کالجمع بین الدلیلین فیضعف جداً لأن القرعة إنما تخرج المشتبه ظاهر المعلوم واقعاً و لیس کذلک و التنصیف یؤدی إلی إبطال مقتضی العقد لا إلی أعماله و لو وقع العقدان و جهل تاریخهما فالأظهر أنهما بمنزلة معلوم الاتحاد و لو علم تاریخ أحدهما تأخر عنه المجهول علی الأقوی و لو علم السبق و اللحوق و شک فی السابق فلیس إلا الصلح أو القرعة و لو وقع عقد الأصیل و الوکیل دفعه مع اختلافهما رجح جانب الأصیل لأنه کالعزل له مع احتمال البطلان أیضاً و لو أمکن الجمع بین العقدین المختلفین کما إذا عقد وکیل عن شخص علی واحد و عقد وکیله الآخر علی آخر و کان وکیلا ذلک الآخر عن المشتری أیضاً فإنه یمکن هنا مع عدم اعتبار النیة یصح العقدان أو الأول فقط و لکن الحکم بذلک لا یخلو من إشکال و یتحقق الاختلاف باختلاف المشتری أو باختلاف الثمن و إن اتحد المشتری أو باختلاف الحلول و الأجل أو باختلاف الخیار و عدمه أو نقصان أجله و زیادته أو باختلاف الاشتراط لشی ء و اشتراط عدمه و احتمال صحتهما فی القدر المشترک و صحة مشترط الزیادة من خیار أو أجل أو شرط فیما إذا وقع أحدهما مطلقاً و الآخر مقیداً أو کان کل منهما مطلقاً من جهة مقیداً من أخری لا ینافی قید أحدهما الآخر اوجه و الأوجه البطلان و من الاختلاف الاختلافُ فی العقد کصلح و بیع أو إجارة و جعالة و إن اتحد أثرهما مع احتمال الصحة و کونهما بمنزلة العقد الواحد الصادر من الولیین فإن الأقوی فیه الصحة و لیست الأسباب الشرعیة بمنزلة العلل الحقیقة لا یجری فیها التعدد فلا بأس بتعدد الإیجاب من واحد أو من آحاد من الأولیاء و اتحاد القبول أو تعددهما من المتعددین إیجابا و قبولًا دفعة واحدة من الأولیاء من الطرفین إذا کان جنس العقد واحد و المعقود علیه واحد و المولی علیه واحداً.

رابعها: من جملة ما یقوم مقام المالک فی نفوذ عقده الفضولی

إذا عقد علی مال الغیر فأجاز المالک غاصباً کان أم لا عالماً بأنه مال غیره أو مشتبهاً قاصداً للبیع للمالک

ص: 21

أو لنفسه أو لهما معاً أو لغیرهما فإنه متی ما أجاز المالک بنیة أن البیع له أو من دون نیة وقع البیع له و لیس تعین المالک من شرائط الصحة نعم لو نوی الفضولی البیع لنفسه فأجاز المالک کذلک احتمل وقوعه للمالک قهراً و بطلانه و صحته و یکون للفضولی بمنزلة هبة و بیع کإشتری بمالی لنفسک و کذا و نظیرها لو باع مال نفسه بنیة أنه لغیره فأجاز الغیر فإنه من المحتمل أنه بمنزلة هبة و بیع أو بمنزلة اعتق عبدک عنی و لیس من الفضولی ما لو باع مالًا زاعماً انه للغیر فضولًا فبان أنه له سابقاً أو متجدداً بمیراث و شبهه فإنه یمضی البیع له من دون افتقار إلی إجازته بعد ذلک و من دون ثبوت خیار له کما احتمله بعضهم لعدم موجبة و الحکم بالبطلان کما احتمله آخرون لعدم القصد أو للتردد فیه منظور فیه و ربما یجری ذلک للوکلاء و الأولیاء أیضاً فیما إذا باعوا مال المولی علیهم أو الموکلین لهم بزعم أنه مالهم أو أنه مال غیرهم فضولًا أو أنکحوا المولی علیهم أو المملوکین علی جهة الفضولیة للجهل بالولایة و المملوکیة فتبین لهم بعد ذلک أن المبیع مال المولی علیه أو أن النکاح کان للمولی علیه او المملوک فإن الصحة فیه هو الأوجه من دون افتقار للإجازة و کذا مع العلم بالولایة و الملک و لکن وقع الاشتباه بین الفرد المملوک أو المولی علیه و بین غیره فزعمه أنه غیره و لا یتفاوت الحال فی الفضولی بین علم المشتری بالغصب حین دفع الثمن و بین عدمه و احتمال أنه مع العلم معرض عن ماله فیدخل فی ملک الفضولی بالإعراض أو أنه یخرج عن ملکه و إن لم یدخل فی ملک أحد فلا تؤثر إجازة المالک سیما علی النقل أو أنه خال عن العقد فلا تؤثر إجازة المالک مع عدم قصد القابل ضعیف لا یلتفت إلیه سواء کان الثمن کلیاً أو معیناً و سواء کان موجوداً أو تالفاً و الدلیل علی صحة الفضولی مع الإجازة بجمیع ضروبه ظواهر الإجماعات المنقولة المعتضدة بنقل الشهرة بل بتحصیلها و یدل علیه عمومات أدلة العقود أجناساً و أنواعاً لدخوله تحتها لکونه من العقود المتعارفة المأنوسة و تشهد بذلک السیرة المأنوسة و الطریقة المألوفة الحاصلة من تصرف الأصدقاء و أهل الأمانات و الوکلاء و المأذونین فی غیر الوجه الذی أذن لهم فیه و لا تختص أدلة العقود فیما باشره الملاک قطعاً و إلا لخرج عقد الولی و الوکیل بل یراد منها ما یرتضونها الملاک أو

ص: 22

أولیاؤهم سابقاً أو لاحقاً فتدخل تحت تجارة عن تراض و یخرج ما لا یرتضونها و یحیزونها بالإجماع و یدل علیه أیضاً ما جاء فی النکاح من إجماع أو أخبار فإنه یثبت فی غیره بالأولویة لان أمر الفروج أشد و لجواز جعل البیع و الإجارة و نحوهما صداقاً فیه فیعمها فضولیته و یدل علیه حدیث بیع عقیل دون النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بمکة و أجازته له و حدیث عروة البارقی المستفیض المعتضد بالشهرة نقلًا و فتوی من أن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أمر بشراء شاة بدینار فاشتری به شاتین ثمّ باع أحدهما بدینار فجاء بالشاة و الدینار فأجازه النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و صدره و إن أمکن فیه المناقشة بأنه من مفهوم الأولویة للوکیل إلا أن عجزه ظاهر فی الفضولیة و المناقشة فیه باستبعاد تصرفه من دون إذن و بعدم العموم فی حکایات الأفعال و باحتمال حصول الوکالة و لم تنقل و باحتمال فهم الإذن الفحوائیة له و باحتمال أن عروة لم یوقع بیعاً بل إباحة و باحتمال أنه فهم من النبی إرادة الشاة الواحد فبیع أحدهما مما یتوقف علیه المراد خلاف ظاهر الفتوی و الروایة و یدل علیه أیضاً قضاء أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی ولیدة باعها ابن سیدها فی غیبة أبیه فولدت من المشتری فلما رجع طالب بجاریته أنها ترد مع الولد إلیه فردت و أشار علی المشتری أن یقبض ولد المالک فقبضه فأجاز بیع الولیدة وردها مع ولدها و تنزیلها أظهر من تنزیلها علی غیره من الأمور (العسة) و القدح فیه باشتماله علی رد ولد المشتری مع أنه حر للشبهة و علی قبض ولد المالک مع أنه حر و لیس علیه إلا الغرامة و علی تأثیر الإجازة بعد الرد و الفسخ و هو خلاف الإجماع مردود بتنزیل الرد علی تقدیمه و تسلیمه للحق و تنزیل قبض الولد علی حبسه لیؤدی ما علیه من الغرامة لأن المشتری مغرور من قبله و تنزیل منع المالک علی المنع الصوری لا الحقیقی و هذا کله مفهوم من الخبر لمن له خبر و نظر و یدل علیه ما ورد عن الصادق (علیه السلام) فیمن ربح أربعة آلاف درهم فی ودیعة غیر مأذون بالتصرف فیها أن الربح لصاحب المال و ما ورد من أنه لا یجوز لمن باع ثوباً أن یأخذ من المشتری بوضیعة فإن أجل له أجلًا فباعه بأکثر من ثمنه علی صاحبه الأول ما زاد و یدل علی جواز الفضولی ما جاء

ص: 23

فی اقتراض مال الصبی مع عدم الإذن الشرعی لیتجر به أن الربح للصبی و تنزیلها علی إجازة من له أهلیة الإجازة أو علی الإجازة الإلهیة لأولویته من طرحها أو الجمود علیها فتکون مشعرة بصحته و ما جاء من أخبار الخمس من تحلیل المناکح و المساکن و ما صرح فیه بالشراء من مال الخمس من الجواری و إجازة الإمام ذلک لأجل الحق و ما جاء فی جواز إجازة السید عقد العبد و إجازة الوارث الوصیة فیما زاد علی الثلث و ما جاء فی صدقة المجهول أنها تمضی مع إجازة المالک و إلا غرم المتصدق فبمجموع ما ذکرنا یحصل للفقیه الظن بل القطع بجوازه فی کل عقد من کل عاقد غاصب أو لا قصد لنفسه أو لا و نقل بعض الفضلاء أنه لا قائل بالفرق بین النکاح و البیع و بین غیرهما من العقود نعم قد یشکل الحکم بجریانه فی الإیقاعات و العقود المشترطة بالقربة کالوقف و فی دفع المالیات التی هی من أقسام العبادات کالخمس و الزکاة و الأظهر جریانه فی الجمیع فیما قام الدلیل علی عدمه و الأحوط العدم و ذهب جمع من أصحابنا إلی المنع من صحة الفضولی مع الإجازة مطلقاً لإطلاق الأکثر اشتراط الملک فی البیع و هو مردود بعدم دلالته علی بطلان نفس العقد بدونه بل المراد أن نفس الأثر موقوف علیه أو أن الملک شرط فی مقابلة عقد غیر المالک الخالی عن إجازة المالک و إلا فالمصاحب لها تصدق علیه لأنه بیع فی ملک و للإجماع المنقول و هو مردود بمقابلة و بفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا بخلافة و لقوله (علیه السلام) لا بیع إلا فی ملک أو فیما یملک بناء علی أن یملک مبنی للفاعل و هو مردود بظهور إرادة أن البیع لا یتم بدون مالک أو ما هو کالمالک کالولی و الوکیل فی مقابلة تمامه من دون رضا المالک أو أجازته لا أن المراد أن صورة البیع لا تقطع إلا من المالک لبطلانه بالضرورة و یراد بنفی البیع نفی لزومه و هو من المجازات المشهورة المساویة للحقیقة أو المقدمة علیها و لقوله تعالی: (تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) و لا تراض فی الفضولی و هو مردود بأن التجارة هی النقل و الانتقال لا مجرد إیقاع نفس العقد و هما لا یتمان إلا برضا المالک و إجازته و نحن نقول بصحته موقوفاً علی رضاه و إجازته اللاحقة کالوکیل بالنسبة إلی رضاه و إجازته السابقة و لتوجه النهی

ص: 24

إلیه فیقضی بفساده و هو مردود بمنع توجه النهی إلیه فی غیر الغاصب لأنه لا یعد تصرفاً بل و فی الغاصب إذا قصد أن البیع للمالک بل و فیه و لو قصد لنفسه لعدم کونه تصرفاً و إن أثم بالاستیلاء علیه و بنقله و بدفعه إلی غیره و لو سلم توجه النهی فهو لأمر خارج لا یفید فساداً فی المعاملة لو تعلق صورة بها فکیف و لم یتعلق صورة بها و لفقدان شرط القدرة علی التسلیم و هو مردود بإمکانها من المالک عند الإجازة و هو کاف و لا یشترط إمکانها من العاقد صورة للأصل و عدم الدلیل علی أن المقدور بواسطة المالک عند رضاه مقدور بالذات و ذلک کاف و لعدم تحقق قصد النقل من الفضولی و هو شرط و هو مرود بأن قصد النقل العرفی کاف و قصد النقل الشرعی غیر شرط للأصل و عدم الدلیل و بأنه یمکن القصد للنقل شرعاً فی غیر الغاصب بضمیمة قصد لحوق الإجازة للعقد و لما ورد من النهی عن البیع ما لیس عنده فی عدة أخبار و هو مردود بأن المراد منها بیع المعدوم أو الغیر المقدور علی تسلیمه مطلقاً و هذا مقدور علی تسلیمه و لو بواسطة رضا المالک و أجازته علی انه قد ورد فی بعض الأخبار تجویز بیع ما لیس عنده و فیها ما یشعر بأن المنع فتوی العامة و للأخبار الواردة فی النهی عن شراء السرقة و الخیانة و فی امرأة باعت أرضاً لیست لها قال لیمنعها أشد المنع فإنها باعت ما لا تملکه و هو مردود بأن النهی لا یقضی بالفساد.

أولا: و بأنه متعلق فیمن باع لنفسه و هو أخص من الدعوی.

ثانیاً: و بأنه متعلق بما یترتب علی البیع من القبض و النقل.

ثالثاً: و بأنه منزل علی ما هو الغالب من عدم إجازة المالک مطلقاً و إلا فلو أجاز أو علم أنه یجیز کان شراء من المالک لا من غیره.

رابعاً: هذا کله و الأحوط الحکم بالبطلان فی صورة ما إذا باع الفضولی لنفسه و سیما لو کان غاصباً لفتوی جمع من الفقهاء بالفساد فیه و لنقل الإجماع علیه و الانطباق أکثر أدلة المنع علیه و لشبهه أن العقود تتبع المقصود.

خامسها: بعد الحکم بصحة الفضولی مع تعقبه بالإجازة من مالک أو ولی أو نحوهما لا بد من التنبیه لأمور.

ص: 25

منها: أن الإجازة هل لا بد لها من لفظ یدل علیها أو یقوم مقامه عند عدم التمکن منه أو یکفی الفعل الدال علیها عند التمکن من اللفظ لأن المقصود الرضا و قد حصل أولًا یکفی لحدیث إنما یحلل الکلام و للشک فی حصول النقل بالعقد الأول وجهان أحوطهما الأخیر و کذا لا یکفی السکوت و إن دل علی الرضا علی الأظهر مع احتمال الاکتفاء به لما ورد فی النکاح أن السکوت المولی بعد علمه إجازة لعقد عبده فیکفی فی غیره بمفهوم الأولی.

و منها: أن الإجازة هل یشترط فیها الفوریة لحدیث نفی الضرار فلو لم یجز فوراً بطل العقد الأول أو لا یشترط للأصل و ظاهر الأدلة المتقدمة وجهان أقربهما الثانی.

و منها: أن الإجازة ناقلة من حینها فالنماء قبلها لملاکه أو کاشفة عن الصحة المتقدمة بمعنی أن الصحة الثابتة من قبل انکشفت بها لأنها موقوفة علی حصول الشرط و هو الرضا فی أحد الأزمنة و لو متأخرة بالإجازة بأن حصوله أو بمعنی أن الإجازة إن أثرت صحة فی العقد الماضی حین صدوره فیها انکشف أن العقد الأول کان صحیحاً من حینه وجوه أقواها الوسط و ربما کان هو المشهور و یشعر به حدیث إجازة الصبی بعد موت البالغ فإنه علی النقل لا محل لها و حدیث عروة حیث بارک فی صفقة یمینه فإنه مشعر بوقوعها و تمامها سابقاً و کذا حدیث الولیدة حیث لم یرجع السید علیه بشی ء بعد الإمضاء کما ربما ظهر من الروایة و استناد أهل النقل لظاهر الجزئیة و الأصل ضعیف و هل بناء النقل و الکشف علی مقتضی الإجازة و حال المجیز فیجوز الانصراف عن مقتضاهما من تصریح المجیز بالنقل عند الإجازة أو الکشف علی ما صرح به أو علی الحکم الذاتی اللاحق للفضولیة فبناء علی أحدهما یکون عدول المجیز عنه مبطلًا لإجازته وجهان أقواهما الأول و یترتب علی الکشف و النقل حکم نماء الثمن و المثمن و حکم ابتداء خیارهما و حکم مجلس الصرف و السلم و حکم ما لو انسلخت قابلیة الملک من أحدهما بموته أو قابلیة النقل بجنونه و سفهه قبل إجازة الآخر و حکم ما لو انسلخت قابلیة المنقول إلیه للنقل کما إذا ارتد المشتری عبداً مسلماً أو مصحفاً قبل الإجازة و حکم ما لو تجددت القابلیة بعد انعدامها وقت العقد قبل

ص: 26

الإجازة إلی غیر ذلک للمشهور فإن العقد یتم بالإجازة علی القول بالنقل فتجری أحکامه عند حصولها و یتم عند صدوره علی القول بالکشف إذا قلنا بعدم الفوریة فی الإجازة فأبی المالک عن إظهار الإجازة و عن إظهار المنع إلی أن تضرر الأصیل بالتأخیر فلا یبعد حینئذ جواز الفسخ منه لحدیث نفی الضرار سیما مع جهله بالفضولیة.

و منها: إنه لو باع الفضولی شیئین عن شخصین بثمن واحد فأجاز أحدهما صح فیما أجاز و بطل بالنسبة إلی من لم یجز و ثبت خیار التبعیض

و منها: أنه یشترط تعین المجاز واقعاً فلو أجاز أحدهما مبهما بطل و لو أجاز المالک ما فعل الفضولی و إن لم یعلم فعله من زیادة فی الثمن أو نقیصة أو حلول أو تأجیل صحت الإجازة و لا یشترط فیها العلم الفعلی،

و منها: أنه یشترط المطابقة بین العقد الواقع و متعلق الإجازة فی جنس الثمن و المثمن و المکان و الزمان و الخیار للشک فی حصول النقل مع عدمه و یحتمل جواز التبعیض فی قدر الثمن أو المثمن سیما لو کان الثمن عیناً و منفعة فأجاز أحدهما بما یخصه من الثمن فإنه لا یبعد و یکون للأصیل خیار التبعیض.

و منها: انه لو تعددت العقود لم یکن متضادة کبیع دار و إجارتها فأجازهما دفعة صحا معاً و کان للمشتری الخیار لفوات المنفعة و إن أجاز البیع أو لا بطلت الإجازة و إن أجاز الإجارة أو لا صح له أن یجیز البیع و للمشتری الخیار و إن کانت متضادة فإن أجاز الأول صح و فسد ما بعده و إن أجازها دفعة بطل الجمیع علی النقل و صح السابق علی الکشف و إن کانتا مقترنة بطل الجمیع علیه أیضاً.

و منها: أنه لو أجاز المالک بزعم أن المال له فظهر للمولی علیه أو لموکله أو أجاز بزعم أنه للمولی علیه أو لموکله فظهر أنه له ففی نفوذ الإجازة إشکال.:

و منها: إنه یصح تعلق الإجازة بالإجازة الفضولیة و لکنه علی النقل من إشکال.

و منها: أنه لو أجاز عقداً معلوماً فجهل أو أجاز أول عقد و جهل الأول قبل الإجازة أو بعدها قوی احتمال استخراجه بالقرعة.

ص: 27

و منها: أنه لو کثرت تصرفات الفضولی من ثمن أو مثمن فللمالک تتبع العقود و رعایة مصلحة فإن کانت مترتبة علی عین واحدة ثمناً أو مثمناً أو هما معاً فإجازة العالی تقضی بصحة السافل لوقوعها من أهلها فی محلها هذا علی الکشف و علی النقل یقوم احتمال البطلان فی الأسافل لعدم مصادفة الملک و الصحة نظر إلی أن حدوث الملک بمنزلة الإجازة و التوقف علی الإجازة فی صحتها وجوه أوسطها الوسط و أما إجازة السافل فلا تقضی بصحة العالی لعدم ارتباطه به و إن کانت مترتبة علی أعیان متغایرة کان یبیع شیئاً ثمّ یتصرف بثمنه هکذا فإجازة السافل تقضی بإجازة العالی تبعاً من باب المقدمة لعدم تأثیرها من دون وقوعه و أما إجازة العالی فلا تقضی بإجازة السافل لأن العوض صار ملکاً للمجیز فلا ینتقل عنه بإجازة أخری.

و منها: أنه هل لا بد فی الإجازة من وجود المجیز حالة العقد إلی تمامه و لو تم بالقبض کالصرف أو لا یشترط و علی الاشتراط فهل یشترط قابلیة المجیز و الفعل للإجازة حین العقد إلی تمامه و لو تم بالقبض کالصرف أو لا یشترط و علی الاشتراط فهل یشترط قابلیة المجیز و الفعل للإجازة حین العقد إلی تمامه أو لا یشترط وجهان و الأقوی عدم الاشتراط علی القول بالنقل و الأظهر عدمه علی القول بالکشف أیضاً للأصل و عموم الأدلة و لما ورد فی نکاح الفضولیین للصبیین ثمّ مات أحدهما و بقی الآخر حتی بلغ أن إجازة البالغ ماضیة و قد یقال أن اشتراط وجوده مجیز حالة العقد من اشتراط و تحصیل الحاصل لعدم خلو المال من مالک أو ولی و لو الحاکم أو عدول المسلمین و قد یجاب بإرادة المالک أو ولی غیر الحاکم و غیر عدول المسلمین أو یجاب بإمکان ذلک مع العقد من دون مصلحة علی مال الیتیم فإنه لا یتولی الحاکم أو العدول الإجازة و حینئذٍ فإذا بلغ لم تؤثر إجازته شیئاً علی القول بالمنع لعدم کون العقد له مجیز وقت صدوره و لعدم قابلیة المجیز بعد البلوغ للإجازة حین العقد و قد یقال أن الشرط قابلیة المعقود علیه للإجازة من العلم من حین العقد من إحراز شرط أو ارتفاع مانع فلو اشتری مسلم عن کافر فضولًا عبداً مسلماً أو مصحفاً ثمّ أسلم الکافر لم تؤثر إجازته أو عقد عن محرم نکاحاً فأجازه محلًا أو عقد عنه علی صید کذلک أو عقد

ص: 28

المسلم عن مسلم علی خمر فأجازهُ مرتداً و الأقوی فی هذه کلها الفساد علی القول بالکشف و الصحة علی النقل.

و منها: أنه هل تؤثر الإجازة ممن باع شیئاً فضولًا فملکه قهراً أو اختیاراً لصدور کل من العقد و الإجازة من أهله فی محله أو لا تؤثر لأنها إنما تکون من المالک و لا یکون مالکاً إذا أجاز لکشفها عن ملک المعقود علیه سابقاً فیلزم من وجودها عدمها و من صحتها بطلانها و یلزم اجتماع المالکین علی مملوک واحد فالحق صحة ذلک علی القول بالنقل و عدمه علی الکشف و یلحق بهذا ما لو باع الفضولی فعاد ولیاً لجنون أو سفه أو لموت ولی آخر أو لبلوغه رتبة الولایة أو أجر المملوک نفسه فعاد حراً أو ملکه آخر.

و منها: أنه لو فسخ المالک عقد الفضولی بطل العقد و لا تصح إجازته بعد ذلک و یرجع علی البائع لو استولت یده علی العین دون المشتری و علی المشتری لو استولت یده علی العین دون البائع و لو استولت معاً تخیر بالرجوع فإن رجع علی البائع وجب علیه الرد و لو من المشتری و لو بمال کثیر حتی لو کان فوق قیمته و کان مجحفاً بالحال لکنه فی ذلک علی إشکال و إن رجع علی المشتری وجب علیه الرد و لو من البائع و إن کان بمال یضر بالحال و لکن علی إشکال و یرجع المشتری مع الرجوع علیه علی البائع مع جهله و غروره من طرف البائع بادّعاء وکالة أو ولایة أو إظهار سلطان ملک أو ولایة علی البائع متحداً أو متعدداً کان مجموعهم سبباً للغرور أو کل منهم سبب مستقل به اختلفت جهة غرورهم للمشتری أو اتحدت بثمنه المدفوع إلیه عیناً و مع عدمه مثلا أو قیمة و بما غرمه علی النحو المعتاد من نفقة أو أجرة خدمة لم یصل إلیه فی مقابلها نفع أو نماء تالف أو متلف أو أرش جبایة مملوک أو قیمة شجر أفسده القلع أو زرع أو غرامة علی حفر أنهار أو سقی آبار أو طم حفر أو بناء جدار و ما زاد علی المعتاد من الغرامات أو ما وصل إلیه فی مقابله نفع کاستیفاء منفعة من سکنی دار أو رکوب حمار أو انتفاع بنماء أو کان من التوابع البعیدة أو الأعمال المسنونة ففی الرجوع وجهان أقواهما الرجوع لأدلة نفی الضرر و الضرر و العدوان و فی خبر جمیل دلالة علیه و قضیة العدل سنشیر إلیه و مع عدم جهل المشتری لا یرجع علی البائع

ص: 29

بعوض ما أتلفه من نماء أو غیره من منافع أو غیرها وصل إلیه فی مقابلة نفع أم لا و لا بما أنفقه و لا بالثمن إذا أتلفه البائع للإجماع بقسمیه و لأنه بتسلیطه علیه مع علمه قد هتک حرمة ماله فکأنه إذن له فی إتلافه و أعرض عنه و إن أثم البائع فی أخذه و التصرف فیه و کان ضامناً له و مشغول الذمة فی وجه قوی و لا ملازمة بین شغل الذمة و حرمة الرجوع به و المقاصة فیه کما تذهب الیمین بما فیها الحکم بعدم الرجوع مخالف للقواعد فیقتصر فیه علی مورد الیقین فی بیع المغصوب و لا یجری للبیع الفاسد بل یضمن کل من المتعاقدین فیه مال صاحبه بالمثل أو القیمة حتی لو کان فساده لکون العوض غیر قابل و لعدم المقابل شرعاً أو عرفاً و لو قیل بعدم الضمان فی خصوص هذین إلحاقاً له بالمغصوب کان وجهاً و یقتصر فیه علی ما لو أطلق المتعاقدان البیع دون ما لو شرط المشتری بقاء ثمنه مرة فأتلفه قبلها أو شرط الرجوع إلیه عند الرجوع علیه بالمبیع أو شرط له الخیار أو نحو ذلک کان باعه مغصوباً فدفع عوضه من ماله فإن الأظهر أن المدار علی المدفوع أو باعه المغصوب فقبض الثمن فأتلفه قبل تقبیض العین المغصوبة له فإن الحکم بالضمان هاهنا أقوی و یرجع بالثمن مع وجوده علی مقتضی الأصول و القواعد و استصحاب الملک لعدم حصول ما یقطعه من الأعراض الحقیقی أو الهبة أو أحد الأسباب الشرعیة و لان الدافع لم یدفعه إلا فی مقابلة عوض صورة و إن شک أو علم أنه لا یسلم له و یلحق بوجوده إتلافه من أجنبی قابل للضمان للشک فی تخصیص القواعد بإتلافه و غایة ما یتیقن من تخصیص القواعد الشرعیة و الضوابط المرعیة هو ما إذا کان المتلف البائع أو کان بآفة سماویة و قیل بعدم جواز الرجوع مع بقاء العین أیضاً و ربما نقل علیه الإجماع و الحکم به کالإجماع المنقول علیه ضعیفان و علیه فهل هو باق علی ملکیة المشتری مع التحریم المطالبة به أو مع تحریمه مطلقاً علیه أو ینتقل إلی ملک البائع مع تحریم التصرف به أو مع عدمه و مع وجوب رده للمشتری و مع عدمه أو یخرج عن ملک المشتری و لا یدخل فی ملک البائع جمعاً بین ما دل علی حرمة الرجوع من المشتری و علی توقف الملک علی الأسباب الشرعیة.

ص: 30

و منها: أن المالک لو لم یجز و رجع لماله فوجده تالفاً أخذ قیمته یوم التلف لأنه یوم تعلق الخطاب و استقرار الضمان المثل لزم قیمته ما تعذر مثله یوم التعذر لأنه یوم تعلق الخطاب بالقیمة أو یوم إلا داء لأنه یوم استقرارها مع احتمال لزوم قیمته یوم القبض أو قیمته یوم التلف أو قیمة یوم المطالبة أو أعلی القیم ما بین الکل أو ما بین اثنین منها أو ثلاثة أو التخییر بین الکل أو بین اثنین منها أو ثلاثة و یرجع المالک أیضاً بقیمة النماء المتلوف تحت ید البائع أو المشتری و بقیمة المنافع المستوفاة و فی النماء المتلوف لنفسه کان ولدت الدابة بعد أن ذهب إلی مکان آخر عنه لا یتسلط الغاصب علیه فذهب ولدها إشکال.

و منها: أنه إذا أجاز المالک البیع صار المبیع ملکاً للمشتری و دخل فی ضمانه سواء دفعه الفضولی إلیه أو لا فإن تلف قبل قبضه انفسخ البیع و عاد مضموناً علی الفضولی الغاصب علی الأظهر و کذا لو تلف المبیع فی زمن خیار المشتری و کذلک فی ضمانه علی الغاصب إلا إذا دفعه الغاصب إلی المشتری بإذن المالک فإنه یبرأ من ضمانه حینئذٍ کما إذا أذن له بالقبض فیما یتوقف علی القبض کالصرف مثلًا فإن الضمان یکون علی المالک إذا أذن الغاصب بدفعه فتلف زمن خیار المشتری خاصة و أما الثمن فالمشتری مطلوب فیه للمالک فإن کان البائع قد قبضه و أجاز القبض المالک برأ المشتری من ضمانه و إن لم یجز المالک قبضه فإن کان کلیاً وجب علیه تأدیته للمالک مرة أخری و إن کان معیناً وجب علیه تخلیصه من البائع الفضولی و دفعه إلی المالک و کان المالک مخیر بین الرجوع إلی المشتری فیرجع إلی البائع و بین الرجوع علی البائع ابتداءً فیأخذ منه العین مع وجودها و إلا فالمثل و القیمة.

و منها: أن المالک لو لم یجز غرم المشتری البیع إن کان تلفه عنده و لم یرجع علی البائع بشی ء مع علمه بالغصب و مع جهله لا یرجع علیه بقدر ما قابل ما دفعه من الثمن لإقدامه علی ضمان إذا تساوی جنس المبیع و الثمن و هل یرجع إلیه بالزائد عن ما قابل الثمن و بجنس ما دفعه إن کان مغایراً إلا لأنه مغرور من البائع و قد أقدم علی أنه سالم له و لا یرجع لإقدامه فی العقد علی الضمان فی الجملة و الأصل البراءة وجهان

ص: 31

أقواهما الثانی سیما لو شرط البائع علیه عدم الرجوع إلیه لو ظهر مستحقاً فرجع المالک علیه و لو غرم المالک البائع و کان التلف مستقراً عند المشتری رجع البائع علی المشتری بمقدار ما عزم للمالک فیأخذ منه من مال المالک مقاصته أو لأنه رضی بعوض ماله من البائع فکأنه سلطه علی أخذه من المشتری إلا فی الزائد عما قابل الثمن و مع جهل المشتری فالوجهان و للبائع أن یأخذ من المشتری مقاصته عند امتناعه و لا یجوز للمشتری مع علمه احتساب ما علی البائع من ثمنه بعد تلفه فی مقابلة ما غرمه و نسب إلی الأشهر و الأکثر و قیل یوم القبض استناداً إلی الأصل و لأن القبض سبب لتعلق الخطاب برد العین مع وجودها و قیمتها عند تلفها و لإشعار روایة البغل به حیث أوجب علیه قیمته إذا تلف یوم المخالفة و فیه أن الأصل مقطوع بموجب القواعد و قد یکون مقلوباً و القبض سبب لتعلق الخطاب تعلیقاً لا تنجیزاً أ فلا یترتب علیه من حینه ضمان و الروایة دالة علی ضمان القیمة فی یوم الغصب و هو أعم من القبض إلا أن یرید من الیوم نفس الساعة التی تحقق القبض فیها لبعد الاختلاف بینها کما نرید بإطلاق الیوم الساعة فی هذه الموارد و قیل أعلی القیم ما بین القبض و التلف للاحتیاط لأن الغاصب یؤخذ اشق الأحوال بمقتضی الحکمة و لأنه مخاطب علی الاستمرار بدفع العین أو القیمة فجمیع القیم تعلق بها الخطاب فلا بد من قیمة تأتی علی الجمیع و نسب القول به للأشهر و ربما ظهر من بعضهم نقل الإجماع علیه و قیل أعلاها ما بین القبض و التسلیم استناداً لجملة مما قدمناه و الجمع فی روایة البغل بین الأمر بالقیمة یوم الغصب کما یظهر من یوم خالفته و الأمر بها یوم الرد بحملها علی إرادة الأعلی و فیه أن نقصان القیمة أن کان لنقص فی العین کالهزال و نحوه أو صفة أو هیئة فضمانه لا إشکال فیه لدخوله تحت الید و إن کان لارتفاع سوق و نحوه فمنظور فیه للمنع من إیجاب دلیل الاحتیاط لذلک و المنع من حجة قاعدة أن الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال و المنع من تعلق الخطاب بوجوب دفع القیمة تنجیزاً و التعلق التعلیقی لا یترتب علیه ضمان و المنع من دلالة الروایة علی لزوم أعلی القیم لأنه سأله عن بغل استأجره إلی مکان فتقوی به إلی آخر فإذا تلف ما یلزمه قال قیمة البغل یوم خالفته ثمّ سأله أن

ص: 32

أصابه عیب ما یلزمه قال قیمة ما بین الصحة و العیب یوم ترده علیه ثمّ سأله عن مقدار ما یلزمه من القیمة قال یأتی بشهود یشهدون بقدر قیمة یوم الکری فیلزمه ذلک فذیله قاض بیوم الأمانة و وسطه قاض بیوم الردان تعلق الظرف بالقیمة لا بوجوبها و لزومها و أوله بیوم الغصب إن تعلق بالقیمة أیضاً لا بلزومها فاستنباط أعلی القیم منه بعید لا یصلح أن یکون سنداً و قبل قیمته یوم التسلیم استناداً لروایة البغل و یحتمل قیمته یوم المطالبة لأنه به یتضیق وجوب تفریغ الذمة و یحتمل التخییر بین الکل أو بین یوم التلف و القبض أو بینهما و بین یوم التسلیم و الأقرب للقواعد الأول و الأظهر من الروایة الثانی و الأوفق بالاحتیاط الثالث و القول بالتخییر ما بین یوم الغصب و یوم الرد للجمیع بین فقرتی الروایة أیضاً لا بأس به و احتمال لزوم أقل القیم للأصل و لزوم أعلاها إن کانت العین باقیة لم یتمکن من إرجاعها و لزوم قیمته یوم التلف فی مقابلة ما غرمه البائع و کان له الرجوع علیه لاستقرار التلف عنده علی إشکال.

و منها: انه لو باع ما یملک و ما لا یملک صح فیما یملک أو ما کان تحت سلطانه ما لم یمنع منه مانع آخر للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لأن الأسباب الشرعیة کالعقلیة تؤثر فی القابل دون غیره و الأول إلی الجهالة بعد التقسیط غیر ضائر بعد العلم ابتداء بمقابلة الجملة للجملة و عدم القصد إلی المجموع شرعاً لا ینافی القصد إلی البعض أو الکل عرفاً و أما ما لا یملک فإن فسخ مالکه بطل العقد بالنسبة إلیه و صح فی الباقی و تبعضت الصفقة علی المشتری فله الخیار بین الفسخ و بین قبوله بما قابله من الثمن و لا خیار للبائع لإقدامه علی الضرر إلا مع جهله فالأوجه ثبوته له و لا یفسد العقد من اصله لعموم أدلة العقود و للشهرة و الإجماع المنقول و للزوم الوفاء بالعقد بالمقدار الممکن و لأن العقد بمنزلة السبب الفعلی یؤثر فی القابل دون غیره و قیل بفساده من أصله فی وجه أو من حینه فی وجه آخر لأصالة عدم الانتقال إلا فی المقطوع به و لتبعیة العقود للمقصود و القصد الجمیع فلم یحصل و للغرر لأن القدر المستحق مجهول و لأن صیغة العقد واحدة فلا تتبعض و لأنه کتزویج الأختین فی عقد واحد و لأن الکل و البعض مختلف الجنس فیفسد کبیع الذهب فیظهر نحاساً و الکل ضعیف لان الأصل

ص: 33

مقطوع بالعموم و لأن القصد قبل الإجازة متحقق علی أن الضمنی کاف و لان الغرر ممنوع عند الابتداء لکفایة معلومیة مقابلة الجملة للجملة و لا اعتبار بالغایة بعدها و لأن التبعیض فی التعلق لا یقتضی تبعیض العقد المتعلق و لأن المقتضی للبطلان فی تزویج الأختین هو لزوم الترجیح بلا مرجح لو حکمنا بالصحة و لأن القیاس علی الذهب و النحاس من القیاس الباطل لأن المبیع لیس هو الکلیة بل کل واحد فالواحد فرده لا مغایر له و إن لم یفسخ مالکه فأجاز نفذ البیع و لزم و لا خیار للمشتری إلا علی القول بالنقل ففی الخیار وجه و علی أی تقدیر من الفسخ و الإمضاء فالثمن یقسط بالنسبة إلی المالین فمع الإجازة یأخذ کل من المالکین حصته و مع عدمها یأخذ المالک حصته و ینفسخ البیع بالنسبة إلی الباقی و طریق التقسیط أن یوزع الثمن علی أجزاء المبیع أن کان متماثلًا فی الأجزاء متساویاً فی القیمة ککثیر من المثلیات و بعض القیمیات کالأرض و الثوب و کذا لو کان المبیع مشاعاً مشترکاً بین اثنین و إلا قوما جمیعاً منفردین أو مجتمعین إذا لم تکن للهیئة الاجتماعیة مدخلیة ثمّ قوم أحدهما فیؤخذ من الثمن علی نحو التقویم مع توافق التقویم و الثمن و إلا أخذ من الثمن بنسبة قیمة أحدهما لقیمة المجموع و إن کان للهیئة الاجتماعیة مدخلیة فی التقویم لأنها مال تولد من مالهما یستحقان علیه عوضاً فیقوما مجتمعین ثمّ یقوم کل واحد منضماً إلی الآخر فیؤخذ کل منهما بنسبة ذلک من الثمن و دعوی أنها لیست ملکاً لأحدهما لأنهما ملکاً منفردین و صفة الاجتماع جاءت من الغیب و لم تدخل تحت ید أحدهما مدفوعة بأن ما جاء من الغیب و دخل فی المملوک دخول جزء أو وصف تبعه و هل یتجدد ملک إلا و هو من الغیب و حینئذٍ فإن أثرت زیادة قیمة من الجانبین بالسویة قسمها المالکان بالسویة و لم یرجع ما قابلها للمشتری و إن کان بالتفاوت أعطی کل منهم بنسبة التفاوت و إن أثرت من جانب واحد أخذ ما قابلها صاحبه و لم یأخذ الآخر شیئاً و إن أثرت نقصاً من الجانبین بالسویة أخذ کل منهما بنسبة نقصه بالسویة و إن کان بالتفاوت فبالتفاوت و إن أثرت نقصاً من جانب و زیادة من آخر أخذ مالک الزائد بنسبته و مالک الناقص بنسبته هذا إن تساوت قیمة لانفراد و لو تفاوتت قیمة الانفراد لوحظا منفردین نقصاً و زیادة

ص: 34

و مجتمعین فیأخذ کل منهما بنسبة ذلک نقصاً و زیادة و التقویم علی الکشف من حین العقد و علی النقل من حین الإجازة و لو فسخ المالک فذهبت الهیئة الاجتماعیة رد الفضولی علی المشتری ما قابلها و هل یقوما منفردین ثم یقوم أحدهما منفرداً فیأخذ البائع من الثمن بنسبة قیمته منفرداً إلی قیمتهما منفردین و یبطل فیما سوی ذلک لرفع الغرر من البائع للزوم الحیف علیه بنقصان ثمن مبیعه عن نسبة قیمته منفرداً إلی منفردین أو یقوما مجتمعین ثمّ یقوم أحدهما منفرداً فیأخذ البائع من الثمن بنسبة قیمته منفرداً إلی قیمتهما مجتمعین لدفع الغرر عن المشتری لإقدامه علی الهیئة الاجتماعیة و لم تسلم له وجهان و الأقوی الأخیر کما یرشد إلیه ما سیجی ء إن شاء الله تعالی فیمن باع ما یملک و ما لا یملک کالخنزیر و کان للهیئة الاجتماعیة فیه مدخلیة و لو کانت الهیئة الاجتماعیة مؤثرة نقصاً انعکس الآخر و لزم الحیف علی المشتری لو دفع بنسبة قیمة أحدهما منفرداً إلی قیمتهما مجتمعین و الحیف علی البائع لو أخذ بنسبة قیمة أحدهما منفرداً إلی المنفردین و ترجیح جانب المشتری لا یخلو عن قوة.

و منها: أنه لا یبعد أن العقد إذا وافق المصلحة الإلهیة فقد المجیز الخاص کفی عن الإجازة الفعلیة کالعقد علی مال الیتیم مع المصلحة و علی مال الغائب عند خوف الفساد و العقد علی مال الزکاة و الخمس و کل شی ء یملکه الفقراء و لا یحتاج إلی إجازة الحاکم لرضا المالک الحقیقی بالعقد بعد صدوره و إن لم یسوغه فی ابتدائه لوجود الولی کالحاکم و نائبه فلو باع شخص مال الزکاة فی جملة أمواله بنیة الفضولیة مع المصلحة فالأحوط إجازة الحاکم و لو باعها عاصیاً من دون مصلحة توقف علی إجازة الحاکم فإذا أجاز بیع المشتری بالثمن إن أمکنه أخذه منه و إن لم یمکنه لم یجز له أن یجیز فیبقی کل من المشتری و البائع مشغول الذمة و لو باعها ضامناً لها صح البیع له سواء أظهر الضمان أو أضمره و سواء کان معسر أو موسراً للسیرة و أدلة نفی الحرج و ما جاء فی الخرص و هل الضمان ناقل فلو امتنع عن الأداء بعد تعلق المال بالذمة أو موقوفة علی الأداء فبدونه یرجع الحاکم إلی نفس العین أو یجیز البیع فیأخذ الثمن من المشتری وجهان و هل ینقل مال الزکاة إلی المالک بنفس نیة الضمان أو بنفس تصرفه فیه بأکل أو

ص: 35

بیع أو غیر ذلک وجهان و لو باع غافلًا عن الضمان و عدمه ففی مضی البیع و الضمان أو کونه فضولیاً وجهان و لو باع ما یملکه و استثنی حصة الفقراء و لم تکن معلومة بطل البیع للجهالة و لو باع الکفار أو المخالفون مال الزکاة أو مال الخمس فالظاهر صحة الشراء منهم و لیس من الفضولی و لا یتوقف علی إجازة الحاکم و لا یجیز دفع شی ء للفقراء من الثمن للسیرة القطعیة و الإخبار الخاصة فی الخمس و لتقریر الأئمة (علیه السلام) علی ذلک و یمکن إدخال ذلک فی الإجازة الإلهیة للموافقة للمصالح الدنیویة و الأخرویة و إن لم یؤد من ثمنها المشتری شیئاً بالکلیة هذا کله إن قلنا بتعلق الزکاة بالعین تعلق شرکة أو رهانة و إلا فلا یجری جمیع ذلک و کذا الکلام فی أکثر أنواع الخمس فی جواز التصرف به مع الضمان فیما جرت به السیرة کالأرباح و الغوص و المعادن و فی عدمه مع عدم الضمان إلا علی جهة الفضولیة و کذا لا یجوز التصرف بکل مال تعلق به حق کالمرهون و کترکة المیت مع قصورها عن الدین إلا مع إذن من تعلق الحق أو إجازته فیصح العقد حینئذٍ و یجوز التصرف فیما یتعلق به حق کحق أرش جنابة الخطأ و ینفذ نفوذاً متزلزلًا فإن و فی عنه مضی تصرفه و إلا کان لذی الحق فسخه و ذلک کثمرة النخلة و الأشجار و المزارع إذا تعلق بها حق الخراج.

سادسها: لو باع أو نقل مطلقاً ما یملکه أو ما هو بحکمه و ما لا یملکه المسلم أو مأذون مطلقاً

صحَّ فیما یملکه سواء کان قصد البیع إلیه أصالة و الآخر تبعاً أو العکس أو کانا أصلیین لعموم الأدلة و إطلاقاتها و لا مانع سوی ما یتخیل من الغرر و هو مدفوع بصورة المقابلة ابتداء و لا ینافیه الأول إلی التقسیط فی الغایة و لأن العقد کعقود متعددة یتعلق بعضها بالقابل و بعضها بغیره و لأن الأسباب الشرعیة کالعقلیة یؤثر فی القابل دون غیره و لا یتفاوت الحال بین الجاهل و العالم و دعوی الفساد فی حق العالم لتعلق النهی به و لان إقدامه علی ما لم یسلم معه مع علمه جهل فی حقه بمقابلة فی الثمن فیلزم الغرر مدفوع بأن ما تعلق النهی به أصالة نقول بفساده و ما تعلق به من حیث اجتماعه معه لو قلنا به فهو لأمر خارج و بأن الغرر مرتفع بمقابلة الجملة للجملة نعم ما لم یکن له قیمة عرفاً و شرعاً کالفضلات و التراب و الحشرات لا یبعد القول بلزوم

ص: 36

الجهالة فیه للعالم مع قصده أصالة فیفسد مع احتمال الصحة و انصراف الثمن إلی ما یملکه و یکون ذکره لغواً حینئذ و یبطل العقد بالنسبة إلی الباقی و یتخیر المشتری مع الجهل لتبعض الصفقة و تقسیط الثمن فیؤخذ ما قابل المملوک و یسترد الباقی و مع علم المشتری بعدم المملوکیة و دفعه الثمن و تلفه من البائع لا یسترد شیئاً کثمن المغصوب فی وجه قوی و طریق التقسیط أن یقوم أن کان محرماً علینا و له قیمة عند مستحلیه بقیمته عند مستحلیه أو عند بائعه أو مشتریه من العصاة کالخمر و الخنزیر و الأرنب و غیرهما فیرد من الثمن ما قابله و یأخذ ما قابل المملوک و لو اختلف تقویمها قدمت قیمة مستحلیه علی الأظهر مع احتمال الإقراع و التخییر و تثبت القیمة بشهادة عدلین مخالطین لهم و الآمنین منهم و إلا فالمأمون من أهل الخبرة منهم و بالشیاع و مع عدم إمکان الاستعلام یؤخذ بالأقل و یقوم لو کان حراً بقیمة لو کان عبداً مراعیا لحلقه و خلقه و ما لا یکون له قیمة عند مستحلیه و کانت له قیمة عرفیة قوم کذلک فیفترض أنه یباع و یشتری فما تکون قیمته عند ذلک فهو قیمته و أما ما لا قیمة له أصلًا و رأساً فلا یبعد بطلان البیع فیه من أصله مع احتمال الصحة و صیرورة الثمن فی مقابلة المملوک و احتمال الفرق بین العلم فیفسد و بین الجهل فیقوم علی زعمه حین العقد و لو باع المملوک بزعم أنه مملوک فظهر مملوکاً توجه الحکم بالبطلان لمغایرة الجنس و لو عاد المملوک غیر مملوک بعد العقد و القبض فلا عبرة به و لو انعکس فلا عبرة به أیضاً فی عدم الفساد و یکون مباحاً للمشتری کما إذا انقلب الخمر خلًا و یجری فی التقویم هنا من اجتماع و انفراد من حیث الزیادة و النقیصة أو الزیادة و النقیصة معاً بحسبهما من تأثیر الهیئة الاجتماعیة و عدمه ما قدمناه سابقاً:

القول فی شرائط المعقود علیه من العوضین

اشارة

و فیه أمور:

أحدها: یشترط فی العوضین مغایرتهما للمتعاقدین

و لو کمغایرة الجزء للکل و شبهها کبیع الإنسان شعره و لبنه أو کمغایرة الذات للمنفعة کإجارته نفسه و لا یصح مع الاتحاد فی غیر، ما قام علیه الدلیل کالکتابة فلا یجوز للعبد أن یشتری نفسه من

ص: 37

مولاه للشک فی اندراج هذه المعاملة تحت عموم أدلة العقود و خصوصها فیحصل الشک فی ترتب هذا العقد علیه و الأصل عدمه و لظاهر الاتفاق و لو لا هذین لامکن القول بجوازه و الاکتفاء بالمغایرة الاعتباریة و جواز أن یملک المولی علیه الثمن حالًا و یملک هو نفسه أیضاً کذلک دفعة لأن ذمته قابلة للشغل فیقع الملکان دفعة من باب دور المعیة الذی لا بأس به کما إذا تزوج أمة فجعل عتقها صداقها أو یملکه مؤجلًا کعقد الکتابة بتأخر الملکیة أو التأدیة إلی حین الحریة و کذا لا یجوز إیجار العبد نفسه لمولاه لما ذکرنا و لأن العبد لا یملک المولی علیه شیئاً غیر ملکه له:

ثانیها: یشترط فی العوضین أن یکون مما یمکن الانتفاع به للنوع الإنسانی عادة

فلا یصح علی ما لا یمکن الوصول إلیه عادة و لا علی ما لا یمکن الوصول إلی منفعته و لا علی ما أسقط الشارع منفعته کالآلات اللهو و لا علی ما لا منفعة فیه کالفضلات من الإنسان و کثیر من الحیوانات عدا لبن الإنسان و شعره فی وجه و قد یعقل فی بعض هذه الملک و فی بعضها التملیک المجانی و فی بعضها حق الاختصاص إلا أنها لا تقابل بعوض و لا یضمن غاصبها أو متلفها مالًا و یشترط فیهما أن یکونا مما یصلح لمقابلة المال و المعاوضة علیه عرفاً و لا تعد المعاوضة علیه فی العرف سفها أما لقلته کحبة حنطة أما بشرط الانفراد أو مطلقاً أو بشرط الاجتماع مع مماثلها أو مع غیره علی الأظهر فی الجمیع أو لخسته لطریان وصف ردی ء علیه یخرجه عن ذلک کل ذلک للشک فی اندراج جمیع ذلک تحت أدلة العقود عموماً و خصوصاً و لمنافاته للحکمة التی شرعت علیها العقود المنبئ عنها الفتوی و حدیث التحف و غیره و للزوم العبث و السفه فی المعاوضة علیها و الظاهر جواز تملیکها مجاناً لعدم القطع بکونه سفها و جواز تملکه بإرث و نحوه لجواز ملکها ابتداءً منفردة أو منضمة فعادت منفردة فیحرم غصبها و تضمن بالمثل عند تلفها و یجب ردها مع بقاء عینها و لأن لم یکن ضمانها بالقیمة إذ لا قیمة یعتد بها لها و لا شک فی تعلق حق الاختصاص بها و عدم جواز مزاحمة من هی فی یده علیها و فی جواز الاعتیاض علی رفع الاختصاص بها وجه و یشترط فیهما الطهارة فعلًا أو قوة بحیث یمکن تطهیره مع بقاء عینه من دون استحالة أو انقلاب أما بماء أو بشمس أو بنار

ص: 38

أو بنقص کالعصیر أو إسلام أو تبعیة أو نحو ذلک فلا یجوز المعاوضة علی ما لا یقبلها کالمائعات النجسة أصالة و المیتة و المائعات النجسة بالعارض التی لا تقبل التطهیر للإجماع بقسمیه و للشک فی الاندراج تحت دلیل الصحة و لظاهر حدیث التحف و غیره سوی ما أخرجه الدلیل مما تقدم کالکلب و الدهن النجس مع الشرائط المتقدمة و لا یجوز ملکه و تملیکه مجاناً أیضاً لعدم قابلیته للملک أصلا و یتبع ملک عینه ملک منفعته فلا یصح ملکها و تملیکها و تملیکها مطلقاً نعم قد یقال بثبوت حق الاختصاص بمن هی فی یده فیجوز الصلح علی رفعه و یکون ذلک طریقاً لجواز أخذ المال بسببها کما یفعلوه الیوم فی العذرات النجسة و شبهها و ما لا یجوز الانتفاع به کالمیتة ففی جواز ذلک فیها إشکال و یشترط فیهما أیضاً الوجود فلا تصح المعاوضة علی معدوم بالفعل من الأعیان و إن کانت له مادة موجودة کالزرع أو الثمرة الموجود أصلهما إلا ما قام علیه الدلیل و تصح المعاوضة علی الکلیات و إن لم یوجد فردها بالفعل أو وجد و لکن لا یملک فردها أحد المتعاقدین اکتفاءً فی ملکیة ما فی الذمة بالقدرة علی شغلها به کما تدل علیه السیرة و الطریقة و ینطق به الإجماع و تؤذن به الأخبار و لا یدخل فی بیع المعدوم أو فی بیع ما لا یملک أو فی بیع شی ء ثمّ یملکه.

ثالثها: مما یشترط فی العوضین أیضاً القدرة عقلًا و عرفاً و عادة علی تسلیمها من المتعاقدین بأنفسهما أو بوکیلهما

ببذل مال أو بدونه حین العقد أو بعده بزمن غیر متراضی أو متراضی فی وجه أو تسلیمهما منهما کذلک و یکتفی به عن القدرة علی التسلیم للزوم السفه و العبث و الغرر بدونهما و لمنافاته لحکمه شرع عقود المعاوضة و إن لم یناف العقود المجانیة و للإجماعات المنقولة بل المحصلة و للأخبار الناهیة عن بیع ما لیس عنده أو ما لیس له وجود و غیر ذلک بل ربما یظهر من جملة من الفتاوی و الإجماعات المنقولة اشتراط خصوص القدرة علی التسلیم و عدم کفایة القدرة علی التسلیم عنه إلا أن تعلیلهم و لزوم الاقتصار علی الیقین من دلیل المنع بعد شمول أدلة العقود عموماً و خصوصاً کلها تقضی بعدم الخصوصیة باشتراط عدم القدرة علی التسلیم تعبداً بل لکونه مانعاً من تسلمه و الانتفاع به فإذا أمکن تسلمه جازت المعارضة

ص: 39

علیه و القدرة علی البعض دون البعض فی العقد الواحد تصححه فی المقدور و تبطله فی غیره و یتسلط المنقول إلیه علی الخیار مع الجهل و القدرة فی الزمن المتراضی تسلط علی الخیار و لا تقضی بالبطلان علی الأظهر و عدم القدرة علی تسلیم المبیع قبل قبضه بعد أن کان قادراً وقت العقد تسلط علی الخیار لحدیث نفی الضرار و لا تقضی بالانفساخ علی الأظهر و القدرة بالواسطة من شفیع أو بذل مال أو توسط حاکم کالقدرة بالأصالة و القدرة فی مکان دون مکان أو حال دون حال کالقدرة المطلقة إلا إذا کان المکان مشروط فیه التسلیم فلم یقدر أن یسلم فیه و قدر فی غیره ففی بطلان العقد أو التسلط علی الخیار وجهان و لو انعکس صح و لا خیار و هو شرط واقعی فلو زعم القدرة فتبین خلافها فسد و إن زعم عدمها فإن وقع العقد فبان حصولها صح علی الأظهر و لو قدر بطریق محرم خاصة فالظاهر دخوله تحت عدم القدرة سیما فیما لو لم یقدر سوی المشتری علی تسلمه بطریق محرم و لو توقفت القدرة علی انقلاب غیر المقدور إلی نوع آخر کان من غیر المقدور و من غیر المقدور الطائر المملوک فی الهواء إنا لم یرج عوده و مع الرجاء عادة من المقدور و کذا لو کان فی مکان لا یصطاد فیه عادة أما لو کان فی الهواء أو فی مکان یصطاد فیه عادة فهو من المقدور علی الأظهر و کذا لا یصح بیع السمک و هو فی الماء بحیث لا یمکن صیده عادة لعدم محصوریته أو لعدم صفاء الماء أو لعد انحصار الماء و لا بیع الآبق و هو الذاهب عن مولاه عصیاناً من غیر خوف أوکد عمل و لا الشارد من خوف أوکد عمل و لا الضائع و الضال إذا لم یرجَ عودها و لا یرجی تحصیلها عادة إلا الآبق فالظاهر المنع فیه و إن کان عودة و تحصیله مرجو الإطلاق الأخبار و فتاوی الأصحاب فی المنع من بیعه مطلقاً مع احتمال تنزیلها علی الغالب و هو ما لا یرجی عوده و تحصیله کما یظهر من جملة أخری منهم و فی جمیع ما قدمناه لو قدر المشتری علی التسلم جاز کما أمن به جمله من الأصحاب و نقل علیه ظاهر الإجماع فی الآبق و تنقیح المناط یسری الحکم لغیره علی أنه مع القدرة علی التسلم یشک فی شمول دلیل المنع فتشمله أدلة الجواز من غیر معارض و لا تصح بیع غیر المقدور علی تسلیمه بالضمیمة لإطلاق دلیل المنع سواء کانت مما تقابل بمال أو

ص: 40

لا و سواء کان المقصود إلیه أو إلیها أو إلیهما معاً و یظهر من بعضهم أنه لو کان القصد إلی الضمیمة و کان قصده تبعاً صح بیعه لأنه المتیقن من دلیل المنع و لإشعار ما جاء فی الآبق به و هو جید هذا کله فی غیر الآبق و ما شابهه من الضال و الشارد و الذاهب و نحوها و أما فیها فإما الآبق فلا أشکال فی عدم جواز بیعه منفرداً و ظاهر النص و الفتوی أنه ممنوع و لو کان مقدوراً علی تسلیمه و إن له خصوصیة فی المقام و لا إشکال أیضاً فی جواز بیعه مع الضمیمة للنصوص و الفتوی سواء تعذر تسلیمه و تسلمه أم لا و سواء کانت دیناً أو عیناً و سواء کانت الضمیمة هی المقصودة أو لا و بالذات أو الآبق أو هما معاً لإطلاق الدلیل نعم یشترط فی الضمیمة کونها مما تصلح للمعاوضة بانفرادها کما یظهر من الفتوی و النص المعلل للصحة بأنه إن لم یقدر علی العبد کان الثمن فی مقابله الضمیمة و الآخر الناص علی شراء ثوب أو متاع الظاهرین فی الشمول و کونها انضمام شطور و إجزاء للمبیع لا انضمام شروط کما هو الظاهر من النص و کونها غیر آبق آخر أو غیر مقدور علی تسلیم أو منفعة آبق آخر و لا یشترط وحدة الآبق المبیع و لا کون الضمیمة عیناً بل لو کانت منفعة أو حقاً جاز و یؤدی ذلک بصیغة الصلح لعدم جواز جریان البیع علی المنفعة و فی إلحاق ضم المنفعة بصیغة الإجارة مع صیغة بیع الآبق إذا کان ثمنهما و قبولهما متحدین وجه و لا یشترط کونه بصیغة البیع بناء علی أن القدرة علی التسلیم شرط فی جمیع المعاوضات و إن الإباق مانع فی جمیعها فیصح الصلح علیه و الهبة المعوضة مع الضمیمة و لا یشترط اتحاد مالک الضمیمة و الآبق لإطلاق الدلیل و لا یشترط قدرة المشتری علیه بعد ذلک بل لو تلف قبل قبضه کان الثمن فی مقابلة الضمیمة و لم ینفسخ البیع لبناء المعاملة علی ذلک کما یظهر من النص و الفتوی و هذا مما یستثنی من تلف المبیع قبل قبضه و قد یشکل ذلک فیما إذا کانت الضمیمة لمالک أو لآبق لآخر فتلف الآبق فإن فی صیرورة الثمن بإزاء الضمیمة کلام هذا إن کان عالماً و إن کان جاهلًا فله الخیار بین الفسخ و بین الإمضاء بجمیع الثمن فإن قدر علی تحصیل الآبق ازداد خیراً و إلا کان الثمن فی مقابلة الضمیمة و لا ینفسخ البیع بالنسبة إلی الآبق لصحة بیعه مع الضمیمة و لا یشترط فی الضمیمة استمرار

ص: 41

ملکها للمشتری بل لو جعل له الخیار فی فسخها جاز فإن انفسخ فیها رد من الثمن ما قابلها عند التوزیع و لا یرد الثمن کله لأنه إنما یکون بإزاء الضمیمة إذا تلف الآبق و مقابلته بالثمن تصح فی الابتداء لا فی الاستدامة لأن حکمها غیر حکم الابتداء و کذا لو تلفت الضمیمة قبل قبضها سقط من الثمن ما قابلها نعم قد یشکل الحال فیما لو فسخ المشتری الضمیمة فتلف الآبق قبل قبضه فإنه لم تسلم له الضمیمة کی یکون الثمن فیما قابلها و لم یسلم له الآبق کی یوزع علیه الثمن و یشترط فی بیع الآبق ما یشترط فی غیره من کونه معلوماً و موجوداً عند العقد فلو کان مجهولًا فسد العقد من أصله أو تالفاً وقت العقد فسد العقد بالنسبة إلیه ورد ما قابله من الثمن و لا یکون الثمن هاهنا بمقابلة الضمیمة فقط لأنها إنما تکون فی مقابلها إذا تلف بعد العقد و لو ظهر عیب أو خلاف وصف أو غبن فیه أو فی الضمیمة کان للمشتری الخیار بین الفسخ أو الأخذ بجمیع الثمن مع الأرش و أما ما شابه الآبق من الضال و الذاهب و المسروق فیحتمل إلحاقهما بالآبق فیصح بیعه مع الضمیمة و تجری علیه أحکامه و یحتمل صحة بیعه مطلقاً لإمکان الانتفاع به من عتق أو وقف أو بیع مع الضمیمة و یحتمل بطلان بیعه مطلقاً لعدم القدرة علی التسلیم فیه و خروج الآبق للدلیل لا یسری إلی غیره و تنقیح المناط لم یثبت و یصح بیع المال المغصوب من المالک علی غاصبه و علی غیره إذا قدر المالک علی تخلیصه بواسطة مال أو سؤال أو قهر و کذا إذا قدر المشتری علی ذلک و لو لم یقدرا معاً کان من غیر المقدور علی تسلیمه فیبطل البیع فیه للزوم السفه و العبث و الإجماع المنقول و فی صحته مع الضمیمة وجه و الأوجه خلافه و یحتمل اختصاص الصحة بما لو کان عبداً دون غیره و من أطلق المنع من بیع المغصوب تحمیل کلامه علی ما قدمنا من عدم القدرة علی التسلیم أو التسلم أو التلف و العیب قبل القبض مضمونان علی الغاصب و لا ینفسخ البیع بتلفه بعده بل یرجع علیه المشتری بالمثل أو القیمة و لیس من غیر المقدور علی تسلیمه بیع الفضولی لأنه مقدور من المالک بعد إجازته و مقدور من الفضولی عرفاً بواسطة مال أو شفاعة و نحوهما لو کان کذلک و لا بیع المرهون و المحجر علیه أیضاً للقدرة علی تسلیمها مع إجازة الراهن وذی الحجر.

ص: 42

رابعها: مما یشترط فی العوضین أن لا یکون أحدهما أم ولد لمالکها

قد علقت منه و هو مالک لها کلا أو مالک لها بعضاً کالأمة المشترکة أو المبعضة سواء نقلها کلًا أو بعضاً و سواء کان الولد بارزاً أو حملًا و سواء کان من وطء محرم فی حیض أو محلل و سواء علم به الناقل أو جهل کل ذلک للإجماع المنقول و فتاوی الأصحاب بل الظاهر أن الإجماع محصل فی جمیع ما قدمناه و للأخبار الناهیة عن بیع أمهات الأولاد القاضیة بالفساد لتعلقها بذات المعاملة و ما ورد فی بعض الأخبار من أن حدها حد الأمة مطرح أو مؤول أو منزل علی موت الولد سمیت بذلک لعلاقة ما کان و لو علقت أم الولد منه و هی غیر مملوکة ثمّ ملکها لم یحرم بیعها اقتصاراً علی مورد الیقین من النص و الفتوی و أخذا بما ینصرف إلیه الإطلاق منهما و بما جاء من الأخبار المتکثرة فی مقام البیان و غیره الدالة علی ترتب الولادة علی شرائها و انتقالها الظاهرة فی أن العلوق کان فی ملکه و کذا لا یحرم بیعها لو مات ولدها فی حیاة أبیه للنص و الفتوی بل الإجماع علی الظاهر هذا إن یخلف ولداً فإن خلف ولداً احتمل المنع من بیعها مطلقاً لصدق أمهات الأولاد علیها و جوازه مطلقاً لانصرافهن إلی الولد الصبی و لأنه من مورد الیقین و لتصریح الأخبار برجوعها إلی الرق المحض عند موت ولدها من غیر تفصیل بین کون ولد الولد وارثاً فیحرم بیعها لمکان میراثه و بین أن لا یکون فیجوز وجوه أقواها الوسط لعدم ثبوت أن الحکم معلل بأنها تعتق من نصیب وارثها و استثنی الأصحاب و جملة من الأخبار من دلیل المنع من بیعها جوازه فی ثمن رقبتها مع إعسار المولی عنه بأن لا یکون عنده ما یفی به عنها زائداً عن مستثنیات الدیون و الظاهر أن الحکم بالجواز عام لإعساره عن کل الثمن و عن بعضه و عام لبیعها کلها إذا توقف الوفاء علیها و لبعضها إذا حصل الوفاء به و عام لما استمر استحقاق البائع له بنفسه أو کان منتقلًا عنه بضمان و شبهه و عام للدلیل الحال أو المؤجل قبل حلول أجله و إن کان فی الاقتصار علی الدین الحال قوة و عام لحیاة سیدها و مماته لشمول إطلاق روایة عمر بن یزید لهما و للإجماع المنقول علی الشمول و الشهرة المحصلة و المنقولة فلا التفات إلی القول بعدم جواز البیع بعد موت سیدها بل توقف إلی بلوغ الولد بعد تقویمها فإذا بلغ جبر علی ثمنها و إذا

ص: 43

مات قبل ذلک بیعت فی ثمنها و لا إلی القول بهذا بشرط وجود دین آخر و لا إلی القول بعودها بولدها وفاءً و بقاء ثمنها فی ذمة سیدها إن لم یکن له مال سواها و لا إلی القول بالفرق بین حیاته و مماته فلا تباع فی الأول و تباع فی الثانی کما أختاره جملة من الأفاضل و قد یستثنی من دلیل المنع صوراً أخری مبنیة علی عدم کون دلیل المنع تعبدیاً بل أما من جهة حق المولی فإذ غلب علیه حق آخر مقدماً علی حقه قبل علوقها کحق رهانة أو حجر فلس أو حق جنایة علی العین أو شفعة لو جرت علی المملوک أو نذر و شبهه أو اشتراط علیه أو ضمان متعلق بها أو خیار أو استطاعة منحصرة بها أو بعد علوقها کأسرها بعد خروج المال عن الذمة أو لحوقها بدار الحرب فاسترقت و ربما یلحق بالأول لو وطأها المالک قبل قسمة المیراث فکانت بالقسمة نصیب غیره أو وطأها بعد أن بیعت فضولًا فأجاز بعد الوطء بناءً علی الکشف فیهما و أما من جهة احترامه فیجوز بیعها لکفنه و حنوطه و مؤن تجهیزه مع عدم الباذل و لذوی مرضه و للإنفاق علی من وجبت علیه نفقته و لبقاء کفره مع تجدد إسلامها أو إسلام أحد أبویها مع نقصها و تعلقها له و إصابتها علیه عمداً و إما من جهة احترامها فیجوز بیعها بعد إباقها أو ردتها أو لنفقتها أو لکل ما یدفع الضرر عنهما أو لتعجیل عتقها بالبیع علی من تنعتق علیه أو بشرط عنقها أو لانحصار وارث المشتری بها و إما من جهة رجاء عتقها من نصیب ولدها فیجوز لانقطاع الرجاء من النصیب لاستغراق دین أو لعدم قابلیته للإرث من قتل أو کفر أو غیر ذلک و هذه کلها محل تأمل و إن کان القول فی بعضها قریب لقوة دلیله فیرجح علی دلیل المنع لأن ما بینهما العموم من وجه أو ینصرف دلیل المنع إلی غیره و لکن التعدی عما علیه إطلاق الأخبار و فتوی المشهور لا یخلو عن القصور و أما ترجیح عمومات حفظ دماء المسلمین أو أعراضهم أو حفظ بیضة الإسلام و شعائره و الأماکن المحترمة علی دلیل المنع فیجوز بیعها لذلک لا وجه له قطعاً لأنا لو حکمنا هذه العمومات لخربنا فی الفقه تخریبات و لجاز بیع الأحرار بل و جمیع ما أفسدت بیعه الأخبار و فتاوی الأخیار و فی جواز شرائها ممن یرمی جوازه وجه سیما من کافر أو مخالف إلا أن الأوجه خلافه سیما من المجتهدین المتخالفین فی الفتوی.

ص: 44

خامسها: و یشترط فی العوضین أیضاً الاستقلال فی الملکیة

فلا تصح المعارضة علی ما للبطون اللاحقة فیه کالوقف عامة و خاصة إذا کان مؤیداً للإجماع المنقول و فتوی المحققین من الفحول و للأصل المقطوع بأصله و لمنافاة النقل لحقیقة الوقف المتلقی عن الشرع لأخذ الدوام فیه و کونه حبساً للعین المنافی لنقلها فیکون کالتحریر للمملوک و لتعلق حق الأعقاب فنقله أکل مال بالباطل و لإقدام الواقف علی تأییده و اشتراک الذراری به و عدم نقله و قد نقل مستفیضاً أن الوقف علی ما یقفها أهلها و للأخبار الواردة فی وقوف الأئمة الناهیة عن البیع و الشراء و الهبة قیل و لظهور منعه بین الناس حتی النساء و الأطفال کاد أن یلحق بالضروریات و لخصوص بعض المعتبرة فیمن شری وقفاً بجهالة قال لا یجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فی ملکک ادفعها إلی من وقف علیه قلت لا أعرف لها رباً قال تصدق بغلتها فعلی ما ذکرناه لا یجوز بیع الوقف العام أرضاً أو غیرها لتعلق حق جمیع الموقوف علیهم من الموجودین و المعدومین به و لشبهه بالعتق إن قلنا بخروجه عن ملک الواقف و دخوله فی ملک الله تعالی إلا فی بعض الصور علی وجه یأتی إن شاء الله تعالی فإن کان الموقوف أرضاً وجب إبقاؤها بحالها مهما أمکن الانتفاع بها علی تلک الحال الموقوفة من دار أو حمام أو مسجد و إن عرض لها عدم الإمکان بحیث حصل الیأس من الانتفاع بها بتلک الجهة أجرها المتولی فی جهة أخری متحریاً للأقرب فالأقرب کالانتقال من الدار إلی إلخان و منه إلی الحمام و منه للزراعة محافظاً علی الآداب اللازمة للمسجدیة لو کانت مسجداً فینتقل منه إلی إیجارها للأعمال المشابهة للعبادة الخالیة عن تلوثها بالنجاسة و تصرف أجرتها و نماؤها فیما ماثلها من الأوقاف فإن تعذر المماثل صرفت فی غیره فإن تعذر غیره من الموقوفات العامة صرفت فی مصالح المسلمین هذا إن کانت الأرض من غیر المفتوح عنوة أو منها و بقیت آثار التصرف و إلا عادت عند خرابها للمسلمین کافة و إن کان الموقوف غیر أرض فإن بقی علی حالة و أمکن الانتفاع به فی خصوص المحل الذی أعدله لزم الانتفاع به کذلک و إن لم یبق علی حاله بحیث لم یمکن الانتفاع به بوجه کرضاض الحصیر و الباریة الموقوفین فی المساجد و غیرهما و بعض أجزاء الخشب و الفراش جاز

ص: 45

نقله بعوض و شراء ما ینتفع به فی ذلک المحل الموقوف فإن لم یمکن ففی غیره مقدماً للأقرب فالأقرب لأن المنع من بیعه هنا مع اضمحلاله یوجب العبث و السفه مع احتمال الرجوع فی مثل ذلک إلی حکم الإباحة کالملک بعد إعراض المالک عنه أو الرجوع إلی ملک المسلمین کافة تصرف فی مصالحهم أو الرجوع إلی المالک الأول و مع عدم معرفته یکون مجهول المالک و ما ذکرناه أولًا أقوی إلا مع عدم إمکان البیع أیضاً فاحتمال الرجوع للمسلمین کافة هو الأقوی و إن بقی علی حالة أو علی حالة ینتفع به إلا أنه لا یمکن الانتفاع به فی الجهة المعد لها فهناک یلزم الانتفاع بها فی المماثل مقدماً الأقرب فالأقرب و إلا فغیر المماثل و إلا ففی منافع المسلمین کافة فإن تعطل نفعها بجمیع الجهات فإن خشی علیها من التلف جاز بیعها أو شراء وقف آخر عوضها مقدماً الأقرب فالأقرب فإن لم یمکن الشراء صرفت فی وجوه البر عیناً أو قیمة و إن لم یخش علیها قوی القول بجواز بیعها أیضاً کذلک إلا أن القول ببقائها فی مکانها و عدم التعرض لها إلی أن یحکم ولی الأمر فیها بحکمه هو الأسلم و لا یجوز أیضاً بیع الوقف الخاص مطلقاً خرب خراباً لا یرجی عودة أو کان یرجی و سواء وجد من یراعیه بعمارة أو لم یوجد و سواء حصلت ضرورة من الموقوف علیه إلی ثمنه أو لم تحصل شدیدة کانت أو غیر شدیدة و سواء حصلت فتنة بین أربابه من جهة أو لم تحصل و سواء أمکن تدارکها أم لم یمکن و سواء اجتمع فیه خلف الأرباب و خوف الخراب الناشئ عنه أم لا أو اجتمع فیه خوف الخراب و الحاجة الشدیدة بالأرباب أو لا أو اجتمع فیه خوف الخراب للخلف بین الأرباب و کون البیع أعود لهم أو لا و سواء حصلت من الموقوف علیه بسببه فتنة للفساد أو لم تحصل و سواء حصلت ضرورة منه أو ضرورة إلیه أو أعودیة و أنفعیة بیعه للموقوف علیه أو لا و سوی تولی بیعه الموقوف علیهم و الواقف أو الحاکم الشرعی و سواء صرف ثمنه علی الموجودین من الموقوف علیهم و اشتری به شیئاً و یجعل وقفاً یسری نفعه للأعقاب ملاحظا فیه الأقرب فالأقرب إلی مراد الواقف کل ذلک للأدلة المحکمة المتقدمة و لا یُعارضها مذهب المجوز للبیع عند خوف الخراب أو الحاجة الشدیدة بالأرباب حتی نقل علیه الإجماع و لا مذهب من

ص: 46

جوزه عند الخراب الذی لا یرجی عوده و کونه لا یجدی نفعاً و نقل علیه الإجماع و لا مذهب من جوزه عند خوف الخراب الناشئ عن الخلف بین الأرباب و نقل علیه الشهرة و لا مذهب من جوزه عند الخلف بین الأرباب المؤدی إلی الفساد و الخراب للصحیح فیمن وقف أرضاً و جعل للإمام فیها الخمس أنه یبیع ذلک و یصل الثمن إلیه و فیما إذا کان بین الموقوف علیهم من هذه الصیغة اختلافاً شدیداً فإن کان تری أن نبیع هذا الوقف و ندفع إلی کل إنسان منهم ما کان وقف له فکتب أن کان قد علم الاختلاف فیما بین أصحاب الوقف بیع الوقف فإنه ربما جاء فی الاختلاف تلف الأموال و النفوس و ربما یستند إلی أن المقصود من الوقف استیفاء المنفعة فإذا تعذر جاز بیعه تحصیلًا للغرض و إن الجمود علی الغیر مع ذلک تعطیل للمال و تضییع لغرض الواقف و لا مذهب من اکتفی بالأعودیة و الأنفعیة فی جواز البیع بل مجرد الحاجة کما فی الخبر عن بیع الوقف إذا احتاج إلیه الموقوف علیهم و لم یکفهم ما یخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا کلهم و کان البیع خیراً لهم و لا غیر هذه المذاهب مما نقلها الأصحاب لضعف دلیلها عن مقاومة ما ذکرناه أما الإجماع المنقول فمعارض بإجماع مثله أولا و بأنه قابل للحمل علی غیر الوقف المؤبد المنشر من الأوقاف المنحصرة أهلها کما نزل الحلی کلام القوم و أخبارهم علیه و ربما أشعر به ذکر الخلف بین الأرباب و القسمة علیهم و أما الشهرة المنقولة و المحصلة فإن أرادوا بها البسیطة فهی ممنوعة لعدم تحققها علی قول خاص و إن أرادوا بها المرکبة من أقوال المجوزین فهی غیر حجة أو لا بل أن المشهور بل المجمع علیه علی عدم الأخذ بها هاهنا لعدم إفادتها حکماً سوی الجواز المشترک بین کل الأقوال و لا یقول به أحد و أما الأخبار ففی سند بعضها ضعف و هی مشترکة فی عدم أخذ قید الدوام فی الوقف و فی ظهور الانحصار و فی الموقوف علیهم فلا یکون من المؤید و یختص الأول منها باشتمال صدوره علی جواز بیع حصة الإمام من غیر داع و لا یقول أحد بجواز بیع الوقف من دون داع فلا بد من حمله علی کون الوقف علیه فقط لا الوقف الدائم أو علی عدم کون الحصة موقوفة علیه و یراد بموقوفة فی کلام السائل موقوفة الثبوت و الاستقرار لا الوقف بمعناه و علی عدم قبضه بها أولا

ص: 47

و یختص أیضاً باشتمال عجزه علی جواز بیع الواقف له و إعطاء الموقوف علیهم الثمن و کلاهما بعید جداً لأن القائل بجواز البیع إنما یجوز للموقوف علیهم لا للواقف و لأن بیعه و شراء وقف آخر مکانه کما حکم به جمع من أصحابنا أولی من تفرقة ثمنه کما فی الروایة و لأن القواعد تقضی بخلافها من التنزل علی مراتب الاضطرار عند خوف الفتنة و حصول الاختلاف من إیجار بعضهم من بعض أو من خارج أو المهاباة مع القرعة أو الصلح علی منفعته مدة بمدة أو الصلح علی منفعة بعض ببعض و لأن الخلف لا زال و لا یزال واقع بین أرباب الوقف فتجویز بیعه لذلک یفضی إلی جواز بیع الأوقاف فی جمیع الأعصار و سائر الأمصار و هو بعید عن الاعتبار و ظواهر الأخبار فحمل هذه الروایة علی بیعه قبل قبضه بقرینة أن المتولی للبیع هو الواقف أولی و یختص الثانی بعدم القائل ممن یعتد به سوی المفید (قُدّس سِرّه) بمضمونه من تجویز بیع الوقف إذا حصل الرضا من أهله و کان خیراً لهم أو کانت لهم ببیعه حاجة إذ قلما یخلو وقف عند ذلک و لم یزل أهل الأوقاف مدینون و محتاجون و البیع بالنسبة إلی الموجود منهم خیر له من بقائه لقلة الانتفاع أو لثقل خراجه و مذهب المفید (قُدّس سِرّه) شاذ لا یلتفت إلیه و أیضاً فهو دال علی کون الثمن لأهل الوقف ینفقونه علیهم مع أن الأوفق بالقواعد شراء وقف آخر بثمنه و جعله مکانه جمعاً بین الحقین و حینئذ فحمل الروایتین علی کون البیع قبل القبض أو علی کون الوقف محصوراَ بطائفة أو أشخاص معلومین فیکون من المنقطع الأول فیعود حبساً أو علی کونه من قبیل وقف المعاطاة الخالی عن الصیغة أو علی کونه من الوقف المحدود بأجل أو عمر الواقف فیعود حبساً أیضاً أو علی کونه من المنعقد بصیغة الحبس و شبهها و إن لم یکن محصوراً هو الأوجه لأن طرح الصحیحة الأولی بالکلیة بعد فتوی کثیر من الأصحاب بمضمونها و بعد نقل الإجماع علی مضمونها لا معنی له و الأقرب إلی العمل بها حملها علی الحبس کما فهمه کثیر من أصحابنا و لإطلاق الوقف علیه سیما لو کان بصیغته فإن کان علی محصورین و لم یقرن بمدة کان جواز بیعه علی مقتضی القواعد لجواز عقدة و إن کان علی جهة قربة

ص: 48

عامة أو مقروناً بمدة کان جواز بیعه خارجاً عن مقتضی القاعدة إلا أنه فی صورة الاختلاف المؤدی إلی الخراب أو کونه لا یجدی نفعاً یجوز للروایة الصحیحة و فتوی الکثیر و الإجماع المنقول و یتولی الواقف البیع و الصرف علی المحبوس علیهم کما هو مورد الروایة و الأظهر أن الوقف الخاص کالعام فی جواز بیعه لا یمکن الانتفاع به بجهة أو بغیرها کالرضاض و یشتری بثمنه ما یقرب إلیه فیکون وقفاً مع احتمال جواز صرف حاصلة علی الموجودین من أربابه أو علی وجوه البر أما لو أمکن الانتفاع به فی غیر تلک الجهة لم یجز بیعه و انتفع به لجهة أخری مع ملاحظة الأقرب فالأقرب و لو وقف علی قوم غیر منحصرین و لکنهم متصفین بوصف خاص فانقرضوا أمام احتمال رجوعه إلی الواقف و عوده وقفاً علی المسلمین کافة و جواز بیعه و صرفه فی وجوه البر و الاحتمال الوسط أوجه.

سادسها: و یشترط فی العوضین أن لا یکونا أو أحدهما مباحاً

لم یدخل فی ملک أحد کالکلأ و الماء و السمک و الوحش سواء کانت فی أرض الإمام (علیه السلام) أو المسلمین أو لبعضهم مع عدم المحصوریة أو مع المحصوریة و لم یکن الماء من نمائها کالبئر و شبهه و فی الحشیش إشکال و یلحق بالکلإ القصب و البردی و کل ما نبت علی الأظهر و یدخل فی المباح ما کان مملوکاً فأعرض عنه صاحبه و لو طرأت علی المباح الحیازة صار مملوکاً و جاز بیعه و أما طرق المسلمین و أسواقهم و مقابرهم و حریم بلدانهم و قراهم و سورهم و مطرح ترابهم فلا یبعد إلحاقها بمباح الأصل و إن کان للمسلمین فیها حق الاختصاص ما دام لهم فیها حاجة فإذا بطلت حاجتهم زال حق الاختصاص عنها و یمکن الحکم بملکیتهم لها فإذا بطل الانتفاع بها فی الوجه الخاص بهم صرفت منافعهم الجدیدة فی مصالح المسلمین و یحتمل رجوعها کأرض الموات و لو عمر أحد شیئاً من أطرافها حیث لا یضاد منفعتها المطلوبة ملکه تبعاً و یبیع الأرض فی الحکم إذا کانت وقفاً عاماً أو خاصاً سواء وصل المالک إلی الماء بالحفر أو لم یصل لأن الأسفل یتبع الأعلی فی الملکیة و کلما یتجدد من الماء یملکه مالک الأرض لحیازته له بإعداده الموضع القابل لحیازته له مع قصده ذلک و لو حفر حافر بئراً فی أرض مباحة بالأصل أو فی

ص: 49

طرق المسلمین أو فی أراضیهم المشترکة مع عدم تضرر المسلمین به ملک ماءها مع نیة التملک و مع دفعه لا یملک نعم له حق الاختصاص مع عدم النیة و القصد و کذا من حفر بئراً فی أرض مملوکة أو مباحة بنیة حیازة الماء ملک الماء الداخل فیها و إن لم یعمل لسیده من أمره عملًا لفتوی المشهور و للسیرة القطعیة و المنع من المالک مطلقاً أو مع عدم السید ضعیف و أبار النجف الآن من هذا القبیل نعم الخارج عنهن إلی غیرهن بمنزلة المال المعرض عنه و کل ما یلزم من الامتناع عنه العسر و الحرج من المیاه التی فی الطرق من الأراضی المتسعة یجوز التصرف فیه و استعماله علی نحو ما جرت العادة به و إن کان مملوکاً سواء أذن المالک أو لم یأذن بل و لو منع للسیرة الدالة علی رضا المالک الأصلی یملک المعدن فی الأرض المملوکة تبعاً لها و لو تناهی فی العمق علی الأظهر و یملک فی الأرض المباحة مع النیة.

سابعها: و یشترط فی العوضین أن لا یکونا أو أحدهما من المملوک لکافة المسلمین

اشارة

سواء قلنا أن الملک علی وجه الشرکة و إن جاز أخذ الزیادة أو الکل من بعضهم للدلیل أو قلنا أن الکل یملکون للکل أو الأبعاض علی وجه التبادل و لا مانع عقلًا أو قلنا أن الکل یملکون أن یملکوا و لا یملکون نفس العین فلا یجوز نقل الزکاة قبل قبضها أو نقل الخمس و النذور للفقراء أو الکفارات من أعیان أو دیون قبل قبضها للأصل و الإجماع و عدم دخوله فی ما یملک و لا یجوز نقل الأرض المفتوحة عنوة قبل التصرف فیها بایجاد أثر من آثار التصرف فیها سواء کان الأثر مما یقبل النقل مستقلًا أو لا یقبله إلا منضماً أو لا یقبله مطلقاً لأن الظاهر أن أثر التصرف مملک لها و مجوز لنقلها سواء قصد بالنقل نفس الأرض و التصرف تابع أو العکس أو تساویا فی القصد لأصالة عدم النقل و الانتقال و لما دل علی منع نقل المال المشترک مع عدم معرفة ما للناقل لاشتراک الموجودین من سائر فرق المسلمین علی الظاهر بل و المعدومین معه و لعدم قدرة الناقل علی التسلیم و الحال کذلک و لا عدادها لمصالح المسلمین کما یظهر من الفتاوی و النصوص و النقل مناف لذلک و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و للأخبار الدالة علی ذلک المعتضدة بما قدمنا فلا وجه لتخصیص المنع بالحضور لمخالفة الإجماع فضلًا

ص: 50

عن المشهور نعم قد یقال بجواز نقلها من والی المسلمین إذا رأی مصلحتهم فی النقل لقیامه مقام سائرهم و ربما ینزل علیه ما ورد عن الحسین (علیه السلام) من شرائه أربعة أمیال من کل جهة مما یلی قبره الشریف و تصدق بها علی أهلها مع اشتراط ضیافة الزوار علیهم مع احتمال أنها کانت مواتاً حین الفتح أو أنها مشتملة علی آثار التصرف کما جاء فی بعض الأخبار مما یؤذن بجواز الشراء ممن بیده أرض الخراج فإنها محمولة علی ذلک و یدل علی جواز نقلها مع آثار التصرف السیرة القطعیة من إجراء حکم الأملاک و الأوقاف علیها ما دامت مصاحبة للآثار و لا بأس باتصاف شی ء بالملک أو الوقف فی حال دون حال إذا جاء به الدلیل و قد روی ذلک فی أرض النیل و فی بیع دار عقیل فملکها حینئذ تابع لآثار التصرف الحادثة و یملکها بتصرفه فیها و أما القدیمة وقت الفتح فحالها حال الأرض

و هنا أمور.

أحدها: أن الحکم بکون الأرض المفتوح عنوة للمسلمین خاص بما کان معموراً حین الفتح

کما هو ظاهر الفتوی و النص خلافاً لما یظهر من بعض الأخبار و الفتاوی من أنها للإمام (علیه السلام) و یصرف مصالحها فی المسلمین فإنها لا تعارض تلک الأدلة و أما کان خراباً فبین ما دل علی أن الموات للإمام (علیه السلام) و بین ما دل علی أن المفتوحة عنوة للمسلمین عموم من وجه فیمکن ترجیح جانب أنه للإمام (علیه السلام) لأن یده أقوی و هو أولی بالمؤمنین من أنفسهم و لعموم من أحیا أرضاً میتة فهی له فإن إبقاءه علی عمومیة غیر ممکن إلا علی القول بأن الموات کله للإمام (علیه السلام) و لعدم ملک الکفار للموات قبل الفتح فتکون للإمام (علیه السلام) سابقاً فیستصحبه حالة إلی ما بعد الفتح بل لو ملکه الکفار لکان فی الصفایا و هو للإمام (علیه السلام) و یمکن ترجیح أنه للمسلمین لعمومات أن المفتوح عنوة للمسلمین و إطلاقات أکثر العبارات و لأصالة عدم الاختصاص و للسیرة المستمرة علی ضرب الخراج علی المفتوحة عنوة من غیر سؤال بل مع العلم بکونها مواتاً وقت الفتح و فیه نظر لمعارضة العمومات و إطلاق العبارات بما هو أقوی من أن الموات للإمام (علیه السلام) و لمعارضة أصالة عدم الاختصاص بأصالة

ص: 51

عدم الاشتراک مع الاتفاق علی کون الإمام مالکاً فی الجملة و الشک فی غیره و لعدم حجیة السیرة مع العلم بکون الأخذ لیس من أهل الحق و إنه مبطل فی أخذه و دعوی القطع من السیرة بتقریر الأئمة علی جواز أخذ الخراج من أیدیهم مع الشک ممنوعة.

أولًا: و لو سلمنا فلعل الخراج یجوز أخذه من ید القاهر و لو ضربه علی غیر الخراجیة.

ثانیاً: فالأولی أقوی و علیه فلو وقع الشک فی کون الأرض معموراً وقت الفتح أو خراباً فإن کان علیها ید مسلم أو علیها و لا یدعی ملکیتها لعدم العلم بحالها أو کانت معمورة و یضرب علیها الخراج أو کانت شبه المعمورة للقرب إلیها أو للعلم بتعمیرها فی کثیر من الأزمنة ککثیر من أراضی الکوفة فالظاهر الحکم بعمارتها وقت الفتح لحصول الظن بذلک من أخذ الخراج لأنه یفید الظن بذلک غالباً لا لأصالة الصحة لعدم جریانها مع العلم بکون الأخذ غیر محق مع احتمال ذلک حملًا للمسلم علی أقل القبیحین من فعله و لحصول الظن بتعمیره سابقاً لعلو الهمم السابقة فی التعمیر حتی أنه قلما یوجد موضع لم یکن معموراً سابقاً و الظاهر کفایة الظن فی المقام لعدم إمکان الوصل إلی العلم و لزوم عدم إجراء حکم المفتوحة عنوة فی جمیع الأراضی إلا ما قل منها لعدم الیقین بعمارتها وقت الفتح و هذا خلاف الإجماع کما قیل و حینئذٍ فالحکم بخرابها وقت الفتح لأصالة تأخر التعمیر و لأصالة عدم الاشتراک فی الملک و لأصالة عدم وجوب دفع الخراج و لأصالة أنها تحت الید بعد دخوله تحتها الملکیة و إن لم یعلم السببیة ضعیف لا یعارض ما تدبر القرآن لم تکن معمورة أو شبهه المعمورة ککثیر من أراضی العراق البعید عن السکنة و الخالیة عن الآثار المفیدة للظن بسبق عمارتها کدور خربة أو قریة کذلک قریبة إلیها أو آبار أو أنهار عتیقة کذلک فالحکم بکونها مواتاً وقت الفتح للاستصحاب و کونها للإمام (علیه السلام) لأصالة عدم الاشتراک هو الأقوی و کذا الحکم فی کلما علم أن عمارته فی الأزمنة المتأخرة و إن لا أثر له باق من الزمان المتقدم إلی حین التعمیر أما ما علم خرابه و عمارته سابقاً و شک فی السابق منهما فهو ملحق بالمعمور حینه و إن کان الآن خراباً.

ص: 52

و منها: أن المراد بالمفتوحة عنوة هو ما فتحها سلطان الحق أو نائبه العام أو الخاص أو ما کان مأذوناً به منه و لو بالفحوی أما ابتداءً أو انتهاءً لموافقة الفتح للمصلحة الإلهیة لأن إظهار کلمة الإسلام أمر مطلوب لدی الإمام (علیه السلام) و عند الملک العلام کفتوحات الأمویین و العباسیین و السلاطین من الموافقین و المخالفین و یدل علی ذلک السیرة القطعیة بأخذ الخراج من سائر المفتوح للخلفاء و معاملة خراجها کخراج المفتوح بإذن الإمام (علیه السلام) من دون نکیر و قوله (علیه السلام) فی الصحیح أن جمیع ما فتح عنوة بعد النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حکمه حکم أرض العراق فإن أرض العراق أمام الأراضی یفعل فی جمیعها ما فعل أمیر المؤمنین (علیه السلام) فیها و قوله (علیه السلام) فی بشری النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) للصحابة حیث برقت برقة من ضربة الصخرة فأشرقت بها أطراف بلاد المسلمین بأنهم یملکونها و فی عد خراسان و الشام منها تأیید لما ذکرناه و قد یقال بالاقتصار فی المفتوحة عنوة علی ما فتح بالإذن الابتدائیة خاصة بل الصریحة اقتصاراً علی مورد الیقین فی دخول الأرض فی ملک المسلمین و تحکیماً لما دل علی أن المأخوذ بغیر إذن الإمام (علیه السلام) قهراً أو غلبة فهو له من الأنفال و التزام تنزیل المتیقن من أنه فتح عنوة کأرض العراق علی إذن الإمام (علیه السلام) أو علی أن فی الجیش کان الحسنان (علیهما السلام) کما فی بعض السیر و الآثار و هو قوی إلا أن الأول أقوی لما قدمنا و لإمکان تخصیص قاعدة کلما أخذ بغیر إذن الإمام (علیه السلام) فهو له بغیر الأراضی أخذاً بعموم أن ما أخذ بالقهر من أرض الکفار فهو للمسلمین أو ظهور تلک القاعدة فی غیر الأراضی و علی کل حال فلا یبعد جواز اجراء حکم الخراج الصحیح علی الخراج المأخوذ من ید الجائر من جمیع تلک الأراضی و إن لم یعلم الإذن فیهما للسیرة الدالة علی معاملة خراج جمیعها معاملة المأخوذ بالإذن بل لا یبعد القول بجواز أخذ حاکم الشرع الآن الخراج منها لدلالة تلک السیرة علی جواز اخذ الخراج منها للحاکم للحق.

ص: 53

و منها: أن الأرض المفتوحة عنوة کما لا یجوز التصرف بعینها لا یجوز التصرف بمنافعها و لا نقلها لعدم اختصاص وجه دون إخراجها إلا ما جرت به السیرة و دل علیه نفی العسر و الحرج من غیر ذلک حفر الآبار و نصب الخیام و کذلک بناء الدور و القری إذا لم یکن مفتوحاً لمصلحة من مصالح المسلمین و لا یجوز التصرف بها بزرع أو غرس یعتد به من دون إذن من حاکم الجور فی حال الغیبة أو حاکم الحق فی حال الحضور اقتصاراً فیما خرج عن قاعدة حریة التصرف بمال الغیر من دون إذن علی مورد الیقین و لا یبعد التخییر بین ما دل علی جواز الرجوع إلی حاکم الجور من الأخبار و السیرة القطعیة و من أنها ملک للمسلمین فتصرف فی مصالحهم من حفظ الطرق و قطع مراد الفساد و محاربة الأعداء من الکفار و البغاة و المتصدی لذلک فی حال الغیبة هو حاکم الجور بین ما دل من الاستقرار القطعی و اشارت إلیه جملة من الأخبار من قیام المجتهد المطلق الجامع للشرائط مقام الإمام (علیه السلام) فحکم بالتخییر فی الدفع إلی أیهما شاء و إن لم یوجد معا استأذن التصرف فیها عدول المسلمین فإن لم یکونوا تولی التصرف بنفسه و قام بما یلزمه صرفه بنفسه أیضاً و لما کان الرجوع إلی حاکم الجور مخالفاً للقواعد و الضوابط و منافیاً لما دل علی البعد من حکام الجور و حرمة إعانتهم و التحبب لهم و الرکون إلیهم لزم الاقتصار فیه علی مورد الیقین من السلطان المتغلب علی ذلک المکان بجنده و عسکره المعد نفسه لحفظ ذلک الثغر من الأعداء و قطاع الطریق بحیث یعد المتصرف أنه من رعیته و من المشمولین لدولته و لا عبرة بغیره ممن بعد سلطانه أو ضعف حالة بحیث لم یبق له من رسم السلطنة إلا الاسم کبعض أولاد العلماء المتصدین لدرک الفتوی و لا یشترط فیه أن یکون متصدیاً لما یراد من إمام الحق و کونه ذا جماعات و أعیاد و رایات و روایات و طبل و قضاء و عمال و لا أن یکون من العامة المخالفین و لا أن یکون ممن یری أن أمر الأراضی و مصالح المسلمین بیده لإطلاق الدلیل و للزوم الحرج و الضیق و فساد نظام أکثر العالم لو اقتصرنا علی ذلک فإن أکثر أهل الأطراف متغلبون کخراسان و هند و کثیر من بلاد الإسلام و لزوم الخراج المتعدد و تحریم المعاملة علی ما یدخلهم من جهة التسلط حرج عظیم لأن اسم الجائر فی الأخبار و کلام

ص: 54

الأصحاب یعم کل متغلب طلب الاستقلال لنفسه و کذا لفظ السلطان کما یظهر من کلام أهل اللغة أیضاً و فی إسناد المقاسمة و الأخذ فی الروایات و قوله (علیه السلام) لو لم یأخذه لأخذه غیره و قوله (علیه السلام) فتصنع بخراج المسلمین ما ذا یدل علی عموم الحکم لکل سلطان و مع ذلک فالجائر غاصب ظالم فی أخذه ضامن للمال و لا یحل التصرف له بشی ء من الأرض من خراج أو مقاسمة أو إقطاع أو إحالة أو عطاء شی ء مما یأخذه من نمائها لأنه غاصب لمنصب الإمام (علیه السلام) و إن لزم الرجوع إلیه و جاز الأخذ منه إقطاعاً و خراجاً و لا منافاة بین حرمة تصرفه و وجوب الرجوع إلیه اقتصاراً فی حرمة التصرف بمال الغیر من دون إذنه علی مورد الیقین و جوز بعض المتأخرین التصرف للشیعة فقط فی الأرض الخراجیة فی حال الغیبة من دون رجوع إلی الحاکم الجور أو إلی حاکم الشرع استناداً إلی الأخبار المتکثرة الدالة علی أن الأرض لهم (علیهم السلام) و إن شیعتهم فی حل و رخصة من التصرف فیها عند عدم تمکنهم و إن ما کان فی أیدی غیرهم فإن کسبهم حرام حتی یقوم قائمهم (علیهم السلام) فیأخذ الارض من أیدیهم و یخرجهم منها صغره و لا معارض لها مما یدل علی حرمة التصرف بها حال الغیبة فیخص ما ورد من التوقف علی إذنهم بزمان وجودهم و بسط یدهم و هو جید إلا أن ظهور الأخبار فی أرض الموات بعد فهم الأصحاب منها ذلک مما لا یکون المحیص عنه.

و منها: إنا بعد ما قلنا أن المفتوحة عنوة تملک تبعاً لآثار التصرف المتجددة لا القدیمة لان حالها حالها إذا کانت فی زمن الفتح و إنها تنتقل تبعاً للملک فهل یراد بالآثار ما یعم الزراعة أو یختص بغیرها ظاهر الفتوی و جملة من الأدلة اختصاصها بغیرها و ظاهر بعض الأخبار و فتوی بعض الأخبار عموم ذلک للزراعة أیضاً مع قیام المشتری بخراجها و الأقوی الأول لانصراف العموم فی الفتوی و الروایة لغیر الزراعة و لقیام السیرة علی المنع من بیع أراضی المزارع و إجراء حکم الأملاک علیها و نقلها ما دام الزرع فیها علی أن یکون ملکها و نقلها کذلک محدودان بذلک الحد لا علی أن

ص: 55

الزرع مملک لها دائماً و النقل مملک له دائماً و یکون عودها لملک المسلمین بعد ذهاب آثار التصرف حکماً شرعیاً و علیه تنزل الأخبار المجوزة للشراء و لا بأس بذلک و إن کان بعیداً عن ظاهر النصوص و الفتاوی و هل یجب فی التصرف المملک أن یستند إلی إذن حاکم الجور أو الشرع إذا کان فی أرض الزراعة أو الغرس لأنه بدونه منهی عنه أو لا یشترط لان، حرمة التصرف لا تنافی الملک لأنه من الأسباب الشرعیة و الأحکام الوضعیة فلا تنافیه الحرمة العارضیة بل و الذاتیة وجهان و الأول أظهر و یظهر من بعضهم جواز بیع المفتوحة عنوة و إن لم یکن للبائع فیها أثر إذا قام المشتری بخراجها لما یظهر من بعض الأخبار ذلک و حمل أخبار النهی علی صورة ما لم یقم بذلک و یظهر منه أیضاً أن البیع جائز من دون توقف علی إذن حاکم الجور أو الشرع حال الغیبة و هو ضعیف مخالف لظاهر کافة فقهائنا (رحمه الله) و منها:

و منها: أنه لو اشتبهت الأرض المفتوحة عنوة بغیرها فالأصل أن لا تکون منها وضعاً و شرعاً إلا أن الظاهر الاکتفاء بالظن فی الحکم بها کذلک فیجوز لحاکم الشرع أخذ الخراج منها بمجرد الظن الناشئ عن قول المؤرخین أو الناشئ عن استمرار أخذ الخراج منها لإفادته الظن لا لأصالة الصحة أو الناشئ من استظهار کونها کذلک الناشئ من قدم عهدها و قربها للمسلمین و کونها فی أیدیهم بعد أن کانت فی أیدی الکفار أو الناشئ من أصالة عدم الاختصاص بالإمام (علیه السلام) و غیره مع قوة القول بالرجوع عند الشک إلی کونها للإمام (علیه السلام) لأصالة عدم الاشتراک و أصالة کون کل الأراضی للإمام (علیه السلام) إلا ما أخرجه الدلیل هذا إن وقع الشک بین کونها مفتوحة عنوة أو کونها للإمام (علیه السلام) من سائر الأراضی کالشک بینها و بین أرض الصلح إذا عقد الحاکم الشرعی أو الجائر معهم علی أن الأرض لهم کلهم أو لبعض دون بعض أو علی سبیل التوزیع أو علی أنها لنفسه أو بینهما و بین أرض الأمان عقد الأمان لهم أن الأرض لهم أو لغیرهم معیناً أو بینها و بین أرض من أسلم أهلها علیها طوعاً فأنفالهم ما داموا قائمین بعمارتها أحتمل هناک الحکم بتقدیم المفتوحة عنوة

ص: 56

لأصالة عدم الاختصاص و أحتمل عدمه لأصالة عدم الاشتراک سیما فیما کانت تحت ید أهلها فإن الید قاضیة بالاختصاص و علی کل تقدیر فالظاهر جواز الأخذ من خراجها لو أخذه الجائر حتی مع العلم بحالها لإطلاق الأدلة و أما أرض الصلح و الأمان إذا عقد الحاکم الشرعی أو حاکم الجور فی وجه قوی معهم أن الأرض للمسلمین فحکمها حکم المفتوحة عنوة و أما إذا عقد الحاکم معهم علی أن الأرض له (علیه السلام) و کانت الأرض ممن انجلی عنها أهلها أو کانت مما سلموها طوعاً من دون أن یوجف علیها بخیل أو رکاب أو کانت مما لا یعلم مالکها أو کانت من الموات عرفاً لانقطاع الماء عنها أو لاستیلائه علیها أو لاستیجامها أو لاندراس رسومها لاضمحلال أهلها أو لغیر ذلک فإن ذلک کله للإمام علیه السلام لا یجوز التصرف فیه حال الحضور و یجوز حال الغیبة للشیعة خاصة التصرف فیه مجاناً من دون لزوم دفع خراج أو حیازة و یملکه الحی بما یسمی أحباءً عرفاً ما لم یسبق علیه مجیراً أو کان حریماً لعامر إلی أن یظهر صاحبه له نفس الفداء فیعود الملک لأهله و کذا الحکم فیما استعد للعمارة لنفسه لانقطاع الماء عنه أو لزوال آجامه فی کونه للإمام (علیه السلام) و یجری فیه الکلام السابق و لو أخذ الجائر خراجاً من هذه الأراضی فالأظهر أجراء حکم الخراج علیه من جواز أخذه منه و لا یجوز للحاکم الشرعی أخذ الخراج منها بعد العلم بحالها.

و منها: أن الأظهر أن مکة مفتوحة عنوة لشهادة السیر و التواریخ بفتحها و إطلاق أهلها و تسمیتهم الطلقاء و للإجماع المنقول و لما ورد من إمضاء أمیر المؤمنین (علیه السلام) بیع دار عقیل و من بیع جماعة من الصحابة و عدم الإنکار علیهم و حینئذ فیجوز بیع دورها المتجددة أو المصاحبة لآثار متجددة سواء کانت فی ارض أموات أو معمورة و لا یجوز بیع دورها الباقیة علی حالها وقت الفتح لأنها للمسلمین کافة و منع الشیخ من جواز بیع دورها لتحریم منع الشیخ الحاج من سکناها المنقول علیه الإجماع بلفظ لا ینبغی و الوارد فیه إلا الأخبار المتکثرة ضعیف لا یعارض ما قدمنا و لا منافاة بین جواز ملکها و وجوب إیواء الوافدین من الحجاج و الزائرین احتراما لهم و إعظاماً

ص: 57

لحقهم بل ربما یکون ذلک شاهداً علی الملک إذا لم یتعلق بها حق الملک لما کان لتحریم منع الحاج خصوصیة و تساوت المسلمین فیه علی مقتضی القواعد و دعوی منع بیعها لکونها مسجد استناداً للآیة لأنه اسری به من بیت أم هانئ و لبعض الأخبار الضعیفة ضعیف لا یعارض ما قدمناه مع أنه یلزم إما کونها مسجداً مع انتقاء لوازمه و عدم احترامه أو کونه مسجداً مع إجراء حکم المساجد علیه و کلاهما بعید و مفتقر إلی دلیل قوی و لیس فلیس.

و منها: أن المأخوذ من المفتوح عنوة أو غیرها من المشترکات حتی الأوقاف العامة من طین أو لبن أو آجر أو حجر یملکه الأخذ بنیة الملک للسیرة القاضیة بإجراء حکم الأملاک علیه کان علیه أثر التصرف أو زال منه و لا یعود بزوال أثر التصرف إلی أصله و حینئذٍ فالأحجار المأخوذة من الأرض المفتوحة عنوة و المصنوعة منها و الطین المأخوذ للبناء مما یجری علیه حکم الملک فإذا وضع فی الأرض ملکت الأرض تبعاً له و یجوز بیعه مستقلًا و منضماً معمولًا أو غیر معمول کتراب بلد الحسین (علیه السلام) و شبهه.

و منها: أن الأظهر لزوم الخمس فی الأرض المفتوحة عنوة لعموم الغنیمة لها و ربما ظهر من بعضهم نقل الاتفاق علیه إلا أن الظاهر سقوطه فی زمن الغیبة و تحلیله للشیعة للأخبار الدالة علی تحلیل الأراضی التی هی لهم لشیعتهم و للسیرة المستمرة علی عدم إخراج خمسها فی الحضور و الغیبة مع عدم الإنکار من العلماء الأخیار.

و منها: أنه یجب دفع الخراج فی الأرض المفتوحة عنوة و ما فی حکمها إذا تصرف بها أحد بزرع أو غرس إلی الحاکم الجور سواء خاف منه بعدم الدفع أم لا و سواء کان مؤمناً أو مخالفاً و سواء کان ذا طبل و رایات أم لا إذا کان متغلباً قبل للإجماع محصلًا و ندرة المخالف لا تنافیه و منقولا و للروایات المعتبرة مع انجبارها بالإجماع و الشهرة و القدح فی دلالتها بردة التأمل فی عباراتها و فهم الفقهاء ذلک منها و حرمته علی الجائر و عماله و عدم دخوله فی ملکهم لا ینافی ذلک بعد إذن المالک الأصلی لما فیه من مصالح المسلمین و تقویة الدین و حفظ بیضة الإسلام و حقن الدماء و الأعراض و قطع موارد الفساد من الرعیة بتقویة السلطان المعد نفسه لجلب النفع و الأمان و اطمئنان أهل

ص: 58

البلدان فلا یجوز حینئذ الامتناع من دفع الحصة من الخراج أو المقاسمة إلیه و تحرم سرقتها و خیانتها و یجب دفع ثمنها بعد شرائها إلی الجائر و یجوز للجائر أن یبیع مال الخراج و المقاسمة و إن یحیل علیهما و یجوز لغیره قبضه منه للإجماع و المخالف شاذ و للأخبار و لفعل الأئمة (علیهم السلام) و تقریرهم إلا فیما إذا کان الأخذ من أعوانه و عماله أو دفعه لتقویة شوکته فإنه هناک یحرم علی أخذه و الخراج یتعلق بالذمة و له تعلق بالعین تعلق أرش الجنایة فی الخطأ بالجانی و المقاسمة تتعلق بالعین نفسها و هل یضمن الخراج من عطل الأرض من غیر أن ینتفع بها وجهان و لا یبعد الضمان و لو کان علی الأرض متغلبان أحتمل التخییر فی الدفع و أحتمل التوزیع و لو ضرب الخراج جائر فجاء آخر لزم الدفع إلیه و لو بعد الفراغ من الزراعة بل لو کان علی صاحب الأرض خراج من سنین متقدمة جاز دفعها للجائر الجدید إلا إذا کان الخراج قد صالح الحاکم علیه شخصاً و أخذ عوضه فإنه یجب تسلیمه ممن صالح الحاکم الأول کل سنة لسنتها و یجوز التوکیل عن حاکم الجور فی قبض الخراج و لا یجوز الولایة عنه و یجوز له إسقاط الخراج و دفعه عن صنف أو شخص سنة واحدة أن اختصت ولایته بتلک السنة و سنین متعددة إن لم تختص کالسلطان مع احتمال أن للأول ذلک لأن اختصاص الولایة بسنة واحدة لا یقضی باختصاص أثرها فی تلک السنة و یختص جواز أخذ الخراج من یده و شرائه و تقبله و التوکیل علیه بما إذا کان معتاداً أخذه لحکام الجور فإذا تجاوز المعتاد حرم أخذه الزائد کل وجه و لا یجب بل یحرم دفعه إلیه مع إمکان الامتناع لأنه إعانة علی الإثم و کل من یقبل سهم مقاسمة أو خراج جاز له و لا تحل خیانته و هو حلال بالنسبة إلیه ما لم یکن والیاً أو أخذ علی غیر المعتاد و لا یجب علی من تقبل خراجاً أو تملکه بأی نحو کان إرجاعه إلی أهله و لو عرفهم و مع عدم التمکن من الرجوع إلی الجائر العارض أو لعدمه رجع إلی الحاکم الشرعی لولایته علی مصالح المسلمین و یقوی القول بجواز الرجوع إلیه ابتداءً أما علی وجه التخییر سیما مع عدمه طلب حاکم الجور ذلک منه و مع عدم التقیة و احتمال تعین الرجوع لحاکم الجور الخراج لتقویة الجنود و العساکر المعدة لحفظ الطرق و رفع الفساد فیتولاه الجائر المعد لذلک

ص: 59

و لیس من أموال الفقراء و المؤمنین کی یتولاه ولی المساکین الذی لا طاقة له فی زمن الغیبة علی الخروج بالسیف و رفع الفساد قهراً أو هو الأقوی و احتمال تعین الرجوع لحاکم الشرع ضعیف و مع عدم التمکن من المحاکمین رجع إلی عدول المسلمین المتولین لمصالحهم فإن لم یکن عزلة و صرفه فی مصالح المسلمین مع احتمال سقوطه عنه لأصالة البراءة مع احتمال عدم دلیل علی ذلک و یجوز استئجار أرض المفتوحة عنوة من حاکم الجور و المزارعة علیها من المستأجر کما یجوز التصرف بها بإذنه مع دفع خراجها و یجوز خرص حصة السلطان من المقاسمة و الخراج و تقبلها بقدر معین بصیغة الصلح و القبالة بلفظ قبلتک کما یظهر من الأخبار و لا یجوز دفع الخراج من المفتوحة عنوة إلی غیر المتغلب علیها من المتغلبین علی بلدان أخر للأصل و لزوم الاقتصار علی مورد الیقین و بالجملة فحلیة أخذ الخراج من الحاکم و عماله إذا کان علی النحو المعتاد أو علی النحو الذی لو کان الإمام (علیه السلام) حاضرا لأخذ به بدیهی تقضی به السیرة القطعیة قولًا و عملًا من غیر تفاوت و بین کون الأخذ من الفقراء المحتاجین أو مما یدخل عطاؤه تحت مصالح المسلمین أو لا یدخل و بین ما یکون قبل قبض الجائر أو یکون بعده و یدل علی ذلک الأخبار الدالة علی جواز القبالة فی الخراج و الجزیة و جواز شرائه من حاکم الجور و استئجار الأرض و جواز قبول جوائز الظلمة و عمالهم و إنها حلال لأخذه و إن له المنهی و علیها الوزر و جواز قبول العطاء من بیت المال کما فی خبر أبی بکر الحضرمی و جواز الشراء من القاسم کما فی خبر الحذاء شراء تمر عین أبی زیاد و الظاهر أنه من الخراج کما فی خبر جمیل و غیر ذلک من الأخبار و أما لو لم یکن علی المعتاد حرم جمیعه للقاعدة و الأخبار أن أخذه دفعة واحدة و إن أخذه تدریجاً أحتمل حلیة الأول إلی أن یصل إلی القدر المعتاد و کذلک لا إشکال فی براءة الذمة من الخراج مع الدفع إلی حاکم الجور للسیرة و الأخبار نعم ربما یستشکل فی ظهور الدلیل علی وجوب دفعه إلی حاکم الجور و حرمة سرقته و غصبه سیما مع عدم التقیة و إجراء جمیع أحکام الخراج الصحیح علیه قبل قبضه و بعد قبضه و الظاهر أنه بعد الإجماع المنقول و فتوی الفحول و ما یظهر من بعض الأخبار کقوله و یصنع بخراج المسلمین ما ذا

ص: 60

لا إشکال فی إجراء حکم الخراج الصحیح علیه و لا یتفاوت بین کون الجائر مؤمناً أو مخالفاً و إن کانت الأدلة فی المخالف أظهر و یجری حکم الخراج للزکاة المأخوذة بحکم الجائر فیجوز شراؤها و قبولها و قبالتها للنصوص و الفتاوی و کذا شراء ما فیه الخمس ممن لا یخمس علی الأقوی و هذا المقام مما یستثنی من قاعدة أن المعاوضة لو فسد أحد أرکانها فسد جمیعه فیجری علی حاکم الجور أحکام البیع الفاسد بالنسبة إلیه و إلی عماله و تجری علی المشتری أحکام البیع الصحیح بالنسبة إلینا ثمناً أو مثمناً و لو أباح أحد الجائزین الخراج و طلبه الآخر أحتمل وجوب الدفع إلیه و احتمل عدمه و هو قوی و الظاهر أن الخراج المأخوذ من غیر المفتوحة عنوة لا یجب دفعه إلی تقیة و یجوز سرقته و لکنه یعادل معاملة الخراج الصحیح بعد دفعه إلی حاکم الجور و قبضه له بل و قیل تبعته له لاطلاق النصوص الواردة فی حکم الخراج فجمیع العقود المترتبة علی الخراج یجوز لنا التصرف فیها و لا یجوز له التصرف بشی ء منها و لو عاد الجائر مؤمناً بعد قبض الخراج لم یکن له التصرف فیه و یرجع أمره إلی الجائر الآخر و لو کان قد تصرف فیه فباعه علی شخص بقی ثمنه فی حکم الخراج و کانت عینه ملک المشتری فیجوز له التصرف فیها ما دام جائراً أو بعد ذلک.

ثانیها: و یشترط فی العوضین أن لا یکون أحدهما مجهولًا فی کل عقد لم یبنِ علی المسامحة
اشارة

کالبیع و الإجارة للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لورود النهی فی بعض المواضع و بالإجماع المرکب علی عدم الفرق یتم المطلوب و لقوله علیه السلام فی الخبر المعتبر المروی عن سید البشر نهی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عن بیع الغرر و هو معتضد بالفتوی و العمل فلا یضر ضعف سنده و لا دلالته من جهة أصل الیمین أو من جهة صیغته أو من جهة عموم البیع أو عموم الغرر أو معنی الغرر لظهوره فی التدلیس أو من جهة اقتضاء الفساد أو غیر ذلک و للنهی فی الصحیح عن بیع المکیل جزافاً و هو و إن کان بلفظ الکراهة إلا أن المراد منها التحریم بقرینة الفتوی و الإجماع و کذا الأخر لا یصلح للرجل أن یبیع بصاع غیر صاع المصروفی آخر لا یحل مع المنع فیه عن صاع البیت و فی آخر عن شراء ما یکال أو ما یوزن بغیر کیل و وزن فأجاب بنفی البأس إذا کاله البائع

ص: 61

و أخبر به و فی آخر عن الجص بکیل بعضه دون بعض فقال أما أن یأخذ کله بتصدیقه و أما أن یکیله کله فلا یجوز شراء المجهول جنساً أو نوعاً أو وصفاً أو کماً أو کیلًا أو وزناً أو عداً أو زماناً أو مکاناً أو شرطاً فیما یدخله الزمان و المکان و الشرط و تجویز البیع بحکم المشتری للروایة الدالة علی صحة ذلک و أنه إن لم یرض به البائع قومت فأعطی الزیادة أن کانت القیمة أزید و إن کانت أقل أعطی الزائد بالحکم و کذا تجویز بیع المشاهد فقط و إن کان مکیلًا أو موزوناً للأصل و عموم الأدلة و عدم دلیل صالح للمنع و لخصوص ما ورد من جواز البیع بمجرد اخبار البائع بالقدر و ما ورد من جوازه بمجرد اعتباره بمکیال و أخذ الباقی مجاناً کله ضعیف لإجمال الروایة الأولی و مخالفتها للفتوی و الإجماع المنقول و عدم انطباقها علی صحة البیع و إلا لما کمل الناقص عن القیمة فلا بد من طرحها أو الأخذ بها تعبداً مقتصرین علی نفس مضمونها غیر متعدین إلی غیره و أما الأصل و عموم الأدلة فهما مقطوعان بما تقدم من الأدلة و أما الأخبار الأخیرة فنحن نقول بها و لا تنافی اشتراط العلم فظهر بذلک ضعف ما ذهب إلیه المرتضی من جواز کون مال السلم مشاهداً و إن لم یکن معلوماً بالتقدیر و ما ذهب إلیه الشیخ من صحة بیع الجزاف و ما ذهب إلیه ابن الجنید من صحة بیع الجزاف إذا کان مرة ثمناً أو مثمناً و ما ذهب إلیه أیضاً من صحة القول ما لو قال بسعر ما بعت مع جهالة المشتری فیکون له الخیار إلی غیر ذلک من المذاهب.

و هنا أمور.
أحدها: لا یجوز البیع بالمعادلة

کمعادلة شی ء بشی ء أو بضعف شی ء أو بربعه و إن جرت علیه المعاملة لأنه لیس من الکیل و الوزن و الظاهر عدم الجواز حتی فی المعاطاة بناء علی أنها لا بیع مع احتمال اغتفار ذلک فیها و إن کانت بیعاً لبنائها علی المسامحة لکونها من العقود الجائزة لا اللازمة فیغتفر فیها ما لا یغتفر فیها و لا یجوز البیع أیضاً برائج المعادلة کقرش و بارة و ربع رومی لصدقة علی أفراد مختلفة جنساً و نوعاً إلا أن یثبت له عرف خاص فی شی ء خاص و لا یجوز بیع الذهب و الفضة إلا موزونین ما عدا المسکوک بسکة المعاملة المتعارفة فإنه یجوز جعله ثمناً و مثمناً و إن لم یعرف وزنه

ص: 62

أما لإلغاء الوزن فیه عادة ما دام علی حال السکة و أما لقیام السکة مقام الوزن فی المعلومیة لأن المدار علی ارتفاع الغرر و بها یرتفع الغرر عرفاً و أما الخروج المسکوک عن حکم الوزن للدلیل من جهة السیرة القطعیة علی المعاوضة علیه من غیر وزن و أما من جهة قیام معلومیة وزنه بین الناس و معرفة مقداره عند الصیارفة مقام العلم به حین المعاوضة.

ثانیها: یجب أن تعین کل مقدر من مکیل أو موزون أو معدود بما یناسبه مما هی المقبولة فی العادة العامة أو فی عادة تلک البلد

و إن یکون بالکیل المعتاد عامة أوفی تلک البلد و کذا الوزن کذلک فلا یجوز الاعتبار بکیل مجهول قدره بالنسبة إلی الکیل المعلوم و إن اصطلح علیه المتعاقدان قد أن أو رضیا به للإجماع المنقول و فتوی الفحول و للخبر الناهی عن ذلک و لا بالوزن المجهول بالنسبة إلی الوزن المعتاد لما ذکرناه و مثلهما العدد المجهول عند المتعاقدین کأن یبیعه عدداً من الجوز له نصف و لنصفه نصف أو أقل عدد له ذلک لمن لا یعرف الحساب للزوم الغرر و یلزم البیان عند اشتراک لفظ الکیل بین أفراد کما إذا تعددت الصیوان أو اشترک لفظ الوزن کما إذا تعدد مصداق الرطل للزوم الغرر بدونه ذلک و هل یشترط لمن لم یکن من أهل بلد خاص أن یعرف عند الشراء منهم قدر نسبة کیلهم لکیله و وزنهم للوزن الذی فی بلده للزوم الغرر لولاه أولا یشترط لأنه رجوع للوزن المعتاد و إن لم یکن من أهله أو یفرق بین مشاهدة المبیع فیکتفی به و بین عدمها فلا یکتفی به وجوه أقواها الأخیر و الأحوط توکیل المشتری لصاحب البلد فی الشراء هذا کله أن اشتری المشتری بکیل تلک البلد أو وزنها کما هو المعتاد و المنصرف إلیه إطلاق العقد و إلا لزمه البیان و بدونه یلزم البطلان و مثله ما لو اختلف الوزن أو الکیل فی بلدهما و کانا فی بریة أو طریق و علماً الاختلاف فإنه یبطل العقد مع عدم البیان و قصد المعین و کذا مع الجهل و اختلاف القصد نعم لو أوقعاه فی بلد انصرف إلی التقدیر بکیله أو وزنه ما لم یقصد خلافه سیما مع موافقة البلد لأحدهما و لو عرفا کل منهما کیل بلد الأخر و وزنه و أطلقا من غیر قصد احتمل البطلان للإجمال و الصحة حملًا له علی بلد العقد مع الموافقة و علی ما کان أقرب

ص: 63

إلیها أو ما کان أشهر و أعظم و علی بلد البائع فی مبیعه و المشتری فی ثمنه أو الأخذ بالأقل للأصل و بالزائد للاحتیاط أو القرعة أو التخییر و مثلا ما لو قصدا معیناً فجهلا ما قصداه و الوجوه الأربعة الأخیرة أوفق بالاحتمال هنا من احتمالها هناک:

ثالثها: یجوز بیع الجزاف مکیلًا و موزوناً مع المشاهدة

لعدم الغرر و بدون المشاهدة لا یجوز للزوم الغرر لأن ما جرت العادة بمشاهدته کالحطب و التبن و الماء لا یرتفع الغرر ببیعه إلا بها لعدم العلم بقدر الرطل و المن و لا یجوز بیع ما جرت العادة بکیله أو وزنه أو عدّه جزافاً کما تقدم إلا إذا کان یباع فی العبارة بکل منهما فالتخییر و لو اختلفت البلدان فالمدار علی بلد العقد مع اتفاقها مع بلد المتعاقدین أو أحدهما و مع اختلافها مع بلد المتعاقدین معاً فلا یبعد تقدیم بلدهما و لو اختلفت بلدان العقد فلکل بلد حکمه و لو أختلف بلد المتعاقدین فی و شبهها لزم الاعتبار و ترجیحاً لجانب المقدر فی بلده مخافة الجهالة مع احتمال التخییر بین اتباع کل منهما لبلد الآخر أو القرعة أو ترجیح الأقرب أو الأعظم من البلدین أو اتباع بلد البائع فی مبیعه و المشتری فی ثمنه و لو أطلقا لفظاً کلفظ الحمل و شبهه مشترکاً بین الجزاف و المقدر و کان کل منهما من بلد فی أحدهما الجزاف و فی الآخر المقدر أحتمل البطلان و أحتمل ترجیح المقدر مع علمهما بالاختلاف و أحتمل الأخذ بالأقل و أحتمل الأخذ بالأکثر و أحتمل الترجیح بالأقربیة و الأعظمیة و أحتمل ترجیح البائع فی مبیعه و المشتری فی ثمنه و کذا لو عینا فاشتبه ما عیناه أحتمل القرعة و الوجوه الباقیة و فیها البعض المقدم علی البعض و لو اختلفت العادة بحسب الزمان جری علی کل زمان حکمه أخذاً بالقواعد و عموم الأدلة و إطلاق لفظ المشتق و صدقة إلا انه قد نقل الإجماع علی لزوم اتباع ما کان فی عصر النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) من الجواز و اللزوم فما جاز بیعه جازفاً جاز جزافاً و إن جرت العادة بکیله أو وزنه و ما لزم تقدیره لزم تقدیره و ما یباع جزافاً لزم تقدیره أیضاً علی نحو ما قدر و إن جرت العادة علی تقدیره بخلافه فیکون البیع تبعاً للعادة باطلا أمّا الحنطة و الشعیر فیجوز بیعهما وزناً و إن کانا فی عهده مکیلین للإجماع المنقول أیضاً فیخص به الإجماع المتقدم و لو لا الإجماع المنقول و الإذعان له من الفحول فی الأول

ص: 64

لمنعناه من جهة لزوم الغرر فی أکثر الموارد و علی الأخذ به فالرجوع للعادة إنما یصح فی مقام جهل حاله فی زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أصلًا و فی مقام یعلم تقدیره و لکن یشک فی الخصوصیة مع احتمال أنه مع الجهل بالخصوصیة یقدم الوزن لأصالته أو احتمال أن یقدم الکیل لغلبته و احتمال التخییر و احتمال القرعة لاستخراجه و هل یراد بما کان فی زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی بلاده خاصة أو فیما أقر أهله علیه کل فی بلده فکل بلد یتبعها حکمها أو أنه إذا اختلفت فی زمنه البلدان و قد أقر الجمیع ممن باع جزافاً و باع مقدراً جاء التخییر إذ المدار علی العادة العامة فی زمنه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) وجوه أقواها الأول و الأخیر هذا کله فی الجزاف و المقدر و أما المقدر نفسه فهل یقوم بعضه مقام بعض لحصول العلم فی الجملة و اندفاع الغرر بالتقدیر فی الجملة أولا یقوم لأن العدول عما جرت به العادة علی نحو خاص إلی غیره غرر عظیم وجهان أقواهما الأخیر و فی السرائر عدم الخلاف فی منع بیع الموزون کیلًا فیلزمه منعه عدا بل منع المکیل کذلک بالأولی إلا أن یعرف أحدهما من الآخر فینتقل منه إلیه کما إذا عرف وزن الموزون بکیله بالکیلة الخاصة لغیره أو کیله بوزنه بالوزن الخاص بغیره أن عده بوزنه أو کیله بالوزن أو الکیل الخاصین بغیره و یکون التفاوت الیسیر مغتفراً کاغتفار التفاوت الیسیر فی الموازین و المکائیل کما ورد فی الأخبار من جواز أخذ ما تقدر وزنه أو عده باعتبار فی إناء واحد و أخذ الباقی بحسابه و الظاهر أن المناط هو التعذر أو التعسر کما یظهر من کلام جملة منهم فیلزم الاقتصار علی موردها و یظهر من بعض أصحابنا جواز بیع المکیل و المعدود وزناً لأنه الأصل فی التقدیر فیندفع الغرر به و لروایة وهب الدالة علی جواز سلم ما یکال فیما بوزن و بالعکس و من بعض آخر جواز بیع الموزون کیلًا لروایة وهب و کلاهما ضعیف لعدم اندفاع الغرر و للإجماع المنقول علی منع الأخیر و لعدم دلالة الروایة علی جواز العدول و إنما موردها جواز سلم شی ء فی شی ء لا العدول عن الشی ء إلی الشی ء.

ص: 65

رابعها: یجوز الاعتماد علی خبر البائع فی الکیل و الوزن

و لو کان فاسقاً للأخبار الدالة بإطلاقها علی ذلک و یجوز الاعتماد علی شهادة العدلین و فی الاکتفاء بالعدل الواحد الأجنبی قوة و أما غیر العدل فإشکال و إذا تعذر التقدیر لعدم إمکانه لعارض فهل یحرم البیع و یجب الرجوع إلی الصلح و الهبة المعوضة أو یجوز لعموم ما لا یدرک و لان الضرورات تبیح المحذورات و الأقوی الأول و قد یستنبط مما قدمنا من جواز أخذ الموزون و المعدود کیلًا بعد اعتبارهما بمکیال و أخذ الباقی بحسابه أن الضرورة مما تجوز بیع المجهول فیکون أصلًا فی المقام إلا أنا بعد ما ذکرنا أن ذلک طریق من طرق العلم بالمقدر بینه الشرع للتخفیف و التفاوت الیسیر مغتفر لم تبق فی الروایتین دلالة علی ما ذکرنا و یجوز التعویل علی خبر العدل فی بیان الکیل المتعارف بهذا المقدار و ان هذه هی الکیلة المتعارفة أو إن معیار الوزن المتعارف هذا و فی قبول الفاسق منع الاطمئنان وجه قوی و لو جعل حاکم الوقت للکیل أو الوزن معیاراً جدیدا ففی جواز الأخذ به قبل شیوعیة و قبل معرفة نسبته للمعیار الأول إشکال و لو اختلف حال الشی ء باختلاف محاله بحسب العادة من الجزاف و التقدیر کالثمرة قبل الجذ و بعده اختلف حکمها و کذا لو اختلف باعتبار وصفه کقطع الحدید الکبار التی یمکن فی العادة وزنها أو کالصغار جداً لو ساغ بیعها لغرض اختلف حکم التقدیر و عدمه باختلافه و لو وقع عقد صالح للبیع و الصلح إلا أنه فی البیع أظهر و کان علی مجهول فهل یقدم الظاهر و یحکم بالفساد أو یقدم أصل الصحة فیحکم بصحته صلحاً وجهان و الأظهر الأول و یخرج المقدر عن لزوم التقدیر فی الذهب و الفضة و الصفر بخروجها عن کیفیتها و صیرورتها حلیة لسیف أو طلاءً أو نقشاً للباس و نحو ذلک.

خامسها: إذا اجتمعت عدة أشیاء موزونة أو عدة مکیلة فهل یجوز بیعها بمعیار واحد

نظراً إلی أن المجموع معلوم القدر أو لا یجوز نظراً إلی الجهالة بالنسبة إلی کل فرد فرد و الأقوی الأول فیما إذا کانت الموزونات متقاربة فی القیمة و شبهها و أما لو لم تکن کذلک کجمع ذهب و ملح بمیزان واحد و بیعه جملة فیقوی الأشکال فیه و لو اجتمع موزون و غیر موزون فهل یجوز بیع الجمیع بوزنه کبیع الظراف و السمن و الطعام و إنائه

ص: 66

بأن یوزن الجمیع فیباع أو لا یجوز و الأظهر العدم لمکان الغرر هذا کله إذا کان المضمم مما یقوم عادة و أما ما لا یتقوم کالتراب و الذهب فوزنه معه لا فائدة فیه فلا إشکال فی عدم الاکتفاء بوزنه معه کما أنه لا إشکال فی جواز وزن الظرف مع المظروف إذا صار کالجزء له أصالة کقشر الجوز و شبهه أو عارضاً مما صار معه کالشی ء الواحد و یجوز الإنذار للظروف بما تجری العادة بقدره قبل العقد فیوقع العقد علی قدر المظروف حدساً بعد حط قدر الظرف کذلک منه و یختص ذلک فیما یحتمل الزیادة و النقصان و الموافقة بعد الإنذار فلو قطع بالزیادة أو النقیصة أو أحدهما بطل البیع ابتداءً و توقف علی التراضی إذا کان وفاءً لبیع متقدم و لا یختص الإنذار بما إذا تقدم العقد علی معین مشتمل علیه قطعاً أو کلی و کان هو وفاؤه بل یعم المتقدم و المتأخر خلافاً لمن خصه باللاحق للعقد تفصیاً عن الوقوع فی الغرر دون السابق فإنه لا یصلح إلا بعقد صلح و شبهه ما لا تفسده الجهالة و جواز الإنذار و إن وردت به الأخبار فی مقامات خاصة کموثقة حنان فی زقاق الزیت و روایة البطائنی فیها و فی ظرف السمن و روایة قرب الإسناد فی الجوالق و الناسیة و فیهما اشتراط التراضی إلا أنه بتنقیح المناط و باندفاع الغرر عرفاً یسری الحکم إلی کل ظرف و مظروف عادة من مائع أو جامد متصل به اتصال الجزء أو لا ما لم تکن ظرفیته له غیر معتادة کوضع الطعام فی حب و وزنه أو وضع ما لا یظرف فی ظرف غیر معتاد و وزنه کذلک بل قد یسری الحکم إلی إنذار مظروفات تعلق القصد بظروفها و إلی إنذار خلیط أو وسخ أو شبهها و لا یتوقف الإنذار علی التراضی لأن الناس مسلطون علی أموالهم و إن کان أحوط لظاهر بعض الأخبار و إن کان الإنذار للزائد فلا شک فی لزوم التراضی للنص و الفتوی إذا کان الإنذار من المشتری و لو کان للناقض فظاهر جملة من أصحابنا عدم التوقف علی التراضی لأن الإنذار حق للمشتری فله إسقاطه و إن أضربه و هو حق لو کان الإنذار بید المشتری و أما لو کان بید البائع أو مشترکاً بینهما کان حکمه حکم إنذار الزائد و الظاهر أن الزائد و الناقص سواء فی کون أحدهما مضراً بالبائع و الآخر بالمشتری و فی کون کل منهما إذا أراد إسقاط حقه أسقطه و فی کون الآخر لا یسقط صاحبه إلا برضاه.

ص: 67

سادسها: لو کان المقصود من أحد العوضین الشم أو الذوق أو اللمس أو الطعم

و کانت أفراده مختلفة اختلافاً بیناً من الاتصاف به و عدمه و من الاتصاف بقلیلة و کثیرة وجب اختیاره قبل البیع بما یرفع الجهالة من ذوق و لمس و شم و طعم أو بما یرفعها من وصفه علی لسان أحد المتعاقدین أو غیرهما عدلًا أو لا علی إشکال فإن طابق الوصف فلا کلام و إلا ثبت خیار الوصف و لو کان المقصود منه ما قدمناه لا یختلف غالباً و إنما یحصل الاختلاف له لحصول العوارض من طول البقاء أو قرب النداوة أو وقوعه فی الماء أو شبه ذلک فالأظهر عدم وجوب الاختبار و لا لزوم الوصف بل یجوز الإقدام علی مقتضی أصل الصحة و یصح البیع فإن ظهر علی خلاف المعتاد من الاتصاف بالعیب أو الرداءة المورثة غبنا کان له الخیار و إلا لزم البیع و علی ذلک جرت السیرة فی جمیع أنواع البیوع من جمیع أفراد المبیع و لو لا ذلک لما صح بیع و الخبر المشتمل علی سؤال الصادق (علیه السلام) ممن یشتری ما یذاق مذوقه قبل أن یشتری و الجواب بنعم فلیذقه و لا تذوقن ما لا یشتری مع الإغماض عن سنده ظاهر فی بیان المنع عن ذوق مال الغیر بغیر إذنه إلا مع قرینة الفحوی کإرادة الشراء و من حکم من الأصحاب بالفساد مع عدم الاختبار أراد به عدم اللزوم بقرینة تذیله فی کلام من یعتد به بأنه مع عدم انطباق الوصف یثبت الخیار و من حکم بالفساد حقیقة مطلقاً أو بالفساد مع عدم المشاهدة أو بالفساد مع إمکان الاختبار دون ما کان مع عدمه فقد خالف المشهور نقلًا بل تحصیلًا و خرج من القواعد فتوی و دلیلًا و هذا الکلام کله فیما یمکن فیه الاختبار و أما ما لا یمکن فیه الاختبار من جهة المختبر أو من جهة المختبر فالظاهر سقوط الخلاف المتقدم فیه رأسا و لو أدی اختباره إلی فساده کالبیض و کثیر حمالة قشر یفسد بنزعه عنه جاز أخذه نقلًا و انتقالًا من دون اختبار بناء علی أصالة الصحة و لزوم البیع فیه لعموم الأدلة و فتوی المشهور خلافاً لمن اشترط فی صحة النقل اشتراط الصحة ناقلًا علیه الإجماع و اشتراطها مع اشتراط البراءة من العیوب أو اشتراط أحدهما لا بعینة مطلقاً أو فی خصوص الأعمی لعدم الدلیل علی ذلک کله سوی احتمال ظهور فساد البیع بالمرة فینبغی أحد رکنی المعاوضة و ذلک باعث علی عدم قصد المعاوضة ابتداءً و ظهور

ص: 68

عیب فیه فیلزم الجهالة و هما ضعیفان کما لا یخفی و الظاهر أن ترتب الضرر لیس علة تأمله فی تسویغ البیع من دون اختیار لإمکان اندفاعه بالصلح و نحوه فیقتصر فیه علی ما جرت العادة ببیعه کذلک و ما أفتی به المشایخ و جرت علیه السیرة فلا یسری لما أدی اختباره إلی مشقة أو إلی بذل مال أو إلی خلاف تقیة أو إلی تفاوت رغبته بل هناک من العدول من البیع إلی غیره و لا یؤثر شرط الصحة أثر فی الصحة بعد أن یکون المبیع مجهولًا ابتداءً لأن الغرر لا یدفعه الشرط ثمّ أنه لو أخذه المشتری فکسره فخرج معیباً قبل العقد أو بعده قبل القبض سقط خیار الرد و کان له الأرش علی الأظهر فیهما و إن کان لمکسوره قیمة سقط الأرش أیضاً و لزم إرجاع الثمن لأنه أکل مال بالباطل سواء اشترط البراءة من العیب أو لم یشترط أو التردد فیه من بعضهم من جهة بذل الثمن علی کل حال ضعیف جداً سواء اشترط البراءة أو لم یشترط و هل ینکشف فساد العقد من أصله فالنماء للبائع و علیه مئونة حمل الرصاص لأنه ماله و قد أدخل علی غیره الغرر فیه أو من حینه لصحة البیع ظاهر قبل الکسر فالنماء للمشتری و علیه مئونة حمل الرصاص لأنه ماله إلی حین الکسر و بعد الکسر إنما صار للبائع بفعل المشتری لا بتقصیر البائع أو لأنه بعد الکسر لیس لأحد لعدم ملکه لأحد و إخراجه عن ملک أیضاً بفعل المشتری مع احتمال أنه علی المشتری علی کل حال لأن الحمل لمصلحة لا بأمر البائع و لا بغروره أو احتمال أنه علی البائع مطلقاً لأن الحمل إنما جاء من غروره و الغرر من قبله و المغرور یرجع علی من غره إلا إذا اشترط البائع عدم مئونة النقل و یجوز بیع المسک بعد الفتق للأصل و العموم و الإجماع بقسمیه لأن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کان یتطیب به و للسیرة و النص الدال علی ذلک و ما یتوهم من القول بتنجیسه لإبانته من حی و لکونه دماً مردود بمنع کونه قطعة مبانة و إنما یلقیه الغزال کما یلقی الطائر و لو سلم فلا نسلم بنجاسته ما فی نفس الجلد إلا بعد ثبوت ملاقاتها للمسک بعد الاستحالة برطوبة و هو ممنوع و بمنع کونه دماً بعد الاستحالة و قبلها لا یضر و یجوز بیعه فی فارة و لأن لم ینفتق و لا یضر جهالته بجهالته وزن الجلد بعد وزنه معه و لا عدم العلم بالصحة و الفساد للأصل و ارتفاع الغرر بالبناء علی أصل الصحة و للسیرة

ص: 69

القاضیة بذلک و لدخوله تحت ما یفسده الاختبار و لدخول الجلد معه دخول الجزء فی البیع فیصح وزنه معه و نسب الجواز هاهنا إلی؟ الشی ء بل نقل انه لا خلاف فیه و مع ذلک فاختباره بالشم أحوط و یکون ذلک بإدخال خیط فیه و نحوه و شمه و قد یجری حکم المسک لصدف اللؤلؤ إلا أن الأحوط کسره قبل البیع أو العدول إلی الصلح و شبهه.

سابعها: روایة رؤیة بعض المبیع أو ذوقه أو شمه أو وصفه بما یرفع الجهالة کافیة فی اندفاع الغرر

و صحة البیع للسیرة و لزوم العسر و الحرج لو لا ذلک و لدلالة الجزء علی الکل و الظاهر علی الباطن غالباً فیرتفع الغرر المنهی عنه فیصح بیع المائعات مع رؤیة ظاهرها و کذا الأرض و الدار و العقار و الحنطة و الشعیر و کلما تعذر أو تعسر اختیار باطنه کالنباتات و المرکبات و الحبوب و الأدهان المجتمعات ثمّ بعد معرفة الظاهر فإن طابقه الباطن فلا کلام و إلا فإن خرج عن القول تبعضت الصفقة و إن خرج عن المطابقة بزیادة کان للبائع الخیار مع جهله و إن خرج بنقیصة کان للمشتری الخیار کذلک و إن خرج معیباً کان له الخیار العیب فلو اشترط شیئاً فخرج اختلافه کان له خیار الشرط و هکذا و مثل ذلک ما لم یشاهد المشتری أو البائع ما انتقل الیهما فإنه یکتفی بالوصف الرافع للجهالة من بیان نوعه و صنفه و کل وصف تختلف القیم و الرغبات باختلافه من غیر خلاف یعرف فإن وجد المنتقل إلیه بعد ما قبضه مطابقاً للوصف فلا کلام و إلا ثبت له الخیار مع الجهل و ثبت للمنتقل عنه أیضاً الخیار مع ظهور الزیادة و الجهل بها و یأتی تمام الکلام فی خیار الرؤیة إن شاء الله تعالی و کل ما لا یدل جزؤه علی کله و لا ظاهره علی باطنه کصبرة البطیخ و الخیار و سلة العنب و نحوها لم یجز الاکتفاء برؤیة جزئه و لا ظاهره للزوم الغرر و لو أری البائع المشتری کفاً من حنطة فباعه وزنة منها علی أن یکون المرئی داخل صح و إن باعه علی أن یکون المبیع مثله احتمل الصحة لأنه نوع طریق إلی معرفة البیع فیندفع به الغرر عرفاً و احتمل الفساد لأنه باع بلا وصف و لا رؤیة للمبیع لا کلا و لا جزءاً فیکون داخلًا فی قسم المجهول مشمولًا لأدلة الغرر و احتمل الفرق بین ما یطمئن بوجوده للرجوع إلیه عند

ص: 70

النزاع فیصح و بین ما لا یطمئن فیفسد و احتمل الفرق بین کون المبیع کلیاً قد مثله بما فی کفه فیفسد و بین کونه شخصیاً فیصح و هذا الأخیر أقوی.

ثامنها: لو باع فرداً من أفراد القیمی مردداً بین فردین أو أکثر

بطل للغرر و للشک فی شمول أدلة البیع عموماً و خصوصاً له و تنزیله علی الإشاعة غیر معقول لا من جهة العقد و لا من جهة المعقود علیه و علی الفرد المردد لا یدفع الغرر نعم یجوز ذلک فی التکلیف و الفرق بینهما ظاهر نعم یمکن تنزیله علی الکلیة فی غیر المحصور مع انضباط وصفه أما فی المحصور فإرادة الکلیة منه تؤول إلی الغرر أیضاً و أما المثلیات فلا یصح بیع فرد منها مردد کبیع أحد الأصواع سواء اجتمعت أو تفرقت للإبهام و الغرر عرفاً و یصح بیع کلی منها کبیع صاع کلی من هذه الاصواع سواء کانت مجتمعة أو متفرقة لارتفاع الإبهام عرفاً فیها دون القیمیات و المسألة تدور مدار العرف فیما لم یقم علیه دلیل خاص من الشرع و هل ینزل بیع الکلی علی الإشاعة فیکون بمنزلة الکسر المعلوم فلو تلف من المجموع شی ء سقط بحسابه او ینزل علی الفرد المضمون فیبقی المبیع ما بقی صاع إلا أن ینقص عنه فیکون من تلف المبیع قبل قبضه وجهان و الأقوی الأخیر لحکم العرف بذلک و لفتوی الاکثر و لأصالة الوجوب علی البائع فی وجه و لخبر إلا أن الدال علی أن الباقی بعد الحرق للبائع و یسری لغیره بتنقیح المناط هذا مع الإطلاق و أما مع التصریح فالحکم تابع لما وقع التصریح به و یصح بیع المشاع کالربع و الخمس تساوت أجزاء المبیع أو اختلفت إذا کان المجموع معلوماً لئلا یجهل المبیع للأصل و الإجماع بقسمیه و ینزل علی الإشاعة مع الإطلاق قضاءً لحق العرف إلا مع التصریح بارادة الغرر المضمون منه فیعود کالکلی المراد منه فرداً مضموناً و یجری علیه حکمه و لو کان المشاع مما یفتقر إلی حساب لا یعرفه أحدهما بطل للجهالة و هل یشترط فی بیع الکلی من شی ء مشتمل علیه کالصاع من الصبرة العلم باشتمالها علیه کما یظهر من بعضهم أو لا یشترط أو یشترط مع قصد الإشاعة دون الفرد المضمون وجوه أوجهها الوسط للأصل و عموم الأدلة قیل و للإجماع منقولًا علی الإطلاق و محصلًا مع عدم البناء علی الإشاعة و لا یتفاوت بین ظن الاشتمال أو الشک أو ظن عدمه علی

ص: 71

إشکال فی الاخیرین و لا تفاوت أیضاً بین ظهور الاشتمال بعد ذلک علی الصاع و بین عدمه فثبت للمشتری خیار التبعیض علی الأظهر و لا یصح بیع صبره مشتمله علی صیعان مجهوله و لا بیع صیعانها کل صاع بکذا مع جهالة مقدارها للغرر و یصح بیعها مع العلم جملة و کل صاع منها بکذا أو صاع واحد منها علی سبیل الإشاعة او الفرد الرد المضمون ککسر منها مشاعاً معلوماً و لا یصح بیع کل قفیز منها بکذا مع عدم ضبط قدر الأقفزة و لو باع ذراعاً من أرض أو ثوب یعلمان قدرهما مع قصد الإشاعة اختلفت أجزاؤهما أو تماثلت جاز و مع الإطلاق ینزل علی الإشاعة علی الظاهر و لو قصدا معیناً من غیر تعیین کلیاً مضموناً منها بطل للإبهام فی الأول و لاختلاف الأغراض فی الثانی و للإجماع المنقول و لو عین الذراع مبدأً أو آخراً أو وسطاً أو کونه من أول الثوب أو آخره أو وسطه جاز لعدم الغرر و لفتوی المشهور بل نسب للأصل و فی الفرق بینه و بین الکلی إشکال لأن تعیین الذراع مبدأ الثوب قبل ذرعه لا یعلم قدره منه حین البیع فیعود کالکلی.

تاسعها: لا یصح البیع مع إبهام السلوک و المشرب و سائر الحقوق اللازمة ما لم ینصرف إلیها إطلاق البیع أو یقول تملکها بحقوقها

فإنه یصح للأصل و ارتفاع الضرر الناشئ من الجهالة و یثبت للمشتری السلوک للاستطراق و الشرب من جمیع الجوانب و یقوی القول بأن الإبهام أن کان بتردید لفظی أو قصدی بطل و إن کان للاطلاق صح و یدخل ما یتوقف علیه منفعة الاستطراق تبعاً و یکون الخیار للبائع فی تعیینه فیکون الفرق بین المطلق و العام هو کون الخیار للبائع فی الأول و للمشتری فی الثانی.

عاشرها: لا یصح بیع المجهول انضمامه إلی المعلوم جزءاً أو شرطاً اصالة أو تبعاً إذا جی ء به بلفظه

و لم یکن من توابع المبیع الداخلة فیه تبعاً عرفاً أو من الشرائط الخارجة مما یتعلق بالعوضین و لیست مقصودة أو لا و بالذات فلا یصح بیع الصوف و الجلد علی ظهر الغنم منضمین إلی غیره و لا بیع ما تحت الجلد من لحم أو شحم أو عظم منضماً إلی ما علی الظهر أو إلی غیره من الأعیان أو المنافع الخارجة إلا إذا انضم إلی الحیوان نفسه فإنه لا بأس به لعده مبیعا واحداً و لا بیع الحمل منضماً إلی غیر أمه

ص: 72

و یجوز منضماً إلی أصله علی وجه الشرطیة و الجزئیة التابعة لمکان الضرورة و الإجماع المنقول و ما ورد من جواز بیع الحمل منضماً إلی الصوف ضعیف جداً و هل یجوز بیع الصوف و الشعر علی الظهر منفردین مطلقاً للأصل و العمومات و الخبر المجوز لبیع الصوف منضماً إلی الحمل فبدونه بطریق أولی للإجماع المنقول أو لا یجوز مطلقاً لدلیل الغرر و ضعف الإجماع و الخبر لمخالفتهما علی ما نقل لما اشتهر و قیاسه علی الثمر فوق الشجر من القیاس الغیر المعتبر أو یجوز مع اشتراط الجز أو بلوغ أوانه و لا یجوز مع عدمه لاستلزامه اختلاط المالین فیؤول إلی النزاع أقوال و فی الأول قوة و لا یجوز بیع السمک مع عدم مشاهدته و جهالته و لو منضماً إلی غیره من قصب الآجام أو غیره من سمک أو غیره و لا بیع اللبن فی الضرع و لو منضماً إلی لبن محلوب أو إلی غیره سواء فی ذلک أصالة القصد إلیهما أو تبعیة أحدهما و أصالة الآخر کله لدلیل نفی الغرر و فتوی الأشهر و للإجماع المنقول علی منع بیع السمک علی جهة الإطلاق و للزوم جواز بیع کل مجهول ضم إلی معلوم و هو مناف للنصوص و الفتاوی و لیس للسمک و اللبن خصوصیة و قیل بالجواز استناداً لأخبار ضعیفة سنداً و جملة منها غیر صریحة الدلالة و إلی إجماعات منقولة لا یعتمد علیها مع فتوی المشهور بخلافها فالأخذ بها أو تنزیلها علی ما إذا کانت الضمیمة مقصودة بالأصالة لا معنی له مع وجود معارض أقوی لها و مع ضعفها سنداً و ورود بعضها فی بیع الأجمة لا السمک و الصحیح منها مرمی بالإجمال لقیام الاحتمال و الموثق منها قابل للحمل علی الوعد و المساومة لا تصلح لإثبات حکم مخالف لفتوی المشهور و القواعد المحکمة و الأصول المتقنة.

حادی عشرها: حیث حکمنا بالبطلان فی بیع المجهول لزم علی کل من المتعاقدین الضمان

فیضمن العین کل منهما مع تلفها أو امتناعها و حجبها بقبضه أو قبض وکیله الجاهل عالماً کان أو جاهلًا قبض بإذن من الناقل أو بدونها للإجماع المنقول و لقاعدة ما یضمن بصحیحه یضمن بفاسده و لاحترام مال المسلم و إقدام کل منهما علی طبیعة الضمان لا بقصد الجواز و للزوم أکل المال بالباطل لولاه و یجب رد العین مع الإمکان ورد البدل مع عدمه لعموم لا یسقط المیسور و للإجماع بقسمیه و لدخوله تحت علی

ص: 73

الید ما أخذت حتی تؤدی لکونه تأدیة عرفاً و دعوی ظهورها فی رد العین أو فی خصوص الغصب ممنوع فیضمن المنقول إلیه مع عدم غروره من جهة الناقل المثل لأنه أقرب فی البدلیة إذا کان مثلیاً عرفا و إذا کان له مثل و لو کان قیمیاً فی وجه مع عدم التفاحش بین قیمة المثل وقت الاتلاف و قیمته الاستیفاء و مع التفاحش فالرجوع إلی القیمة لنفی الضرار وجه قوی فإن لم یوجد المثل انتقل إلی القیمة حین الاعواز أو حین المطالبة أو حین الاستیفاء و هو الأظهر و الأعلی ما بینها هو الأحوط و یضمن القیمة إذا کان قیمیاً وقت التلف و هو الأظهر الأشهر لأنه زمن الانتقال إلیها أو وقت القبض لتعلق الخطاب بالقیمة مرتبة علی العین حقیقة و لحدیث البغل و نسب للأکثر و هو قوی إلا أن الأول أظهر و یضمن أعلی القیم ما بین القبض و التلف لانتقال القیمة باختلاف أحوالها إلی المالک فیملک أعلاها و لحدیث البغل و للاحتیاط و نسب للاشهر و هو ضعیف لمنع ضمان القیم مع وجود العین و منع دلالة حدیث البغل و الاحتیاط لا یفید لزوماً أو أعلاها بین القبض و الاستیفاء أو أعلاها ما بین التلف و الاستیفاء أو یضمن قیمة وقت الاستیفاء أقوال و وجوه أکثرها سیما الأخیرة ضعیفة و علیه مع رد العین ارش نقصها و ضمان منافعها و نمائها و بذل أجرة الرد و لو زادها عیناً أو صفة کالعین کانت له و فی مقام یمکن فیه الشرکة یکون شریکاً و لو کانت بفعل الله تعالی فللمالک و لا یرجع علی المالک بغیر إعانة علی العین أو إتلافه أو انفاقه مع عدم کونه مغروراً من قبله بتدلیس و شبهه للأصل و علم المالک و جهل القابض لیس من الغرور لتفریطه بجهله فلیس مغرورا.

القول فی الخیارات:

اشارة

و هو حقیقة شرعیة أو متشرعیة فی ملک إقرار العقد أو إزالته بعد وقوعه فی مدة معلومة الوصف أو القدر فی وقت تسبب عن وصف متقدم فخرج بالأول الانفساخ لتلف مبیع أو رضاع أو إسلام فی النکاح و خرج بالقیود الأخیرة الإطلاق و الإقالة و الجواز فی العقود الجائزة و أقسامه کثیرة ذکر منها الشهید (رحمه الله) اربعة عشر

ص: 74

و نذکر فی مضان الفقه خیارات کثیرة لم یعنونها الفقهاء کخیار من اتباع ما فیه خیار و خیار المرابحة لو ظهر کذب المخبر و خیار مشتری الجاریة مع العلم بوطء مولاها قبل استبرائها و خیار العبد إذا ظهرت علیه جنابة أو حد و خیار الجلال أو الموطوء من الحیوان و خیار المکاتب لو أجزنا بیعه و خیار فساد العقیدة و خیار خوف التلف إذا کان العبد فی حرب أو بلد طاعون و غیر ذلک و یمکن إرجاع الجمیع للخیارات المعنونة کالعیب و شبهه و لیعلم أن وصف الخیار خلاف الأصل لأن الأصل فی العقد اللزوم بمعنی المستصحب او بمعنی الظاهر فیما لم یکن مبنیاً علی الجواز کالعاریة و شبهها أو بمعنی الدلیل و القاعدة الشرعیة المأخوذة من قوله تعالی: (وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ) فإنه أوجب الوفاء بمقتضاها و مقتضی العقود اللزوم و الدوام فیما عدا ما بنی علی الجواز فیجب الوفاء بها علی نحو ذلک و یزداد عقد البیع بأصالة اللزوم علی سائر العقود قوة ظهور و دلیلًا لزیادة ظهوره فی ذلک و لخصوص الأدلة الدالة علی ذلک و لا ینافی استصحاب اللزوم فیه ثبوت خیار المجلس لتعلق الاستصحاب بغیر جهة أو لتعلقه به بعد انتهائه أو سقوطه و کما ثبت أصالة اللزوم فی العقود بالنسبة للأفراد علی جهة العموم ثبت کذلک بالنسبة إلی الأزمنة لأن مقتضی العقود اللزوم فی جمیع الأزمنة و إلا فلا ثمرة لقبولها فی کثیر منها فیجب بمقتضی الدلیل العمل علی مقتضاها و لان المفهوم من شرع العقود هو اللزوم فی الأفراد و الأزمنة لأنها شرعت لقطع مادة النزاع و حسم مفاسد الاختلاف

و فی الخیار مباحث:

اشارة

-

أحدها: خیار المجلس

و إضافته من قبیل إضافة الحال للمحل فیراد به أما المجلس حقیقة لأغلبیة الاجتماع فیه و یلحق غیره من موارد الاجتماع به أو یراد به الکنایة عن عدم التفرق لما بینهما من التناسب أو أنه حقیقة عرفیة سمی به هذا الخیار و یدل علی ثبوته السنة و الإجماع و أنکره أبو حنیفة ورد به علی رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و یکفی فی رده رده و خیار المجلس خاص بالبیع للأصل و الإجماع و یعم جمیع أفراد البیع اللازمة و الجائزة بالأصل و العارض و توارد علل الجواز علی معلول واحد لا

ص: 75

بأس مع احتمال الفرق بین الجائز بالأصل و العارض فینتفی فی الأول و یثبت فی الثانی و یحتمل ثبوت الخیار فی الجائز بالأصل عند لزومه بالعارض کالتصرف بالمعاطاة من جانب غیر المتصرف و إلا فالتصرف من جانبه التزام أو فسخ کما سیأتی و یحتمل عدم ثبوت الخیار أصلًا للشک فی شمول أدلته له و غایة خیار المجلس الافتراق بالأبدان لا بالأرواح و لا بالعقود لتعلیق حکم الخیار علی عدم التفرق الظاهر فی ذلک کما أن الظاهر من الافتراق هو الافتراق العرفی سواء کان بمشی أو بجر أو بغیر ذلک و لا یراد الافتراق الحکمی قطعاً لعدم انصراف إطلاق اللفظ إلیه مع أصالة بقاء الخیار و یکفی فی العرف الخطوة کما فهم الأصحاب مع احتمال لزوم تعدد الخطأ لأنه المتیقن فی حصول الافتراق و للخبر مشیت خطاه و لو لا الاحتیاج إلی التعدد لما صدر من الإمام (علیه السلام) و هو أحوط و یکفی فی التفرق ذهاب واحد و بقاء آخر اختیاراً کما هو المفهوم من الفتوی و الروایة المتقدمة و لو تنادیا من مکان بعید بحیث یعدانهما متفرقان عرفاً احتمل سقوط الخیار و بقاؤه إلی أن یتباعدا عنه أو یسقطاه و بقاؤه أو یسقطا و لو تدانیا بعضاً إلی بعض لم یؤثر التدانی شیئاً غیر ما کان علیه حالة العقد و خیر الوجوه أوسطها و لو جن المتعاقدین فتفرقا أو سهوا أو غیر ذلک من نوم أو شبهه فالأقوی القول بسقوط خیارهما أخذاً بظاهر النص و الفتوی مع احتمال بقاء الخیار لهما و یتولاه الولی کما لو لم یفترقا أما الاحتمال أن تفرق العقول بمنزلة تفرق الأبدان أو لانصراف لفظ التفرق للمقص و لکنه ضعیف جداً و لو جن أحدهما فافترق عن الآخر فإن تبعه الآخر لم یسقط خیارهما و إن لم یتبعه سقط خیاره قطعاً و یسقط خیار المجنون الّا علی الوجه الضعیف فیبقی خیاره فقط و المکرهین لو بلغ إکراههما إلی حد الإلجاء لا یسقط خیارهما لفتوی الأصحاب و لاستناد التفرق الملجئ حقیقة فلا عبرة بتفرقها و بهذا یحصل الفرق بین الإلجاء و بین الإکراه بتهدید و توعید أو تقیة و کذا السهو و النوم و شبهها فإنه لا یسقط فی الأول و یسقط فی الباقی و یشترط فی بقاء الخیار مع التفرق کرهاً عدم تمکنهما من الفسخ لو أراداه فلو تمکنا و لم یفعلا قدم الظاهر هنا و عمل به و سقط خیارهما و لو أکره أحدهما علی التفرق و الآخر علی الجلوس مع عدم تمکنهما

ص: 76

من الفسخ کان کالأول و لو اکره أحدهما علی التفرق و لم یتمکن من الفسخ و لم یکره الآخر علی الجلوس سقط خیاره و حیث أنه لم یتبعه و بقی خیار المکره استصحاباً للحکم السابق و علیه ظاهر الفتوی و کذا لو أکره علی الجلوس دون عدم الفسخ و بالجملة فیتحقق بقاء الخیار لهما بإکراه الاثنین علی الأربع و إلا سقط أو من بعض دون بعض و لو مات العاقدان بقی خیارهما و ینتقل إلی الوارث و احتمال السقوط لأن مفارقة الدنیا أولی من مفارقة المجلس ضعیف و هل یبقی دائماً لعدم إمکان الافتراق منهما اختیاراً أو یبقی إلی أن یحملا من ذلک المجلس تنزیلًا لذلک منزلة التصرف أو یبقی إلی أن یفترقا بحملهما أما إذا دفنا بمکان واحد فلا سقوط وجوه و لو مات أحدهما احتملا أیضاً سقوط الخیار أصلًا و احتمل بقاؤه ما دام مع الأخر فی ذلک المجلس و احتمل بقاؤه إلی أن یفارقه الآخر و لو عند الاشار و احتمل سقوطه بالنسبة إلی الحی إذا امکنته المتابعة فلم یتابع أو أمکنه الفسخ فلم یفسخ بعد نقل المیت و بقائه بالنسبة إلی المیت فینتقل إلی الوارث ثمّ أنا لو لم نعتبر اجتماع المیت و افتراقه و قلنا بانتقال الخیار إلی الوارث احتمل بقاؤه دائماً و احتمل ثبوته فوراً و احتمل امتداده بامتداد مجلس الوارث مع الحی أو الوارثین أن کان الوارث حاضراً و إن کان غائباً امتد بامتداد مجلس وصول الخبر إلیهما و إلیه و الأظهر هو الاحتمال الثانی و کذا لو ارتفع الإکراه من المکره علی التفرق احتمل ثبوته لهما دائماً و احتمل فوراً و احتمل امتداده بامتداد مجلس ارتفاع الإکراه فإن تدانیا معاً أو دنا أحدهما و لم یبعد الآخر بقی الخیار و إن تباعدا عنه سقط الخیار و الأظهر الثانی ثمّ لو تعاقد الأصیلان فلا إشکال بأن الخیار لهما و غایته تفرقهما و لو تعاقد الوکیلان فهل یکون الخیار لهما قهراً لانهما بیعان أو یکون لهما مع تفویض أمره لهما من الموکل أو لا یکون لهما أصلًا إلا بمجرد الوکالة فی الفسخ أو الإمضاء و علی تقدیره فهل للأصیلین خیار حینئذٍ معهما أو لا معهما أو لیس لهما وجوه مبنیة علی تحقیق المراد من قوله البیعان فهل هما من صدر منهما العقد أو من کان لهما العقد أو الأعم و علی کل تقدیر فهل الغایة التی هی التفرق تدور مدار من له الخیار فإن، کان الوکیلان کان العبرة بتفرقهما و إن کان الأصیلان فکذلک

ص: 77

و إن کان الجمیع فالعبرة بتفرق الأربع أو الست بإضافة تفرق الوکیل عن الأصیل أیضاً وجوه مبنیة علی تحقیق مرجع الضمیر فی قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یتفرقا و الحق أن المدار فی التفرق و عدمه علی مباشرة العقد و الخیار و عدمه علی من کان له العقد و هو المنطبق علی القواعد الفقهیة و مذاق الفقهاء و إن احتاج استخراجه من الروایة إلی تکلف و إن تعاقد الولیان فالخیار لهما مع الغبطة و بدونها محل إشکال و إن تعاقد الفضولیان فأجاز المالک فإن کانت کاشفة فهل المدار علی تفرقهما أو تفرق الأصیلین أو الجمیع کما تقدم فی الوکیلین و أن کانت ناقلة احتمل ذلک و احتمل دوران الأمر مدار تفرق المجیزین أو أحدهما مع الآخر المجاز له و احتمل دورانه مدار قیامه عن مجلس الإجازة و العاقد عن اثنین له الخیار ما دام فی مجلس العقد مع احتمال بقائه دائماً لعدم حصول الغایة له مع ثبوت المغایر و احتمل عدم تعلق الخیار به أصلًا لعدم صدق البیعان علیه أو لعدم حصول الغایة له التی هی بمنزلة الوصف فینتفی الموصوف بانتفائها و الاثنان علی عقد واحد تجری فیه جملة من هذه الوجوه و أظهر الوجوه فیهما الوسط و فی الأول و یسقط هذا الخیار من المتعاقدین معاً أو من أحدهما فی جمیع العوضین أو فی أبعاضهما باشتراط سقوطه علی حسب ما یشترطانه فی متن العقد أو قبله من غیر فاصل یعتد به بحیث یبنی العقد علیه أخذاً بالمتیقن من عموم أدلة الشروط خلافاً لمن أجاز الشرط مطلقاً و یسقط بالصلح علی إسقاطه لعموم أدلته و هل یصح نقله بالصلح وجه و الأظهر خلافه و یسقط بإسقاطه بعد العقد أو الالتزام بالعقد بعده لأنه حق مالی یصح اسقاطه کما یصح إبراءه و یسقط بتصرف أحدهما فیما انتقل إلیه لدلالته علی الرضا ظاهراً أو للضرار لولاه و لو علم أن التصرف لیس للرضا بل لغرض آخر أولا لغرض فوجهان و یسقط أیضاً بشراء من ینعتق علیه لتقدیم جانب الحریة و الحر لا یعود رقاً و یحتمل بقاؤه و یکون العتق کالتلف فیعود علیه بالمثل و القیمة و احتمال عوده رقا مطلقاً أو فیما إذا انفسخ البائع ضعیف و لو اختلفا فی التصرف و عدمه کان القول قول منکره لأصالة عدمه طال الزمان أو قصر و احتمال أنه مع طول الزمان یغلب جانب الظن فیکون القول مدعیه احتمال عبرة فیه و کذا لو اتفقا علی عدم التفرق و ادعی

ص: 78

أحدهما الفسخ بسبب آخر و احتمال أنه شی ء لا یعلم إلا من قبله فیقبل قول مدعیه فیه ضعیف أیضاً و لو اتفقا علی وقوع التفرق و الفسخ و اختلفا فی تقدم الفسخ علیه و تأخره احتمل التعارض فیکونا کالمتداعیین و احتمل تقدیم مدعی التفرق قبله لأصالة لزوم البیع و احتمل تقدیم قول مدعی الفسخ لأصالة صحة وقوع لفظة هذا أن جهل تاریخهما و إلا فتقدیم ما تقدم تاریخه هو الأوجه.

ثانیها: خیار الحیوان

صغیراً أو کبیراً کلًا لا بعضاً معیناً حیّاً لا میتاً و الظاهر أن البعض المشاع حکمه حکم الکل ثلاثة أیام تدخل فیه اللیلتان أن لم تنکسر و الثلاثة أن انکسرت و فی احتساب المکسور یوماً أو عدم احتسابه أو احتسابه إذا قل کسره لا إذا کثر أو احتسابه ملفقاً من الیوم الرابع وجوه أقواها الأخیر لأن المفهوم عرفاً من المحدود إذا انکسر ذلک و من المستبعد لزوم العقد فی المنکسر و جوازه بعد ذلک و دخول اللیل یقضی به ظاهر الخطاب علی وجه الحقیقة لهذا الترکیب عرفاً أو المجاز و فهم الأصحاب و مبدئها من حین تمام العقد خلافاً لمن جعله انقضاء خیار المجلس حذراً من اجتماع العلل و الامثال و هو ضعیف فی نفسه و مخالف لظاهر النصوص و الفتاوی الظاهرة فی أن المبدأ من حین تمام العقد علی أنه یلزم سقوط هذا الخیار بامتداد الاجتماع إلی ثلاثة أیام و هو بعید و لو کان المبیع حیواناً و غیره ثبت الخیار فیه دون غیره و کان للبائع الفسخ عند فسخ المشتری و الخیار ثابت للمشتری فقط للأصل و النصوص الظاهرة فی غیر ذلک المقیدة له بالمشتری فی مقابلة خیار المجلس الشامل لهما کما فی جملة منها و التعبیر عنه بصاحب الحیوان الظاهر فیمن انتقل إلیه بنفس اللفظ أو بمعونة تقییده فی آخر صاحب الحیوان المشتری کما فی جملة أخری و الحاکمة بان ضمان الحیوان علی البائع فی الثلاثة و من المعلوم بأن الضمان علی من لا خیار له کما فی جملة ثالثة مضافا إلی خصوص ما ورد فی الجواب بعد السؤال عمن له الخیار من البائع أو المشتری فإن الخیار لمن اشتری نظرة ثلاثة أیام و إلی خصوص ففتوی المشهور و الإجماع المنقول فتسویة المرتضی بین البائع و المشتری فی ثبوت الخیار استنادا إلی ضعیف من الأخبار عن مقاومة تلک الأخبار المؤیدة بالانجبار ضعیف جدا و خبره

ص: 79

مطرح أو مؤول بإرادة ثبوت الحکم للمجموع باعتبار ثبوته لفرد و حمله علی ما إذا کان البیع لحیوان بحیوان جمعا بین الأخبار و قضاءً لحق حکمه الخیار من خفاء عیبه علی من انتقل إلیه فبعید أیضاً لان الجمع فرع المقاومة فلیس علی أن ثبوت الخیار لبائع الحیوان بحیوان أن کان من جهة ما انتقل منه فلا دلیل علیه و لا یجری فیه دلیل الحکمة و إن کان من جهة ما أنتقل إلیه فله وجه لا انه لا یخص بائع الحیوان بالحیوان أو لا بل لو باع دراهما بحیوان لکان کذلک و لا دلیل علیه یعارض ما قدمنا ثانیا إذ العلة مستنبطة و لیست حجة دعوی أن ذکر المشتری فی الأخبار، وارد مورد الغالب و إلا فالمراد به ما أنتقل إلیه المعبر عنه بصاحب الحیوان فی جملة من الأخبار أو انه ذکر من باب المثال دعوی غیر مسموعة فی مقابلة التنصیص علیه فی النص و الفتوی سیما بعد ذکر صاحب الحیوان الذی یراد صاحبه المنتقل إلیه علی انه یکفی فی نفی الخیار الشک فی تعلقه به لأصالة لزوم البیع و لو تبادلا حیواناً بحیوان بحیث لم یتمیز البائع من المشتری احتمل تعلیق الخیار بهما لان کلا منهما بائع و مشتری و یحتمل نفیه للشک فی تعلقه و احتمل القرعة و یسقط باشتراط سقوطه فی متن العقد أو قبله متصلا به من البائع أو بعده متصلا به من المشتری لعموم أدلة الشروط و فتوی الأصحاب و دعوی انه مناف لمقتضی العقد ضعیف لأنه مناف للقصد المطلق لا المشروط علی أن الخیار من أحکام العقد المطلق لا من مقتضیاته فهو من الحقوق المشروع إسقاطها بالأسباب الشرعیة و یسقط بإسقاطه بعد العقد و بالصلح علی إسقاطه لا علی انتقاله و فی الأخبار ما یدل علی أن الالتزام به و الرضا مسقط و یصح اشتراط إسقاطه فی بعض الزمان دون بعض و کذا إسقاطه و الالتزام به إلی إشکال فی تبعیض ذلک و یسقط بتصرف المشتری فیه و أحداث حدث من فعل متلف أو لا مغیر للحیوان أم لا أو قول ناقل أولا لازم أو لا بعد تسمیته حدثا و تصرفاً للنص و الفتوی المعلقین للسقوط علی الحدث فالمدار علی ما یسمی به عرفا و لا خصوصیة لحدث دون آخر و إن ورد فی بعض النصوص ذکر بعض دون بعض لان المفهوم منها بعد ضم بعض إلی یبعض و الذی فهمه الأصحاب و افتوا به هو ذلک نعم قد یقال أن المفهوم منه عرفا هو التصرف فی المبیع تصرفا نافذا بقول أو

ص: 80

فعل فلا تعد الوصیة و الهبة قبل القبض منه و لا یعد اللمس و القبلة للغلام منه و لا تعد المحاورة و الخطاب منه و لا یعد الانتفاع بالضیاء أو الاستظلال بالحائط منه و إن عد النظر إلی الجاریة و اللمس منه و هل إسقاطه تعبدی لقوله علیه السلام و ذلک رضا منه بحمله علی إرادة انه بمنزلته أو لکشفه عن الرضا یحمله علی إرادة التعلیل اقتصارا علی مورد الیقین فعلی ذلک فلو علم أن تصرفه للاختبار أو بلا قصد لم یکن مسقطا و فی بعض الأخبار إشعار به حیث أمر برد الشاة مع الامداد إذا شرب لبنها و هو متجه و التصرف بالإکراه أو التصرف لضرورة التعلیق أو التصرف لکونه مالکا سابقا کالمستأجر کاد لا یفید سقوطاً علی الأظهر لعدم تبادره من النص.

ثالثها: خیار الشرط

الثابت به لا الثابت بفواته و هو بحسب ما یشترط لهما أو لاحدهما أو الأجنبی عنهما أولهما و الأجنبی أو لاحدهما و الأجنبی سواء کان الأجنبی عنهما أو عن أحدهما کل ذلک لعموم النص فی العقود و الشروط و الفتوی و الإجماع بقسمیه علی الظاهر و الأخبار الخاصة الواردة اشتراط الفسخ علی المشتری عند رد الثمن بزمان معین فإنها بضمیمة تنقیح المناط و عدم القول بالفصل و فهم الفقهاء منها أنها اشتراط للخیار من البائع لا اشتراط للفسخ علی المشتری فیلزمه خیار البائع عند عدم الوفاء بالشرط یتم المطلوب و المناقشة بعموم أدلة الشروط و شمولها لاشتراط الخیار لانه ینافی مقتضی العقد من اللزوم و یحلل حراما غیر مسموعة بعد فتوی الأصحاب و انصراف المحرم و المحلل بغیر ما فی الباب من المحرمات الأصلیة المذکورة فی الکتب الفقهیة و منع منافاة الخیار للعقد مطلقاً لمشروعیة الإقالة فیه و هی شبیهة به أو قریبة إلیه أو منع منافاته لمطلق العقد حتی للمشروط فلا إشکال حینئذٍ و لا بد من وقوع الشرط بین الایجاب و القبول أو متقدما أو متأخرا علی وجه الاتصال و البناء علیه و یجوز اشتراط الخیار فی کل من العوضین و فی احدهما و فی بعض منهما لعموم الأدلة و یصح اشتراطه فی زمان موصول بالعقد و مفصول عنه طویل أو قصیر او موصول و مفصول معاً و یجوز اشتراط الاجتماع فی اشتراط الخیار بالنسبة إلی المتعاقدین و الأجنبی و اشتراط الافتراق و لو ضربت صور اشتراط الخیار بالنسبة إلی الأشخاص

ص: 81

و الأحوال و الأزمنة و الأوصاف و الکل و البعض لانتهت إلی الألوف و لا یجوز اقترانه بمدة مجهولة أو تعلیقه بوصف غیر منضبط و هل یصح إطلاق الاشتراط فیه فینصرف إلی الثلاثة بحکم الشرع للإجماع المنقول و الشهرة المحکیة عن القدماء و بعض الروایات المرسلة فی الخلاف و مفهوم الصحیح الوارد فی خیار الحیوان علی ما قیل أو ینصرف إلی الثلاثة بحکم العرف و الشرع کشف عن ذلک أو یفسد لأدلة الضرر و شهرة المتأخرین و ضعف الأدلة المتقدمة سندا فی الأول و دلالة فی الأخیر و هذا الأخیر أقوی و تنزل الأخبار و الإجماعات علی إرادة ظهور الثلث من الإطلاق عرفا زمن الصدور و زمن نقل الإجماع و فتواهم به و هل اشتراط الخیار منهما أو من احدهما للأجنبی توکیل له منهما فینحل الشرط له إلی کون الخیار لمشترطه و الوکیل علی الفسخ هو الأجنبی فعلی ذلک یصح اجتماع المشترط مع الأجنبی فی الخیار و ینعزل الأجنبی بما ینعزل به الوکیل و یلزم علیه مراعاة المصلحة أو تملیک له فلا یشارکه المشترط و لا یصح عزله و لا ینعزل بما ینعزل به الوکیل و ترثه ورثته و یصح الصلح علی إسقاطه و لا یلزم علیهم مراعاة المصلحة وجهان و الأوجه أن یقال انه لا توکیل و لا تملیک لما یظهر من مطاوی کلمات الفقهاء انه لا تجری علیه جمیع أحکام الوکالة و لا أحکام التملیک بل هو تحکیم له من المشترط فلا یصح عزله و لا ینعزل و لا یجب فیه القبول منه و لا یصح الصلح علیه و لا یورث إلی غیر ذلک مما هو المتیقن من ثبوته و نفی تلک اللوازم و لو رد الأجنبی الشرط لم ینفسخ الشرط و جازت له المباشرة بعد ذلک و یشترط تعین الاجنبی فلا یجوز جعله لواحد مردد و لا لواحد من أهل البلد أو عقلائهم أو غیر ذلک للزوم الغرر و علی أی تقدیر فهل یختص تحکیمه بمشیئة الفسخ فقط فلیس له الالتزام أو یعمها حتی لو التزم لم یمکنه الفسخ بعد ذلک وجهان و ظاهر اشتراط الخیار الأخیر و یصح اشتراط المؤامرة و هی الرجوع لأمر من شاءوا من المتعاقدین أو أجنبی أو أحدهما معه أو کلاهما مجتمعین أو متفرقین أو مختلفین فی الکل أو البعض إلی غیر ذلک من الصور لعموم الشروط و هل یشترط علیه اعتماد المصلحة فی الأمر لشبهة التوکیل أیضا أولا و هل إطلاق الرجوع لأمره شامل لما إذا أمر بالالتزام أو یخص ما إذا أمر بالفسخ فقط

ص: 82

و الظاهر انه لا یتوقف الالتزام علی الرجوع لآمره بل یتوقف الفسخ فقط و لا یجوز للمأمور الاستبداد بالفسخ و لا یجب علیه الفسخ عند الآمر به إلا عند أشترط الفسخ عند الأمر و أما لو اشترط الخیار عند أمره فلا و لو أمر بما فیه مفسدة لم یسمع أمره و لا یجوز متابعته إلا مع التصریح بالمتابعة حتی مع المفسدة و لا بد من تعین المدة و ضبطها کما مر فی الخیار المشترط و الظاهر ان الأمر مثال فیشمل الإباحة و الإذن و الشهرة بل کل وصف و حال من أحوال المتعاقدین أو غیرهما إذا قید بهما الخیار فی مدة مضبوطة و الأولی فی جمیعها ترک ذکر ما یوهم التعلیق کلفظ إذا و نحوها بل یؤدی بلفظ عند و ما ضاهاها و لا یجب الفسخ عند الأمر فورا بل لو تأخر ثمّ فسخ جاز علی إشکال و الظاهر انه لا تفاوت فی جواز الفسخ بین ابتداء الأمر و بین کونه بعد الاستئجار و لو تعدد المتأمرون فإن شرط الاجتماع لم یجز الفسخ حتی یجتمعوا و لو لم یشترط ذلک فأمر أحدهم دون الآخر اتبع الأمر بالفسخ و لو أمر الباقون بعدمه و الأظهر جواز جعل الاستیمار لأحد الشخصین أو لواحد من قریة أو من العقلاء أو غیر ذلک لعدم الغرر فیه بخلاف شرط الخیار فإنه غیر جائز و تجوز المؤامرة فی غیر البیع من العقود علی الأظهر و یجوز أن یشترطا للبائع رد المبیع فی مدة معینة یرد فیها الثمن للاجماع و الاخبار و عموم الادلة و یلحق بذلک لعموم الادلة و تنقیح المناط اشتراط المشتری رد الثمن عند رد المبیع من غیر تفاوت فیهما بین رد الکل بالکل أو البعض بالبعض أو الاختلاف لکن مع ضبط المدة فی الجمیع خوفا من حصول الغرر سواء کانت مفصولة أو موصولة أو مفصولة و موصولة و یجوز اطلاق مدة الرد بإطلاق مدة الخیار و یجوز تقیید الخیار بعد الرد شهراً أو نحوه فی ضمن تلک السنة لا یجوز تقیید مدة الرد و إطلاق مدة الخیار بعدها للجهالة و هل یجوز اشتراط رد المبیع برد غیر الثمن أو برد ثمن آخر لمبیع آخر و برد ثمن مبیع العین و نحو ذلک مع ضبط المدة وجهان أوجههما الجواز و أشکل منه ما إذا اشترط ذلک بوصف آخر أو حال آخر أو غیر ذلک و قد تبین أن مسألة اشتراط الرد بالرد هل هو علی وفق قواعد الشروط و عموماتها فیعم سائر الصور و ذکر الفقهاء للأول بخصوصه لأنه مورد الأخبار أو أنه جاء به الدلیل

ص: 83

بخصوصه لکونه تعلیقاً للخیار و ما یشبه التعلیق فیقتصر فیه علی مورد الیقین أو یفرق بین تقییده بأداة التعلیق فلا یوافق القواعد و بین تقییده بظرف و نحوه فیوافق و لا یبعد ترجیح الوجه الأخیر من هذه الوجوه و لیعلم أن المذکور فی الروایة و جملة من الفتاوی هو اشتراط الرد و ظاهره انه اشتراط للغایة فینفسخ المبیع حینئذ بمجرد الرد من دون احتیاج لأمر آخر و لکن ظاهر جملة من الفقهاء ان هذا نوع اشتراط للخیار و ان التعبیر بالرد فی الأخبار تعبیر باللازم لتوقف الرد علی الانفساخ الموقوف علی ثبوت الخیار أو أنه بنفسه فسخ لدلالته علیه و لا یحتاج الفسخ للفظ و الظاهر ذلک لاستبعاد کون دفع الثمن نفسه فاسخاً و حینئذ فیثبت الخیار بعد الرد و یکون تلف المبیع ممن لا خیار له بعد ذلک و لا یجبر بالفسخ فورا علی الأظهر هذا کله لو وقع الاشتراط بلفظ الرد عند الرد أما لو وقع بلفظ الخیار فلا شک فی توقفه علی الفسخ و لا یسقط هذا الخیار بالتصرف قبل الرد لعدم حصوله قبله کالتصرف فی المؤامرة قبل الرجوع إلی الأمر علی الأظهر فی المقامین و الظاهر من إطلاق اشتراط رد المبیع هو رد نفس العین لا مثلها و لا قیمتها إلا إذا تلفت العین أو حال دونها حائل فإنه ینتقل إلی المثل و القیمة و الظاهر من رد الثمن المشروط به هو رد عینه أو مثله أو قیمته سیما لو کان من النقدین لان الظاهر بل المقطوع به هو التصرف به و إتلافه لمکان الحاجة إلیه غالبا بل لو کان هو موجود لا یلزم رده بعینه علی الأظهر و لون شرطا عین الثمن نفسه أو مثله أو قیمته اتبع الشرط قطعا و لو رد الثمن فوجد المشتری غائبا قام مقامه الحاکم و إلا فعدول المسلمین علی الأظهر و لیعلم أیضاً أن التصرف مسقط لخیار الشرط و لخیار الرد بعد الرد للروایة الدالة علی سقوط الشرط بإقامة الثوب فی السوق للبیع و ان لم یبعه و لظاهر التعلیل فی الاخبار و الإجماع المنقول و فتوی الفحول و لو اشترط عدم سقوط خیار الشرط بالتصرف بل و کل خیار ففی صحة ذلک الشرط اشکال و الأصل جریان خیار الشرط فی سائر العقود حتی الصرف و الضمان خلافا لمن منعه فیهما إلا ما دل علیه الدلیل کالنکاح و الوقف و أما الإیقاعات فالاصل عدم الجریان إلا فیما دل الدلیل علیه.

ص: 84

رابعها: خیار الغبن

و هو الخدیعة و فی عرف المتشرعة هو زیادة أحد العوضین علی الآخر بما لا یتسامح به عادة مع الجهل بذلک أو العقد الموجب لتلک الزیادة و هو ثابت بالإجمال المنقول و فتوی المشهور و حدیث الضرار لأشعاره بالانجبار و الأرش هاهنا سوی الخیار و هی بذل التفاوت کما هو المشهور بین العلماء الأبرار و حدیث تلقی الرکبان المشتمل علی الخیار المسبب عن الغبن کما هو الظاهر من الاخبار و قد یستدل بما جاء من تحریم الغبن و النهی عنه و قوله تجارة عن تراض و لا یحل مال امرئ مسلم إلا بطیب نفسه و فیه.

أولا: أن النهی للتنزیه لا للتحریم لمعارضته للعمومات الدالة علی جواز البیع و غیره و هو مبنی علی المغالبة و المغابنة.

و ثانیا: إنه لو کان للتحریم لکان مخصوصا بما فیه خدع و غرور و تدلیس لحرمتها قطعا و ظهور ذلک منها.

و ثالثا: انه لو کان للتحریم لکان متعلقا بأمر خارج فلا یفید شیئا.

و رابعا: انه لو تعلق بنفس المعاملة لأفاد فسادها لا عدم لزومها.

و خامسا: أنه أن أرید الرضا صورة صح و لزم و أن أرید حقیقة فسد و حرم و کذا طیب النفس و دعوی انضمام الصوری للحقیقی بعده یفید لزوما و عدمه یفید صحة و جوازاً تحکم و هو ثابت للبائع بالنسبة إلی الثمن زیادة و للمشتری بالنسبة إلی المبیع نقصانا و شمل سائر العقود و شرطه الجهل بالقیمة وقت العقد و لو بسهو أو بنسیان سواء کان مغروراً من قبل البائع أو لا و لو تنازعا فی العلم و عدمه فإن کان من أهل الخبرة کان القول قول من ادّعی علیه العلم لأصالة اللزوم و لتقدیم الظاهر و إلا کان القول قول من نفی العلم للأصل و لأنه أمر لا یعلم إلا من قبله و لو اتفقا علی العلم سابقا فادعی المغبون الجهل و النسیان لم یسمع قوله مع احتمال السماع لأنه أمر لا یعرف إلا من قبله و تکلیفه البینة غیر و تکلیف منکره الیمین قد لا یمکن لعدم اطلاعه و لکن مع یمینه لاثبات دعواه و لو عرف المغبون القیمة السوقیة و عرف ثمن المبیع المدفوع و لکن لم یعرف کونه مغبوناً بالتفاوت لم یجر علیه حکم المغبون و لو تسلما علی ترقی

ص: 85

القیمة السوقیة و اختلفا انه هل کان قبل العقد أو بعد رجع للمعلوم تاریخه فیحکم بتقدیمه و مع الجهل فالأصل لزوم البیع و شرطه أیضاً حصول التفاوت بالقیمة بما لا یتسامح بمثله عادة و یسمی غبنا فاحشا و إلا فالبیع مبنی علی المغابنة و الأخیران أن له من تحدیده بنقصان خمس أو أربع أو ثلاث أو غیرها ذلک و ثبتت القیمة بالشیاع علی الأظهر و بالنیة و کذلک الغبن یثبت أیضاً بالبینة و مع تعارض البینتین فالترجیح و حیث لا ترجیح فالأظهر عدم ثبوت الغبن و تعتبر قیمة بلد العقد و المتعاقدین و التسلیم فإن اتفقا فلا کلام و إلا فهل المدار علی بلد العقد أو المتعاقدین و التسلیم أو العقد إذا اجتمع مع التسلیم أو المتعاقدین کذلک و لو لم یکونا عند العقد فی بلد لا و کان التسلیم فی بلد فها المدار علی بلد المتعاقدین أو یسقط الغبن و لو اختلف بلد المتعاقدین فهل یسقط الغبن أو یرجح المغبون فی بلده لنفی الضرر او غیر المغبون لأصالة اللزوم وجوه یحتاج الی تأمل و ترجیح و یعتبر فی الغبن زمن العقد ما بین الإیجاب و القبول فلو ترقی قبل تمام القبول بزیادة أو نقصان بالنسبة للبائع أو المشتری کان غبناً و لو ترقی بعد القبول فلا عبرة به إلا فیما یتوقف علی القبض فإنه لا یبعد أنه لو ترقی فیما بین القبول و القبض یجیئه حکم الغبن کالصرف و لا یتفاوت ذلک بین ثمن أو مثمن فی بیع أو فی سائر العقود و لا یسقط ببذل التفاوت لما فیه من المنة فلا یجبر الضرر بالضرر للاستصحاب مع احتمال السقوط لمقابلة المبذول بعوضه فلا منة و للشک فی الجواز و الأصل اللزوم و یسمی المبذول بالأرش و الأول أقوی و هل خیاره مع العلم فوری اقتصاراً فیما خالف أصالة اللزوم فی جمیع الأزمنة علی مورد الیقین فی زمن الفور أو متراخی الاستصحاب و منع العموم فی اللزوم للأزمان و الاول اقوی و الجهل بالخیار عذر و هل الجهل بالفوریة عذر أم لا وجهان و الأوجه العدم و هل مبدأ الخیار من حین العقد أو حین العلم بالغبن وجهان أوجههما الأول و یترتب علی ذلک أحکام الخیار من التلف و شبهه و یسقط هذا الخیار باشتراط سقوطه و بالرضا بعد العلم بالغبن و یتصرف المغبون فیما انتقل الیه بعد العلم بالغبن تصرفاً منبئاً عن رضاه به کان یتصرف فیه من غیر إکراه أو نسیان و من غیر قصد للحفظ أو الإنفاق أو الاختیار لان

ص: 86

ظاهر التصرف علی ما ذکرناه هو الرضا کما أشعرت به الأخبار و أما لو کان تصرفه فیما انتقل الیه غیر منبئ عن ذلک جاز له الفسخ علی الأقوی حتی مع التلف أو مع ما یمنع من الرد کالاستیلاد و العتق و النقل بعقد لازم فیرد العین مع بقائها و المثل و القیمة مع تلفها أو ما هو بمنزلة ذلک جمعاً بین حقی المغبون و ما نسب للأشهر من سقوط الخیار مع التلف و شبهه لان إرجاع غیر العین ضرراً أیضاً. و لا یقابله ضرر المغبون لإقدامه علیه بسوء اختیاره لتقصیره فی السؤال و عدم معرفة الحال منظور فیه لأن الإقدام بأمر المالک العلام لا یسقط حق ضرره المتقدم علی حق ضرر غیره الممکن جبره بالمثل و القیمة و لو کانت العین بتصرفه ناقصة أو معیبة ردها مع إراش النقصان و العیب و لو عمل بها عملًا لا یرجع بأجرة عمله لأنه فی ماله و لو زادها عیناً تزید قیمتها بها کان شریکاً و لو شغلها بزرع لزم قلعة علیه و لا أرش له لو نقص و لو رضی مالک الأرض ببقائه بأجرة کان له و لو أراد المغبون قلعة و أراد المالک إبقاءه خوفاً علی الأرض من عیب و نحوه لم تجب إجابته و کان له قلعة و علیه أرش الأرض و لو کان أجرها دفع الیه قیمة المنفعة و أما تصرف المغبون فیما انتقل إلیه قبل العلم بالغبن فلا دلالة علی شی ء و خیاره باق و أما تصرفه فیما انتقل عنه قبل العلم بالغبن فلا شی ء فیه و لا یدل علی شی ء و أما تصرفه بعد العلم بالغبن فإن علم قصده أو علم أنه کان ساهیاً أو غافلًا فلا یدل علی شی ء و إلا فلا یبعد أن ظاهر التصرف فیما انتقل عنه فسخ و لان حمل فعل المسلم علی الصحة مهما أمکن أولی و لا یسقط خیار المغبون بتصرف الغابن فیما انتقل إلیه بل له الفسخ و الرجوع بالمثل و القیمة مع تلفها و مع ما یمنع من ردها کالاستیلاد و العتق و لو ارتفع الموانع فإن کان قبل قبض المثل و القیمة ردها بعینها و إن کان بعده فوجهان مورد نفس العین لأنها الأصل و من ابقاء المثل و القیمة لأنها عوضها و لو وجدها مستقلة بعقد لازم أحتمل أنه کالمانع من الرد فیرجع بالمثل و القیمة و أحتمل أن له فسخه لتعلق حقه بالعین و لو عادت إلیه بعد النقل فإن دفع العوض فلا رجوع بالعین و إلا فالوجهان و لو وجدها منتقلة بعقد جائز کان له إجبار الغابن علی فسخه و إلا رجع للحاکم و إلا فسخه هو فی وجه و إن وجدها مستأجرة انتظر فراغها و أخذ

ص: 87

قیمة المنفعة من المغبون لتفویته لها علیه مع احتمال أن له فسخ الإجارة أو أن له المسمی و إن وجدها مشغولة بزرع کان له قلعة رضی الغابن أم لا و لا أرش علیه لو نقص الزرع بقلعة مع احتمال ذلک و لو طلب الغابن إبقاء الزرع بأجرة لم تجب إجابته و لو أفسد الأرض بقلعة لم تجب إجابة للإبقاء و لو ادّعی کل منهما الغبن و أقام بینة احتمل سقوط الغبن عنهما و بقاؤه لهما معاً فیکون کل منهما غابناً و مغبوناً کما لو کانا من بلدین کل منهما مغبون فی بلده.

خامسها: خیار التأخیر

و هو تأخیر الثمن عن ثلاثة أیام بأن لا یدفعه إلی البائع لغرض أو سهواً أو نسیاناً أو لغرض یعود إلیه حتی لو کان للمقاصة لعدم تسلیم البائع له المبیع علی إشکال فإن البائع له الخیار بعد الثلاثة أیام التامة الداخلة فیها اللیلتان المتوسطتان مع عدم الانکسار و الثلاث مع الانکسار کما هو المفهوم من هذه التراکیب عرفاً و شرعاً یثبت بفهم الأصحاب و اتفاقهم و استقراء الموارد الفقهیة لما کان معلقاً علی الأیام من حیض أو إقامة أن خیار أو أجل فی بیع أن نکاح و شبه ذلک و یحتسب المنکسر یوماً تامّاً أن کان التکسیر قلیلًا و یسقط حکمه أن کان کثیراً و التلفیق منه و من الیوم الرابع قل أو کثر هو الأوجه فههنا دعویان أحدهما لزوم البیع فی الثلاثة و یدل علیها العموم و الإجماع و فی أخبار الجواز بعد الثلاثة دلالة علی اللزوم فیها أیضاً و یراد بمبدئها تمام العقد و القبض فیما یتوقف علی القبض إلا فی الفضولی فیستحب فیه من حین الإجازة و لو علی الکشف علی الأظهر مع احتساب المبدأ فی خیار المجلس من حین التفرق لأن لزوم البیع لا یجامع الخیار لضعفه باختلاف الجهة بل لأشعار قوله فإن جاء فیما بینه و بین ثلاثة أیام و إلا فلا بیع له به لأن المجی ء مؤذن بالتفرق و فی آخر فمضت ثلاثة أیام و لم یجی ء فلا بیع له و هو حسن و ثانیهما جوازه بعد الثلاثة و یدل علیه الإجماع المنقول بل المحصل لعدم اعتبار ما رواه الصدوق من الانتظار فی الجاریة إلی شهر و إلا فلا بیع له لشذوذه و یدل علیه الأخبار الخاصة النافیة للبیع ما بین البائع و المشتری أو عن المشتری المحمول علی نفی اللزوم بقرینة فهم الأصحاب و نفی البیع عن المشتری خاصة فی بعضها و لو أرید نفی الصحة لما صح و نفیه عنهما فی بعض غیر

ص: 88

مضر لجواز انتفاء الشی ء ضمن عن المجموع بانتفائه عن واحد و إن اللزوم قید ظاهر فی البیع فیتسلط علیه النفی فهو أقرب من نفی الصحة و إن الظاهر من هذا الخیار أنه ارفاق بالبائع لا اضرار و مع الفساد فنقض للغرض و إن کثیراً ما مستعمل نفی البیع بنفی اللزوم و إثباته بإثباته و قد ورد فی خیار المجلس التعبیر یجب البیع أی یلزم و فی خیار الرد و إلا فالبیع لک و إن سوق الروایات مسوق لدفع توهم لزوم المعاملة لا صحتها کما یظهر بالتأمل و یختص هذا الخیار بمن تعذر علیه قبض الثمن مطلقاً و لو فی الثلاثة غیر مسموعة و یشترط فی هذا الخیار کون المبیع عیناً اقتصاراً علی الظاهر من مورد الروایة فلو کان دینا أو کلیاً فلا خیار علی الأظهر مع احتمال عدمه و إلا یکون مؤجلًا ثمناً علی الأظهر أو مثمناً فی وجه أو هما معاً فی أقل من ثلاثة أیام أو أکثر علی الأظهر مع احتمال احتساب الثلاثة من بعد الأجل بالنسبة إلی الثمن فی وجه و إن لا یکون عرفاً و إلا فسد و إن لا یکون قد سلم المبیع تاما بل بقی عنده لسهو أو نسیان أو لقصد المقاصة حیث لم یسلمه المشتری لامتناع أو لغیره قصدا و لقصد المقاصة حیث لم یسلمه المبیع علی إشکال و تسلیم بعض المبیع لا یسقط الخیار أخذاً بإطلاق الفتوی و النص لانصراف المبیع فی الفتوی إلی کله لا إلی أبعاضه و فی الصحیح و فتاوی الفقهاء حتی کاد أن یکون إجماعاً ما یدل علی اشتراط هذا فلا یظهر خلو أکثر الأخبار عنه و قبض المبیع بغیر إذن کلًا قبض لصدق أنه ما قبض و أن لا یکون قد تسلم الثمن کله تامّاً علی نحو ما ذکرناه فی المبیع و یدل علیه النص و الإجماع و روایة الحمل إلا أن قبضه هنا من غیر إذن مسقط للخیار لصدق أنه قبض الثمن و أن لا یکون قد عرض علیه الثمن فلم یقبله أو قبله فطلب منه المبیع فلم یدفعه فحبس عنه الثمن لمکان حبس المبیع علی الأظهر من الأخبار لظهورها فی غیر هذه الصورة و أن لا یکون قد رضی المشتری بتأخیره إلی ثلاثة أو دون و لو إلی ساعة واحدة فی وجه اقتصاراً علی مورد الیقین نصاً و فتوی و إن لا یکون قد أحضر المشتری الثمن بعد الثلاثة قبل فی وجه قوی و أن لا یکون قد اشترط سقوطه فی العقد و أن لا یکون قد أسقطه البائع بعد الثلاثة أو فی أثنائها فی وجه و إن لا یکون البائع قد طلب الثمن بعد الثلاثة لدلالته علی الرضا فی

ص: 89

وجه قوی و أن لا یکون قد تصرف البائع فی الثمن بعد الثلاثة و أن لم یقبضه و إن لا یکون قد قبضه بعد الثلاثة و أن لم یتصرف فیه و أن لا یکون له خیار فی الثلاثة من أی أنواع الخیارات فی وجه للاقتصار علی مورد الیقین من الصورة الواردة فی الأخبار و اشتراط أن لا یکون للمشتری خیار فی الثلاثة أیضاً ضعیف و أن لا یکون بعض من الثمن أو المثمن مؤجلًا و وجه کثیر مما قدمنا من سقوط الخیار به هو الاقتصار فیما خالف الأصل علی الصورة الواردة فی النص و المجمع علیها فی الفتوی و الشک فی شمول الإطلاق له لانصرافه فی السؤال أو الجواب لغیر و وجه العدم شمول کثیر من إطلاقات الأخبار و ترک الاستفصال فیها فی ثبوت الخیار لکثیر مما قدمنا و رسمنا فلا بد من التأمل التام فی مثل هذا المقام و لو تلف المبیع فی الثلاثة فمن البائع للأخبار و عموماً و خصوصاً و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و القول بأنه من المبتاع ضعیف المأخذ و قلیل الاتباع نعم لو عرضه البائع علی المشتری فلم یقبله و امتنع من أخذه قوی ذلک لقیام الامتناع مقام القبض و کذا لو تلف بعد الثلاثة ترجیحاً لدلیل ضمان المبیع قبل قبضه من بائعه علی دلیل إن ما تلفت فی زمان الخیار ممن لا خیار له و أن کان مالکاً کالمشتری فی هذا المقام و لا یشترط الفوریة فی هذا الخیار لثبوته بالنص لا بعموم لا ضرر و لا ضرار.

سادسها: خیار ما یفسد من یومه

فإنه ینتظر به إلی اللیل فإن جاء بالثمن و إلا فلا بیع له هکذا مضمون ما ورد فیه و الظاهر أن المراد بذلک بقرینة نفی الضرار و فتوی الأخیار نفی اللزوم لا یفی الصحة و أن فساده بالمبیت لا بنفس الیوم و إلا لزم تأخیر الخیار من الفساد أو مقارنته له و لا ثمن فیه بل لا یبعد إرادة أن ما یفسد بالبقاء سواء بیع لیلًا أو نهاراً و سواء کان البقاء المفسد یوماً أو لیلة أو بعضهما و لو ساعة علی حسب اختلاف جنس المبیع و زمانه و مکانه فإن لبائعه الخیار فی الفسخ فیعود إلیه و فی الإبقاء عنده أمانه إلی أن یفسد فیکون ضمانة من مال البائع للقاعدة المعلومة إلا إذا عرضه علیه فلم یقبله فلا یبعد أنه بمنزلة قبضه حینئذ و قد یلحق به ما یفسده بقاؤه یومین فی ثبوت الخیار فی الیوم الثانی و بقاء ثلاثة فی ثبوت الخیار فی الیوم الثالث و یلحق

ص: 90

بما یخشی علیه من الفساد کلما یخشی الفساد علی بعضه و ما یخشی علیه من نقصان عین أو تغیر صفة أو قلة راغب أو غصب أو سارق أو حرق أو فوات سوق فیؤدی إلی معطبة و یلحق بالمبیع الثمن لأنه مثله و بالبیع غیره من أنواع العقود کل ذلک لحصول الضرر بالتأخیر و عدم الجابر لذهاب المبیع من مال بایعه إلا أنه قد یناقش فی جواز التمسک بعموم نفی الضرار من دون اعتضاده بشهرة أو إجماع لتأدیته إلی انفتاح أبواب فی الفقه لا تعد و لا تحصی و یناقش فی تسریته إلی غیر المبیع لان المتلوف قبل قبضه فیه لیس من ضمان ناقله و یناقش فی تسریته إلی غیرها مما یخشی تلفه لجواز إبقائه أمانة عنده أو یرجع إلی الحاکم فیأخذه مقاصة و هل المدار فی هذا الخیار نفس الخوف من الفساد و لو لم یترتب علیه أو الخوف المترتب علیه الفساد فلو لم یترتب تبین أن لا خیار وجهان أجودهما الأول لأنه أنسب بحدیث نفی الضرار و یشترط فیه ما یشترط فی خیار التأخیر و یختص بالبیع و یجبر ضرره فی غیره بالمقاصة و تلف المبیع من مال البائع لقاعدة کل مبیع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه و یختص خیار ما یفسد لیومه بالمعین و لا یجری حکمه للکلی إلا إذا شرطا کون الکلی من فرد بعینه فلا یبعد هناک ثبوت الخیار أیضاً.

سابعها: خیار کذب الوصف حین العقد أو خلاف الرؤیة المتقدمة علی العقد للمقارنة

فإنهما یوجبان الخیار لحدیث الضرار و فتوی الأخیار و لخصوص بعض الأخبار الواردة فی المرثی بعضه دون بعض المثبتة للخیار فیه و ظاهرها و ان کان لا یخلو عن مناقشة إلا انها مجبورة بفهم الأصحاب و هو خاص بالمعین دون الکلی فإنه یلزم فیه الأبدال دون الخیار إلا مع اشتراط کون الکلی من فرد معین موصوف فخرج خلاف الوصف و هو یعم البائع و المشتری بالنسبة إلی المنقول إلیه و المنقول عنه کما إذا باع ماله بوصف غیره أو برؤیة قدیمة فخرج زائداً علی ذلک مما لا یتسامح بمثله و قد یجتمع علی البائع و المشتری الخیار فیما إذا وصف المبیع لهما ثالث فخرج زائداً من طرف البائع و ناقصاً من طرف المشتری و یقدم الفاسخ علی المثبت و لو ظهر خلاف الوصف فی بعض دون بعض ثبت الخیار فی فسخ الکل أو إبقائه و لا یجوز التبعیض لحصول الضرر

ص: 91

به فلا یجبر الضرر بالضرر و التغیر الجزئی لا عبرة به و لا یشترط فی هذا الخیار انحطاط القسمة بالتغیر أو قلة الرغبة بل لو زادت القیمة فی ظهور خلاف الوصف کان الخیار ثابتاً علی الأظهر نعم لا عبرة بالتغیر الجزئی المتسامح به عادة و هل یسقط باشتراط سقوطه فی ابتداء العقد وجهان و هل هو فوری أو علی التراخی وجهان أقواهما الأخیر و لو شک فی تغیره قبل العقد أو بعده فإن علم تأریخ أحدهما آخر عنه المجهول و إلا فالأصل فی البیع اللزوم و لو وصف له الأدنی فظهر الأعلی فإن لم یکن له غرض فی الوصف فلا خیار له و لو اشتراه برؤیة مشتبه علیه باختیاره فلا خیار له علی الأظهر و یلحق بالرؤیة المسموع و المشموم و الملموس إذا اختبر قدیما فظهر تغیره حال العقد و یشترط فی المبیع بالوصف ذکر الأوصاف التی یحصل ضرر و غرر للمنقول إلیه بترکها و لا یجب الاستقصاء لعدم الحاجة إلیه بل ربما یعسر وجوده و لو ظهر کذب الوصف أو الرؤیة فی بعض المبیع کان له الخیار فی الکل دون البعض لا لعدم تبعیض موجب الخیار للزوم تجزئة العقد الممنوعة شرعاً لورود المنع علیه بجواز التبعیض و عدم لزوم تجزئة العقد بل المعقود علیه و أحدهما غیر الأخر بل لحصول الضرر کما تقدم.

ثامنها: الخیار یورث لعموم الأدلة

و خصوص ما ورد فی إرث الحق المنجبر بفتوی الأصحاب و هل یختص أرثه بوارث المال المتعلق به الخیار فلا ترث الزوجة غیر ذات الولد خیار الأرض المشتراة لمورثها أو المبیعة بأرض أخری و ترث خیار الأرض المبیعة بغیرها لکونه مالا موروثاً لها و أن لم یترتب لها إرث فیها عند الفسخ أو لا یختص لأنه حق موروث و لا تلازم بینه و بین إرث المال وجهان أظهرهما الأول بل لا یبعد القول بعدم إرث الخیار المتعلق بالأرض المبیعة بغیرها لعدم الثمرة المترتبة علیه عند الفسخ فیشک فی شمول دلیل الخیار له و هل یرث الخیار مجموع الوارث فلا یصح الفسخ من أحدهم إلا أن یجتمعوا علیه أو جمیعهم حتی أن کل واحد له الفسخ لان له الخیار مستقلًا أو یتوزع علی نسبة رءوسهم فیتعلق بالمال کذلک أو علی نسبة سهامهم فیتعلق بالمال کلًا بنسبة سهمه وجوه أقواها الثانی و علیه فهل یصح لاحدهم فسخ القدر الموروث له فقط دون غیره لأن الخیار بیده أو لا یجوز لضرر التبعیض علی

ص: 92

الناقل وجهان أجودهما الأخیر و لو اختلفوا قدم الفاسخ علی الملتزم مع احتمال جواز تبعیض المفسوخ هاهنا و ینفذ بحصته دون حصة من التزم و خیار الأجنبی لا یرثه وارثه لعدم تحقق کونه تملیکاً و العبد المجعول له الخیار ینتقل الخیار إلی مولاه فی وجه لان ما یملک لمولاه مع احتمال عدم الانتقال لشبهه بالتوکیل و الفرق بین عبد أحد المتعاقدین فینتقل و بین عبد الأجنبی فلا ینتقل ضعیف و لا یتوقف جعل الخیار للعبد أو فسخه بعد جعل الخیار له علی رضا مولاه و إن قلنا أن فسخه تصرف فهو منهی لان النهی لا یقضی بالفساد هاهنا.

تاسعها: التصرف مسقط لخیار الحیوان

و الشرط بالنص و الفتوی و ظاهر إطلاقهما فیهما أنه مسقط مع ظهور قصد الرضا بالبیع و الإسقاط به و مع عدم ظهور ذلک منه کالتصرف نسیاناً أو غفلة بل و مع ظهور عدمه کان یعلم أنه قصد الحفظ و الاستخبار أو نحو ذلک و قد یمنع فی غیر الصورة الأولی استصحاباً للخیار بعد تحققه سیما فی الصورة الأخیرة لعدم انصراف الخیار إلیهما و لإشعار قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی خیار الحیوان فیمن أحدث بالحیوان حدثا فذلک رضا منه بالتعلیل بالرضا فی السقوط و عدمه و لکن فیه أنه فی الخبریة و بیان المساواة فی الأحکام أظهر فلا أقل من دخول الصورة الثانیة فی التصرف المانع فیکون الأصل السقوط بالتصرف إلا إذا علم قصد الخلاف و علی احتمال تخصیصه بالاحتمال الأول فهل الأصل و الظاهر من التصرف هو الرضا حتی یقوم دلیل علی الخلاف و إن الفعل مجمل لا دلالة فیه وجهان أظهرهما الأول و هل یحمل الحدیث علی ذلک و یراد منه بیان الأصل و الظاهر من التصرف هو الرضا و هل التصرف المسقط فی خیار الشرط علی الإطلاق حتی قبل تحقق الخیار قیما لو کان خیاره متأخراً أو خاص فیما بعد حصوله فإنه یسقط التصرف الخیار المتأخر فیما إذا اشترط تاخره و فی خیار الرد أو فی فوات الشرط أو فی المؤامرة إلا بعد حلول وقته و حصول الرد و فوات الشرط و وقوع الأمر وجهان أوجههما الأخیر اقتصاراً علی مورد الیقین فی سقوط الخیار بعد تحققه و لم یقم دلیل یشمل جمیع أزمنة التصرف بإطلاقه و جعل الشارع له فی خیار الحیوان بمنزلة الرضا فیکون بمنزلة الإسقاط فلا

ص: 93

یختص بوقت لا یعم جمیع أنواع الخیار لورود ذلک فی الحیوان سؤالًا و جواباً لاختصاص سیاقه به فلا یعم الجمیع فارتفع ما یحتمل أن یقال أن خصوص المورد لا یخصص الوارد فلا یشترط فی سقوط الخیار بالتصرف العلم بالخیار من المتصرف لإطلاق الفتوی و النص و هل یصح أسقاط سقوط الخیار به باشتراط عدم سقوط الخیار به وجهان و هل التصرف فیما انتقل من ذی الخیار فسخ تعبداً أو إذا دل علی ذلک أو یحکم بأنه فاسخ ما لم یعلم عدم القصد به أو قصد خلافة وجوه أوجهها أنه فسخ إذا ظهر منه ذلک بقرائن الأحوال أو المقال أو قضاء عادة أو عرف و أما التصرف فی باقی أنواع الخیار فلم یدل دلیل یشمل باطلاقه جمیع أنواعه فی سائر أزمنة فیقتصر فیه علی مورد الیقین من اجماع أو حدیث نفی الضرار أو غیر ذلک فلا یکون التصرف مسقطاً فی خیار التأخیر إلا بعد الثلاثة و لا فی خیار فوات الشرط إلا بعد فواته و لا فی خیار الغبن و العیب و الرؤیة إلا بعد الاطلاع علی الغبن و العیب و حصول الرؤیة المخالفة أن قلنا بعدم تحقق الخیار إلا بعد الاطلاع و حصول الرؤیة و إلا فلا یکون مسقطاً أیضاً إلا إذا کان فی التصرف نوع تغیر للمتصرف فیه و ما لم یکن فیه تغیر فلا عبرة به لان العمدة فی سقوط الخیار به أما الإجماع أو حدیث نفی الضرار و المتیقن منهما هو ما حصل منه نوع تغیر للصورة أو المادة أو الصفة أو القیمة أو الرغبة إلا فی خیار العیب ففیه کلام و لا یکون مسقطا أیضاً إلا إذا دل علی الرضا أو لم یدل علی شی ء بتاتا علی أن الأصل و الظاهر منه الرضا إلا أن یقوم دلیل علی خلافه و أما لو دل علی قصد غیره من حفظ أو استخبار أو انفاق أو وقع سهواً أو غفلة فلا عبرة به و لا یکون مسقطاً فی خیار الغبن إلا مع العلم به و بدون العلم لا یکون مسقطاً حتی مع تلف العین أو ذهابها علی الأظهر و کذا فی خیار العیب فی وجه قوی و کذا فی خیار الرؤیة أیضاً فإنه لا یکون مسقطاً إلا مع العلم بحصول المخالفة علی الأظهر.

عاشرها: یملک المبیع المشتری و الثمن البائع بنفس العقد

لفتوی الاصحاب و الإجماع المنقول لتعلیق إباحة التصرف بالمال کتاباً و سنة علی وقوع العقد و حصول الرضا و قد وقعا و لانه لو لم یتصف بالصحة حال وقوعه لما اتصف بتعلق الخیار لأنه

ص: 94

لاحق للعقد الصحیح و العقد سبب شرعی فی الملک و التملیک کتاباً سنة فتوقفه علی أمر آخر یحتاج دلیل و لیس فلیس و لانه لو لم ینتقل المال إلی المتعاقدین لبقی موقوفاً کالفضولی و اللازم باطل و للأخبار الدالة علی جواز بیع المتع قبل قبضه مطلقاً من دون تفصیل و الدالة علی أن کل مبیع تلف قبضه فهو من مال بائعه من دون تقیید بمضی زمن الخیار الدالة علی أن مال العبد للمشتری مطلقاً أو مع علم البائع من غیر تقیید و الدلالة علی أن النماء و التلف فی زمن خیار الشرط من المشتری خاصة و الدالة علی أن البیع بعد الشراء من دون تفصیل أو بعد الملک کما فی الصحیح و لان قصد البائع الملک ابتدائه فبدونه ینبغی البطلان فوراً السیرة القطعیة الحاکمة بجواز التصرف من المتعاقدین زمن الخیار فالقول بتوقف الملک علی العقد و انقضاء مدة الخیار أو الالتزام بالعقد أما مطلقاً کالمحکی عن ابن الجنید أو إذا کان الخیار للبائع أو لهما کالمحکی عن الشیخ أو أنه یخرج عن ملک البائع و لا یدخل فی ملک المشتری إلا بعد انقضاء مدة الخیار کما نقل عن الشیخ ضعیف و موافق لفتوی العامة بأی معنی کان سواء کان انقضاء مدة الخیار بناقل من حینه أو ناقل عن أصله أو کاشف له کذلک لضعف دلیله و ما یمکن الاستناد إلیه من الأصل و ظواهر بعض الأخبار کالتعبیر فی خیار المجلس بوجوب البیع و التعبیر فی غیره بنفیه کخیار التأخیر و کالأخبار الدالة علی أن تلف المبیع فی زمن خیار المشتری من البائع لا یعارض ما ذکرنا لما قدمنا من أن التعبیر بذلک أمر معلوم و شائع مفهوم فی نفی اللزوم و القاعدة الأخیرة مسلمة کتلف المبیع قبل قبضه مطلقاً لا مخالف فیهما فیخصص بهما العموم و علی هذا القول الأخیر فلا یصح التصرف من ذی الخیار و لا من غیره فیما انتقل إلیهما و یکون التصرف ممن انتقل إلیه کمن باع شیئاً ثمّ ملکه و یکون نماء المنتقل للناقل و یکون النفقة علیه و یکون احتسابه من أمواله فی خمس أن زکاة إلی غیر ذلک و علی الأول یصح التصرف من المنتقل إلیه مطلقاً و تمضی عقوده نعم لو فسخ ذو الخیار احتمل أن له فسخها لأنها فی معرض الجواز و أحتمل بقاؤها و الرجوع إلیه بالمثل و القیمة لأنها بمنزلة التلف و احتمل فوات الخیار منه فلیس له الفسخ و أحتمل بطلان أصل العقود لا لعدم الملک بل لتعلق

ص: 95

حق الغیر فلا ینفذ العقد حینئذ وجوه أوجهها الثانی و هل التصرف مملک علی القول الأخیر کما أنه ملزم علی القول الأول وجهان و هل الخیار المتأخر فی بطلان العقد به کخیار التأخیر کالمقدم وجهان و هذا مما یبعد القول الأخیر.

حادی عشرها: لو تلف المبیع فی البیع دون غیره من العقود

اقتصاراً علی مورد الیقین و دون الثمن فی وجه قوی و تنقیح المناط مما لم یثبت کمنقول الإجماع قبل قبضه المعتبر فی باب القبض کل بحسبه بآفة سماویة أو أرضیة أو بقصاص أو أتلف نفسه بقتل و نحوه أو حد أو شبهها مما فرضه الشی ء لا بتلف إنسانی من أحد المتعاقدین أو غیرهما و کان معیناً لا کلیاً فأتلفت أفراده و ارتفع وجوده فإنه یثبت به الخیار بین الصبر و الفسخ و أخذ القیمة و کان المشتری غیر ممتنع من قبضه بعد عرضه علیه فتلفه من مال بائعه بمعنی انفساخه من حینه اقتصاراً علی مورد الیقین بعد الحکم بصحة العقد و الملک لا من أصله کما احتمله بعضهم و لا بمعنی ضمانه للمشتری المثل أو القیمة کما قد یظهر من معنی الضمان و الدلیل علی الانفساخ فتوی المشهور و الإجماع المنقول و الروایة العامة و جملة من الروایات الخاصة و لو کان التلف من أجنبی سارق أو غاصب مجهول أو معلوم لم ینفسخ البیع و رجع المشتری علیه بالمثل و القیمة مع احتمال الفرق بین المجهول فینفسخ البیع تنزیلًا له منزلة التلف و للخبر الدال علی أن المبیع إذا سرق من البائع کان من ماله و المعلوم فیرجع علیه و یحتمل أنه یثبت للمشتری الخیار بین الفسخ لحدیث الضرار و بین عدمه فیرجع علی المتلف فإن کان معلوماً أخذ منه و إن کان مجهولًا انتظر ظهوره و کذا لو کان المتلف هو البائع فإن الحکم بالخیار أولی من الحکم بالانفساخ و لو أتلفه المشتری قبل قبضه فالظاهر أنه بمنزلة قبضه فیذهب من ماله لاستبعاد انفساخ العقد مع ضمان المثل و القیمة للبائع مع کونه هو المتلف و لو شارک الآفة السماویة فی التلف الأجنبی أو أحد المتعاقدین فإن استند القتل إلیها فالحکم بالانفساخ واضح و إن استند الیهما فالحکم بعدمه و إن استند إلی الکل مجتمعاً أو کان کل سبب مستقل لو انفرد فالظاهر عدم الانفساخ أیضاً اقتصاراً فی الحکم المخالف للأصل علی مورد الیقین و مع الانفساخ یسترجع من المشتری الثمن أن دفعه و کان

ص: 96

موجوداً فإن تلف فالمثل و القیمة و یلحق بتلفه بیعه أو عتقه أو صیرورتها أم ولد للبائع مع احتمال عودها للمشتری لأنه بمنزلة الملک القهری و احتمال عدم الانفساخ هنا للشک فی شمول دلیله لهذه الصورة و احتمال خروجها عن ملک الأول و عدم دخولها فی ملک المشتری فتبقی بلا مالک ضعیفان جداً.

ثانی عشرها: لو تلف المبیع بآفة سماویة و نحوها فی عقد البیع دون غیره بعد قبضه فی زمن الخیار المختص کان التلف ممن لا خیار له

فلو تلف و الخیار للبائع فلا کلام أنه من المشتری لموافقته القاعدة و لو تلف و الخیار للمشتری خاصة بأصل الشرع کخیار الحیوان أو بالشرط کان التلف من البائع للأخبار الواردة فی خیار الحیوان و خیار الشرط و الإجماع المنقول علی عدم الفرق بینهما و بین غیرهما و لفهم العلة من الروایات أن المدار علی عدم اللزوم بالنسبة إلی أحد المتعاقدین فی ضمان المتلف و لفهم الأصحاب علی ما یظهر منهم و المراد بتلفه من مال البائع انحلال العقد من حینه و رجوع کل إلی ماله علی ما فهم الأصحاب و لا یبعد إلحاق الخیار المشترک بین المشتری و الأجنبی و خیار الأجنبی إذا کان باشتراط المشتری خاصة و خیار عبد المشتری خاصة بخیار المشتری خاصة و لکن لا یخلو من إشکال لمخالفة الحکم للقاعدة فیقتصر علی موردها و کذا إلحاق الثمن بالمبیع إذا کان الخیار للبائع خاصة بمعنی انفساخ البیع حینئذ و یکون الثمن من المشتری فإنه لا یبعد بل هو الظاهر من جملة من الأصحاب إلا أنه لا یخلو من إشکال هذا إن کان التلف بآفة سماویة و نحوها کما تقدم أما لو کان المتلف المشتری فلا ینفسخ العقد بل یذهب المبیع من ماله لأنه أقوی من التصرف و لو کان المتلف البائع أو الأجنبی بقی له الخیار بین الفسخ و ذهاب المبیع من مال البائع و بین الإمضاء فیرجع علی المتلف بالمثل و القیمة و التالف قبل مدة الخیار فی التأخیر تلفه من مالکه علی وفق القاعدة کما أن غیر التالف فی الخیار المشترک بین البائع و المشتری أو التالف إذا کان مبیعاً فی زمن خیار البائع خاصة و التالف فی الخیار المشترک بینه و بین الأجنبی أو المشترک بین الثلاثة أو المشترک الأجنبی منهما أو من البائع خاصة أو من المشتری فی وجه قوی علی وفق القواعد.

ص: 97

ثالث عشرها: یحصل الفسخ من ذی الخیار بالقول و الفعل

و الظاهر أنه یحصل بالوطء و بالعقد الناقل أو العتق و لا یتوقفان علی فسخ متقدم لحلیة الوطء أو نفوذ العقود أو العتق لعدم تسلیم حرمة الوطء المحصل للفسخ و عدم نفوذ العقد المقارن له مع احتمال تقدیر تقدم الفسخ و الملک انما عند إرادة الفسخ بهما فیقع الوطء و العقد موقعها و کذا الإجازة تحصل بالقول أو الفعل أیضاً إذا کانا ظاهرین فی ذلک و لو تصرف غیر ذی الخیار بما انتقل إلیه فالظاهر جوازه للأصل مع احتمال الحرمة لتعلق حق الغیر به و لکنه مخالف لظاهر النص و الفتوی و لو رتب علیه عقوداً قوی القول بنفوذها و یلتزم بالمثل و القیمة عند فسخ ذی الخیار و یحتمل عدم نفوذها إلا مع الإجازة لتعلق حق الغیر بها و یحتمل نفوذها متزلزلًا فلذی الخیار فسخها إلا إذا کان مما یکنی علی التغلیب کالعتق و شبهه لان الحر لا یعود عبداً و لو فعل ذی الخیار فعلًا دالّا علی الإجازة و الفسخ معاً کما إذا اشتری عبداً بجاریة و له الخیار فاعتقهما احتمل تقدیم ما دل علی الفسخ لقوته فیصح عتق الجاریة و أحتمل تقدیم ما دل علی الإجازة استصحاباً لبقاء عقده فیصح عتق العبد و احتمل بطلان القبض و بقاء العقد علی الصحة و الخیار لعدم تحقق ما یوجب الفسخ و امتناع الحکم بأحد العتقین دون الآخر للترجیح من غیر مرجح و احتمل صحة عتق أحدهما و استخراجه بالقرعة و إذا فسخ ذی الخیار فالأظهر کونة العین التی فی یده أمانة و کذا عینه التی فی ید من لا خیار له لا تضمن إلا بالتعدی و التفریط للأصل و الشک فی شمول دلیل الضمان و الظاهر أنه هو المشهور فی الصورتین مع احتمال الضمان فی الصورة الأولی لعموم علی الید و لأن الفسخ جاء من قبله فلا یسقط حق غیرة و لشبهة المقبوض بالسوم و لإقدامه علی ضمانة و هو أحوط.

رابع عشرها: خیار تبعیض الصفقة

و هو ثابت بالنص و الإجماع و الأخبار و حدیث نفی الضرار فمن اشتری أشیاء علی أنها معدودة أو مذروعة أو مکیلة أو موزونة علی نحو خاص فتبین نقصانها أو کان رآها کذلک فتبین نقصانها أو کان رآها بالمشاهدة فیما تکفی فیه المشاهدة علی نحو فتبین نقصانه عنه کان له الخیار بین الرد

ص: 98

للباقی و أخذ جمیع ثمنه و بین الإمضاء واخذ الباقی لمقابلة من الثمن و استرجاعه الباقی کما فی الخبر و هو فتوی الأکثر و یؤیده حدیث نفی الضرر خلافاً للشیخ فخیر بین الرد و بین الإمضاء بجمیع الثمن و هو قول وهن و لا یتفاوت الحال فی هذا القسم بین أن یکون النقصان قد وقع قبل العقد أو بعده قبل القبض لا، ما قبل القبض مضمون علی البائع بمعنی تلفه منه فیساوی ما قبل العقد فی الحکم و کذا لا یتفاوت الحال بین بذل البائع لنقصان مما یساوی الناقص و بین عدمه الإطلاق الفتوی و حدیث نفی الضرار خلافاً للشیخ فاسقط الخیار بالإتمام فی الأرض لو شراءها علی أنها جریان معینة فظهرت ناقصة فإنه إذا أتمها من ارض أخری بجنسها مثلها لزم البیع للخبر الدال علی ذلک و هو ضعیف محمول علی عدم الیقین عند الشراء و یجری هذا الخیار فی جمیع العقود و یتعلق بما اتحد ثمنه تعدد البیع فیه أو اتحد بل لو تعدد العقد إیجاباً و مبیعاً و اتحد الثمن أو تعدد إیجاباً و اختلف متعلقة کبیع و إجارة أو غیرهما مع اتحاد الثمن کان کذلک و لا یدور مدار تعدد القبول و عدمه حکم بعد ما کان الثمن متحداً.

القول فی النقد و النسیئة:

اشارة

النقد هو البیع حالًا بثمن حال من نقدته إذا أعطیته و قبضته سمی به الحال لکونه کالمقبوض بالفعل و النسیئة هو البیع بتأخیر الثمن من النسی ء و هو التأخیر و الظاهر أنهما حقیقتان شرعیتان فی ذلک و الظاهر اختصاصهما فی بیع الکلی فلا یجری فی الشخصی المتأخر تسلیم ثمنه أو الحال و فیهما أمور.

أحدها: الثمن و المثمن إذا کانا شخصین

جاز بیع کل منهما بالآخر مع حلول التسلیم فیهما و مع تأجیله و مع الاختلاف فتجوز الصور الأربع و الظاهر أنه من غیر خلاف و إن کانا کلیین جاز بیع أحدهما بالآخر حالین و لم یجز مؤجلین لأنه من بیع الکالی بالکالی و هو ممنوع عند الأصحاب و ورد النهی عنه و جاز تأجیل الثمن فقط و جاز تأجیل المثمن و هو السلم فهذه صور أربع أیضاً و إن کانا فی ذمتین قبل العقد حالین أو مؤجلین قبل العقد أو بعده فهل یصح بیعها بصورها الست للأصل و عدم دلیل مثبت للمنع أو لا یصح مطلقاً لأنه بیع دین بدین و هو منهی عنه أو لا یصح فی

ص: 99

المؤجلین قبل العقد أو المؤجلین بعده دون الحالین لشبه المؤجلین سیما بعد العقد بیع الکالی بالکالی دون الحالین وجوه أحوطهما المنع مطلقاً و سیأتی الکلام علیها إن شاء الله و إن کانا مختلفین بالکلیة و التشخیص جاز بیع کل منهما بالآخر للأصل سواء فی ذلک المؤجلین أو الحالین أو المختلفین فی الصور الأربع و إن کانا مختلفین بالتشخیص و لو بنیة جاز أیضاً بیع کل منهما بالآخر سواء فی ذلک التأجیل أو التعجیل و التأجیل السابق للدین أو المتأخر بالصور الست و إن کانا مختلفین بالدینیة و الکلیة جاز البیع من صور الست فی ثلاث و هی ما إذا کان أحدهما کلیاً حالًا و امتنع فی ثلاث و هو ما إذا کان أحدهما کلیاً مؤجلًا و کان الثانی دینا حالًا أو مؤجلًا قبل العقد أو بعده علی الأظهر فهذه ثلاثون صورة ینبغی التأمل فیها.

ثانیها: إطلاق العقد یقضی بالتعجیل

لاقتضائه الملک المقتضی لدفعه للمالک و شرطه مؤکد إلا أن فائدته التسلط علی الخیار عند تأخیره سواء اشترط التعجیل مطلقاً أو التعجیل فی وقت خاص فاخرة عن ذلک الوقت و یجوز اشتراط التأجیل إذا کان مضبوطاً آخره بما لا یحتمل الزیادة و النقصان من جهة وقوعه کقدوم الحاج أو من جهة عدم العلم به کظهور الصاحب و قیام الساعة أو من جهة اشتباه لفظه لکونه قدراً مشترکاً کالی یوم جمعة أو شهر رجب أو لکونه مشترکاً لفظیاً کربیع و جمادی و طلوع الشعاع کل ذلک لمکان الغرر من غیر فرق بین التحدید بحرف الجر أو التحدید بالشرط إلا إذا انصرف ظاهر الخطاب إلی أول جمعة أو أول رجب کما هو الظاهر من تعریف أیام الأسبوع أو إلی الربیعین و جمادین و لا فرق بین المدة القصیرة و الطویلة و لو زادت علی العمر فلو مات من علیه الأجل ما علیه و یکون لوارثه الخیار لأن للأجل قسط من الثمن فیکون کتبعیض الصفقة فی وجه قوی و لو أجل لقیام الساعة احتمل بطلان العقد صحة معجلًا لکونه من الشرائط الملغاة و هل تأجیل الثمن حق للمشتری فقط فلا یجوز للبائع مطالبته قبله و إلا فلو دفعه إلیه قبله وجب قبوله أو حق لهما فلا یجب علی البائع القبول وجهان أوجههما الأخیر.

ص: 100

ثالثها: یشترط فی البیع الجزم

و التیقن فی ثمن أو مثمن فلو باع شیئاً بأحد الثمنین مطلقاً أو بأحدهما علی تقدیر دفعه فی زمان أو مکان أو حال أو وصف و بالآخر علی تقدیر آخر أو اشتری شیئین أحد المبیعین مطلقاً أو أحدهما علی تقدیر و الآخر علی تقدیر آخر أو باع أحد الشیئین بأحد الثمنین علی تقدیر و الآخر علی تقدیر آخر بطل البیع للأصل و عدم انصراف أدلة العقود جنساً و نوعاً لما اشتمل علی ذلک و للغرر و الجهالة و لما ورد من النهی عن شرطین فی بیع و عن بیعین فی بیع الشامل لفروض المسألة المؤید بفتوی المشهور و بقاعدة الجزم فی العقود المسلمة عندهم و بظاهر الاتفاق علی بطلان تأثیر المردد فیه علی أن أثره التخییر فیه کما هو المفهوم منه فعلی ما ذکرناه لا یصح بیع شیئین بثمنین أقل و أکثر الأقل فی مقابلة الحلول و الأکثر فی مقابلة التأجیل أو الأقل فی مقابلة الأجل الناقص و الأکثر فی مقابلة الزائد لما ذکر و ذهب الشیخ إلی أن للبائع أقل الثمنین إلی أبعد الأجلین استناد الروایة النوفلی عن السکونی و هو ضعیف لا یعارض ما قدمنا لضعفه سنداً و لاشتماله علی ما لا یقتضیه القواعد لأن العقد أن صح فالمذهب التخییر و إن فسد کان الثمن سحتا فدفع أقل الثمنین فی أبعد الأجلین تجارة عن غیر تراض و أکل مال بالباطل و الاستناد إلی الصحیح الآتی غیر صالح لإجماله و عدم وضوح دلالته و دعوی أنه من باب الأسباب الشرعیة و الأحکام القهریة جاء به الدلیل لا من باب تأثیرات العقود إلا الاختیاریة و النواقل الوضعیة لا وجه لها لافتقار الحکم بها إلی دلیل واضح و برهان لائح و لا یتفاوت الحال فی هذا الحکم بین بقاء العین أو تلفها و یجب مع تلفها رد المثل أو القیمة خلافاً لجمع من أصحابنا فأوجبوا أقل الثمنین فی أبعد الأجلین زاد علی قیمته أو نقص عنها و الإجماع المنقول و هو ضعیف لمخالفته القواعد و فتوی المشهور و للصحیح من باع سلعة فقال أن ثمنها کذا و کذا یداً بید و کذا نضره فخذ بأی ثمن شئت و جعل منفعتهما واحدة فلیس له إلا أقلهما و إن کان نضرة و فیه أنه مجمل الدلالة یخالف طرفاه وسطه مشعر بما قاله الشیخ سابقاً و لیس فیه دلالة علی التلف بوجه و لیس فیه تصریح بوقوع الإیجاب علی ذلک النحو عند التزام صیغة البیع و لا وقوع القبول فلیطرح أو یحمل علی وقوع التردید

ص: 101

بالمقاولة قبل البیع و علی إرادة الإرشاد إلی الأخذ بالأقل من النفی و ما بعده أو یحمل علی الأمر یأخذ ثمن معین و نفی جواز التردید أو أنه لیس له حینئذ إلا الأقل فتأمل أو یحمل علی أن الأقل هی قیمته بعد التلف أو غیر ذلک و علی القول الأول أو الأخیر کان الحکم مخالفاً للقواعد فیتوقف فیه علی مورد الروایات من البیع و التردید بین ثمنین و کان أحدهما حالًا و الآخر مؤجلًا فلا یسری للمؤجلین قریباً و بعیداً کما سبقه بعض الأصحاب لخروجه عن مورد الروایة.

رابعها: یجوز شراء ما بعده نسیئة قبل حلول الأجل نسیئة و نقداً بنقصان و بزیادة بجنس الثمن و بغیره

للعمومات و لخصوص ما جاء فی ذلک و لفتوی الأصحاب و فی بعض الأخبار ما یدل علی النهی عن البیع نسیئة علی من کان له مطلوباً بطعام أو بقر أو غنم و هو مجمل لا تصریح فیه بالنهی عن ما نحن فیه مع أنه مخالف للفتوی و الروایة فلیحمل علی الکراهة هذا کله إذا لم یشترط حین البیع و إلا لم یجز الشراء ثانیاً قیل بلا خلاف و تدل علیه روایة قرب الإسناد فیمن باع ثوباً بعشرة فأراد شراءه بخمسة قال إذا لم یشترط و رضیا فلا بأس و ظاهر أن الشراء الثانی لیس ممنوعاً مع الشرط تعبداً مع صحة البیع الأول بل ممنوع بفساد العقد الأول أیضاً بل ظاهرهم شمول ذلک بیع النسیئة و غیره بل شموله لسائر العقود لأنهم عللوا المنع بأن بیعه ثانیاً علیه موقوف علی ملکیته له الموقوفة علی بیعه و بعدم القصد إلی نقله إلی المشتری مع الشرط و هما ضعیفان أما الأول فلأن التوقف علی حصول الشرط هو لزوم البیع لا صحته غایته أن تملک البائع موقوف علی تملک المشتری و أما تملک المشتری فلا یتوقف علی شی ء و لأن هذا جار فی سائر الشروط کشرط العتق و شرط بیعه للغیر و لا قائل ببطلان البیع فیها قطعاً علی أن اشتراط بیعه بعد الأجل مما یوجب تخلل ملک المشتری فلا وجه لمنعه نعم لو شرط فی بیعه أنه بعد بیعه یکون مبیعاً علیه کان من البیعین فی بیع و هو ممنوع و أما الثانی فلان اشتراط بیعه منه ثانیاً مما یؤکد القصد إلی البیع الأول لا مما ینافیه و الحق جواز البیع الأول و صحة الشرط و جواز البیع الثانی إلا أن ینعقد إجماع علی عدم جواز البیع الثانی أو بطلان البیع الأول فلا تسوغ مخالفته و ما استند إلیه بعض

ص: 102

المتأخرین مما ورد فی من یشتری المتاع ثمّ بیعه ثمّ یشتریه مکانه فقال إذا کان بالخیار إن شاء باع و إن شاء لم یبع و کنت أنت بالخیار أن شئت اشتریت و إن شئت لم تشتر فلا بأس مجمل لا یصلح أن یکون شاهداً لدعوی البطلان مع الشرط و غایته تحریم الشراء ثانیاً و هو غیر المراد و أما شراء ما باعه بعد حلول الأجل فجائز بجمیع صوره و لعموم الأدلة و خصوصها إلا فیما إذا شراه بجنس ثمنه الذی باع به أو لا بزیادة أو نقصان ففی جوازه قولان و روایتان أشهرهما روایة و فتوی الجواز و جملة منها و إن کان ظاهرها الاستیفاء من المشتری ما علیه لا الشراء منه إلا أنها بإطلاقها شاملة للوفاء و الشراء و الأخری و أفتی به الشیخ المنع و هی ضعیفة عن مقاومة الأخبار سنداً و عدداً و دلالة إلا أن فی أحدهما النهی عن الشراء بعد الأجل مطلقاً و إنه لا خیر فیه و فی الثانیة الأمر بالأخذ بسعر یومه فمضمون الأولی لا یقوله أحد فحملها علی الکراهة سیما بضمیمة قرینة قوله لا ضیر فیه خیر من حملها علی النهی عن الأخذ بزیادة أو نقیصة و الأمر بالأخذ بسعر یومه أعم و العام لا یدل علی الخاص علی أن موردهما الطعام فلا تضم سائر أفراد المقام.

خامسها: لا یجب علی المشتری دفع الثمن قبل الأجل

و علی البائع دفع المبیع کذلک لو کان مؤجلًا و لا یجب القبول علی البائع لو دفع إلیه الثمن قبل أجله و کذلک المشتری بالنسبة إلی الثمن علی ما نقل علیه الإجماع و نطق به ظاهر الأصحاب و لو لا ذلک لأمکن القول بالوجوب سیما إذا کان الاشتراط من المدیون و لغرض التوسعة علیه للإرفاق بنفسه أو منهما مراعاة لحال الغریم لا تحدید الابتداء أو التأدیة بالتأدیة و لو اشترط المدیون علیه القبول إذا جاء به قبل الأجل صح الشرط و لزمه القبول و التأجیل لیس تعلیقاً للإفساد لامتناع التعلیق فیه و لا تعلیقاً أو تأخیراً للملک لأن أثر العقد لا یؤثر و إنما هو تحدید للتأدیة فقبل الأجل لا یجب الأداء و إن تحقق الشغل و صح ضمانه و الأجل حتی یصح الصلح علی إسقاطه فیطالب فوراً و هل یسقط بالإسقاط من دون صلح کسائر الحقوق المالیة یتحمل ذلک و الأوجه خلافه حتی أنه و أسقطه جاز أن یعود إلیه و یجوز الصلح علی الدین ببعضه حالًا کما دل علی ذلک

ص: 103

النص و الفتوی و یکون بمنزلة الإبراء و لا یحتاج إلی الصیغة الصلح علی الأظهر فی الأخبار و ربما یقال أنه عقد مستقل جاء به الدلیل و لا یجری سائر المعاوضات لاتحاد العوض و المعوض فیقتصر فیه علی مورد الیقین إذ کما لا یجوز تأجیل الحال أو زیادة المؤجل بأزید منه للزوم الربا فی القرض أن شرط فی عقد اقرض و الربا فی المعاوضة أن حققت فیه شرائط الربا و یجوز أن لم یشترط فی القرض أو یکون فیه مانع و لو دفع الغریم الدین بعد حلوله للدیان فأبی أن یقبله دفعه للحاکم و برأ من ضمانه و لا یبعد أن له ذلک إذا کان الدیان غائباً لأن شغل الذمة ثقیل و ربما یقال لعدم الاحتیاج للرجوع إلی الحاکم بل له تعیینه عند الامتناع و طرحه علیه أو إبقاءه عنده أمانة و یبرأ من ضمانه ما دام لم یتصرف فیه کما إذا لم یمکنه الرجوع إلی الحاکم و هل مع تعیینه و إبقائه أو طرحه علیه یکون للدیان و نمائه له أو هو باق علی ملک المدیون و لکن ذمة المدیون مفرغ بعزله و طرحه علیه أو إبقائه عنده أمانة فإن تلف کان من مال البائع عقوبة له علی امتناعه وجهان و من باع أو نقل مرابحه أو مواضعه أو تولیة من دون ذکر أجل بعد أن انتقل إلیه بأجل صح البیع لعموم الأدلة و الإجماع و کان له الخیار لحدیث نفی الضرار و لفتوی المشهور من الأخیار و قیل أن للمشتری من الأجل مثل ما کان له قهراً بحکم الشارع سواء قصد المشتری الحلول أو قصد شراء المبیع علی نحو شرائه سابقاً للأخبار المعتبرة و فیها الصحیح و فیها من اجتمعت العصابة علی تصحیح ما یصح و القول به لا بأس به من جهة الأخبار المعتبرة الصریحة المعمول بها فی الجملة و حملها علی استحباب التأخیر عن المطالب من البائع بعید و علیه فهو حکم شرعی یختص بالبیع ثانیاً و لا یجری إلی غیره اقتصاراً علی ما فی الأخبار و یختص بالمرابحة أیضاً لذلک و یختص بالبیع الحال فلو باعه بأجل مساوی للأجل الأول أو ناقص أو أزید لم

یکن علیه مثل ذلک الأجل و یختص بما إذا لم یشترط علیه أنه اذا تبین لک الأجل فلیس لک أجل و یجوز تأجیل القرض الحال بعقد لازم فیلزم التأجیل و لا یلزم لو کان التأجیل بنفس عقد القرض و کما یجوز التأجیل بالعقد اللازم یجوز جعل مال عرض التأجیل بذلک العقد أیضاً فی مقابلة غیر الأجل حیلة و یشترط التأجیل فیه فیجوز أن

ص: 104

یقول فی الأول بعتک کذا بکذا علی أن لا تطالبنی بدینک إلی سنة و یقول فی الثانی بعتک هذا و هو یساوی عشرة بمائة علی أن أجل لک الدین إلی السنة و یکون هذا حیله فی تأجیل الدین بربح و یدل علی جوازه عموم الأدلة و الشک فی شمول أدلة المنع من الربا له و خصوص الأخبار المتکثرة المعتبرة الدالة علی جواز بیع ما یسوی قلیلًا من المال بکثیر علی أن یؤجل له الدین فالحکم لا شبهة فیه و لا یجوز جعل مال عوض التأجیل بحیث یکون هو العوض لا بصلح و لا بغیره و حکمه کحکم جعل مال فی عقد القرض فی مقابلة الأجل فی کون کل منهما رباً و نفع فی نفس القرض.

القول فیما یدخل فی المبیع.

اشارة

و فی کل منقول معاوضة أو مجاناً کالهبة و الوقف و الوصیة و هو قسمان.

أحدهما: ما یدخل بحکم الشرع

أما تعبداً کالوصیة بالسهم و الجزء مثلًا و أما لکونه من الأسباب الشرعیة لذلک و هو قریب لذلک و أما لکونه کاشفاً عن العرف و ضابطة کل شی ء حکم الشرع بدخوله و لم یدل علیه عرف أو لغة أو کان مقصوداً للمتعاقدین و یمکن تنزیل دخول غیر المؤبد من ثمر النخل فی بیع النخل علی ذلک و کذا تنزیل ما جاء من تبعیة الحمل للحامل فی بعض الموارد و ما جاء من أن من اشتری نخلة أو استثناها من بیع البستان کان له المردود دخولًا إلیها و خروجاً عنها و مدی جری یدها من الأرض علی ذلک علی ما ذکرناه.

و ثانیهما: ما یدخل بحکم العرف و اللغة

معناه أنه یدخل فی بیع شی ء مذکور بلفظه أو بالإشارة إلیه بقرینة أو إضمار أو فعل بیع شی ء آخر معه فیکونا مبیعین ببیع واحد کما أن الأمر بشی ء أمر بمقدمة أو نهی عن ضده و لیس المراد أنه یدخل بنفس لفظ المبیع ضرورة خروج کثیر مما یدخل فی بیع شی ء عن مصداقه کنعل الدابة و ثیاب العبد و لا المراد أنه یلزم المبیع عقلًا أو عرفاً ضرورة أن المکان من لوازم المبیع و لا یدخل فی بیعه و الحائط من لوازم السقف و لا یدخل فی بیعه نعم ما یدل علیه المبیع مطابقاً أو تضمناً لا ریب فی دخوله لأنه نفس مبیعه و حینئذ فالضابط إما صدق المبیع علیه لغة أو عرفاً أو کونه مدلولًا له تضمنیاً أو کونه مما یحکم العرف ببیعه عند بیع ذلک

ص: 105

الشی ء أما علی سبیل القصد التفصیلی و ملاحظته من غیر أجمال أو علی سبیل القصد الإجمالی بحیث لو سئل عما باع لقال بعت هذا و هذا و لو خلینا و القواعد لمنعنا بیع ما لا یدخل فی لفظ المبیع لعدم وقوع البیع علیه لعدم استعماله لفظ المبیع فیه قطعاً و عدم تقدیره و نصب قرینة علیه وقت البیع بل قد لا یستحضر حین العقد فلم یتعلق به بیع إلا ضمناً علی جهة الإجمال و کون مثل هذا الإجمال فی قصد النقل و الانتقال مما یکفی محل نظر و سؤال إلا أن ظاهر بعض الأخبار و فتوی الأخیار و السیرة القطعیة فی الباب مما حکمت بصحة هذا النقل و ترتب أثره علیه فلا محیص عن الحکم بذلک و کما دلت علی أصل الحکم دلت علی اغتفار الجهالة فیه و الاکتفاء بالقصد الإجمالی إلیه حتی لو صرح به و أخذ شرطاً أو جزءاً کما یظهر من السیرة و فتوی الأصحاب و هذا معنی قولهم یغتفر فی الثوانی و التوابع ما لا یغتفر فی الأوائل و المتبوعات فلا یشترط فیه العلم به قدراً أو مشاهدة أو عدداً و لا یشترط کونه عیناً بل یدخل و لو کان منفعة أو انتفاعاً فینقلان بعقد البیع و أن لم یصح أجراء صیغة البیع علیهما کما لا یملک مشتری الثمرة إبقاؤها علی النخلة بعقد بیعها و شرائها و کذا مشتری الزراعة و مشتری الأشجار و یکون ذلک من قبیل الشرائط الضمنیة إلا أن الفرق بینها و بین الشرائط الابتدائیة أن الابتدائیة لا تلزم إلا بالتصریح بها بخلاف هذه التابعة لعقد البیع فإنها تلزم و إن لم یصرح بها و المدار فی کشف قصد المتعاقدین کون هذا مما یدخل فی بیعه بحسب عرفهما الخاص و هو مقدم علی غیره لأن الظاهر المتکلم یتکلم بعرفه و الحقیقة الشرعیة من العرف الخاص عند أهل الشرع فإن لم یکن لهما عرف خاص کان المدار علی العرف العام لأنه الظاهر عند فقد الخاص فإن لم یکن فاللغة لما ذکرنا هذا إذا علقا البیع علی نفس الاسم من دون ملاحظة أو قصد الإجمال أو شکا بقصدهما أو لم یعلم الغیر قصدهما و إن علم أنهما قصدا خلاف ذلک کأن قصدا خروج ما هو داخل عرفاً اتبع قصدهما قطعاً و إن انعکس الأمر فعلم أنهما قصدا دخول ما کان خارجاً عند أهل العرف علی وجه أنهما یدخلاه تبعاً لا علی أن اللفظ المذکور مستعمل فیه و فی معناه مجازاً ففی صحة البیع إشکال و إن کان الأوجه الصحة و یکون کالمبیع المضمر و لو

ص: 106

اختلفت اصطلاحهما فی الداخل و الخارج وجب البیان و إلا بطل البیع للجهالة سواء علماً اختلاف الاصطلاح أو لم یعلماه و هنا أمور.

أحدها: لا یدخل فی بیع الأرض و ما فی معناها ما کان مثبتاً فیها من زرع أو نخل أو شجر کان بقاؤه زمناً طویلًا أو قصیراً کان فوق الأرض أو کان کامناً فیها للأصل و قضاء العرف سواء قال بحقوقها أو لم یقل لأن أهل العرف لا یریدون بالحقوق إلا مجری ماء الأرض و ممرها و نحو ذلک خلافاً لمن قال بالشمول إذا قال بحقوقها استناداً لما لا یصلح سنداً نعم لو قال ما دار علیه سورها أو أغلق علیه بابها دخل المکان العرف و العموم و یشترط معلومیة أن کان ظاهر أو أن کان مستوراً من شأنه ذلک ککثیر من الأحجار و جملة من المزارع کفی رؤیة ما ظهر و به یندفع عرفاً الغرر سیما فی التوابع و الثوانی و مع عدم دخول ذلک فلو وجد و علم به المشتری فلا خیار و یجب علیه إبقاءه مدة بقائه عرفاً فالزرع له مدة و الشجر له مدة و النخل له مدة و لا یجبر المشتری البائع علی القلع سواء تضرر البائع بالقلع أم لا و سواء تضرر المشتری بالإبقاء أم لا بل لو تضرر البائع بالإبقاء لکان له الإبقاء أیضاً کل ذلک لأنه من حقوقه قضی به عقد البیع ضمناً فیکون کالشرائط الضمنیة عرفاً الصادرة من البائع علی المشتری أو الصادرة من المشتری علی البائع کما إذا اشتری ثمرة أو اشتری زرعاً أو اشتری نخلًا أو شجراً فإن للمشتری الإبقاء فی ملک البائع قضاء لحق العرف و تنزیلًا لهذا الشرط الضمنی منزلة المصرح به بل لو صرح به کان مؤکداً و یغتفر فی هذا الشرط الجهالة فی المدة لکونه تابعاً عرفاً فیغتفر فیه ما لا یغتفر فی غیره المتبوع و یملک البائع و المشتری الانتفاع لا المنفعة لأنه مورد الیقین فلو قلعه أحدهما أو تقلع بآفة سماویة لم یکن لأحدهما علی الآخر شی ء نعم لو قلع أحدهما قبل أوانه کان للآخر إرجاعه إن أمکن و یجب تبقیته إلی أوان حصاده و دیاسته و تصفیته و نقله و لا یجوز له قلعه و إن لم یحصل بالقلع ضرر أو دفع أرش النقصان و لو خرج الزرع الخاص عن معتاد الزرع المتعارف فالظاهر جواز قلعه لمالک الأرض و لا یجب إبقاءه و لو دفع إلیه أجرة علی الإبقاء و کذا لو تضرر البائع بالقلع و لم یتضرر المشتری مع احتمال وجوب الإبقاء علی المشتری مع تضرر البائع

ص: 107

و عدم تضرره و بذل الأجرة و مع عدم علم المشتری فله الخیار بین الفسخ و بین الإبقاء مجانا و لیس له الأرش لاختصاصه بالعیب و لا أجرة له لو طلبها أیضاً مع احتمال لزوم الأجرة فی هذه الصورة لعدم علمه ابتداءً بکون الأرض مشغولة و لو بذل البائع الزرع للمشتری أو قلعه بسرعة فالأظهر عدم سقوط الخیار لاستصحابه و لو أراد البائع القلع قبل المدة کان له سواء تضرر المشتری بالقلع أو لا لأنه حق له نعم لو بقیت الأرض بقلعة قبل المدة احتمل أن للمشتری الارش و لو تعیبت الأرض بقلعه بعد المدة ففی ثبوت الأرش وجهان.

ثانیها: لا یدخل الثمر فی بیع الشجر و لا النخل بعد الانعقاد و لا الورد قبل تفسخه للاصل و لعدم حکم العرف بذلک و لظاهر الإجماع لا ثمر النخل قبل تأبیره فیدخل بحکم الشارع تعبداً أو لکشفه عن العرف لمفهوم الأخبار المعتضدة بالإجماع المنقول و فتوی الأخیار و الحکم لمخالفة القاعدة یقتصر فیه علی مورد الیقین من النخل دون غیره و من إناثه دون ذکورة لأنه الفرد المتعارف و علی البیع دون غیره من عقود المعاوضة و غیرها علی الأقوی و لو أبرّ بعض البستان دون بعض لحق کلا حکمه و فی النخلة الواحدة یحتمل کونها للمشتری لصدق عدم تأبیر النخلة و احتمل کونها للبائع لصدق أنها مؤبرة عرفاً و یحتمل لحوق کل حکمه و هو الأظهر و یجب علی المشتری إبقاء الثمرة إلی أوان صلاحها عرفاً و عادة کما یجب علی البائع لو باع ثمرة و لو اختلفت العادة فی الإبقاء لزم البیان للزوم الغرر مع احتمال الأخذ بأقل العادتین للأصل أو أکثرهما للاستصحاب أو القرعة بعد صدور العقد و لو کان لکل من المتعاقدین عادة احتمل تقدیم الناقل و المنقول إلیه و البطلان و لو کانت فی وقت العقد عادة فزادت احتمل لزوم الإبقاء إلیها مع الأجرة و احتمل لزومه مجاناً و احتمل جواز القطع مجاناً و احتمل مع الأرش بحکم الشرع سواء تضرر بالإبقاء أم لا و سواء تضرر مالک الثمرة بالقلع أم لا بل لو تضرر بالإبقاء لم یجز إجباره علی القلع مع احتمال ذلک لأن الإبقاء کان لمصلحته و حیث یلزمه الفساد بالإبقاء یسقط حقه و قیل أن لمالک الأصول القلع مع تضرره بالإبقاء حتی لو تضرر صاحب الثمرة بالقلع ترجیحاً لجانب

ص: 108

الأصول إلا أن علی صاحب الأصول الأرش علی إشکال و هذا لا نقول به و یجوز لمالک الثمرة القلع أی وقت أراد لان الإبقاء حق له سواء تضرر بالقلع أم لا و سواء تضرر صاحب الأصول بها أم لا لإقدام صاحب الأصول علی ذلک مع احتمال ثبوت الأرش علی صاحب الثمرة لو تعیبت الأصول بالقلع جمعاً بین الحقین و ربما قیل أن صاحب الثمرة إذا لم یتضرر و تضرر صاحب الأصول ضرراً لا یتحمل عادة لزم القطع أن تضرر بالإبقاء و الإبقاء أن تضرر بالقطع و یحتمل تقدیم حق المشتری مطلقاً سواء اشتری الأصول أو اشتری الثمرة و یحتمل تقدیم حق البائع مطلقاً کذلک و الثمن قبل الانعقاد و الوارد قبل تفسخه للمشتری قضاءً لحق العرف.

ثالثها: لا تدخل فی بیع الأرض الأحجار الموضوعة فیه

و لا الکنوز و لا الخبایا إلا إذا کانت أرض دار معمورة فخربت فوقعت أحجارها فیها فإنها تدخل کما تدخل فی بیع الدار و لو اشتری أرضاً فیها أحجار عالماً بها لزم البیع و له إجبار البائع علی نقلها لتفریغ المبیع و لا یستحق أجرة علی مدة القلع المتعارف و یستحق علی المدة الزائدة فی وجه و لو أثر القلع حفراً وجب علی البائع تسویة الحفر و طمه و قد یقال بوجوب الأرش لأنها جنابة تضمن بالقیمة و لو لم یکن المشتری عالماً بالأحجار فإن کانت یسیرة یعتاد وجودها فی الأرض فلا خیار و إن کانت کثیرة لا یضر إبقاؤها و لا یؤثر قلعها ضرراً و لا یفوت بسببها منفعة علی المشتری و لا یفتقر قلعها إلی زمن کثیر فلا خیار أیضاً و إن کانت متصفة بأحد ما ذکرناه ثبت للمشتری الخیار علی الأظهر لحدیث نفی الضرار فإن فسخ فلا کلام و إن أمضی فلا أرش له إلا إذا کانت عیباً و له جبر البائع علی القلع و لا أجرة له علی مدة القلع المتعارف و له علی الزائد فی وجه و لو بذل البائع الحجارة للمشتری أو أعرض عنها له أو ملکه إیاها بعقد معاوضة فالظاهر عدم سقوط الخیار لاستصحاب مع احتمال السقوط و لو بذل البائع الأجرة علی الإبقاء لم تجب إجابته سواء تضررت أحجاره بالقلع أم لم یتضرر و سواء کان الإبقاء مضراً بالمشتری أنم لا بل لو تضرر بالقلع أیضاً لم تجب علیه إجابة البائع لأنه حق له فلا یجب علیه لدفع ضرره أو ضرر غیره و لا یجب علی المشتری دفع الأرش لو نقصت

ص: 109

الحجارة أو تعیبت أیضاً للأصل و لإقدام البائع علی ذلک و الأحجار المتخلفة فی الأرض یدخل فیها إذا کانت صغار و لیس لها قیمة یعتد بها و تخرج عن بیعها و إن دخلت فیها إذا کانت کباراً أولها قیمة یعتد بها لمکان العرف و کذا المعادن تخرج عنها إذا کانت منطبعة أو کانت کالیا قوت و الزمرد و العقیق و تدخل فیها إذا کانت شیئاً لا یعتد به لقلته و یدخل ما فوق المعدن و ما تحته قطعها.

رابعها: یجوز لصاحب الأصل و لصاحب الثمرة سقی النخل

لمصلحته إذا لم تتضرر الأرض بالسقی فإن امتنع أحدهما أجبر الممتنع الحاکم أو العدول حسبه أو صاحب المال مرتباً علی الأظهر و لو لم تکن مصلحة لأحدهما و لا ضرر بعود علیهما بالسقی و عدمه ففی جواز إجبار الممتنع أو حرمة التصرف إلا بإذن من الآخر أو ترجیح جانب الأصول وجوه أحوطها الوسط و لو أضر بأحدهما و لم تکن فیه مصلحة للآخر فالأقوی عدم جواز جبر الآخر و الدلیل نفی الضرار و لو أضر السقی بواحد و قرن عدمه للآخر مصلحته فقط و لم یضره الترک فالظاهر أن حکمه کحکم الأول و لو أضر السقی بأحدهما و أضر عدمه بالآخر أحتمل أن لهما الخیار فی فسخ العقد حینئذ لعدم إمکان الجمع و لحدیث نفی الضرار احتمل القرعة فمن وقعت علیه تحمل الضرر و هل یتحمله مجاناً أو مع الأرش وجهان و یشکل الأرش فیما لو أحاط بقیمة ما للآخر من الأصول أن ملکها أو الثمرة کذلک و احتمل تقدیم حق البائع لسبق حقه أن وقع بینهما بیع سواء باع الثمر أو الأصول و احتمل تقدیم حق المشتری مطلقاً لإقدام البائع علی تسلیط المشتری علیه و المشهور هو الأخیر و علیه فهل یقدم حقه مجاناً حتی لو أتلف به جمیع حق البائع و حتی لو کان ضرره یسیراً أو یقدم حقه مع الأرش حتی لو أحاط بجمیع ما یملکه البائع قیمة أو یفرق بین الضرر الکثیر و الیسیر أو بین ضمان الکثیر المحاط بقیمة ماله و عدمه وجوه و الظاهر أن الرجوع للترجیح فی تحمل الضرر قلة و کثرة و فی الجیران کذلک هو الأقوی و بقیت مسائل کثیرة ذکرناه فی شرح القواعد:

ص: 110

القول فی التسلیم

اشارة

و هو مشترک بین معان متعددة:-

أحدها: التقبیض و هو المراد هاهنا و عبر جمع بالقبض کما هو کثیر فی الأخبار و المراد به التقبیض الذی هو من فعل البائع لدوران جل الأحکام علیه دون القبض الذی هو من فعل المشتری و یؤیده تفسیرهم له بالتخلیة التی هی من فعل البائع مع احتمال ارادة القبض نفسه الذی هو من فعل المشتری و یؤیده تفسیرهم له بالتخلیة التی هی من فعل البائع لتلازمهما غالباً فتدور الأحکام مدارهما کذلک و لما کان القبض و التقبیض و التسلیم من الموضوعات العرفیة أو الشرعیة التی تدور مدارها أحکام کثیرة من التلف قبل القبض فی المبیع و من جواز بیعه قبله فیه و عدمه و من لزومه فی بیع الصرف و السلم و من ثبوت الخیار قبله إلی ثلاثة أیام و من اشتراطه فی الرهن و الهبة و الوقف و غیر ذلک لزم بیان المعنی العرفی فیه أو المعنی الشرعی أن کان حقیقة شرعیة مطلقاً أو فی شی ء خاص کالکیل و الوزن فیما یکال أو یوزن و الظاهر أن العرف و الشرع متطابقان فی معناه و ما ورد من بیانه فی لسان الشارع کاشف عن العرف و لیس مثبتاً لمعنی جدید و معنی التقبیض علی الظاهر قدر مشترک بین جمیع أفراده و هو رفع المالک المنع عن ملکه و استیلاء الآخر علیه بتخلیته بالتخلی بینه و بینه أو بنقل أو کیل و وزن أو تقبیض بید أو شبهها و یحتمل فیه الاشتراک اللفظی و یحتمل کونه بمعنی الکیل و الوزن معنی شرعی لا عرفی و یحتمل أن الکیل و الوزن تقبیض حکماً لا اسماً و أما القبض فهو فیما لا ینقل بمعنی السلطنة و التخلی للمشتری و فیما ینقل نفس النقل و کذا فیما یکال و یوزن نفس الکیل الوزن و فیما یقبض بالید نفس القبض فیکون مشترکاً لفظیاً أو نفس السلطنة إلی تلک فیکون مشترکاً معنویاً و لا یبعد أن الکیل و الوزن معنی شرعی له او داخل فیه بالحکم لا بالاسم

و هنا أمور.

أحدها: التقبیض فیما لا ینقل هو التخلیة و رفع سلطنته عن ملکه

و تسلیط المشتری علیها بقول أو فعل للعرف و الإجماع بقسمیه علی الظاهر و یکتفی بکل ما دل علی رفع السلطنة و لا یفتقر إلی الإذن کما یتوهم من أن التخلیة لو لم تکن هی الإذن

ص: 111

لم تکن تقبیضاً لأنه أمر وجودی و التخلیة من دون الإذن أمر عدمی لمنع لزوم کون التقبیض أمراً وجودیاً.

أولًا: منع کون التخلیة أمراً عدمیاً بعد أن تکون عبارة عن رفع السلطنة.

ثانیاً: نعم لا یبعد القول بافتقارها إلی تجدید نیة من البائع لتحقق صدقها أو افتقارها لمضی زمان یمکن وصول المشتری و شبهه إلی المبیع بنفسه أو بوکیله و بدون ذلک لا تسمی تقبیضاً عرفاً إلا أن الأقوی عدم الاشتراط و الظاهر أنه لا یتفاوت فی أن التقبیض هو التخلیة فیما لا ینقل و غیره من منقول أو مکیل أو موزون أو مقبوض بالید مع احتمال أنه لا یتحقق فی المنقول إلا بعد نقله عنه و فی المکیل و الموزون إلا بعد کیل المشتری له أو وزنه و فی المقبوض بالید إلا بعد وضعه فی الید إلا أن الأقوی ما ذکرناه هذا فی التقبیض و التسلیم و أما نفس القبض و التسلیم فالظاهر أنه التخلی للمشتری و السلطنة منه فیما لا ینقل و أما فیما ینقل فلا یبعد أنه کذلک مطلقاً إلا أن الأقوی عدمه لما قیل من أن العرف یأباه و الأخبار تدفعه نعم قد یقال أن التخلی رافع لحکم الضمان فهی بحکم القبض إلا أنه لم یقم دلیل صالح علی ذلک نعم الانتفاع من المشتری رافع لحکمه و قد یفرق بینهما و قد یرد القول برفع الضمان مع التخلی خبر عقبة الدالة علی ضمان البائع للمتاع حتی یخرج المبتاع من بیته و فیه أنه من المحتمل أن البائع لم یخل بینه و بین المشتری و لو خلی لما ترکه المشتری عنده و یکون حکمه بالضمان حتی یخرجه من بیته مبنیاً علی الغالب من التلازم بین التخلیة من البائع و إخراج المشتری له و علی کل حال فالأقوی فی المنقول من الحیوان و شبهه مما لا یکال و یوزن و لا یقبض بالید هو نقله للإجماع المنقول و العرف و خبر عقبة و الظاهر فی ذلک حیث قال فیه أنه ترک المتاع عنده و لم یقبضه و ظاهر ترک المشتری للمتاع أنه بعد التخلیة و التخلی فقوله لم یقبضه دلیل علی کون التخلی لیس قبضاً ثمّ انه حکم بالضمان علی البائع حتی یقبض المشتری المتاع و یخرجه من بیته فدل علی أن القبض شی ء آخر غیر التخلی بل أما القبض أو الإخراج من بیته و لکنه لما عطف علیه قوله و یخرجه من بیته و قال بعد ذلک فإذا أخرجه من بیته فالمبتاع ضامن لحقه دل علی أن القبض هو الإخراج و إن العطف من باب

ص: 112

التفسیر لتعلیقه ضمان المشتری علی الإخراج و هو لو کان موقوفاً علی غیره لبینة و قد یستدل بهذا علی کون القبض هو النقل مطلقاً حتی فیما یقبض بالید أو یکال و یوزن و هو فی الثانی قوی للعرف و الإجماع المنقول و لعدم تعرض الخبر للکیل و الوزن إلا انه فی الأول منظور فیه للعرف الحاکم بأن ما یقبض بالید قبضة هو إمساکه و لعدم دلالة الروایة علی نفیه لأن تعلق ضمان المبتاع علی إخراجه من بیته مبنی علی الغالب من أن الإخراج من البیت لما یقبض بالید انما یکون بعد إمساکه بل ربما کان فی قوله أولًا حتی یقبض المبتاع و یخرجه من بیته إشعار بأن ما لا یقبض بالید یکفی فی قبضة الإخراج و ما یقبض لا یکفی و قرینته العطف فالأقوی أن ما یقبض بالید فبعد إمساکه بالید و شبهها و جمله من أصحابنا بنی علی أن القبض فی المکیل و الموزون کیله و وزنه للأخبار الدالة علی عدم جواز بیع الموزون و المکیل قبل قبضه إلا أن یکال و یوزن فدلت علی انهما قبض و فیه أنه لعل الکیل و الوزن یقومان مقام القبض فی رفع الکراهة و التحریم لا أنهما هو فلا یباع المکیل و الموزون قبل قبضهما إلا أن یقدرا أو یقبضا أو لأن الکیل و الوزن لما کانا ملازمین للنقل و الإمساک بالید عبر بهما عنه أوان الکیل و الوزن شرطان فی قبض المکیل و الموزون لا أنهما نفسه و دعوی الإجماع علی عدم ارتفاع التحریم و الکراهة إلا بالقبض فإذا کان الکیل و الوزن رافعان کانا قبضاً ممنوعاً لعدم تحققها بل لتحقق عدمها و غایة ما یسلم من الإجماع هو کون القبض رافعاً للمنع لا أن الرفع محصور به و ذلک لا یجدی، نعم ورد فی بعض الأخبار المنع عن بیع الطعام قبل قبضه فیمکن بعد ضمها للأخبار الأولی تحصیل أن القبض هو الکیل و الوزن کما حصل من آیتی الحمل و الفصال کون الحمل ستة أشهر إلا أنه غیر مظنون لاحتمال أن کلا منهما رافع علی سبیل التخییر و إن الرافع أولًا و بالذات هو القبض و لکن یقوم مقامه الکیل حکماً لأسماء أو أنه یعبر عن القبض بهما لتلازمهما فمع قیام هذه الاحتمالات یضعف الظن بذلک و احتمال أن کلًا من النقل و الکیل و الوزن قبض جمعاً بین الأخبار و العرف و هل یلحق بالمکیل و الموزون المعدود و المذروع فلا بد من الاعتبار بهما لتساویهما فی التقدیر أو لا یلحق للأصل و عدم دلیل شرعی أو قضاء

ص: 113

عرفی علیه وجهان أوجههما الأخیر و هل یعتبر الکیل و الوزن فی المکیل و الموزون فیما لو لم یعتبره المشتری سابقاً لأنه مورد الیقین بأن أخذ کلیاً یعنی اتباع البائع الکلی فی صبره أو أخذه بقول البائع مع الشک فی صدقه و کذبه فإن اعتبره المشتری قبل العقد أو اعتبره البائع بحضوره أو أخبره البائع بقدره فصدقه صار حکمها حکم باقی المنقولات و یسقط لزوم الکیل و الوزن أو لا بد منهما مطلقاً بعد العقد لأجل تحقق التقبیض و القبض وجهان و یؤید الأخیر ما ورد فی الصحیح من جواز بیع المکیل و الموزون تولیته قبل کیله أو وزنه فإن کان مخصوصاً بما لم یعتبر لما جاز تولیه و غیرها للجهالة و الخبر المانع من بیع الطعام قبل کیله بعد أن أخذه المشتری بإخبار البائع له بالکیل و صدقه أیضاً کذلک و هل یکفی فیما ینقل عادة إمساکه بالید عن نقله الظاهر العدم کما لا یکفی فیما یمسک عادة بالید نقله إلی أخر من دون الإمساک و کذا الکلام فی المکیل و الموزون علی القول به و یمکن القول بأن القبض لاختلاف البعض و الفتوی فیه یعود مجملًا فیؤخذ بالیقین من معناه مما تعلق علی اسمه حکم شرعی.

ثانیها: یجب علی کل من المتعاقدین تسلیم الأخر ما ملکه إیاه کتاباً و سنة و إجماعاً

و لا یجوز امتناع أحدهما أصلًا إلا لأجل المقاصة عند امتناع الآخر و لا یجوز له أن یمتنع من جهة امتناع صاحبه من غیر جهة المقاصة لأن من ظلم لا یظلم مع احتمال ذلک لقوله تعالی: (فَمَنِ اعْتَدیٰ عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ) فیکون العاصی هو من امتنع أولًا و یتعلق به جبر الحاکم و هذا هو ظاهر الأصحاب و جعلوه من أحکام المعاوضة أو من مقتضیات لفظها و للبحث فیه مجال و لو لم یمتنعا و لکنهما تساویا فی التقدم و التأخر فالظاهر تساویهما فی الحق فیقرعا أو یدفعا معاً بأیدیهما أو بید ثالث فإن امتنع أحدهما من القرعة أو المساواة أجبر الحاکم الممتنع و إن امتنعا معا جبرهما الحاکم دفعة لرفع النزاع و الخصومة مع احتمال تقدیم دفع المبیع أولًا لأن الثمن تابع للمبیع و لکن الأول أقوی و یحتمل أنه لو امتنع کل منهما من التقدم لم یعص أحدهما و لا یضمن إلی أن یتفقا و یرجعا إلی الحاکم و لکن لا یجب نعم إذا تقدم أحدهما بالدفع

ص: 114

عصی الآخر ضمن و جبره الحاکم هذا کله أن أطلقا فی معین أو کلی و أما لو شرطا التأجیل أو شرط أحدهما وجب الدفع فوراً علی من لم یشترط و فوراً بعد الأجل علی من اشترط و لو اشترطا التعجیل فالوجوب فوراً أشد و الظاهر سقوط جواز التمانع بینهما من التسلیم إذا تشاحا فی التقدم و التأخر لمکان الشرط فتأمل.

ثالثها: لو حدث فی المبیع عیب قبل القبض

فلا إشکال فی الخیار و هل یثبت به أرش مع الإمساک لأن العیب نقص فی المبیع و هو مضمون علی البائع قبل قبضه و یقابله جزء من الثمن فهو مردود علی المشتری فی مقابلة ما نقص و لیس الأرش إلا ذلک و لقوله (علیه السلام) لا ضمان علی المبتاع حتی ینقضی الشرط و یصیر المبیع له و ضمن له أنه یکون من ضمانه لأنه مالکه سابقاً فمفهومه حصول الضمان علی البائع و علی ذلک فتوی المشهور اولا ثبت للأصل و الإجماع المنقول و هو ضعیف لانقطاع الأصل و وهن الإجماع بمخالفة المشهور له.

رابعها: هل یکفی قبض المشتری بدون تقبیض البائع أو إذنه فی قبضه فی رفع الضمان عن البائع

و رفع الکراهة أو التحریم فی بیعه عن المشتری لحصول القبض المعلق علیه تلک الأحکام فی النص و الفتوی أو لا یکفی لانصرافه إلی القبض المعتبر عند الشارع و هو ما یکون بالإذن أو یکون فی رفع الضمان دون التحریم و الکراهة وجوه أوجهها الأخیر و لو کان المبیع مقبوضاً قبل العقد من غیر إذن جاءت فیه تلک الوجوه و إن کان مقبوضاً بإذن البائع فإن کان لأجل البیع فهو کالتقبیض و القبض بعد العقد و لا یحتاج إلی تجدید إذن من البائع و لا تجدید نیة من المشتری و إن کان لغیر البیع کما إذا کان مستعیراً له إذن من البائع و لا إلی تجدید نیة من المشتری و إن کان لغیر البیع کما إذا کان مستعیراً له أو مرهوناً عنده احتمل الاکتفاء به فی التقبیض و القبض و احتمل توقفه علی الإذن الجدید من البائع لأن المأذون به سابقاً غیر المقصود لاحقاً سیما مع عدم علم البائع بأنه عنده و علی کلا التقدیرین فهل یشترط تجدید النیة من المشتری للقبض الجدید کی یتحقق صدق قبض المبیع أو لا یشترط لأن الاستدامة کالابتداء وجهان و الأخیر أقوی و لو کان المبیع مشغولًا بأمتعة البائع فإن کان القبض مما

ص: 115

یکفی فیه التخلیة حصل و إن لم یفرغه و إن کان من المنقول و المقبوض بالید و إذن له فی نقل الجمیع فلا کلام و إن أذن له فی نقل المبیع دون ما فیه فنقلهما معاً ففیه إشکال و الأوجه أنه قبض و لو کان المبیع مشترکاً فإن کان مما یکفی فی قبضه التخلیة کفت التخلیة فی قبضه و الإشکال فیه بأن، التخلیة مع الشرکة لا تتم لعدم إمکان التسلط علی التصرف و ضعیف و إن کان من المنقول أو الممسک بالید احتمل الاکتفاء بنقله و لو من دون إذن الشریک أو النهی هاهنا لا یقضی بالفساد لتعلقه بأمر خارج و احتمل توقف صحة القبض علی إذن الشریک فلو امتنع أجبره الحاکم و إلا نصب من یقبضه بعضه أمانة و بعضه لأجل البیع و یحتمل الاکتفاء بالتخلیة فی المنقول عند حصول الشرکة سیما مع امتناع الشریک و النقل کاف فی القبض بما یسمی عرفاً نقلًا و لو کان من مکان یملکه البائع إلی آخر و لا یفتقر إلی نقله ما یملکه البائع.

خامسها: إذا اختلط المبیع بغیره اختلاطاً لا یمکن تمیزه

أو یمکن و لکن لا یمکن فصله قبل القبض أو بعد القبض صار المشتری شریکاً فیما لا یتمیز و مالکاً لخصوص ماله فیما یتمیز و یثبت له الخیار و لو کان الاختلاط قبل القبض و لم یکن قادماً علیه فلو کان قادماً علیه عالماً به بعد ذلک کما إذا اشتری لقطة عالماً بحدوث أخری و قادماً علی ذلک سقط خیاره و لا یسقط خیاره ببذل البائع له ماله علی الأظهر و لا فرق فی الاختلاط بین أن یکون بالأدنی أو الأجود أو المساوی لأن الشرکة عیب أو کالعیب و یثبت للبائع الخیار مع جهله بالاختلاط إذا کان بالأجود حین العقد لنفی الضرار لو کان اختلاطه بالمساوی أو الأدنی أو کان بعد العقد مطلقاً قبل القبض ففی ثبوت الخیار للبائع إشکال أن المشتری أن لم یفسخ و رضی بقبضه مشترکاً و رضی البائع أیضاً فلا کلام و إن لم یرض أحدهما فطلب القسمة مع الاختلاط المزجی أو عزل حصته عن الآخر أجیب إلیها و کانت مئونة القسمة و التخلیص علی البائع للزوم تسلیم المبیع مفرغاً إلی البائع فضمان ما یحدث قبله علیه و لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض و کان للمتلوف قیمة ضمانه علی البائع و کان المشتری بالخیار بین الرد و بین أحذ الباقی بحصته من الثمن إلا فی مسألة الآبق فإن الثمن یکون بإزاء الضمیمة لو طهر تلفه و کذا

ص: 116

لو تلف جزء منها بحیث کان نقصان ذلک الجزء معیباً کید العبد کما تقدم و إن لم یکن للمتلوف قیمة بانفراده کفوات وصف قبل القبض من علم أو کتابة فلا أرش و الخیار بین الرد و الإمساک مجاناً و مثله لو کان المتلوف عیناً لا تقابل بمال مع صحة بیعها مع الانضمام.

سادسها: یجب تفریغ المبیع عن مال البائع

لأنه فی إبقائه ظالم معتد فلو لم یفتقر التفریغ إلی زمان یعتد به و لا إلی نقص فی المبیع أو تغیر هیأته له لم یکن للمشتری خیار و لو افتقر إلی مدة و أثر فی المبیع نقصاً أو تغیر هیئته کان للمشتری الخیار و مع عدم الفسخ فمئونة النقل علی البائع و أرش النقص الحاصل فی المبیع علیه هذا ما لم یکن الشاغل زرعاً أو غرساً مما بنی علی الإبقاء فلو کان کذلک لزم علی المشتری إبقاءه مع العلم و کان له الخیار بین الفسخ و بین الرضا به و الصبر إلی مدة قطعا جمعاً بین حقی البائع و المشتری و لیس له إلزام البائع بالأجرة علی الأظهر.

سابعها: تعذر التسلیم ما بین العقد و القبض لا یفسخ البیع

بل یسلط المشتری علی الخیار ما لم یشترط البائع سقوطه حین العقد علی الأظهر فإن فسخ المشتری عند التعذر فلا کلام و إن رضی صبر إلی أن یحصل له المبیع أو یتحقق تلفه و متی تلف کان من مال البائع و لا یتفاوت فی ثبوت الخیار و کون التلف من مال البائع قبل القبض بین قدرة المشتری علی تسلمه و بین عدمها لأن مناطهما عدم إمکان التسلم من البائع لا عدم إمکان التسلم من المشتری و لو غصب المبیع غاصب فإن أمکن استفادته من البائع بسرعة فلا خیار للمشتری و إن لم یمکن استفادته کذلک سواء لم یمکن أصلًا أو أمکن بطول کان له الخیار بین الفسخ و بین الإمضاء و مطالبة البائع أو مطالبة الغاصب فإن طالب الغاصب لزم الغاصب لزم الغاصب دفعه إلیه و لا تجوز له دفعه إلی البائع و إن طالب البائع لزمه فکه من الغاصب مهما أمکن و هل یجوز للغاصب دفعه إلیه إشکال و علی الجواز فالظاهر بقاء ضمانه علیه إلی أن یدفعه إلی المشتری فإن لم یمکن للبائع فکه من الغاصب فالظاهر أنه لا شی ء علیه للمشتری من ضمان مثل أو قیمة ما لم یکن مفرطاً فیه و هل خیار المشتری فوری أم علی التراخی وجهان أقربهما الأخیر و مع

ص: 117

الصبر فهل له الفسخ بعد ذلک الظاهر أنه له ما لم یسقط خیاره أو یکون الصبر دلیلًا علی إسقاطه الخیار و لو تلف المبیع فی ید الغاصب مع رضاه ببقاء العقد قبل التلف أحتمل انفساخ المعقد و أحتمل ثبوت الخیار فیرجع إلیه مع عدم الفسخ بالمثل و القیمة و احتمل کون التلف من ماله تنزیلًا لرضاه منزلة القبض فیرجع إلی الغاصب بالمثل و القیمة من غیر خیار و الأوجه الوسط ما لم یکن أسقطه و لا یلزم البائع أجرة مدة الغصب للأصل و عدم کونها من أفراد المبیع المضمونة علیه قبل القبض نعم ضمانها علی الغاصب إلا أن یکون البائع غاصباً فإنه یضمن المنفعة بالتفویت و الاستیفاء و یضمن العین أیضاً لو تلفت بیده و لا ینفسخ العقد علی الأظهر و هل للمشتری الخیار بین الفسخ و بین الامضاء و الرجوع علیه بالمثل و القیمة تنزیلًا لمنعه منزلة الغاصب أو لا خیار له لقیام جبر الحاکم للممتنع مقام الخیار فی دفع الضرار وجهان أقواهما الأخیر هذا أن لم یمکن حبس البائع بحق أما لو کان بحق فلا یضمن المنفعة إلا بالاستیفاء علی الأظهر و لا یلزم بالنفقة بل تؤخذ من المشتری فإن أداها فلا کلام و إلا رجع إلی الحاکم لیجبره علیها أو یأذن للبائع بالإنفاق ثمّ الرجوع علی المشتری.

ثامنها: تلف المبیع قبل قبضه و یلحق به الثمن علی الأظهر من مال بائعه

إذا کان التلف من غیر البائع أو أجنبی فلو کان منهما کان للمشتری الخیار بین الفسخ و بین الإمضاء و مطالبة المتلف بالمثل أو القیمة علی الأقوی فیهما مع احتمال انفساخ العقد بإتلافهما أیضاً و لو أتلف المبیع المشتری کان بمنزلة القبض فی کون ضمانه علیه و فی کونه بمنزلة القبض فی الصرف و السلم إشکال و لو کان التلف بآفة سماویة بید البائع بعد امتناعه عن التسلیم و غصبه للمبیع أحتمل الانفساخ لإطلاق الدلیل و احتمل کون الخیار للمشتری فإن أمضی أخذ منه المثل أو القیمة و لو شارک الآفة السماویة غیرها من بائع أو أجنبی أو مشتری فالأظهر عدم انفساخ العقد مع احتمال التقسیط و لو تعیب المبیع بجنایة جاز قبل القبض کان للمشتری الخیار بین الفسخ و بین الإمضاء و مطالبة الجانی بالأرش إن لم یکن البائع هو طالب و هل له أن یطالب البائع بأرش جنابة الأجنبی لان المبیع مضمون علیه أولا و الأوجه العدم و لو تلف المبیع بعد أن تصرف

ص: 118

البائع بالثمن فباعه أحتمل انفساخ بیعه الثانی و الأوجه الصحة و دفع المثل أو القیمة و هل القیمة یوم تلف المبیع و انفساخ العقد الأول أو یوم البیع وجهان و الأقوی الأول.

تاسعها: لا یحرم بیع ما لم یقبض من ثمن أو مثمن کلی أو عین إذا لم یکن الکلی مؤجلًا

و إن لم یکن له حکم آخر مکیلًا أو موزوناً أو معدود أو غیرها طعاماً أو غیره تولیة کان البیع أو غیرها وضیعة کانت أو غیرها انتقل إلی البائع ببیع أو غیره من میراث أو صدقة أو صلح أو صداق أو غیرها توسط بین البیع الأول و الثانی غیر البیع من میراث أو صداق و نحوها أو لم یتوسط کل ذلک للأصل و عمومات العقود و إطلاقات أنواعها کتاباً و سنة و للأخبار المتکثرة الدالة علی أن البیع بعد الشراء و إن الشراء بعد ما یملکه و فیها ظهور فی الجواز قبل القبض و إنه لا بأس ببیع الثمرة قبل أخذها و إن من اشتری طعاماً قبل أن یکیله قال ما یعجبنی و هو ظاهر فی الجواز و إن من اشتری طعاماً فطلبه التجار قبل أن یقبضه قال لا بأس و إن من اشتری طعاماً فلا بأس أن یبیعه قبل أن یقبضه و هی لکثرتها و اعتضادها بالشهرة المنقولة بل المحصلة لا محیص عن العدول عنها و الحکم فی غیر المکیل و الموزون حتی المعدود و فی غیر الطعام مکیلًا أو موزوناً کالزرع القائم و نحوه لا إشکال فیه فتوی و نصاً لما دل علی نفی الباس عن بیع ما لا یکال و یوزن قبل قبضه کروایة البر و فیها التعلیل بأنه لیس بمنزلة الطعام لأن الطعام یکال و کالصحیح فإن لم یکن فیه کیل و وزن صنعه إلی غیر ذلک و کذا لا إشکال أیضاً فیما انتقل بغیر بیع و لو کان أصله بیعاً علی الأظهر و کذا فیما أرید نقله بغیر بیع أیضاً خلافا للشیخ فی إلحاق الإجارة معللًا بأنها ضرب من البیوع و فی الکتابة بأنها بیع العبد من نفسه و کلاهما باطل مضافاً إلی أن العبد لا یکال و لا یوزن و إنما وقع الإشکال و الخلاف فیما یکال و یوزن و فی الطعام أما لکونه مما یکال و یوزن أو لکونه طعاماً فذهب جمع من أصحابنا إلی تحریم بیع ما یکال و یوزن قبل قبضه مطلقاً للأخبار الناهیة عنه قبل قبضه و قبل کیله أو وزنه فی بعض آخر و قبل قبضه أو کیله فی ثالث بناءً علی أن الکیل و الوزن فی الاخبار هو القبض حکماً أو اسماً کما تقدم و ذهب جمع آخر إلی تحریمه إذا کان طعاماً للأخبار الدالة علی النهی عن بیعه قبل کیله

ص: 119

و الدالة علی النهی عن بیعه قبل قبضه و هی متکثرة و قد نقل علی مضمونها الإجماع غیر واحد و الدالة علی النهی عن بیع المکیل و الموزون قبل قبضه بناءً علی تبادر الطعام منه و إلا فالعام من وجه إذا کان کل منهما منهی عنه أخذ بکل منهما و لا تعارض و الظاهر أنهم یحکمون بالفساد أیضاً لمکان النهی المتعلق بنفس المعاملة مع احتمال العدم لاحتمال أن النهی لا یقضی بالفساد هاهنا و ذهب جمع ثالث إلی اختصاص التحریم بغیر التولیة للصحیح الدال علی جوازه فی التولیة و یظهر من رابع إلحاق الرضیعة بالتولیة لمفهوم الصحیح إذا ربح لم یصلح حتی یقبض و ما دل علی مساواة الرضیعة للمرابحة فی عدم جواز لا یعارض مفهوم الصحیح لضعفه عن مقاومته و جمیع هذه المذاهب ضعیفة لضعف دلیلها بوهن الإجماع بمخالفة المشهور و عمومات الأدلة و ضعف الأخبار باشتمالها علی لا یصلح و لا یعجبنی و مفهوم لا بأس و کلها لیبست صریحة فی التحریم و لئن سلمنا فغایة ما تدل علیه النهی عن البیع قبل القبض أو الکیل و الوزن و دعوی أن الکیل و الوزن قبض محل کلام و لئن سلمنا فاستثناء التولیة لا بد منه للخبر الصحیح مع أن المشهور بین القائلین بالتحریم عدم الاستثناء و لئن سلمنا فحمل النهی علی الکراهة أولی من الأخذ به فی معارضة ما هو أقوی منه و أولی من طرحة بعد شیوع استعمال النهی فی الکراهة و تکثره فی الأخبار فالظاهر حینئذ کراهة بیع ما یکال و یوزن قبل قبضه أو کیله و وزنه فإن نقل و قلنا أن النقل کاف فی قبضه فلا کراهة إن کیل أو وزن و إن لم یقبض بناءً علی أن الکیل و الوزن لیسا قبضاً فلا کراهة أیضاً و الظاهر أن کراهة الطعام لکونه من المکیل و الموزون کما تشعر به الأخبار فلو کان علی حال لا یکال و لا یوزن فلا کراهة و هل المراد بالطعام الحنطة و الشعیر أو کل الحبوب أو کل ما أعد للآکل وجوه أوجهها الوسط و مع ذلک فالأحوط فی الطعام التی هی الحبوب عدم بیعها مع عدم کیلها أو وزنها من المشتری الأول کما اذا ذهب أخذها بتصدیق البائع أو أخذ قدراً من صبره یعلم اشتمالها علیه أو أخذ کلیا غیر معین فی قدر مخصوص فباعه قبل قبضه بل الأحوط عدم بیعها إلا مع نقلها قبل الکیل و الوزن او بعده کی یتحقق القبض الشرعی و العرفی و الحوالة لیست

ص: 120

بیعاً بل هی إما معاوضة برأسها أو استیفاء فلا بأس باحتیال من له علیه طعاماً علی من له علیه طعاماً و لو کان قد ملک الأول ببیع و فی الموثق ما یدل علی جوازه ربما قیل بالکراهة و لا بأس بالعمل بها تسامحاً بأدلة السنن و لو اشتری طعاماً ثمّ أمر البائع أن یدفعه وفاءً عنه لغریمه قبل قبضه جاز و لا بأس به لأنه لیس بیعاً أما لو باع شخص طعاماً کلیاً فأمر المشتری أن بقبض عوض الکلی طعاماً آخر من شخص قد اشتری منه طعاماً کلیاً أیضاً و لم یقبضه ففی دخوله فی بیع الطعام قبل قبضه لتشخیص الکلی فی الفرد فکأنه هو أو عدمه لوقوع العقد علی الکلی و الفرد وفاء لا مبیع وجهان و الأظهر الجواز و الصحة علی جمیع الاقوال لعدم وقوع البیعین علی الطعام الشخصی ابتداءً بل هو إما وفاءً للکلی أو محال به و الجزئی لیس هو عین الکلی نعم قد یشکل الحال فی أنه لو لم یکن حوالة و کان نفس الفرد وفاءً لزم منه صیرورة الفرد عوض الکلی الذی فی الذمة وفاءً و یجوز دفعه من الغریم من دون قبض من الدیان و لو کان لشخص علی آخر طعاماً فأعطی المطلوب الطالب دراهم لیشتری بها طعامه الذی یطلب به فإن کان نوی التوکیل له فی الشراء ثمّ القبض عنه ثمّ القبض مرة أخری بنفسه وفاء صح من غیر إشکال و کذا أن نوی أن نفس الدراهم وفاء له و یکون الأمر بالشراء للإرشاد و مثله ما لو نوی أن الدراهم قرض علیه فیشتری بها لنفسه طعاما ثمّ یقع الحساب بعد ذلک أما لو قصد أن الدراهم تبقی فی ملک المطلوب إلی أن یشتری الطعام فینوی أن الشراء له کی یکون الطعام وفاء له فیملک الطعام حین الشراء ففی صحته إشکال لان انتقال الطعام إلیه بنیة الشراء لنفسه و الحال أن الثمن مال الغیر و إن أذن الدافع له بذلک مما یشکل تصوره و یشکل دخوله فی الفضولی مع الإجازة و کذا صیرورة الطعام وفاء له بنفس الشراء أو بعد الشراء من دون توکیل له فی القبض و الاستیفاء و قد ورد فی عدة أخبار ما یدل علی المنع من تولی شراء الطالب بالدراهم المدفوعة إلیه من المطلوب طعاماً لوفائه بل یولی ذلک غیره و هو أما محمول علی ما قلناه من الصورتین الأخیرتین أو محمول علی الکراهة أو الإرشاد إلی تجنب ذلک خوف الاتهام له و لو کاتب العبد بعد شرائه قبل قبضه جاز و لیس من موضع الخلاف خلافاً للشیخ ره و لو

ص: 121

باع الثمن قبل قبضه ففی إلحاقه بالمبیع تنقیحاً للمناط أو عدمه لمنع قطعیته وجهان أوجههما الأخیر و کذا لو جعله ثمناً لا معیباً و یقوی الوجه الأخیر فیه.

عاشرها: لو أنکر المشتری وصول المبیع إلیه کلًا أو بعضاً فالقول قوله بیمینه

سواء حضر الکیل أو الوزن أو العد أو المشاهدة و نحوها و لو ادعی النقصان بعد ما ظهر من حاله القبض التام بقول أو فعل کما إذا حضر الکیل و الوزن و لم ینکرهما حالة الحضور فالمشهور و نقل علیه الإجماع أن القول قول البائع لیمینه خلافاً لمن أنکر ذلک مستنداً لقواعد الدعاوی و مستضعفاً للإجماع المنقول و فیه أنه منجبر بالشهرة المحصلة فلا یمکن المحیص عنه و علی ذلک فیلزم الاقتصار علی مورد الیقین من کونه مبیعاً لا ثمناً مع احتمال تنقیح المناط و من کونه بیعاً دون غیره من العقود و من کونه مکیلًا أو موزوناً دون المعدود و المذروع و المشاهد و قد یحکم بموافقة قول البائع للقواعد لان الظاهر احتیاط المشتری عند حضوره و عدم غفلته و أخذه الشی ء تامّاً فیوافق قوله الظاهر و لان أخذه المال بعد حضوره و عدم إنکاره بمنزلة اعترافه بوصول حقه إلیه فدعواه بعد ذلک بمنزلة الإنکار بعد الإقرار و لأصالة و براءة ذمة البائع من الحق بعد اعتراف المشتری بقبضه و الفرق بین حضوره و عدمه فی أن الأصل عدم وصول حق المشتری فی الثانی دون الأول هو کون الحضور بمنزلة الإقرار و الکل لا یخلو من نظر و الفرق بین ادعاء النقص القلیل فلا یسمع قول البائع لإمکانه و بین الکثیر فیسمع لبعد خفائه عن المشتری ضعیف أیضاً نعم لو استلزم ادعاء المشتری فساد مجموع العقد و عدم صحته فی المقابل الناقص البیع صرف أو سلم اتجه تقدیم قول البائع لأصالة الصحة علی تأمل فی المقام.

حادی عشرها: لو أسلفه طعاما فی بلد خاص و کان موافقاً لبلد أحدهما

أو کان أحدهما أو کل منهما یعنی به انصرف إلی تسلیمه فی ذلک البلد من طعام ذلک البلد و إن أسلفه فی بلد غربة مستطرفین فیه انصرف إلی التأدیة فی بلدیهما أن کانا من أهل بلد واحد و إن کان کل منهما من بلد لزم البیان و الإلزام البطلان مع احتمال انصرافه لبلد المسلم و احتمال انصرافه لبلد المسلم إلیه و لو شرط تسلیمه فی بلد خاص اتبع

ص: 122

شرطه و علی کل منهما فلا یجب علی المسلم دفعه فی غیر البلد المنصرف إلیه الإطلاق أو بلد الاشتراط و لا یجوز للمسلم إلیه جبره علی الوفاء سواء تساوت قیمة المسلم فیه فی البلدین أو تفاوتت و سواء حصل علی المسلم إلیه ضرر بالتأخیر أم لا و لا یجب علی المسلم إلیه القبول لو دفعه إلیه إلا برضاه و لو تضرر المسلم بالتأخیر و یجوز للمسلم إلیه أن یأخذ القیمة برضاه و لیس من بیع المبیع قبل قبضه بل هو وفاء و الأصل و الأخبار الخاصة دالة علی جوازه و ذهب بعض أصحابنا إلی لزوم دفع قیمة بلد السلم فی غیر بلد السلم و بلد الاشتراط لو طلبها المسلم الیه لحلول الأجل و لزوم الضرر بالتأخیر و لتعذر المثل لأن الواجب طعام بلد العقد و هو متعسر أو متعذر و ذهب بعض آخر إلی جواز مطالبة المسلم إلیه بالمثل مع مساواة قیمة بلد المطالبة لبلد العقد أو نقصانها عنها و المطالبة بقیمة بلد العقد مع الزیادة و ذلک للزوم الضرر بالتأخیر و لانه ربما لا یرید العود إلی بلد السلم أولا یوافق بعود المسلم إلی البلد و یدفعه فیها و بالظفر به فیها فیعود الضرر علی المسلم إلیه مع حلول حقه و فی الجمیع تأمل سیما مع اتفاقهما علی اشتراط الدفع فی مکان معین فإن الإقدام علی الشرط رافع للضرر الحاصل من التأخیر نعم قد یحتمل ذلک فی صورة الإطلاق مع حصول الضرر بالتأخیر علی المسلم علیه و عدم حصول ضرر علی المسلم بالتعجیل بل قد یقوی القول به فیجبر المسلم حینئذ علی الدفع عیناً مع الإمکان و تساوی الامثال وصفاً و قیمة و إلا فقیمة جمعاً بین الحقین و لو کان ما فی ذمة الغریم قرضا فإن لم یشترط مکاناً خاصاً لوفائه بعقد لازم و إلا انصرف عقد القرض عرفاً إلی أدائه فی بلد القرض فلا أشکال فی جواز مطالبة المقرض للمقترض مهما أمکن و لأن القیمة یوم تعذر المثل أو یوم المطالبة أو یوم الاستیفاء و إن شرطا بلداً خاصاً لم یجب علی المقترض الوفاء إلا بها إلا إذا کان تأخیره عن الرواح له لا لعذر بل لمطل الغریم و تأخیره فإنه یجبر حینئذ علی الروح إلیهما و الوفاء فی بلد المطالبة بالمثل أو بالقیمة قیمة بلد الاشتراط

و کذا لو انصرف إطلاق عقد القرض إلی مکان خاص و نسب للمشهور أن له القیمة بلد القرض لا المثل نفسه لانصراف العقد إلی طعام ذلک البلد و هو متعذر أو متعسر

ص: 123

فالظاهر أن حکم الإطلاق إذا انصرف إلی مکان خاص حکم المکان المشترط فلا یجب دفع المثل فی مکان المطالبة لعدم استحقاقه سوی طعام بلد القرض و لا قیمة لأنها عوض و لا یجب مع عدم وجوب دفع المعوض نعم ورد فی بعض الأخبار ما یقضی بجواز مطالبة الغریم مطلقاً ما لم یکن الحرم و هو قاض بعموم الحکم لحال الاشتراط و عدمه و لما إذا انصرف العقد لبلد خاص و عدمه و لکن حمله علی غیر صورتی الاشتراط و انصراف الإطلاق هو الأوجه و لو کان ما فی ذمة الغریم غصباً فله المطالبة بالمثل فی کل مکان و زمان و یجب نقله إلیه و لو بمئونة من بلد آخر فإن لم یکن المثل فالقیمة أما قیمة بلد الغصب أو قیمة بلد الدفع أو قیمة بلد المطالبة أو الأعلی منها و یلاحظ التقویم حین الأعواز أو حین الدفع أو حین المطالبة أو الأعلی ما بینها أجمع أو ما بین الاثنین و الثلاثة وجوه و احتمالات أقواها قیمة بلد الوفاء و قیمة حین الإعواز و أحوطها الأعلی من القیم بالنسبة إلی البلدان و بالنسبة إلی الأزمان.

القول فی اختلاف المتبایعین

اشارة

و فیه أمور

أحدها: ینصرف لفظ النقد و الکیل و الوزن إلی المتعارف المعهود فی بلد المتعاقدین

فلو أطلقا أنصرف قصدهما إلیه و إن لم یتصوراه حین العقد علی سبیل الإخطار و لو اختلفا فیما قصداه کان القول قول من یدعی العقد علی النقد الغالب لأنه الظاهر و لو تعددت النقود و لم یکن فیها متعارفاً غالباً لزم البیان و إلا جاء البطلان و لو اختلف بلد المتعاقدین مع بلد العقد و لم یکونا مقیمین فیه بل مستطرفین فلا یبعد انصرافه إلی المتعارف فی بلدهما سیما مع عدم علمهما بما فی بلد العقد أو علما و شرطا تأدیة المبیع فی بلدهما و کذا لو کان العقد فی البریة و شبهها و لو اختلف بلد المتعاقدین فإن لم یعلما الاختلاف بطل العقد لاختلاف قصدهما و إن علما احتمل قویاً البطلان و احتمل تقدیم عرف البائع مطلقاً و احتمل تقدیم عرف المشتری مطلقاً و احتمل تقدیم عرف البائع فی مبیعه و المشتری فی ثمنه و لو ذکر النقد معیناً فاختلفا فیه احتمل کونهما متداعیین و احتمل ترجیح من ادعی الغالب لأنه الظاهر فالقول قول من یوافقه ثمّ أن

ص: 124

الأغلب استعمالًا أن أدت غلبته إلی انصراف إطلاق اللفظ إلیه صح العقد و انصرف إلیه و إلا فلا عبرة به.

ثانیها: لو اختلف المتبایعان فی قدر الثمن و کان الأقل

لا یخالف أجزاء الأکثر أو اختلفا فی قدر الثمن أو فی قدر الأجل أو فی قدر المشروط و قلته کان مقتضی القواعد لزوم تقدیم قول من ادّعی النقصان لاتفاقهما علیه و علی وقوع العقد الناقل للعوضین و إنما حصل الاختلاف فی الزیادة فمن أدعاها فعلیه البینة و من نفاها فعلیه الیمین إلا أنه قد ورد فی الخبر المعتبر بإرسال البزنطی لأنه من أهل الإجماع علی تصحیح ما یصح عنه و لنقل المعتبرین أنه لا یروی إلا عن ثقة و إن الأصحاب عملوا بمراسیله و وجود سهل فی بعض طرق الروایة سهل لأنه من مشایخ الاجازة کوجود معاویة بن حکیم لوثاقته غیر مضر بالخبر المنجبر بفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و بالإجماع المنقول و بشهادة المعتبرین بشهرة مضمونها روایة و فتوی أن القول قول البائع إذا کان الشی ء قائماً بعینه المؤید بما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذا اختلف المتبایعان فالقول قول البائع و بالصحیح فإن اختلفا فالقول قول رب السلعة أو تبارک و ظاهر التبارک بقاء العین فالأخذ بما فی مضمونه متعین و مقتضی ظاهر النص و الاقتصار علی مرد الیقین هو تقدیم قول البائع إذا کان المبیع قائماً بعینه کله لو تلف بعضه لرسم الرجوع للقواعد فی تقدیم قول المشتری بیمینه مع احتمال تقدیم قول البائع تنزیلًا لقیام البعض مقام قیام الکل و احتمال رجوع کل جزء إلی أصله و احتمال الفرق بین قلة التالف فیقدم قول البائع و کثرته فقول المشتری و الظاهر أن نقل العین بلازم أو جائز لا ینافی قیامها بعینه مع احتمال الفرق بین اللازم فینزل منزلة التالف و الجائز فینزل منزلة القائم و لو امتزجت بغیرها امتزاجاً یخفی عن الحس تمیزها عنه فالأظهر أنه بمنزلة التالف لعدم صدق قیام العین و لو کان الامتزاج لا یخفی عن الحس فإن لم یعسر التخلیص فلا إشکال فی عدة قیام العین و إن عسر فوجهان و علی ما ذکرنا فالحکم خاص بالبیع و بالمبیع و خاص بنفس البائع دون ورثته و مع المشتری دون ورثته علی وجه و قیل أن القول قول مدعی النقصان سواء کان المشتری أو البائع کما لو تعلق له غرض بادّعاء

ص: 125

النقصان عند تلف المبیع قبل قبضه فادعی المشتری الزیادة لیضربه و ادعی البائع النقصان و هو الأقرب للقواعد و الضوابط إلا أن مخالفة المشهور و الخبر المجبور فی تقدیم قول البائع مع قیام العین مما لا یسوغ و قیل القول قول من کانت العین فی یده لأن الآخر خارج عنه فالقول قول البائع إن کانت العین فی یده لأن المشتری یحاول انتزاعها منه بما ادعاه و القول قول المشتری أن کانت العین فی یده أو أحدث فیها حدثاً لدلالة الحدث علی السلطنة و فیه أن العبرة بالید فی ادعاء الملکیة و عدمها لا بها فی عوض المملوک بعد الاعتراف من کل منهما بملکیته و قیل بلزوم التحالف هاهنا لأن کلا منهما مدعی قدراً خاصاً قد شخص العقد به و ینفیه الآخر فکل منهما مثبت و ناف و فیه أنهما قد اتفقا علی وقوع عقد خاص بقدر خاص و اختلفا فی زیادته و نقصانه فلیس إلا مثبت و ناف و ضابطة التحالف إنما تکون عند عدم اتفاقهما علی أمر واحد فی ثمن أو مثمن أو شرط أو وصف أو فی أصل العقد کان یختلفا فی المبیع جنساً أو نوعاً أو صنفاً أو فرداً و إن اتفقا فی الثمن أو فی المثمن کذلک و إن اتفقا فی المبیع أو اختلفا فیهما معاً أو یختلفا فی نفس العقد المثمن کذلک و إن اتفقا فی المبیع أو یختلفا فیهما معاً أو یختلفا فی نفس العقد کان یدعی أحدهما صلحاً و الآخر بیعاً و لا یجری التحالف مع الاتفاق علی قدر خاص و الاختلاف فیما زاد قدراً أو وصفاً أو شرطا أو نحوها و علی کل تقدیر فعلی القول بالتحالف فإن وقع الاختلاف فی تعین نفس العقد أو فی تعین نفس المثمن أو فی نفس الثمن تحالفاً بأن یحلف کل منهما علی نفی ما یدعیه الآخر فینفسخ العقد المتفق علی صدوره و یبطل أثره فیبطل القدر الجامع المعترفین به من ملکیة البائع للثمن و المشتری للمثمن فیما لو وقع الاختلاف فی أن العقد صلح أو بیع و من ملکیة الأهم للثمن فیما إذا اختلفا فی المبیع لاعترافهما بانتقال الثمن إلی البائع و إنما اختلفا فیما باعه و فی ملکیة المشتری للمبیع فیما إذا اختلفا فی الثمن لاعترافهما بانتقال المبیع إلی المشتری و الأقوی أن العقد ینفسخ لنفسه من جهة تقابل البینتین و عدم إمکان الجمع بینهما و لا یحتاج بعد ذلک إلی فسخ من أحد المتعاقدین مع رضا الأخر به و لا إلی فسخ من الحاکم لأن ذلک من المصالح التی یتولاها الحاکم مع التباس بین أهلها کما أن الأقوی أن

ص: 126

الفسخ من حینه لا من أصله فنماء الثمن للبائع قبل التحالف و إنما المبیع للمشتری کذلک لاتفاقهما علی ملکیة کل منهما لکل منهما إلی حین التحالف و القول بأنه ینفسخ من أصله لتنزیله منزلة التداعی فی بیع الشی ء و نفیه و شراء الشی ء و نفیه فإنه مع الیمین تبطل الدعوی من اصلها بعید و قیاس مع الفارق و هل الفسخ واقعی بحکم الشارع لتنزیل الرضا بالتحالف منزلة إقالة کل منهما صاحبه حیث انه رضی بحلف الآخر فی أسقاط دعواه أو ظاهری لعدم التصریح بالإقالة و عدم القطع بالرضا بل القطع بعدمه و عدم الدلیل علی انقطاع الملک المستصحب واقعاً و غایة ما ثبت من ظواهر قواعد الدعاوی و النصوص و الفتاوی أنه ینفسخ ظاهراً بحکم الحاکم بعد صدور البینتین من کل منهما لا انه ینفسخ واقعاً و علی ذلک فیأخذ المشتری ثمنه الذی أقرّ به للبائع عند الاختلاف فی المبیع و کذا البائع بمبیعه الذی أقر بأنه للمشتری عند الاختلاف فی الثمن مقاصة عن ماله الذی یدعیه أنه عند الآخر و بالجملة فیأخذ کل منهما ما بیده من مال الآخر بإقراره عوض ما أخذه من الآخر و یدس الزائد فی أموال المالک أو یبقی حکمه مجهول المالک و کان ینبغی أن لا یأخذه هاهنا لأن الیمین تذهب بما فیها إلا أنه لما کان أخذه بتسلیط الآخر علیه و إقرار یده علیه بعد التداعی جازت فیه المقاصة أو لأنه لما کان الیمین علی نفی العقد لا علی نفی المال جازت المقاصة بالمال لأنه لیس مورد الیمین النفی و إن کان من اللوازم و یمکن القول بحرمة المقاصة هاهنا مطلقاً و یمکن الفرق بین کون التداعی علی عین فتجوز المقاصة و بین کونه علی دین فلا تجوز إلا أنهما ضعیفان مخالفان لظاهر الأصحاب و الظاهر أن الاختلاف بینهما لو وقع فی الشرط لم ینفسخ العقد بل ینفسخ الشرط و کذا فی الأجل و شبهه و لو وقع الاختلاف بینهما فی عقد جائز ل ینفسخ العقد بمجرده من دون التحالف و لا یحرم تصرف کل منهما فیما اتفقا علی

نقله للآخر زمن الاختلاف قبل التحالف و آخر کان عرضة للزوال و یلزم کل منهما عند التحالف یمین نفی لما یدعیه الآخر و لا یلزمهما یمین إثبات ما یدعیه هو و لا یمین جامعة بین النفی و الإثبات و لو حلف أحدهما و نکل الآخر فإن قضینا بالنکول حکم

ص: 127

بقول الحالف و إلا ردت علی الحالف یمین إثبات أخری و لا تکفی یمینه الأولی لو کانت جامعة بین الإثبات و النفی أو کانت مصاحبة لیمین الإثبات لأن یمین الإثبات بعد النکول فلا تتقدم علیه و لو نکل الحالف لیمین النفی عن یمین الإثبات بعد نکول صاحبه احتمل أن نکوله کحلف صاحبه فینفسخ العقد و احتمل عدمه استصحاباً لصحة العقد و بقاءه و لو تلف أحد العوضین قبل التحالف وجبت القیمة یوم التحالف أو یوم القبض أو الأعلی ما بینهما أو ما بین الأول و الثانی وجوه أقواها الأول بناءً علی أن الفسخ من حینه لا من أصله و لو حال بینها و بین ردها حائل لزم دفع القیمة بدلها و هل الدفع للحیلولة معاوضة لا ینفسخ بارتفاع الحائل و لا یجوز للمالک فسخها أو لیست معاوضة بالکلیة أو معاوضة لیست بلازمة بعد ارتفاع الحائل بل تنفسخ بنفسها أو أن للمالک فسخها وجوه و لا یبعد الوسط لاستلزام الأول کون المدفوع أمانة بید قابضه و کون نمائه لمالکه و استلزام الثانی ثبوت خیار من غیر دلیل و الکل ضعیف و الأظهر عدم وجوب ابتداء أحدهما بالیمین لعدم دلیل صالح علی الوجوب و إن کان الأولی الإقراع أو تقدیم من یتفقان علیه أو من ادّعی علیه أو لا فإن لم یکن الجمیع فالبائع و لو تداعیا علی مبیعین أو ثمنین و کان أحدهما مما لا یصح نقله کخمر و خل و عبد و حر فالأقوی تقدیم قول مدعی الصحة للاستقراء القطعی الدال علی صحة أفعال المسلمین و یمکن أن یقال أن تقدیم قول مدعی الصحة لا یثبت بأصالة صحة فعل المسلم إذ لا یثبت بأصالة صحة فعل المسلم سوی کون فعله صحیحاً و لا یثبت نفس الفرد المتنازع فیه لأصالة عدمه و دعوی قیام أصالة الصحة بثبوته محل کلام إلا أن یدعی أنه من اللوازم التی تثبت بالأصل و لو لا ثبوتها به لعری الأصل عن الفائدة و هو مع ذلک محل مناقشة.

ص: 128

القول فی الشرائط

اشارة

و فیه أمور

أحدها: الشرط المقصود به التعلیق مفسد للعقد

لمنافاته للجزم المشترط فی العقد لانصراف أدلة العقود للمجزوم بها فیخلو المعلق عن الدلیل و لأن التعلیق أن کان للإنشاء عاد العقد جملة خبریة و إن کان للملک لزم تأخر المسبب عن سببه و الأصل فی العقود الحلول و إن کان للمملوک فغیر معقول إلا أن ینحل لتأجیل التأدیة و الاستیفاء و هو ممنوع من جهة الجهالة غالباً و لیس من التعلیق المعلق صورة علی وصف محقق معلوم تحققه عند المتعاقدین علی الأظهر و الشرط المقصود منه الإلزام و الالتزام صحیح قطعاً لبعده عن شبه التعلیق لدخوله تحت عمومات أدلة العقود أجناساً و أنواعاً و للإجماع بقسمیه و للأدلة الخاصة الدالة علی صحة الشروط فی بیع و نکاح و شبههما و للأدلة العامة علی صحة الشروط و لزومها کقوله المؤمنون عند شروطهم و الفرق بین الشرط التعلیقی و الالزامی معنوی و لفظی أما الأول فإن ینافی الجزم بقلبه العقد المجزوم به مردد أو الالزامی یؤکد الجزم به و القصد إلیه و أما الثانی فإن التعلیقی ظاهر فی حروف الشرط و ما قام مقامها و الالزامی ظاهر فی لفظ علی و علیک و ألزمک و شرطت علیک و اشترطت علیک و نحوها نعم قد یتردد فی ظهور لفظ بشرط کذا أنه تعلیقی أو الزامی فیکون کالمجمل و لکن الحمل علی الإلزامی لمکان أصالة الصحة عند صدور اللفظ أظهر.

ثانیها: یجب الوفاء بمقتضی الشرط

لعموم أدلة العقود و الشروط الظاهرة فی وجوب الوفاء بها کتاباً و سنة و للإجماع المنقول فإن کان الشرط فی عقد لازم وجب الوفاء به لمکان وجوب الوفاء بالشرط و العقد و إن کان فی عقد جائز لزم الوفاء به ما دام راضیاً ببقاء العقد غیر فاسخ له فیکون وجوباً مشروطاً لا مطلقاً فإن امتنع المشترط علیه جبره الحاکم و قیل بعدم وجوب الوفاء بالشرط استضعافاً لأدلة الوجوب و هو ضعیف و علی کلا القولین فعند امتناع المشروط علیه بالوفاء بالشرط یثبت الخیار للمشترط بین الفسخ و الإمضاء للإجماع بقسمیه و لحدیث نفی الضرار و لکونه بمنزلة

ص: 129

تبعیض الصفقة و لان الظاهر اقتران لزوم العقد بوقوع الشرط کما أن الظاهر اقتران تملیکه بملکیة الشرط و ذهب بعض المحققین إلی أن الشرط الواقع فی العقد أن کان العقد کافیاً فی تحققه کاشتراط الوکالة فی العقد اللازم بحیث لا یحتاج بعده إلی صیغة أخری فهو لازم لا یجوز الإخلال به فإن احتاج إلی أمر آخر کاشتراط العتق فلیس بلازم بل یقلب اللازم جائز أو جعل الشرطیة أن اشتراط ما العقد کاف فی تحققه یکون کجزء من الإیجاب و القبول فهو تابع لهما و اشتراط ما یتوقف علی أمر آخر أمر منفصل عن العقد و قد علق علیه العقد و المعلق علی الممکن و هو معنی قلب اللازم جائزاً و هو ضعیف لا یعارض ما قدمنا و فی تحقیق المراد منه نظر و تأمل.

ثالثها: عموم أدلة الشروط کالمجملات لا یجوز التمسک

لضعف الظن بها من أعراض الأصحاب عن الأخذ بعمومها و من کثرة الخارج منها فیقتصر فیها علی مورد الیقین من الشرائط الواقعة فی أثناء العقد أو فی طرفیه متصلة به اتصال الجزء بالکل فلا عبرة بالمنفصل عنه انفصالًا طویلًا أو قصیراً إلا مع استحضار حال العقد و ابتناء العقد علیها و قصد اقتران الانشاء بها فتکون مأخوذة فی ضمنه و إن لم یکن مصرحاً بها و لا عبرة أیضاً بالشرائط المضمرة ما لم تدل علیها قرائن حالیة أو مقالیة و لو بذکرها قبل العقد و ابتناء العقد علیها علی الأظهر و فی فحوی ما دل علی عدم لزوم الشرط الواقع فی طرفی عقد الممتعة من النص و الفتوی دلالة علی عم لزومه فی کل عقد عند وقوعه فی طرفیه و کذا قرره بعضهم و لا عبرة بالشرط المستقل لنفسه و إن وقع بصورة الإیجاب و القبول لعدم انصراف أدلة العقود و الشروط لمثله.

رابعها: لو وقع فی العقد شرطاً فاسداً فسد العقد بفساده

کما نسب لمشهور المتأخرین لأن التملیک فی العقد أنما وقع علی أن یملک الشرط فما لم یملک الشرط لم یقع التملیک فی العقد لأن العقود تتبع القصود و لا یلزم من توقف ملکیته أحدهما علی ملکیته دور لأنه من دور المعیة المغتفر فی الأحکام الشرعیة و لان النقل فی العقد وقع علی وجه خاص و هو ملکیة الشرط و مع انتفاء الخاص ینتفی العام و لان التراضی وقع علی المجموع مرتبطاً أحدهما بالآخر و ما لم یحصل المجموع لم یحصل البعض لمکان

ص: 130

الارتباط بخلاف تبعیض الصفقة فإنه لا ارتباط فیه و لتأدیة فساد الشرط إلی الجهالة فی العقد ثمناً و مثمناً فیبطل العقد أیضاً عند بطلانه و ذهب من أصحابنا إلی بطلان الشرط و صحة العقد و نقل علیه الإجماع و استدل له بالأصل و عموم الأدلة الدالة علی صحة العقود جنساً و نوعاً و بإخبار النکاح الدالة علی فساد الشرط فیها دون عقد النکاح بخبر بریدة أن مولاتها اشترطت علی عائشة حین اشترتها أن یکون ولاؤها بعد عتقها لها فأجاز النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) البیع و أفسد الشرط و قال الولاء لمن أعتق و له أثر فی طرقنا أیضاً و هذا القول قوی بالنسبة إلی الشرائط الفاسدة الغیر المقصودة فی العقود کاشتراط حفنة من تراب أو رفع أو وضع لا لغرض أو اشتراط بعض محرمات لا ینصب العقد علیها و أما بالنسبة إلی الشرائط المقصودة فی العقد الواقعة کالجزء من الثمن أو المثمن فهو ضعیف لمنع الإجماع فیه فی محل النزاع و مخالفة مشهور المتأخرین و منع شمول عموم أدلة العقود جنساً و نوعاً لمثلها، و إخبار النکاح جاء بها الدلیل فقیاس غیرها علیها قیاس مع الفارق و خبر بریدة عامی و الأخبار الخاصة محمولة علی التقیة و مع ذلک فالمقام یحتاج إلی التأمل التام.

خامسها: ورد فی الأخبار و انفقت علیه کلمات الفقهاء الأخیار أن الشرط المخالف للکتاب و السنة باطل

و کذا ما حرم حلالا أو أحل حراماً و اشتهر فیما بینهم أن المنافی لمقتضی العقد باطل و نقل علیه الإجماع و أدخله جماعة منهم فیما خالف الکتاب و السنة و کذا أکل ما أدی إلی جهالة الثمن أو المثمن أو هما معاً فإنه باطل و یبطل العقد ببطلانه و قیل أن فی النص و الفتوی إجمال فلا یدری ما المراد بالمشروع و بالحلال و الحرام أ هو ما کان کذلک بأصل الشرع من دون توسط العقد أو ما یعم ذلک و قضیة اتفاقهم علی صحة اشتراط إسقاط خیار المجلس و الحیوان الأول لأن مقتضی العقد حلیة الرد فی زمن الخیار و قد حرم الشرط ما کان حلالًا بتوسط العقد و قضیة نصهم علی عدم جواز اشتراط أن لا یهب هو الثانی لأن للإنسان إلا یهب ماله لکن لإطلاق العقد لکل تصرف و فیه ضعف لأن المراد بقولهم ما نافی المشروع هو الأول و بقولهم ما نافی مقتضی العقد هو الثانی و کلتا القاعدتین نقول بهما إلا ما دل

ص: 131

الدلیل علی خلافه کاشتراط الخیار بالنسبة إلی الثانی و إسقاطه بعد ثبوته بالنسبة إلی الأول و یمتنع الإجمال المدعی فی النصوص و الفتاوی و لئن سلمناه فلا نسلم سریانه للعام الوارد بإباحة الشروط و تسویغها للقطع بإرادة بعض الأفراد المخصص و الشک فی الباقی فیشمله عموم العام المخصوص و الممتنع منه فی مقام الاستثناء و بالجملة فلا إجمال فی النص و الفتاوی بعد استقرار کلمات الأصحاب و النظر التام فی الأخبار الواردة فی الشروط فی جمیع الأبواب و لو سلمنا الإجمال فلا نسلم سریانه لجمیع المحال و بیان ذلک أن الشرائط.

منها: ما هو مؤکد لمقتضی ذات العقد الواقعة فیه کاشتراط أن تملک و شبهه.

و منها: ما هو مؤکد لمقتضی إطلاق ذلک العقد کاشتراط الحلول و التسلیم و شبهها.

و منها: ما هو مؤکد لمقتضی ذات عقد آخر أو إطلاقه.

و منها: ما کان ملزماً لواجب أو مندوب شرعیین علی المشروط علیه إذا تعلق للمشترط غرض بهما.

و منها: ما کان ملزماً لأمر مباح لهما فعله من دون توسط الشرط کعمل شی ء أو دفع شی ء من المال و نحو ذلک فجمیع هذه الشرائط سائغة و یلتزم بها المشروط علیه لعموم أدلة الشروط من غیر معارض لأن المفهوم من أدلة الشروط أنها بمنزلة النذر تلزم ما کان سائغاً فعله بدونه و توجب علی المشروط علیه أداؤه و لا إجمال فی أدلة الشروط بالنسبة إلی تناولها لذلک.

و منها: ما یتعلق بفعل محرم معلوم من الشرع عدم استحلاله بالأسباب الاختیاریة کأکل المیتة و الخنزیر و اللواط و الزنا و الغناء و السرقة و قتل النفس بغیر حق أو ترک واجب معلوم عدم استحلاله بالأسباب الاختیاریة کالصلاة و الصوم و الحج و طاعة الوالدین و الأمر بالمعروف و نحو ذلک فهذه و نحوها من المقطوع بدخولها تحت المخصص و بإرادتها ما حرم حلالًا أو أحل حراماً أن لم ینصرف إطلاق ذلک إلیها.

ص: 132

و منها: ما تنافی مقتضی ذات العقد المشروط و أصل مشروعیته و ذات عقد آخر و مشروعیته کاشتراط أن لا یملک بالبیع أو یملک بالرهن و العاریة و الودیعة فهذه من المقطوع ببطلانها و دخوله تحت ما خالف الکتاب و السنة لأن الکتاب و السنة دالتان علی وجوب الوفاء بالعقد فإبطال مقتضاه مخالفة لهما لا یقال أن وجوب الوفاء بالعقد إنما علی حسب مقتضاه فالمطلق علی إطلاقه و المشروط علی حسب شرطه فلا مخالفة لأنا نمنع شمول ادلة لزوم الوفاء بالعقود للعقد المشترط بشرط یعود بالنقص و ذلک ظاهر.

و منها: ما ینافی مقتضی إطلاق العقد کاشتراط تأجیل أحد العوضین أو تأخیر التسلیم أو کونه فی غیر بلد العقد و نحو ذلک و هذه سائغة مشمولة لأدلة العقود و الشروط و لا یدخل فیما أحل حراماً أو خالف الکتاب و السنة لأن المأمور بالوفاء بهما شامل للمقید و المطلق و الشرط قید فی العقد و قد شرع التقیید فیه به و بغیره.

و منها: ما تنافی مقتضاه من الأحکام اللاحقة له شرعاً کاشتراط الخیار بعد الحکم بلزومه و اشتراط إسقاطه بعد الحکم بثبوته شرعاً و هذه یمکن إدراجها فیما یخالف الکتاب و السنة إلا أن الحکم بصحتها جاء به الدلیل و یمکن جعلها من أحکام العقد لا مطلق العقد حتی المشروط بها فلا مخالفة فیها الکتاب و السنة.

و منها: ما تنافی لوازمه الشرعیة التی شرع العقد لها کاشتراط منعه عن التصرف بالمبیع مطلقاً لأن من لوازم الملک الشرعیة جواز تصرف المالک بملکه کیف شاء و الظاهر دخول هذا فیما خالف الکتاب و السنة و أما اشتراط منعه عن بعض التصرفات فقط کاشتراط أن لا یبیع و لا یهب أو لا یعتق مطلقاً أو فی وقت دون وقت فالظاهر أنه لا یدخل تحت دلیل المنع و لا تحت ما خالف الکتاب و السنة لعدم دلالتها علی جواز التصرف بکل نحو فی کل وقت بل المقطوع به هو جواز التصرف فی الجملة و لو سلمنا فالمقطوع به هو جواز کل تصرف فی العقد المطلق لا فی مطلق العقد حتی المشروط بتصرف دون آخر فاشتراط ذلک لا یخالف الکتائب و السنة إلا أن ظاهر

ص: 133

الفقهاء منعه و بطلانه إلا ما خرج الدلیل کاشتراط عدم الانتفاع مدة معینة أو اشتراط أن لا یهب و لا یبیع لورود الروایات بهما.

و منها: الشرائط غیر المقدورة عقلًا و عرفاً و لا کلام فی بطلانها و هل یبطل العقد ببطلانها سیما مع العلم بعدم القدرة علیها أوجهها البطلان.

و منها: الشرائط السفهیة التی لا تقابل بعوض و لا یعود بها نفع لأحد المتعاقدین و لا کلام فی بطلانها لعدم شمول أدلة العقود و الشروط لها و هل یبطل العقد ببطلانها وجهان أجودهما عدم البطلان.

و منها: الشرائط غیر المقدورة شرعاً کاشتراط غایات العقود المعلوم من استقراء الأدلة عدم وقوعها بدون أسبابها المعدة لها کاشتراط کون فلانه زوجة و کون المال موقوفاً و کونه مبیعاً و کون الزوجة مطلقة فهذه لا کلام فی بطلانها لانها مما تخالف الکتاب و السنة.

و منها: الشرائط المؤدیة إلی جهالة الثمن و المثمن مما تفسده الجهالة فإنها باطلة لمخالفتها ما دل علی اشتراط المعلومیة و یبطل العقد ببطلانها.

و منها: الشرائط المجهولة بنفسها فهذه أن أدی الجهل بها إلی الغرر بحیث یصیر العقد مجهولًا بسببها بطلت و أبطلت العقد و إلا فالظاهر صحتها کاشتراط قدر من طعام بکیلة مجهولة أو معیار مجهول مع مشاهدتهما:.

و منها: الشرائط المتعلقة بالأسباب الشرعیة من بیع و إجارة و رهن و غیرها أو المتعلقة بالمسببات غیر المتوقفة علی أسباب خاصة أو المتعلقة بمال من غیر أو منفعة و المتعلقة بحق من الحقوق المالیة أو غیرها و بالجملة کلما لا یتوقف فی نقله أو إسقاطه أو الاختصاص به علی صیغة شرعیة متلقاة من الشارع فإنه یصح اشتراطه و یلزم العمل به لأن الشرط ملزم لمن التزم به فیما یسوغ التزامه مما لا یخالف الکتاب و السنة.

و منها: الشرائط القاصرة للمشروط علیه علی بعض التصرفات دون بعض کاشتراط العتق أو البیع أو غیرهما و ظاهر الفقهاء صحتها و إنها لا تدخل فیما خالف الکتاب و السنة و إن استلزمت المنع عن بعض التصرفات أیضاً لأن القصد أو لا

ص: 134

و بالذات هو الالتزام بتصرف لا المنع من تصرف آخر و الأول لا ینافی مقتضی العقد أن لم یؤکده فتبین مما ذکرنا أنه لا إجمال فی أدلة الشروط و إنها أخص من دلیل الناس مسلطون علی أموالهم و شبهه و أنه لا معارضة بینهما و بین أدلة العقود و إذا لم یناف أصل وضعها أو أحکامها اللاحقة لذات العقد شرعاً لأن الإفتاء بها علی حسبها من التقیید و الإطلاق نعم لو عادت علی أصل العقد بالنقص أو علی أحکامه و لوازمه الأصلیة لکانت مما تخالف الکتاب و السنة:

سادسها: یجوز فی عقد البیع و غیره من العقود اللازمة اشتراط أن یرهن عنده رهناً علی دین سابق

أو علی الثمن المبیع الواقع فی ذلک العقد لأنه اشتراط لسبب شرعی و هو سائغ و لو اشترط أن یکون المال رهناً عنده علی دین سابق یقف صحته علی صحة وقوع الرهن بنفس الشرط و عدمه و لا یبعد جوازه و علی تقدیر صحته علی صحة وقوع الرهن بنفس الشرط و عدمه و لا یبعد جوازه و علی تقدیر صحته فهل یصح جعل المبیع رهناً علی الثمن فی صیغة البیع أو مال آخر غیر المبیع کذلک لعموم الأدلة أو لا یصح لأنه رهن علی ما لم یثبت فی الذمة وجهان و لا یبعد الصحة فیقع ملک الثمن و الرهن دفعة واحدة و لا یبعد جوازه أو یقدر ملک الثمن آناً ما قبل الرهن و لکنه محل إشکال و مثله ما لو صرح البائع بالرهن فقال بعتک هذا بکذا أو أرهنته عندی فقال المشتری قبلت و أرهنت دفعة واحدة کان یقول هو واحد و وکیله الآخر و أشکل منه لو قدم لفظ الرهن علی قبول البیع أما لو قدم القبول علی إیجاب الرهن قوی القول بالصحة لتقدم المالک بناء علی صحة القبول المتقدم و الإیجاب المتأخر هذا إذا قدم الموجب لفظ البیع علی لفظ الرهن أما لو قدم لفظ الرهن کان یقول أرهنته و بعتک ففی صحته کلام و الأقوی عدم اشتراط تعین الرهن بجنسه و وصفه وکیله و وزنه بل یکفی أن یشترط رهنا علی الثمن و لو قلنا باشتراط تعین الرهن عند الارتهان لزم التعیین فیما إذا أوقع الرهن بالشرط و لم یلزم فیما إذا کان شرطاً لرهن متأخر نعم لا یبعد وجوب اشتراط تعین قدر الرهن من أنه علی کل المال أو بعضه أو أنه مما یقابل کل المال أو ینقص عنه للزوم الجهالة التی لا تغتفر فی الشرط و لا سیما لو کان الشرط

ص: 135

فی البیع و شبهه مما بنی علی حرمة الغرر فیه و الأولی فی عقد البیع تعیین الرهن نوعاً و صنفاً و قدراً أو أنه علی کل المال أو بعضه و قد تکفی المشاهدة عن کثیر مما قدمنا و نقل عن الشیخ ره أنه جوز قول البائع بعتک هذا بألف و ارهنته علی الثمن فیقول قبلت و أرهنت مع أن فیه تقدیم القبول و تأخیر الإیجاب و وقوع القبول فی زمن عدم الملک و عدم تحقق الدین و منع من اشترط رهن المبیع علی الثمن و ظاهره حتی لو کان الشرط بأن یرهنه کما یظهر من بعض الأدلة حیث أنه استدل علی المنع بلزوم اشتراط رهن ما لا یملک و باقتضاء البیع ایفاء الثمن من غیر المبیع ضمان الثمن فی عین المبیع و اقتضاء الرهن کونه غیر مضمون و هو متناقض أیضاً و الکل ضعیف کضعف ما أحتج به غیره من أن المشتری لا یملک رهن المبیع إلا مع صحة البیع المتوقفة علی ملک رهن المبیع فیدور و إن لزوم التصرفات معلولة للزوم البیع فلو کانت علة له جاء الدور و ذلک لأن الممنوع منه رهن ما لا یملک لا اشتراط رهنه بعد ملکه و لمنع اقتضاء البیع کون ایفاء الثمن من غیر المبیع لا عرفاً و لا شرعاً و لان اقتضاء البیع ضمان المبیع و الرهن عدمه لا یقضیان بمنع الرهن نعم عند وقوع ذلک یتعارض الدلیلان فیمکن ترجیح الضمان لأنه انفساخ لا ضمان بالمثل و القیمة کی ینافی عدم ضمان الأمانة و یمکن ترجیح عدمه لأن رهنه کإذن المشتری له بالقبض فیکون من الأمانات المقبوضة و لأن توقف صحة البیع علی الرهن ممنوعة نعم تتوقف علی صحة الرهن الموقوفة علی صحة البیع و هو دور معیة لا بأس به و لأنه لا استبعاد فی کون المعلول و هی التصرفات علة لصفة علته و هو الملزوم و لیس هو علة لها فلا دور و یصح اشتراط الکفیل و الضامن علی الثمن أو المثمن و اشتراط الشهود و لا یلزم تعیین الکفیل باسمه و شخصه و لا تعیین الشهود نعم ینصرف فی الأول إلی الملی و فی الثانی إلی العدلین و لو عین کفیلًا تعین و فی تعین الشهود بالتعیین وجه یقوی البناء علیه.

سابعها: نقل الاتفاق علی جواز اشتراط عدم الانتفاع بأحد العوضین مدة معینة

و أجاز جمع من أصحابنا اشتراط أن لا یعتق و لا یطأ الأمة و جماعة أخری أجازوا اشتراط بائع الأمة علی البائع علی المشتری بأن لا یبیع و لا یهب و فیه روایات مستفیضة

ص: 136

دالة علی الجواز أیضاً و استند بعضهم فی جواز الجمیع للعمومات و الإطلاقات فی العقود و الشروط السلیمة عما یصلح للمعارضة سوی کون هذه الشرائط منافیة لمقتضی العقد فتدخل فیما خالف الکتاب و السنة و هو ممنوع لمنع منافاتها لمطلق العقد حتی العقد المقید بالشرط و إنما تناف العقد المطلق و ما نافی العقد المطلق لا یدخل تحت ما خالف الکتاب و السنة و هذا القول قوی فی النفس فعلی ذلک یجوز اشتراط عدم انتفاع المشتری بالمبیع فی زمن دون زمان أو فرد دون فرد أو حال دون حال و لکن الحکم بعد ذلک لا یخلو من تأمل و إشکال سیما فیما لم یرد به نص من الأصل:

ثامنها: یجوز اشتراط البائع علی المشتری قصر انتفاعه علی جهة مخصوصة

من بیع أو عتق أو تدبیر أو کتابة و العتق إجماعی لا کلام فیه و الظاهر أن الجمیع علی وفق القاعدة لعدم منافات هذا الشرط لمقتضی العقد و إن لزم من القصر علی مورد خاص منعه عن غیره لأن اللوازم لا اعتبار بها و یجوز اشتراط العتق مطلقاً أو عن البائع أو عن المشتری أو عن أجنبی أو عن اثنین أو ثلاثة منهما و احتمال البطلان فیما لو أعتق عن البائع أو الأجنبی لأنه لا عتق إلا فی ملک فی محل البطلان لأن المعتق مالک و إن کان العتق عن غیره لأن وصول نفعه إلی الغیر لا ینافی مباشرته بنفسه و قد تقدر ملکیته أنما بعد صیغة العتق قبل حصوله أو عند إجرائه الصیغة أو یکتفی بالتقدم الذاتی و یصح اشتراط عتقه مطلقاً و عن سبب خاص من نذر او کفارة عن کل واحد مما قدمنا و یصح اشتراط عتقه تبرعاً و یصح اشتراطه مع العوض نعم ینصرف إطلاق اشتراط عتقه إلی ما یکون تبرعاً و یکون اختیاریاً بسبب الصیغة الخاصة دون ما یکون بتنکیل و شبهه و هل یصح مع اشتراط عتقه مطلقاً أن یعتق عن سبب خاص من کفارة أو نذر أو نحوها لأن اشتراط المطلق یجامع وقوعه مع المقید و یحتمل عدم الصحة لتغایر الأسباب بتغایر المسببات و قد یبنی المسألة علی أن العتق المشروط و هو حق لله تعالی لما فیه من معنی القربة و العبودیة أو للبائع لأنه الملزم و لان الشروط من جملة العوضین أو للمشتری لأنه التزم به و یعود بفعله ثواباً إلیه أو للاجنبی لو کان الشرط عتقه عنه لعود نفعیة إلیه بعد التزامه أو للعبد لاستلزامه زوال الحجر عنه و تحریر به أو للمرکب من

ص: 137

الاثنین أو الثلاثة أو الأربعة أو للکل لإجماع جمیع الجهات فیه فإن کان الحق فیه لله تعالی فیکون کالمنذور أو للبائع و لم یسقط حقه أو للعبد و لم یسقط حقه أو للأجنبی و لم یسقط حقه لم یجز عتقه عن السبب الخاص و إن کان للمشتری أو للثلاثة مع إسقاط حقهم جاز و صور المرکبات تتبع صور المفردات و ما دل فیها إلی المنع یرجح جانب المنع و یجری الحکم فی ذلک لغیر شرط العتق مما شابهه کشرط الوقف و یجری أیضاً لغیر عتقه عن السبب الخاص کبیعه مثلًا فإن المنع فیه لتعلق حق الله تعالی أو حق غیره مع عدم اسقاطه متوجه و الأطهر تعلق حق البائع به علی کل حال و تعلق حق المشروط له عتقه سواء کان المشتری أو غیره مع البائع علی سبیل الاشتراک و احتمال تعلق حق الله تعالی به مع اشتراط عتقه مطلقاً أو عن شخص خاص کاحتمال تعلق حق المشتری به ضعیف و یتفرع علی تلک الوجوه حق المطالبة به فإن کان لله فللحاکم و إن کان للعبد فله و للحاکم و إن کان لغیرهما فلصاحبه و لو أعتقه المشتری بعوض مع اشتراط البائع عدم العوض أو الإطلاق صح عتقه و تسلط البائع علی الخیار فإن فسخ کانت له القیمة لتنزیل العتق منزلة التلف و لیس للبائع فسخ العتق و یحتمل بطلان العتق المعوض و عدم نفوذه لتعلق حق الغیر به بالشرط و کذا الکلام فیما لو أعتقه بسبب غیر السبب المشروط علیه و مثلهما فیما لو باعه بشرط العتق فأعتقه المشتری الآخر فإنه یحکم بصحة العتق و یحکم بفوات الشرط و ضمان القیمة عند الفسخ لأن ظاهر الشرط مباشرة العتق و لو بالوکالة لا بواسطة البیع و شبهه و کذا لو مات العبد المشروط عتقه أو نکل به حتی عاد حراً ألزم المشتری تأدیة قیمته عند فسخ البائع و لو أحبل الجاریة و لم یف بالشرط فالأقوی إلزامه بالقیمة إذا فسخ البائع و لا یرجع بالعین مع احتمال ذلک.

تاسعها: العبد المشروط عتقه أو المال المشروط وقفه إذا کانا ثمناً أو مثمناً و لم یف المشروط علیه بالشرط

بأن نقله ببیع أو غیره من العقود الناقلة کان للمشترط الخیار فإن أمضی فلا کلام و إن فسخ احتمل انفساخ العقود المترتبة علیه من حینها تبعاً لفسخه و احتمل توقفها علی فسخه فإن فسخها انفسخت و إلا مضت علی حالها

ص: 138

و کان للمشترط القیمة و احتمل مضیها قهراً و الرجوع إلی القیمة لاستصحاب بقائها و عدم ثبوت فاسخ لها و احتمل بطلان العقود من أصلها لتعلق حق الله تعالی بها فلا ینفذ مقتضاها أو لتعلق حق البائع بها أو المشتری أو الأجنبی فلا یصح التصرف بها إلا مع إسقاط حقهم مع احتمال عدم تأثیر إسقاط حقهم فی العتق أو الوقف لتعلق حق الله تعالی بهما و لو ترتبت العقود علی المشروط بشرط غیر شرط الوقف و العتق و ما ضاهاهما مما تعلق بهما حق الله تعالی فالأوجه صحة العقود المترتبة علیه و لزومها أیضاً و عدم جواز فسخ المشترط لها إذا فسخ العقد بل له القیمة و تنزل منزلة التلف و لو کانت المترتبة عقوداً جائزة فالأقوی انفساخها من دون فاسخ مع احتمال توقف الانفساخ.

عاشرها: المال المتعلق به شرط فی البیع

أو غیره کاشتراط عطائه أو تملیکه أو بیعه و لم یکن من أحد العوضین فهل یجوز تصرف المشروط علیه به و نقله و إتلافه مطلقاً لأن الناس مسلطون علی أموالهم أو لا یجوز لتعلق حق الغیر به و لوجوب الوفاء بالشرط فیجب عدم نقله و إتلافه من باب المقدمة و لعل الأخیر أوجه و قد یفرق بین ما تعلق لله تعالی فیه حق کاشتراط العتق و الوقف أو إخراجه خمساً أو زکاة أو صدقة فیحرم التصرف فیه و بین ما لم یتعلق فیجوز و قد یفرق بین تعلق الشرط بأحد العوضین فیحرم علی المشروط علیه التصرف فیه و بین تعلقه بأمر خارج فلا یحرم و علی التحریم فهل تبطل العقود المترتبة علی ما تعلق به الشرط لمکان النهی أو تصح لتعلقه بأمر خارج وجهان أوجههما الأخیر و علی الصحة فهل للمشترط بعد فسخه أن یفسخ تلک العقود المترتبة علی ماله لتعلق حقه بها فله الخیار أو لیس له و لا یبعد الأول و یحتمل انفساخها علی وجه لأن استدامتها موقوفة علی استدامة البیع الأول و قد یفرق بین ما یتعلق به حق لله تعالی فلا یصح العقود المترتبة علیه و بین ما لم یتعلق فتصح و یجی ء احتمال الانفساخ أو جواز الفسخ أو یفرق بین تعلق الشرط بأحد العوضین فتبطل العقود و بین تعلقها بأمر خارج فتصح و یجی ء حینئذ احتمال الانفساخ و احتمال جواز الفسخ.

ص: 139

حادی عشرها: لو امتنع المشروط علیه بالقیام بالشرط أما لامتناعه بنفسه أو لامتناع الشرط کان للمشترط الفسخ

کما تقدم و هل هو فوری لأصالة لزوم العقد بعد خروج زمان الفوریة المجمع علی ثبوت الخیار فیه أو متراخی لثبوته مع عدم العلم بالمزیل و ما ثبت دام و الأول أقرب و أحوط و علی کل تقدیر فإن فسخ المشترط و وجد العین قائمة استردها و إن وجدها تالفة أو شبه التالفة من حصول عتق أو استیلاد أو وقف أو عقد لازم فی زجه قوی رجع بمثله أن کان مثلیاً و بقیمته إن کان قیمیاً و الرجوع فی القیمة لقیمة بلد العقد و یحتمل الرجوع لقیمة بلد الفسخ و یحتمل الرجوع إلی قیمة بلد المتعاقدین و مع اختلاف بلد المتعاقدین یرجع إلی قیمة بلد الناقل و یحتمل الرجوع إلی اقل القیم للأصل و الرجوع فی وقتها الی قیمة یوم التلف لأنه یوم الانتقال إلی القیمة و یحتمل یوم القبض لأنه أول دخوله فی ضمان المشتری أو أعلی القیم ما بین القبض و التلف و یحتمل قیمة یوم الفسخ و لعله الأقرب و یحتمل أدناها للأصل ثمّ أن القیمة

تنصرف بحکم الشارع للنقدین المسکوکین من الذهب و الفضة علی ما هو الظاهر من الأصحاب فی جمیع الغرامات بل و ظاهر الأمر بها فی الأخبار أیضاً ذلک و هل یعتبر قیمته مشروطاً فیقوم عبداً مشروطاً بعتق و شبهه فیأخذ البائع قیمته أو غیر مشروط فیقوم سلیماً من الشرط فیأخذ قیمته و وجه الأول کونه قد دخل فی ضمان المشتری کذلک و وجه الثانی أن الشرط لم یأت به المشتری ففواته علیه و عند الفسخ یصیر العبد مضموناً علیه مجرداً عن البیع و الشرط و لعل الأول أوجه و ان أمضی المشترط للعقد عند فوات الشرط و لم یفسخ فهل له الرجوع بما نقصه الشرط فیأخذ البائع زائداً علی ثمنه إن کان المشترط هو البائع و قد فاته الشرط و یرجع المشتری شیئاً من الثمن أن کان المشترط هو المشتری و قد فاته الشرط و ذلک لأن الشرط محسوب من الثمن أو المثمن ففواته یقضی بفوات مال من المشتری و نقصان من أحد العوضین فیقوم العوض مشروطاً و غیر مشروط و ینظر إلی التفاوت بینهما زیادة و نقصا و یأخذ المشترط علی نسبة التفاوت من المشروط علیه لمکان انتفاء الشرط یزید البائع علی ثمن ذلک العقد أو ینقص المشتری منه أو لیس له الرجوع بشی ء لأن الشروط لا توزع علیها إلا ثمان

ص: 140

کتبعیض الصفقة و لا تقابل بأرش کالعیوب و لا دلیل یدل علی أحدهما و ثبوت الأرش فی العیب إنما جاء به الدلیل و ضرر فوات الشرط مجبور بالخیار و هذا الأخیر أقوی و یؤیده أن فوات وصف الحسن أو الوصف مطلقاً أولی بأخذ ما قابلها سیما فیما اشتمل علی تدلیس مع أنه لا قائل به علی أن ظاهر الفقهاء أن هذا التوزیع خاص بفوات شرط العتق لا بفوات الشرط مطلقاً مع أنه لیس لشرط العتق خصوصیة.

ثانی عشرها: اشتراط العقد الجائز فی العقد اللازم

کاشتراط الوکالة أو الوصیة أو التدبیر أو المضاربة أو اشتراط ثمرتها کصیرورته وکیلًا أو وصیاً أو مدبر أو غیر ذلک فهل یقلب الجائز لازماً و یلزم الاستمرار علیه مطلقاً أو یبقی علی جوازه مطلقاً أو یفرق بین اشتراط نفس العقد الجائز فیبقی علی جوازه و بین اشتراط غایته فیلزم وجوه أوجهها الأخیر و علی الجواز فلو فسخ المشروط علیه بعد تلبسه بمقتضی العقد الجائز فهل للمشترط خیار الفسخ حینئذ لظهور الشرط فی الاستمرار علیه أو لیس له لأن الشرط مجرد حصول مقتضاه و قد حصل وجهان و لا یبعد هاهنا الرجوع الی مقتضی العرف من القصد إلی الاشتراط بإرادة الدوام و عدمه و علی کل حال فللمشترط إسقاط حقه من الاشتراط لجواز إسقاط الحقوق من أهلها إلا شرط العتق فقد استثناه طائفة من أصحابنا لتعلق حق الله تعالی به فلا یجوز إسقاطه و ربما یجری الحکم لکل ما تعلق لله تعالی فیه حق و الحکم بعد ذلک یحتاج إلی نظر و تأمل و هل یجب الوفاء بالشرط علی المشروط علیه إذا کان من غیر أحد المتعاقدین و قد رضی به لعموم أدلة الشروط أولًا یجب للأصل و انصرافها لما کان بین المتعاقدین فینفسخ وجهان و فی الأخیر قوة و بقیت مسائل ذکرناها فی شرح القواعد للعلامة (رحمه الله).

القول فی أحکام العیوب

اشارة

و فیه أمور

أحدها: الأصل فی الأعیان السلامة من العیب

أما بمعنی الاستصحاب فیما ثبت صحته سابقاً أو بمعنی الظاهر أو الغالب أو بمعنی القاعدة الشرعیة المأخوذة من استقراء الأخبار و کلام الفقهاء الأبرار و لکن هذا الأصل لا یصرف إطلاق اللفظ فی

ص: 141

الأوامر و النواهی و النذور و الإیمان و الزکاة و غیرها إلی الصحیح بحیث یکون المعیب لا یدخل تحت إطلاق اللفظ و لا یجزی عن الصحیح لأن المعیب فرد غیر نادر للمطلق لا وجوهاً أولًا إطلاقاً و لا مصداقاً فیدخل فی إطلاق اللفظ نعم قد یشکل الحال فی عقود المعاوضة فهل ینصرف اللفظ فیها إلی الصحیح لأن الظاهر من حال المتعاقدین عند الاعتیاض إرادة الصحیح کما ینصرف المطلق إلی نقد البلد و التسلیم فی بلد المتعاقدین فعلی هذا لو باع الکلی فدفع معیباً لم یملکه المدفوع إلیه إلا بعقد جدید لعدم دخول المعیب تحت إطلاق العقد أولًا ینصرف إلیه کما أنه لا ینصرف فی الأوامر و النواهی و النذور و الصدقات لعدم ثبوت ظهور فی اللفظ یصرفه إلی الصحیح و هذا هو المحق للقطع بدخول الفرد المعیب فی بیع الکلی و إجزائه عنه و ملک المشتری له و لو کان الإطلاق ینصرف إلی غیره لما جاز ذلک کله نعم لمن انتقل إلیه الخیار إذا خرج المدفوع معیباً لکون الصحة کاشتراط الضمنی المترتب علیه اللزوم ففواته تسلط علی الخیار أو کالوصف الضمنی بین المتعاقدین فإنه إذا فات الوصف الذی أقدم علیه المنتقل إلیه کان له عند فواته الخیار لا یقال أن الصحة لو کانت شرطاً فی المبیع الکلی أو وصفاً له لکانت ممنوعة له کما تقول بعتک عبداً صحیحاً أو بعتک عبداً علی أنه صحیح فإنه یتعین هنا تعلق البیع بالصحیح و لا یجزی المعیب قلنا لا نسلم أولًا أن شرط الصحة و وصفها هنا منوعان بل هما مؤکدان لما اقتضاه العقد و لئن سلمناه فی الوصف و قلنا أن صف الصحة کباقی أوصاف الکلی ممنوع له لا نسلم فی الشرط لمنع أن الشرط ممنوع فی الکلی سواء کان شرطاً للصحة أو لغیرها و لئن سلمناه فی غیرها فلا نسلمه فیها و لا نسلم ثانیاً مساواة الوصف الضمنی و الشرط الضمنی للمصرح بهما بل الظاهر من إلحاق العقود أن الشرائط الضمنیة و الأوصاف بمنزلة إلزام و التزام مستقلین سیما فیما إذا تعلق بالصحة و إن العقد واقع علی الکلی من حیث هو فالکلی بالنسبة إلیهما کالفرد بالنسبة إلی وصف الصحة و غیرها و شرط الصحة و غیرها فکما أن الفرد مقصود بالبیع أو لا و بالذات و الوصف و الشرط خارجاً عنه و لا یفیدان سوی التسلط علی الخیار فکذا الکلی بالنسبة إلی شرط الصحة فظهر مما ذکر أن من باع کلیاً علی

ص: 142

وجه الإطلاق أو اشترط الصحة أو أخذها وصفاً فی وجه فدفع معیباً ملک المشتری المدفوع إلیه بمجرد الدفع من دون احتیاج إلی معاوضة جدیدة فإن کان عالماً فلا شی ء له و إن کان جاهلًا کان له الخیار فی فسخ المدفوع إلیه عوض الکلی.

و أخذ بدله و له الرضا به مع الأرش کما سیأتی دلیله إن شاء الله تعالی و هل له فسخ أصل عقد الکلی لتشخص الکلی بالفرد المدفوع و انصبابه علیه فکأنه هو المعقود علیه أو لا أو لیس له لاستصحاب بقاء ملک الکلی و الشک فی جواز فسخه بما ذکر من التعلیل لعدم خلوه من الوهن الظاهر لدی کل ما هو.

ثانیها: إذا خرج المبیع معیباً حال العقد قبل تمامه

و لو بالقبض فیما شرطه القبض أو قبل العقد و لو یکن المنقول إلیه عالماً بالعیب کان له الخیار فی فسخ العقد اذا کان علی معین او فسخ الفرد اذا کان علی کل للاخبار عموماً کحدیث نفی الضرار و خصوصاً فی موارد متعددة لا کلام فی قبولها و للإجماع بقسمیه و کان له الإمضاء مجاناً لأنه حقه فله إسقاطه و هل یحتاج إلی الإبراء عن الأرش المستحق عند الرضا بالمعیب لا یبعد ذلک مع احتمال أن نفس الرضا به معیباً مع عدم المطالبة بالأرش إسقاط و کان له الإمضاء مع أخذ الأرش للإجماع المنقول و فتوی الفحول و لأن العیب بمنزلة نقص الإجزاء فیوزع علیها الثمن کتبعیض الصفقة و للفقه الرضوی المنجبر بما تقدم و ما روی الشیخ مرسلًا حیث أنه نسب الأرش إلی روایات أصحابنا فالحکم أیضاً لا إشکال فیه و الظاهر أنه لا یشترط فی ثبوت الخیار استمرار العیب إلی حین الرد أو الأرش بل لو طرأ العیب فزال بقی الخیار و لا یتفاوت الحال بین العلم به قبل الزوال أو الجهل لأن خیار العیب ثبوت العیب لا بالعلم به و تجری أحکام خیار العیب علی المعیب و إن لم یعلم المنتقل إلیه بالعیب و یجری خیار العیب فی جمیع عقود المعاوضة سوی ما ظهر أن العدول إلیه کان للإسقاط لا لمجری التملیک کالصلح فی کثیر من المقامات فإن الظاهر من العدول إلیه فی کثیر من المقامات إرادة إسقاط الخیارات و هل خیار العیب فوری فلو تراخی عن الفسخ مع العلم بالعیب سقط الرد للإجماع المنقول و الاحتیاط و لعموم أدلة اللزوم فی العقود فی جمیع الأزمنة خرج زمن الفوریة

ص: 143

و بقی الباقی أو متراخ للاستصحاب و الشهرة المنقولة بل المحصلة فی الباب و لمنع اقتضاء اللزوم فی العقود فی جمیع الأزمنة لعدم الدلیل علیه قولان و یقوی الأخیر و علی القول بالفوریة فالجهل بحکم الخیار أو بوجود العیب عذر قطعاً و هل الجهل بالفوریة عذر أم لا وجهان.

ثالثها: یسقط خیار العیب رداً أو أرشا باشتراط سقوطهما صریحاً أو باشتراط سقوط خیار العیب

فإن الظاهر إرادتهما لعموم الأدلة و ظاهر الاتفاق و لو اشتراط سقوط الرد فقط أو سقوط الأرش فقط جاز و لا یتفاوت الحال فی سقوط الخیار بالاشتراط بین العلم الحاصل وقت العقد أو المتجدد بعده إذا کان مضموناً علی البائع کالعیب قبل القبض أو زمن الخیار المختص بالمشتری أو کان من عیوب السنة لظاهر عموم أدلة الشرط و الفتاوی و التوقف فسقوط خیار العیب المتجدد باشتراط سقوطه لعدم تحققه حین الشرط فیکون بمنزلة اشتراط سقوط أمر غیر ثابت فلا یکون لازماً کما إذا اشترط فی عقد البیع سقوط الدین المتجدد بعقد آخر بعد البیع ضعیف للفرق بین المتجدد الذی لم یوجد سببه کالمثال المتقدم و بین ما وجد سببه و لکن تأخر أثره کالخیار اللاحق للعیب المتجدد فإن سببه نفس القصد و هو حاصل حین اشتراط السقوط فیسقط باشتراط سقوطه لعموم الأدلة نعم هاهنا مقام و هو أنه لو لم یمض علی إسقاط العیوب المتجددة فهل تدخل فی اشتراط إسقاط خیار العیب مطلقاً أو لا تدخل مطلقاً لانصرافه إلی الحاصلة وقت العقد أو تدخل فیما إذا صرح بالعموم دون الإطلاق کما إذا اشترط سقوط خیار العیب علی وجه الإطلاق وجوه أوجهها الأخیر لأن الظاهر مع الإطلاق و سواء عین العیب کان قال بشرط سقوط الخیار عیب الجذام أو أطلق فقال بشرط سقوط خیار العیب الحاصل وقت العقد دون المتجدد و یقوم مقام اشتراط إسقاط خیار العیب التبرؤ من العیوب حالة العقد متصلًا به أو بین الإیجاب و القبول لأنه بمنزلة الشرط فی المعنی فتشمله أدلة الشروط و للإجماع المنقول بل المحصل علی الظاهر و للأخبار الخاصة الدالة علی أن البیع مع التبرؤ من العیوب مسقط الخیار العیب و یحصل التبرؤ من العیب بکل صیغة تدل علیه و حکمه حکم اشتراط الإسقاط

ص: 144

فان تعلق بمعین اختص التبرؤ به و إن تعلق بعام أفاد التبرؤ من کل عیب و یکون بمنزلة ذکرها مفصلة و إن تعلق بمطلق أفاد مفاد العموم فیکون بمنزلة الماهیة الواقعة بعد النفی و إن تعلق بواحد لا بعینه بطل لمکان الإجمال و الإبهام و هل یبطل العقد ببطلانه لکونه بمنزلة الشرط الباطل یبطل ببطلانه العقد أو لا یبطل لعدم تعلقه بأحد العوضین أو بمال مکمل لهما و لا یبعد الأول و أبطل بعض أصحابنا التبرؤ من العیوب مجملًا لمکان الجهالة و فیه أنه أراد المبهم الذی ذکرناه أو أراد التبرؤ من واحد معلوم عند البائع مجهول عند المشتری لعدم بیانه له فمسلم و إن أراد المطلق فممنوع لأن تنزیل المطلق علی العموم أظهر و أقرب من تنزیله علی الإجمال و هل تدخل العیوب المتجددة فی التبرؤ من العیوب مطلقاً أو لا تدخل مطلقاً أو یفرق بین العام فتدخل فیه و بین غیره فلا تدخل وجوه أقربها الأخیر و تنزیل المطلق منزلة العام لا یلزم منه سریان أحکام العام إلیه من کل وجه أما لو نص علی التبری من العیوب المتجددة فلا إشکال فی سقوطها لأن ثبوت سببها حالة العقد بمنزلة ثبوتها فلا تکون کضمان ما لم یجب و الذی یدل علی سقوط الخیار بالتبرؤ الإجماع المنقول المعتضد بفتوی الفحول و دخوله تحت عموم أدلة الشروط و ذلک کاف فی الاستدلال و أما الأخبار الخاصة فهی خاصة بالعیوب الحاصلة وقت العقد و یشمل التبری من العیب للعیب الظاهر و الخفی فی الحیوان و غیره لعموم الدلیل و یشمل التبری منه للرد و الأرش إلا إذا قصره علی أحدهما فإنه یختص به لشبهة باشتراط سقوط أحدهما دون الآخر و یسقط خیار العیب رداً و أرشاً بالعلم به حالة العقد و لا کلام فیه لانه أسقط حقه بالإقدام و علیه فتوی الإعلام و لو علمه فنسیه أو جهله وقت العقد کان بحکم الجاهل و لو علم بالعیب و اشترط الرد به فإن کان فی مدة معینة فلا کلام فی جوازه و إن لم یکن فی مدة معینة ففی صحته إشکال و لو اشترط بقاء الأرش فإن کان معلوماً فلا إشکال فی صحته و مع عدم العلم فلا یخلو الحکم به من إشکال و یسقط أیضاً باسقاطه بعد العقد فیسقط ما تعلق به الإسقاط من رد أو أرش فإن أسقط خیار العیب علی وجه الإطلاق سقط الرد قطعاً و فی سقوط الأرش أیضاً وجه قوی لأنه من توابع الخیار فینتفی التابع بانتفاء المتبوع و لا یفتقر

ص: 145

الإسقاط إلی صیغة خاصة بل یکتفی بکل ما یدل علیه من قول أو فعل و لو أسقط عیبا معیناً سقط دون غیره و فی انصرافه لإسقاط العیب الحاصل وقت العقد خاصة دون المتجدد مطلقاً أو للعیوب الحاصلة و المتجددة مطلقاً أو الفرق بین العام فیشمل الجمیع و بین غیره فلا یشمل وجوه تقدم أن أوجهها الأخیر و الرضا بالمبیع بمنزلة الإسقاط إلا أن فی دلالته علی سقوط الأرش کلام و فی کفایة العلم به من دون لفظ أو فعل یدل علیه أیضاً بحث و تأمل و یسقط الرد فقط فی البیع علی من ینعتق علیه لقرابة أو شرط و بالتصرف فی المبیع علی ما یجی ء إن شاء الله تعالی و یسقط الأرش فقط فیما إذا لم یکن العیب موجبا له کالخصی و عدم شعر الرکبة و یسقط أیضاً فیما إذا استلزم أخذه الربا لزیادة أحد العوضین الربویین علی الآخر.

رابعها: إذا أحدث من انتقل إلیه أحد العوضین به حدثاً

بحیث اثر فیه تغیراً بزیادة أو نقص فی عین أو صفة أو تغیر هیئته من قطع ثوب أو خیاطة أو نعل دابة أو خلط بما لا یتمیز أو نحو ذلک مما لا یصدق علیه أن الشی ء بقی قائماً بعینه فلا کلام فی سقوط الرد به للأخبار و فتوی الأصحاب و للزوم الضرر بالرد و لا یجب الضرر بالضرر و فی روایة جمیل أن کان الثوب قائماً بعینه رده علی صاحبه و أخذ الثمن و إن کان الثوب قد قطع أو خیط أو صبغ رجع بنقصان العیب و فی روایة زرارة فی المبیع أحدث فیه بعد ما قبضه شیئاً و علم بذلک العیب و ذلک العوار أنه یمضی علیه البیع و یرد علیه بقدر ما ینقص تصریح بما ذکرناه و ظاهر النص و الفتوی شمول الحدث لما صدر بعده قبل العلم کما تشعر به روایة زرارة و لما صدر بعده و لما کان الحدث مانعاً من الرد کالاستیلاد و لما لم یکن مانعاً و لما کان صدوره بالاختیار و لما کان بغیره من سهو و اضطرار أو غفلة أو نوم و لما قصد به الحفظ أو الاستخبار و لما لم یقصد به ذلک و لما توقف الرد علیه و لما لم یتوقف مع احتمال أن الصادر عن غیر شعور لا یسقط حکم الرد لانصراف إطلاق الحدث لما کان عن اختیار و لکن الأقوی السقوط و لا أقل من الشک فی بقاء جواز الرد فأصالة اللزوم یحکم علی استصحاب الخیار فی وجه قوی کما تقدم غیر مرة و یلحق بأحداث الحدث التصرف فی أحد العوضین بوطء أو لبس أو

ص: 146

استخدام أو رکوب أو غیرها مما یعد تصرفاً عرفاً و یلحق نقله بعقد لازم أو عتق أو جائز أو نقل المنفعة کل ذلک للإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و الأخبار الواردة بوطء الجاریة من انه مانع للرد و مثبت للأرش و لا فارق بین الوطء و غیره فی المنع ممن یعتد به و لان التصرف بعد العلم بالعیب دلیل علی الرضا و إسقاط الخیار و ظاهر إطلاق الدلیل عدم الفرق بین التصرف الاختیاری و غیره کصدوره بجنون أو سهو أو نسیان أو شبه ذلک و بین المانع من الرد کالاستیلاد و غیره و بین ما قصد به الحفظ و الاستخبار و غیره و بین ما کان قبل القبض و ما کان بعده و بین ما توقف علیه الرد و ما لم یتوقف و بین ما کان قبل العلم بالعیب و ما کان بعده و بین ما کان قبل العلم بالخیار و ما کان بعده و إن کان التصرف بعد العلم بالعیب و الخیار أقوی فی سقوط الرد لدلالته علی الرضا و لا یسقط الرد بما لم یعد تصرفاً عرفاً سواء عد انتفاعاً له کالاستظلال بالحائط أو المسیر علی ضوء النهار أو التلذذ بسماع الصوت أو النظر لغیر الجاریة من الحیوانات أو غیرها أو التلذذ بالرقص و اللعب إذا لم یکن هو الحامل علیها أو شم الطیب إذا لم یکن بفعله أو نحو ذلک أو لم یعد انتفاعاً له کأکل الجاریة من بیته و النظر إلی ما یحل النظر إلیه منها من غیر لذة و سقی الدابة و علفها علی النحو المعهود و أخذ المعیب إلی بیته و رده إلی صاحبه بعد ظهور العیب و هذه الأخیرة و إن قلنا بصدق التصرف علیها لا تمنع من الرد قطعاً للسیرة و العسر و الحرج و ظاهر الأخبار و قد یقال أن کشف الثوب عن الجاریة أو الرحل علی الدابة و الاستخدام بالجاریة أو تمشیة الدابة أن کان للاختبار لا یسقط الرد لأن الاطلاع علی العیب لا یحصل غالباً إلا بفعل هذه بهما فلو سقط بهذه الخیار انتفت ثمرة الرد غالباً فی خیار العیب و لزوم الضرر بل قد یقال ذلک فی جمیع ما کان للاختبار و کان غیر مضر بالمبیع و لا مغیر للهیئة و الصفة و ما وقع الشک فی کونه تصرفاً أم لا کالقاء القردة عن الدابة و تقبیلها أو تقبیل الغلام و إزالة بعض القذارات عنهما و شبه ذلک فالاستصحاب یقضی ببقاء الخیار و أما العقود الجائزة فإن کانت ناقلة للملک فالظاهر أنها کاللازمة و إن لم تکن ناقلة فلا تعد فی العرف تصرفاً کالسکنی و العاریة و عود المنتقل إلی الملک لا یبطل حکم التصرف بعد

ص: 147

إبطاله الرد و قد یقال أن المانع هو تصرف کل شی ء بحسب المعد له فرکوب العبد لیس بتصرف و تقبیل الدابة لیس بتصرف و رکوب الدابة تصرف فیها و کذا تقبیل الجاریة إلا انه محتاج إلی تأمل و نظر فی الفرق بین موارد التصرفات و لا یخلو من بعد أیضاً و نقل عن الشیخ فی المبسوط ان التصرف قبل العلم لا یسقط به الرد و کأنه استند إلی أن تحقق الخیار إنما یکون بعد العلم بالعیب لا قبله فالتصرف لیس فی زمن الخیار و إلی أنه مع العلم بالعیب لا یدل علی الرضا و الإسقاط دائر مداره و إلی روایة زرارة المتقدمة حیث جعل العلم قبل الحدث شرطا لمضی المبیع علیه و فی الجمیع نظر لمنع عدم تحقق الخیار إلا بعد العلم بالعیب بل هو متحقق حین العقد و لو مع الجهل و منع کون التصرف لا یکون مسقطاً إلا فی زمن الخیار و أیضاً منع دوران اسقاط التصرف مدار الرضا و منع دلالة روایة زرارة علی ما ذکره أن لم تکن علی خلاف مدعاة أدل نعم قد یستثنی من إسقاط التصرف الرد ما سیجی ء إن شاء الله تعالی من الرد بعیوب السنة و الرد للجاریة التی لا تحیض إلی ستة أشهر و الرد للشاة المصراة و الرد لاشتراط أن التصرف لا یسقط الرد علی الأظهر و لا یسقط الأرش بسقوط الرد بالتصرف للأصل و لحدیث نفی الضرار سواء کان التصرف بعد العلم بالعیب أو قبله خلافاً لابن حمزة حیث اسقط الارش مع التصرف بعد العلم بالعیب لدلالته علی الرضا و فیه أن الرضا بالبیع أعم من إسقاط الأرش غایته أنه یدل علی قبوله و هو ظاهر فی إسقاط الرد دون الارش و هذا کله فیما لو کان المتصرف هو من انتقل إلیه أما لو کان غیره فإن کان بإذنه فالظاهر أن حکمه حکمهُ و إن لم یکن بإذنه فإن أحدث فیه حدثاً فالظاهر أنه مانع من الرد لمکان التغیر المؤدی إلی الضرر برده متغیراً عن حالته و إن لم یحدث حدثاً فالظاهر أنه لا عبرة به اقتصاراً فیما خالف استصحاب الخیار علی مورد الیقین فی النص و الفتوی من تصرف من انتقل إلیه.

خامسها: قد یسقط به الرد خاصة عیب فیما انتقل إلیه لأحد المتعاقدین

و کان ذلک العیب مضموناً علی المنتقل إلیه کالعیب الذی أحدثه بنفسه فی حیوان أو غیره قبل الثلاثة أو بعدها قبل القبض أو بعده فإنه مضمون علیه لا علی الناقل و کذا العیب

ص: 148

الحادث من غیره بآفة سماویة أو غیرها إذا کان بعد القبض فی غیر الحیوان مطلقاً أو فی الحیوان بعد الثلاثة أو فی الثلاثة مع إسقاط خیارها عدا العیب الحادث من البائع لنفسه فإنه لا یسقط به الرد و إن کان قبل القبض لأنه مضمون علیه ففی جمیع ذلک یسقط الرد للاجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و الروایة المتقدمة الدالة علی دوران الرد مدار کون الشی ء قائماً بعینه و للزوم الضرر علی البائع مع رده بلا أرش و علی المشتری لو رده مع الأرش لأنها غرامة لم یقابلها مبیع و لو رضی البائع برده مجاناً أو مع الأرش للعیب الحادث عند المشتری جاز و لو قبل البائع رده من دون تصریح بالمجانیة أو الأرش فهل له الأرش علی المشتری لأنه مضمون علیه فهی غرامة شرعیة لا تزول إلا بالإسقاط أو الإبراء أو لیس له لأن الظاهر من الرد من دون تصریح إسقاطه مع احتمال أن یقال ان البائع لا یستحق الأرش ابتداءً لأنها غرامة علی المشتری لا یقابلها نفع و لیس علیها دلیل صالح و أما لو کان العیب مضموناً علی الناقل کالحادث من غیر جهة المنتقل إلیه قبل القبض أو الحادث فی زمن الخیار المختص بالمنتقل إلیه فإنه لا یسقط حکم جواز الرد للاستصحاب و لأن ضمانه علیه فلا یتحقق به إسقاط الرد علیه مع احتمال السقوط لمفهوم الروایة المتقدمة و للشک فی الاستصحاب مع معارضة دلیل اللزوم نعم حدوثه مما یوجب خیاراً جدیداً فهو مسقط للخیار الأول و مثبت لخیار جدید لمکان کونه مضموناً علی المنتقل إلیه فله الرد به لا بالأول و له الامضاء فیأخذ أرش المعیبین الأول و الثانی لکونهما مضمونین علیه و لو لم یمکن أخذ الأرش لعدم إمکانه أما لعدم حصوله أو للزوم الرد فیه یسقط الأرش و أسقط الرد بالثانی و سقط الرد فی الأول علی ما قلناه و علی المشهور لا یسقط الرد بهما معاً و یسقط الرد دون الأرش فیما تراخی من انتقل إلیه المعیب بالرد علی القول بأن خیار العیب فوری.

سادسها: لا یحرم نقل المعیب مع علم الناقل بعیبه و عدم علم المنتقل إلیه به

ظاهراً کان العیب أم خفیاً خفی علی المنتقل إلیه بنفسه أو بعارض من المنتقل إلیه بعمی و شبهه کل ذلک لعموم الأدلة و للأصل السالم عما یصلح للمعارضة من دلیل خاص أو عام لعم دخوله تحت محرم من المحرمات الذاتیة أو العارضیة مضافاً للإجماع المنقول

ص: 149

علی الجواز فی العیب الظاهر و لو خفی علی المنتقل إلیه بعمی علی الظاهر نعم لو أخفی العیب و أخبر بعدمه أو دلسه بحیث أظهر الحسن و أبطن القبح حرم ذلک قطعاً لتحریم الغش و التدلیس و حرم ایضا نفس العقد لاتحاده مع تلک المحرمات فی الوجود الخارجی فی وجه قوی و لا یبطل العقد علی کل حال لأن النهی لأمر خارج و الأحوط الإعلام بنفس العیب إذا کان خفیاً لاحتمال أنه غش للمنتقل إلیه و یستحب الإعلام بالعیب مطلقاً فإن لم یعلم استحب له أن یتبرأ من العیب مفصلًا فإن لم یفصل اکتفی بالإجمال و هو آخر المراتب:

سابعها: یجوز نقل شیئین متمایزین

بإیجاب واحد إن کان جمعهما به أو إیجابات متعددة مع اتحاد ثمنهما و اتحاد القبول متوافقة کانت کبیع متعدد أو مختلفة کبیع و صلح او بیع و إجارة أو أحدهما و نکاح دائم أو منقطع أو غیر ذلک و یوزع الثمن علی قیمتهما فیقومان منفردین و مجتمعین و ینظر إلی نسبة قیمة کل منهما إلی الآخر فیؤخذ بحسابه و لا یتفاوت فی ذلک الحال بین کون کل منهما عیناً أو منفعة أو أحدهما عیناً و الآخر منفعة أو أحدهما منهما و الآخر حقاً أو دیناً و یسقط الثمن کما قلنا علی قیمة المبیع و أجرة المثل و مهر المثل أو مهر السنة فی مقام ترد إلیه المفوضة أن جعلنا مثل ذلک تفویضاً و جواز ما ذکرنا تقضی به عمومات الأدلة جنساً و أنواعاً لدخول العقد المرکب من بیع و إجارة و نکاح فی البیع و الإجارة و النکاح فیشمله أدلتها و خیال أن المرکب من الداخل و الخارج خارج فلا یکون مشمولًا لأدلتها منعه ظاهر عرفا و شرعاً کمنع من استند فی المنع إلی الشک فی حصول النقل بمثل هذا الجامع أو إلی لزوم الغرر و الجهالة فی العوض و إلی الاحتیاط فی النکاح عصمة للفروج و إلی ما ورد من النهی عن بیعین فی بیع و عن سلف و بیع و عن شرطین فی بیع لضعف المجموع عن مقاومة ما ذکرناه لمنع حصول الشک فی النقل بعد قضاء العمومات به و منع الغرر و الجهالة حال العقد لمقابلة المجموع بالمجموع و منع لزوم الاحتیاط فیما جاء به الدلیل و حکم به أهل التأویل و التنزیل و منع شمول مدلول الأخبار لما أفتی بصحته العلماء الأبرار و جرت علیه سیرة الأخیار و شملته عمومات الکتاب و الأخبار بل موردها ما حکمنا بفساده

ص: 150

من الشرائط الفاسدة و البیوع الکاسدة التی یراد بها النقل و الانتقال من دون صیغة أو مقال بل بمجرد اشتراط کونه مبیعاً أو کونه سلفاً فی الحال.

ثامنها: بعد ما ذکرنا من جواز نقل شیئین متعددین [جاز أیضاً ذلک لذلک مع اتحاد الناقل و تعدده مع اتحاد المنقول إلیه و تعدده]

متفقین أو مختلین بإیجاب أو إیجابین قضاء لعمومات الأدلة جنساً و نوعاً جاز أیضاً ذلک لذلک مع اتحاد الناقل و تعدده مع اتحاد المنقول إلیه و تعدده و مع اتحاد الثمن و تعدده و مع اتحاد القبول و تعدده و تنتهی الصور مع ضرب بعضها فی بعض إلی صور عدیدة کلها جائزة أن لم یتطرقها مانع آخر و علی جمیع تلک الصور فإن کان المال المنتقلة صحیحاً فلا کلام و ان خرج مبیعاً کله أو بعضه فإن کان الناقل و المنقول إلیه للثمن متحداً لم یجز توزیع الرد علی الناقل کأن یرد المنقول إلیه بعضاً و یبقی بعضاً مجاناً أو بالأرش للزوم الضرر علی الناقل و للشک فی تحقق الخیار فی مثل هذه الصورة و للإجماع المنقول و الأخبار المرسلة بل حکمها حکم ما لو اتحد المنقول فی لزوم رد الجمیع أو أخذ الجمیع و فی الأرش و بدونه سواء کان المتعدد عینین أو منفعتین أو حقین أو ملفقین علی الأظهر مع احتمال جواز التفریق مع الاختلاف بالعین و المنفعة سیما فیما لو تعدد إیجابهما کبعتک کذا و أجرتک کذا بمائة فیقول قبلت إلا أنه بعید و علی ما ذکرناه فلو تصرف فی أحد المنقولین إلیه بطل الرد فی الجمیع سواء کان المتصرف فیه هو المعیب أو الصحیح و إن تعدد المنقول إلیه مع اتحاد المبیع أو تعدده و لکن بحیث یکون کمبیع واحد یشترکان فیه مع اتحاد الثمن و اتحاد الناقل فلیس لأحد المنقول إلیهما الرد و للآخر الإمضاء مع الأرش أو بدونه علی الأظهر أیضاً للزوم الغرر بالتبعیض علی البائع و بحصول الشرکة بینه و بین من لم یفسخ و لمخالفة الخیار للقواعد فیقتصر فیه علی مورد الیقین مع احتمال أن لهما التفریق مطلقاً لتعدد الصفقة بتعدد المشتری و احتمال أن لهما ذلک مع علم البائع بتعددهما لإقدامه علی ضرر التشقیص و التبعیض علیه عند وقوعه أما لو ورثا خیار عیب فلا إشکال فی لزوم التوافق و عدم جواز التفریق لاتحاد المشتری ابتداءً و تعدده بالعارض لا یجزی ثمرة فی دفع الضرر عن البائع و احتمال تنزیل العارض منزلة الأصلی بعید لو کان المبیع متعدداً لیس بمنزلة المتحد لو کان الثمن واحداً کما

ص: 151

إذا باع کل من المتعدد بعینه علی واحد بعینه فإن الظاهر هاهنا جواز التفریق لکونهما بمنزلة الصفقة المتعددة و إن اتحد فیها الثمن فیجوز فسخ أحدهما و إمضاء الآخر إذا کان العیب فی مجموع العینین و یجوز فسخ من انتقل إلیه المعیب و إمضاء الآخر إذا اختص العیب بأحدهما و هل یجوز فسخ من انتقل إلیه غیر العیب لمکان العیب الحاصل فی العین الأخری فیصدق أن مجموع المبیع معیب أو لا یجوز لأن ما انتقل إلیه صحیح فلا یتعلق به خیار و الأخیر أوجه و یحتمل عدم جواز التفریق هاهنا أصلًا لمکان التشقیص فی المبیع الواقع بعقد واحد و إن تعدد البائع و اتحد المبیع صورة و اشترکا فیه أو تعدد صورة اتحد المشتری أو تعدد اتحد الثمن فظهر فی المبیع عیب جاز للمشتری أن یرد ما یخص أحد البائعین و یمضی ما یخصص الآخر بأرشه لعدم ضرر التشقیص علیهما لرجوع مال کل واحد إلیه عند تعلق الفسخ به تامّاً هذا إذا کان الجمیع معیباً و إن کان أحدهما رد المعیب علی صاحبه و أبقی الآخر و کل موضع یرد بعض المبیع علی بائعه یکون له الخیار التبعیض إذا کان جاهلًا باستحقاق رد المشتری کما إذا جهل تعدد المشتری فباع فظهر أنهما اثنان فرد أحدهما علیه المعیب و هکذا و الکلام کما یجری فی المبیع یجری فی الثمن بالنسبة إلی التعدد و الاتحاد و جواز الرد و عدمه و وحدة باذل الثمن و تعدده و إن تعدد الثمن و المثمن و وزع کل منهما علی کل منهما فلا إشکال فی التفریق تعدد البائع أولا تعدد المشتری أم لا تعدد الإیجاب أم لا تعدد القبول أم لا تعدد العقد أم لا و عند التأمل تعرف کثیراً من الصور المتقدمة.

تاسعها: کل عیب مضمون یوجب الخیار علی الأظهر

سواء کان قبل العقد أو بعده قبل القبض فیما شرطه القبض أو قبل القبض مطلقاً أو بعد القبض و کان فی زمن الخیار المختص الذی لم یعتریه إسقاط فیجتمع ح خیاران خیار الاختصاص و خیار العیب و ثمرة الاجتماع تظهر فی إسقاط أحدهما أو فی سقوطه و انتهاء مدته و القول بأن ظهور العیب فی الثلاثة لا یسقط خیار الثلاثة فقط و إلا فلا یثبت لنفسه خیار بعید لأن عدم إسقاطه الخیار إنما کان لکونه مضموناً علی البائع و المفروض أن ضمانه قاض

ص: 152

بالخیار رداً و أرشاً کما یظهر من الفتاوی و کثیر من الأدلة فالقول بضمانه مع عدم ثبوت الخیار به بعید.

عاشرها: لو تصرف مشتری الجاریة بها بعد العقد بغیر الوطء

أو مقدماته السابقة علیه الواقع بعدها بای تصرف کان حتی النظر و اللمس و التقبیل و التفخیذ المجردین عن وقوع الوطء بعدهما علی وجه قوی فظهر بها عیب حملًا من غیر المولی و غیره أو تصرف بها بالوطء و مقدماته فظهر عیب عن الحمل من المولی أو عیب هو الحمل إلا انه بعد اشتراط إسقاطه سقط الرد فی جمیع ذلک لقاعدة أن التصرف مسقط للرد بالعیب و إن الشرط مسقط لخیاره أیضاً و کذا لو تصرف بها بالوطء فظهر الحمل من غیر المولی و کان الانتقال فی غیر عقد البیع فی وجه قوی لمنع مساواة غیر عقد البیع لعقده فتشمله قاعدة اسقاط التصرف للعیب و لو تصرف بها بالوطء بعد شرائها فظهر بها حمل من المولی بطل البیع من أصله لعدم صحة نقل أمهات الأولاد و لزم علیه ردها و هل یرد معها ما وضعه الشارع عن غرامة العشر للمولی إذا کانت بکر أو نصفه إذا کانت ثیباً للقاعدة الثابتة بالاستقراء فی وطء جاریة الغیر أن یرد مهر أمثالها لو خالف ذلک أولا یرد شیئاً لانه مغرور من قبله فی شرائها منه فلا یستحق علیه شیئاً أو یرد علی المولی مع جهله بالحمل لا مع علمه أو یرد علیه مع جهل الجاریة لا مع علمها بالتحریم وجوه و مقتضی القواعد عدم لزوم الرد مطلقاً لکونه مغروراً من قبله فلا یستحق علیه شیئاً سیما مع علم المولی و جهل المشتری و لکن قیل أن فی الأخبار و کلمات الأصحاب ما یدل علی لزوم الرد و الظاهر أنه لو سلم ذلک فإنما یسلم مع جهل المولی لا مع علمه و لو تصرف مشتری الجاریة بها بالوطء فی القبل أو فی الدبر علی وجه قوی لإطلاق لفظ الوطء علیه فظهر بها حمل من غیر المولی و کان العقد بیعاً و لم یشترط فیه سقوط العیب فالقواعد تقضی ببطلان الرد لقاعدة أن التصرف مسقط للرد فی العیب بناء علی أن الحمل فی الإماء عیب لأنه معرض للهلاک و إن زادت القیمة من وجه آخر إلا انه قد ورد فی أخبار مستفیضة معمول علیها و قد أفتی المشهور بمضمونها و نقل الإجماع علیه أن للمشتری ردها ورد نصف عشر قیمتها فیلزم العمل

ص: 153

بها فی تخصیص قاعدة أن التصرف مسقط للرد فی العیب و إن الإنسان لا یغرم علی ماله شیئاً لأن المفروض ان المشتری وطأ الجاریة و هی فی ملکه و الرد فاسخ من حینه لا من أصله کما هی القاعدة فی الفسخ و إن الغرامة وطء الجاریة العشر إن کانت بکراً و نصفه إن کانت ثیباً لا نصفه مطلقاً و هل یزاد بنصف عشر قیمتها فی الأخبار تقویمها حین الرد کما هو ظاهر الامر أو حین الوطء لأنه سبب دخول الجاریة فی ضمانه لو لا الدلیل أو حین العقد لأنه سبب لضمان المشتری أو الاعلی ما بینها وجوه و أخیرها یوافق الاحتیاط و علی مضمون تلک الأخبار و یحمل ما جاء من الأمر برد شی ء علی وجه الإطلاق فی روایة و من الأمر بکسوتها فی أخری بحمل الکسوة علی قیمة نصف العشر أو علی التراضی بذلک و الحمل علی التخییر بینهما وجه إلا أنه بعید عن فتوی الأصحاب و ما ورد فی بعض الأخبار من الأمر برد العشر حمول علی الندب أو مطرح أو علی سقوط النصف من الراوی أو علی الوطء مع العلم بالحمل فیکون إکمال العشر عقوبة کما حملها الشیخ و الأخذ بها و تنزیلها علی البکر و تنزیل الروایات المتکثرة الأولیة علی الثیب جمعاً بینهما مهما أمکن و لورود التفصیل فی بعض الأخبار لا بین البکر فالعشر و بین الثیب فنصفه فتکون قرینة علی الجمیع بذلک و لأن الثیوبیة فی الحوامل هی الغالب فتنزیل الاخبار المتکثرة علی الغالب و إن کان ممکناً بما کان قریباً للنظر فی وجه الجمیع بین الأخبار إلا أنه فرع المقاومة و لیس لروایة العشر و الروایة المفصلة مقاومة للأخبار المتکثرة المعمول علیها المتداولة فتوی و روایة کی یحسن الجمع بینهما بما ذکرنا فطرحهما أو تنزیلهما أولی و مقتضی إطلاق النصوص به و نصف العشر شموله للوطء فی القبل و الدبر و إن أمکن بطلان الرد بالوطء بالدبر لانصراف الإطلاق إلی الوطء فی القبل و شموله للبکر و الثیب کما ذکرنا و لا منافاة بین البکارة و الحمل لإمکانه بالمساحقة و نحوها و شموله لما کان قبل العقد أو بعده قبل القبص و البکارة قد تذهب بالوطء و قد تذهب بالنزوة و غیرها و یراد بها فی المقام ما ذهبت بالوطء و مقتضی الأمر بردها ورد نصف العشر معها إرادة الإباحة لأنه فی مقام توهم الخطر لا الوجوب لأنه لا یجب علی الشخص أن یرد ماله من غیر سبب موجب

ص: 154

لذلک و لا بد من تقیید إطلاقها أیضاً بما إذا لم یحدث فی الجاریة عیب مبطل للرد أو یتصرف بها بغیر الوطء تصرفاً آخر مع العلم أو الجهل أو یتراخی عن الرد بناء علی فوریة خیار العیب و من أصحابنا من حمل الروایات المتقدمة المتکثرة علی کون الحمل من المولی و بقی الأمر بالرد علی ظاهر من الوجوب بزعم أن الحمل علی ذلک أقرب لمقتضی القواعد و هو ضعیف لمخالفته الفتوی و ظواهر النصوص أولا و مخالفة قواعد الغرامة فی الأمة لأنها إما أن تسقط عن المشتری لغروره، أما أن یثبت العشر مع البکارة و نصفه مع الثیبوبة ثانیاً علی أن الحمل لو کان علی الحمل من المولی لما کان للتقیید بالتصرف بالوطء خاصة معنی إذ وجوب الرد لازم علی کل حال و لکن السؤال عن حکم وجدانها حبلی لا عن حکمه بعد وطئها أو عن حکم الوطء کما هو ظاهر الروایات و احتمال أن ذکر الوطء کان مبنیاً علی الغالب من عدم معرفة الحمل الا به بعید لمعرفته من مقدماته و غیرها و لو وطأ غیر المالک لتحلیل عنه سقط الرد علی الظاهر و لو وطء بعد العلم بالحمل سقط الرد و لو علم بالحمل بعد سقوطه و وطئه کان له الرد و لو وطء بعد سقوط الحمل فعلم بحصوله قبل ذلک ففی سقوط الرد وجهان و المضغة حمل و لو سقطت و أما النطفة لو تبینت بعد سقوطها و بعد الوطء ففی ثبوت الرد بها إشکال.

حادی عشرها: العیب لغة هو الرحمة و العار و عرفاً عاماً

و أما شرعاً بمعنی واحد فقد یراد منه المعنی المصدری و هو الخروج عن المجری الطبیعی المعتاد للنوع الخاص من زیادة جزء أو وصف أو حال أو نقصان شی ء من ذلک بحیث یؤثر بعداً عن المحاسن المرغوبة للنفوس و قربا للمساوی المنفرد لها و قد یراد بها اسم العین و هو نفس الشی ء الخارج عن ذلک المجری الطبیعی المعتاد من الجزء الزائد أو الوصف أو الحال أو الناقص منها المؤثر بعداً عن المحاسن و قرباً للمساوئ و یخرج بالتقید الأخیر علی کلا التقدیرین زیادة الحسن علی النحو المعتاد کحسن یوسف (علیه السلام) و شبهه فإنه لیس بعیب قطعاً و کذا کل ما زاد من المحاسن خلقاً أو خلقاً من کرم أو شجاعة أو عفة أو عدالة ما لم یستلزم أمراً آخر بعد من العیوب کسفاهة و نحوها و یدخل فیه ما کان من

ص: 155

المساوئ عرفاً إلا أنه مما یزید به القیمة لأمر آخر أو لغرض آخر یلائم بعض المقتضیات کالخصی و قد ورد أن کلما کان فی أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عیب و هو محتمل الإرادة تحدید العیب عرفاً و شرعاً علی معنی کلما زاد أو نقص فی أصل الخلقة فهو عیب علی طریق القلب و التقدیم و التأخیر و الظاهر أنه یستعمل فی الفصیح کثیراً أو علی معنی أن کلما وجد فی أصل الخلیقة فزاد أو نقص بحسب المعتاد فالزائد و الناقص عیب و یعرف مرجع الضمیر من السیاق و محتمل الإرادة بیان أن ما کان موجوداً فی أصل الخلقة النوعیة فزاد کالید الزائدة أو العین أو الإصبع أو الرأس أو الفرج أو نقص کنقصان شی ء من هذه فهو عیب و لیس فیه دلالة علی أن غیره لیس بعیب و قد یشمل علی هذا الاحتمال أیضاً زیادة الوصف الردی ء و نقصان الجید و طرو ما لیس لأهل ذلک الصنف غالباً کاللحیة للمرأة و زیادة الذکر لمن له فرج أو فرج لمن له ذکر و زیادة الشعر علی غیر المعتاد و نقصانه أو عدمه مطلقاً و ظهور الحب فی وجه و تأثیره کالجدری و الأمراض المزمنة و غیرها ما لم یکن یسیراً کحمی ساعة أو ألم ساعة معتادین للأبدان و الأظهر فی هذا المقام الرجوع للعرف فی معرفة فی موضوع العیب لعدم وفاء الأخبار ببیانه و ما ورد فیها مما قدمنا لا یخلو من أجمال بل قد یقال أنه مجمل فی غیر ما تیقن دخوله فیه من نقصان جزء أو زیادة أو شبهه ذلک و لا شک أن لا تعد فی العرف عیباً و إن اشتملت علی إدخال ضرر علی لمنقول إلیه إذا لا ملازمة بین کونه مضراً و بین کونه عیباً فی العرف کالصیام و الاحرام و ظهور العین مستاجرة و الاعتداد و الترویج و عدم المعرفة بالطبخ و الخبز.

و منها: ما تعد عیباً و ان لم تشتمل علی ضرر فی القیمة و الانتفاع به یشتمل علی نفع کالخصی وسل الانثیین و فقدان شعر الرکب و قد ورد فی خبر بن أبی لیلی ما یدل علی کون الأخیر عیباً و ربما یلحق بهما کون خنثی خنثی فإن الظاهر زیادة نفعه و قیمته بذلک.

و منها: ما تعد عیباً مع اشتمالها علی الغضاضة و الضرر کالجنون و البلاهة و الحمق و الغباوة و السفه و البخل و الجذام و البرص و العمی و العور و الحول و العمش

ص: 156

و الشرح و الفرج و القرن و الأحد یدان و الفتق و الرتق و الخرس و الصمم و لکنة اللسان کالتمتام و الألثغ و الفأفاة و القرع و القصر المفرط و الطول کذلک و الغلظ کذلک و الحبل فی الأمة و کبر البطن و الشعر و سیلان الریق و نقصان جزء أو زیادة جزء أو کبره أو صغره علی غیر المعتاد و المرض و لو حمی یوم و النواسیر و البواسیر و الغدد و القویا و کثرة الثالیل و أثر الجدری و الخوص فی العین و السبل و الجهر و العشی و الخفش و الجحظ عتباً و التخنث کان یمیل إلی الرجال عادة و الظاهر أن اللواط به مرة و لیس بعیب و اعتیاد الزنا و السرقة و الخیانة و شرب الخمر و الظاهر أن وقوعها مرة و لیس بعیب و لو مع عدم التوبة و الإصرار علی ترک الصلاة و الصوم و عدم المبالاة فی النجاسة علی الظاهر فی هذه الثلاثة و اعتاد البول فی الفراش للکبیر و کذا الغائط و کراهة الرائحة علی غیر النحو المعتاد کالصنان و البخر و کثرة عرق الرجل و الیدین و تحت الأسنان و شدة البیاض و عدم الختان فی الکبیر دون الصغیر و دون الجاریة لأن وجود الغلفة عیب و إزالتها فی الکبیر مظنة الضرر إلا المجلوب جدیداً فإن المعتاد عدم ختانه و الثفل الخارج عن العادة فی دهن الزیت أو البزر أو السمسم أو اللبن فی دهن الحیوان و فی الروایة ما یدل علی جواز رد الزیت و البرز إذا وجد فیهما دردیاً و کون الضیعة منزلًا للتمول و کونها ثقیلة الخراج و کونها معدناً للقذارات و الجیف من أهل البلد و انقطاع الحیض علی غیر النحو المعتاد للنساء بالنسبة إلی السن و الأقران و کونها حاملً أو مرضعاً او غیر ذلک فإنه یدل علی سوء المزاج و فی الروایة المعتبرة أن الجاریة یرد عند انقطاع الحیض تسعة أشهر و الظاهر عدم الخصوصیة فی ذلک المقدار و الاستحاضة الکثیرة أو القلیلة إذا خرجت عن الحد المعتاد فإنها من جملة الأمراض و النجاسة فی المائع لأنه لا یقبل التطهیر و کذا النجاسة فیما عسر تطهیره و الوسخ الخارج عن المعتاد إذا أعسرت إزالته و العسر و هو قوة الیسری دون الیمنی و لو قویاً معا لم یکن عیباً و اعتیاد الآباق للعبد و الشرادة و الجلالة للدابة و کثرة العناد فی المملوک بحیث یکون عادة و فی الروایات ما یدل علی جواز الرد بالآباق علی وجه الإطلاق و فی بعضها ما یدل علی عدمه و یمکن الجمع بینهما بحمل الأول علی المتکرر و الثانی علی

ص: 157

غیره و یمکن القول بأن ماهیته عیب تقدیماً لما دل علی ذلک لمساعدة العرف له و ما دل علی عدمه یحمل علی ما إذا کان التعب أو الخوف أو لجوع أو کان فی زمان قلیل لا یعتد به و التغذی بالقذارات لبعض الحیوانات و الثیبوبة للأطفال من الجواری و أما کبارهن فالثیبوبة لیست عیباً فیها لاعتیاد ذلک فیهن و فی الأخبار إشارة إلیه و یتفاوت الحال بین کون ذهاب البکارة فیهن لوطء أو لغیره کنزوة و طفرة و التولد من الزنا سیما فی الجوار لأنه قد یطلب منهن النسل و فی العبید احتمال و الکفر الارتدادی الذی لا یقبل التطهیر بإسلام و لا بتوبة و قد یقال أن المرتد لا یصح نقله أصلا لأنه نجس لا یقبل التطهیر کالبیض الفاسد و لوجوب إتلافه و قتله فلا یصح نقله لتأدیته إلی السفه فهو کالدرهم الزیوف إلا أن الأول أقوی و أما الکفر الغیر الارتدادی فإن لم یقر أهله علیه فالظاهر أنه عیب لأن الصبر علیه ضرر و حمله علی الإسلام ربما یؤدی إلی إباقه و امتناعه و تلفه و لا یبعد إلحاق خروجه مخالفاً أو من باقی الفرق من الاثنی عشریة بذلک لاشمئزاز النفس منه و نفور الطبع عن مباشرته و عدم ملائمة النفس لأخلاقه و فروع دینه و إن أقر أهلیة علیه احتمل کونه عیباً لنجاسته و قذارته و نفره الطبع منه و لأنه کل مولود یولد علی الفطرة فیکون الکفر خارجاً عن المجری الطبیعی و احتمل عدمه لعدم صدق أنه معیب عرفاً و احتمل التفصیل بین ما أمکن إسلامه سهولة فلا عیب و بین ما لم یمکن فهو عیب و تعلق الحد شرعاً بالعبد أو القصاص بنفس أو طرف لأنهما مقتضیان لکونه فی معرض التلف بل قد یقال أن فعل ما یوجب القصاص کالقتل و الجرح عیب و إن حصل له الفک من الحق و لو تکرر منه القتل و الجرح فالظاهر ثبوت العیب به و التهور بالنسبة إلی العبد و الجبن المفرط و السخاء الخارج عن الحد المتعارف و کثرة الحیل و اللعب و الشعبذة و عمل السحر إذا تکرر منه و أما معرفة علم الکهانة و السحر و الشعبذة و الغناء و النوح فلیس من العیب بلا ریب و کلما شک فی کونه عیبا فالأصل یقضی و بلزوم البیع و کلما شک فی ثبوت أرش له و عدمه فالأصل یقضی بعدمه أیضاً و بقیت مباحث کثیرة ذکرناها فی شرحنا علی القواعد.

ص: 158

ثانی عشرها: الأرش أصله الفساد

و یستعمل فی الرشوة و الخدش و ثمن التالف و ما نقص العیب و أکثر الأمرین من المقدر و نقصان القیمة و جزء من الثمن لو ظهر فی الثمن عیب أو فی المثمن لو ظهر فی الثمن کذلک یسترجعه صاحبه فی مقابلة العیب و هذا هو المقصود هنا و الکلام فیه فی أمور.

منها: فی طریق تعلقه فهل یتعلق بناقل المعیب من حین العقد و إن لم یختاره المنقول إلیه بل و إن لم یعلم بالعیب فعلی هذا یکون حکمه کحکم الدین أو الأمانة فیجب علی ناقل المعیب مع جهل المنقول إلیه اعلامه و دفع الأرش إلیه أو طلب الإبراء منه أو لا یتعلق حتی یعلم المنقول إلیه بالعیب و یختار الأرش وجهان و الأول أقرب للقواعد و الثانی أقرب للسیرة.

و منها: أنه بعد تعلقه بالناقل فهل هو مکملة للعیب قضی بها یردها ناقلها فی مقابلة الصحیح أو جزء من الصحیح یسترده ناقله فی مقابلة فقدان الصحة التی هی کجزء من العوض فیکون کتبعیض الصفقة أو غرامة خارجة عنها وجب علی ناقل المعیب بالدلیل الشرعی وجوه أقربها للقواعد و السیرة الأخیر لأنه لو کان جزأ من أحد العوضین للزم الدفع منها و لزم جریان الصرف علیهم فیما لو کان العیب فی المبیع فیبطل بالتفرق قبل قبضه فیما لو کان الأرش مکملة للجمیع و لزم جریان الربا فیه و لزم منه الجهالة حین العقد فیما لا یغتفر فیه الجهالة فیبطل العقد رأساً و أصلًا و لزم أن من دفع الأرش تکملة للمعیب أن تجری علیه أحکام البیع و إن یصدق علیه أنه باع فلو نذر البیع لجاز دفع الأرش وفاءً إلی غیر ذلک من اللوازم التی لا نقول بکلها أو جلها و علی ما اخترناه من أنه غرامة خارجة جاءت بحکم الشارع فهل یتعلق بعین أحد العوضین بناء علی أنه جزء منها بتعلق الشرکة أو تتعلق تعلق الرهانة أو یتعلق تعلق أرش الجنابة أو تتعلق بالذمة و یلزم دفعها من أحد النقدین أوانه أن قلنا أنه جزء من الصحیح تعلق به تعلق الشرکة و إن قلنا أنه مکملة للمعیب تعلق بالذمة و علی ذلک ینزل قولهم أن الأرش جزء من الثمن لکون الثمن فی الغالب أن کون من النقدین و إن یکون صحیحاً و هذا الأخیر أقرب للنظر.

ص: 159

و منها: أن طریق اخذ الأرش أن یقوم المبیع صحیحاً أو یقوم معیباً و ینظر إلی التفاوت بینهما فیرجع من الصحیح جزء من أحد العوضین جزء نسبته إلیه بقدر نسبة نقص قیمة المعیب عن الصحیح من النسبة الکسریة فلو کان ما بین القیمتین تفاوت النصف رجع بالنصف من الثمن الصحیح أو الثلث رجع بالثلث هکذا و لا یرجع بنفس قدر ما بین القیمتین للزومه استیعاب الثمن و نحوه فیما إذا کانت القیمة أزید من الثمن لأنه قد یساوی الثمن قیمة المعیب أو ینقص عنه و ما جاء من إطلاق الفتاوی و النصوص بان الشی ء یقوما صحیحاً و معیباً و یؤخذ بقدر ما بین القیمتین منزل علی الغالب من تساوی الثمن و القیمة أو علی التسامح فی التعبیر هذا کله إن کانت القیمة معلومة و لو اختلفت لاختلاف السوق و الرغبات أحتمل التخییر و احتمل القرعة و احتمل جمع القیم و أخذ نصفهما إن کانتا اثنتین و ثلثهما أن کانت ثلاثة و هکذا و لو اختلفت الاختلاف المقومین کان مقتضی القواعد تقدیم الأکثر أو الأعدل أو الأضبط فإن تساوت من کل وجه أخذ بأدناها للأصل و أعلاها للاحتیاط و أوسطها لأن خیر الأمور أوسطها أو التخییر أو القرعة أو الصلح القهری و لکن ظاهر کثیر من الفقهاء أنه تؤخذ عند الاختلاف قیمة منتزعة من مجموع القیم بأن تجمع فیأخذ نصف المجموع أن کانت اثنتین و ثلاثة إن کانت ثلاثة فان کان الاختلاف فی قیم الصحیح و المعیب معاً جمعنا قیم الصحاح و أخذنا منها القیمة المنتزعة و جمعنا قیم المعیبة و أخذنا منها ذلک أیضاً و نسبنا قیمة المعیب المنتزعة إلی قیمة الصحیح المنتزعة و أرجعنا من الثمن بتلک النسبة و إن کان الاختلاف فی قیم الصحیح فقط أو المعیب فقط جمعناها و أخذنا منه القیمة المنتزعة و کررنا المتفق علیه بقدره و اخذنا منه القیمة المنتزعة و نسبنا إحدی القیمتین إلی الأخری و أخذنا من الثمن بتلک النسبة و قد لا یحتاج إلی تکریر المتفق علیها بل تنتسب بنفسها إلی القیمة المنتزعة من اختلاف القیم و قد ینسب للشهید طریقاً آخر و هو أن تجمع الکسور الحاصلة من تفاوت قیم ما بین الصحیح و المعیب و یؤخذ منها الکسر الحاصل من اجتماعها فیؤخذ من القیمتین النصف من تفاوتهما و من الثلث الثلثُ و هکذا و یحط من الثمن ذلک الکسر بالنسبة إلی مجموعه فقد یحصل التفاوت بین

ص: 160

الطریقین فی ما إذا قوم الصحیح باثنی عشر و قوم أیضاً فیما بینه و قوم المعیب بعشرة و قوم بخمسة أیضاً و کان الثمن اثنی عشر فعلی الطریق الأول یؤخذ نصفه القیمة الصحیحة و هو عشرة و نصف المعیبة و هو سبعة و نصف و التفاوت بینهما الربع فیرجع من الثمن ربعه و هو ثلاثة و علی الطریق الآخر یؤخذ تفاوت ما بین قیمتی الصحیح و المعیب الأولیتین و هو السدس و تفاوت قیمتهما الأخیرتین و هو ثلاثة أثمان و یرجع من الثمن نصف الکسرین و هو نصف السدس واحد و نصف الثلاثة أثمان و هو اثنین و ربع لأن ثلاثة أثمان الاثنی عشر أربعة و نصف فیکون المجموع ثلاثة و ربع فیزید الطریق الأخیر علی الأول ربعاً و علی کل حال فلا یخلو أخذ الأرش عند تعرض البینات بهذه الطرق من إشکال العدم الدلیل علیه و قد أعرضوا عنه الفقهاء فی أبواب الضمانات و الغرامات و لا یمکن أن یقال أنه وجه جمیع بین البیانات لأنه طرح لهن إلا أن یقال أن القیمة العرفیة عند التعارض ذلک أو أن الأخذ جهة جامعة بین أصالة البراءة من الزائد و بین الأخذ بالاحتیاط بما فرق الناقص و إن البینات قد أبطلت بعضها بعضاً فلا یمکن الآخذ بواحدة بعینة فأقرب الطلق للرجوع إلیها فی الجملة هو ما ذکرنا و یمکن الفرق بین ما إذا کان الاختلاف البینة لتحقیق ما فی السوق من القیم فالرجوع للقواعد و بین ما إذا کان منشؤه تقویماً فالرجوع لما ذکرنا.

و منها: أنه لو احتاج الصحیح و المعیب إلی التقویم لمعرفة قدر ما یرجع به من الثمن فإن عرف المتعاقدان أن القیمة فلا کلام و إن لم یعرفا رجعا إلی غیرهما من أهل الخبرة و هل هی شهادة یشترط فیها التعدد و العدالة للأصل و الاحتیاط أو أخبار فیکفی العدل الواحد لعموم الأدلة أو من باب الظنون الموضوعیة فیکتفی بما یحصل به الظن من أهل الخبرة و لو کان فاسقاً أو امرأته إذا کان مأموناً من الکذب و التزویر وجوه أحوطها الأول، و أقواها الوسط و هل یقوم الصحیح و المعیب بقیمتهما وقت العقد لأنه سبب دخول المبیع فی ملک المشتری و زمن استحقاقه له أو وقت القبض لأنه زمن دخول المبیع فی ضمان المشتری أو أدنی ما بینهما للأصل وجوه أقواها الأول.

ص: 161

القول فی التدلیس و التغریر و بعض أحکام العیوب

اشارة

و فیه أمور.

أحدها: التدلیس عرفاً و شرعاً إظهار ما یوجب الکمال مع عدمه

و إخفاء ما یوجب النقص مع وجوده و لو أخفی الکمال و أبدی النقص لم یکن تدلیساً و هو حرام بالنص و الإجماع و قد یتعلق بالعیب بغیره من الصفات الردیئة و الأحوال الرذیلة و الأسباب المذمومة و کذا الآجال و الأمکنة و رءوس الجبال إذا کانت مکروهة عند المنقول و خصه بعضهم بکتمان العیب عن المشتری و هو بعید و لعله أراد بالعیب الشی ء الردی ء و یشترط فیه أن یکون الشی ء بنفسه مشتملًا علی التدلیس فلا یدخل فیه ما إذا اغتر المشتری لنفسه لغباوة أو لظلمة أو لحسن ظن بالبائع أو لقلة تأمل و کان الشی ء ممن یعتاد ترتیبه و صقالته کالسیوف فیشترط فی تحریمه أیضاً أن یکون بقصد التدلیس و التمویه علی المشتری فلو کان لا بقصد أو کان بقصد آخر لم یکن حراماً و علی کل حال فالتدلیس مما یوجب الخیار بین الرد و الإمساک مجاناً و لا أرش له إلا إذا تضمن تدلیس عیب فالأرش للعیب و إن تضمن تدلیس شرط أوصف اجتمعت الخیارات و کان للمشتری الرد بأیها شاء و إسقاط أیها شاء و لا أرش له أیضاً مع الإمساک کما إذا اجتمع معها خیار حیوان أو مجلس أو اشتراط أو تأخیر أو غبن أو نحو ذلک و ما یسقط الرد بالتصرف مع العلم بالتدلیس لما تشعر به الاخبار من أن التصرف بمنزلة الرضا علی الإطلاق من دون تفصیل بین أنواع الخیارات و بین حالتی العلم و الجهل و لشمول حدیث لا ضرار له أو لا یسقط المنع الشمول فی تلک الأخبار لجمیع أنواع الخیار و لحالتی العلم و الجهل لورودها فی مواردها خاصة فیشک فی شمولها لغیرها و منع شمول حدیث نفی الضرار لما إذا کان وقع التصرف جهلا لمعارضته بغرر المشتری من دون جابر له من أرش و غیره و ترجیحه علی ضرر البائع لابتداء البائع بالضرر و إقدامه علیه.

ثانیها: التصریة من الصری

و هو الجمع مطلقاً أو جمع الماء و یراد بها فی لسان الفقهاء جمع اللبن فی الضرع بشد إخلاف الشاة أو البقرة أو الناقة أو کلما کان الغرض

ص: 162

منه اللبن أو بإمساک الإخلاف بطریق غیر الشد و إبقائها الیوم و الیومین و الثلاثة من دون حلب فیعرضها علی المشتری فیظن کثرة حذف اللبن فیرغب فی شرائها و تسمی المصراة محفلة من الحفل و هو الجمع و یسمی الجمع محفلًا و هی تدلیس علی الأظهر لا عیب و إن ذکروها فی أحکام العیوب نعم قد یجتمع معها العیب بان یکون لبنها قلیلًا خارجاً عن عادة بلد نوع ذلک الحیوان و تحریمها ثابت بالنص و الفتوی و الاعتبار إذا وقعت بالقصد و إلا خیار فیثبت بها الخیار علی کل حال لدلیل نفی الضرار و للخبر الخاص المجبور ضعفه بفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول أو المحصل فی الباب الناهی عن تصریة الإبل و الغنم و إنه خداع و إن من اشتری مصراة کان له ردها و یرد معها صاعاً من تمر و عجزه و إن لم نقل به لا ینافی الاستدلال بصدره و تحریمها لا ینافی صحة المعاوضة لتعلق النهی بأمر خاص خارج و لفتوی الأصحاب و یجری التصریة تحریماً و خیاراً و إن لم یصدق الاسم علی کل جمع قصد به التدلیس کجمع الماء فی العین لیری کثرة مائها فیرغب فی شرائها أو جمع فواکه البستان فی موضع خاص لیرغب فی شرائه أو جمع المجزوز من الصوف لیرغب فی شراء الشاة أو جمع لبن سائر الحیوانات و إن لم تکن من الثلاثة المذکورة و أما حکم التصریة غیر التحریم و الخیار من الأحکام اللاحقة لها من جواز ردها مع التصرف بلبنها أو تلفه و من رد شی ء معه علی قول و من رد المتجدد علی قول و من التحدید بالثلاثة فهو خاص بالثلاثة فقط و هی الشاة و البقرة و الناقة اقتصاراً فیما خالف الأصل علی مورد الیقین للإجماع المحصل فی الشاة فی الجملة و الإجماع المنقول و فتوی جمهور من الأصحاب فی الأخیرین و الحق بعضهم الأوثان و الأمة بالثلاثة المذکورة تنقیحاً للمناط و ربما یلحق بها کلما کان القصد فیه إلی اللبن و لکنه لا یخلو من نظر و للتصریة فی الثلاثة المذکورة أحکام.

و منها: أن المصراة یردها المشتری و لو تصرف فیها بحلبها و بأخذ لبنها و أکله أو تغییره کما یظهر من دلیلها فیکون هذا التصرف مستثنی من قاعدة إسقاط التصرف للرد فی خیار العیب و فی خیار التدلیس إن قلنا بسقوطه بالتصرف و قلنا أنها من خیار التدلیس و لو تصرف فیها بغیر الحلب من رکوب أو بیع سقط الرد علی القاعدة عالماً

ص: 163

کان أو جاهلًا إلا إذا قلنا أن خیار التدلیس لا یسقطه التصرف مع الجهل فإنه علی ذلک یصح الرد و إن تصرف بالشاة أو أتلفها و لکنه یرد القیمة لعدم إمکان رد العین.

و منها: أنه یرد معها اللبن الموجود حالة العقد بعینه أن کان موجوداً لأنه جزء من المبیع فإذا رد الشاة رده لئلا یتبعض الصفقة و یرد مثله مع تلفه و مع تعذر مثله یرد قیمة المثل عند الإعواز فی وجه قوی أو عند الدفع فی وجه آخر هذا أن تأخر الإعواز عن الفسخ و لو تقدم علیه فالأظهر قیمة یوم الدفع و تراعی قیمة مکان الدفع فإن لم یکن فیه قیمة لوحظ قیمة مکان الدافع فی وجه أو مکان المدفوع إلیه فی وجه آخر أو أدناهما فی وجه ثالث للأصل أو أعلاهما فی وجه رابع للاحتیاط و اللازم أخذ القیمة من النقدین لأنها اللازم فی الغرامات و مع تعذرهما أخذ الأقرب نفعاً من العروض فالأقرب و لو زال وصف اللبن باستحالة فهو کالتالف و لو تغیر و کانت عینة موجودة فإن کان مزجاً کان المازج شریکاً و إن لم یکن مزجاً فإن زادت قیمته بالتغییر رده و لا شی ء له و إن نقصت ضمن النقص بالمثل أو القیمة قیل و إن زادت قیمته بعمل فإن کانت باجرة أخذها من البائع و إن لم یکن کما إذا عمل بنفسه فوجهان و أما اللبن المتجدد بعد العقد فالأظهر عدم وجوب رده لحدوثه فی ملک المشتری فلا یضمنه عیناً و لا قیمة و قیل بلزوم رده للنص و احتمال أن الفسخ من اصله و هو ضعیف لمنع النص و منع کون الفسخ من اصله بل من حینه و ذهب الشیخ إلی لزوم إرجاع صاع من بر مع الشاة فی أحد قولیة و فی قولة الآخر صاعاً من تمر و خیر بینهما فی الغنیة مدعیاً علیه الإجماع جمعاً بلین النبویین الدالین علی ثبوت الخیار فی الشاة المصراة إلی ثلاثة أیام و إنه رده ورد معها صاعاً من تمر کما فی أحدهما أو به کما فی آخر و الکل ضعیف المستند و مخالف لفتوی المشهور و مناف لمقتضی القواعد من ثبوت غرامة علی المشتری من غیر سبب شرعی أن رد الصاع مع اللبن و من لزوم قبول مال علی البائع عوض ماله من غیر تراض و نقل عن الشیخ وجوب رد ثلاثة أمداد و ظاهره مع شرب اللبن و احتمل بعضهم أن مستند الشیخ روایة الحلبی الآتیة إن شاء الله و هو ضعیف فی ضعف

ص: 164

و منها: أن التصریة لو ثبت حال العقد بالبینة أو الإقرار أو قرائن الأحوال و لم تبرأ البائع من خیارها کان للمشتری الخیار بین الرد و الإمساک من دون أرش حال العلم بذلک و إن تراخی زمان العلم عن زمان العقد ما لم یتصرف بها بغیر الحلب فإن تصرف ففی الرد و عدمه وجهان و لا یتفاوت الحال فی ثبوت الخیار بین زوال التصریة و تجدید اللبن منحه من الله تعالی و بین عدمه علی الأظهر و هل خیارها فوری بناء علی أنه تدلیس و خیاره فوری علی الأظهر فلا یلزم الانتظار إلی ثلاثة أیام لاحتمال تجدد اللبن منحة من الله تعالی بل یجوز الفسخ مطلقاً و إن تجدد اللبن لأصالة اللزوم فی العقد علی سبیل الدوام و غایة ما خرج زمن الفور فیتبقی الباقی أو متراخی بناء علی أنه خیار عیب و هو متراخ علی الأظهر أو یمتد إلی ثلاثة أیام أما بناء علی أنه خیار مستقل و تحدیده بالثلاثة عملًا بالروایة النبویة الدالة علی ذلک أو علی أنه خیار حیوان لا یسقط بالتصرف عملًا بموجب الدلیل و فی الأخیر قوة إلا أنه یشکل أنه لو کان خیار حیوان لما ثبت بعد الثلاثة إذا لم یعلم المشتری بالتصریة قبلها و التزامه بعید و علی امتداده إلی الثلاثة بناءً علی أنه خیار مستقل فهل یمتد متراخیا أو یمتد فورا متی ما علم إلی أن بناء علی انه خیار مستقل فهل یمتد متراخیاً أو یمتد فوراً متی ما علم إلی ان تنتهی الثلاثة فینقطع أو یمتد فی الثلاثة متراخیا علم بالتصریة أم لم یعلم و یمتد بعدها مع الجهل علی سبیل الفور وجوه و احتمالات مبنی علی تحقیق اندراج خیار التصریة فی أی الخیارات و علی فوریة الفسخ فی الخیار و عدمه و لیس فی أخبارنا الخاصة کشف لذلک سوی روایة الحلبی فی رجل اشتری شاة فامسکها ثلاثة أیام وردها قال أن کان فی تلک الأیام بشرب لبنها رد معها ثلاثة أمداد و ان لم یکن لها لبن فلیس علیه شی ء و هی ضعیفة المبنی و المعنی لأنها أن حملت علی المصراة ناقض عجزها صدرها لدلالتها علی أن لا شی ء علیه مع عدم اللبن و لا تکون مصراة من غیر لبن و خالفت القواعد من ضمان المثلی بالإمداد و غرامته بمثله لا بالإمداد من کون الإمداد مجهولة و من غرامة المالک علی ما أتلفه فی ملکه لغیره لعدم تقیید اللبن بالسابق فیدخل فیه الحادث و من أن الرد بعد الثلاثة علی ما یظهر منها و ظاهر الأکثر لزوم الرد فی الثلاثة و إن

ص: 165

حملت علی غیرها خالفت القواعد أیضا من جهة عدم إسقاط التصرف للخیار و من جهة جواز الرد بعد الثلاثة و هو مناف لخیار الحیوان کما هو الظاهر من الرد انه لمکان خیار الحیوان و من جهة جملة مما قدمنا فاطراحها أولی و أحری کما أن الأولی و الأقرب فی النظر رد خیار التصریة لخیار التدلیس و جریان أحکامه علیها.

و منها: أن خیار التصریة شامل لکل العقود الناقلة إلا إذا جعلناه خیار حیوان لا یسقط بالتصرف فیخص البیع و منها أنه لو ظهر عیب فی الشاة المصراة لم یبطل الرد إن کان فی الثلاثة و کان خیارها باقیا أما لو کان بعدها و مع سقوطه منها بطل الرد أن أرجعنا خیار التصریة لخیار العیب کما یظهر من بعضهم و إن جعلناه خیراً مستقلًا أو خیار تدلیس فوجهان و لا یبعد جواز الرد مع ضمان أرش العیب للبائع لان العیب هنا مضمون علی المشتری مع احتمال کونه مضموناً علی البائع لأنه فی زمن الخیار المختص بالمشتری و الضمان فیه علی من لا خیار له و کذا لو تلف الشاة أو ماتت فی غیر الثلاثة أو بعد سقوطها احتمل سقوط الفسخ و بقاء الأرش و احتمل بقاء الخیار فیأخذ الثمن و یدفع قیمة الشاة و احتمال الانفساخ و یکون التلف من مال البائع لأنه فی زمن الخیار المختص.

و منها: أن التصریة لو لم تثبت حال العقد ببینة أو إقرار اختبرها المشتری ثلاثة أیام و یکمل المنکسر من الیوم الرابع قلیلًا کان المنکسر أو کثیراً و الظاهر دخول اللیالی فیها بحملها علی النحو المتعارف بالوقت المتعارف فإن تساوت حلباتها أو زادت اللاحقة علی السابقة حصل بینهما تفاوت جزئی لا یعتد به سقط الخیار سواء فی ذلک تقدم الشک فی التصریة أو تقدم الظن بها أما لو علم بها حال العقد فاختبرها لاحتمال زوالها فظهر زوالها و لم ینقص اللبن منحة من الله تعالی ففی سقوط الخیار لعدم ظهور اثر التدلیس و عدمه وجهان و إن نقصت الحلبات کل سابقة علی لاحقتها ثبت بذلک التصریة و ثبت الخیار بعد الثلاثة کذا ذکر الأصحاب و الظاهر انه بناء منهم علی الفوریة فی خیار التدلیس و التصریة و علی أن الاختبار بعد لا یحصل إلا بالثلاثة و فی الأول نظر و فی الثانی منع الجواز حصول الاختبار فیما هو أقل من ذلک فتکون الثلاث

ص: 166

خلافاً للاختبار و للخیار و جواز عدم حصوله فی الثلاث و إن تحقق النقصان للشک فی عروض عارض للشاة بعد العقد اقتضی ذلک من تغیر زمان أو تغیر مرعی أو مرض أو نحو ذلک نعم لو لم یشک فی عروض عارض کان الظاهر استناد النقصان للتصریة لا لعروض عارض و یؤیده أصالة عدمه و یکتفی بمثل هذا الظهور فی هذا المقام کما ینبئ عنه کلام العلماء الإعلام کما انه لا عبرة بحصول النقصان بعد الثلاثة لاحتمال کونه من عروض عارض فیلزم الاقتصار علی مورد الیقین من ثبوت الخیار و هل یشترط فی الثلاثة اتصال الیوم الأول بالعقد أو لا یشترط مطلقاً و لو حصل فصل طویل بین العقد و بینها أو یفرق بین الیوم و الیومین فلا تنافی الاختبار و بین الأکثر فتنافیه وجوه أوجهها الأول اقتصاراً علی مورد الیقین و هل یشترط استیعاب الأیام الثلاثة فی الاختبار أم لا یشترط و الظاهر عدم اشتراط ذلک بل المدار علی ما یحصل به تعین التصریة و هل یشترط تکرر الحلبة فی کل یوم کما هو المعتاد و الظاهر انه لا یشترط ذلک کما انه لا یشترط علی الظاهر نقصان الحلبات بعضها عن بعض بل یکفی نقصان الجمیع عن الأولی مع مساواة الباقی بعضه لبعض أو مع زیادة بعض علی بعض نعم لو نقصت الحلبة الثانیة و زادت الثالثة حتی ساوت الأولی ثمّ نقصت الرابعة حتی تساوت الثانیة ففی حصول التصریة إشکال و أشکل منه ما لو زادت الثالثة علی الأولی نقصت الرابعة عن الثانیة من احتمال کون الزیادة هبة من الله تعالی فلا تنافی ثبوت التصریة و من لزوم الاقتصار علی المورد الیقینی فی ثبوت الخیار و لو تساوت الحلبات فی جمیع الأیام سوی الحلبة الأخیرة فی الیوم الثالث فنقصت عن الجمیع ففی ثبوت التصریة بذلک و عدمه وجهان من إطلاق جعلهم الاختبار فی الثلاثة و الظاهر شموله لمثل ذلک و من عدم الظن القوی بحصول التصریة بذلک و بالجملة فحکم خیار التصریة لخلوة من الأخبار و إجماع الفقهاء الأخیار مما یحتاج إلی تأمل و نظر من حیث کونه خیار عیب أو خیار تدلیس أو خیار حیوان أو خیار مستقل و من حیث امتداده فی الثلاثة فوراً أو متراخیاً و من حیث کونه ما بعد الثلاثة مما یثبت أم لا و بعد ثبوته فهل یثبت فورا أو متراخیا و من حیث أن الثلاث ظرف للخیار مطلقاً أو ظرف إذا ثبت التصریة بالإقرار

ص: 167

دون الاختبار و لو ثبتت بالاختبار کان الخیار ما بعد الثلاثة ثمّ أن الاختبار هل یشترط فیه القطع او یکفی الظن بحصولها من جهته ثمّ أنه هل یشترط فیه الاستیعاب فی الثلاث أو لا لاشترط ثمّ انه هل یشترط مساواة الجمیع المتأخرة عن الأولی فی النقصان عنها أو نقصان بعض عن بعض أو لا یشترط ثمّ أن ثبوت الخیار بعد الثلاثة هل هو من حینه أو کاشف عن ثبوته من الابتداء کی یترتب علیه أحکام المختص إلی غیر ذلک من الفروع المتکثرة المذکورة هاهنا و التی لم تذکر.

ثالثها: ترد الأمة و العبد فی البیع و غیره من عیوب ثلاثة الجنون و الجذام و البرص

بما یسمی بذلک عرفاً و بما تحکم به أهل الخبرة و المعرفة و هل یشترط فیهما التعدد و العدالة لتیسر معرفتها للعدول غالبا أو لا یشترط سوی کون المخبر أمیناً بصیراً عارفاً لأنها من الظنون الموضوعیة وجوه أقواها الأخیر و یجوز الرد بهذه العیوب سواء قارن العقد ظهورها أو تأخر عنه قبل القبض أو بعده إلی سنة من حین العقد أو من حین القبض لضمان المبیع علی البائع قبله عددیة أن انکسر الشهر و هلالیة أن لم ینکسر مع احتمال کونها هلالیة مع الانکسار أیضاً و احتمال التلفیق من شهر عددی و هلالیة الباقی فإن وقع أحد العیوب فی أثناء السنة کان الخیار فیها فوراً أو متراخیاً علی الوجهین و إن وقع فی آخر جزء من السنة کان الخیار بعدها علی الوجهین أیضاً و یدل الحکم المذکور فی الجملة الأخبار المستفیضة و الإجماعات المحکیة و فتاوی الأصحاب و الحق بهذه الثالثة فی جملة من و فی کلام الصحاب من نقل علیه الشهرة القرن علیها ما هو المعروف من معناه لأصالة عدم النقل فما فی الکافی من أن القرن الحدبة تکون فی الصدر تدخل الظهر و تخرج الصدر لم یثبت أنه من کلام الإمام و لو ثبت فهو منزل علی تشبیه القرن فی الفرج بالحدبة و قد یشکل الرد فی الجذام لأنه أن کان الأمر دائراً مدار مبدئه کما قبیل من أن یکمن سنة فیظهر فقد انعتق علی البائع و بطل البیع بالنسبة إلیه فیبقی لزوم رجوع المشتری بالثمن و إن کان دائراً مدار ظهوره فقد انعتق علی المشتری و لیس له رده نعم له عند الفسخ إرجاع قیمته إلی البائع و أخذ الثمن منه و قد یجاب بمنع الانعتاق علی البائع لتوقفه علی ظهوره و لیس فلیس و لا علی المشتری لسبق

ص: 168

تعلق حق الخیار فلا ینفذ العتق و فیه أن العتق لا یمنع نفوذه سبق ألحق المتقدم بعد تحقق الملک و لا فرق بین المستقر و المتزلزل لعموم الأدلة أو إیجاب بحمل الرد علی رد القیمة دون العین و هو قریب إلی القواعد بعید عن الظواهر و إیجاب تخصیص ما دل علی الانعتاق بالجذام بما دل علی الرد فلا ینعتق علی المشتری حینئذ إلا أمضی و لا ینعتق علی البائع إلا بعد الرد علیه و هو وجه قریب للجمع بین الأخبار و کلمات الفقهاء الأخیار و هل یسقط هذا الخیار بالتصرف قبل ظهور العیب أو بعده قبل العلم به مطلقاً أو لا یسقط مطلقاً لاستبعاد تصرف المشتری فی هذه المدة فی المبیع مع إطلاق الأمر بالرد فی الأخبار أو یفرق بین التصرف المغیر للعین أو الصفة فیمنع الرد ما لم یغیر فلا یمنع الرد و هو قوی لو لا نقل الإجماع من ابن إدریس علی إسقاط التصرف للرد و أما لو حدث بعد الثلاثة فالظاهر سقوط الرد به و ثبوت الأرش للبائع علی الأقوی و الأظهر

رابعها: الانعتاق علی المشتری لیس بعیب

فلا یوجب رد أو إرشاً مع احتمال جواز الرد لکن لا للعین لعدم عود الحر؟ قابل للقیمة و احتمال ثبوت الأرش و هو تفاوت ما بین کونه عبداً یلزم عتقه و بین عدمه کل ذلک لحدیث نفی الضرار و کذا خروج الأمة زوجته سابقاً فینفسخ عقدها لیس بعیب و کذا خروجها مما تحرم علیه مؤبداً بنسب أو رضاع لیس بعیب فلا یثبت بهما رد و لا أرش مع احتمال جواز الرد فی کل ما ذکرناه و تعلق حق الرهانة لیس بعیب أیضاً و طهور کون العین مستأجرة کذلک و إن أوجبت الخیار للمشتری.

خامسها: تکرر الجنابة عمداً من العبد عیب

بل و تکررها خطأ کذلک و للمشتری الخیار بین الرد و بین أخذ تفاوت ما بین کونه جانباً و غیر جان و أما نفس تعلق حق الجنابة به فهل هو عیب الظاهر ذلک إلا ان الأرش یکون بأخذ تفاوت ما بین کونه جانبا قد تعلق به حق الجنابة و بین کونه غیر جانٍ و لا متعلق به حق الجنابة و قد ینفرد کونه جانیا عن کونه قد تعلق به حق الجنابة کالعکس و علی کل حال فبیع العبد الجانی جائز خطأ کانت الجنابة أو عمداً إلا انه بیعه فی جنایة الخطأ التزم بالفداء بأقل الأمرین

ص: 169

من قیمة العبد و من أرش الجنابة لان الجانی لا یجنی علی التراضی نفسه نعم ما زاد علی قیمته یتعلق بذمة العبد بعد عتقه فی وجه قوی فإن فداه فلیس للمجنی علیه حق و إن لم یفده لإعسار أو امتناع کان للمجنی علیه فسخ عقد المولی و الرجوع برقبة الجانی لسبق تعلق حقه به و کان له الإمضاء و أما المشتری فله الفسخ لعیب الجنابة و له الإمضاء مع الأرش و له الإمضاء مع الأرش مناً أن لم یدفع المولی أرش الجنابة للمجنی علیه و إن دفعها فإن کان قبل العقد و قلنا أن نفس الجنابة مع التکرار عیب کان له الخیار و إلا فلیس له لزوال حق الجنابة قبل العقد و إن کان دفعها بعد العقد بنیت المسألة علی ما تقدم و علی أن زوال العیب قبل العلم به مما یسقط الخیار أم لا فإن قلنا بأنه مما تسقط سقط خیاره من حیثیة عدم تعلق حق المجنی بهِ علیه و أما بیعه فی جنابة العمد فهو جائز أیضاً لعموم الأدلة إلا أنه موقوف علی إجازة المجنی علیه فإن أجاز هو أو وارثه لزم و التزم المولی بأقل الأمرین من أرش الجنابة و قیمة العبد و هل الإجازة ناقلة أو کاشفة وجهان أوجههما الأخیر و أما المشتری فله الخیار و إن علم بالجنابة قبل إجازة المجنی علیه أو العفو عنه و إلا بنیت المسألة علی أن نفس الجنابة مطلقاً أو مع التکرار عیب أم لا و علی أن زوال حق المجنی علیه قبل العلم به مسقط للخیار أم لا و الحق أن ثبوت بهما و علی أن الإجازة من المجنی علیه کاشفة أو ناقلة و یتوجه علی الکشف عدم ثبوت الخیار للمشتری من جهة تعلق حق الجنابة به لکشفها عن رضائه وقت العقد و لو اقتص من العبد الجانی عند المشتری فی غیر زمن الخیار المختص به فلا رد لحدوث العیب عنده و له الأرش مع احتمال أن الرد جائز مطلقاً لأن القصاص مما یثبت سببه حال العقد فکأنه ثابت حالته و طریق أخذ أرش الجانی عمداً هو أن یأخذ تفاوت ما بین کونه جانباً عمداَ قد تعلق برقبته قصاص نفس أو طرف و لم یعلم من المجنی علیه العفو عنه و عدمه فربما کان الأرش علی ذلک مستوعباً لقیمته أو لثمنه و یقوی أخذ الأرش بذلک النحو علی القول بأن الإجازة ناقلة.

سادسها: الحمل عیب فی الإماء

یرد به و یبطل الرد به عند حدوثه عند المشتری ما لم یکن فی زمان الخیار المختص و فی غیر الإماء لیس بعیب فلا یرد به و لا یبطل الرد به

ص: 170

و لا یبطل الرد بالعیب بعد حدوثه و نسیان الصنعة عند المشتری لیس بالعیب فلا یبطل الرد بالعیب به عند حدوثه عند المشتری و الارتداد عیب لا مبطل للبیع علی الأظهر فیرد به و یمسک مع اخذ الأرش و قد یستوعب الأرش هاهنا الثمن لضعف ما لیته عند تقویمه کافراً لا حرمة لدیه و الزیادة فی المبیع المتصلة به لیست عیباً و ترد علی البائع مع المبیع و لا یملکها المشتری إلا إذا کانت من مال المشتری قد أحدثها من دون تصرف فإنه یکون شریکاً و لو أحدثها بما یسمی تصرفاً فأسقط الرد و الزیادة المنفصلة للمشتری و لا یسقط بها الرد.

سابعها: لو اشتری أحد النقدین بمثله فظهر فیه عیب قاض بجواز رده ما لم یتصرف أو یحدث عنده عیب آخر

فإن تصرف أو حدث عنده عیب سقط الرد و لم یجز أخذ الأرش بناءً علی أن الأرش زیادة فی أحد العوضین فیلزم الربا و لا یجوز الرد علی البائع مع رد ارش العیب أو أجرة التصرف للزوم الربا فی وجه ضعیف أو لسقوط الرد مطلقاً و لا یلزمه الصبر علی العیب مجاناً للزوم الضرر فالأوجه فی الجمع بین الحقوق أن یفسخ المشتری و یرجع مثل المبیع معیباً بالقدیم سلیماً من الجدید أو یرجع قیمته من غیر جنسه أو مساویة للثمن و طریق تنوعه أن یقوم المبیع معیباً بالقدیم سلیماً من الجدید و هذا الجمع و إن کان قریباً إلا أنه مخالف للقواعد من لزوم فرض الموجود معدوماً و لزوم المعاوضة القهریة علی البائع و لزوم رد القیمة مع وجود العین و لزوم الفسخ من غیر رد و لزوم جواز الفسخ بعد حصول العیب فالأحوط الرضا به مجاناً أو رضا البائع بالرد مجاناً و لو تلف المعیب عند المشتری فلا یبعد علی ما ذکرنا جواز الفسخ و إرجاع المثل علی نحو ما ذکرنا أو القیمة من غیر الجنس لامتناع أخذ الأرش فیکون ذلک طریق الجمع.

ثامنها: لو ادعی البائع التبرؤ من العیوب بعد ما تصادقا علی حصوله

فالقول قول المشتری مع یمینه علی البت أن قال ما سمعت بالتبری لصحة الیمین القاطعة علی نفی فعل المنکر نفسه و هو السماع و مع یمینه علی نفی العلم أن قال لا أعلم بالتبرئة و لیس له أن یحلف علی عدم التبری لأنه یمین علی نفی فعل الغیر فلا یقع علی البت

ص: 171

و فی قبوله مع صدوره للقطع به وجه قوی و لو أقام البائع بینة علی صدور التبری منه مع سماع المشتری لها سمعت بینته و سقط الیمین عن المنکر و لو أقام بینة علی مجرد حصول التبری منه من دون اقترانه بسماع المشتری قبلت علی الظاهر کان الظاهر السماع لعدم العارض من صمم و نحوه إلا إذا أدعی عدم السماع فلا بد من إقامته البینة علی سماعه و للمدعی ترک البینة و تکلیف المشتری بالیمین و لیس المشتری تکلیف البائع بالبینة مع وجودها و ترک الیمین مع طلب البائع منه الیمین علی ما سیجی ء إن شاء الله تعالی فی قواعد القضاء و ما ورد فی آخر کتابة جعفر بن عیسی إلی أبی الحسن (علیه السلام) فیقول له المنادی قد برئت منها فیقول المشتری لم أسمع البراءة منه أ یصدق فلا یجب علیه الثمن أو لا یصدق و یجب علیه الثمن فکتب علیه الثمن ضعیف سنداً مع احتماله لوقوع الإنکار من المشتری مدالسة لعدم رغبته فی المبیع و إلا فهو عالم بوقوع التبری من البائع کما یلوح من صدرها او الإرادة أن الثمن علیه ظاهر قبل الیمین لحصول البیع الموجب لذلک و لو ادعی البائع علی المشتری الإسقاط کان القول قول المشتری فی نفیه مع یمینه و لو اتفقا علی حصول العیب و اختلفا فی زمن ذلک فقال المشتری قبل العقد أو القبض و قال البائع بعدهما أو اختلفا فی المقارنة فالقول قول البائع بیمینه للشک فی عروض الخیار له عند معارضة الأصلین و أصالة عدم الاقتران فیرجع الحاصل اللزوم مع احتمال الحکم بتأخیر مجهول التأخیر عن معلومة و احتمال التداعی و لکنه ضعیف هذا کله أن لم تقم قرائن قطعیة تقضی بتقدیم قول المشتری أو قرائن ظنیة بظهور صدق مقالته کما یحصل الظن فی تقدیم کثیر من العیوب و یظهر ذلک من حالها فلا یبعد حینئذٍ تقدیم قول المشتری لرجحان قوله بموافقة الظاهر و یحلف البائع علی القطع بعدم تقدم العیب أن کان ممن یمارس أحوال المبیع و یطلع علیه فإن لم یکن من أهل ذلک و لا یعلم بتأخیر العیب أو تقدمه احتمل الاکتفاء منه بالیمین علی نفی العلم و احتمل سقوط الیمین عنه و رده علی المشتری فیحلف علی تقدم العیب فیکون عدم العلم من بمنزلة النکول و احتمل یمینه بالحلف علی نفی العیب تمسکاً و احتمل تصدیق قول المشتری لعدم حصول ما یعارضه من البائع سوی عدم

ص: 172

العلم و هو لا یصلح للمعارضة و احتمل تحلیفه علی نفی العلم و بعده یرد الیمین علی المشتری أو ینتظر عثوره علی بینة و هذا الأخیر أحوط و لو أبرز المشتری دعواه علی البائع العلم بذلک فأنکر البائع فلا یشک أنه لیس له علی البائع سوی تحلیفه علی نفی العلم و لو ادعی المشتری علی البائع أصل العیب أو استحقاق الرد فلا یشک أن القول قول البائع کما أن البائع لو ادعی علیه حدوث عیب عنده أو تصرف بالمبیع لیبطل خیاره بعد ثبوته فالقول قول المشتری مع یمینه.

تاسعها: لو ادعی الثیوبیة بعد اشتراط البکارة

حکم علیه بشهادة أربع نساء جامعات لشرائط الشهادة یعرفن بذلک من حالها و فی جواز نظرهن إلی الفرج إشکال و الأحوط عدمه و فی سماع قول المأمونة الواحدة أو سماع قول الجاریة نفسها إذا حصل الظن بقولهن وجه لمکان العسر فیکتفی بکل ظن و لأنهن مصدقات فی فروجهن و لو رد المشتری السلعة بعیب قدیم فأنکر البائع أنها سلعته کان القول قوله بیمینه و کذا لو ردها بعیب متفق علی ثبوت الخیار فیه بینهما إلا أن البائع أنکر کونها سلعته فإن القول قوله أیضاً بیمینه لأصالة البراءة من لزوم دفع الثمن و لاستصحاب بقاء ملکة و لأصالة عدم الفسخ بنفس الرد و لأصالة عدم کون هذا المال له و لو فسخ المشتری أو لا فرد سلعته أنکر البائع کونها له فالقول قوله کذلک إلا أنه یجب علیه دفع الثمن إلا أن یأخذه مقاصة عن ماله و له جبر المشتری علی إحضار سلعته بعد الیمین علی أن المأتی به لیس له و یحتمل أن القول قول المشتری لادّعاء البائع علیه الخیانة و هو ینکرها و ادعائه علیه سقوط الخیار بعد اتفاقهم علی ثبوته و هو ینکره و هذا الاحتمال ضعیف لعدم تعلق الدعوی أو لا و بالذات فی الخیانة و عدمها و لا فی بقاء الخیار و سقوطه لیتوجه تقدیم قول المشتری.

عاشرها: لو باع الوکیل معیباً فظهر العیب و صدقه المشتری فی الوکالة

کان للمشتری الرد علی الموکل و لیس علی الوکیل شی ء و لا یسمع إقرار الوکیل بالعیب علی الوکیل عند التداعی لأنه إقرار فی حق الغیر و له الرد علی الوکیل إذا کان وکیلًا علی قبض المعیب بعد فسخه إذا قلنا بصحة هذه الوکالة و له مطالبة الموکل بالثمن إذا

ص: 173

کان الوکیل وکیلًا إلی قبضه فقبضه عنه سواء أوصله الوکیل للموکل أم لا لأن یده یدهُ و له مطالبة الوکیل به ما دام باقیا لم یوصله إلی الموکل و لو لم یکن الوکیل وکیلًا علی قبضه فقبضه عنه سواء أوصله إلی الوکیل للموکل قبض الثمن طالب الوکیل به خاصة إلا إذا وکله فی دفعه للبائع فإنه لیس له مطالبته به بعد دفعه له و إن لم یصدق المشتری الوکیل بالوکالة فرد المعیب علیه فإن صدقه بثبوت العیب رده الوکیل علی الموکل فإن أنکر الموکل حدوث العیب عنده لم یملک الوکیل رده علیه و له علی الموکل الیمین علی عدم حدوث العیب وقت ضمانه علیه لرفع الظلامة من المشتری عنه لاحتمال إقراره عند طلب الیمین منه فإن حلف علی عدم

حدوث العیب عنده سلم من رده علیه لبراءته بالیمین و غرم الوکیل الثمن لعلمه بسبق العیب و هل یرجع به مقاصة أم لا وجهان من عدم شغل ذمتهم له لأنهم أخذوا بظاهر الشرع فلیس له المقاصة و من ضمانهم واقعاً فله ذلک و هو الأقوی و یبقی المبیع کالمال المعرض عنه أمانة أو یتملکه الوکیل لأنه مال لا طالب له و لو رد الموکل علی الوکیل الیمین فحلف علی سبق العیب ألزم بالحق و کذا أن أقام الوکیل بینة علی ذلک و لو لم یصدقه بثبوت العیب کان أنکر الوکیل حدوث العیب عند البائع کما أنکره الموکل کان له تحلیف المشتری علی عدم علمه بالوکالة فإن حلف المشتری کان للمشتری تحلیف الوکیل علی عدم تقدمه لیرفع عنه الظلامة لا لنفی ذلک عن الموکل و هل یملک المشتری تحلیف الموکل لإمکان کی یستحق الرد أم لا وجهان العدم لأن دعواه علی أحدهما تنافی دعواه علی الآخر و نعم مؤاخذة له بإقراره و إن لم یحلف الوکیل بأن نکل أو رد الیمین علی المشتری لسبق العیب فحلف المشتری الیمین المردودة فرد المعیب علیه دون الموکل لجهالته بالوکالة فعند رده علیه احتمل بقاءه عنده و عدم رده علی الموکل لإجراء الیمین المردودة مجری الإقرار و إقرار الوکیل لا یثبت علی الموکل شیئاً علی أنه یعلم أنه مظلوم فلا یظلم غیره فحینئذ یبقی المبیع عنده أمانة أو یملکه لشبهة بالإعراض و یغرم الثمن و أحتمل أن له الرد علی الموکل لإجراء الیمین مجری البینة لقیامها مقامها فتعطی أحکامها فکما أن للوکیل أن یرد المعیب علی الموکل بالبینة فکذا له أن یرده

ص: 174

بالیمین و قد یقال أن الیمین المردودة قسم بذاته فلا یصح التفریع المتقدم بل لو جعلنا الیمین المردودة بمنزلة البینة أیضاً لا یمکن رد المعیب علی الموکل لاعتراف الوکیل بعدم سبق العیب و إنه مظلوم و من ظلم لا یظلم إلا أن یکون قد استند فی إنکاره لغیر القطع بل لاستصحاب الصحة و شبهها و لأنها لو کانت بمنزلة البینة فهی بمنزلة البینة علی المنکر و هو الوکیل لا مطلقاً.

القول فی المرابحة و المواضعة و التولیة و الربا

اشارة

و فیه أمور.

أحدها: المرابحة مفاعلة من الربح

و هی تقتضی المشارکة و لا مشارکة هاهنا حقیقة إلا أنه نزل قبول أحدهما و رضاه بمنزلة دفع الآخر و نزل تسببه عنهما بمنزلة وقوعه منهما و کذا المواضعة مفاعلة من الوضع و نزل تسببه عنهما و وقوعه من أحدهما و رضا الآخر به بمنزلة صدوره منهما و الظاهر خروجهما عن المعنی الأصلی إلی معنی شرعی أو متشرعی و هو فی المرابحة النقل برأس المال و زیادة علیه بعد الأخبار به أو علیه و علی مؤن المبیع بعد الأخبار به و بها بعقد البیع و فی المواضعة هو النقل بنقصان عن رأس المال بعد الأخبار به أو نقصان عنه و عن المؤن بعد الأخبار بهما بعقد البیع ففی المرابحة هو نفس البیع بذلک النحو و فی المواضعة نفس البیع بالنحو الآخر و حینئذ فلا بد فی المرابحة و المواضعة من نقل متقدم لیتحقق فیهما رأس المال فلا یکفی الانتقال بغیر عقد معارضة کمیراث و حیازة و شبهها نعم لا یشترط فی ذلک النقل أن یکون بالبیع علی الظاهر من الفتوی و الروایة و لا بد فیهما من نقل متأخر و الظاهر اشتراط کونه بیعاً اصطلاحاً منهم علی ذلک و إلا فکثیر من أحکامهما کحرمة الکذب و ثبوت الخیار للمکذوب علیه و لزوم تعین الصفة و الجنس و الأجل عامة للنقل بالبیع و غیره و لا بد فیهما من أخبار البائع أو من یأمره برأس المال لیربح علیه أو یضع فلا یکفی فی الاسم أو الحکم أخبار غیره أو أخباره لا لیربح أو یضع و قد یضم إلی رأس المال غیره من المؤن کلا أو بعضاً و قد لا یضم و قد یقال أن المرابحة و المواضعة هما الزیادة علی رأس المال أو ما یتبعه أو النقیصة عنهما فی البیع مع الأخبار به أو بهما فعلی ذلک فهما

ص: 175

وصفان من صفات البیع لا نوعان من أنواعه و علی کل حال فلا ینعقد البیع بما اشتق منهما کرابحتک أو واضعتک أو غیر ذلک لعدم المعهودیة عرفاً و شرعاً.

ثانیها: البیع من دون أخبار البائع برأس المال یبنی علیه العقد

أو به و بما غرمه علی المبیع من المؤن یسمی مساومة و الظاهر أنها أیضاً من خواص البیع و إنه لا بد فیها من تقدم معاوضة علی المبیع و الظاهر أنه لو أخبر برأس المال لا لیبنی علیه البیع کان مساومة أیضاً و قد یقال أن المساومة من صفات البیع و هی عدم ذکر رأس المال فیه لا من أنواعه و علی کل حال فلا ینعقد البیع بما اشتق من لفظها لعدم المعهودیة:

ثالثها: البیع برأس المال مع ذکره أو برأس المال مع المؤن من دون زیادة مع ذکرهما یسمی شرعاً أو متشرعاً تولیته

و قد یقال أن التولیة من صفات البیع لا من أنواعه و هی عدم الزیادة علی رأس المال فی البیع مع الأخبار به أو عدم الزیادة علیه و علی ما یذکرهُ من المؤن فی البیع و الظاهر أنه یشترط فیها تقدم معاوضة و ذکر رأس المال فقط أو هو و ما یتبعه لیبنی علیه البیع و کون العقد الثانی بیعاً و ظاهر الأصحاب جواز انعقاد البیع بلفظها و جواز جعل مفعولها نفس السلعة کان یقول ولیتک هذا المال بما قام علی بعد بیانه و جواز جعل مفعولها نفس العقد المتقدم کان یقول ولیتک العقد المتقدم فیقبل المشتری و لا یلزم ذکر الثمن فی العقد و إن اشترط تقدم العلم به لهما و علی هذا الأخیر لا یکون معنی التولیة هی نفس البیع إذ لا یتعلق البیع بالبیع و هل یشترط فی هذه الأربعة المتقدمة فی تحقق الاسم کون المبیع عیناً أولا یشترط بل یکفی کونه کلیاً أو دیناً وجهان:

رابعها: زاد بعضهم التشریک

و ذکر ان فی الأخبار ما یدل علیه هو بیع جزء مشاع من المبیع بما یخصه من الثمن و هو رأس المال فقط أو الثمن و المؤن مع الأخبار بالقدر من البائع و یقع بلفظ البیع و لفظ التشریک کان یقول شرکتک بنصف المبیع بما یخصه من الثمن بالنسبة بعد معرفة قدره لهما فیقبل الآخر و المراد برأس المال و الثمن فی هذه الخمسة هو ما کان مثله جنساً و نوعاً و وصفاً و قدراً و لا یقع ذلک غالباً إلا فی المثلیات و قد یقع فی القیمیات قلیلًا فعلی ذلک قلما تقع المرابحة و أخواتها فیما یکون رأس ماله

ص: 176

قیمیاً و علی کل حال فالحصر فی هذه الأقسام الخمسة اصطلاحی نقلی جاءت به الأخبار و کلمات الأخیار لا عقلی دائر بین النفی و الإثبات لبقاء جملة من الأقسام مما تدور علیها بعض الأحکام مما لا تدخل فی الأقسام الخمسة أو مما یشکل دخولها فیها کبیع جزء معین من المبیع بما یخصه من رأس المال بعد تقسیطه علیه و بعد ذکره أو بیعه بکل رأس المال أو بیع جزء مشاع من المبیع بما یزید علی ما یقابله بالنسبة أو بما ینقص عنه جزء مشاع من المبیع بما یخصه من الثمن و هو رأس المال فقط أو الثمن و المؤن مع الأخبار بالقدر من البائع و یقع بلفظ البیع و لفظ التشریک کان یقول شرکتک بنصف المبیع بما یخصه من الثمن بالنسبة بعد معرفة قدرة لهما فیقبل الآخر و المراد برأس المال الثمن فی هذه الخمسة هو ما کان مثله جنساً و نوعاً و وصفاً و قدراً أو لا یقع ذلک غالباً إلا فی المثلیات و قد تقع فی القیمیات قلیلًا فعلی ذلک قلما تقع المرابحة و أخواتها فیما یکون رأس ماله قیمیاً و علی کل حال فالحصر فی هذه الأقسام الخمسة اصطلاح نقلی جاءت به الأخبار و کلمات الأخیار لا عقلی دائر بین النفی و الإثبات لبقاء جملة من الأقسام مما یدور علیها بعض الأحکام مما لا تدخل فی الأقسام الخمسة أو مما یشکل دخولها فیها کبیع جزء معین من المبیع بما یخصه من رأس المال بعد تقسیطه علیه و بعد ذکره أو بیعه بما یزید علی ذلک أو بیعه بما ینقص أو بیعه بکل رأس المال أو بیع جزء مشاع من المبیع بما یزید علی ما یقابله بالنسبة أو بما ینقص عنه أو بکل الثمن أو بکله و زیادة أو بیع غیر ما انتقل إلیه بالبیع کانت الأشیاء متصلة کالحمل و الصوف أو متفرقة سواء قسط الثمن بنظرة أو کان معلوماً عنده للزوم الکذب فی الأخبار لظهوره فی الشراء المفتقرة و للإجماعات المنقولة علی المنع المنفرد للأخبار المعتبرة الدالة علی ذلک و لو باع کذلک صح البیع و فعل حراماً و کان للمشتری الخیار و هل تدخل فی اسم المرابحة اصطلاحاً وجهان دخولها فی اسم المرابحة و فی حکمها قریب و لو أخبر بصورة الحال کان البیع جائزاً صحیحاً و یقوی دخولها فی اسم المرابحة و حکمها أیضاً و لا یتفاوت الحال فیما ذکرناه بین المنفق فی الحقیقة النوعیة و بین المختلف و بین أن یساوی بینها بالقیمة و بین أن یفرق و بین أن یبیع خیارها بالأقل و أدناها بالأکثر و بین عدمه نعم

ص: 177

لو تلف بعض المبیع قبل قبضه فی مدة الخیار المختص أو تبعضت الصفقة علی المشتری لظهور عدم ملک بعض أجزاء المبیع فقسط الثمن علی ما اشتراه ففی وجوب الأخبار بصورة الحال إشکال و الأحوط ذلک

تاسعها: لو ادعی البائع زیادة الثمن علی ما أخبر به

فإن کان عن علم مضی علیه البیع و لا شی ء له و لا تسمع دعواه و لو کانت لأمر دعاه و إن کان عن سهو أو غلط أو خطإ فی الحساب بحیث أظهر لتکذیب إقراره أمراً محتملًا قوی جواز سماع دعواه و الأخذ ببینة للزوم العسر و الحرج و الضرر و الضرار المنفیین لو لا ذلک و احتمل عدم سماعها لمکان إقراره الأول فهو مکذب لینته و أحتمل أنه أن استند إلی الجهل بالکثرة لم تسمع دعواه و أن استند للغلط أو الخطأ فی کیله أو أخباره له بالمقدار سمع قوله و علی کل حال فلو ثبت ذلک بالبینة أو بتصدیق المشتری ثبت للبائع الخیار فی الفسخ أو الإمضاء للزوم الضرر علیه من دون ذلک و لو ادعی البائع علی المشتری العلم بالکثرة و العلم بجهل البائع لها کان له أحلافه علی نفی ذلک لحصول نفع له بتوجه الیمین علیه من احتمال إقرار أو نکول فیقضی للبائع بما ادعاه و لو رد علیه الیمین فحلف البائع المردودة یثبت الحق له أن قلنا أن الیمین المردودة قسم برأسه مثبت للحق أو قلنا أنها بمنزلة إقرار المنکر و إن قلنا أنها بمنزلة البینة قام احتمال عدم ثبوت الحق بها لعدم سماع ما هی بمنزلته لتکذیبها بإقراره.

عاشرها: یجوز شراء المتاع لبائعه من مشتریه منه و من غیره حالًا و مؤجلًا

علی وجه الحلول أو التأجیل بزیادة مرابحة أو غیرها أو بنقیصة مواضعة أو غیرها أو بمساومة أو بتولیة قبل الأجل أو بعده قبل القبض أو بعده مکیلًا أو موزوناً أو غیرهما نعم یکره بیع المکیل و الموزون إذا کان طعاماً أو مطلقاً قبل قبضه أو قبل کیله أو وزنه أن لم نقل بأن الکیل و الوزن قبض للأخبار الدالة علی ذلک و لفتوی الفقهاء به و للجمع بین ما دل علی الجواز و بین ما دل. علی النهی بالحمل علی الکراهة لأنها أقرب المجازات و أظهرها و لفتوی المشهور و لدلالة بعض للألفاظ کلفظ لا یصلح و شبهها علیها و القول بالتحریم ضعیف و الأظهر استثناء التولیة من حکم الکراهة

ص: 178

لدلالة بعض الأخبار المعتبرة علی استثنائها هذا کله أم لم یشترط البائع علی المشتری شراءه منه فی نفس عقد البیع فلو شرط ذلک بطل البیع لا للزوم الدور کما قیل و لا لعدم القصد کما قد یتخیل لظهور ضعفها بل للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و الأخبار الدالة علی ذلک علی ما تقدم فی أحکام النسیئة و علی ذلک فالحکم یخص البیع دون غیره و هل یخص بیع النسیئة أم لا وجهان هذا أن صرح بالشرط و لو لم یصرح به بل کان من قصدهما ذلک کان البیع مکروها و لفتوی الفقهاء فضلًا عن فقیه واحد و للتفصی عن شبهة الاشتراط و عن عدم قصد النقل و لا یحرم و لا یفسد للأصل و لعموم الأدلة و خیال الفساد فاسد.

حادی عشرها: أفضل الأنواع المتقدمة المساومة

لفتوی الأصحاب و لما استقرت به أخبارهم و لبعدها عن الکذب و التوریة و الخطأ و لا تکره المرابحة کما أفتی به المشهور و نفی عنها البأس خبر بن سعید الظاهر فی نفی الکراهة لمعلومیة عدم التحریم یومئذ نعم ورد فی عدة من الأخبار ما یظهر منه ذلک و إنکار ظهوره غیر ظاهر و أفتی بمضمونها بعض المتأخرین فالأخذ بها لو لا أعراض الأصحاب عن العمل بظاهرها و تنزیلها عندهم علی نوع خاص من المرابحة و هو ما نسب الربح فیه لرأس المال و تنزیل بعضها علی بیان أفضلیة المساومة دون کراهة المرابحة قوی جداً سیما فیما کان من السنن و المکروهات و یکره نسبة الربح إلی رأس المال و جعلهما ثمناً لفتوی الأصحاب و أخبار الباب المفیدة لذلک قطعاً أن لم یستفد منها کراهة أصل المرابحة و للإجماع المنقول علی لسان الفحول و لشبهه بالربا و للتسامح بأدلة السنن و للتفصی عن شبهة القول بالتحریم أخذاً بظاهر تلک الأخبار الغیر المعمول علیها فی ذلک بین الأصحاب و شبهة القول بالفساد أخذاً بظاهر روایة دلت علی ذلک و لکنها أیضاً معمول علیها فلا یراد بالفساد فیها معناه بل المراد منه ما لم یکن صالحاً لکراهة و معنی نسبة الربح إلی رأس المال هو أن یجعل الثمن رأس المال بأی لفظ دل مع ربحه المنسوب إلیه بلفظ أنه ربحه أو أنه زیادة علیه و ما أشبه ذلک و طریق التخلص أن یجمع رأس المال و الربح جملة فیبیع بها کما نطقت بذلک الأخبار حتی أطلق علی ذلک فی بعضها لفظ المساومة

ص: 179

لشبهها و بعدها عن التصریح بالمرابحة و حکم جماعة بکراهة نسبة الوضیعة إلی رأس المال کما قلنا به فی المرابحة و لا بأس به تسامحاً بأدلة السنن و تباعداً عن شبهة الربا.

ثانی عشرها: إضافة الربح و الوضعیة إلی رأس المال یتبع الفهم العرفی بعد الضم و الوضع

اشارة

فالظاهر من قول القائل بعتک بمائة و ربح کل عشرة دراهم أن المجموع مائة و عشرة فنسبة الربح إلی رأس المال یکون واحد من أحد عشر و کذا لو قال و الربح فی کل عشرة أو قال و الربح لکل عشرة و الظاهر من قول القائل بمائة و وضیعة کل عشرة دراهم أن المحصل تسعون و إن الإضافة للتبعیض کما هو المفهوم عرفاً و إنکار مجی ء الإضافة بمعنی من التبعیضیة مردود بنقل الفحول له من معانیها و بفهم أهل العرف منها فی کثیر من القامات ذلک و احتمال کون الإضافة بمعنی اللام أو کونها مجملة فی هذا المقام بعید عن فهم أهل العرف العام و الظاهر من قول القائل و وضیعة درهم من کل عشرة فی المثال المذکور أن من التبعیض فیکون المحصل تسعون و احتمال کون من لابتداء الغایة فیکون المحصل واحد و تسعون إلّا جزءاً من إحدی عشر علی أن یکون الحط من کل عشرة تسلم له فتنحط تسعة من تسعة و تسعین جزء من إحدی عشر جزء من درهم بعید و أبعد منه کونها کذلک و یکون المحصل تسعین إلا جزءاً من اثنی عشر جزء و الظاهر من قول القائل و وضیعة درهم لکل عشرة فی المثال المتقدم أن المحصل واحد و تسعون درهماً إلّا جزءاً من إحدی عشر جزء فتنحط تسعة من تسعة و تسعین و جزء من إحدی عشر جزء و احتمال کون المحصل واحد و تسعین لان الحط تسعة لتسع عشرات فلم یبق إلا واحد و لیس هو بعشرة فلا ینحط له شی ء بعید أیضاً.

فائدة: لا یجوز لدلالة الأخبار بشراء ما قومه علیه التاجر لبیعه بتلک القیمة

للزوم الکذب و لو کذب و باعه مرابحة صح البیع و لا مرابحة و کان للمشتری الخیار و لو أخبر بصورة الحال کذلک صح و لم یکن بیع مرابحة أیضاً و هذا کله لا إشکال فیه إلا أنه قد ورد فی الأخبار المعتبرة جواز أن یعطی شخص شخصاً لیبیعه علیه بقیمة و ما زاد علیها فهو له و لا بأس بالأخذ بها تعبداً أو حملها علی الجعالة بناءً علی صحة الجعل المجهول القدر و صحة کونه عن محقق الوقوع و لا یجوز جعلها إجارة لفسادها فیثبت

ص: 180

للدلال أجرة المثل و لا بیعاً لأن الأمر بالبیع لیس بیعاً و یمکن حملها علی الوعد و رجحان الوفاء و حینئذ فإما أن یستحق الدلال أجرة المثل لکونه عمل عملًا مأموراً به و أما أن لا یستحق لظهور کونه متبرعاً و راضیا بالوعد و یمکن الحکم بطرحها و الرجوع للقواعد و استقصاء الکلام فی أمثال هذا المقام مذکور فی شرحنا علی القواعد.

القول فی الربا

اشارة

و هو فی اللغة الزیادة و الظاهر عدم بقائه علی المعنی اللغوی بل نقل شرعاً علی الظاهر و متشرعاً لبیع أحد المتماثلین شرعاً أو عرفاً المقدرین بالکیل و الوزن بالآخر مع التفاضل حساً أو حکماً و اقتراض الشی ء مع اشتراط الزیادة فی الوفاء کذلک فیکون مشترکاً بین المعنیین و احتمال المعنوی بعید أو نقل لنفس الزیادة الحاصلة للبیع و القرض علی الوجه فیکون مشترکاً معنویاً و یحتمل نقله لنفس البیع فی الأول و للزیادة فی الثانی و لکنه بعید و أبعد منه احتمال العکس و کذا احتمال أنه نفس الأخذ فیکون من الأفعال و علی الاحتمالات الأخیرة فیکون مشترکاً لفظیاً و قد یبدل البیع فی الحد الأول بمطلق المعاوضة و قد یزاد و قد یُراد فیه و العدّ فی العادة مطلقاً أو مع قید ما کان فی عهده بالمعلوم و ما کان بالعادة فبالمجهول و بما لا تقدیر له فی عهدة و قد یحذف أصل القید بالمقدرین و قد یحذف أو حکماً و قد یزاد فی کلا الحدین قید ما إذا لم یکن بین الولد و والده أو الزوج و زوجته و السید و عبده و لم یکن باذل الزیادة حربیاً بناء علی خروج ذلک عن اسم الربا و حکمه لدخول التحریم فی اسمه و لما یظهر من الأخبار من نفی الربا عنها أو بناء علی دخوله فی اسمه و لکن یختص الحد بما کان محرماً منه و یحمل النفی فی الأخبار علی نفی الحکم کما هو الظاهر منها فی مثل هذا المقامات و علی کل حال فالظاهر أن هذا الاختلاف لاختلاف آرائهم فی بیان المعنی الشرعی للربا أو فی بیان ما یتعلق به التحریم فهم مجتهدون فی ذلک لا نقله لذلک فلا یجوز الأخذ بجمیع أقوالهم و جعل الربا مشترکاً و لا الجمع بینها بالإطلاق و التقیید و لا لزوم الترجیح عند التعارض بالأکثریة و الأعدلیة و شبهها أو لزوم تقدیم قول المثبت علی النافی کالشهادة

ص: 181

کما لا یجوز حمل الاختلاف علی تعدد الاصطلاح منهم لظهور أن اختلافهم فی الکشف عن معنی واحد و لا بیان لما اصطلحوا علیه

و الکلام فی الربا یتم بأمور:

أحدها: الأظهر عدم اختصاص الربا حکماً و اسماً بالبیع

بل هو شامل لکل معاوضة لإطلاق الکتاب و السنة و لدلالة جملة من الأخبار علی العموم کالصحیح الحنطة و الشعیر رأساً برأس لا یزید واحد منهما علی الأخر و فیه الدقیق بالحنطة و السویق بالدقیق مثلًا بمثل لا بأس به و فی الأخر یکره أن یستبدل وسقین من تمر المدینة بوسق من تمر خیبر و فی ثالث یجوز قفیز من حنطة بقفیزین من شعیر قال لا یجوز إلا مثلًا بمثل و فی رابع فیمن یدفع إلی الطحان علی أن یعطی لکل عشرة اثنی عشر دقیقاً فقال لا و فی خامس قلت و أما الربا قال دراهم بدراهم مثلین بمثل و حنطة بحنطة مثلین بمثل و فی سادس إذا اختلف الشیئان فلا بأس مثلین بمثل إلی غیر ذلک من الأخبار المؤیدة بالاعتبار لشهود التحریم الذاتی من الذی لا یختلف فیه عقد عن عقد و بما دل علی أن فی الربا تضییع المعروف و ظاهره التعلیل و هو سار فی کل عقد و مما یؤیدها أنه لو شرع الربا فی غیر البیع من العقود لاشتهر تحلیله فیها لشدة احتیاج عامة الخلق إلیه و ذهب جمع إلی اختصاصه بالبیع فقط للأصل و للعمومات الدالة علی عموم لزوم ألوفا بالعقود و بالتجارة عن تراض و بالناس مسلطون علی أموالهم و لإجمال لفظ الربا فیؤخذ بما تیقن دخوله و للشک فی وضعه فیؤخذ بما یتیقن وضعه له و لانصراف إطلاقات تحریم المعاوضة إلی البیع لأنه الفرد الظاهر و للمقابلة فی قوله تعالی: (وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا) و لورود تحریم بیع الربا فی الأخبار فیحمل المطلق علی المقید و لصحة الصلح علی المؤجل ببعضه حالًا و صحة الصلح علی قیمة المتلف بالنقص من قیمته و لصحة التفاضل فی الهبة المعوضة و فی الجمیع نظر لانقطاع الأصل و العمومات بما ذکرنا و لمنع الإجمال بما ذکرناه من البیان و لمنع ثبوت الوضع بالطریق العقلی المتیقن مع انتفاء کل من الوضعین بالأصل و لمنع انصراف الأدلة للبیع لعدم ندرة الإطلاق فی غیره و ندرة الوجود لا اعتبار بها فی الانصراف و لمنع دلالة المقابلة علی ما ذکروه بدیهة و لمنع حمل المطلقات علی المقید مع ضعف المقاومة بل استهلاکه فی حینها و لخروج صلح

ص: 182

الحطیطة بالدلیل لو قلنا أنه من المعاوضة و لیس من الإبراء و لمنع صحة الصلح علی قیمة المتلف ببعضها و لو قلنا به فهو من الإبراء أو الدلیل و لمنع التفاضل فی الهبة المعوضة بل هو أول الکلام إلا أن ینعقد إجماع و فی ثبوته بحث و لئن جوزناه فلا بد من التزام أنها لیست کسائر المعاوضات الصرفة فیغتفر فیها ما لا یغتفر فی غیرها.

ثانیها: یحرم البیع المشتمل علی الربا علی العالم به کتاباً و سنة و إجماعا

و الدرهم منه أعظم من بعین زنیة بذات محرم و یتعلق التحریم بنفس المعاملة أن قلنا أن الربا هو المعاوضة المزید فیها فتفسد لمکان النهی و یتعلق بجزئها أن قلنا أن الربا نفس الزیادة لأن الزیادة مشاعة فی العوض المزید فیه سواء کانت موافقة أو مخالفة للزوم الترجیح من دون مرجح مع الاختلاف فتفسد أیضاً لمکان تعلق النهی بجزئها و یتعلق بشرطها إن کانت الزیادة شرطاً فیفسد الشرط و یفسد المشروط بفساده لأن العقد المشتمل علی الفاسد فاسد و بالجملة فدخول الربا فی المعاوضة مفسد لها کدخول الربا فی العبادة فلا یمکن أن یحکم بتبعیض الصفقة فی البیع الربوی فیصح فی المقابل و یفسد فی الباقی لما قلناه و للإجماع علی منعه و مع الحکم بفساد البیع یجب رد عین المال إلی أهله فوراً و علیه الرد لکونه الغاصب و ان تلفت العین رد المثل أو قیمته عند التعذر فی المثلیات و القیمة وقت التلف علی الأظهر و فی القیمیات و له أن یأخذ ما قابل ثمنه مقاصة لو دفعه للمشتری فتلف عنده و امتنع من تأدیته هذا أن علم القدر و المالک فلو جهل القدر صالح المالک بالصلح الاختیاری أو الصلح القهری من الحاکم أو دفع ما یتیقن به فراغ الذمة للاحتیاط أو دفع ما تیقن شغلها به للأصل أو یدفع الخمس إن لم یعلم بزیادة علیه أو نقصانه لأن دفعه مطهر للمال فإن علم بزیادته أو نقصانه فالوجوه السابقة وجوه و احتمالات أوجهها الرابع و لو اشتبه المال فی محصور من أموال المشتری فالصلح الاختیاری أو القهری أو القرعة و لو امتزج بذلک فلا بد من القسمة لتحقق الشرکة و لو علم القدر و جهل المالک بحیث یأس من معرفته کان کالمجهول المالک حکمه الصدقة علی الفقراء أو المساکین لظهور الصدقة فی ذلک ما لم یکن المتصدق عنه کافراً و فی الکافر إشکال و إن ظهر المالک و رضی بالصدقة فلا کلام و کان کالإجازة فی العقد

ص: 183

الفضولی و إن لم یرض ضمن المتصدق و لو دفعه للحاکم فتصدق به فالظاهر انتفاء الضمان عنه و عن الحاکم مع احتمال ثبوته فی بیت المال هذا إذا لم یتعلق له به حق مقاصة و لم یکن مخلوطاً بماله فلو تعلق له به حق المقاصة جاز له أخذه و إن کان مخلوطاً بماله خلطاً لا یتمیز کان شریکاً و له القسمة بإذن الحاکم و یفعل به ما مر و لو جهل المالک و القدر تصدق بما تیقن شغل ذمته به للأصل أو بما یتیقن فراغها به للاحتیاط هذا إذا لم یکن مخلوطاً بماله فإن کان مخلوطاً و لم یعلم أنه یزید علی الخمس أو ینقص عنه تصدق بخمس المال من فقراء بنی هاشم وحل الباقی کما مر فی باب الخمس و إن علم زیادته علی الخمس تصدق بالخمس علی السادة و بالزائد المقطوع علی الأظهر و المحتمل علی وجه علی غیرهم و یحتمل رجوعه صدقة علی غیرهم من أصله و إن علم نقصانه عنه تصدق به علی غیرهم و لو جهل المالک فی قوم محصورین احتمل جواز استخراجه بالقرعة و کونه بمنزلة المجهول المالک و لزوم صلح جمیع الأفراد المحصورة و هو الأحوط هذا کله فی العالم بحکم الربا و أما الجاهل فلا یتعلق به نهی لمکان الجهل و لکنه یشترک مع العالم فی ترتب أحکام العقد الفاسد لأن الجهل لیس بعذر فی الأحکام الوضعیة فإن علم و عرف بعد ذلک تعلق به الخطاب أمراً و نهیاً لصیرورته بعد العلم به أکل مال بالباطل و یدل علی اتحاد العالم و الجاهل فی الأحکام الوضعیة علی وجوب رد الجاهل المال بعد علمه قوله تعالی: (وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَکُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِکُمْ) و مفهوم الشرط ملغی قطعاً فلیحمل علی إرادة الإرشاد للتوبة للعالم ابتداءً و بعد جهله و دعوی اختصاص سیاقها بالعالم مسلم و لکنه أعم من العالم ابتداء و بعد جهله فیتم المطلوب و الأخبار الأمرة برد مال الربا إذا کان معزولًا معلوماً أهله من دون تفصیل بین العالم و الجاهل و الأخبار المطلقة الدالة علی فساد الربا و حرمة أکله و بائعه و مشتریه القویة المعتضدة بالقواعد و فتوی مشهور الأصحاب فلا یقاومها إلا ما قوی علیها و لیس فلیس و الظاهر عدم التفاوت هنا بین الجاهل و الکافر و المسلم و حدیث أن الإسلام یجب ما قبله مشکوک فی شموله لحلیة أموال الناس الدال علی تحریمها العقل و النقل و ذهب بعض أصحابنا إلی تحلیل الربا المأخوذ مع الجهل و عدم وجوب رده

ص: 184

بعد العلم أما لتحلیل المالک الحقیقی له و إن کان مال الغیر أو لتصحیح عقود الجاهل علی الربا من الشارع لطفاً منه و کرماً لظهور اختصاص أدلة التحریم بصورة العلم دون الجهل و لاستصحاب حکم الجهل إلی حالة المعرفة و العلم بعده و لظاهر قوله تعالی: (فَمَنْ جٰاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهیٰ فَلَهُ مٰا سَلَفَ) المفسر فی کلام بعضهم بما أخذ و أکل من الربا قبل النهی و لا یلزمه رده و لبعض النصوص.

منها: فیمن أراد الخروج من الربا مخرجک کتاب الله عز و جل (فَمَنْ جٰاءَهُ) الآیة و فیه و الموعظة التوبة و نحوه غیره و غیره.

و منها: عن الرجل یأکل الربا و هو یری أنه حلال قال لا یضره حتی یصیر متعمداً فإن أصابه متعمداً فهو بالمنزل الذی قال الله عز و جل و فی الجمیع نظر ظاهر لمنع الملازمة بین اختصاص أدلة التحریم بالعالم و بین اختصاص الفساد و ترتب آثار الأحکام الوضعیة بضرورة أن أکثر الأحکام الوضعیة استفیدت من الأوامر و النواهی مع شمولها للجاهل و العامد و اختصاص الأوامر و النواهی بخصوص العامد و لمنع حجته لاستصحاب هاهنا بعد تبدل الموضوع من الجهل إلی العلم و لظهور الآیة فی سقوط الذنب بالتوبة للعالم لا سقوط الضمان بالبیان للجاهل لظهور الموعظة فی ذلک و لتفسیرها بها الآیة و لدلالة قوله تعالی فانتهی إذ لا قائل بتعلق الحل علی الانتهاء بعد البیان للجاهل و لمنع دلالة الأخبار علی حلیة الربا و عدم لزوم رده و غایة ما یدل علیه هو العفو عما صدر حال الجهل أو حال الجاهلیة فیکون مفادها کمفاد ما دل علی عذر الجاهل و قد تحمل الأخبار علی حلیة المال المختلط المجهول صاحبه و قدره کما تدل علیه أخبار أخر و لکن لا بد من تقییدها بعد إخراج الخمس منه جمعاً بینها و بین الأخبار الدالة علی ذلک المعتضدة بکلام الأصحاب کما تحمل الأخبار الدالة علی حلیة الربا مع اختلاطه بماله بحیث لا یعرفه أو ورث ما لا یعلم یعرف أن فیه الربا و لکن لا یمیزه بعینه علی ما ذکرناه من حلیته بإخراج الخمس منه بعد الجهل بالقدر و الصاحب و الآخذ بظاهرها و الحکم بحلیة الربا من حیثیة الاختلاط کما ذهب إلیه بن

ص: 185

الجنید (رحمه الله) ضعیف جداً مخالف لما استقرت علیه الفتوی و قضت به القواعد و إن أن فی المعتبرة ما یدل علیه کروایة الحلی فیمن ورث مالًا قد علم أن صاحبه کان یربی و اعترف بذلک فقال أو أبو جعفر (علیه السلام): إن کنت تعلم أن فیه مالًا معروفاً ربا تعرف أهله فخذ رأس مالک ما سوی ذلک و إن کان مختلطاً فکله هنیئاً مریئاً و فی أخری إن کنت تعرف شیئاً معزولًا و تعرف أهله فخذ رأس مالک ودع ما سواه و إن کان المال مختلطاً فکل هنیئاً مریئاً فإن المال مالک و اجتنب ما کان یصنع صاحبک مطرحة أو منزلة علی ما ذکرنا سواء کان مفادها حلیة الربا من حیثیة الاختلاط فقط کما قد یفهم منها أو من حیثیة الاختلاط و جهل الصاحب معاً کما یفهم أیضاً لأعراض الأصحاب عن العمل بمضمونها علی التقدیرین و لمخالفتها الأصول الشرعیة و الضوابط المرعیة:

ثالثها: لا ربا اسماً و حکماً أن قلنا أن التحریم داخل فی ماهیته

و لا ربا حکماً أن قلنا أن التحریم من أحکامه بین الوالد و ولده و الزوج و زوجته و المالک و مملوکه فلکل منهما أخذ الفضل من الآخر للإجماع المنقول بل المحصل و للأخبار الخاصة النافیة للربا بین ما قدمناه بعضها مع بعض الظاهرة فی نفی ماهیته أو نفی أظهر أحکامه و هو التحریم و حملها علی إرادة النهی عن الربا کلا رفث و لا فسوق بعید عن سیاقها و مخالف لما انعقد علیه الإجماع و لما یقضی به ظهور الخطاب لا قربیة التجوز بنفی الشی ء عن نفی لازمه من التجوز بالجملة الخبریة عن إرادة النهی و المراد من نفی الربا بین ما ذکرناه هو نفیه من کل من الطرفین کما هو المفهوم لفظاً و المتفق علیه فتوی خلافاً للإسکافی فخص جواز أخذ الفضل بالوالدین من الولد دون العکس و مع ذلک اشتراط عدم وارث له و عدم غریم و هو ضعیف جداً و ان استأنس له بقوله (علیه السلام) أنت و مالک لأبیک و الظاهر أن الاقتصار علی المورد الیقینی فی الخروج عما دل علی تحریم الربا هو الاقتصار علی الولد و الوالد الصلبیین لتبادرهما من الفتوی و الروایة و الاقتصار علی الولد النسبی لأنه المتبادر دون الرضاعی و للشک فی شمول الرضاع لحمه کلحمة النسب لمثل هذا المقام سیما بعد إعراض الأصحاب عن التسویة

ص: 186

و الاقتصار علی الوالد المحلل دون الزنا لانصراف الولد إلیه عرفاً و لقوله (علیه السلام) (الولد للفراش و للعاهر الحجر) و الاقتصار علی الأب دون الأم و الاقتصار فی الزوجة علی الدائمة دون المتمتع بها لانصراف الإطلاق إلیها سیما زمن الصدور قیل فی الروایات ما یؤذن بخصوص الدائمة کتفویض الزوجة أن یأخذ من مال الرجل المداوم و کتسلط الزوج علی مالها بحیث لا یجوز لها عتق عبدها من دون أذنه و بضمیمة ما ورد إنما الربا فیما لا تملک و المتمتع بها کأنها مما لا تملک دون الدائمة یقوی القول بالاقتصار و یحتمل القول بشمول الحکم للمتمتع بها لشمول لفظ الزوجة و الأهل لها و لا یخلو عن قوة الاقتصار فی العبد علی المختص دون المشترک إلا بقدر حصة منه مع احتمال عدم الجواز مطلقاً حتی یقدر حصته للخبر فی المشرکین بینی و بینهم ربا قال نعم قلت فإنهم ممالیک فقال أنت لست تملکهم أنت و غیرک فهم سواء ثمّ قال لأن عبدک لیس مثل عبدک و عبد غیرک و الولد شامل للذکر و الأنثی و الخنثی و المطلقة الرجعیة بحکم الزوجة و الولد المشتبهة و الزوجة المشتبهة یحرم علیها الربا إلی أن یستخرجها بالقرعة و عنه استخراجها فهل القرعة کاشفة أو ناقلة وجهان و یجری الحکم علی کل منهما مما یقتضیه و العبد شامل لجمیع أقسامه سوی المکاتب فإن فی دخوله تحت ما دل علی نفی الربا بین السید و مملوکه إشکال لأن المکاتب کأنه قد انقطعت سلطته عن سیده.

رابعها: لا ربا بین المسلم و الحربی من فرق الکفار

علی أن یأخذ الفضل علی الحربی وفاقاً للأکثر و اقتصاراً علی المورد الیقینی من الخروج عن أدلة تحریم الربا و للخبر لیس بیننا و بین أهل حربنا ربا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم و نأخذ منهم و لا نعطیهم فالقول بنفیه عن کل الطرفین ضعیف و یمکن أن یقال أن نفی الربا بین المسلم و الحربی کنفیه بین السید و عبده لان الحربیین و أموالهم ملک للمسلمین فأخذ المسلم منهم من قبیل استنقاذ ماله أن قلنا بعدم ملکهم لما لهم و إنه یملکه المسلمون و یکون العقد علیه عقداً صوریاً و من قبیل حیازة المباح و إن قلنا أنهم یملکون أموالهم و یملکون الثمن المنتقل إلیهم إلا أنه مباح بالنسبة إلی المسلمین فیملکون بالحیازة و شبهها فیکون

ص: 187

العقد معهم أیضاً عقداً صوریاً لمکان إباحة أخذ العوضین و علی کل حال فأخذ الربا منهم جار علی القواعد فلا یحتاج إلی دلیل خاص و المراد بالحربی ما کان محارباً بالقوة من شأنه ذلک و لا یشترط کونه محارباً بالفعل و فی دخول الحربی الداخل بأمان أو بعهد أو شبههما فی بلاد المسلمین تحت أدلة جواز أخذ الربا منه إشکال سیما لو کان العهد و الأمان علی نفسه و ماله و أما غیر الحربی من أهل الذمة فیحرم أخذ الربا منه علی الأقوی و الأشهر لعموم الأدلة و الاحتیاط فحکمه حکم المخالفین و باقی فرق المسلمین و قیل یجوز أخذ الربا منه و نقل علیه الإجماع و استند له بروایة الصدوق لیس بین المسلم و الذمی ربا و هو ضعیف لمعارضة الإجماع بإجماع أقوی منه معتضد بفتوی المشهور و عموم الأدلة و معارضة الروایة بروایة الکافی المشرکون بنی و بینهم ربا قال نعم و خروج الحربی غیر ضائر لأن العام المخصوص حجة فی الباقی و هذه الروایة اقوی فلتحمل النافیة علی النهی أو علی ما إذا لم یقوموا بشرائط الذمة:

خامسها: مما یدخل فی مفهوم الربا اسماً و یشترط فی تحریمه حکماً اتحاد الجنس

و هو الاتفاق فی الحقیقة النوعیة بحیث یعد فی العرف أن العوضین ماهیة واحدة کالحنطة و الأرز و شبههما و لا اعتبار باتحاد الاسم و تغایره فقد یتحد کاسم و یتغایر الماهیة کالاسم اللحم و الدهن و قد یتغایر الاسم و الماهیة واحدة کما إذا اختص بعض أفراد الماهیة باسم علی حدة و ما شک فیه وحدة و تعدداً فالأصل یقضی بجواز بیعه متفاضلًا لتعارض أصل عدم التعدد و عدم الاتحاد فیبقی الأصل الحاکم سلیماً عن المعارض و الظاهر أن من المشکوک فیه الشلت و العلس فیجوز بیع الحنطة و الشعیر متفاضلًا و الأحوط التجنب و الاحتیاط منع بیعه کذلک تغلیباً لجانب حرمة الربا کما یستفاد ذلک فی عدة مقامات فیدخل فی متحد الجنس شرعاً الحنطة و الشعیر فی خصوص باب الربا فإنه قد دلت الأخبار و کلمات الأصحاب شهرة کادت أن تکون إجماعاً و الإجماع المنقول و فتوی الفحول علی أنهما بحکم جنس واحد فلا یجوز التفاضل بینهما و هل هو حکم تعبدی جاء به الدلیل فی باب الربا فیبقی ما عداه فی الزکاة و نحوها علی قواعد اختلاف الجنس راو أنه کاشف عن اتحادهما فی النوع الواحد و قد خرجنا فی غیر باب

ص: 188

الربا من احتسابهما اثنین للدلیل و أن لهما ملاحظتان أحدهما ملاحظة أن أصلهما واحد و مبدأهما متحد کما تدل علیه الأخبار ففی الخبر المعتبر فی الحنطة و الشعیر أ یصلح أن یأخذ اثنین بواحد قال لا إنما أصلها واحد و فی آخر لا یصلح لأن أصل الشعیر من الحنطة و فی ثالث أن الشعیر من الحنطة و فی رابع بعد أن جبرائیل لآدم بالحنطة فزرعها فما زرعه آدم جاء حنطة و ما زرعته حواء جاء شعیر فبهذه الملاحظة جری علیها حکم الجنس الواحد فی الربا و ثانیهما ملاحظة اختلافهما فی الصورة الظاهرة و فی الخواص و فی الاسم و فی الثمرات و فی العرف فبهذه الملاحظة جری علیها حکم الاختلاف فی باقی الأحکام و من ذهب إلی جواز بیع کل منهما متفاضلًا لاختلاف جنسهما عرفاً و لقوله (علیه السلام) البر بالشعیر و الشعیر بالبر کیف شئتم یداً بید فهو ضعیف المستند لا یعارض لما قدمنا.

سادسها: من متفق الجنس فی باب الربا حکماً و إن اختلف صورة و شهرة و اسماً أصل الشی ء و فرعه المتکون منه

کاللحم و الصوف و الدم و الحلیب أو المعمول منه کالحلیب و الجبن و السمن و کذا فروع الأصل الواحد المتغایرة بالتکون کأفراد ثمرات العنب أو بالعمل کالدبس من التمر و الخل منه و السمن من الحلیب و الجبن منه و لا بد من صدق الفرعیة و الاقتطاع فی کلا القسمین فلا یدخل فیها الاستحالة کاستحالة التمر ظاهر الدقیق ملحاً فإنه یخرج من التمریة هاهنا و یلحق بالملحیة و فروع کل أصل تتبعه فی الاختلاف مع أصل آخر فلحم البقر هاهنا و لبنها یتبعه و یغایر لحم الغنم و دهنها و لبنها و یغایر دهن السمسم و هما معاً یغایران دهن الزیت و دبس التمر یغایر دبس العنب و کذا خل واحد منهما یغایر خل الآخر و یبقی الأشکال فی لحوم السمک و الحمام و الوحوش من کل جنس مع انسیه فی أنها جنس واحد أو أجناس متعددة و طریق الاحتیاط التجنب و یدل علی ما ذکرنا من اتحاد أصل الشی ء و فروعه و اتحاد فروع الأصل الواحد الإجماعات المنقولة و الشهرة المحصلة و التعلیل فی أخبار المنع عن التفاضل بین الحنطة و الشعیر قیل و الاستقراء و القطع الحاصل من تتبع موارد المنع فی جملة مما ذکرنا فی الأخبار الخاصة المتکثرة و یدل علی ما ذکرنا روایة علی بن إبراهیم

ص: 189

و فیها و ما کیل أو وزن مما أصله واحد فلیس لبعضه فضل علی بعض کیل بکیل أو وزن بوزن و ناقش بعض المحققین فی الحکم المذکور استناداً للأصل و العمومات و لقوله (علیه السلام) إذا اختلف الجنسان فبیعوا کیف شئتم و للصحیح عن بیع الغزل بالثیاب المنسوجة و الغزل أکثر وزنا من الثیاب قال لا بأس فیه نظر لانقطاع الأصل و تخصیص العمومات بما ذکرناه من الأدلة و لضعف مقاومة الروایة لها أیضاً و لو سلم فلا نسلم اختلاف الجنس فی أصل الشی ء و فرعه و فروع الأصل الواحد إذ لعلة متحد قد کشف الشارع لنا عن اتحاده و اختلافهما بالصور و الأسماء لا یدل إلا علی اختلافهما ظاهر و الربا یدور أمره مدار الواقع کما یفهم من الأخبار لا مدار الظاهر کما فی غیره من الأحکام حیث تدور مدار العرف و الظهور و لأن تجویز التفاضل إنما کان فی الصحیحة بین الغزل و الثیاب غیر مکیلة و لا موزونة فتخرج عن محل البحث و لا یتفاوت الحال فی حرمة التفاضل و جواز التساوی بین الأصل و الفرع و الفروع للأصل الواحد بین ما یزید أحدهما علی الآخر بعد البیع بعمل کطحن الحنطة أو ینقص کصوف بغزل و قطن بثوب و نحو ذلک و فی الأخبار ما یدل علی جواز بیع أحدهما بالآخر متساویاً کالصحیح المجوز لبیع الربا لسویق و إن کان فیه فضل ربع و الأصول و القواعد و ظاهر الفتوی تفصح به أیضاً فمن استشکل فی جواز بیع ما ینقص و یزید متساویاً لمکان الربا المقدر فیکون کبیع الجاف بالرطب إذا نقص عند جفافه لا یصغی لإشکاله و منع الجاف بالرطب مخصوص بمورده فلا یحمل علیه ما شابهه.

سابعها: یشترط فی تحقیق اسم الربا أو حکمه من التحریم کون العوضین فیه مقدرین بالکیل و الوزن

علی وجه الاتحاد و الاختلاف للإجماع بقسمیه و لانصراف أدلة تحریم الربا إلیه و للأخبار الخاصة المتکثرة الدالة علی أنه لا ربا إلا فیما یکال أو یوزن و إن ما لا یکال و لا یوزن فلا بأس به متفاضلًا و الظاهر أن المراد بالمکیل و الموزون ما من شأنه ذلک فلو منع من کیله أو وزنه مانع لقلة کالحبة و الحبتین من الطعام أو کبره کالقطع الکبار أو عدم إمکان تخلیصه کالبیوت المموهة بالذهب و السیوف المحلاة به لم یخرج فی جمیع ذلک عن الکیل و الوزن نعم لو خرج المقدر

ص: 190

بالصنعة أو العمل عن التقدیر حتی عاد جزافاً کالثیاب من القطن أو الابریسم و کالسلاح من أنواع الحدید و کبعض الأوانی من الصفر و الحدید فلا بأس ببیعه بعضاً ببعض متفاضلًا و قد یلحق به فی وجه کل مسکوک من النقدین بحیث یسقط حکم الوزن و تقوم السکة مقامه.

ثامنها: مقتضی تعلیق حکم الربا بما یکال أو یوزن أن المدار فیه مدار العادة وجوداً أو عدماً

کما فی سائر ذوات المبادئ مما علق الحکم فیها علی المشتق کالمأکول و الملبوس فی السجود و نحو ذلک إلا أنه قد نقل الإجماع و أفتی الأصحاب بأن المقدر فی عهد الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یجری علیه حکم التقدیر و حرمة الربا و إنما یکون الإجماع و فتوی الفحول قرینة علی تقید إطلاق تعلیق الحکم علی نفس المشتق عما کان فی عهده صلی الله علیه و آله أو قرینة علی استعمال المشتق فی المعنی الوصفی و فی روایات بخصوصه کانت مکیلة و موزونة فی عهده (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو قرینة علی استعماله فی المتلبس بالمبدإ أو فی ما کان متلبساً فی عهده و إن انقضی و أما غیر المقدر فی زمنه فقد قیل لا یجری علیه حکم التقدیر و أن قدر بالعادة و استظهر بعضهم نقل الإجماع علیه و لکنه ضعیف لعموم أخبار جریان الربا فی المکیل و الموزون فتخصیصها بما یعلم عدم تقدیره فی زمنه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یحتاج إلی دلیل مقاوم و لیس إلا ظاهر الإجماع و لیس له أهلیة المقاومة نعم قد یقع الإشکال فیما علم تقدیره مرة و عدم تقدیره أخری فیباع فی زمنه جزافاً و مقدراً أو فی ما علم تقدیر ابتداءً ثمّ عودة جزافاً و فیما علم تقدیره فی غیر بلده مما أقر أهله علیه مع عدم تقدیره فی بلده و فیما علم تقدیره فی بلد لم یعلم إقرار أهله منه علیه مع الجهل بحاله ببلده و فیما علم تقدیره ببلده دون باقی البلدان مع إقرار أهلها منه (علیه السلام) و فی الرجوع للأصل فی جمیع ذلک قوة و فی الأخذ بالاحتیاط سلامة فی الدنیا و الآخرة ثمّ أنه یجی ء الکلام عند الرجوع فی التقدیر إلی العادة مع الجهل بحال المقدر عادة فی زمن الصدور من أن المراد بالعادة هی العادة العامة فی کل البلدان أو الغالبة فإن کان الغالب التقدیر جری علیه حکمه و إن

ص: 191

کان الجزاف جری علیه حکم الجزاف أو لکل بلد عادة یتبعها أهلها أو من حلَّ فیها أو یکفی فی التقدیر حصوله فی الجملة لصدق أنه مکیل أو موزون فی الجملة فیغلب علیه جانب الاحتیاط و من أن العادة لو جرت بالتقدیر مرة و الجزاف أخری فهل یلاحظ الأخیر للأصل و الأقل لصدق المشتق فی الجملة و الاحتیاط و من أن العادة لو تبدلت بعد التقدیر إلی الجزاف فهل یلاحظ الأخیر للأصل أو الأول للاحتیاط ثمّ أنا لو قلنا مع اختلاف البلدان أن لکل حکم نفسه فلو کان کل من المتعاقدین من بلد و قد تعاقدا مع التفاضل فی بریة أو صحراء أو کان أحدهما من بلد التقدیر و الآخر من بلد الجزاف فهل یرجح جانب ذی بلد الجزاف فیحکم بالصحة أو یرجح جانب ذی بلد التقدیر فیحکم بالفساد وجهان أوجههما الأخیر.

تاسعها: الذی یستفاد من إطلاق الفتاوی و النصوص شمول حرمة الربا للمبیع أصالة و للمبیع تباعاً

کبیع الدور المموهة بالذهب إلا أنه یظهر من بعضهم خروج ما لم یقصد فی المعاوضة أصالة عن حرمة الربا و یؤیده انصراف أدلة التحریم للمقصود أصالة دون ما قصد تبعاً إلا أن الاحتیاط ینافیه.

عاشرها: یتحقق الربا بالزیادة العینیة قطعاً لظهور الأدلة فیها

سواء کانت عیناً أو منفعة و تتحقق بزیادة الأصل أیضاً لأن للأجل قسط من الثمن فیکون محسوبا منه لفتوی الأصحاب و للخبر المشتهر نقلًا و المنجبر فتوی و عملًا إنما الربا فی النسیئة و تتحقق بزیادة الحق و باشتراط شی ء زائد من عین أو منفعة أو حق و لا یتحقق الربا بزیادة وصف من صحة فی مقابلة المعیب و المکسور و غیر المصنوع أو جرده فی مقابلة الردی ء و هل یتحقق بزیادة الشرط المجرد عن زیادة المشروط کاشتراط بیع شی ء أو إجارة شی ء بأجرة المثل أو اتهاب شی ء علی ثمن أو مثمن أو غیر ذلک وجهان ینشئان من کون نفس الشرط زیادة و هی منهی عنها و لعدم صدق بیع المثل بالمثل و هو لازم فی الربوی و من انصراف النهی عن الزیارة و الأمر ببیع المثل بالمثل إلی زیادة العین و الأجل و المنفعة و الحق و إلی المماثلة بها دون الصفات و الحالات:

ص: 192

حادی عشرها: إذا اختلفت الأجناس فی العوضین المقدرین

اشارة

فإن کان کل منهما من النقدین جاز التفاضل فیهما نقداً للأصل و عموم الأدلة و لا یجوز التفاضل بینهما نسیئة لمنع النسیئة فی الصرف مطلقاً حتی مع التساوی کما دل علی ذلک الأخبار و فتوی الأصحاب و إن کان أحدهما من النقد و الآخر من العوض جاز التفاضل فیهما نقداً.

و فی جوازه نسیئة قولان.
أحدهما: الجواز مع الکراهة

کما هو المشهور نقلًا و تحصیلًا و المجمع علیه نقلًا و المروی عموماً کقوله (علیه السلام) إذا اختلف الجنسان فبیعوا کیف شئتم و قوله (علیه السلام) عن الطعام و التمر و الزبیب لا یصلح شی ء منها اثنان بواحدة إلا أن تصرفه إلی نوع أخر فإذا صرفته فلا بأس به و قوله (علیه السلام) کل شی ء یکال و یوزن فلا یصلح مثلین بمثل إذا کان من جنس واحد و خصوصاً کقوله (علیه السلام) صاع من حنطة بصاعین من تمر و صاع من تمر بصاعین من زبیب و إطلاق الجمیع شامل للنقد و النسیئة و لم یقم دلیل صالح لتقییده سوی ما جاء إنما الربا فی النسیئة و الصحیح فی الطعام المختلف و المتاع أو شی ء من الأشیاء لا بأس ببیعه مثلین بمثل یداً بید فإما نظرة فإنه لا یصلح و مثله خبران و الجمیع لا یصلح للتقیید لعدم المقاومة فلا بد إما من حملها علی التقیة أو علی الکراهة و الثانی أقرب لفتوی المشهور بذلک و لظهور لا یصلح فیها إلا أن الظاهر أن الکراهة بالزیادة العینیة دون الحکمیة.

و ثانیها: المنع

استناداً لما ذکرناه من الأخبار المانعة و هو ضعیف لضعف المستند سنداً فی الأکثر و دلالة لموافقته لمذهب العامة و لمخالفته المشهور بین الأصحاب.

ثانی عشرها: إذا انتفی التقدیر بالکیل و الوزن

جاز التفاضل فی متحد الجنس نقداً و نسیئة سواء کان معدود أو لا للأصل و عموم الأدلة و خصوصها الوارد فی نفی الربا عما لا یکال و یوزن و لخصوص الخبر المنجبر بفتوی المشهور نقلًا و تحصیلًا بل کاد أن یکون مجمعا علیه بین المتأخرین قال و ما عد عداً و لم یکل و لا یوزن فلا بأس به

ص: 193

اثنان بواحد یداً بید و للإجماع المنقول علی لسان الفحول و خالف جمع من أصحابنا فمنع الربا فی المعدود مطلقاً و کأنه استناداً لعموم النهی عن الربا هی الزیادة مطلقاً خرج ما خرج و بقی الباقی و لبعض الأخبار المانعة عن بیع الثوب بالثوبین و العبد بالعبدین و لکون العد نوع تقدیر فیحرم التفاضل فیه و هو ضعیف لمنع بقاء الربا علی المعنی اللغوی فهو إما مجمل فیؤخذ بالمتیقن من مصادیقه فی تعلق التحریم به و نفی المشکوک فیه بالأصل و أما مبین فلا بیان أعظم مما دل علی ثبوته فی المقدر بالکیل و الوزن دون غیره و ما یعارضه فهو ضعیف لا یلتفت إلیه و لمنع کون أخبار الثوب و العبد من المعدود و التمسک بتسریتها إلیه بالأولویة مردود بمنع الأولویة أو لا و بمنع الأصل ثانیاً لأنهم لا یقولون به و متی أمتنع الأصل بطل القیاس و لمنع کون العد نوع تقدیر فی هذا الباب و لو سلمناه فلا نسلم ثبوت الحکم لکل تقدیر إلا علی وجه القیاس و لا نقول به و خالف جمع آخر أیضاً فمنعوا التفاضل فیما لم یکن مقدراً نسیئة لا نقداً إذا کان متحد الجنس و کأنه استناداً لعموم النهی عن الربا و قد تقدم جوابه و لبعض منها مما هو دال علی نفی البأس عن البعیر بالبعیرین و الدابة بالدابتین و عن الحیوان کله یداً بید فیدل بمفهومه علی ثبوت البأس مع النسیئة و منها ما هو دال علی کراهة الثوب بالثوبین و البعیر بالبعیرین و الدابة بالدابتین علی وجه الإطلاق و هو مردود بضعف دلالة الأخبار و لاشتمالها علی المفهوم الضعیف الشامل للحرمة و الکراهة بالمعنی الأخص و علی لفظ الکراهة الشاملة لهما و الظاهر بالمعنی الأخص و ثانیاً بعدم مقاومتها الأخبار المتکثرة المستفیضة الخاصة المجوزة لذلک بإطلاقها المعتضدة بالأصول و العمومات و الشهرة المحصلة و الإجماع المنقول و فتوی الفحول و مخالفة العامة و أدلة نفی العسر و الحرج فلا بد من طرحها أو الأخذ بها و حملها علی الکراهة کما أفتی به جملة من الأصحاب و لا بأس بالقول بها بعد فتوی الأصحاب و ظاهر بعض أخبار الباب.

ثالث عشرها: یجوز بیع الیابس بمثله کالحنطة بالحنطة و کالتمر بالتمر و العنب بالعنب متساویاً

و لو صاحب أحدهما أوکل منهما خلیط آخر من زوان أو تراب مما

ص: 194

یتمول أو لا بحیث لم یعلم زیادة الخالص أو نقصه و لکنها علی حساب العادة فیصح البیع أیضاً للسیرة و نفی العسر و الحرج و لحصول المماثلة عرفا و لو علم نقص المغشوش و کان الغش بما لا یتمول و کان أیضاً من المعتاد ففی الجواز لصدق المماثلة عرفاً و لاتحاد الاسم و عدمه لمنع إرادة صدق المماثلة فی الجملة بل المماثلة فی کل شی ء إلا ما أخرجه الدلیل و هنا لم یتماثل فی الخالص وجهان و الأخیر هو الأحوط و یجوز بیع الرطب بالرطب کالخبز بالخبز و الخل بالخل و إن تفاوتا بالأجزاء المائیة للسیرة و دفع العسر و الحرج و لصدق المماثلة عرفاً و کل ماله حالتان من رطوبة و جفاف فلا یجوز بیع رطبه بیابسه لا متفاضلًا لمکان الربا المحقق و لا متساویاً لمکان الربا المقدر و لمکان الدلیل الخاص الدال علی منع بیع التمر بالرطب المعلل بنقصانه إذا جف المزید بالشهرة نقلًا و تحصیلًا و بالإجماع المنقول فینجبر بهما ضعف السند و الدلالة و یسری بموجب التعلیل إلی کل رطب و یابس أصلیین أو عارضیین و فی سریان الحکم لغیر بیع من أنواع العقود و لغیر الجاف و الرطب من الرطبین اللذین أحدهما أجف من الآخر و الیابسین الذین ینقص أحدهما عن الآخر لطول المکث أو للعوضین اللذین یزید أحدهما علی الآخر فیما بعد ذلک إشکال ینشأ من النهی لمکان الربا المقدر و هو عام و الاحتیاط فیه مطلوب و من منع کونه للربا و منع کون الربا المقدر مما نهی عنه أو یطلب فیه الاحتیاط فلا یکون حکم التحریم فیه شاملًا فیقتصر فیه علی المورد الیقینی من التعلیل و من موارد العلة فلا یشمل ما ذکرناه سیما الجافین أو الذی یزید أحدها علی الآخر فإنهما لیسا من موارد العلة کما أن الظاهر من الأخبار و فتوی الأصحاب أن الحکم مخصوص بالمقدر بالکیل و الوزن دون ما لم یقدر کالثمر علی النخل و الشجر و ان المنع للدلیل لا کونه من الربا فلا یصححه الضمیمة و حکم جمع من الأصحاب بکراهة بیعه التمر بالرطب و ما یشبهه استناداً للأصل و العموم و الموثق عن العنب بالزبیب لا یصلح إلا مثلًا بمثل قلت و الرطب بالتمر قال مثلًا بمثل و الآخر التمر و البسر الأحمر مثلًا بمثل قال لا بأس به و استضعافاً للروایة النبویة لاشتمالها علی الاستفهام المنزه عنه قدر رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) العلام و فیه ضعف لانقطاع الأصل و العموم بما ذکرنا و لضعف مقاومة

ص: 195

الموثق و ما بعده لما ذکرناه مع إمکان حملها علی المماثلة حتی بالجفاف فیکون المعنی لا یباع العنب بالزبیب حتی یجف و لمنع ضعف النبوی بالاستفهام و لوقوعه کثیراً فی الکلام مراداً به البیان و الإعلام لوجه الحلال و الحرام نعم قد یقال بالفرق بین التمر و الرطب فیحرم بیع بعضه ببعض لما ذکرناه و بین غیره مما یشارکه فی العلة استضعافاً للعلة کما اختاره جمع إلا أن ما ذکرناه أقوی.

رابع عشرها: لا یباع اللحم مجردا أو مع عظم لعدم انفکاکهما غالباً بالحیوان المذبوح المماثل له

للفتوی و الروایة و لشبهة الربا و لا بالحی المماثل له أیضاً علی الأظهر لإطلاق الإجماع المؤید بفتوی الفحول و للموثق المعتبر أن أمیر المؤمنین (علیه السلام) کره اللحم بالحیوان و ضعف سنده مجبور بالشهرة نقلًا و تحصیلًا و کذا ضعف دلالة الکراهة علی التحریم مجبورا بما ذکرنا و بما ورد أن الأمیر (علیه السلام) کان لا یکره الحلال و لا یکره إلا الحرام و الأحوط سریان الحکم لغیر البیع أخذاً بإطلاق الموثق و تحرزاً عن شبهة الخلاف و احتیاطاً عن شبهة الربا هذا أن قلنا أن المذبوح مما لا یقدر فیه کالحج و لو قلنا بتقدیره فسریان المنع فیه لکل معاوضة ظاهر کذلک الأحوط سریان المنع للحیوان المماثل و غیره أخذاً بالإطلاق و إن کان الأقوی انصرافه للماثل فقط و کذا الأحوط إلحاق ما کان کاللحم من مصران و کلیة و کرشة دون العظم المجرد و لعدم صدق اللحم علیه قطعاً:

خامس عشرها: یجوز الاحتیاط فی التخلص من الربا

للأصل و الأخبار و فتوی الأصحاب و قد ورد فیمن اشتری ألف درهم و دینار بألفی درهم أنه لا بأس به و أنه نعم الشی ء الفرار من الحلال إلی الحرام و فی آخر لا بأس بألف درهم و درهم بألف درهم و دینار و إذا أدخل فیهما دیناران أو أقل أو أکثر فلا بأس به و فی ثالث عن الدراهم و عن فضل ما بینهما فقال إذا کان بینهما نحاس أو ذهب فلا بأس و فی رابع فی أخذ الربا علی القرض قال أبیعه لؤلؤة تسوی مائة درهم بألف درهم فأقول له أبیعک هذه اللؤلؤة بألف درهم علی أن أؤخر بثمنها أو بما لی علیک کذا و کذا شهراً قال لا بأس و فی خامس لی علی الرجل دراهم فیقول أخرنی بها و أنا أربحک فأبیعه جبة تقوم

ص: 196

علیّ بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو قال بعشرین ألف و اؤخره بالمال قال لا بأس به و بعد ورود هذه الأخبار الخاصة و شمول إطلاقات أدلة العقود لما کانت غایته الحیلة و غیرها لم یبق شک فی جوائز استعمال الحیل فی التخلص عن الربا و لا یصغی لشبهة بطلان هذه العقود من جهة عدم القصد و العقود تابعة للمقصود و ذلک لتحقق القصد للنقل و الانتقال و هو الذی یراد تحققه فی العقود فلا یضر اختلاف القصد فی الغایات المترتبة علی النقل و الانتقال من کون المطلوب نفس القنیة أو نفس التجارة لطلب الربح أو نفس الحیلة لیترتب أمر آخر مع تحقق القصد إلی النقل و الانتقال و طرق التخلص کثیرة یعرفها صاحب البصیرة فقد تکون بعقد معاوضة و قد تکون بعقد مجانی و علی کل حال فقد یتعلق بأصل العوضین و قد یتعلق بنفس الزیادة فقد تکون بضمیمة ما یتمول إلی الناقص من غیر جنسه فتقابل الضمیمة فی أحدهما الزائد فی الجانب الآخر و قد تکون بضمیمة ما یتمول إلی کل من الجانبین مع العلم منهما أو مع الجهل فینصرف کل منهما إلی مخالفة تصحیحاً للعقد مهما أمکن لیجریان الأحکام علیه من صرف و شبهه لمخالفته للقواعد القاضیة بتوزیع الثمن علی المثمن فیجوز حینئذ بیع درهم و مد من تمر بعشرة دراهم و عشرة أمداد و ینصرف کل منهما إلی مخالفه انصرافاً قهریاً و لو نوی الناقل الانصراف إلی الموافق قام احتمال الصحة لأنه قهری جاء بحکم الشرع و احتمل البطلان لتبعیة العقود للمقصود و لو کان الدراهم لواحد و المد لآخر احتمل أخذ کل واحد منهما ما انصرف إلیه ماله و أحتمل البطلان للشک فی الانصراف القهری فی هذه الصورة و احتمل الصحة و التوزیع بالنسبة أما الصحة فظاهره إطلاق الفتوی و بعض الأخبار و أما التوزیع فلقاعدة توزیع کل من العوضین علی الآخر فی جمیع عقود المعاوضات و لو باع مدا و درهماً بمدین و درهمین فتلف المد و الدراهم قبل القبض أو استحق الغیر و لم یجز المالک احتمل البطلان فی الجمیع لمکان التوزیع لأن الباقی منهما یقابل مد درهم من المدین و الدرهمین و هو الربا و احتمل الصحة مطلقاً لصحة العقد أو لا لمکان الانصراف إلی المخالف و لزوم الربا بعد التقسیط غیر مضر لأن المنهی عنه هو الربا فی الابتداء عند صدور العقد و احتمل الصحة و التوزیع علی

ص: 197

وجه لا یلزم منه الربا بناءً علی أن إجزاء المبیع لما قوبلت بأجزاء الثمن علی طریق الشرع لم یجب أن یقع التقسیط علی وجه یلزم منه الربا صیانة للعقد عن الفساد مهما أمکن و احتمل الفساد أن تبین أن أحدهما مال الغیر لعدم حصول الصحة فی المجموع عند ابتداء العقد لعدم رضا المالک فیه و شرط النقل رضا المالک به فی الابتداء و فی الأثناء و الصحة أن تلف قبل القبض لأن التلف قبله فاسخ من حینه لا من أصله و احتمل البطلان فی المخالف لانصرافه إلیه و المفروض أنه قد تلف قبل قبضه أو تبین أنه للغیر فینفسخ العقد بنسبته إلی مخالف الباقی لو باع درهماً و مد بعشرة دراهم فإن انکشف أن المد للغیر و لم یجز فالقول البطلان و احتمال الصحة و التوزیع ضعیف و أن تلف المد قبل قبضه فاحتمال الصحة و التوزیع و احتمال البطلان کفرسی رهان.

القول فی الصرف:

اشارة

و هو لغة الصوت و ورد لمعان کثیر غیر ذلک قد استعمل فیها فی الکتاب و السنة و شرعاً حقیقة شرعیة علی الظاهر بیع الأثمان بالأثمان متجانسة أو مختلفة مسکوکة أولا و هو مختص بالبیع فلا یسری إلی غیره حکماً و لا اسماً اقتصاراً علی الیقین من الفتوی و الروایة و استنادا للظاهر مما علق علی نقل الأعیان کالأثمان أنَّ المراد به البیع دون غیره من العقود و مع اختصاصه بالبیع فالظاهر أن اختصاصه لیس کاختصاص السلم فلا یجوز النقل بما اشتق کصارفتک و نحوها کما یجوز البیع فی مقام السلم بلفظ أسلمتک و المراد بالأثمان هاهنا سیما بذلک لوقوعهما ثمناً غالیاً و الثمن فی الأصل ما استحق به الشی ء أو قیمة الشی ء و فی لسان الفقهاء ما کان مدخولًا للباء أو ما بذله القابل للموجب أو ما قصد بالإبدال بالأصالة أو ما لم یناد علیه أو ما کان فی المرتبة الثالثة بحسب العقد الأول و بحسب إیجاب العقد الثالث و الثانیة بالنسبة إلی البیع و جمیع هذه الحدود صادقة غالباً علیهما بل نقل عن العلامة أنها ثمن و إن اقترنت الباء بغیرها حتی لو باعه دینار بحیوان ثبت للبائع الخیار و ادعی علی ذلک الإجماع و فیه نظر لدوران الخیار مدار المشتری لا مدار الثمن و المشتری قد اشتری دیناراً فلا خیار و قد یشکل علی جمیع الحدود المتقدمة ما لو تعاطیا حیوانا من دون صیغة و من دون

ص: 198

ظهور قصد الاصالة و لا بدار من أحدهما دون الآخر من أن ینادی أحدهما علیه دون الآخر فلعله یسقط اسم الثمن هنا و یکون کل منهما ثمناً و مثمناً بالاعتبار

و الکلام فی الصرف یقع فی أمور.

أحدها: یشترط فی الصحة الصرف زیادة علی ما یشترط فی أصل البیع

و یشترط فی الربا التقابض قبل التفرق من المتعاقدین بأبدانهما تفرقاً عرفیاً لا حکمیا و یکفی فی التفرق العرفی الخطوة بینهما و فی الأقل منها إشکال نشأ من الشک فی صدق التفرق عرفاً و استصحاب عدمه و ظهور تحدید الفقهاء له بالخطوة فما فوق و من منع حصول الشک فی الصدق و معارضة استصحاب عدمه باستصحاب عدم حصول الشرط و هو التقابض قبل التفرق الواقعی و منع تحدید الفقهاء بذلک و فی قوله و إذا نزا حائطاً فانزوا معه دون أن یقول بعده إشارة إلی ذلک فلو فارقا المجلس مصطحبین فلا بأس غالباً فکأنه صار حقیقة عرفیة فی التعبیر عنه و یراد بالتقابض القبض علی النحو المتقدم فی باب القبض من التخلیة أن قلنا بها مطلقاً أو النقل فی المنقول أن قلنا به مطلقاً و الوزن فی الموزون کالنقدین أن شرطناه و اکتفینا به مطلقاً أو الإمساک بالید ان اشترطناه فیما یمسک به و یشترط فیه الإذن من کل من المتعاقدین إلا إذا قضت به الإذن الفحوائیة و لو کان مقبوضاً للمتعاقدین قبل العقد فإن کان بنحو الغصب افتقر إلی الإذن فی الاستدامة و لو فحوی و فی احتیاجه لتجدید نیة القبض وجه یوافقه الاحتیاط و إن کان بنحو الأمانة ففی احتیاجه للأذن فی قبضه استدامة بعد وقوع الصیغة وجه قوی سیما م الجهل بکونه بید صاحبه أمانة و فی احتیاجه لتجدید القبض وجه یوافقه الاحتیاط أیضاً و هل یقوم مقام القبض التصرف المجرد عنه أو إتلافه الظاهر العدم و یشترط فی تقبیض المال المشترک إذن الشریک وجهان أقواهما العدم لعدم استلزام الحرمة للبطلان کالإقباض بمکان أو کف مغصوبین و أحوطهما نعم و الدین علی الغریم بمنزلة المقبوض له لمساواته له أو قوته علیه و یشترط فی القبض ما یشترط فی العقد من الکمال و الاختیار و الرشد فلا بد من حصولها علی تمام القبض من الطرفین لأن الملک

ص: 199

هو التقبیض من الجانبین للجانبین إلا أن کل قبض مملک لصاحبه و تجری فیه الفضولیة کما یجری فی العقد.

ثانیها: نرید باشتراط التقابض قبل التفریق کون القبض أحد أجزاء سبب الملک

فلا یتحقق الملک إلا به فحصوله له مثبت للملک من حینه لا کاشف عنه من أصله و احتمال أنه کذلک أو احتمال أنه شرط فی اللزوم علی وجه الإثبات أو علی وجه الکشف احتمالات لا وجه لها و لا نرید أیضاً باشتراط التقابض بیان کون التفرق مبطلًا من حینه بعد الحکم بصحة العقد أو کاشفاً عن البطلان من أصله بعد الحکم بصحة ظاهر المخالفة القول بذلک أیضاً لظاهر الأصحاب إذ الظاهر منهم کون التقابض نفسه شرطاً للملک لا أن التفرق نفسه مبطل له نعم یلزم القول بالتقابض قبل التفرق القول بالبطلان بالتفرق قبله فمن عبر البطلان بالتفرق قبل القبض و نسب القول به للمشهور و نقل علیه الإجماع إنما أراد بیان الشرطیة المذکورة تعبیراً بالملزوم عن لازمه و یدل علی ما ذکرناه من الشرطیة الإجماعات المنقولة علی البطلان بالتفرق قبل القبض و الشهرة المحکیة و المحصلة علی ذلک بضمیمة أن الظاهر من عباراتهم و فتواهم أن ذلک لمکان التقابض تصریحاً فی مقام و تلویحاً فی آخر و یدل علی ذلک أیضاً الصحیح الناهی عن المفارقة و انه إذا نزا حائطاً فانزوا معه فإن الظاهر من سیاق النهی فی هذا المقام أنه إرشاد لبیان بطلان البیع بالتفرق بضمیمة فهم الفقهاء و فتواهم من أن البطلان لمکان فوات الشرط یکون دلیلًا علی ثبوت الشرطیة و یدل علیه الأخبار الآمرة ببیع النقدین یداً بید الظاهرة بمعونة سیاقها و فتوی الأصحاب أن ذلک إرشاً للشرطیة لا أنه حکم شرعی و ذهب جمع من أصحابنا إلی وجوب التقابض شرعاً أخذا بظاهر الأوامر بذلک و فیه أن الوجوب الشرعی فی أمثال هذه المقامات مصروف للإرشاد بقرینة الفتاوی و لو أرید به بیان الحکم الشرعی من الوجوب فقط لکان مخالفاً للإجماع المحصل علی ما قیل فضلًا عن المنقول و إن أرید بیان الحکم الشرعی و الوضعی معاً لکان مخالفاً لظاهر الاستعمال فی الأوامر و النواهی لأن استعمال الأمر فی الوجوب و الشرطیة و استعمال النهی فی التحریم و البطلان بالتفرق ممنوع منه لغة و معرض عنه

ص: 200

بین الأصحاب و ذهب الصدوق (رحمه الله) إلی عدم اشتراط التقابض فی الصرف للخبرین الدال أحدهما علی جواز الأسلاف فی النقدین و الآخر علی جواز النسیئة فیهما و هما ضعیفان سنداً و دلالة لأن موردهما جواز النسیئة و السلم فیهما و جوازهما لا یستلزم عدم اشتراط التقابض قبل التفرق لجواز القول بجواز الأولین و منع الثانی و القول بعدم الثانی و عدم جواز الأولین و القول بمنعهما معاً استضعافاً للخبرین کما هو الأقوی و یأتی محله إن شاء الله تعالی.

ثالثها: لو تقابضا فی البعض خاصة صح فیه دون ما لم یتقابضا فیه

و تخیرا فیما یصح فیه بین الفسخ لتبعیض الصفقة و بین الإمساک ما لم یکن تأخیر الإقباض عن التفرق بتفریط منهما أو من أحدهما فیسقط خیارهما فی الأول و خیار المفرط منهما فی الثانی کل ذلک لوجود الشرط المصحح للبیع فی الأول فیدخل فی العمومات و لفقده یبطل فی الثانی و لتبعیض الصفقة الموجب للخیار فی الثالث و لإدخال الضرر علی نفسه بتفریطه فی التأخیر فیسقط خیاره و فی الرابع و ما ورد مما ظاهره البطلان رأساً مثل ما ذکرناه کالصحیح عن رجل یبتاع من رجل بدینار هل یصلح له أن یأخذ بنصفه ورقاً أو ذهباً و یترک نصفه حتی یأتی بعد فیأخذه منه ورقاً أو ذهباً قال ما أحب أن أترک شیئاً حتی أخذه جمیعاً فلا تفعله ضعیف الدلالة أولًا و محتمل لانصرافه إلی المنع من صحة المجموع من حیث المجموع ثانیاً.

رابعها: المدار فی التفرق المبطل للصرف هو تفرق المتعاقدین المباشرین للصیغة

أصلیین أو ولیین أو وکیلین أو فضولیین أو ملفقین فلا عبرة ببقاء غیرهما مجتمعین و لو کانا هما المالکین نعم لا یشترط وقوع التقبیض من المتعاقدین بل لو تقابضا الأصیلان مع عدم افتراق الوکیلین صح القبض کذا لو تقابضا الفضولیان بعد صدور العقد عنهما فضولا صح الصرف مع الإجازة و عدم افتراق فضولی العقد إلی صدور فضولی القبض و الوکیل عن اثنین و الولی عنهما و الاثنان علی واحد لا یتحقق بینهما افتراق فیصح لهما الصرف متی تقابضا مع احتمال أن القیام من مجلس العقد بحکم التفرق.

ص: 201

خامسها: لو اشتری دراهم بدنانیر أو بالعکس کلیة أو معینة ثمّ اشتری بها جنساً آخر قبل القبض فی الشراء الأول

بطل الشراء الثانی مطلقاً لوقوعه فی غیر الملک لتوقف صحة البیع الثانی علی صحة الأول الموقوف علی صحة التقابض قبل التفرق هو غیر حاصل فی البیع الثانی و ربما علل المنع بکونه من بیع ما یوزن قبل قبضه و فی منعه و فی کونه منه نظر قیل روی العلامة (رحمه الله) فی المختلف روایة تشعر بالمنع و صح الأول أن حصل منهما التقابض و بطل الشراء ان تفرقا مثل التقابض بعد وقوع العقدین لانتفاء شرط صحة الصرف فیهما معاً و صحح الأول من أصحابنا مع حصول التقابض قبل التفرق لحصول الشرط فی الأوّل و تنزیل الثانی منزلة من باع شیئاً ثمّ ملکه فهو إما کالفضولی یفتقر للإجازة أو یصح بدونها و هو حسن فی النقد المعین قبل قبضه و یشکل فی الکلی إلا احتمال تشخص الکلی فی فرده و انصبابه علیه و فرق الحلی بین ما إذا وقع علی معین و حصل فیه التقابض فی المجلس فصححه و بین ما إذا وقع علی کلی فأفسده لأنه من بیع الدین بالدین و فیه أنه لیس منه إذا الکلی الحال لیس من أقسام الدین نعم یمکن له الاستناد للشبهة المتقدمة و قد تقدم تحجیجها و لو أجاز البائع الأول شراء المشتری الثانی و قبضه المبیع صح الصرف بینهما لعدم الفرق فی الفضولی بین الشراء لنفسه أو للمجیز و عدم الفرق فی الإجازة بین کونها لنفسه أو للفضولی إلا أن بعض هذه الصور الأربع لا یخلو من إشکال هذا إن لم یفترق المتعاقدان بالعقد الثانی و مع افتراقهما یبطل الصرف و لا تصححه الإجازة.

سادسها: لو کان لشخص علی شخص آخر أحد النقدین و أراد تحویله إلی نقد آخر

جاز أن یأمر الشخص بتحویل ما فی ذمته من النقد إلی نقد آخر بزیادة أم لا إذا کان مختلف الجنس أو بغیر زیادة مطلقاً لو ساعده علی ذلک و عرف کل منهما قدر العوضین و الآمر بالتحویل قد یکون مصرحاً بطریقة کان یقول حوله بصیغة الصلح فیتولی الإیجاب و القبول بنفسه أن جاز أو بنفسه و غیره أن لم یجز أو یقول حوله بصیغة البیع و افرز ما أنت مشغول به و افرز عوضه و اقبضهما فیتولی الجمیع من الإیجاب و القبول و القبض و الإقباض بنفسه أو بنفس و بغیره علی ما تقدم و قد یکون مطلقاً و مع

ص: 202

الإطلاق فإما أن یأمره بالتحویل فقط و الظاهر انصرافه للبیع لظهور الأمر بالمعاوضة فیه و الظاهر إرادة البیع الصحیح منه و حینئذٍ فیلزم منه لزوماً بیناً توکیله فی عقد البیع بنفسه أن قلنا بجواز تولی طرفی العقد لواحد أو بنفسه و غیره أن لمن تقل و توکیله أیضاً لزوماً بیناً فی القبض لتوقف صحة البیع علیه أما بأن یفرز ما فی ذمته و یقبضه بوکالة عن صاحبه و یفرز عرضه فیقبضه لنفسه بوکالة أیضاً عنه و أما بأن یحدد بنیة القبض فقط بناء علی أن ما للغیر الذی فی ذمته بمنزلة المقبوض له و کذا ینوی قبض عوضه لأنه بحکم ما فی ذمته أو لأن النقدین من واحد کما أشارت إلیه الروایة حیث قال فیها الدراهم من عندک و الدنانیر عندک فقلت نعم فقال لا بأس فیکون ذلک مستثنی من اشتراط التقابض فی الصرف و أما بأن یأمر بالتمویل علی جهة البیع فیلزم منه لزوماً بیناً إرادة البیع الصحیح المشتمل علی القبض و الإقباض الصحیحین علی نحو م ذکرناه فیدل علی إرادة تولی العقد بنفسه أو بنفسه و غیره و علی تولی طرفی القبض علی جهة الإفراز و علی جهة تجدید نیته أن قلنا ما فی الذمة بمنزلة المقبوض و إن عرضه بمنزلته لأن النقدین من واحد و علی جمیع ما ذکرناه فلا منافاة بین ما ذکرناه و بین القواعد إلا فی کون ما فی الذمة بمنزلته المقبوض و کون عوضه بمنزلة فإنهما و إن خالفا القواعد معاً سیما الأخیر منهما لکن ظاهر الروایتین المعتبرتین المشهورتین فتوی و روایة بذل علیه ففی أحدهما عن الرجل تکون عنده دراهم فآتیة فأقول حولها دنانیر من غیر أن أقبض شیئاً قال لا بأس قلت فیکون لی عنده دنانیر فآتیة فأقول حولها دراهم و اثبتها لی عندک و لم أقبض منه شیئاً قال لا بأس و فی الآخر ما یدل علی ذلک و یظهر من بعض أصحابنا الأخذ بظاهر الروایة فقلت نعم لا باس بذلک و یظهر من بعض أصحابنا الأخذ بظاهر الروایة فالجمود علی مدلولها و إن خالفت القواعد بظاهرها من حصول النقل بلفظ التحویل و من انه من صیغ بیع الصرف أو عقد مستقل و من أنه یحصل النقل به بلا قبول من أن التفرق قبل القبض غیر مانع و من أنه یصح وقوع الإیجاب بلفظ الأمر و من أن ما فی الذمة بمنزلة المقبوض و من انه عوضه بمنزلته و خالفت الاحتیاط من جواز بیع الدین بما یکون دینا و من جواز بیع ما لم یقبض علی من هو

ص: 203

علیه و هما لا یخلوان من إشکال و علی ذلک ینبغی الاقتصار علی الدراهم و الدنانیر دون غیرهما و مع ذلک فهو بعید کما أن طرحها أو حملها علی بیع ذمة بذمة علی أن کلا منهما غریم للآخر أو حملها علی الغرم علی الوفاء بوقته من دون إجراء عقد معاوضة أو حملها علی أن النقد کان أمانة عند البائع کله بعید أیضاً فإرجاعها للقواعد و تطبیقها علیها إلا فیما لا یمکن فیها أولی و أحری.

سابعها: إذا کان فی أحد النقدین غش متمول غیر مستهلک

بحیث لا یصدق علیه اسم المغشوش جاز بیعه بالمخالف مطلقاً للأصل و عدم المانع و للصحیح عن شراء الفضة فیها الرصاص بالورق و ذا خلصت نقصت من کل عشرة درهمان أو ثلاثة قال لا یصلح إلا بالذهب و عن شراء الذهب فیه الفضة و الزئبق و التراب بالدنانیر و الورق فقال لا تصارفه إلا بالورق و ما فیه من حصر بیع المغشوش بالمخالف مبنی علی الغالب من نقص الخالص عن المغشوش بحسب المقدار فإن بناء البیع علی المماکسة و المغابنة فالمشتری لا یبذل فضة أو ذهباً خالصین فی مقابلة الغش و تعسر معرفة المغشوش و إلا فلو تحقق خلاف الغالب من زیادة الخالص علی الغش أو حصول معرفة المقدار لجاز کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و جاز بیعه بجنسه مع مساواة المغشوش للصافی فی الوزن فیکون الزائد من الصافی فی مقابلة الغش إذا کان متمولًا و کذا یجوز مع العلم بزیادة الصافی المنفرد علی ما فی المغشوش فی الجملة و إن لم یعلم قدره و لم یکونا متساویین فتقابل زیادة الصافی فی زیادة الغش فی المغشوش و یجوز بیع المغشوش بالمغشوش علم قدر الصافی فیها أو لم یعلم بعد أن یعلم قدر المجموع إذا لعلم بقدر المجموع برفع الجهالة و کان الغش کالضمیمة إلی الطرفین یرفع شبهة الربا و لا یجوز بیع بالخالص من جنسه مع العلم بزیادة أحدهما أو مع الجهل بها لأن الجهل فی باب الربا کالعلم بالزیادة و لا یجوز بیع الخالص بالمغشوش أیضاً مع عدم العلم بقدرهما مخافة لزوم الربا کبیع الربیة الآن بالشام مع عدم العلم بوزنهما إلا إذا علم بزیادة الخالص علی خالص المغشوش فی مقابلة الغش إذا قلنا أن المسکوک قد خرج من الموزونیة بالسکة و أنها کما تقوم مقام الوزن بالنسبة إلی العلم بالتقدیر کذلک تخرج الموزون عن

ص: 204

حکمه اللازم له علی تقدیر بوزنه و لا عبرة بالغش المستهلک عرفاً فیباع جوهر الرصاص و النحاس بالفضة و الذهب و إن کان فیهما یسیر من ذلک و یدل علی ذلک ظواهر الخطاب المعلق علی نفس الاسم و اتفاق فتوی الأصحاب و ظاهر السیرة تشهد بذلک أیضاً و الأخبار المتکثرة کالصحیح فی الأسرب یشتری بالفضة فقال أن کان الغالب علیه الأسرب فلا بأس و نحوه غیره.

ثامنها: لا یجوز بیع تراب أحد النقدین بتراب آخر من جنسه

و لا بنقد آخر من جنسه مع الجهل بوزنهما أو بوزن أحدهما و یجوز مع العلم بتساوی النقدین و لا عبرة هاهنا بالتراب فلا یصلح کونه ضمیمة کی یصحح البیع کونه فی کل من الطرفین مطلقاً أو فی طرف مع زیادة النقد الآخر علی ما اشتمل علیه من النقد نعم یصح بیعه بغیر جنسه مطلقاً و یصح بیع التراب المجتمع من تراب النقدین بهما معاً و بأحدهما مع زیادته علی مقابلة من جنسه و فی الخبر عن الجواهر الذی یخرج من المعدن و فیه ذهب و فضة و صفر جمیعاً نشتریه فقال تشتریه بالذهب و الفضة ما یدل علی ما ذکرناه.

تاسعها: یحرم نقل المغشوش من النقدین و غیرهما من المسکوک و من غیره

للنص الدال علی حرمة الغش و الإجماع بقسمیه علی الظاهر و للخبر المنجبر سندا و بابن أبی عمیر فی الستوق قلت طبقین من الفضة و طبقة من نحاس و طبق من فضة فقال أکسر هذا فإنه لا یحل بیع هذا و لا إنفاع و فی الخبر دلالة علی وجوب کسر المغشوش و إتلافه لما فیه من الفساد و لا ضمان علیه کما لو کان للغیر و لو تلف مادة و هیئة علی الظاهر و یصح البیع به و بیعه و إن حرم لعدم منافاة التحریم للصحة نعم یتسلط الجاهل علی الخیار هذا کله فیما کان مغشوشاً أما ما کان زیوفا قلبا فإن البیع به فاسد و محرم و یجب إتلافه من غیر کلام علی الظاهر و لو ابتیع الکسر المغشوش مع إبانة حالة النقل إلیه جاز و کذا یجوز إنفاقه و صرفه لو کان معلوم الصرف بین عامة الناس أو بین أهل بلد الصرف سواء علموا أنه مغشوش أولا سواء علموا وزن ما فیه من الصافی أم لا و سواء علموا وزن المجموع أم لا علی الظاهر فی الجمیع للسیرة القاضیة بجواز جمیع ذلک و لعموم الأدلة و لنفی الحرج و العسر و لقیام السکة المعتادة مقام الوزن فی المقدار و مقام

ص: 205

البیان فی النوع کما یظهر من الطریقة المألوفة من قدیم الزمان إلی هذه الأوان من صرف المسکوک مع عدم معرفة قدره و نوعه المرکب منه علی التحقیق و المساهلة فی ذلک مع عدم السؤال و فی الأخبار ما یدل علی ذلک أیضاً کالصحیح فی الدراهم تحمل علی الدراهم دانقین فقال لا بأس إن کان یجوز بین الناس و فی آخر إذا أنفقت ما یجوز بین أهل المدینة و البلد فلا بأس و فی ثالث إذا أنفقت ما یجوز و فی رابع عن الدراهم المحمول علیها إذا جازت جاءت الفضة الثلاثین فلا بأس و فی خامس بجوازها إذا کانت الفضة الغالبة و هما محمولان علی إرادة المعتاد من الدراهم لأن الغالب فی المعتاد منها ذلک و فی قیام سکة السلطان فی بدوها بالمعتاد إشکال.

عاشرها: الأوانی المصوغة من النقدین و کل مجتمع منها یجوز بیعها مع معرفة قدر الجملة

و لا یحتاج إلی معرفة قدر کل واحد علی الأظهر و یجوز بیعها بالمصوغ منهما و بالمصوغ من أحدهما من زیادة فیه تقابل النقد الآخر و إن قلت بعد أن تکون متمولة و لا یتفاوت الحال بعد العلم بوزن المجموع بین علم مقدار ما فیهما من کل واحد من النقدین أم لا و بین إمکان تخلیصهما أم لا و بین کون الثمن من جنس النقد الأقل فی المصوغ أو من جنس الأکثر و هل یکفی الظن بالزیادة المقابلة للجنس الآخر لعسر العلم الیقینی بقدره غالباً و مشقة التخلص الموجب له و لان المرء متعبد بظنه أو یعتبر القطع لأنه الأصل و تعسره و لا یوجب جواز الانتقال إلی الظن إلا حیث التخلص من ضرر عدم العلم إلا به و هنا لیس کذلک لإمکان العدول إلی البیع بغیر الجنس و نحو مما یرفع شبهة الربا نعم لو اضطر إلی البیع و انحصر الطریق فی ذلک و تعسر العلم لکان الجواز قبیحاً متجها لنفی العسر و الحرج المعلوم ثبوته فی الشریعة و أما الظن الشرعی فلا إشکال فی قیامه مقام العلم و حکی عن جمع من أصحابنا أن المصوغ من النقدین أن کان کل واحد منهما معلوماً جاز بیعه بجنسه من غیر زیادة و بغیر جنسه و إن زاد و إن لم یعلم و أمکن تخلیصهما لم یبع بأحدهما و بیع بهما أو بغیرهما و إن تعذر التخلص و کان الأغلب أحدهما بیعت بالأقل منهما خاصة و إن تساویا مقداراً بیعت بهما و بغیرهما و فیه ضعف لعدم المانع من بیع المعلوم بجنسه مع زیادة تقابل الجنس الآخر

ص: 206

و بهما معاً و مع الزیادة و النقیصة و من بیع ما لم یعلم إذا أمکن تخلیصه بأحدهما مع العلم بزیادته علی جنسه زیادة تقابل الجنس الآخر و من بیع ما لم یعلم إذا تعذر التخلص و کان الأغلب أحدهما بالأکثر منهما لعدم الفرق بین الأکثر و الأقل بعد فرض الزیادة فی ذلک الجنس فی مقابلة الآخر و من بیعه عند التساوی مقداراً بأحدهما مع زیادته لمقابلة الجنس الآخر و ربما کان مستندهم فی المنع من بیعه بأحدهما مع إمکان التخلص بعض النصوص فی جام فیه ذهب و فضة اشتراه بذهب أو فضة فقال أن کان تقدر علی تخلیصه فلا بأس و فیه قصور سنداً بجهالة جمع من رواته و منافاة إطلاقه الجواز أخیراً و منعاً أو لا بإمکان التخلیص و عدمه لما فصلوه و یمکن حمل کلامهم و النص علی إرادة الإرشاد للطریق الأسهل و الندب إلیه:

حادی عشرها: المحلی بأحد النقدین من سیوف و ظروف و بیوت تباع الحلیة تبعاً للمحلی

من غیر احتیاج إلی الوزن علی الظاهر لمکان الضرورة و التبعیة و عدم إمکان التخلص و لا یغتفر فیها الربا لعدم خروجها من الوزن أصالة و یجوز بیعها بمجموع النقدین و بالنقد المخالف و بالمماثل مع زیادة تصلح لمقابلة الحلی کما یدل علی ذلک القواعد و الفتاوی و الإجماع المنقول و الأخبار الخاصة المنجبرة بفتوی الأصحاب و قواعد الباب کروایة صفوان عن السیف المفضض یباع بالدراهم قال إذا کانت الفضة أقل من النقد فلا بأس و إن کان أکثر فلا یصلح و الآخر إن السیف المحلی الحدید المموهة بالفضة أن کان أقل من النقد فلا بأس و إن کان أکثر فلا یصلح و الآخر عن السیف المحلی و السیف الحدید المموه بالفضة نبیعه بالدراهم فقال نعم کما فی الکافی أو بیع بالذهب کما فی التهذیب قال یکره أن یبیعه نسیئة و قال إذا کان الثمن أکثر من الفضة فلا بأس و ما ورد فی الروایة الصحیحة من نفی البأس (علیه السلام) بیع السیف المحلی بالنقد علی وجه الإطلاق مقید بما ذکرناه من اشتراط الزیادة کما أن ما ورد فی الصحیح عن السیف المحلی بالفضة یباع بالذهب إلی أجل مسمی فقال أن الناس لم یختلفوا فی النسیئة أنه الربا إنما اختلفوا فی الید بالید فقلت نبیعه بالدرهم بنقد فقال کان أبی یقول معه عرض أحب إلی فقلت أن کان یعرفون ذلک فلا بأس و إلا فإنهم

ص: 207

یجعلون معه العرض أحب إلیّ یستفاد منه اشتراط المعرفة فی بیع المحلی بجنس الحلیة و عدم الاکتفاء فیه بالمظنّة و کفایة الزیادة الحکمیة فی حرمة الربا و لا یتوقف علی الزیادة العینیة و جواز المحل بجنس الحلیة مع انضمام عرض إلیه تساویا قدراً أو اختلفا علم قدرهما أو جهل ذلک لرجوع ضمیر معه عرض فی الروایة إلی الثمن المفهوم منها أو إلی النقد لا إلی السیوف کما قد یتوهم من بعض عبارات الأصحاب لمنافاته القواعد اللفظیة و الشرعیة و لو بیع المحلی نسیئة نقدا ما قابل الحلیة و لزم فیه التقابض و إن وقعت نسیئة الثمن صورة فی مقابلة المجموع و ذلک لعدم جواز النسیئة فی الصرف کما فی الأخبار و فتاوی الأصحاب و فی الصحیحین لا بأس بیع السیف المحلی بالفضة بنسإ إذا نقد ثمن الفضة و إلا جعل ثمنه طعاماً و نحوه الثانی و قریب إلیهما الموثق المتقدم بحمل الکراهة فیه علی الحرمة کما یؤذن به المقام و کما ورد من جواز بیع السیف المحلی بالفضة نسیئة لأن فیه الحدید و السیر قاصر عن معارضته ما قدمناه سنداً و صالح للتقیید بما ذکرناه و لا یبعد لزوم استثناء ما قابل الحلیة من النقدین من إطلاق النسیئة لإطلاق المنع من النسیئة فی بیع الصرف کإطلاق المنع من التفرق قبل القبض و لا یجدی القبض قبل التفرق مع اشترط الأجل فی الصرف لبطلانه بنفس اشتراط الأجل و یتشخص النقد المقابل للحلیة بنیة من الدافع له و هل یتشخص بنفسه عند وقوع الدفع بقدر المقابل تصحیحاً للعقد مهما أمکن و لو قهراً و لإطلاق الروایة أو لا یتشخص لاستبعاد تشخیص العمل من دون نیة و لظهور الروایة فی ذلک و لا یبعد الأخیر.

ثانی عشرها: لا یجوز إبدال نقد علی جهة المعاوضة مطلقاً

بیعاً أو غیره بنقد آخر مع تساوی الجنس و اشتراط شی ء مع أحدهما دون الأخر صالح لمقابلته بعوض إلا أن یکون الشرط مما لا یتمول و لا یعتد به أو یقابله شرط آخر فی العوض المقابل أو زیادة فیه تصلح للمقابلة کل ذلک لما قدمناه من حصول الربا لزیادة عینیة کانت أو حکمیة شطریة کانت أو شرطیة خلافاً لمن خصها بالعینیة و ترده الأخبار و فتاوی الأصحاب و یجوز انضمام الشرط بالخالص إذا بیع بمغشوش لیقابل الغش إذا ساوی الخالص خالص المغشوش أو نقص کما یجوز جعل إبدال نقد بنقد آخر مع التساوی

ص: 208

شرطاً فی عقد آخر من بیع أو إجارة و لا یلزم منه الربا لأن اشتراط شی ء فی عقد الربوی غیر اشتراط عقد ربوی فی غیره م مساواتهما للزوم الربا فی الأول دون الأخیر و کذا یجوز جعل الإبدال جزء معاوضة من ثمن إجارة أو من مال جعالة کما یقول صغ لی الخاتم علی أن أبدل لک درهما بدرهمین متساویین فیقول قبلت علی وجه الإجارة أو الجعالة أو علی أن الإجارة و مال الجعالة مطوی متکل علی العرف و الإبدال شرط فی أحد العقدین و هذا کله جار علی نهج القواعد و الضوابط إلّا أنه قد ورد عن أبی الصباح الکنانی عن أبی عبد الله علیه السلام عمن یقول للصائغ صغ هذا الخاتم و أبدل لک درهما طازجیاً بدرهم غلة قال لا بأس و قد فهم منها الجمهور من أصحابنا أن اشتراط الصیاغة وقع فی عقد الإبدال لا العکس کما ینادی به ظاهرها إذا الظاهر منها عکس ما فهموه و حینئذٍ فإن أخذنا بظاهرها وافقت القواعد المتقدمة و لا إشکال حینئذٍ و یکون الإبدال عوض العمل أو مال الجعالة أو وعداً و تکون الأجرة متروکة اتکالًا علی أجرة المثل و إن أخذنا بما فهم الجمهور لزم الاقتصار علی موردها الخاص من الصیاغة دون غیرها من الشرائط و من إبدال درهم بدرهم دون غیرهما بل طازج بغلة دون غیرهما إلا ما یعلم منه بتنقیح المناط و إلغاء الفارق و لا یجوز التعدی عن موردها إلی غیره لمخالفتها للقواعد الحاکمة بمساواة الزیادة الحکمیة العینیة و فی لزوم الربا خلافاً لمن منع ذلک و خلافاً لمن تسری بها لکل شرط و ثمن و مثمن و لو لا ما یظهر من الأصحاب من العمل بها علی نحو ما فهموه حتی قال فی کشف الرموز إن الروایة مقبولة غیر مطعون بها و إن المشایخ اعتمدوا علیها و إن العمل بها أظهر بین الأصحاب و مستثنی من الآیة و عموم الروایة لکان اللازم الأخذ بظاهرها دون ما فهموه أو طرحها أو حملها علی الدراهم الطازج و هو الخالص و الغلة و هو المغشوش فیکون الشرط فی مقابلة الغش.

ثالث عشرها: تراب الصیاغة المجتمع من النقدین یباع بهما و بغیرهما و بأحدهما مع الزیادة فیه

لمقابلة النقد الآخر علی وجه العلم دون الظن و لا یجوز مع الجهل بالقدر احتیاطاً من الربا و ورد فی بعض الأخبار الأمر ببیعه بالطعام وهبی لمخالفتها القواعد و الأخبار القاضیة بجواز بیعه بغیره علی نحو ما قدمناه و لإعراض الأصحاب عن الحکم

ص: 209

بها لزم تنزیلها علی الندب و الإرشاد إلی ما هو أحوط فی التجنب عن الربا و ورد أیضاً الأمر بالتصدق به بعد بیعه علی وجه الإطلاق فی روایة و ورد فی أخری الأمر بالتصدق به عند خوف اتهام صاحبه له إذا أخبره و کلاهما خلاف القواعد لعموم الأولی للمعلوم أهله و المجهول و لا قائل به فی المعلوم بل یجب إرجاعه إلیه و لظهور الثانیة فی المعلوم عند خوف اتهامه له و القاعدة تقضی بدسه فی أمواله أو إبقائه عنده أمانة أو إیصاله إلی الحاکم علی وجه التخییر و الترتیب فالأولی تنزیل الروایتین علی حال جهل المالک و یراد بقوله فی الثانیة إذا أخبرته اتهمنی الاستخبار لاحتمال أنه مالکه فأسقط عنه الإمام (علیه السلام) لزوم الاستخبار لمکان الخوف رأفة به فعاد مجهول المالک و احتمال أن المال الذی یخشی قابضه من إرجاعه إلی مالکه یعود کالمجهول المالک فیتصدق به عنه لمکان هذه الروایة بعید کل البعد وفقه المسألة أن تراب الصیاغة إن اعرض أهله عنه عاد مباحاً للصائغ و غیره و لا یبعد أولویة الصائغ من غیره بتملکه له و إن لم یعرضوا عنه وجب إرجاعه لأهله و إخبارهم سواء کان مما یتمول أو لا یتمول لقلته لأن غصبه علی کل حال تعدی محرم و یضمن بالمثل مع عدم التمول فإن کان أهله معلومین دفعه إلیهم إن لم یخش ضرراً و إلا دسه فی أموالهم أو دفعه إلی الحاکم أو أبقاه عنده أمانة و إن اشترک فیه جماعة و لم یعرف کل واحد منهم قدر ماله تصالحوا علیه أو اقترعوا علی إخراج القدر و إن علم أهله فی محصورین أقرع علی أهله أو تصالحوا علیه قهریاً أو اختیاریاً و لو أمکن الأخیر قدم علی الأولین أو یعود کالمجهول الأصلی فیتصدق به هذا إن أقروا بان المال لهم و إن أنکروهُ دسه فی أموالهم و إلا دفعه إلی الحاکم و إلا تصدق به عنهم و إن جهل أهله لزمه الفحص فإن أیس من الاطلاع علیهم و کان مختلطاً بماله اختلاطاً لا یتمیز فإن کان مجهول القدر أصلًا دفع خمس الجمیع عیناً أو قیمةً مخیراً علی الأظهر للهاشمیین دون غیرهم علی الأظهر وحل له الباقی و إن کان مجهولًا و لم یعلم بنقصانه عن الخمس تصدق بما یتعین به الشغل و الأحوط بما تیقن به البراءة و إن کان یعلم بزیادته علیه دفع الخمس للهاشمیین و تصدق بما زاد علی نحو ما مر مع احتمال لزوم الصدقة بالجمیع علی غیر الهاشمیین

ص: 210

و إن لم یکن مختلطاً بماله تصدق للأمر بذلک فی هذا المقام و فی مقام مجهول المالک وفاقاً للمشهور و خلافاً لمن أوجب جعل مجهول المالک أمانة و لمن أجاز أکله فإن ضعف دلیلهما عن مقاومة ما ذکرناه یمنع من الأخذ بهما و یلزم علیه التصدق عن المالک و لو کان مخالفاً أو کافراً و لو نص علی عدم التصدق عنه قبل الجهل به ففی وجوب الصدقة عنه تعبداً أو الرجوع به للحاکم أو جواز تملکه وجوه أحوطها الوسط و یجب الصدقة بنفس العین مهما أمکن إلا إذا کان التصدق بالقیمة أعود ففی جواز الانتقال إلیها وجه و ربما أشعر به الأمر ببیعه فی الروایة المتقدمة مع احتمال إن ذلک إذن من الإمام (علیه السلام) بالبیع لأنه الولی الحقیقی لا بیان للحکم و هل یلزم الرجوع إلی الحاکم فی التصدق اقتصاراً علی مورد الیقین من التصرف بمال الغیر و لأنه الولی علی مال الغائب لعموم ولایته و جعل حاکماً فی الروایة و لولایته علی ما هو أشد و لضرورة النظام القاضیة بها أو لا یلزم لإطلاق الأخبار فی الأمر بالتصدق من دون اشتراط أمر آخر و هو الأقوی و دعوی إن الأمر إذن من الإمام (علیه السلام) خلاف الظاهر لأن الظاهر أنه (علیه السلام) بصدد بیان الأحکام لا بصدد الرخصة فی الفعل کما فهمه بعض الأقوام و مصرف هذه الصدقة المساکین لظهور لفظها فی ذلک و لاقتضاء استقراء مواردها القطع بذلک و فی جواز إعطائها الهاشمیین لعدم وجوبها أصالة علی المتصدق من ماله عنه فلیست من المفروضة الممنوع عنها و عدمه لدخولها فی إطلاق المفروضة فی الجملة فیشملها دلیل المنع وجهان و الوجه الأول و یجوز دفعها لواجب النفقة للتوسعة لا للإنفاق و الظاهر وجوب الصدقة فوراً عرفیاً و لو أخرها لعذر ضمن و لو تلف العین تصدق بالمثل و القیمة و یجب الوصیة عند ظهور أمارات الموت فإن مات تولی إخراجها الوصی و یسلمها للحاکم کما أن الوارث الأحوط له ذلک أیضاً و إن کانت متلوفة و قد کانت مضمونة علیه أخرج من ترکته مثلها أو قیمتها کسائر الدیون و احتمال العدم فی حکم العدم و لو ظهر صاحبها بعد التصدق بها فإن أجاز الصدقة فلا کلام و إن لم یجز رجع بالعین ما دامت باقیة و هل هو فسخ من حینه فالنماء للمتصدق علیه أو من أصله

ص: 211

فالنماء لمالکها وجهان فإن کانت العین متلوفة ضمنها للمالک و احتسب الصدقة له لعموم أدلة الضمان و علی ذلک ینزل قوله (علیه السلام): (أما لک أو لأهله) بمعنی إن لک إن لم یجز لاحتساب الشارع لصدقة له قهراً أو لأهله إن أجاز و حملها علی المعانی الآخر بعید أما عن ظاهرها أو عن القواعد الفقهیة کحملها علی التردید فی النیة أو علی حالة الإعراض و عدمه أو علی حالة ظهورهم و عدمه و لو دفعها إلی الحاکم فتصدق بها الحاکم أو تلفت منه فلا ضمان علی الدافع لإیصالها إلی الولی و ربما یقال بعدم الضمان مع التصدق مطلقاً لعموم نفی السبیل عن المحسنین و للأصل و لأمر الشارع بالتصدق فلا یستعقبه غرامة و فی الجمیع ضعف لترجیح أدلة الضمان لقوتها علی أدلة السبیل عن أهل الإحسان و إن کان بین الدلیلین عموم من وجه لتنزیل الآخر منزلة القواعد العامة یتسرع إلیها ظل التخصیص بخلاف دلیل الضمان و یجری الکلام لغیر تراب الصیاغة مما شاکلها من المجتمع من خشب النجارین أو طحین الطحانین أو خرق الخیاطین أو شبه ذلک.

رابع عشرها: لا یجب إعادة الزیادات المتعارفة فی الموازین بالنسبة إلی النقود المبیعة ببعض مسکوکة أم لا

و لا یلزم درهماً و لا یمتنع بیعها کذلک من جهة الربا بل تملک بالعقد للمنقول إلیه کل ذلک للإجماع المنقول و فتوی الفحول و السیرة الکاشفة عن تقریر آل الرسول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و فی الصحیح عن فضول الکیل و الموازین فقال: (إذا لم یکن تعدیاً فلا بأس إلی غیر ذلک من الأخبار و إن لم تکن معتادة حرم بیعها کذلک لمکان من الربا فإن باع کلیاً و دفع ما فیه زیادة بنیة الوفاء من غیر الزائد أو باع معیناً من جملة مشتملة علیه فدفع المعین مع الزائد علیه أو باع معیناً فدفع معه زیادة علی وجه السهو أو الجهل و النسیان و لم یقصد بیع الجمیع صح البیع فی جمیع ما ذکرناه و احتمال البطلان فی الأول لمکان تشخیص الکل بالفرد المدفوع فیلزم الربا بعید جداً ثمّ إن الزیادة المدفوعة إن کانت عن عمد من الدافع فلا إشکال علی الظاهر فی کونها أمانة مالکیة لا تضمن إلا بتعد أو تفریط و نقل علی ذلک الاتفاق و إن کانت عن سهو منه ففی کونها مضمونة علی القابض لعموم علی الید ما أخذت و لأنها أقوی من

ص: 212

ضمان المقبوض بالسوم و إنها مقبوضة علی أنها إحدی العوضین الجاری علیها عقد المعاوضة فیتعلق بها الضمان و عدمه للأصل و لکونها مقبوضة بإذن المالک فتکون کسائر الأمانات المالکیة و للشک فی شمول دلیل الضمان لها و لإجمال علی الید فلعل المراد منه الحفظ دون الضمان و لأن حملها علی المقبوض بالسوم قیاس مع عدم القطع بثبوت المعین علیه و المساواة ممنوعة فضلًا عن الأولویة لأن القبض بنیة العوضیة غیر موجب للضمان بعد ظهور الخلاف وجهان أحوطهما الضمان لعموم الخبر و تنزیله علی الحفظ و رمیه بالإجمال خلاف و ظاهره و ظاهر ما علیه الأصحاب و منع الأولویة من المقبوض بالسوم فی الضمان ظاهر المنع و ثبوت الأصل مما نسلمه فی محله إن شاء الله تعالی و هل هی أمانة شرعیة فیجب ردها فوراً و إعلام المالک بها أو مالکیة فلا یجب حفظها وجهان و لا یبعد الأول اقتصاراً علی المورد الیقینی من جواز الاستیلاء علی ما ل الغیر.

خامس عشرها: لو ظهر المبیع أو الثمن المعینین فی الصرف و غیره فی البیع و غیره من غیر الجنس

بطل کلا و إن ظهر البعض یتسلط علی الخیار لمکان تبعض الصفقة و لا ترجیح للإشارة علی الاسم هاهنا کی یصح العقد فیتسلط المنقول إلیه علی الخیار کما یتسلط عند فوات الوسط لأن الاسم قد أخذ عنواناً فی المعقود علیه هاهنا فیذهب أثر العقد بذهابه بخلاف الوصف نعم لو صالحه علی شی ء أو اشترط علیه کون الشی ء الفلانی فظهر غیره و قلنا باغتفار الجهالة فی عقد الصلح لکان للصحة و ثبوت الخیار وجه و لو ظهر فی المعقود علیه عیب من الجنس کسواد الفضة و خشونتها ثبت للمنقول إلیه الخیار بین الرد للکل و بین الإمساک مجاناً و فی الاحتیاج معه إلی إبراء عن الارش وجهان و بین الإمساک مع الارش إذا اختلف الجنسان و لو اتحدا بطل أخذ الارش حذراً من لزوم الربا فی المعاوضة مع احتمال جوازه لأنه غرامة مستقلة و لیس له تبعیض المردود للزوم الضرر علی المردود علیه إلا إذا تعددت الصفقة و هل له التفرق فی الصرف قبل أخذ الارش فیصح له أخذ الارش بعده الأقوی ذلک لأن المدفوع ارشاً أما إنه غرامة مستقلة تسببها العقد علی المعیب أو العیب الکائن فی أحد العوضین أو

ص: 213

الاطلاع علیه أو اختیاره من المنقول إلیه دون الفسخ و الرد أو المرکب من اثنین أو ثلاثة و أما إنه عوض وصف فأتته من إحدی العوضین لأن العیب مفوت لوصف الصحة و أما إنه جزء من الصحیح یسترد فی مقابلة جزء صوری من المعیب أو ما کان کالجزء منه و أما إنه تکملة المعیب فی مقابلة زیادة الجزء الصحیح و علی الأول فلیس من بیع الصرف المشترط فیه التقابض قبل التفرق فیصح قبضه بعد التفرق و کذا علی الثانی لأن المشترط فیه التقابض قبل التفرق هو ما کان من عین أحد العوضین لا ما کان من أعواض أوصافه و عوارضه و علی الثالث فاسترداد جزء من الصحیح لیس من المعاوضة فی شی ء فضلًا أن یکون بیعاً أو یدخل فی البیع فیصح القبض أیضاً بعد التفرق به و یلزم بطلانه لو کان ربویاً ابتداءً و علی الرابع فإن أرید بکونه تکملة للمعیب إنه جبر لفوات الوصف منه و لیس فی الصحیح زیادة حقیقة فلا إشکال أیضاً فی جواز أخذه بعد التفرق لأنه لیس من الصرف فی شی ء إلا إنه لا یخلو من إشکال من جهة الربا و إن أرید أن فی الصحیح زیادة حقیقیة و فی المعیب نقصان حقیقی کان لعدم جواز أخذ الارش بعد التفرق وجه إلا أن الأصل فیه ممنوع ضرورة إن الصحیح یقابل المعیب علی طریق التمامیة من غیر حاجة إلی هبة الزیادة فی الصحیح لمن انتقل إلیه ممن انتقل إلیه المعیب إذا رضی به مجاناً و إن التصرف لا یحرم من انتقل إلیه الصحیح فیه لمکان الشرکة و إنه لا یحتاج من انتقل إلیه الصحیح إلی إبراء ممن انتقل إلیه المعیب و إنه لا یفتقر عند أخذ الارش إلی قدر الزائد فراراً من الجهالة التابعة للمعیب و إنه لا تفسد المعاوضة فی الصحیح بالمعیب لمکان الربا فی متساوی الجنس و إنه لا یجری حکم بیع الحیوان و الثمار علیه لو کان الارش علی عیب فیهما و لا حکم المنافع و أعواضها لو کان المعیب أو الصحیح منهما و لا حکم الصرف فیما لو کان المبیع غیر نقد و لکن کان ثمنه نقداً لانصراف الارش للنقد فیکون بیع بنقد إلی غیر ذلک من اللوازم القاضیة به عدم کون الارش جزءاً من الصحیح و عدم کونه تکملة للمعیب و عدم دخوله فی عقد المعاوضة ابتداءً و عدم کونه من أرکانها و إن سببه العقد علی المعیب نفسه أو بواسطة الاختبار مع احتمال إن الاختیار له هو المثبت له دون الرد أو العفو عنه و إن العقد إنما

ص: 214

سبب أمر کلیاً و هو التخییر بینه و بین الرد و دعوی إن الاختبار کاشف عن إن ابتداء تعلقه قد کان وقت العقد فإن أرید تخییراً فممکن و إن أرید عیناً فممنوع و الحکم به تحکم و یظهر من بعض أصحابنا إن المشتری إن أخذ الارش من جنس السلیم من النقدین بعد التفرق بطل أخذه لأن السلیم قابل المعیب و ارشه فإذا تفرق بطل فیما قابل الارش فلا یصح أخذ الارش بعد التفرق لأن أخذه من السلیم کاشف عن إرادة مقابلة الصحیح للمعیب و ارشه و إن أخذه من غیر السلیم صح لانکشاف إرادة مقابلة فوات وصف الصحة و یظهر من بعض أجزائه إن أخذ الارش من جنس النقدین بعد التفرق بطل لدخوله فی بیع نقد و إن أخذه من غیر جنسها صح لأنه یکون صرفاً و غیره فالصرف ما حصل به التقابض قبل التفرق و غیره ما حصل به ذلک بعده و فی کل منهما نظر ظاهر أما الأول فلأن الفرق بین الأخذ من السلیم و الأخذ من المعیب بعد أن کان کل منهما من النقد الممنوع من التفرق قبل التقابض فیه لیس له وجه معلوم و لا أمر مفهوم و أما الثانی فیرد علیه أو لأنه خلاف ما صرحوا به من الارش جزء من الثمن و ظاهرهم إنه جزء من الصحیح و ثانیاً إنه یستلزم الرجوع إلی غیر النقدین فی الغرامات الملکیة و القاعدة تقتضی بالرجوع إلیهما سیما فیما یتعلق بهما و حینئذٍ فالرجوع إلی غیرهما معاوضة جدیدة علی النقد الثابت فی الذمة و المفروض إنه قد بطل بالتفرق فتبطل المعاوضة علیه إلا أن یقال إن الثابت و إن کان هو النقد لکنه لم یتعین إلا بالاختبار الارش فابتداء تعلقه بالذمة هو اختبار الارش فلو أخذ عوضه فی مجلس الاختبار قبل التفرق عنه صح و لکنه أیضاً لا یتم للزومه لجواز أخذه من النقدین کذلک أولًا و لمنع کون المثبت للارش هو نفس الاختبار ثانیاً بل المثبت له نفس العقد أو هو مع الاختبار نعم قد یکون الاختبار معیناً للارش بعد ثبوته کلیاً مخیراً بینه و بین الرد و هو أمر غیر الإثبات به ابتداءً و لخروجه عن بیع الصرف الممنوع فیه التصرف قبل القبض علی أی تقدیر ثالثاً هذا کله إن کان العوضان معینین و إن کانا کلیین أو أحدهما فإن خرجا عن غیر الجنس بطلا الصرف فیهما و کان لهما إبدالهما قبل التفرق فإن تفرقا قبل الإبدال بطل الصرف و لو رضیا کان معاوضة جدیدة علی کل حال و إن خرج

ص: 215

فیهما عیب من الجنس کان لهما الرضا بالمعیب لأنه فرد من الکلی و کان لهما الفسخ للفرد المعیب و المطالبة بالفرد الصحیح لبقاء موجب العقد علی الکلی و تعلق الفسخ بفردیة المعیب له لأنه بمنزلة معاوضة ثانیة و هل له فسخ العقد لانصباب الکلی علی الفرد و اتحاده به فیتسلط علی فسخه فیکون فسخاً للعقد من أصله أو لیس له ذلک لأن قبض الفرد عن الکلی بمنزلة معاوضة جدیدة فلا یقضی فسخ الفرد بانفساخ الکلی و لا یؤدی إلی جوازه و هذا هو الأقوی و دعوی إن الکلی نفس الفرد لانصبابه علیه و اتحاده به ممنوعة ضرورة إن المعقود علیه نفس الکلی لا الفرد و إلا لزم تعلق البیع بالمعدوم و بما لا یملکه العاقد فیکون من باب الفضولی أو من باب من باع شیئاً ثمّ ملکه و کلاهما بعید عن مذاق الفقهاء و الفقاهة و کان لهما الرضا بالمعیب مجاناً مع تساوی الجنس حذراً من لزوم الربا و الرضا به مع الارش مع الاختلاف و لو دفع البائع الصحیح عن المعیب و ارشه ففی وجوب قبوله علی المشتری و انتفاء لزوم الارش علی البائع قوة هذا کله إن لم یتفرقا فإن تفرقا ففی جواز أخذ الارش و عدمه وجهان أقربهما الجواز کما تقدم و فی جواز فسخ الفرد واخذ الفرد وجهان أیضاً ینشآن من صحة المعاوضة الأولی بقبض فردها فعدم المانع من فسخها بمعنی فسخ فردها المعیب ثانیاً من جهة حصول العیب فی الفرد و متی فسخ الفرد عاد الحق إلی الذمة سلماً البقاء الکلی ببقاء موجب العقد الأول فیجوز العمل بمقتضاه و هو قبض الفرد الصحیح عن الکلی المعقود المعقود علیه ابتداءً و کون الأول عوضاً فی المعاوضة لا ینافی عوضیة غیره عند انفساخ عوضیته و من أن الإبدال یقتضی عدم الرضا بالمقبوض أولًا فیتعین المقبوض ثانیاً للفردیة و قد حصل التفرق قبله فیفسد و إن جواز الإبدال یستلزم عدمه لأن رد الأول یرفع یقین المبیع فیه و هو لازم لعدم کون المردود مبیعاً فإذا حصل التفرق قبل قبض بدله فقد حصل التفرق قبل قبض المبیع و إن الرد کاشف عن عدم المعاوضة ابتداءً و عدم تعین المقبوض فیبطل الصرف فیه أقوی و الأول اقوی و فی جمیع الوجوه للوجه الأخیر نظر ظاهر یعلم مما قدمناه من إن الفرد لیس هو نفس الکلی و لا منصب علیه فیجوز فسخ فردیته له و بقاء الکلی مورداً للعقد فیقوم مقامه فرد آخر و علی جواز أخذ البدل بعد

ص: 216

التفرق فهل یشترط کونه فی مجلس الرد لرجوع الصرف إلی کلیین لم یحصل التقابض فی فردیهما فیلزم فیهما التقابض قبل التفرق و التفرق الأول لا أثر له فی البطلان لمصادفة لتمامیة اجتماع أجزاء العقد و شرائطه و عند عوده إلی ما کان قبل القبض عاد له نقصان الشرط فعاد له اشتراط إتمامه و هو عدم التفرق قبل القبض أو لا یشترط لصحة العقد بحصول القبض أولًا و الرد و الإبدال لیس بمعاوضة جدیدة و لا عین المعاوضة الأولی بل حکم شرعی جاء بسبب العیب الحادث حالة العقد فیکفی فی حصوله القبض الأول ورد المعیب و أخذ بدله حکم حادث لم یدل دلیل علی اشتراط التقابض فیه فی مجلس واحد وجهان و الأول أقوی و یظهر ضعف الأخیر مما قدمناه من إن الرد فسخ للفردیة فیعود الکلی مورد للعقد فلا بد من التقابض فی فرده و لیس من الأحکام الشرعیة المسببة عن العقد الخارجة عن موارده و لا من معاوضات الأفراد صحیحها بمعیبها کی یلزم التقابض فی المعیب أیضاً بالنسبة إلی المردود إلیه قبل التفرق بل یجوز تقبیض الصحیح و التفرق قبل قبض المعیب ممن هو فی یده.

سادس عشرها: لو تلف أحد العوضین من النقدین أو کل منهما فظهر من غیر الجنس بعد ذلک

ضمنه القابض له بمثله أو قیمته لعموم دلیل الضمان و لأن ما یضمن بصحیحه یضمن بفاسده لأنه من ضمان المقبوض بالسوم و إن ظهر معیباً بعد ذلک کان له الارش إن کان غیر متحد الجنس و هل له الفسخ قبل دفع مثله أو قیمته و یرجع استصحاباً للخیار و لحدیث لا ضرار أو لیس له لضمان العیب الحادث علی المشتری فیبطل الرد به فالتلف أولی و لانقطاع الاستصحاب بتغیر الموضوع لعدم جواز جبر الضرر بالضرر و الأخیر أقوی فلیس المشروع حینئذٍ سوی الارش و مع اتحاد الجنس فلا رد و لا ارش.

سابع عشرها: یجوز لمن علیه نقد لآخر و کذا الآخر علیه نقد لصاحبه أن یتبایعا ما فی ذمتهما نقداً

و لا یفتقر إلی إفرازهما و التوکیل من کل منهما فی قبض ماله بل یکفی کونها فی ذممهما لأن ما فی الذمة بمنزلة المقبوض نعم لا یبعد الاحتیاج إلی تجدید نیة القبض لما فی ذمة کل منهما مع الإذن من صاحبه و هو أحوط و فی صحیحة عبید بن

ص: 217

زرارة ما یدل علی جواز ذلک و مع ذلک فالحکم به لا یخلو من إشکال لأنه بیع دین بدین و الأظهر منعه فلتحمل الروایة علی الصحیح و شبهه و یجوز أیضاً من غیر إشکال بیع الدین علی من هو علیه بنقد فیقبضه قبل التفرق و یکفی فی قبض الدین کونه فی ذمته لکونه بمنزلة المقبوض و فی الأخبار ما یدل بإطلاقه علی جواز ذلک و یکفی البیع علی من عنده الأمانة من النقدین و لو کانت فی داره دون یده بنقد آخر و قبضه منه و لا یفتقر إلی تقبیض الأمانة جدیداً نعم لا یبعد الافتقار إلی الإذن فی القبض من المالک و تجدید النیة من عنده للأمانة.

القول فی الثمار:

اشارة

و هی ثمرة النخل و الشجر حقیقة و قد یدخل فی اسمه الخضر و قد یلحق به إلحاقاً کما یلحق بها أحکاما الزرع و البقول و غیرهما و إضافة البیع إلیهما بمعنی اللام و خصت الثمار کما خص الحیوان و النقدین بانفرادها لتعلق أحکام خاصة بها دون سائر المبیعات

و الکلام فیه یقع فی أمور:

أحدها: لا یصح بیع المعدوم من الثمار مع عدم أصله و مادته مطلقاً

للإجماع و ظواهر الأخبار و للشک فی شموله أدلة العقود و إطلاق أدلة البیوع لأن الظاهر کون البیع مفتقر للملک حین صدور العقد فهو صفة وجودیة تقتضی محلًا موجوداً و هو حین العقد محال لعدم تعلق الموجود بالمعدوم و تأخره إلی حین الوجود فیتعلق به بعده مناف لظاهر إطلاق العقد و مشروعیة وصفه کتاباً و سنةً بل و إجماعاً للزوم الغرر المنهی عنه فی کل العقود فی خصوص البیع ضرورة إن غرر المعدوم أقوی من غرر الموجود الغیر معلوم و فی جواز الصلح علی مثل ذلک وجهان ینشئان من عموم دلیله فیملک بعد وجوده و یملک أن یملک و الشک فی انصرافه لمثل هذه الصورة و عدم النهی عن الغرر مطلقاً کما فی بعض الأخبار و أما مع وجود أصله و مادته من شجرة أو بذر أو عرق فالظاهر جواز الصلح علیه مطلقاً لعموم دلیله و ارتفاع الغرر فی الجملة و عدم جواز بیعه سنة واحدة مع عدم الضمیمة إلیه سواء فی ذلک ثمرة النخل و غیره و المراد بالعام الواحد للثمرة الواحدة و إن خرجت فی أقل من عام و ذلک لما قدمناه

ص: 218

و للإجماعات المستفیضة النقل بل الإجماع المحصل و للشهرة المحققة من الأخبار الدالة علیه فحوی کالأخبار الناهیة عن بیع الثمرة قبل بدو الصلاح منها لا یشتری النخل حولا واحداً حتی تطعم و إن شئت أن تبتاعه سنین فافعل و منها إذا بیع الحائط فیه النخل و الشجر سنة واحدة فلا یباع حتی تبلغ ثمرته و منها الصحیح (لا تباع الثمرة حتی یبدو صلاحها) و الموثق عن الفاکهة قال: (إذا کانت فاکهة کثیرة فی موضع واحد فأطعم بعضها فقد حل بیع الفاکهة کلها فإذا کانت نوعاً واحداً فلا یحل بیعها حتی یطعم) و منها الصحیح (إذا کان الحائط فیه ثمار مختلطة فأدرک بعضها فلا بأس ببیعها جمیعا) و منها الخبر عن بیع الثمرة قبل أن تدرک إذا کان فی تلک الأرض بیع له غلة قد أدرکت فبیع ذلک حلال و الدال صریحاً کالخبر المعتبر عن بیع الثمرة هل یصلح قبل أن یخرج قال: (لا إلا أن یشتری معها غیرها رطبة أو بقلة) قال: (فإن لم یخرج التمر کان رأس مال المشتری فی الرطبة و البقل) و فی آخر عن بیع النخل أ یحل إذا کان زهواً قال: (إذا استبان البسر من الشیص حل بیعه و شراؤه و عن السلم فی النخل قبل أن یطلع قال: (لا یصلح السلم فی النخل (و عن شراء النخل سنة واحدة أ یصلح قال: (لا یشتری حتی یبلغ) و فی ثالث عن شراء النخل فقال: (کان أبی یکره شراء النخل قبل أن یطلع السنة و لکن السنتین و الثلاث) و عن رجل یبتاع النخل و الفاکهة قبل أن تطلع فیشتری سنتین أو ثلاث سنین أو أربعاً قال: (لا بأس إنما یکره شراؤه سنة واحدة قبل أن یطلع مخافة حتی یستبین) إلی غیر ذلک بمعونة ضم الأخبار بعضها إلی بعض و فتوی الأصحاب إرادة الحرمة من لفظ الکراهة و ذهب بعض أصحابنا إلی کراهة بیع الثمار سنة واحدة مع عدم وجودها لبعض الأخبار الدالة علی ذلک فمنها ما تقدم الآن من الخبر المشتمل علی لفظ الکراهة و منها ما روی عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذا تبایع الناس بالنخل فعقد النخل ذلک العام فقال (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (أما إذا فعلوه فلا یشتر النخل العام حتی یطلع فیه شی ء) و لم یحرمه و منها أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لما رآهم لا یدعون نهاهم عن ذلک البیع حتی تبلغ الثمرة و لم یحرمه و لکن إنما فعل ذلک

ص: 219

من أجل خصومهم و ربما یستند لعمومات أدلة البیوع و فی الجمیع ضعف أما الأخیر فلمنع ثبوت عموم شامل للمقام علی وجه التحقیق و لیس إلا الإطلاق و هو منصرف لغیره قطعاً و لو سلمنا العموم فهو مخصوص بما تقدم من الأدلة و أما الأخبار الأول فهی شاذة فتوی و عملًا و ما نسب للشیخ من الفتوی بها غیر معلوم أو لعل حکمه بالکراهة کان لمجرد الجمع بین الأخبار کما هی قاعدته فی کثیر من المواضع و کان الحکم بالکراهة متعلق بما ظهر قبل بدو صلاحه کما تشعر به عبارته بعد ضم بعضها إلی بعض کما قیل و لذا نسب إلیه الأصحاب الحکم بالکراهة بهذا دون ذلک و علی کل حال فهذه الأخبار لا تقاوم الأدلة المتقدمة المحکمة المعتضدة بما ذکرناه علی أن الخبر الأول محتمل لإرادة الحرمة من لفظ الکراهة بمعونة فتوی الأصحاب کما یستعمل کثیراً فی الأخبار أو لإرادة بدو الصلاح من لفظ یطلع و یستبین و هو و إن بعد إلا أنه لا بأس به فی الجمع المقدم علی الطرح و الأخیرین أیضاً محتملین لإرادة بدو الصلاح من لفظ یطلع و یبلغ بل هو ظاهر من الأخیر.

ثانیها: و فی جواز بیعه سنة واحدة مع الضمیمة قولان

المنع لإطلاق الأخبار المانعة و للإجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة المحصلة و المنقولة و الجواز للموثقة المتقدمة الدالة علی الجواز مع ضمیمة الرطبة و البقلة و لإشعار جملة من الروایات فی تصحیح الضمائم لما هو ممنوع من حیثیة الجهالة أو عدم القدرة علی التسلیم أو غیر ذلک بذلک و قد یفرق بین التابعة و المعادلة و بین المتبوعة فیصح فی الأخیر للاقتصار علی مورد الیقین و لإشعار الموثقة بذلک حیث علل ذلک بصیرورة رأس مال المشتری فیها دون الأولین فیفسد أخذاً بالأخبار المانعة و کلام الأصحاب و هل یصح بیع المعدوم إذا کان مما یتجدد فی تلک السنة بانضمامه إلی الموجود قضاءً للسیرة و لدلیل نفی الحرج أو لا یصلح لاختصاص جواز ضم المعدوم فی السنة اللاحقة بالموجود فی السنة السابقة دون غیرها و الحق هو البناء علی الأول کما اختاره العلامة (رحمه الله) و غیره.

ص: 220

ثالثها: و فی جواز بیعه أزید من عام واحد بمعنی أزید من ثمرة واحدة قولان

المنع لما قدمنا من القاعدة و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و المنقولة بلفظ الأشهر و الأکثر و لإطلاق الموثقة المانعة مطلقاً إلا مع الضمیمة و مفهوم المعتبرة (فإذا أثمرت فابتعها أربعة أعوام إن شئت بع ذلک العام أو أکثر من ذلک أو أقل) و الجواز و نسب للصدوق (رحمه الله) و العلامة فی بعض کتبه للأصل و العمومات و الصحیح بعد الحکم بکراهة السنة الواحدة قال: و لکن السنتین و الثلاثة کان یقول إن لم یحمل فی هذه السنة حمل فی السنة الأخری و فی الرجل یبتاع النخل و الفاکهة قبل أن یطلع فیشتری سنتین أو ثلاثة أو أربعاً فقال: (لا بأس) و للصحیح المجوز قبل البلوغ ثلاث سنین و المعتبرین الناصین علی منع البیع فی الحول الواحد قبل أن یطعم المشعر بجوازه فیما فوقه و فی الجمیع نظر للزوم تخصیص الأصل و العموم بما قدمناهُ من الأدلة و ضعف الأخبار عن المقاومة لما تقدم فلا بد من طرحها أو حملها علی التقیة أو حمل الطلوع فی الأول علی بدو الصلاح و یکون المراد بقوله (إن لم یحمل) إن خاست و ربما یستأنس له ملاحظة الصحیح المشترط فی نفی البأس عن الشراء ثلاث سنین کونه قبل البلوغ الظاهر فی بدو الصلاح و جعله المعیار له دون غیره مع تضمن صدره تعلیل الجواز بأنه إن لم یخرج فی هذه السنة خرج من قابل و لو کان المعیار هو الظهور لکان عدم تبدیله بالبلوغ أولی و ما ذکره یظهر من الجواب عنه و عما بعده من حیث جعلها المعیار فی الجواز مع تعدد السنین و المنع مع الاتحاد هو ما قبل الإطعام الظاهر فی بدو الصلاح کما شهد به کلام أهل اللغة حیث فسروه بالإطعام و نقل عن بعض المتأخرین جواز بیع الثمار قبل ظهورها بشرط القطع و ترده الأخبار السابقة و الاجماعات المنقولة و عدم دلیل علیه و یظهر ما ذکرنا من عدم جواز البیع مطلقاً مع کل واحد من الأمور المذکورة عدم جوازه مع جواز الأمور المتقدمة من الضمیمة و ما فوق السنة الواحدة و مع اشتراط القطع لحصول المانع و عدم وجود دلیل یدل علی الجواز.

رابعها: لا یشترط فیما بدا صلاحه شی ء مما تقدم

بل یجوز بیعه بلا شرط للأخبار عموماً و خصوصاً و للإجماع محصلًا و منقولًا و لا یتفاوت الحال بین اشتراط

ص: 221

القطع و عدمه و لا جهالة فیه لأنه مما یباع جزافا قبل القطع و یرتفع الضرر عنه بمجرد الرؤیة و الخرص و جهالة مدة المکث فی رءوس النخل غیر ضائرة لعدم باعثیتها علی الضرر و الغرر عرفاً و لکونها مستفادة تبعاً للعقد بها أصالة فیغتفر فیها ما لا یغتفر فیما تعلق به أصالة و لأن بقاءها مدة الحاکمة بها العادة و القاضی بها العرف بمنزلة المعلوم کما هو معلوم و المراد ببدو الصلاح فی النصوص و الفتاوی هو الاحمرار و الاصفرار الطبیعیین علیها هو المشهور نقلًا بل تحصیلًا و ربما نسب لأصحابنا و یلحق بهما ما فی الأوان من الاخضرار و الاسوداد تنقیحاً للعلة و یدل علی أن المراد ببدو الصلاح ذلک کثیر من النصوص ظهوراً فی بعض کالتعبیر عنه بالاطعام فی بعض و البلوغ فی بعض و الإدراک فی ثالث و صریحاً فی آخر کالتعبیر بالزهو فی الخبرین المفسر فیهما و فی کلام أهل اللغة بالتلون و الاحمرار و الاصفرار و التعبیر بالتّشقیح فی خبر آخر المفسر بالاحمرار و الاصفرار فیحمل الظاهر الأول علی النص الصریح لقوته و انجباره بفتوی المشهور و بکون التعبیر عن التلون بغیره أما مجاز باعتبار علاقة المقاربة و أما مستعمل فی معناه فیفهم منه التلون لمکان التلازم بناءً علی وقوع تلک الأمور مصاحبة للتلون دفعة و قد یحتمل إن بدو الصلاح عبارة عن وصوله إلی حالة معنویة و هی البلوغ و الإدراک و لکن تنبعث عنها تلک الأمور من الإطعام و التلون و الزهو و یکون التعبیر عنه بتلک الأمور لبیان علائمه و یحتمل إن کل واحد مما هو مذکور فی الأخبار یصدق علیه بدو الصلاح فأیها سبق تحقق بدو الصلاح به إلا أن الأوجه ما ذکرناهُ أو لا و المراد ببدو الصلاح فی غیر النخل هو انعقاد الحب کما نسب للمشهور و إن کان فی کمام و هو غطاء الثمرة أو کمامین کالجوز و اللوز و قد یفسر بتناثر الزهر و الورد کما نسب للمشهور أو المشهور بین المتأخرین و دل علیه الخبر فی الشجر لا بأس بشرائها إذا صلحت ثمرته فقیل له و ما صلاح ثمرته فقال: (إذا عقد بعد سقوط ورده أو تلون الثمرة أو صفاء لونها و انعقاد الحصرم فی مثل العنب و طیب الأکل فی مثل التفاح و النضج فی مثل البطیخ أو تناهی عظم بعضه فی مثل القثاء للأخبار المعلقة للبیع علی الإدراک أو البلوغ أو الطعم أو انعقاد العنب حصرماً و الأقوی الوسط للعمومات و ظاهر فتوی

ص: 222

المشهور و الأصول و القواعد و ینزل ما دل علی البلوغ و الإدراک و التلون علی الاستحباب أو علی إرادة الظهور و انعقاد الحب من جمیع تلک الألفاظ لعلاقة المقاربة و نحوها و نقل عن بعض إن بدو الصلاح عبارة عن الأمن من حصول الفساد و عروض الآفة للخبر فی بیع التمر قال: لا حتی یثمر و یأمن ثمرتها من الآفة و نحوه غیره و عن بعضهم أنه عبارة عما طلعت علیه الثریا لروایة عامیة و کلاهما ضعیفان شاذان لا یقاومان ما دلت علیه الأخبار المعتضدة بالشهرة و الإجماع المنقول فتنزیلها علی المشهور أولی و أرجح و إلا فلتطرح.

خامسها: یجوز بیع ثمر النخل أو غیره بعد الظهور مع انضمام شی ء إلیها تابعاً أو متبوعاً

و لکن بحیث یجوز بیعه منفرداً أو مع اشتراط القطع فی الحال و إن لم یقطع بعد تراضیهما مع اشتراطه و مع البیع أزید من سنة أو مع الجمیع بلا خلاف منقول بل الإجماع تحصل علیه و للأخبار العامة و الأصول و القواعد من غیر معارض سوی ما یتوهم من إطلاق الأخبار المانعة و هو ضعیف لانصرافها لغیر ما جمع أحد الأمور المذکورة مضافاً إلی ما ورد من جواز البیع مع الضمیمة قبل الظهور فیسری لما بعدهُ بالطریق الأولی إن جوزنا الأولویة مع عدم ثبوت حکم الأصل و إن أرید بالطلوع بدو الصلاح کان نصا فی المطلوب و إلی ما ورد من جواز البیع سنتین قبل البلوغ کما فی بعضها أو الطلوع کما فی آخر و بشرط القطع کما فی ثالث علی ما قیل و الأظهر الاشتراط فی اشتراط القطع کونه مما ننتفع به فی العادة و إلا عد سفهاً عرفاً و لا یلحق بالمجمع علیه بیع الثمرة علی مالک أو بیع الأصل مع استثناء الثمر لعدم دلیل علیه فی الأول و عدم دخوله فی بیع الثمار فی الثانی نعم الثمرة مع الأصل کان من موارد الإجماع لدخوله فی الضمیمة و أما بیع الثمرة بعد الظهور قبل بدو الصلاح بدون أحد الأمور المذکورة ففیه قولان المنع للإجماع المنقول و فتوی المشهور و احتمال الضرر و خوف النزاع و الشقاق لأن المعقود بالأصالة معدوم فیشبه بیع المعدوم و للأخبار الخاصة المتکثرة کالصحیح (لا تباع الثمرة حتی یبدو الصلاح) و الموثق عن الفاکهة متی یحل بیعها قال: (إذا کان فاکهة کثیرة فی موضع واحد فأطعم بعضها فقد حل بیع

ص: 223

الفاکهة) و المرسل (إذا کان فی تلک لأرض بیع له غلة قد أدرکت فبیع ذلک حلال) و الصحیح (إذا کان الحائط فیه ثمار مختلفة فأدرک بعضها فلا بأس ببیعها أجمع) و الخبر فی النخل و فیه البسر الأخضر قال: (لا حتی یزهو) قلت: و ما الزهو قال: (حتی یتلون) و الخبر أیضاً (لا تشتره حتی یتبین صلاحه) و الآخر عن شراء النخل (لا تشتر حتی یبلغ) و الآخر أیضاً (نهی عن أن تباع الثمار حتی تزهو) و الآخر أیضاً (حتی تزهو) قلت و ما الزهو قال: (یحمر و یصفر) إلی غیر ذلک مما دل علی أن المجوز للبیع هو بدو الصلاح و إن اختلف التعبیر بلوازمه و الجواز علی کراهة للأصل و عمومات الأدلة و لجواز بیع الخضر و الفواکه قبل التلون و بدو الصلاح و الظاهر اتحادهما فی الحکم و لخصوص الصحیح المصرح بالکراهة فی بیعها عاماً واحداً قبل ظهورها و ظاهر الکراهة هی الکراهة المصطلحة بقرینة قوله (علیه السلام) فی الخبر الآخر: (فنهاهم عن ذلک و لم یحرمه) و هذا القول الأخیر ضعیف لا یقاوم الأول لقوته علیه و الأصل و العمومات مختصة و الخبر متروک الظاهر إن أرید بالطلوع مجرد الظهور و محمول علی إرادة الحرمة من لفظ الکراهة جمعاً بینه و بین ظواهر باقی الأخبار و مشهور الأصحاب إن أرید من الطلوع البلوغ و ما جعل قرینة علی إرادة الکراهة بالمعنی المصطلح محمول علی البیع سنتین بقرینة إن الممنوع منه عند العامة هو ذلک و القول بالتفصیل بین السلامة إلی أوان البلوغ فالصحة علی وجه الکشف أو النقل و بین عدمها فالفساد علی وجه الکشف أو النقل خال عن الدلیل و شاذ بین الأصحاب و معارض للأدلة المتقدمة فلا یلتفت إلیه.

سادسها: لو أدرک ثمرة النخل أو بعض ثمرة بستان واحد

جاز بیعها أجمع اتحد جنس ما أدرک مع ما لم یدرک أم اختلف للإجماع بقسمیه علی الظاهر و لمکان الضمیمة و منها إذا کان الحائط فیه ثمار مختلفة فأدرک بعضها فلا بأس ببیعه جمیعاً و منها إذا کان فی تلک الأرض بیع له غلة قد أدرکت فبیع ذلک کله حلال و الظاهر عدم التفاوت بین أن یکون ما أدرک مقصوداً أصالة أو تبعاً أو معادلًا لإطلاق النص و الفتوی و لقضاء العموم بجواز بیع ما لم یدرک کما أدرک خرج عنه المجرد عن

ص: 224

الضمیمة و بقی الباقی نعم یشترط أن تکون الضمیمة مما تتمول عادة و تقابل بعوض عرفاً و الأظهر جواز ضم ثمرة بستان آخر لم یدرک إلی بعض ثمرة بستان قد أدرک مع الاتحاد و الاختلاف تمسکاً بالأصل و قاعدة الجواز مع عدم المعارض من غرر و جهالة محققین سوی الأخبار المانعة من بیع الثمرة قبل بدو الصلاح و هی منصرفة بحکم التبادر لغیر ما ضم إلیها ضمیمة من ثمرة مدرک أو غیره و احتمال المنع تمسکاً بإطلاق أخبار المنع خرج منها ضمیمة البستان الواحدة و بقی الباقی و للموثق (إن کان فاکهة کثیرة فی موضع واحد فأطعم بعضها فقد حل بیع الفاکهة کلها) و فیه (و إن کان أنواعاً متفرقة فلا یباع منها شی ء حتی یطعم کل نوع منها وحده) لا یخلو من ضعف لانصراف الأدلة لما ذکرناه و لضعف الموثقة سنداً و دلالة لاشتمالها علی ما لا نقول به من اشتراط الأنواع فلا تقاوم ما قدمناه من إطلاق الروایتین المتقدمتین القاضی ثانیها بالجواز مطلقاً و لو مع تقدم البیان.

سابعها: ظهر مما ذکرناه فی مطاوی المباحث المتقدمة أنه لا فرق بین ثمرة النخل و غیره من ثمر الشجر

بل و الخضر فی الأحکام المتقدمة من المنع من بیعه قبل ظهوره مطلقاً و من جوازه بعد بدو صلاحه مطلقاً و من عدم جوازه ما بین الظهور و بدو الصلاح إلا مع اجتماع أحد الأمور المتقدمة فلو خلی عن أحدها لم یجز بیعه إلا إن الفرق بینهما إنما یتحقق فیما یتحقق به بدو الصلاح فی غیر النخل فإن قلنا بتحققه بالظهور نفسه لم تتحقق فیما یتحقق حینئذٍ بینهما واسطة یتحقق بها المنع من بیعه إلا مع اجتماع إحدی الأمور المتقدمة و إن قلنا بأنه انعقاد الحب و سقوط الورد کما هو الأظهر و الأحوط تحققت الواسطة و جری الکلام السابق و إن قلنا إن بدو الصلاح أمر وراء ذلک من البلوغ و الإطعام و الثمرة و الزهو و التلون و النضج و تناهی عظم بعضه کما من بعض کلام أصحابنا و تشعر بجملة منها روایاتنا تحققت الواسطة البعیدة إلا إن فی جریان الحکم السابق علیه و لو سلم نظر و تأمل و ذلک لاختصاص الکثیر من الروایات المانعة من بیع الثمرة بل بدو الصلاح علی ذلک النحو بثمر النخل و اختصاص فتوی الفقهاء بالمنع و ما نسب لمشهورهم بها أیضاً و حینئذٍ فتسریته لغیرها

ص: 225

مع ضعف الروایات الحاکمة بالعموم و مع فتوی المشهور علی خلاف ذلک لتصریحهم بجواز البیع فی غیر ثمر النخل بمجرد الظهور کما فی کلام بعض أو بمجرد انعقاد الحب و تناثر الورد کما فی کلام بعض آخر و مع عمومات الأدلة القاضیة بجواز البیع مطلقاً و کذا الأصول و القواعد لا وجه و بعیدة عن الصواب فلیحمل ما دل علی تسریة الحکم و تساویه من الأخبار علی الاستحباب لا علی جهة الإیجاب فظهر مما ذکرنا جواز بیع الخضر و ما شابهها بعد ظهورها و انعقادها مطلقاً و لا یفتقر فیها إلی تناثر الورد و لورود الروایة فی ثمرة الشجر و لا یجوز بیعها قبل ظهورها مطلقاً ظهرت الأصول أم لا ظهر الورد فیها أم لا إلا إذا کانت الثمرة هی نفس الورد کل ذلک لأدلة نفی الضرر و الغرر و لزوم بیع المعدوم و لا تضر جهالة الثمرة ما دامت فی الکمام لأصالة الصحة و ابتناء بیعها علی ذلک کبیع فارة المسک.

ثامنها: یجوز بیع حب الزرع بعد ظهوره مطلقاً

لعموم الأدلة و أصالة عدم اشتراطه بما اشترطنا به بیع الثمر و لا یجوز قبله لما قدمنا من الأدلة المانعة و یجوز بیع الزرع نفسه و لو کانت تحت الأرض فی وجه قوی و أما الصلح علیه فلا إشکال فیه و قبل خروجه من البذر لا یصح بیعه و فی جواز الصلح علیه وجه و یجوز بیعه بعد ظهوره سنبل أم لا انعقد فیه الحب أم لا دخل بیع الحب فیه أم لا اشترط قطعه قائماً أو حصیداً متفقراً أو کدیساً بیدراً أو مدیساً مفصولًا من التبن أو مختلطاً مسوراً حبة أو ظاهر إلی غیر ذلک إلا أنه مع الانفصال عن التبن یعود إلی حکم المکیل و الموزون کل ذلک لعموم الأدلة جنساً و نوعاً و لفتوی الأصحاب و لأخبار الباب النافیة للبأس عن شراء الزرع الأخضر و فی الصحیحین فی أحدهما (حتی تحصده إن شئت أو تعلقه قبل إن سنبل و هو حشیش) و فی ثالث (إن شئت ترکته حتی تحصده و إن شئت بعته حشیشاً) و فی رابع عن بیع حصائد الحنطة و الشعیر و سائر الحصائد قال: (حلال بیعه فیبیعه بما شاء) إلی غیر ذلک من الأخبار و عن المقنع اشتراط بیع الزرع سنبلًا و کونه للقصل للخبر عن الحنطة و الشعیر أشتری زرعه قبل أن یسنبل و هو حشیش قال: (لا إلا أن یشتریه لقصیل یعلفه الدواب ثمّ ترکه إن شاء) و هو ضعیف لضعف سنده

ص: 226

و شذوذه فلا یقاوم ما تقدم و ما ورد فی الموثق لا یشتر الزرع ما لم یسنبل فإذا کنت تشتری أصله فلا بأس یراد به الحب قبل ظهوره کما هو ظاهر سیاقه و ظاهر النصوص و الفتاوی هو استحقاق المشتری الصبر علی البائع فی إبقائه إلی أوان قطعه أطلق أو اشترط ما لم یشترط القطع و لا تضر الجهالة لعدم الغرر عرفاً لمکان العادة و لکون ذلک من التوابع العقدیة أو الأحکام الشرعیة فلا یلزم فیها العلم بکل وجه إلا أنه قد ورد فی الموثق عن شراء القصیل إن کان اشترط علیه الإبقاء حین اشتراه إن شاء قصیلًا و إن شاء ترکه کما هو حتی یکون سنبلًا و إلا فلا ینبغی له أن یترکه حتی یسنبل و هو مناف لما قدمناه فلا بد من حمله علی الکراهة و استحباب القطع کما یشعر بهما لفظة لا ینبغی و حمله علی شرائه بشرط القصل بعید عن سیاقه و لا دلالة فی شرائه قصیلًا علی ذلک للفرق بین شرائه قصیلًا و شرائه بشرط القصل.

تاسعها: لا یجوز بیع الخضر قبل ظهورها

و یجوز بعده علی وجه الإطلاق علی الأظهر و إن کان مما یلتقط جاز بیعه لقطة و لقطات متعددة و لکن یشترط علم العدد فیها و إن کان مما تجز جاز بیعه کالرطبة و نحوها و هی نبت خاص جزة و جزات و إن کان مما یخرط جاز بیعه کذلک خرطة و خرطات کالحناء و نحوها مع ضبط العدد فی ذلک کله و یکون المعدوم منها بمنزلة المعدوم فی الثمار یسوغ بیعه انضمامه إلی الموجود حالة البیع و لا یتفاوت بین کون المتجددة من جنس الخارجة أم من غیره و المرجع فی اللقطة إلی العرف فما دل علی صلاحیته للقطع یقطع و ما دل علی عدمه لصغره أو شک فیه إلی أن یصلح للقطع إن دخل فی البیع عرفاً و إن اختص البیع بما یقطع عرفاً حین العقد بقی ما لم یصلح للقطع علی ملک مالکه کل ذلک للإجماع و الأخبار الخاصة فمنها ورق الشجر هل یصلح شراؤه ثلاث خرطات أو أربع خرطات قال: (إذا رأیت الورق فی شجرة فاشتر ما شئت منه خرطة و منها) غیر ذلک و لا یجوز بیعها خرطات أو جزات و نحوها قبل ظهور الأول و لا بیع الخرطات المتأخرة من دون ضم الخرطة الموجودة إلیها فی البیع لمکان الغرر و الضرر و لأنه بیع معدوم خلافاً لمن جوز ذلک و هو محجوج بما قدمنا و لما ورد فی الموثق عن الرطبة ببیعها هذه الجزة و کذا و کذا جزة بعدها قال: (لا

ص: 227

بأس به کان أبی یبیع الحناء کذا و کذا خرطة) محمول علی ما ذکرناهُ بل ظاهر ذلک فلا یصلح الاستناد إلیه فی مخالفة ما قدمناهُ و الأحوط اشتراط قابلیة الخرط و الجز للخرطة الأولی و الجزة الأولی و نحوها و لو اختلطت خرطات المشترط مع خرطات البائع و لم یمکن التمییز فالصلح الاختیاری أو القهری أو القرعة علی احتمال و لو وقع النزاع فی دخول شی ء من مال البائع فی مال المشتری کان القول قول المشتری.

عاشرها: إذا مر مار بثمرة النخل و الفواکه

جاز له أن یأکل منها ما لم یضر بها و یفسد کأن یأکل منها بحیث یؤثر فیها أثراً بیناً فیحصل مسمی الاضرار عرفاً و هو مختلف بکثرة الثمرة و قلتها و ذلک لفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و للإجماعات المنقولة و المستفیضة المنجبرة لفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا منها المرسل کالصحیح عن الرجل یمر بالنخل و السنبل و الثمرة أ فیجوز له أن یأکل منها من غیر إذن صاحبها فی ضرورة أو من غیر ضرورة قال: (لا بأس) و منها عن الرجل یمر ببستان و قد حیط علیه أو لم یحط هل یجوز له أن یأکل من ثمره و لیس یحمله علی الأکل من ثمره إلا الشهوة له و له ما یغنیه عن الأکل من ثمره و هل له أن یأکل من جوع قال: (لا بأس أن یأکل و لا یحمل و لا یفسده) و منها أمر بالثمر فآکل منها قال: (کل و لا تحمل) و منها (لا بأس أن یمر علی الثمرة و یأکل منها و لا یفسد) و ألحق بثمرة النخل و الشجر الزرع و الخضر لعموم الأدلة و ربما نسب للمشهور و نقل علیه الإجماع أیضاً و تردد فی الأول فی الإلحاق قوم آخرون و علی الجواز فلا ضمان علی الأکل قطعاً لظاهر نفی البأس فی الأخبار و الظاهر الإذن الشرعی فیه من دون ذکر الضمان فی مقام البیان فی الأخبار و لو فسد ضمن ما حصل الإفساد مع ضمان الکل و احتمال انه إن نوی فی الابتداء الإفساد حرم علیه الکل و ضمنه و إن لم ینو و حصل بالعارض ضمن ما حصل به الفساد و حرم و هذا هو الأقوی بل لو نوی الإفساد ابتداءً حرم علیه التصرف و ضمن ما أکله و إن لم یتحقق به الإفساد علی الأظهر و لما کان الحکم مخالفاً للقواعد اقتصر علی المورد الیقینی من الأخبار و فتاوی الأخیار فلا یحل له إلا أن یکون المرور اتفاقیاً لا بقصد الأکل کما یظهر من الأخبار و لا یکون القصد مشترکاً بین الأکل و المرور و إن یکون المقصد ما

ص: 228

فوق مکان الثمرة کما یظهر من لفظ المرور أو المقصد مکانها و إلا فلا یحل و أن لا یعلم نهی المالک بل و لا یظنه و إنما یظن الرخصة أو یشک فیها و تکون الثمرة علی الشجرة و ما أشبه ذلک فلو اقتطعت لا یحل و أن لا یحمل منها شی ء لیخرج به فیأکل ما حمله نعم لو أکل فحمل حل له الأکل و حرم الحمل و ضمنه و ان یکون الأکل مسلماً إذا کان صاحب الثمرة کذلک فی وجه و إن یکون مکان الثمرة له باب الدخول و الخروج أو بغیر حائط فلو کان محیطاً علیه و قد سدت بابه فلا یجوز أن ینزو الحائط و لا ینافی فی الخبر المتقدم و أن لا یأکل زائداً عن شبعه و أن لا ینوب غیره منابة و أن لا یفسد قبل الأکل فیحرم بعده فی وجه و أن لا یعلم حصول الإفساد بأکله قبل أکله بکسر غصن أو قلع زرع أو إتلافه و لو أکل کذلک ضمن و لو أکل فحصل الإفساد بأکله قهراً ففی ضمانه لما أکل و لما أفسد وجه توافقه القواعد و لو تعددت المارة فحصل الإفساد بالأخیر حرم علیه دون الأولین و لو حصل الإفساد بمجموعهم دون انفرادهم اقترعوا بینهم مع المشاحة و لو دخل الجمیع فأکلوا ضمن الجمیع و الأحوط المنع علی الإطلاق لقضاء العقل و النقل بحرمة التصرف بمال الغیر و الجور و الخیانة و السرقة و لتأدیة جواز ذلک إلی اضمحلال أموال الناس من الثمار الموضوعة فی الطرق و اضمحلال الأخماس و الزکاة الحاصلة منها و لبعض الأخبار الخاصة منها الصحیح عن الرجل یمر بالثمرة من الزرع و النخل و الکرم و الشجر و المباطیخ و غیر ذلک من الثمر أ یحل له أن یتناول منه شیئا و یأکل بغیر إذن صاحبه و کیف حاله إن نهاه صاحب الثمرة و الحد الذی یسعه أن یتناول منه قال: (لا یحل له أن یأخذ منه شیئاً) و منها المرسل فیمن یمر بالسنبل فیأخذ منه قال: (لا) و قال: (لو کان کل من یمر أخذ سنبلة کان لا یبقی شی ء و هذه و إن أمکن حملها علی الکراهة و الإفساد أو حالة القطع بعدم الرضا إلا أنها بضمیمة الأصول و القواعد و بضمیمة التوقف من تخصیص أدلة المنع بأخبار الجواز یکون الاحتیاط التام التجنب عن أموال الناس فی هذا المقام نعم لو حصلت الإذن الفحوائیة مما یفید الظن بها عادة من وضعها فی الطریق و عدم التسور و التحفظ علیها و عدم جعل ناطور لها و غیر ذلک مما یفید المظنة بالرخصة کوضع الأبیات للضیوف

ص: 229

و الدور الخارجة للمستطرقین و کان الإذن ممن له أهلیة الإذن فجواز الأکل مع الشرائط المتقدمة لا بأس به.

حادی عشرها: المزابنة و المحافلة و هی بیع ثمر النخل مطلقاً بثمر مطلقاً منه أو مطلقاً

کما فی بعض الأخبار أو بیع السنبل بحب منه أو مطلقاً کما فی بعض الأخبار و عبر به الفقهاء الأخیار أو الثانی علی ما کان فی بعض آخر من الأخبار و لا یبعد صحة إطلاق کل منهما جمعاً بین الأخبار و ما فسره به الأصحاب و علی کل حال فهما محرمان نصاً و فتوی و إجماعاً إذا کان عوض ثمر النخل ثمر منه أو کان عوض السنبل حب من حنطة أو غیرها و الظاهر عدم الفرق بین أن یکون العوض تمراً أو غیره من ثمر النخل لظاهر الفتوی و الإجماع و إن اختص ذکر التمر فی الأخبار دون غیره و هو منزل علی الغالب أو علی إطلاق التمر علی سائر ثمرة النخل و کذا لا فرق فی السنبل بین الحنطة و غیرها و إن ظهر من کثیر من الأخبار تخصیص الحنطة و کذا یراد بالزرع فی الأخبار هو السنبل لأنه قبله حشیش یباع بکل شی ء و أما إذا کان عوض الثمر ثمراً أو حملًا من غیره و عوض السنبل حباً من غیره مجانساً له ففی دخولها فی اسم المزابنة و المحافلة و تحریمهما أو تحریمهما و إن لم یدخل فی اسمهما و عدم دخولهما و عدم تحریمهما قولان الأول للإجماع المنقول و الشهرة المنقولة و الأخبار المعتبرة الدالة علی أنهما بیع الزرع و هو سنبلة بالبر و بیع الثمرة فی رءوس النخل بالتمر و الخبر الآمر بشراء الزرع بالورق محللًا بأنه أصله المشعر بعدم جواز بیعه بطعام و الخبر عن العریة لرجل تکون فی دار رجل آخر فیجوز له أن یبیعها بخرصها تمراً و لا یجوز ذلک فی عیره و هو نص فی المطلق لو منعنا بیع العریة بثمر منها و هذا القول هو الأقوی و لو باع الثمرة بتمر و اشترط کونه منها فهل یدخل فی المتفق علی منعه أو فی المختلف فیه وجهان و القول الثانی استناداً للأصل و العمومات و هی مخصصة بما ذکرنا و للأخبار الدالة علی الجواز منها لا بأس أن یشتری زرعاً قد تسنبل و بلغ بحنطة و فیه ضعف عن مقاومة ما قدمنا مع شموله لما أجمع علی خلافه من البیع بحب منه فحمله علی اختلاف الجنس أولی و منها عن بیع حصائد الحنطة و الشعیر و سائر الحصائد قال: (فلیبعه بما شاء) و فیه مع ضعف

ص: 230

سنده و شموله للمجمع علی منعه اختصاصه بالحصائد و هی غیر الزرع فلعلنا نجوزه فیها دون الزرع و الحق عدم جوازه مطلقاً فیکون من قبیل العام المخصوص و منها عن رجل اشتری أرضاً علی أن یعطیه من الأرض قال: (حرام) قلت: جعلت فداک فإن اشتری منه الأرض بکیل معلوم حنطة من غیرها قال: (لا بأس) و فیه ما قدمنا إن مورده بیع الأرض لا الزرع و التجوز فیها عنه لا داعی له و منها فی رجل قال لآخر بعنی ثمرة نخلک هذا الذی فیها بقفیزین من تمر أو أکثر أو أقل یسمی ما شاء فباعه فقال: (لا بأس به) و قال: (التمر و البسر من نخلة واحدة لا بأس) و فیه إنه و إن صح سنده فقد اشتمل علی ما أجمع علی بطلانه سیما مع التصریح فی آخره فیه و ذلک مما یوهنه و یضعفه عن مقاومة ما قدمناه من الأدلة و منها فی رجل کان له علی رجل خمسة عشر وسقاً من تمر و کان له نخل فقال له: خذ ما فی نخلی بتمرک فأتی النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فبعث النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) علیه فقال له: (خذ ما فی نخله بتمرک) الحدیث و فیه ضعف السند و الدلالة لعدم التصریح فیه بالبیع فلعله کان وفاءً و صلحاً و لا شک إن الممنوع منه فی النص و الفتوی هو البیع دون غیره کما إن الممنوع منه هو ثمرة النخل و الزرع دون باقی ثمرات الأشجار و ما لم یسم زرعاً له سنبل کالبقول و الخضروات و نحوها إلا أنه یجنی المنع من جهة اتحاد العوض و المعوض فیما لو کان المبیع شی ء منه و هو خلاف قواعد المعاوضة و أما احتمال إن المانع من ذلک هو لزوم الربا بین المتجانسین أو المانع هو بیع الرطب بالیابس فیما کان أحدهما رطباً و کان الآخر یابساً قضاءً للعلة فی منع بیع الرطب بالتمر فهو مردود بما تقدم فی باب الربا من أن الممنوع فی باب الربا و فی باب بیع الرطب بالیابس هو ما کان مقدراً بالکیل و الوزن فعلًا و لا شک إن الثمرة علی الشجرة و الحب علی الأصول لا یدخله التقدیر بوجه من الوجوه.

ثانی عشرها: یستثنی من حکم المزابنة العریة

بالنص و الإجماع فیجوز شرائها بخرصها تمراً أی بقدرها المخروص و فی المعتبرة و خص رسوا الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی العرایا أن یشتریها بخرصها و القدر المتیقن جوازه من النصوص و الفتاوی إن العریة هی

ص: 231

النخلة دون غیرها من الأشجار الواحدة دون المتعددة الکائنة فی دار غیر المالک فیشتریها صاحب الدار من المالک و هل یشترط ملک الأصل مع الثمرة أو یکفی ملک ثمرتها لصاحبها و لا یبعد الأخیر و ان یکون بخرصها دون ما زاد و ما نقص تمراً دون غیره و أن یکون التمر من غیرها لا منها و الأقوی تعدیة الحکم للبستان لظاهر فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب و إطلاق بعض الأخبار و بما نقل عن أهل اللغة من العموم لذلک و یلحق بالبستان الخان و نحوه لبعض ما ذکرنا و کذا الأقوی تعدیته لغیر مالک عین الدار من المستأجر و شبهه لبعض ما ذکرناه و تنقیحاً للعلة و فی تعدیته للمستعیر إشکال و لا یشترط فیها مطابقة ثمرتها جافة لثمنها فی الواقع بل تکفی المطابقة فی ظن الخارص کما هو المفهوم من النص و الفتوی فلو زادت عند الجفاف علیه أو نقصت عنه لم یقدح فی الصحة خلافاً لمن اعتبر المطابقة و علیه التصرف بالنخلة بالأکل و نحوه قبل الاستعلام و هو خلاف ظاهر الأدلة و کذا لا یشترط فیها التقابض فی المجلس خلافاً لمن اشترطه و هو ضعیف و هل یشترط المماثلة بین تمرة النخلة غیر صیرورتها تمراً و بین التمر الذی هو ثمنها و المماثلة بین ما علیها رطباً و بین التمر و ذلک لاستلزام بیع الرطب متساویاً و هو ممنوع أو لا یشترط لإطلاق النص و لأن الممنوع منه هو المقدر کیلًا و وزناً لا ما کان علی رءوس النخل و الأخیر هو الأقوی إلا أن الأول نسب للأکثر بل للکل فالتعدی عما هم علیه مشکل هو بیع جزء منها مشاع کبیع کلها تنقیحاً للمناط أو للاقتصار علی المنصوص و هل یشترط اتحاد صاحب الدار الظاهر ذلک و هل یشترط حلول الثمرة ظاهر الأصحاب ذلک و لا یجوز بیع ما زاد علی الواحدة لظهور الحکم فی الواحدة و هل یجوز بیعها بتمرها الظاهر عدم الجواز أخذاً بالقواعد من لزوم تغایر الثمن و نسب للأصحاب.

ثالث عشرها: إذا کان بین اثنین أو جماعة ثمرة نخلة أو ثمرة شجر ملکاً للأصول معها أم لا و الحق بهما الزرع

و لا یخلو من کلام فتقبل أحدهما بحصة صاحبه بثمر معلوم القدر منها أو من غیرها جاز لفتوی المشهور و ظاهر الاتفاق المحصل و المنقول عدی شاذ لا یعتد به کابن إدریس و للأخبار منها عن الرجلین یکون بینهما النخل

ص: 232

فیقول أحدهما لصاحبه اختر أما أن تأخذ هذه النخلة بکذا أو کذا کیلًا مسمی و یقضی نصف هذا الکیل زاد أو نقص و أما أخذه بذلک وارد علیک قال: (لا بأس بذلک) و منها ما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أنه قبل أهل خیبر تمارهم کذلک و الحکم لا إشکال فیه إنما الإشکال إن العقد بذلک النحو هل هو بیع مستثنی من حکم المزابنة و المحافلة أو صلح مستثنی من لزوم الثمن و المثمن للزوم ذلک فی الصلح و مستثنی من حرمة الربا لو قلنا بجریانه فی مثل هذا المقام أو معاملة جدیدة جاء بها الدلیل و الأظهر الثالث لأنه الظاهر من أخبارها و لأن الحکم بالاستثناء موقوف علی التصریح بما یستثنی من حکم التحریم الثابت بالسنة و الإجماع و لیس فلیس و علی ما اخترناه فالظاهر انه عقد لازم لأن الأصل فی العقود المشکوک فیها ذلک و یفتقر إلی صیغة خاصة کقبلتک و شبهها و إن خلت عنها و تصح فیها المعاطاة فیکفی أی قول دل علی ذلک و علی الاکتفاء بذلک تحمل الأخبار من حیث خلوها عن ذکر الصیغة و یجوز أن یجعل الثمن نفس الثمرة المعینة منها و یجوز جعله کلیاً و یشترط أن یؤدی منها و یجوز جعله کلیاً بلا شرط و علی الأخیر فلیزم القابل بالثمن تلفت الثمرة کلًا أم بعضاً أم بقیت زادت علی ما تقبل أو نقصت و علی الأولین یلتزم القابل بالثمن نقصت أو زادت فالنقصان علیه و الزیادة له إن کان النقصان و الزیادة لحظاً فی الخرص أو کان النقصان لتلف سماوی و إن تلفت رأساً فلا شی ء علی القابل و إن تلفت بعضها تلف بعض من الثمن بحسابه و الوجه فی ذلک هو إنه لما کان العوض من المعوض به و قدر رضی به المقبل رضی بکونه حقاً فی العین لا فی الذمة و إن تلفت من دون تفریط احتاج انتقاله إلی الذمة إلی دلیل و لیس فلیس و قد یفرق بینما إذا کان الثمن نفس العین فلا شی ء علیه و بین ما إذا کان کلیاً و لکن اشترط تأدیته من نفس العین فیلتزم به و هو وجه فظهر مما ذکرناه ضعف ما أورده ابن إدریس علی أصل الحکم بان هذا التقبیل إن کان بیعاً کان فاسداً و إن کان صلحاً کان فاسداً لمکان الغرر لکون العوض من نفس الثمرة و إن کان فی الذمة لزم سواء بقیت الشجرة أو تلفت و الجواب أنها معاملة خاصة أو بیع

ص: 233

مستثنی بالدلیل أو صلح مغتفر فیه الغرر للدلیل فإذا تلفت من المعوض شی ء لزم تلف بعض العوض لمکان الإشاعة بینهما و إذا لم یتحقق ضمانه لم یجب أداء شی ء منه.

رابع عشرها: لو اشتری ثمرة أو زرعاً بشرط القطع و قضت العادة بقطعه

وجب علی المشتری قطعه فإن لم یفعل تولی البائع قطعه بعد الاستئذان من الحاکم أو بدونه و الأول أحوط فإن لم یمکن الرجوع إلی الحاکم فلا إشکال فی جواز تولی القطع بنفسه و له أجرة المثل علی بقائه زائداً علی المدة إذا لم ینو التبرع و له ارش فساد الأرض إن حصل ببقائه فیها و یرجع إلیه بأجرة حمله و نقله و لو لم یشترط القطع و لم تجرِ العادة به فلیس للبائع تکلیف المشتری الثمرة بقطعها کما إن لیس لمشتری الأصول تکلیف البائع بقطع الثمرة بل یلزم علیها إبقاءها إلی حین قطعها عادة قضاءً للشرط الضمنی و الحکم الشرعی و لا یترتب علیه فساد من جهة الجهالة للعلم به فی الجملة و لأنه من الشرائط الضمنیة فلا یعتبر فیها العلم تفصیلًا أو لأنه من الأحکام الشرعیة الثابتة للمعاوضة بعد وقوعها صحیحة و لیس من أرکان المعاوضة و لا داخلة فیها فلا تؤثر الجهالة فیها غرراً و لو اضطربت العادة فی الرجوع إلیها فالأغلب و مع التساوی لزم التعیین فإن أطلق احتمل البطلان و احتمل التنزیل علی أقل المراتب لأنه المتیقن و احتمل علی أعلاها صیانة لمال المشتری و احتمل علی أوسطها و احتمل القرعة علی ضعف فی الأخیرین و لو اختلف البائع و المشتری فی الوقت رجعا لأهل الخبرة فإن اختلفوا رجح الأعدل ثمّ الأکثر ثمّ الأبصر و قد یقوی الأخیر و یضعف الأول فیقدم علیه و مع التعادل یقرع أو یقدم قول المشتری لشدة تعلق حصته أو البائع لسبقه وجوه أوجهها الوسط و لو دخل وقت قطع بعض الثمرة دون بعض جری علی کل حکمه و لو تأخر بلوغ الثمرة عن الوقت المعتاد بحیث یتضرر المشتری بقطعها جاز للبائع قلعها و إبقاءها بالأجرة و احتمال لزوم إبقائها علی البائع بأجرة وجه لا یبعد الرکون إلیه و لو اختلفت البلدان بالعادة کان لکل بلد حکم نفسه و لو عینا وقتاً اتبع و لو خالف العادة و لو کان لکل منهما عادة تخصه احتمل لزوم البیان و إلا فالبطلان و احتمل الإقراع و احتمل تقدیم عرف البائع و احتمل تقدیم عرف المشتری و لو اتفقا علی وحدة العادة و اختلفا فی صفة

ص: 234

الثمار لتعذر الاختبار قوی تقدیم الناقل مع احتمال تقدیم المنقول إلیه و لو کانت العادة علی حال فتغیرت قبل الاستواء فالمدار علی وقت العقد فیرجع صاحب الأصل بالأجرة و الأرش و یحتمل اختصاص الرجوع بالبائع و یحتمل إلغاء العادة فلا رجوع و لو حکما بعادة فظهر تقدمها أو تأخرها احتمل الأجرة أو الارش لمن علیه صاحب الأصل بالاقتطاف بعد حصول الوقت لم یلزم صاحب الثمرة الإبقاء تضرر به أم لا و لو تضرر به قبل حصول وقته احتمل لزوم إبقائها علیه إذا لم یتضرر بإبقائها.

خامس عشرها: لکل من مشتری الثمرة و صاحب الأصل سقی الشجرة و بما حکمها إذا تضرر بعدم السقی و لم یتضرر الآخر به

أو إذا انتفع و لم یتضرر الآخر انتفع به أم لا و إذا تضررا معاً منع أحدهما الآخر بنفسه أو بالحاکم و إذا تضرر أحدهما و لم ینتفع الآخر و لا تضرر کان للمتضرر منع الآخر و إذا تضرر أحدهما بالسقی و انتفع منه قدم المتضرر و إذا تضرر أحدهما بالسقی و تضرر الآخر بعدمه لزم ترجیح الأشد ضرراً فإن تساویا لزم ترجیح المنقول إلیه علی الناقل لإقدامه علی ضرر نفسه بنقله و لعله قول الأکثر و یحتمل الاقتراع و لو تعارض نفعهما قوی تقدیم نفع المنقول إلیه و یحتمل تقدیم قول الأشد و قیل لو تقابل ضرر أحدهما و نفع الآخر ترجیح مصلحة المنقول إلیه أیضاً و إن قابلت ما فات علی الآخر أو مطلقاً قیل و لعله الأقوی و الأکثر و لو اختلفت و المنقول إلیه فی ترتب الضرر رجعنا إلی أهل الخبرة فإن تعذر قدم مدعیه لأنه مانع من الضرر بماله و یحتمل تقدیم قول المنقول إلیه و یحتمل تقدیم قول صاحب الأصل و لا ضمان علی المأذون فیما یترتب علی صاحبه شرعاً و یضمن غیره مقدار ما أصابه من الضرر بل ما فاته من النفع علی إشکال و لو توقف السقی علی إجراء ماء ضار بما یمر به فلا بأس إن کان الإجراء مستحقاً له قبل تعلق حق الغیر و یلزم الإجراء علی قدر الحاجة حینئذٍ و یرجع فیه إلی أهل الخبرة فإن اختلفوا فالأعدل ثمّ الأکثر و مع التساوی قدم احتمال الضرر مع احتمال تقدیم احتمال عدمه للأصل و لو انقطع الماء أو امتنع السقی به لم یجب قطع الثمرة و إن تضرر الأصل بمص الرطوبة سواء تضرر صاحب الثمرة بالإبقاء أم لا و لو أدی الضرر إلی اتلاف الأصل ففی عدم وجوب

ص: 235

القطع إشکال و حیث یلزم القطع فلا یبعد أنَّ له الارش و أجرة المدة و لو أخر القطع بعد الوجوب ضمن ما فات علی صاحب الأصل بسبب البقاء.

سادس عشرها: یجوز بیع الثمرة کسراً مشاعاً و بیعها

و استثناء ثمرة نخلة بعینها أو استثناء قدر معین من أرطال معینة و نحوها و استثناء قدر مشاع إذا خاست الثمرة سقط من المشاع المستثنی بحسابه و فی إلحاق استثناء الأرطال بالمشاع فیسقط بحسابه أیضاً کان تخرص الثمرة و یخرص ما خاس منها ثلثاً أو ربعاً فیسقط من الأرطال بذلک الحساب أو ینزل علی المعین فللبائع ما استثناه وجهان و ظاهر الأصحاب علی الأول و ربما یساعده فهم العرف إلا مع التصریح بالثانی و یشترط فی استثناء القدر المعین العلم باشتمال الثمرة علیه و زیادة کی یصح و فی الخبر إن لی نخلًا بالبصرة فأبیعه و اسمی الثمن و استثنی الکر من الثمر أو أکثر أو العدد من النخل قال: (فلا بأس) و فی آخر عن الرجل یبیع الثمرة یستثنی کیلًا تمراً قال: (لا بأس).

سابع عشرها: إذا باع الثمرة فتلفت قبل التخلیة کلًا أو بعضاً

کانت من مال البائع و إن أتلفها المشتری کان بمنزلة القبض بل هو أقوی و احتمال انفساخ العقد و ضمان المثل و احتمال جواز رجوعه علی البائع بها غیر بعید لضمانه علیه و إن أتلفها البائع قیل انفساخ البیع و قیل کان للمشتری الخیار بین الفسخ و بین الإمضاء و الرجوع علی البائع و هو الأقرب و لو تلفت بعد التخلیة کان تلفها من مال المشتری لأنها دخلت فی ضمانه و القبض هاهنا هو التخلیة و لا تفتقر إلی کیل و لا وزن فی تحقق القبض و إن قلنا إن القبض فی المکیل و الموزون کیله و وزنه لعدم کون الثمرة فی رأس النخل مما یکال و یوزن و یجوز أن یبیع ما ابتاعه من الثمرة قبل التخلیة و بعدها بزیادة عما ابتاعه و بنقصان للأصل و النص و الفتوی و لا یحرم بل و لا یکره قبل القبض لأن حکم التحریم و الکراهة فی بیع المکیل و الموزون قبل قبضه أو کیله أو وزنه لا مطلق البیع و لا مطلق الطعام علی الأظهر الأشهر.

ص: 236

القول فی بیع الحیوان:

اشارة

خص بالذکر کبیع الثمار لکونه ذا أحکام خاصة و الکلام فیه یقع فی مباحث

أحدها: من اتصف بصفة الکفر الأصلی

عن إنکار أو جحود أو عناد أو شرک أو شک فی ربوبیة أو نبوة أو معاد فی أصلها و فی ضروری من ضروریاتها کاشف عن حصول الشک فیها أو تبعاً لذلک الکافر الأصلی و کان المتصف بإحدی الوصفین خال عن زمام أو عهد أو أمان بما یعتصم به من أهل الإسلام یجوز ملکه و استرقاقه إذا أسر قهراً أو أخذ سرقة أو غیلة ملک بنیة التملیک أو بدونه ما لم ینوِ الأخذ الحلاف کالرد إلی وطنه أو حفظه سواء کان الأخذ بإذن الإمام أو بدونه بجهاد أو بدونه علم نسب المأسور أم لا أمکن تولده من مسلم أم لا عملًا بظاهر الحال حیث أنه أخذ من دیار الکفار و هل هو قبل الأخذ من الأحرار أو مباح من المباحات أو ملک للمسلمین کافة وجوه أوجهها الوسط هذا إذا کان قابلًا للملک أما إذا کان طفلًا أو امرأة أو بالغاً قد استرقه الإمام حالة الحرب و من لم یتصف بالکفر الأصلی بل کان مرتداً فطریاً أو ملیاً أو منتحلًا للإسلام و کذا من لم یکن قابلًا للأسر لا یجوز تملکه بوجه من الوجوه و یسری الرق فی عقب المملوک و إن أسلم و آمن کل ذلک للأخبار و الإجماع و إذا أخذ لقیط دار الحرب ملک مع نیة التملک أو بدونها علی الوجهین إذا علم عدم اشتمال الدار علی مسلم یمکن تولده منه و لو احتمالًا ذکراً کان أو أنثی أو علی معتصم بإحدی العواصم یمکن تولده منه أیضاً علی الأظهر فی ذلک أخذاً بالأخبار الناصة علی أن المنبوذ حر کما فی أحدها و إن اللقیط لا یشتری و لا یباع کما فی ثالث أو لا یباع و لا یشتری و لا یوهب کما فی رابع و إطلاقها و إن کان شاملًا لإمکان تولده من مسلم و عدمه إلا أن فهم الأصحاب و فتاواهم و ظهور الإطلاق فی غیر المقطوع به إنه من أهل الحرب مما یقید ذلک الإطلاق بل لو لا إطباق الأصحاب علی حریة اللقیط مع إمکان التولد من المسلم فی دار الحرب لأمکن صرف تلک الأخبار إلی لقیط دار الإسلام کما تصرف أخبار لقطة المال إلیها و کان حکم لقیط دار الحرب بحکم أسیره لضعف إجراء حکم اللقیط للأسیر قطعاً و یقبل إقرار اللقیط بعد الحکم علیه بالحریة بالرقیة کلًا أو

ص: 237

بعضاً مسلماً أو کافراً و بما یلزمها بعد جمعه لشرائط صحة الإقرار لمالک معین مسلم أو کافر و إن لزم بیعه علیه مطلقاً کذب إقراره المقر له أو صدقه أو سکت لأن الإقرار حجة علی المقر له أم لا عملًا بعموم الأدلة فإن کان الإقرار لمعین دفع إلیه و إن کذبه دس فی أمواله أو دفع إلی الحاکم و إن کان لمجهول جری علیه حکم مجهول المالک و تولاه الحاکم هذا کله إذا لم یکن معروفاً بالحریة نسبة و استناده لأبویه و عشیرته فإنه لا یقبل لضعف إقراره بمعارضته بما هو أقوی منه و الظاهر أنه لا خلاف فیه و لا فرق بین اللقیط و بین کل مجهول النسب و قد أقر علی نفسه بالرقیة فإنه یقبل منه مع کماله و رشده لعموم دلیل الإقرار و للشهرة المنقولة بل المحصلة و ظاهر نقل الإجماع کما عن بعض و للصحیحة أو الحسنة الناس کلهم أحرار إلا من اقر علی نفسه بالعبودیة و هو مدرک و للخبر عن رجل أقر انه عبد قال: (یؤخذ بما أقر به) و نحوه غیره و منع ابن إدریس عن قبول إقراره لحکم الشارع علیه بالحریة فلا ینقض أو لتوقف صحة الإقرار علی الحریة حتی لا یکون إقراراً فی حق الغیر المستلزم لبطلانه ضعیف لا یقاوم ما قدمناه کضعف من لم یشترط الرشد فی إقراره استناداً لعموم الأدلة و فیه إن الأدلة منصرفة للرشید بل فی قوله و هو مدرک الإشارة إلیه علی أن الإقرار بالرقیة أما إقرار بمال أو مستلزم ما لا غالب کما إذا کان فی یده مال أو هو أقوی من المال و الإقرار لا یمضی إلا فی حق المقر دون غیره فإقرار المرأة لا یسمع فی حق الزوج و کذا إقرار من عقد لازماً أو عمل متبرعاً شیئاً فتلف و لو استلزم الإقرار دفع حد أو تخفیضه أو رفع وجوب نفقة قبل فیما له لا فیما علیه و فی اندفاع الحد عنه لمکان الشبهة و لا تسمع بنیة المقر علی خلاف ما أقر به لتکذیبه إیاها بإقراره إلا إذا أقام البینة علی أمر محتمل فی إقراره کدعوی شبهة مسموعة فی حقه أو غلط بحکم شرعی أو بنسب أو نحو ذلک بل قد تسمع دعواه من غیره و لکن مع یمینه فی وجه قریب سیما مع عدم المنازع له فعلًا و للإنسان أن یشتری ما یباع فی الأسواق من الممالیک أقروا بالرقیة أو سکتوا صغاراً أو کباراً ممیزین أم لا للإجماع و للأخبار و للسیرة القطعیة و إن ادعوا الحریة و کان الإقرار بعد البیع مع حضورهم و مشاهدتهم لم تسمع دعواهم فی الأول و لا بینتهم إلا إذا

ص: 238

أظهروا للإقرار وجهاً محتملًا و تسمع دعواهم مع البینة فی الأخیر و إن کان قبل الإقرار و قبل البیع فإن کانوا مشهورین بالرقیة مع بلوغ حد الشیاع أو عدمه علی الأظهر أو کان قد جرت علیه أحکام الرقیة من قبل و استقرت علیه الید القاضیة بالملکیة من تصرف و سلطنة أمر و نهی حکم برقیته و لا تسمع دعواه الحریة إلا ببنیة و إن لم یکن شی ء مما ذکرناه و إنما کانت مجرد دعوی لشخص برقیة آخر لم تسمع دعوی مدعیه إلا بالبینة و هذا کله یمکن أخذه من السیرة القطعیة و من قواعد الید و من حمل فعل المسلم علی الصحة مع عدم المعارض و الممانع و من أصالة الحریة مع عدم ما یقطعها و من ظواهر الأخبار کالصحیح سألته عن مملوک ادعی أنه حر و لم یأت ببینة علی ذلک أشتریه قال: (نعم) و فی آخر أدخل السوق و أرید أشتری جاریة فتقول إنی حرة فقال: (اشترها إلّا أن تکون لها بینة) فإن ترک الاستفصال فیها مع قیام الاحتمال دلیل علی جملة ما ذکرناه من الأحکام المتقدمة.

ثانیها: یصح أن یملک کل من الزوجین الآخر دواماً و متعة

و کذا المحلل له ما لم یختلفا فی الإسلام و عدمه فتبطل الزوجیة و یبقی الملک إجماعاً محصلًا و منقولًا صریحاً فی الزوجیة و ظنیاً و علی وجه العموم فی التحلل علی ما قیل و لامتناع اشتراک الأسباب المسوغة للوطء لظاهر الإجماع و الکتاب لأن التفصیل فیه قاطع للشرکة و منه الجمیع و للسنة قیل و لتضاد اللوازم فیبطل اللاحق السابق و إلا لزم اجتماع سببین علی مسبب واحد و للأخبار الخاصة و منها عن امرأة حرة تکون تحت المملوک فتشتریه هل یبطل نکاحه قال: (نعم لأنه عبد مملوک لا یقدر علی شی ء) و فی آخر امرأة لها زوج مملوک فمات مولاه فورثته قال: (لیس بینهما نکاح) و فی ثالث فیمن زوج أمه ولد له مملوک فمات فورث الولد نصیباً فی زوج أمه ثمّ مات الولد فورثته أمه کیف تصنع و هو زوجها قال: (تفارق و لیس علیها سبیل) و فی رابع زوجة مملوک قد ملکته بالمیراث فأتت إلی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فقالت هل تصلح له أن یطأنی فقال (علیه السلام): (هل جامعک مذ صار عبدک و أنت طائعة) قالت: لا قال: (لو کنت فعلت لرجمتک) و الحدیث طویل و یدخل فی الملک الوقف الخاص دون العام و دون الأملاک العامة کالمشتری من

ص: 239

مال الزکاة أو المحبوس علی المسلمین و نحو ذلک اقتصاراً علی مورد الیقینی من الملک و المنقول إلیه من أحد الزوجین فضولًا لا یتوقف عن الوطء قبل الإجازة إن قلنا أنها ناقلة و إن قلنا أنها کاشفة فلا یبعد لزوم ترک الوطء حتی یتبین أحد الأمرین أو الإجازة ممن وقع العقد فضولیاً عنه و ملک البعض کملک الکل کما دلت علیه بعض الأخبار المتقدمة و کلام الأصحاب.

ثالثها: یجوز أن یملک الرجل و من بحکمه دون الأنثی

و الخنثی کل قریب و بعید بعلقة النسب الصحیح أو الشبهة فلا عبرة بعلقة الزنا للعموم کتاباً و سنة للإجماع و الأخبار الخاصة إلا أنه لا یستقر ملکه علی أصوله کالآباء و إن علوا و الأمهات و إن علون و فروعه کالأولاد و إن سفلن و المحارم کالعمة و الخالة و إن علتا لأنهن من المحارم مطلقاً و الأخت و بنات الأخ و متی ملک أحد مما ذکرناه انعتق علیه بعد ملکه تامّاً من غیر فرق بین الملک الاختیاری أو القهری مع احتمال انعتاقه بمجرد الصیغة الناقلة فی الاختیاری و بمجرد الملک فی القهری بحیث یقعان دفعة إلا أنه خلاف الظاهر لأن الشراء سبب للملک لا للعتق و الملک سبب للعتق و الملک فی القهری و الاختیاری فلا یتقدم المسبب علی السبب و التزامه ذاتاً لا خارجاً لا حاجة إلیه علی إن فی الأخبار ما یدل علی التقدیم کقوله (علیه السلام): (إذا ملک الرجل والدیه أو أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخته و ذکر أهل هذه الآیة من النساء اعتقوا جمیعاً) و فی آخر (إذا ملک الرجل والدیه أو أخته أو عمته أو خالته عتقوا علیه) و ما دل علی نفی الملک کقوله (علیه السلام): (لا یملک الرجل والده و لا ولده و لا عمته و لا خالته) و فی آخر (لا یملک والدیه و لا أخته و لا ابنة أخته و لا عمته و لا خالته محمول علی نفی الملک المستقر و تملک الأنثی و الخنثی کل قریب و بعید إلا إنه لا یستقر ملکها علی العمودین من الآباء و الأمهات و إن علوا و علی الأولاد و أولادهم و إن نزلوا کل ذلک للإجماع بقسمیه و للأخبار الخاصة فإلحاق البعض لبعض المحارم فی المنع لا وجه له و فی الخبر عن المرأة ما تملک من قرابتها قال: (کل أحد مما عدا أبوها و أمها و ابنها و بنتها و زوجها) و ما جاء من الأخبار بخلاف ما قدمنا من عدم جواز تملک غیر ما ذکرنا فهو محمول علی الکراهة

ص: 240

و هل یلحق الرضاع بالنسب لفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و للإجماع المنقول و العموم یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و لاختصاصها بالنکاح بعد فهم الأصحاب الشمول لمثل هذا المقام و التحریم هنا یلزمه الفساد و للأخبار الخاصة منها (لا یملک الرجل أمه من الرضاعة و لا أخته و لا عمته و لا خالته إذا ملکهن عتقن) و قال: (یملک الذکور مما عدا والده و ولده لأن النساء ذات رحم محرم) قلت: یجری فی الرضاع مثل ذلک قال: (نعم) و فی آخر عن امرأة أرضعت ابنة جاریتها قال: (تعتقه) و فی ثالث امرأة أرضعت غلاماً مملوکاً لها حتی فطمته هل لها أن تبیعه قال: (لا هو ابنها من الرضاعة حرم علیها بیعه و أکل ثمنه) ثمّ قال: (أ لیس رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قال: یحرم من الرضاعة ما یحرم من النسب) و فی رابع مثله و فی خامس قریب إلیه و فی سادس (لا یملک أمه من الرضاعة) و فی سابع و ثامن و تاسع و عاشر انعتاق الولد الرضاعی و خصوص ذکر بعض الأفراد دون بعض بالقول بعدم الفصل أو لا یلحق مطلقاً کما ذهب إلیه جمع للأصل المنقوض بناقضة و للصحیح (إذا اشتری الرجل أباه أو أخاه فهو حر إلا ما کان من قبل الرضاعة) و هو ضعیف عن مقاومة دلیل المشهور فلیحمل علی التقیة أو علی العطف بالا أو علی الوصف بها لإرضاع غیر محرم أو إن ما علق بالرضاع بملک إلا انه لا یجوز بیعه إلا مع الضرورة و هو آخر ما یباع فی الدین للصحیح فی الأم الرضاعیة قال: (لا بأس بذلک إذا احتاج) و هو ضعیف أیضاً عن المقاومة فلیطرح أو یحمل علی رضاع غیر محرم أو علی التقیة.

رابعها: ما یؤخذ من مال الحربیین من دراهم أو من غیرها بغیر إذن الإمام (علیه السلام) [فهو لآخذه و فیه الخمس]

أو منصوبه الخاص أو العام فی زمن الحضور أو الغیبة بسرقة أو خیانة أو خدع أو أسر أو قهر من غیر جیش أو بجیش من غیر فهو لآخذه و فیه الخمس لشمول الغنیمة له و لا یتفاوت بین کون الآخذ مؤمناً أم لا حتی لو کان کافراً حربیاً لما دل بإطلاقه علی جواز مال المحاربین و سبیهم و لأنه غیر معتصم فهو کالمال المباح یملک بالاستیلاء و تملک الإمام (علیه السلام) له خاصة بحیازة الغیر مخالف للأصل و ظواهر

ص: 241

الأدلة و ما أخذ بإذن الإمام (علیه السلام) فکذلک لذلک و أما ما أخذ بالقهر و الغلبة بجیش أو سریة فهو للإمام و لیس للغانمین و غیرهم و لا لبیت مال المسلمین فیه نصیب للإجماع المنقول و الشهرة المنقولة بل المحصلة و النص المعتبر المجبور بما اشتهر إلا إذا لحقت إجازة الإمام (علیه السلام) أو من بحکمه له فلا یبعد عودته إلیه و مدعی الأخذ بالإذن یصدق بدعواه من غیر یمین عملًا بظاهر یده ثمّ إن مقتضی حرمة التصرف بمال الغیر و حرمة الغصب و العدوان و أکل المال بالباطل إنما للإمام (علیه السلام) کلًا کمال الأنفال أو بعضاً کالمال الذی فیه الخمس یجب حفظه و الإیصاء به فإن ضعف علیه ألقی فی البحر و لا یجوز دفعه إلا لمن دلت علیه الإذن الفحوائیة القطعیة علی جواز دفعه إلیه أو جاء به الدلیل کما جاء فی جواز دفع حصته من الخمس للمحتاجین من بنی هاشم و ما جاء من تحلیل المساکن و المتاجر و المناکح بالنسبة إلی حصته و حصة غیره بولایته (علیه السلام) علیه و کذا قد جاءت عنهم الرخصة و کف الید فی حال الحضور و فی حال الغیبة للشیعة دون غیرهم قصراً علی المورد المتیقن و الأحوط الاختصاص بالفرقة الاثنی عشریة فی حال الغیبة فیما کان کله لهم خاصة أو کان لهم و لغیرهم من الغنائم المأخوذة فی حال الغیبة بالقهر و غلبة الجنود و العساکر إن یتملکه الشیعة بالحیازة و قصد التملک إن کانوا هم الغانمین و بالأخذ من ید الغانمین بعقد أو معاوضة أو استنقاذ من ید غیرهم لو کان الغانمون من غیرهم فی وجه قوی و إن یطئوا الموطئات بتملک لهن لاغتنام أو بعقد معاوضة أو نکاح أو بتحلیل لهن من المغتنم و إن لم یکن من الشیعة جریاً له علی مذهبه أو بتحلیل ممن انتقل منه إلیه و بعد حصول الرخصة منهم (علیهم السلام) الثابتة بالإجماع بقسمیه فی الجملة و بالسیرة القطعیة فی کثیر مما تقدم بالأخبار الخاصة الدالة علی جملة مما ذکرناهُ بضمیمة عدم القول بالفصل بینه و بین غیره یتم المطلوب و لا یحتاج إلی البحث عن کون الحکم هل هو علی القاعدة فیتولی الغانم أو المتلقی عنه الإیجاب و القبول بعد إذن الإمام فی حصته أصالة و فی حصة غیره ولایة أو علی غیر القاعدة لحصول الملک تعبداً و من الأخبار الدالة علی جملة مما قدمنا روایة علی بن

ص: 242

إبراهیم عن أبی الحسن (علیه السلام) فی شراء الرومیات قال: (اشترهن و بعهن) و روایة زکریا ابن آدم عن الرضا (علیه السلام) سألته عن سبی الدیلم یسرق بعضهم من بعض و بغیر المسلمون علیهم بلا إمام أ یحل شراؤهم قال: (إذا أقروا لهم بالعبودیة فلا بأس) و ثالثة عن أبی عبد الله فی رجل یشتری من أهل ابنة فیتخذها قال: (لا بأس) و رابعة فی الروم یغیرون علی السقالبة و الروم فیسرقون الجواری و الغلمان فیبعثون بهم إلی بغداد قال: (لا بأس بشرائهم) و الحدیث طویل و الروایات الدالة علی تحلیل ما هو لشیعتهم و نحو ذلک لو قهر مسلم أو غیره ذمیاً أو معتصماً فباعه لم یصح شراؤه مطلقاً مع احتمال جوازه مع کفر القاهر و جوازه فی مذهبه أو مذهبهما لأن المتیقن من الاعتصام ما یحصل ابتداءً من أهل الإسلام و أما استیهاب ثمنه و أخذه فیما لو تبایع الکافران الجائز فی مذهبهما ذلک فلا إشکال فیه و لو قهر مسلم أو غیره حربیاً ملکه و صح بیعه فإذا کان ممن ینعتق علیه انعتق علیه و لا یجوز بیعه و لو جاز بیعه فی مذهبه ففی جواز شرائه وجه نعم لو کان القاهر حربیاً قوی القول بجواز شرائه منه لدوام القهر القاضی بدوام الملک المبطل للعتق لأنه لم یزل حربیاً مقهوراً و کل ما کان کذلک فهو مملوک لعدم دخوله فی حکم غیره تابعاً و لا یعارضه دوام القرابة المقتضیة لرفع الملک بالقهر لأن القرابة إنما ترفع الملک حیث لا یصاحبها مقتضی الملک و لو بعد فرضه معتقاً و قد أطلق فی الأخبار علیه لفظ الشراء کما جاء فیمن باع ابنته من أهل الشرک و لکن الأولی حمل الشراء علی الاستنقاذ فیکون الملک بالاستیلاء علی الحربی و السلطنة علیه فلا یجری علیه أحکام البیع.

خامسها: یجوز ابتیاع بعض الحیوان الحی مما یؤکل لحمه أم لا

بشرط الإشاعة المقصود منها الکسر و علم النسبة للإجماع بقسمیه و لعمومات الأدلة القطعیة فلو باع جزءاً منه معیناً أو باع جزءاً منه مشاعاً بقصد الکلی الحاصل فی الجملة کما إذا باعه صاعاً منه یعلم باشتماله علیه أو باع کلیاً مشاع النسبة کما إذا باع قسطاً أو نصیباً أو شیئاً أو باع کسراً معلوماً کنصفه و ثلثه یقصد بها الکلیة لا الإشاعة بطل فی الأول للإجماع بقسمیه و للغرر و الجهالة و لتعذر التسلیم فی الأبعاض لاشتباه موضع القطع

ص: 243

فیها و لحصول السفاهة فیما یراد ذبحه و کذا فی الثالث و أما الثانی و الرابع فإنه و إن أمکن لهما وجه صحة إلا أن ظاهر الفقهاء حیث خصوا الجواز بالإشاعة مع عدم النسبة منعه مع إنهما فی مثل الحیوان لا یخلو من الغرر سیما فیما لم یرد ذبحه و أما الحیوان المذبوح فلا یجوز بیع معین منه لمکان الغرر و الإجماع المنقول و ظاهر فتوی الأصحاب و کذا کسر مجهول و أما الکسر المعلوم النسبة مع معرفة وزنه إن قلنا باشتراط الوزن فیه أو بدونها إن لم نقل أو بیع کلی منه یعلم باشتماله علیه أو بیع کسر منه علی جهة الکلیة فلا أری وجهاً للمنع منه إلا أن ینعقد إجماع علی المنع فی بعض الصور و لو باع الحیوان و استثنی الرأس و الجلد أو هما معاً أو غیرهما من الأجزاء المعینة سواء کان بحرف الاستثناء أو بلفظ الشرط فالأقوی بطلان البیع لمکان الغرر و الجهالة إذ لا فرق بین بیع الرأس و بین بیع الکل و استثنائه إلا بمجرد الصورة علی أنه لا یخلو من شبهة تعذر التسلیم فیما لم یکن مذبوحاً و یراد ذبحه و التأدیة إلی النزاع و الخصومة فیما إذا أراد البائع ذبحه و أراد المشتری بقاءه أو العکس کما فی بعض الموارد و قیل إن البائع یکون شریکاً للمشتری بنسبة القیمة فیما إذا استثنی الرأس أو الجلد أما بأن یقوم الحیوان کله و یقوماهما و ینظر إلی نسبة القیمتین فیکونان شریکاً بقدر تلک فی الحیوان أو بأن یقوم الحیوان واجد الرأس و الجلد و مسلوبهما و ینظر نسبة التفاوت فیکون شریکاً بتلک النسبة استناداً إلی إن تعذر العین یوجب الشرکة بحسب القیمة إذ لا یسقط المیسور بالمعسور و ما لا یدرک کله لا یترک کله و إذا أمرتکم بأمر فاتوا منه ما استطعتم و إلی الروایتین الدالتین علی إن البائع یکون شریکاً قدر الرأس و الجلد فمن باع بعیراً و استثنی الرأس و الجلد و فی الروایتین ضعف سنداً و دلالة لاحتمال إرادة استحقاق عینهما أو قیمتهما و مع ذلک فهما مخالفان لفتوی المشهور و أصول المذاهب و القواعد الجاریة بین فقهاء الإمامیة و منافیة لما دل علی تبعیة العقود للقصود و علی المنع من التجارة من غیر تراض و أکل المال بالباطل فلا بد من اطراحهما أو تأویلهما بما ذکرناه و لو أخذنا بها لاقتصرنا لمخالفتها القواعد علی خصوص البعیر و خصوص استثناء البائع و خصوص استثنائهما تأمین و خصوص وقوع الاستثناء قبل الذبح کما یظهر منها

ص: 244

و قیل إن البائع یملک نفس الرأس و الجلد لجمع من أصحابنا و نقل علیه الإجماع لعموم أدلة صحة العقود جنساً و نوعاً لاندفاع الغرر تمیز المستثنی و معرفة و معرفة الحدود و فیه منع اندفاع الغرر عرفاً و لو اندفع لصح تعلق البیع بهما إذ الفرق بین بیعهما و استثنائهما من المبیع غیر معقول و قد یقال بالصحة فی المذبوح لاندفاع الغرر بذبحه عرفاً دون الحی للزوم الغرر الناشئ من وجود الحیاة الباعثة علی ملاحظة الجملة و فیه ما مر من عدم المحیص عن الغرر و قد یقال أیضاً بالصحة فی المذبوح و الضرب بالنسبة فی غیره مع عدم اشتراط الذبح و مع اشتراطه فإن وقع فلا بحث و إلا تخیر بین الفسخ و القیمة و فیه ما مر مع إنه لا یخلو من تحکم و قد یقال بجواز العمل بالروایتین فی خصوص الجلد لاختلافه دقة و غلظاً فتعلق الاستثناء به موجب للغرر فیتعین الحمل علی إرادة القیمة و الضرب بالنسبة دون غیره من الرأس لمعرفة حدودها فیصلح استثناء عینها قیل و من الوجوه المتخلیة تخصیص الغرر بالرأس لجهالة حده بخلاف الجلد فیصح استثناء الثانی دون الأول و منها الجمود علی مدلول الروایتین لا غیر و منها تخصیص المنع بالمذبوح لدخوله تحت الموزون فیلزم فیه الغرر دون الرأس و الجلد معه بدفع الغرر و منها تخصیص المنع بالمسلوخ فقط مع بقاء الرأس مطلقاً و مع عدم شرط عدم الوزن لدخوله تحت الموزون و منها قصر المنع علی ما یؤکل لحمه و الکل منظور فیه و یظهر ضعفه مما تقدم.

سادسها: لو اشترک شخصان فی شراء حیوان و شرط أحدهما الرأس و الجلد دون الآخر

فالاشتراط أما أن یکون علی البائع فیرجع إلی شراء أحدهما النصف مستثنی منه نصفهما و شراء الآخر النصف مع نصفهما الآخر فیرجع شراء الکل مع استثنائهما أما أن یکون إلی شراء الکل أو أحدهما ثمّ بیع النصف للآخر مستثنی من الرأس و الجلد فیکون من قبیل استثناء الکل منهما فی بیع الکل و أما أن یکون کذلک و لکن یشترطها للمشتری فیکون من بیع الأعضاء لأنه باع النصف المشتمل علی تمام الرأس و الجلد بأن یکون مالکهما و أما أن یکون قد اشتری أحدهما الکل و اشتری الآخر منه الرأس و الجلد و اشتری أحدهما الکل غیر الرأس و الجلد و الآخر الرأس و الجلد فقط حتی یکون داخلًا فی مدلول الروایة و یکون من بیع الأعضاء و الاستثناء

ص: 245

و علی کل حال فالشرط فاسد لمکان الجهالة فیفسد العقد بفساده و قیل بتنزیل هذا الشرط علی الإشاعة فیکون له من الحیوان بقدر مالیته بالإضافة إلی ماله من قیمة مشروطه منسوبة إلی قیمته للخبر فی رجل شهد بعیراً مریضاً یباع فاشتراه بعشرة دراهم فجاء و اشترک فیه رجل آخر بدرهمین بالرأس و الجلد فبرأ البعیر و بلغت قیمته ثمانیة دنانیر (فقال لصاحب الدرهمین خمس ما بلغ فإن قال أرید الرأس و الجلد فلیس له ذلک هذا الغرر قد أعطی حقه إذا أعطی الخمس) و فیه ضعف لضعف دلالة الروایة و مخالفتها للأصول و القواعد الشرعیة و إلغاء ظاهر العقد و عدم تبعیة العقد للقصد و حصول الضرر التام علی أحد المتعاقدین مع احتمال أن یراد منها الاشتراک بنسبة الدرهمین ثمّ طلب منه الرأس و الجلد و إنما اشترک لأجل الرأس و الجلد معللًا لا مشترطاً و فی قوله و قد أعطی حقه إذا أعطی الخمس ما یرشد إلی ذلک أو إنه قد سبق الوعد بإعطائه فمطالبته من جهته لا من جهة الاستحقاق و إن أعطی الخمس له لتطیب نفسه من النزاع و الشقاق و حینئذٍ فطرح الروایة و تنزیلها علی إحدی الاحتمالات المتقدمة اولی من الأخذ بها علی النحو المتقدم و لو أخذنا بها علی ذلک النحو کما نسب العمل بها للأصحاب فلا بد من الجمود علی ما فیها و لا یجوز التعدی عنه إلی غیره من الحیوان أو غیرهما من الأجزاء أو غیر الشریکین من الشرکاء أو غیر دفع الدرهمین من النقود إلی غیر ذلک إلا ما علم فیه تنقیح المناط و إلغاء الفارق و لا بد من تخصیص الحیوان فیها بما یراد ذبحه کما هم الظاهر دون غیره.

سابعها: لو قال شخص آخر اشتر حیواناً أو هذا الحیوان بشرکة معک فاشتراه لهما

صح الشراء لأن الأمر بالشراء توکیل فإن صرح بمقدار الشرکة اتبع تصریحه و إلا فظاهر بالشراء المناصفة و إن نقد المأمون الثمن عنه بإذنه التزم بوفائه لصیرورته دیناً علیه و لو لم یکن بإذنه کان متبرعاً و إن قبض الحیوان بإذنه کان ضمانه علیهما لو تلف بعد القبض و لو لم یکن بإذنه لم یضمن المأمور و لو أمره علی أن یکون الربح لهما و الخسران علیه فإن کان بعنوان الوعد فلا بأس و لا التزام و إن کان بعنوان الشرط فی الوکالة أو فی بیعه عند شرائه من صاحبه بطل الشرط وفاقاً لجمع من أصحابنا لمخالفته

ص: 246

القواعد الشرعیة المقررة فی الشرکة و للمذهب و أصول المذهب کما قیل و للإجماع المنقول و الأخبار المعتبرة فی باب الشرکة القاضیین باستواء الشریکین فی رأس المال ربحاً و خسراناً لجعلها الخسران علی رءوس الأموال و إذا بطل الشرط بطل العقد المشتمل علیه و یضعف القول بصحة العقد دون الشرط کما تقدم و قیل بصحة الشرط لعموم أدلة الشروط و للإجماع المنقول و لدخوله تحت التجارة عن تراض و للصحیح (إذا شارک رجل فی جاریة و شرط للشریک الربح دون الخسارة جاز إذا طابت نفس صاحب الجاریة) و فی آخر فیمن شارک رجل فی جاریة فقال له إن ربحت فلک و إن وضعت فلیس علیک شی ء فقال (لا بأس بذلک إذا کانت الجاریة للقابل) و لمنع شمول عموم کون الخسارة علی رأس المال المفروض للمسألة المشترط فیها ذلک و الأول أقوی لقوة تلک القواعد المقررة و ضعف أدلة الشروط عن مقاومتها و معارضة الإجماع المنقول بمثله و إمکان حمل الروایتین علی الاستحباب بعد ظهور الخسران من باب الإحسان.

ثامنها: یجوز النظر إلی وجه المملوکة و مماستها إن أراد شراءها لنفسه أو لغیره

علی إشکال من غیر تلذذ و لا ریبة لمکان الضرورة و للإجماع المنقول و للأخبار المعتبرة و فی جواز النظر إلی جمیع الجسد ما عدا العورة و فی جواز التوکیل فیه إشکال و الأحوط ترکه و یستحب تغییر اسم المملوک بعد شرائه أو انتقاله إلیه و ان یطعمه شیئاً حلواً و ان یتصدق عنه بأربعة دراهم شرعیة و یکرر إن أرید ثمنه فی المیزان بل مطلقاً کل ذلک للنصوص و الفتاوی.

تاسعها: العبد بجمیع أصنافه لا یملک مطلقاً عیناً أو منفعة مستقراً أو متزلزلًا

إلا لفاضل ضریبته و ارش جنایته أو ما ملکه مولاه أو کان وقفاً علیه حال الحریة قبل الاسترقاق أو ما جعل له من صدقة أو نذر أو زکاة أو غیر ذلک کل ذلک للشهرة المحصلة و المنقولة و للإجماع المنقول علی لسان الفحول صریحاً أو ضمناً کمذهب الامامیة و مذهب أصحابنا أو عندنا و للأصل بمعنی الاستصحاب و بمعنی أصالة العدم و لأنه لیس إلا کسائر المملوکات من الحیوانات فیفتقر ملکه إلی دلیل و ما دل علی ثبوت

ص: 247

الأملاک للمالکین منصرف إلی الأحرار و لعدم معقولیة ملک المملوک بعد أن تکون ذاته و صفاته و من جملتها سلطانه مملوکاً لغیره و لانتفاء لوازم الملکیة عنه فینتفی ملزومها کجواز أخذ السید ما فی یده قهراً بالإجماع محصلًا و منقولًا و منعه من التصرف فیه من غیر إذن السید إجماعاً و الناس مسلطون علی أموالهم و عدم بقاء ما فی یده له مع بیعه و اعتاقه إجماعاً و عدم ضمانه لمتلفاته بماله إلا بعد عتقه و تعلق جنایاته برقبته أو بکسبه و عدم استحقاقه للإرث إلا بعد عتقه و عدم جواز الوصیة و الوقف علیه و جواز تصرف المولی بأمواله و لا یحل مال امرء مسلم إلا بطیب نفسه و لتعلق أحکام به یستفاد من مجموعها عدم الملک فتکون کالخاصة المرکبة کعدم مشروعیة الزکاة فی ماله مع مشروعیتها فی مال الطفل و عدم تعلق الزکاة و الخمس و الحج بماله و کذا الکفارات و النفقات و إجراء حکم الأمانات و الولایات و الوکالات علیه کاستبعاد تملک المولی فوائد بدنه و نماءاته کالحمل و اللبن و أعواض الجنایة علیه و عوض بضعه و لا یملک ما خرج عنه و اجتماع المالکین علی مملوک واحد محال کلزوم تأدیة القول بالملک إلی تملک کل من العبدین صاحبه و هو أما بعید أو محال إلی غیر ذلک و لقوله تعالی: (عَبْداً مَمْلُوکاً لٰا یَقْدِرُ عَلیٰ شَیْ ءٍ) الظاهر فی عموم العبد لوصفه بالمملوکیة الظاهر فی العلیة و فی عموم القدرة و الشی ء الشاملان للملک و التملک علی أن الظاهر الکشف فی صفة عدم القدرة کظهورها منه فی صفة المملوکیة و لأن قصد التقیید للمملوکیة خصوصیة علی أن الاقتضاء الذاتی ادخل فی ضرب المثل و أوفق بإرادة البرهان علی عدم القدرة و لقوله تعالی: (هَلْ لَکُمْ مِنْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ مِنْ شُرَکٰاءَ فِی مٰا رَزَقْنٰاکُمْ) فإنه لیس المراد فیما خصصناکم به و إلا فلا یبقی للمملوک خصوصیة بل المراد الرزق العام فیفید المطلق علی أن فیها إشارة إلی الامتناع العقلی فی تملک الممالیک و للصحیح فی المملوک (ما دام عبداً فإنه و ماله لأهله) و فی آخر وصیة له إن ماله لمولاه و تنزیل الإضافة فی ماله علی أنها لأدنی ملابسه أولی من صرف اللام من حقیقتها المفیدة للملک و الاختصاص إما لکون الإضافة بذلک النحو حقیقة أو لکونها أقرب المجازات أو لأن التجوز باللام

ص: 248

بالنسبة إلی ماله یقضی باستعمالها فی حقیقتها و مجازها لأنها بالنسبة إلی العبد حقیقة و ارتکاب عموم المجاز مجاز بعید و للصحیح الوارد فی الوصیة للمکاتب إنه یجوز له الوصیة بحساب ما أعتق منه و لما دل علی أن ما فی ید العبد لمالکه إذا باعه إلا إذا اشترط المشتری فإنه یکون له و لما دل علی عدم میراثه إلا بحساب ما أعتق منه و لما ورد من جواز أن یأخذ المولی مما وهبه لأم ولده من دون طیب نفس منها و لما دل علی أن وصیة المولی لمملوکه بثلث ماله أنه یعتق بحسابه و هو ظاهر فی عدم جواز إعطاء الثلث و ذهب جمع من أصحابنا إن العبد یملک مطلقاً استناداً للعمومات فی باب المملکات من التقاط و اصطیاد و حیازة و قبول هبة و کل سبب شرعی اختیاری أو قهری إلا ما خرج بالدلیل و فیه منع انصراف العموم للعبد و لو سلم من حیثیة إن العام لا ینصرف إلی فرد دون آخر مخصوص بالعبد لما ذکرنا من قوة المخصص و ضعف العام و لقوله تعالی: (وَ أَنْکِحُوا الْأَیٰامیٰ مِنْکُمْ) إلی قوله تعالی: (إِنْ یَکُونُوا فُقَرٰاءَ یُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ) فإن الغنی عبارة عن ملک قوت السنة و فیه إن المراد الغنی بالعیلولة و وجوب الإنفاق من آخر علیه أو یراد الغنی بالإعتاق ثمّ الارتزاق أو یراد من الغنی الکفایة کما هو الغنی العرفی و لما روی عن علی (علیه السلام) إنه أعتق عبداً فقال: (إن ملکک لی و لک و قد ترکته لک) و فیه مع ضعفه سنداً و کونه مفیداً للملک فی الجملة إن من بین ملکک لی و لک منافاة و حمل ملکک علی الاختصاص بقرینة سیاق الأخبار و فتوی من تقدم و تأخر أولی من حمل اللام فی لی علی الاختصاص بالتصرف و لأن إباحة النکاح له و التحلیل یستلزم الملک و فیه إنا لا نسلم إن البضع من المملوکات بل هو سلطان آخر قضی به السلطان و قد جعلوا لاستباحة البضع سببین الملک و العقد و أحدهما غیر الآخر و إلی قول أبی الحسن (علیه السلام) فی رجل قال لمملوکه أنت حر ولی مالک: (لا یبدأ بالحریة قبل المال بل یقول لی مالک و أنت حر) و فیه مع ضعف السند إنه لا یوافق القواعد الشرعیة و معارض بالمعتبرة الدالة علی کون مال المعتق للمالک إذا کان جاهلًا به مطلقاً و لو لم یستثن و لا یدل أیضاً إلا علی الملک فی الجملة فطرحه و حمله علی

ص: 249

التقیة أولی و ذهب جمع آخر من أصحابنا إلی ملکه لفاضل الضریبة و هو فاضل الخراج الذی یضربه علیه المالک استناداً إلی إن المولی لا یستحق علی العبد إلا ما ضر به علیه إجماعاً فلو لم یملک العبد الفاضل لبقی بلا مالک و فیه ضعف لعدم منافاة ملک المولی للفاضل و للتحجیر علیهما بالتصرف فیه بعد تمام الأداء أو بعد تأدیة البعض و إلی الصحیح الدال علی أن ما اکتسب بعد الضریبة له و إن له أن یتصدق و یعتق و فیه ضعف لتضمنه ما لا یقوله أصحابنا من جواز تصرف العبد بماله و حمله علی الواقع بإذن الولی خلاف ظاهرها فلا تقاوم أدلة المنع مطلقاً کی تقبل لتقییدها لأن حمل العام علی الخاص مشروط بالمقاومة و لیس فلیس فلا بد من طرحها أو حملها علی التقیة أو علی جواز التصرف بالإذن الفحوائیة و ذهب جمع إلی ملکه لارش الجنایة استناداً إلی أن المولی لا یملک إلا الانتفاع به و أما نفسه فهی ملکه لتعلق التکالیف به فارشها له و فیه أنه مخالف للإجماع و الکتاب و السنة من أن العبد مملوک کسائر المملوکات و إلی ما روی من أن العبد إذا ضربه المولی ثمّ استحله بألف درهم لا یجوز للمولی أخذها و زکاتها علی العبد و لا یعطی من الزکاة شیئاً فإذا ملک عوض ضرب المولی ملک عوض ضرب غیره بالأولی و کذا إذا ملک عوض الضرب ملک عوض ما هو أقوی من الجنایات بالأولی و فیه مع ضعف السند اشتمالها علی ما لا یقول به أحد من منع المولی من التصرف بمال العبد و ثبوت الزکاة فی ماله فیطرح أو یحمل علی التقیة بقرینة ثبوت الزکاة فی ماله أو یحمل علی الندب و التنزه و هذه الأقوال المعروفة و ربما یقال بملکه لما ملکه مولاه أو إذن له فی ملکه استناداً إلی أن العبد له ذمة و له قابلیة للضمان و لتعلق الخطابات و لا مانع من ملکه سوی منع المولی فإذا ملکه و إذن له فی الملک ارتفع المانع و فیه أنه لیس للمانع من تملیکه منع المولی بل المانع کونه مملوکاً و هو من الموانع الذاتیة کما ذکرناه من الأدلة و الفرق بین کونه له ذمة فیملک علیه و تتعلق به الخطابات و بین کونه له قابلیة الملک ظاهر أو إلی روایة تملیک السید له ما قابل ضربه له و فیه ما قدمنا و ربما یقال بملکه ملکاً غیر تام للجمع بین ما دل علی ملکه و ما دل علی عدمه بحمل الأول علی المتزلزل و الثانی علی المستقر و فیه إن الجمع فرع المقاومة و لیس فلیس علی

ص: 250

أنه رجوع للقول بالملکیة لأن القائلین بها یقولون بتزلزلها بالنسبة إلیه و إن أمرها إلی السید إبقاءً و فسخاً و ربما یقال أیضاً بملک التصرف خاصة دون العین استناداً للإجماع علی جواز تصرف العبد بإذن المولی و هو معنی الملکیة و إلی جواز نکاحه و فیه إن المتیقن من الإجماع و الأخبار هو إباحة التصرف لا ملکیته و إن للنکاح حکماً آخر غیر أحکام الأملاک و تترتب علی القول بالملکیة و عدمها ثمرات متعددة منها ما لو کان بید عبد مسلم عبداً مسلماً و کان مولی الأول کافراً بیع علیه علی جمیع الأقوال للزوم بیع الأول و عدم جواز تملک الثانی و لو انعکس الحال بیع علی القول بملکیة العبد و للمولی تملکه و منها لو وطأ العبد جاریة حد علی القول بعدم الملک و غرر علی القول به و منها إنه لا یحل للمولی وطأ جاریة العبد إلا بتملکها علی القول بملکه و علی القول بعدمه یحل ذلک و احتمال أن نفس الوطء مملک للمولی فیحل مخالف للاحتیاط و منها لو وهب کل من السیدین عبده للآخر بطلت الهبة إن کان دفعة و صح السابق إن سبقت هبة أحدهما أو شک و کان أحدهما معلوم التاریخ لامتناع ملک العبد و سیده و منها سقوط الاستطاعة و الزکاة و نحوهما من الحقوق عن السید علی القول بملکیة العبد و عدم السقوط علی القول الآخر و منها ترتب ثمرات الإحلال و الإحرام فیما لو کان السید محرماً و العبد محلًا أو بالعکس فی الصید و شبهه مما یزول الملک عنه بالإحرام إلی غیر ذلک.

عاشرها: لو باع العبد ملکه أو نقله مطلقاً و کان بیده مال کان المال للبائع

إلا أن یشترطه المشتری أو تقوم قرینة علی تعینه له فی عقد البیع و لا یتفاوت الحال فی ذلک بین القول بملکیة العبد و بین عدمه و هذا من الشواهد علی عدم تملکه و لا بین علم البائع بالحال و جهله به فی کونه له مع عدم شرط سخط المشتری کل ذلک للإجماع علی عدم تملک العبد و للأخبار الدالة علی ذلک و لفتوی المشهور بکونه للبائع مع عدم شرط المشتری من غیر فرق بین العالم و الجاهل و للأخبار منها الصحیح فیمن باع مملوکاً فوجد مالًا له قال: (المال للبائع لأنه إنما باع نفسه إلا أن یکون یشترط علیه أن ما کان له من مال أو متاع فهو له) و المراد بالمشترط هو المشتری دون العبد بقرینة الخبرین الآخرین

ص: 251

الدالین علی أنه للبائع إلا أن یشترطه المشتری و قیل أن المال للبائع مع جهله و للمشتری مع علمه استناداً للصحیح فیمن یشتری المملوک و له مال فقال: (إن کان علم البائع أن له مال فهو للمشتری و إن لم یکن له علم فهو للبائع) و فیه إنه ضعیف لا یقاوم ما تقدم لاعتضاد الأول بفتوی المشهور و عملهم و بکثرة العدد و بالأصل و الاستصحاب من غیر معارض من قرینة خارجة أو داخلة تقضی بانتقاله عن البائع فلا یصلح لتقیید الأخبار المتقدمة فلا بد إما من طرحه أو تنزیله علی حصول الشرط من المشتری أو قضاء العادة ثمّ إن مع انتقال مال العبد للمشتری أما ببیعه معه صریحاً أو ببیعه تبعاً أو باشتراطه منه لم یشترط فیه إنه إذا کان ربویاً و کان الثمن کذلک و کانا جنساً واحداً أن یزید الثمن علیه فی مقابلة العبد أو یضم إلیه ضمیمة أو یضم إلی کل منهما أو یکون مما یغتفر فی حقه الربا و یشترط قبض ما قابله إن کانا من النقدین فی المجلس و إن لا یدخلهما الأجل و أن لا یبیع بالمجانس مع الجهل بالقدر إلی غیر ذلک و احتمال أن الشرط فیما لو اشترط مال العبد لا یدخله الربا لأنه لیس من إحدی العوضین فلا بأس بأن یقابله مثله و یزید العبد علیه لا وجه له لمخالفته ظواهر الفتاوی و النصوص الدالة علی عموم الربا لکل معاوضة و لکل ما یتعلق بها أصالة أو تبعا شرطاً أو غیره نعم قد یقال باغتفار الجهالة فیما لو وقع شرطاً فیه فی الجملة إذا لم تکن مؤدیة إلی الغرر الذی لا یتحمل لعموم دلیل الشروط و لأنه یغتفر فی التوابع ما لا یغتفر فی المتبوعات و لو ظهر عیب فی العبد أو ماله فله رد الکل و امساکه و لیس له التفرق بین العبد و المال المستجد بعد العقد قبل القبض المملک للبائع و المستجد فی زمن العقد الفضولی مع الإجازة مبنی علی کشفها أو نقلها و یلحق بالعبد المنتقل العبد المعتق فإن ماله لسیده للأصل و الفتاوی سواء کان الانعتاق قهریاً أو اختیاریاً.

حادی عشرها: لو جعل العبد لغیره جعلًا علی شرائه

لم تصح جعالته حتی علی القول بملکیته لعدم جواز شغل الذمة بالسبب الاختیاری إلا أن یأذن المولی فیلتزم بما أذن به علی الأظهر و لأنه لا یقدر علی شی ء فلا یملک العمل فی ذمة المجعول له مال الجعالة نعم لو کان المأمور مغروراً فی غیر هذا المقام لاشتغلت ذمته قهراً بأجرة المثل

ص: 252

فیتبع بها بعد العتق و لو جعل مولاه جعلًا علی بیعه فعدم صحة الجعالة هاهنا أولی لأن صاحب المال لا یکون له علی ماله مال لأنه یلزم علی القول بالصحة علی کل التقدیرین إما استعمال الذمة فی العوض بعد العتق فتکون معاملة سفهیة أو اشتغال ذمته قبل انتقاله فیلزم ملک المال قبل العمل أو بعد انتقاله فیلزم الاستحقاق علیه بعد ذهاب ماله لأن ما فی یده أما یعود للبائع أو للمشتری و لو قال العبد للمولی أعتقنی علی کذا لم یکن لازماً و لا یستحق علیه المولی شیئاً لا قبل عتقه و لا بعده أما قبله فلعدم إمکان ملک کل منهما علی الآخر و الکتابة لها حکم آخر جاء به الدلیل و أما هذه فإنه و إن أمکن إلا أنه موقوف علی صحة العقد قبله و هی موقوفة علی قابلیته لشغل الذمة اختیاراً و هی موقوفة علی عتقه فیبطل الاستحقاق.

ثانی عشرها: إذا تجدد فی الحیوان عیب بعد العقد و قبل القبض و لم یکن ساقطاً حکمه بإحدی مسقطات العیوب

کان للمنقول إلیه الخیار بین الفسخ و ارجاع ثمنه لانفساخ العقد بتلف الجمیع فینفسخ بتلف البعض بعض المعقود علیه فیتبعض الصفقة فیثبت له خیار الفسخ و بین امساکه مجاناً فیبرأ الناقل بمجرد اختیار المجانیة من غرامة الارش أو یغتفر إلی الإبراء وجهان و الأقرب للقواعد الأخیر و بین الإمساک بالارش و هو أن یسترجع من الثمن بنسبة ما بین قیمة الصحیح و المعیب وقت حدوث العیب زمن الانتقال إلی العوض و لا یسترجع نفس التفاوت ما بین القیمتین لأنه ربما جمع بین العوض و المعوض إلا إذا کان العیب من جهة البائع أو أجنبی فیضمنان من نفس التفاوت و اعتبار تفاوت القیمتین حین العقد أو حین الإقباض أو حین التقویم أو الأعلی مما بینهما بعید و یدل علی ثبوت الارش فتوی المشهور نقلًا و تحصیلًا و کونه جزءاً فائتاً من جملة مضمونة فیلزم إرجاع ما فابله و إن الالتزام بفسخ الجمیع أو قبوله مجاناً من الضرر المنفی و إن استحقاق الارش فی العیب السابق أو المقارن بسبب المضمونیة جار فیما نحن قبل و فی الأخبار ما یرشد إلیه و حینئذٍ فالاستناد للأصل فی نفی الارش و للإجماع المنقول بعد ما ذکرنا ضعیف لا یقاوم ما تقدم و لأخبار البائع فی الفسخ لو طولب بالارش خلافاً لمن زعم ذلک و لا یسقط خیار العیب الحادث قبل

ص: 253

حدوثه علی الأظهر إلا مع اشتراطه فی العقد فالأظهر السقوط و یسقط بعد حدوثه بالاسقاط و لو شک فی حدوث العیب قبل القبض أو بعده و لم یعلم التاریخ أو علم تاریخ القبض فلا خیار و لو علم تاریخ العیب فلا یبعد الحکم بتأخیر القبض عنه و لو زال العیب بعد تحققه لم یزل حکم الخیار علی الأظهر و إذا تلف الحیوان جملة قبل القبض انفسخ البیع ورد الثمن للأخبار و الإجماع إن کان التلف بآفة سماویة و إلا تخیر المشتری بین الفسخ و الرجوع بالثمن و بین الامضاء و الرجوع علی المتلف بالقیمة سواء کان المتلف البائع أو أجنبی و إن کان المتلف المشتری کان ضمانه علیه بمنزلة القبض و إن شارک الجمیع فی الإتلاف أو الاثنین منهما فلکل حکمه بنسبة الإتلاف للمال و لو تلف الحیوان فی الثلاثة أو غیرها بعد القبض و کان الخیار فیها للبائع أو الأجنبی و لهما مشارکة المشتری و بدونها فالضمان علی المشتری للأصل و ظواهر الأخبار الموافقة للمشهور بل للمجمع علیه و فی إلحاق المؤامرة بالخیار وجه و إن کان الخیار مختصاً بالمشتری أصالة کخیار الحیوان أو عارضاً کخیار الشرط فالضمان علی البائع ما لم یحدث المشتری فیه حدثاً یقضی بضمانه علیه أو یسقط خیاره بإحدی المسقطات کل ذلک للإجماع و ظواهر الأخبار و اختصاصهما ببعض الموارد لا یمنع التعدی إلی غیرها لعدم القول بالفصل و لإلغاء الخصوصیة و للعلة المستفادة منها هذا إن کان التلف بآفة سماویة و إن کان من المشتری فضمانه علیه و إن کان من البائع أو الأجنبی فله الخیار بین الفسخ و الامضاء و مطالبة المتلف بالقیمة و لو اختلفا فی أصل الخیار و التلف أو فی وقته مع جهل التاریخ أو مع العلم بوقت انقضاء الخیار فالقول قول البائع و لو اختلفا فی اشتراک الخیار و عدمه أو فی سقوطه أو فی حصول أسباب تقضی بضمانه علی المنقول إلیه فالقول قول المشتری و لو حصل سبب التلف فی الخیار المختص فالظاهر أنه کالتلف و تعذر تحصیله و امتناع الوصول إلیه عادة و امتناع تملکه شرعاً لاستحالته إلی محرم مثلًا بمنزلة التلف و العیب الحادث فی زمن الخیار المختص مضمون علی من لم یکن له خیار فیثبت فیه الخیار بین الرد و الامضاء مع الارش علی الأظهر ما لم یکن من جهة المختص به لاقتضاء ضمان الجملة ضمان الأجزاء و لو کان العیب من المشتری

ص: 254

سقط خیاره المختص به و الظاهر عدم التفاوت بین الخیار الأصلی کخیار الحیوان و العارض کالغبن و بین الحاصل وقت العقد و بین الحادث بعده قبل القبض و لکن علی إشکال فیما عدا الأول و متی کان مضموناً من لا خیار له لم یکن مسقطاً للخیار الأولی و کان لخیار جدید و لا بأس باجتماع خیارین مع تعدد سببهما فلا یسقط خیار الثانی بسقوط الأول بانتهاء مدته و لا یسقط الأول الثانی إلا أن یکون خیار الأول من جهة العیب فإنه یسقط الرد بهما و لا یسقط ارشهما فله أخذ الارش الأول قطعاً و کذا أخذ الارش الثانی علی الأظهر لضمان الجملة علی من لیس له خیار و قاعدة ضمان العیب تقتضیه و یؤخذ ممن لا خیار له إن کان العیب منه أو من السماء و مخیر بینه و بین الأجنبی إن کان العیب من الأجنبی و لو رجع علی البائع کان له الرجوع علی الأجنبی إلا إنه مع الرجوع علی الأجنبی له تفاوت ما بین قیمتی کونه صحیحاً و معیباً و مع الرجوع علی البائع له من الثمن بنسبة ذلک التفاوت و یرجع علی الأجنبی بأقل الأمرین مما أخذ منه و من تفاوت قیمتی الصحیح فلو نقص ما علی الأجنبی عما دفعه البائع لم یکن مطالبة الأجنبی بشی ء و لو زاد کانت الزیادة للمنقول إلیه و لو کان العیب لا یوجب نقصاناً فلا ارش و لو أوجب زیادة کانت الزیادة للمنقول إلیه و لیس له إلا خیار الرد إن لم یکن الخیار الأول عیباً و لو شک فی إن حدوث العیب فی زمن الخیار المختص أو بعده فالأصل تأخره و الأصل اللزوم إلا مع علم التاریخ فی حدوث العیب و الشک فی انقضاء الخیار و دفع الارش عنه لا یزیل خیار الرد من المنقول إلیه و حدوث العیب بعد انقضاء زمن الخیار المختص لم یجز الرد به و الارش و یسقط الرد للعیب السابق للزوم الضرر علی الناقل برده إلیه معیباً و لظاهر الاتفاق و لا یسقط الأرش للعیب السابق لعدم طرو ما یزیله.

ثالث عشرها: حمل الحیوان للبائع مع اشتراطه

للإجماع و عموم الأدلة و خیال إنه کاستثناء الجوارح فی بیع الحیوان ظاهر البطلان و کذا مع الإطلاق لفتوی المشهور و ظاهر الإجماع المنقول و عمومات الأدلة و ادعاء الجزئیة فینتقل بنقل الحامل ترده المغایرة العقلیة و العرفیة و تغایرهما فی الأحکام الشرعیة و عدم دخوله فی بیع الحامل

ص: 255

و لو ضمناً بجمیع أنواع الدلالات الوضعیة إلا أن تقوم قرینة علی دخوله کحمل صغیر الحیوان أو یصرح بدخوله فی البیع فیدخل حینئذٍ و لا تضر فیه الجهالة لمکان السیرة قیل و الإجماع حتی لو قلنا باشتراط العلم فی توابع المبیع فی غیر الحمل أو اشترطه المشتری فإنه یدخل فی بیع الحامل لمکان الشرط و تغتفر فیه الجهالة کما قدمناه أیضاً للسیرة و إن قلنا باشتراط العلم فی شرائط البیع نعم لو بیع منفرد اشترط فیه العلم و کذا لو کان المقصود بالبیع الحمل و کان الحامل تبعاً فی وجه قوی فإن لم یمکن العلم فلا یبعد المصیر إلی الصلح مع احتمال بیعه مطلقاً و لو کان مجهولًا لعدم إمکان استعلامه و اغتفار أهل العرف الغرر فیه لوضعه علی ذلک و یظهر الفرق بین دخوله فی الجمیع و بین اشتراطه فی البیع فی ظهور العدم فإن له الخیار فی الأول بین الفسخ و بین الامضاء مع استرداد ما قابل الحمل من الثمن و له الخیار فی الثانی أیضاً إلا أن الامضاء یکون مجاناً و کذا فی انکشاف موته و لو شک فی زمن موته بعد الإقباض فالأصل تأخر موته و الأصل الصحة و لو شک فی زمن حدوث الحمل کان للمشتری إلا أن یعلم تاریخ الحمل و یشک فی تاریخ العقد و لو حدث بعد العقد و قبل الإجازة کان للناقل علی

النقل و للمنقول إلیه علی الکشف و لو حدث بعد العقد قبل الملک فهو للناقل و یتحقق الحمل بالعلقة و ما بعدها و فی تحققه بالنطفة مع العلم بکونها مبدأ حیوان إشکال و لا یبعد ذلک فإن سقط الحمل قبل قبضه و فی الثلاثة من غیر فعل المشتری کان مضموناً علی البائع فله الفسخ و له الامضاء فیرد من الثمن نسبة تفاوت قیمتی کونها حاملًا و مجهضاً و یراعی التقویم حین العقد مع احتمال ملاحظة نفس الحمل لا صفة الحاملیة فیسترد من الثمن نسبة قیمته إلی قیمتها حین العقد و لو جنی علیه جنایة عابته أخذ منه الارش یوم الجنایة مع اشتراط الإمضاء فلو اختلفا فی آن دخول الحمل علی هی هو علی وجه الشرطیة أو الشطریة فالوجه التداعی و لو دخل الحامل دون الحمل تحت العقد أو جعل لأحدها خیاراً دون الآخر کان لکل منهما حکمه.

رابع عشرها: یحرم بیع الأمة الموطوءة للمالک بعد بلوغه

قیل مع الإنزال إذا کانت بالغة و غیر حاملة قبل استبرائها بحیضة تامة إن کانت ممن تحیض أو بخمسة

ص: 256

و أربعین یوماً فمع خروج اللیلتین الأولی و الأخیرة إن لم تنکسر الأیام و مع دخولهما لو انکسرت و احتسبت الأیام ملفقة و کذا یحرم وطؤها علی المشتری لو لم یعلم باستبراء البائع سواء علم بوطئه لها أم لم یعلم کل ذلک للاجماعات المنقولة بل المحصلة و للأخبار المستفیضة المتکثرة و إنما یقع الکلام فی موارد منها إن هذا التحریم هل یقضی بفساد البیع لإشعار التحریم فی المعاملات بالفساد أو لا یقضی لأنه لیس من المحرمات الأصلیة بل إنما جاء لمکان الأمر بالاستبراء و هو ضده و الأمر بالشی ء نهی عن ضده و النهی التبعی لا یقضی بالفساد علی إنه یمنع اقتضاء الأمر بالشی ء النهی عن الضد لمنع توقف المأمور به علی ترک ضده و منها أنه هل یختص التحریم بالبیع کما اختاره الحلی استناداً للأصل و ظهور الأخبار فی البیع و شکل فی سریان الحکمة المدعاة لعدم کونها منصوصة أو لا یختص للأمر باستبراء السبایا بحیضة فی الأخبار المعتبرة و لا قائل بالفرق ممن یعتد به و لظاهر جملة من الأخبار المعتبرة المؤذنة بکون الاستبراء لمخافة اختلاط المیاه المؤدی لاختلاط الأنساب ففی الصحیح فیمن ابتاع جاریة لم تطمث إن کانت صغیرة لا یتخوف علیها للحمل فلیس علیها عدة فلیطأها إن شاء و الآخر عن الجاریة التی لا یخاف علیها الحبل قال: (لیس علیها عدة) و لظهور تنقیح المناط القطعی فی المقام و لا فرق بین الناقل الجائز و اللازم و فی الفضولی یدور التحریم مدار الإجازة إن کانت کاشفة و إن أجاز بعد الاستبراء فلا شی ء علیه و لا علی الفضولی و إن اجاز قبله فعل حراماً بالإجازة مع احتمال عدم الحرمة فی مبدأ العقد و منها إن وطء غیر البالغ کوطء غیر البالغة لا اعتبار به للأصل و العلة المفهومة من الأخبار و هی خوف الحمل و للإجماع بقسمیه و کذا وطء البائسة لا اعتبار به لما قدمنا و للخبر المعتبر فی الجاریة المشتراة قال: (إذا قعدت عن المحیض و لم تحض فلا عدة لها) و منها (إن وطء الدبر موجب للاستبراء علی البائع و المشتری) لشمول لفظ الوطء له فی الأخبار المانعة للمشتری عن وطء المشتراة و شمول لفظ المس فی الأخبار الناهیة عن مسها کذلک و شمول الأخبار المانعة عن وطء المشتری إذا لم یعلم إن البائع لم یطأها و لم یمسها أو لم یخبره بذلک للوطء فی الدبر و لشموله علة المنع له من حیث احتمال

ص: 257

سبق المنی إلی جهة القبل فیتحقق فلا یجوز حینئذٍ للبائع بیع الموطوءة دبراً قبل الاستبراء و لا یجوز للمشتری أن یطأ دبراً قبل الاستبراء و قیل بعدم وجوب استبراء البائع للموطوء دبراً للأصل و انصراف الأدلة الناهیة للوطء فی القبل و فیه ضعف یظهر مما قدمناه و منها (إن الوطء مع الإنزال و بدونه حرام علی المشتری) و أما الوطء بدون إنزال علی جهة القطع یؤثر لإطلاق الأخبار بالوطء و المس أو لا یؤثر لعدم شمول العلة المفهومة من الأخبار له و الأحوط الأول و منها إن المقطوع بعد وطئها للمالک لکبر أو مرض أو عنن أو جب أو لصغر أو مسح لا یجب استبراءها لا علی البائع و لا علی المشتری للأصل و عدم انصراف الأخبار المانعة للبائع عن البیع و المشتری عن الوطء لذلک و احتمال وطء المولی فی جاریته الصغیرة لا عبرة به و منها إنه لو فعل البائع حراماً فباع قبل الاستبراء وجب تسلیمها للبائع لوجوب دفع المال إلی أهله و حرمة التصرف بمال الغیر و الناس مسلطون علی أموالهم فاحتمال وجوب إبقائها عنده أو وضعها علی ید عدل ضعیف و منها إنه لا یلحق الوطء بسائر الاستمتاعات بالنسبة إلی وجوب الاستبراء علی البائع قطعاً و هل یلحق به بالنسبة إلی المشتری للموثق فیمن یشتری الجاریة و هی حبلی أ یطؤها قال: (لا) قلت: فدون الفرج قال: (لا یقربها) أو لا تلحق به للأصل و فتوی المشهور و مفهوم العلة و الخبر یحل للمشتری ملامستها قال: (نعم و لا یقرب فرجها) و الموثق أ فیحل له أن یأتیها فیما دون فرجها قال: (نعم) و فی ثالث (لا بأس بالتفخیذ لها حتی یستبرئها) و منها إنه لا شک فی کفایة الحیضة الواحدة فی الاستبراء للبائع و المشتری و مثله النفاس لأنه حیض فی المعنی فما دل علی اعتبار الحیضتین کما فی الصحیح مطرح أو محمول علی الاستحباب و هل یشترط تمام الحیضة أو یکفی التلبس بها و الظاهر عدم کفایة التلبس بالنسبة إلی البائع لإطلاق الأخبار الآمرة باستبراء حیضة و کفایته بالنسبة للمشتری لو وقع البیع فی الأثناء للإجماع المنقول و الصحیح فیمن اشتری جاریة و هی حائض قال: (إذا طهرت فلیمسها) و فی آخر فیمن اشتری جاریة و هی طامث استبرأ رحمها بحیضة أخری أم تکفیه هذه الحیضة قال: (لا بل تکفیه هذه الحیضة) و إن وقع البیع فی حال الطهر فلا بد من الإتمام أخذاً بإطلاق

ص: 258

الأخبار و الاستصحاب مع احتمال الاکتفاء بالتلبس و لکنه بعید و منها إن الخمسة و الأربعین یوماً لمن لا تحیض و هی فی سن من تحیض دل علیها فتوی المشهور و الإجماع المنقول و الخبر المعتبر و أصالة البراءة من الزائد فی جملة من الأخبار خمس و أربعین لیلة و هو کنایة عن إرادة الأیام کما یعبر عنه فی العرف غالباً بقرینة فهم الأصحاب و الخبر المعتبر فی الباب أو محمول علی الأیام المنکسرة کما هو الغالب و احتمال التخییر بین اللیالی و الأیام فیؤخذ بالسابقة منها بعید و أبعد منه ما ذهب إلیه المفید (رحمه الله) من جعله قدر الاستبراء ثلاثة أشهر قیاساً علی المطلقة ممن لا تحیض و هی فی سن من تحیض و هو قیاس ممنوع لا دلیل علی صحته و منها إن الظاهر من الأخبار إن المشتری یجب علیه استبراء الأمة مع احتمال وطء المالک لها فضلًا عن قطعه أو مع قطعه بوطء غیره لها وطأً محترماً بتحلیل أو عقد أو شبهة فلو قطع بعدم وطء المالک لم یجب علیه الاستبراء تعبدا و لو احتمل وطء غیره نعم لو کان احتمال وطء غیره احتمالًا ظاهراً کما إذا کانت محللة لغیره و لم یعلم إنه قد وطأها المحلل له و لکنه احتمل ظاهراً أو کان احتمال وطء المالک احتمالًا بعیداً کما إذا کانت محللة للغیر و شک فی وطء الغیر لها و احتمل وطء المالک لشبهة أو نسیان فإنه لا یبعد وجوب الاستبراء لإطلاق الأخبار و حصول خوف اختلاط الأنساب أما لو علم بوطء المالک لها علی جهة التحریم لکونها محللة للغیر و یعلم بعدم وطء الغیر لها أو احتمل وطأه المحرم ففی وجوب الاستبراء إشکال و الأحوط الاستبراء و لو تعدد المالکون دفعة فالمدار علی العلم بعد وطء کل واحد منهم و لو لشبهته بل و لو حراماً علی إشکال و لو تعاقبوا و علم بعدم وطء الأخیر کأن اشتری و باع فی المجلس أو اشتری غائبة فباعها فهل هو کاف فی سقوط الاستبراء أو لا بد من العلم بعدم وطء کل واحد منهم بعد حیضها وجهان و الأحوط بل الأظهر الأخیر لمکان التعلیل فی الأخبار و عدم ظهور التقیید فیها و منها إن المشتری یسقط عنه الاستبراء فیما لو کان البائع امرأة مع عدم القطع بسبق وطء محرم لها لإطلاق الفتوی و النص ففی الصحیح عن الأمة تکون لامرأة فتبیعها قال: (لا بأس أن یطأها من غیر أن یستبرئها) و کذا غیره من الأخبار و لا یتوقف جواز الوطء علی

ص: 259

إخبارها بعدم وطء محرم لها و لا یلزم سؤالها لإطلاق الأخبار فإن لم یسألها أو سألها فلم تجبه فلا بأس إلا إن الاحتیاط فی السؤال و الوطء بعد الإخبار کما یشعر به حکایة فعل الإمام (علیه السلام) حیث یظهر من بعض الروایات أنه سألها و منها إنه یسقط الاستبراء من المشتری بشهادة عدلین لعموم دلیل حجتها و بإخبار المالک إذا کان عدلًا لفتوی المشهور بقبول خبر العدل هاهنا و لو کان واحداً و لظاهر الإجماع المنقول و الأخبار المعتبرة فیمن یشتری الجاریة فیخبره سیدها بعدم وطئها ففی بعضها (إن وثق به فلا بأس) و فی بعضها إن ائتمنه فمسها و فی بعضها قید الأمانة و الصدق و بهذا یظهر ضعف قول من ذهب إلی لزوم الاستبراء هاهنا أیضاً لإطلاق الأخبار بوجوبه و للأمر به فی بعض الأخبار و لو مع الأخبار ففی الخبر أشتری الجاریة من الرجل المأمون فتخبرنی أنه لم یمسها مذ طمثت قال: (لیس بجائز أن یأتیها حتی یستبرئها بحیضة) و فی الثانی عمن یشتری الجاریة من الرجل المسلم یزعم أنه قد استبرأها قال: (استبراؤها بحیضتین) و فی الثالث فیمن اشتری جاریة و لم یکن صاحبها یطأها أو یستبرئ رحمها قال: (نعم) و ذلک لضعف سند الأول و اشتمال الأخیرین علی ما أجمع علی خلافه من عدم التصریح بأمانة المخبر فی الثانی و عدم التصریح بالأخبار فی الثالث فلیطرح الجمیع أو یحمل علی الندب کما تشعر به أخبار أخر و هل یلحق الموثوق به المأمون فی صدقه بأخبار العدل کما یظهر من الأخبار و إطلاق الفتاوی أو لا بد من العدالة قصراً للحکم علی مورد الیقین من الجواز و لانصراف الأمانة و الوثاقة إلیها فی الأخبار و فی الأول قوة و الظاهر إن العدل مقبول و إن لم یکن مالکاً لعموم دلیل حجیة إخباره و لأنه أبعد عن التهمة من المالک و لإشعار أخبار قبول قول المالک المأمون بذلک و لو اختلف الثقتان فالترجیح لقول المالک مع احتمال ترجیح قول المثبت و لو اخبر عدلًا ففسق قبل الوطء لم یلتفت إلی فسقه و لو کانت الأمة ثقة فالأقوی قبول قولها و الأحوط عدمه و منها إن المشتری لو عصی و وطء قبل الاستبراء فالظاهر عدم سقوط لزوم الاستبراء عنه بعد ذلک کما إذا وطأ نسیاناً أو غفلة مع احتمال السقوط لفوت محل تدارک الحکم التی لأجلها شرع الاستبراء و منها إن الوطء الممنوع منه هو ما یسمی وطأً و لو بدون

ص: 260

إدخال الحشفة إذا صاحب الإنزال و إن لم یصاحبه فکذلک و لکن علی إشکال لانصراف الوطء غالباً إلی الموجب للغسل و منها إنه لا یصح بیع الأمة علی امرأة أو من کان بحکمها ثمّ شرائها للاحتیال فی جواز الوطء بعد لإشعار الأخبار المعللة بخوف الحبل بمنعه و لیس الحکم من التعبدیات الصرفة.

خامس عشرها: یحرم وطء الأمة الحامل من غیره بما یسمی وطأً مع الإنزال و بإدخال الحشفة مع عدمه

و لکن علی إشکال لانصراف الوطء غالباً للموجب للغسل کما إن الإنزال من غیر إدخال لا یخلو من هذه إذا کان الوطء قبل مضی أربعة أشهر من حال الحمل إما هلالیة تامة إن وقع الحمل فی مبدئها و إما هلالیین تامین و هلالی منکسر أو هلالیین تامین و عددی منکسر أو الکل عددیة إن انعقد الحمل فی أثناء الشهر و یلفق الیوم المنکسر من الیوم الآخر أو یسقط احتسابه یوماً تامّاً أو یفرق بین قلة الانکسار فالثانی و کثرته فالأوجه وجوه أوجهها الوسط فی الانکسار الأول و الأول فی الأخیر و الدلیل علی ذلک الإجماع المحکی و الأخبار العامة الشاملة لما دون الأربعة و لما فوق الأربعة المستفیضة القریبة من التواتر بل ربما أدعی تواترها المعتضدة بالاحتیاط فی الفروج و بکونه من الباطل إذا اعتبر میزان الحق و الباطل و بتأدیته لاختلاط الأنساب لأن التغذی بالنطفة له مدخلیة بالنسب کما یومی إلی ذلک الأخبار من الأمر بعزل نصیب المیراث و الأمر بعتقه و النهی عن بیعه و بتأدیته إلی ذهاب حق صاحب الحمل لاشتغال الرحم بحقه فی تلک المدة و بالاستصحاب للحرمة السابقة و بفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا فمن الأخبار الصحیح فی الأمة الحبلی یشتریها الرجل فقال: (أحلتها آیة و حرمتها آیة أما أنا أنهی عنها نفسی و ولدی) و النهی حقیقة فی التحریم و تخصیصه نفسه و ولده إنما کان لنفسه لا الکراهة لأن الترجیح فی جانب الحرمة قطعاً و الآخر الرجل یشتری الجاریة و هی حامل ما یحل منها قال: (ما دون الفرج) و الثالث یشتریها و هی حبلی أ یطؤها قال: (لا) و الرابع فی الجاریة الحبلی یشتریها الرجل فیصیب منها دون الفرج قال: (لا بأس) قلت فیصیب منها فی ذلک قال: (یرید تضره) و الخامس (عشرة لا یحل نکاحهن) وعد منهن (أمتک و هی حبلی من غیرک) و السادس فیمن اشتری

ص: 261

حبلی فوطأها قال: (بئس ما صنع) إلی غیر ذلک من الأخبار الدالة بإطلاقها علی المنع مطلقاً فیدخل فیها ما دون الأربعة قطعاً و لخصوص الصحیح و إن کانت حبلی فما لی قال: (لک ما دون الفرج إلی أن تبلغ فی حبلها أربعة أشهر و عشرة أیام) و من خصوص هذا الصحیح یتجه القول بالحرمة إلی مدة عشرة أیام زیادة علی الأربعة أشهر أیضاً و تدخل اللیالی المتوسطة فیها و تخرج الأخیرة و المنکسر یلفق علی ما هو أظهر و یحتمل اسقاطه و یحتمل احتسابه یوماً تامّاً و کذا یتجه القول بحرمة الوطء قبلًا و دبراً لإطلاق لفظ الفرج علیهما و إطلاق لفظ الوطء علی وطئه إلا أن ظاهر المشهور و أصالة البراءة و ظهور القبل من إطلاق لفظ الوطء و الفرج و إشعار علة المنع من خوف اختلاط الأنساب و تضییع حق صاحب الحمل مما یوجب اختصاص الحکم بالقبل فالقول باختصاصه به أقوی و إن کان الأول أحوط کما إنه یتجه الحکم بالتحریم مطلقاً إلی حین الوضع و لو کان یوماً إلی حین وضعها أخذاً بإطلاق تلک الأخبار و شمولها جمیع الأزمنة إلی حین الوضع المنجبرة بالکتاب و الاحتیاط و الاعتبار و خصوص الأخبار المصرحة بالحرمة إلی حین الوضع کالصحیح فی الولیدة یشتریها الرجل و هی حبلی قال: (لا یقربها حتی تضع ولدها) و الأحوط نهی عن وطء الحبالی حتی یضعن و لیس للصحیح قابلیة لتقیید أدلة التحریم لأن الجمع فرع المقاومة (و ح) فالقول بالجواز مطلقاً ضعیف و الاستناد إلی الإجماع المنقول علی الجواز معارض بإجماع آخر مرهون بمصیر الأکثر إلی خلافه و إلی الآیة الدالة علی جواز نکاح ملک الیمین و هی کثیرة و هی معارض بما هو أقوی منها و هی آیة أولی الأرحام لکون الأولی بمنزلة القاعدة الدالة علی جواز تصرف الإنسان بماله بخلاف الثانیة فإنها بمنزلة حکم جدید و إلی الخبر ما أحب للرجل المسلم أن یأتی الجاریة حبلی قد حبلت من غیره حتی یأتیه فیخبره و هو معارض بما هو أقوی منه و مع ذلک فهو ضعیف سنداً و دلالة و کذا القول بالتحریم فیه إلی أربعة أشهر و عشر أو الکراهة فیما فوقه إلی حین الوضع استناداً فی التحریم إلی ما دل علیه عموماً و خصوصاً کما ذکرناه و فی الجواز إلی الأصول و العمومات المجوزة و الروایات المتقدمة المقیدة لعمومات المنع بالأربعة أشهر و عشراً فما دونها و إلی

ص: 262

التخلص من شبهة التحریم نصاً و فتوی و ذلک لعدم قابلیة الصحیح لتقیید تلک الأدلة و لظهور التقیة حیث أن فی آخره أن المنع من الوطء إلی الرضاع من أفعال الیهود و لعدم ذکر التقیید بالأربعة أشهر و عشر فی روایة الکافی و لأن ظهور الحمل إنما یحصل غالباً بالأربعة أشهر فیکون فی الحقیقة معارضاً لروایات المنع لا مقیداً لها و کذا القول بالتحریم إلی حین الوضع فی الحلال و لو شبهة أو کان مجهولًا و الجواز لو کان الحمل منها زنا مع الکراهة و بدونها أو القول بإلحاق المجهول بالزنا أو القول بالتحریم إلی الوضع فی غیر الزنا و بالتحریم إلی الأشهر فی الزنا أو القول بالتحریم إلی الأشهر فی الحلال و الجواز مطلقاً فی الزنا کل ذلک للجمع بین الأخبار مهما أمکن و لما دل علی أن الزنا لا حرمة لمائه و إن الشارع قد ألغی اعتباره فی العقد و الاستبراء و وجه ضعفه أن الأخبار علی کثرتها خالیة عن التعرض للزنا و التفصیل بینه و بین غیره مع إن المقام مقام البیان لکثرة وقوع الزنا فی الجواری و أما ما دل علی أن الزنا لا حرمة لمائه غیر صالح لتقیید الأدلة المتقدمة لضعفه و قوتها و إن الحکم بعدم العدة لماء الزنا قد یناقش فیه و إن کان مشهوراً بین الفقهاء و لورود عدة من الأخبار بالاعتداد عموماً لقوله (علیه السلام): (العدة من الماء) و قوله (علیه السلام) (إذا أدخله وجب العدة) و بعضها خصوصاً ففی روایة (حتی یستبرئها من نطفة غیره) و فی آخر (إذا هو اجتنبها حتی تقضی عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور) و الظاهر إن النزاع مختص بما کان الحمل سابقاً علی الملک و أما لو کان لاحقاً فإن کان عن حلال فالظاهر تحریمه مطلقاً لکتاب غیر معارض و ما قدمنا خاص بالمتقدم علی الملک و لأن الحرام لا یحرم الحلال و إن کان مجهولًا ففی تحریمه لحمل فعل المسلم علی الصحة و لإطلاق الآیة بأولات الأحمال و عدم تحریمه للأصل و إطلاق الآیات الدالة علی جواز التصرف بالملک مطلقاً وجهان و الأول أظهر و أحوط و لو وطء الحامل علی الجواز أو فعل حراماً استحب له العزل عنها لفتوی المشهور و إشعار الأخبار و أوجبه بعضهم قبل مضی أربعة أشهر مدعیاً علیه الإجماع و هو أحوط و إن لم یعزل کره له بیع ولدها لتشبثه بالحریة و علقة البنوة کما تشعر به الأخبار و حرمه بعضهم حیث یکون الوطء قبل أربعة أشهر و نقل

ص: 263

فیه الإجماع و بعضهم أضاف العشرة أیام و حرمه بعضهم مطلقاً و یستحب أن یعزل له من میراثه قسطاً أوجبه بعضهم فیما کان الوطء قبل أربعة أشهر ناقلًا علیه الإجماع و بعضهم ذلک مع زیادة العشرة أیام و لیس للقسط حد فی النص و الفتوی نعم فیها ما یدل علی کثرته فی الجملة لأن فی بعضها اعتبار الوصیة بما یعیش به و الأولی جعله نصیب ولد و أوجب بعضهم عتقه فیما لو کان الوطء متقدماً علی الأربعة أشهر و عشرة أیام مدعیاً علیه الإجماع و لو لا شهرة القول بالندب فیما ذکرناه شهرة محصلة و منقولة الإجماع و الأصول و القواعد القاضیة بالجواز لکان القول بالوجوب متجهاً للأمر بعدم بیع الولد و عتقه و جعل شی ء له من ماله و فی الأخبار و منقول الإجماع قیل و یستحب للواطئ و أرحامه الإنفاق علیه و القیام بحقوقه و معاملة الواطئ معاملة الأب و أولاده معاملة الأخوة لهم و لو شک فی الإنزال و العزل انتفت الأحکام من الأصل و القسط یخرج من الثلث بعد المنجزات و الحقوق و الواجبات و لو تأخر علی إشکال.

سادس عشرها: یکره التفرقة بین الأطفال و أمهاتهم النسبیة تفرقة حسیة فی مکانین متباعدین عرفاً و عقلًا

إذا کانت کالتفرق الحسی و فی إلحاق الأم الرضاعیة بالنسبیة و إلحاق باقی الأرحام بالأم مع تحقق العلقة بل غیر المحارم من المربیة وجه یقتضیه التعلیل و مع خوف الضرر و التلف محبة یحرم التفرقة بینهما أو عدم المبالاة من کل منهما بتفرقته عن الآخر یرتفع حکم الکراهة و حد الکراهة الاستغناء عنهن و اختلفوا فی أنه هل هو بلوغ سبع سنین تحقیقاً فی تقریب أو أن یستغنی عن الرضاعة و التفصیل بین الأنثی فالأول و یلحق بها الخنثی و الذکر فالثانی أو أن یتمکن من الاستقلال فی التعیش لنفسه بحیث یقال عرفاً أنه غیر محتاج و أنه استغنی عنها کما نسب لظاهر الأصحاب و هو الأقوی لعدم دلیل خاص یدل علی ما تقدم من الأقوال و قیل بالحرمة و علی ذلک الشهرة و الإجماع و یؤیده حرمة الظلم و قساوة القلب و عدم المروءة و إن من لا یرحم لا یرحم و یدل علیه الأخبار الخاصة کقوله فی الموثق عن أخوین مملوکین هل یفرق بینهما و بین المرأة و ولدها فقال: (لا هو حرام إلا یرید و إذا لک) و فی الصحیح عن الغلام و الجاریة و له أخ و أخت أو أب أو أم بمصر من الأمصار قال: (لا

ص: 264

یخرجه إلی مصر آخر و لا تشتره و إن کان له أم فطابت نفسها و نفسه فاشتره إن شئت) و فیه (بیعوهما جمیعاً أو امسکوهما جمیعاً و فی آخر الجاریة الصغیرة یشتریها الرجل فقال: (إن کانت قد استغنت عن أبویها فلا بأس) فالقول بالتحریم قوی لو لا الأصول و القواعد و فتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و الإجماع المنقول علی الکراهة و علی القول بالتحریم تعم الحرمة للبائع و المشتری و لکن لا یفسد العقد بها للأصل و فتوی الأصحاب و ما ورد من رد الإمام (علیه السلام) الجاریة التی قالت یا أماه محمول علی الندب و رضا البائع و هل یختص الحکم علی القول به بما هو مذکور فی الأخبار لمخالفة الحکم للأصل فیقتصر فیه علی مورد الیقین أو یسری بتنقیح المناط لکل من احتاجت إلیه الأطفال و لم تستغن عنه و تعلق قبلها به وجهان و الأظهر الأخیر لو لا نقل بعضهم الإجماع علی جواز تفرقة الأم الرضاعیة و من تعلق بالرضاع من غیرها و الإجماع علی جواز تفرقة غیر الأم من الأرحام و لو حصلا فی الملک متفرقین لم یلزم جمعهما و إن ندب و لو حصل ضرر علی الطفل بعد التفرقة یسقط حکم الکراهة و التحریم و لا یسری الحکم لغیر الإنسان من الحیوان و إن کانت الرحمة و الرأفة و البر حسن و زعم بعضهم إنه یحرم التفرقة قطعاً قبل شرب اللباء فی ضمن الثلاثة أیام لأنه مما یؤدی للهلاک فلا نزاع فیه و هو ممنوع و التجارب تقضی بخلافه سیما لو أرید عموم ذلک لغیر الإنسان.

سابع عشرها: إذا ظهر استحقاق الأمة بالبینة أو بحکم الحاکم أو بغیرهما الموطوءة لغیر الواطئ

بإدخال الحشفة فی قبل أو دبر عن علم أو جهل بنکاح أو تحلیل أو ملک یمین ببیع أو غیره أو شبهة لفساد عقد أو غیره مع علم الموطوءة و جهلها و مع قدرتها علی الامتناع و عدمه استردها المستحق لها للإجماع بقسمیه و للأصول و للأخبار الخاصة منها الصحیح فی ولیدة باعها ابن سیدها و استولدها الذی اشتراها قال: (الحکم أن یأخذ ولیدته و ابنها) و نحوه غیره و غرم له الواطئ عشر قیمتها إن کانت بکراً لم تطأها الرجال قبلًا أو دبراً و إن ذهبت عذرتها بنزوة أو غیرها علی وجه أو ما ذهبت منها الغشاوة علی وجه آخر و لا یبعد إن المفهوم عرفاً هو الأخیر و نصف العشر

ص: 265

إن کانت ثیبة بأن وطأها الرجال قبلًا او دبراً و إن بقیت عذرتها علی تأمل فی ذلک و تقوم حین الوطء أو حین التغریم أو الأعلی ما بینهما و هل یتقوم موطوءة فتدخل زیادة القیمة بالوطء لو زادت و نقصانها لو نقصت أو غیر موطوءة وجهان و الأحوط تقویمهما موطوءة مع الزیادة و غیر موطوءة مع النقصان بالوطء نعم له ارش النقصان لحصوله بوطئه و مباشرته و هل یدخل ارش البکارة فی العشر للأصل و ظاهر الأدلة النافیة أو لا یدخل لأصالة عدم التداخل وجهان و الثانی أحوط و هل یحتسب الوطء المتعدد کالواحد مطلقاً أو یحتسب متعدداً مطلقاً فلمالکها العشر فی أول وطأة إذا کانت بکراً ثمّ له نصف العشر فی کل وطأة أو یحتسب واحداً مع اتحاد الوقت و متعدداً مع تعدده عرفاً أو یحتسب واحداً مع عدم غرامة الوطء و متعدداً مع تخللها أو یحتسب واحداً مع عدم اختلاف الوصف من البکارة و الثیبوبة و متعدداً مع اختلافه وجوه أظهرها من الأخبار الأول لو کانت مبعضة فالوجه التوزیع و الرجوع لمهر المثل بعید و لو کانت عالمة مطاوعة فلمالکها ذلک أخذاً بإطلاق الروایة و لأنه حق للمولی و لیس من المهر کی یدخل فی قوله (علیه السلام) (لا مهر لبغی) علی إنه لو کان مهراً شرعیاً أو کاشفاً عن مهر أمثالها کان للمولی أخذه لانصراف المهر المنفی للحرة لمکان اللام المقیدة للاستحقاق و لمکان لفظ المهر لأنه من خصائص الحرة و لو اختلفا فی الوطء و عدمه فالقول قول النافی و لو اختلفا فی البکارة و عدمها احتمل الوجهان لأصالة البراءة من الغرامة الزائدة و للاستصحاب و لا یبعد الأخیر و الدلیل علی ثبوت العشر و نصف العشر دون مهر الأمثال فی جمیع المقامات المتقدمة فتوی المشهور و الإجماع المنقول و الاستقراء الحاصل من ثبوته فی المقامات المتعددة بالأخبار و فتوی الأصحاب و لکن فی قطعیته إشکال و لتنقیح المناط بعد وروده فی موارد خاصة کالصحیح فی الأمة المحللة لما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها قال: (یغرم لصاحبها عشر ثمنها إن کانت بکراً و إن لم تکن بکراً فنصف عشر قیمتها و فی آخر فی الملامسة مثله و فیه بما استحل من فرجها و إن جاءت بأولاد فأولادها منه أحرار و لکن فی قطعیته إشکال نعم فی التعلیل باستحلال الفرج إیماء لشمول الحکم لجمیع ما تقدم و مع ذلک فالقول بثبوت مهر

ص: 266

الأمثال بالنسبة لثبوت الثیبوبة و إدخال ارش البکارة فی العقر و تعیین إن البکارة ما هی و غیر ذلک مما قدمنا مما لیس فیه تصریح فی الأخبار و لم ینعقد علیه إجماع الأصحاب لا یخلو من إشکال و یستحق المالک علی الواطئ إذا لم یکن الواطئ مغروراً من قبل المالک بل من قبل غیره أجرة المنافع المستوفاة تحت یده و قیم النماءات المتلفة بعد وضع یده علیها فإن أحبلها فالولد له حراً من لم یکن زانیاً لأصالة الحریة و لأن الولد یتبع أشرف الأبوین کما دلت علیه الأخبار إلا الزانی فإنه لا حرمة لمائه و علیه دفع قیمة الولد یوم سقوطه حیّاً بأن یقومه اثنان قیمة عادلة علی ما هو علیه من الصفات المزیدة للقیمة و المنقصة لها باقیاً علی رقیته عائداً إلی الحریة و الأظهر اشتراط العدالة فیهما و فی الاکتفاء بالعدل الواحد وجه فیدفع قیمة الولد لمالک الأمة و الظاهر اشتراط کونها من النقدین لانصراف القیمة فی الأخبار و الفتاوی إلیهما و یدل علی دفع القیمة مع الحیوان الإجماع و الأخبار الخاصة کالموثق فیمن اشتری جاریة فأولدها ثمّ یجی ء مستحق الجاریة یأخذ الجاریة المستحق و یدفع إلیه المتاع قیمة الولد و یرجع علی من باعه بثمن الجاریة و قیمة الولد و الآخر فی جاریة کذلک قال: (یأخذ الجاریة صاحبها و یأخذ الرجل ولده بقیمته) و الثالث فی جاریة کذلک قال: (یقبض ولده و یدفع إلیه الجاریة و یعوضه عن قیمة ما أصاب من لبنها و خدمتها) فالقول برقیة الولد ضعیف جداً و لو سقط الولد میتاً أو سقط لا حیاة مستقرة فیه فلیس علی الواطئ شی ء و قوی بعضهم تغریمه دیة جنین و هو ضعیف لعدم العثور علی دلیل علیه و یشترط فی تغریم المالک للواطئ المنافع و قیمة الولد أن لا یکون هو الغار و المدلس و یرجع الواطئ علی الدافع بالثمن مع بقاء عینه عالماً کان أو جاهلًا و لا یرجع مع تلفه إذا کان عالماً و یرجع مع الجهل بمثله أو قیمته و یرجع مع جهله علی الدافع بما غرمه للمالک من قیمة منافع مستوفاة أم لا و کذا قیمة نماءات وصل نفعها إلیه لإقدامه علی صیرورتها له مجاناً و بقیمة الولد کما نقل علی خصوصه الإجماع و نطقت به الأخبار کما تقدم و یرجع بالعقر مطلقاً زاد علی مهر المثل أو نقص عنه و إن حصل له فی مقابلة نفع لما قدمنا من إقدامه

ص: 267

علیه مجاناً فهو مغرور من قبل البائع و المغرور یرجع من غره و لفحوی ما دل علی الرجوع بقیمة الولد.

ثامن عشرها: کل مال اشتری فظهر أنه مسروق من معتصم المال

وجب علی المشتری رده فوراً مهما أمکن لأهله لا إلی السارق لأنه تفریط به و عدوان علیه فإن جهل أهله مطلقاً تصدق به عنهم مع نیة الضمان أو أوصله للحاکم و الأولی له ذلک سیما لو کان أهله کفاراً فإن التصدق عنهم مشکل و إن علم أهله فی محصورین صالحهم اختیاریاً أو قهریاً بأمر الحاکم أو أقرع علیهم و إن علمهم بأعیانهم و لکن عجز عن الوصول إلیهم بقی عنده أمانة أو تصدق به أو دفعه إلی الحاکم لأنه ولی مال الغائب و الأحوط الأخیر و لا یتفاوت الحال فی ذلک بین الجاریة و غیرها و بین کونها من أرض المسلمین أو من غیرهم إلا إنه قد ورد فی خصوص الجاریة المسروقة من أرض الصلح من أهلها لا من غیرها و لو من أهلها و لا من غیر أهلها و لو فیها أمن من اشتراها ردها علی البائع إن کان حیّاً و استعاد ثمنها باقیاً أم لا بمقتضی إطلاق الروایة و إن مات البائع و لا وارث له سعت فی ثمن رقبتها و أفتی بها الشیخ (رحمه الله) و جمع من أصحابنا و فیها مخالفة للقواعد من جهة الإرجاع للبائع و هو ظلم و الجواب عنه بأنه ذو ید و مخاطب بالرد فیرد إلیه مردود بأن یده إن لم تثبت کونها ید عدوان فلا یجوز الرد علیه و لا الفسخ قهراً و ظاهر الروایة جوازه قهراً علی إنه غیر مفروض المسألة و إن ثبت کونها ید عدوان فلا یجوز الرد علیه إذ کما إنه مخاطب بالرد فکذلک المشتری مخاطب بالرد علیه امتثال خطابه لا خطاب غیره نعم قد یحمل إن الرد علیه لمکان التقیة و لکنه بعید و من جهة إن استسعائها ظلم أیضاً لأن منافعها مملوکة للغیر فلا یصح استیفاءها و الجواب عنه بأن مال المحرم فی ء للمسلمین و احترامه بالصلح إنما کان عارضیاً فیجوز أن یجربه ما کان احتراماً أصلیاً مردود بعد الفرق بین الاحترامین و من ظلم لا یظلم و الظالم غیر الحربی و من جهة الحکم فیها بإرجاع الثمن من دون تفصیل بین العلم و الجهل و تلفه و عدمه و هو مما لا نقول به مطلقاً و من جهة الحکم فیها بالفرق بین موت البائع و عقبه و خلافه من دون فرق بین وارث لهم سواهم أو لا و بقاء مالهم أولًا من

ص: 268

جهة إنها لا تخلو من ظهور فی أن المشتری إذا لم یمکنه الرد علی البائع أو کان البائع معسراً أو المشتری فی وجه فلا رد و تکون له عوض الثمن علی إنه لیس فیها بیان حالها بعد الاستسعاء هل هو التحریر دفعة أو التحریر شیئاً فشیئاً بتسلیم شی ء فشی ء و هل هو تحریر بنفسه أو بفعل الحاکم أو إنه یجری علیها بعد الاستسعاء حکم اللقطة أو تسلم إلی الحاکم أو غیر ذلک و علی کل حال فالروایة لا بد من اطراحها و الرجوع للقواعد المحکمة و لا یجوز الأخذ بها و لو مع الاقتصار علی موضع مدلولها إلا ما علم منه تنقیح المناط و متی رجع بها إلی القواعد کان للمشتری تسلیمها للحاکم مع جهل صاحبها أو عدم إمکان الوصول إلیه و للحاکم التصدق بها مع نیة الضمان من بیت المال أو مع عدمه أو مع نیة الضمان عن دافعها فی وجه و له وضعها أمانة عنده أو فی بیت المال هذا إذا لم یمکن ردها لأهلها و إلا ردها و مئونة الرد علی البائع أو علی المشتری أو یستقر علی المشتری ما لم یکن مغروراً و النفقة علی بیت المال إن قبضها لأهله و علی صاحبها من کسبها قرضاً علیه إن قبضها لصاحبها مع احتمال کونها علی ذی العدوان إن قبضها لصاحبها أمانة و المسروقة من أرض الحرب أو من ما بین الحدین یتبع کلًا حکمه و لو اختلف البائع و المشتری فی کونها مسروقة من أرض الحرب أو الصلح فالقول قول مدعی الصحة.

تاسع عشرها: لا یصح بیع عبد من عبدین أو من عبید

و کذا غیره تساویا فی الصفات و القیمة أو اختلفا لا علی وجه الکلیة المنحصرة فی تلک الأفراد المضمونة فیما بقی و لا علی وجه الکلیة المشاعة فیها و لا علی وجه الإبهام لحصول الغرر عرفاً فی القیمیات و لظاهر فتوی المشهور و الإجماع المنقول بل المحقق فیما لو أرید الإبهام و نقل عن الشیخ (رحمه الله) جواز بیع عبدین معینین علی جهة الکلیة و إنه ادعی الإجماع علی ذلک و استدل بالروایة و عموم المؤمنین عند شروطهم و الکل ضعیف لمعارضته الإجماع بمثله و بفتوی الأصحاب علی خلافه حتی إنه خالفه بنفسه فی مقام آخر و لضعف الروایة لأن الظاهر إنها الآتیة إن شاء الله تعالی علی أن موردها غیر محل المسألة و لضعف العموم أولًا و تخصیصه بأدلة الغرر ثانیاً و لو باع رجل عبداً کلیاً

ص: 269

موصوفاً فدفع إلیه عبدین علی أن یکون وفاءه فیهما لم یصح علی الأظهر لمکان الغرر و شموله لجمیع المعاوضات سواء نوی بوفائه الأحد أو الکلی المشاع أو المضمون و صحة دفع الکلی فی المثلیات وفاءً لا یستلزم صحته فی القیمیات لحصول الفرق بینهما عرفاً و لو تساوت القیمیات فی الصفات و إن دفع العبدین لیتخیر منهما واحداً مطابقاً لذلک الکلی کان فی ید المدفوع إلیه أمانة کضمان المقبوض بالسوم کما هو الأشهر لعموم علی الید ما أخذت و لإقدامه علی أوله إلی الضمان و القول بعدم الضمان هنا و إن قلنا به فی المقبوض بالسوم لأن المقبوض بالسوم بالقوة مبیع أو مجاز بما یؤول إلیه و صحیح المبیع و فاسده مضمونة بخلافه هنا لأن المقبوض به محض استیفاء حق البیع سابقاً علیه مردود بأن المبیع هنا أمر کلی و کل من المقبوضین صالح لأن یکون فرداً له و الکلی منصب علی فرده فالمقبوض حینئذٍ أما مبیع بالقوة أو مجاز لما هو یؤول إلیه بل هو أقوی من المقبوض بالسوم لأن دفعها له حصر لحقه فیها فیکون بمنزلة المبیع بالفعل و علی ما ذکرنا فإن تلف أحدهما و کان مطابقاً للکلی وقع الاستیفاء لمکان التهاتر دون الآخر و إن لم یکن التالف مطابقاً و کان الباقی مطابقاً أخذ الباقی و ضمن التالف و لو کانا معاً مطابقین وقع التلف وفاقاً قهراً ورد الآخر و لو کانا معاً غیر مطابقین ضمن التالف ورد الباقی و طالب بحقه إلا أن یرضی به مخالفاً لحقه و یمکن القول بعدم لزوم التهاتر القهری فیبقی علی خیاره بین التالف و الباقی و علی کل حال فما عن الطبرسی و القاضی من أن المشتری عبداً إذا دفع له البائع عبدین لیتخیر أحدهما فأبق واحد منهما من یده من دون تفریط رد الذی عنده و یرتجع بنصف الثمن من البائع و یأخذ فی القهر عن الآبق فإن وجده رد نصف الثمن و تخیر بینهما و إلا یجده کان العبد الموجود بینهما لروایة النوفلی عن السکونی عن أبی عبد الله (علیه السلام) ضعیف لضعف الروایة سنداً و شذوذها و مخالفتها لأصول المذهب من لزوم رد الموجود بقول مطلق و من لزوم رد نصف الثمن مع إن البیع وقع صحیحاً و من عدم ضمان التالف و من صیرورة الموجود بینهما نصفین إذا لم یحصل التالف مع إمکان کون الموجود مطابقاً فله أخذه و إبقاء الثمن إلی أن یأخذ المبیع المطابق لعدم مطابقتها و منع عدم ضمان التالف لما

ص: 270

قدمناه و امتناع صیرورة الموجود نصفین لعدم إمکان تنزیل الدفع علی الإشاعة کما قدمنا و الأولی طرح الروایة و الرجوع للقواعد دون تنزیلها علی الوجوه التی لا نقول بها أو البعید جداً.

العشرون: إذا وطأ أحد الشرکاء فی الأمة قبلًا أو دبراً مع إدخال الحشفة

فعل حراماً إذا کان من دون إذن و غزّر لتقصیره فی السؤال إن کان من المقصرین و یسقط عنه الحد إن کان الوطء لشبهة للإجماع و لدرء الحدود بالشبهات و إن کان مع انتفاء الشبهة سقط عنه الحد علی قدر نصیبه و علی قدر من نصیب من لا یحد بوطء ملکه کجاریة الولد لو کان الولد شریکه لأنه بالنسبة إلی نصیبه نفسه لا یصدق علیه الزنا و لا هتک الحرمة و یصدق علیه معنی الشبهة فی الجملة و لأن الظاهر من استقراء الموارد تبعض الأحکام بتبعض الأسباب و العمدة فی ذلک فتوی المشهور نقلًا و تحصیلًا و الإجماع المنقول و الأخبار المعتبرة بما قدمنا ففی أحدهما (یدرأ عنه الحد بقدر حصته منها و یقرب منه ما سوی ذلک) و فی الثانی فی الجاریة المشترکة نکحها أحدهما (یضرب نصف الحد و یغرم نصف القیمة إذا أحبل) و فی الثالث مثله إلی غیر ذلک و لا یسقط عنه الحد بالنسبة إلی حصة غیره لحصول معنی الزنا فینبغی تمام الحد خرج نصیبه فیبقی الباقی و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة و الأخبار المتکثرة المعتبرة و المنجبرة و قد تقدم جملة منها و طریق التقسیط مع عدم الاحتیاج إلی تبعیض الجلدة الواحدة لا کلام مع الاحتیاج أخذ من السوط قدر ماله و ضرب بالباقی للصحیح فی نصف الجلدة و ثلثها قال: (یؤخذ بنصف السوط و ثلثی السوط) و یحتمل علی بعد کون التقسیط علی قدر قوة الضرب و ضعفه أو علی رقته و غلظه و لو ادعی زیادة حصته علی شریکه فلا یبعد سقوط الحد عنه بقدرها و إن کذبه الشریک لمکان الشبهة و یتعین هنا الحد دون الرجم و القتل لعدم إمکان تبعضها فإن أحبلها الشریک قومت علیه حصص الشرکاء و أخذت منه خاصة إن ثبت کون الإحبال منه و أقر به لصیرورتها بالجزء المملوک أم ولد لا من أولاد الزنا و لا شک فی کفایة العدلین فی التقویم و فی العدل الواحد وجه کما إن قبول غیر العدلین من أهل الخبرة إذا کانا مأمونین وجه لا یبعد البناء علیه و تقوم بنفس

ص: 271

الإحبال لا بالوطء کما ذهب إلیه بعض الأصحاب للأصل و الإجماع المنقول قیل و المحصل و المخالف مسبوق به و لأن الوطء لا إتلاف فیه و لا إشراف علی التف و مجرد الاحتمال لا اعتبار به و لبعض الأخبار المنجبرة بما قدمنا کقوله فی روایة (یغرم نصف القیمة إذا أحبل) و فی أخری معللًا لتغریمه بأنه قد أفسد علی شرکائه و لا یکون الفساد بالإحبال و ما استند إلیه القائل بالتقویم بنفس الوطء من الخبر فی الجاریة المشترکة فوطأها من عنده قال: (تقوم الأمة علیه بقیمة و یلزمها فإن کانت أقل من الثمن الذی اشتریت به الجاریة ألزم ثمنها الأول و إن کان قیمتها فی ذلک الیوم الذی قومت فیه أکثر من ثمنها ألزم ذلک الثمن و هو صاغر لأنه استفرشها) و الآخر فیمن وطأ جاریة من الفی ء قبل أن یقسم قال: (تقوم الجاریة و تدفع إلیه بالقیمة إلی) إن قال: (لأنه وطأها و لا یؤمن أن یکون ثمّ حبل) ضعیف لا یقاوم ما قدمناهُ و الروایتان محمولتان علی إرادة الاستعداد للتقویم و إعطاء القیمة لأن الوطء غالباً مظنة للحبل فیکون الأمر به للإرشاد و إلا بطل ذلک الاستعداد و حمل هذین الخبرین علی ذلک أولی من حمل الأخبار المتقدمة علی إرادة الوطء من لفظ الحبل تسمیته باسم المسبب لقوة تلک الأخبار بما ذکرناه یبعد عنها التجوز و الصارف بخلاف هذه لاحتیاجها إلی التأویل و أولی من حمل استفرشها و وطأها فی الخبر علی إرادة الحمل مجازاً لبعد الأول بما فی ذیله قلت فإن أراد بعض الشرکاء شراءها دون الرجل قال: (ذلک له و لیس له أن یشتریها حتی یستبرئها) و هو ظاهر فی عدم إرادة الحمل من لفظ الاستفراش و بعد الثانی بما فی قوله (و لا یؤمن أن یکون ثمّ حبل) فإنه ظاهر فی عدم تحققه فإشعاره بما حملناه أقرب و هل تقوم حاملًا مطلقاً و لو بحر أو حائلًا أو الأعلی منهما وجوه أوجهها الوسط ثمّ إن الظاهر إن الاعتبار فی وقت التقویم هو زمان الأخبار لأنه سبب الإتلاف دون زمان الوطء أو زمان التقویم أو الأکثر منهما أو علی القیم حین الحمل إلی حین التقویم أو أعلاها من زمان الحمل إلی زمان الانتقال بدفع القیمة أو قیمة نفس زمان الانتقال أو الأعلی من زمان التقویم إلی زمان الانتقال أو زمن الحمل أو الأعلی من زمان الوطء إلی زمان التقویم أو الأعلی من زمان الوطء إلی زمان الانتقال أو الأعلی

ص: 272

من زمان الانعقاد إلی حین الولادة أو ما یختاره المظلوم من الشریکین أو الأعلی من الثمن المدفوع عند شرائها و قیمتها یوم الوطء کما دل علیه الخبر وجوه أوجهها بالقواعد الأول ثمّ من بعده اعتبار زمان التقویم و المدلول علیه بالأخبار هو الأخیر و هو محمول علی إن الوطء إذا تعقبه الکاشف إنه سبب الإتلاف من یومه و یکون دفع ما زاد من ثمنها محمولًا علی الندب لا الإیجاب و لکل من الوجوه الباقیة مدرک عند التأمل إلا إنه ضعیف و یلزم الواطئ العشر لأصالة عدم التداخل و لأنه عوض المهر أو هو المهر فلا یسقط و خلو الأخبار عن بیانه لیس بیاناً للعدم نعم یسقط عنه بقدر حصته فالقول بسقوط العقر مطلقاً أو عقر الثیب لخلو الأخبار الخاصة عنه کالقول بلزوم مهر المثل ضعیف و یلزم الواطئ ارش البکارة لو کان للأصل مع احتمال دخوله فی العقر و لا تدخل فی ملک الواطئ بمجرد الوطء کما هو ظاهر الأصحاب و لا بالحمل للأصل فنماؤها و منافعها علی الشرکة نعم یملکها بعد التقویم و دفع القیمة أو ضمانها مع رضاهم فلو سقط الولد قبل ذلک أو مات عادت الشرکاء للأصل و الاستصحاب و لا یفتقر التقویم إلی لفظ خاص و تکفی فیه المعاطاة علی الأظهر و یمکن کونه کاستحقاق العوض بالتلف ثمّ إن التقویم علیه لا بد منه فی حال حیاته و موته إلا إنه لیس فوریاً و لکن لا یسوغ به الإهمال الباعث علی التعطیل و متی طلبه أحدهما إجابة الآخر و لو امتنع أحد الطرفین منه جبره الحاکم فإن لم یتمکن قام مقامه و لا تجری علیه أحکام البیع نعم تجری فیه أحکام الغبن و العیب فیجوز له أخذ الارش و عوض النقصان و فی جواز الرد إشکال من جهة صیرورتها أم ولد له و لو کان الإحبال من شریک کافر و هی مسلمة أو أسلمت بعد الإحبال جری علیها ما تقدم فی حکم أمهات الأولاد و لو اشترک شریکان فی الإحبال قومت علیهما و اشترکا فی الغرامة مع احتمال استخراج الأب بالقرعة و لو وطأها قبل الشرکة فحملت ثمّ صار شریکاً لم تقوم علیه و لو فسخها بعد الوطء بخیار قوم علیه جمیع الحصص و لو ظهر فساد شرکته لم تقوم علیه و کان علیه الغرامات الثابتة علی من وطء أمة الغیر و الظاهر إنه لا فرق بین الوطء قبلًا أو دبراً مع الإنزال و عدمه بعد تحقق الوطء شرعاً الذی هو التقاء الختانین علی القول

ص: 273

بتقویمها بمجرد الوطء و لا بد من العلم بکون الموطوءة أمة و الواطئ ذکراً علی هذا القول بخلاف الخنثی لاحتمال العکس و لو وطأ بعد نقل الحصة إلی الشریک بعقد جائز أو مع اشتراط الخیار ففی کونه فسخاً فتجری علیه الأحکام المتقدمة أم لا وجهان و لو حرم علیه وطؤها کان وطأ أمها قبل ذلک سقطت عنه بعض الأحکام المتقدمة و لا یفرق فی لزوم العقر بین علمها بالتحریم و جهلها و بین مطاوعتها و عدمه علی الأظهر کما تقدم و هل یتکرر العقر بتکرر الوطء مطلقاً أو لا یتکرر مطلقاً أو یتکرر مع تکرر الشبهة دون ما عداه وجوه و لا یبعد الأخیر و فی کون البکارة عبارة عن الغشاوة أو عن عدم سبق و وطء له وجهان و لو کان صغیراً و الموطوءة کذلک لم تقوم بالوطء علی القول بتقویمها به و ینعقد الولد حراً و لو کان الواطئ زانیاً عالماً لظاهر النصوص المتقدمة الأمرة بالتقویم لمکان الحمل الصریحة فی کونه عن زنا الأمر فیها بالحد اللازم و لو إنه حر لما حصل بحمله استیلاد موجب للإفساد باعث علی التقویم و کأنه لملک بعضها الموجب الفراش لم یجر علی الولد حکم ولد الزنا و للإجماع المنقول و لأصالة الحریة عند اشتباه الحال و الثمرة ظاهرة بین الحکم بحریته و الحکم برقیته و بین الحکم بحریته عنه الانعقاد و الحکم بحریته بعد التقویم و علی أبیه قیمة حصة الشریک منه یوم الولادة للإجماع المنقول و لتوفیه حق الشرکاء من النماء و لظاهر الأخبار المعتبرة الواردة فی وطء الشرکاء للأمة المشترکة مع تداعیهم الولد منها الصحیح إذا وطأ رجلان أو ثلاثة جاریة فی طهر واحد فولدت و ادعوه جمیعاً أقرع الموالی بینهم فمن خرج کان الولد ولده و یرد قیمة الولد علی صاحب و نحوه آخر الجاریة و نحوه غیرهما و لو ولدت متعدداً قوم الجمیع و معلوم الحال من ذکورة أو أنوثة یقوم علی ما هو علیه من الصفات زیادة و نقصاناً و المجهول کالخنثی یقوم بما علیه من صورته و یحتمل تقویمه أنثی للاحتیاط لزیادة قیمتها علی و ذکر الأصل و یحتمل أخذ نصف القیمتین و یحتمل القرعة و مع اختلاف المقومین یؤخذ بالراجح و یحتمل الأقل للأصل و یحتمل القرعة و یحتمل الأکثر للاحتیاط قیل و لو خرج میتاً فرض حیّاً و قوم و کذا لو خرج مریضاً لو معیباً قوم صحیحاً و فیه أنه لو خرج میتاً لا قیمة له فلا یفوت علی المالک شی ء و یحتمل

ص: 274

اعتبار أعلی القیم من حین الحمل إلی حین الولادة أو إلی حین التقویم و لو تراضیا علی التقویم حال الحمل سقط اعتبار یوم الولادة و لو قومت حاملًا علی الشریک دخل فی تقویمها قیمة الولد علی ما ذکره بعض الأصحاب و هو لا یخلو من نظر لحصول الاختلاف فی ذلک إلا أن تقوم حاملًا مع الحمل و صفة الحاملیة.

الحادی و العشرون: إن الذی تقضی به القواعد فیما لو اشتری کل من العبدین المأذونین لهما بالتصرف صاحبه من مولاه لنفسه

بناءً علی أن العبد یملک إن شراءهما إن وقع دفعة بطل قطعاً لامتناع کون الواحد مالکاً لآخر و مملوکا له و إن علم سبق أحدهما یقدم قبوله علی قبول الآخر حکم للسابق و إن علم السبق و اللحوق و شک فی تعیین السابق استخرج بالقرعة أو یرجع إلی تقدیم معلوم التاریخ و إن شک فی السبق و التقارن فالبطلان و احتمل القرعة و احتمل الرجوع إلی تقدیم معلوم التاریخ إن علم تاریخ أحدهما و إلا فالتقارن أو القرعة و إن اشتری کل واحد منهما الآخر لمولاه مأذونین علی جهة الوکالة تصریحاً أو تلویحاً صح کل من العقدین و ملک کل من المولیین عبد الآخر و إن اشتری کل واحد صاحبه و کانا مأذونین لا علی جهة الإذن بالتصرف التابعة للملک کما هو المفهوم منها عرفاً بالنسبة إلی الممالیک أو صرح بها للمالک صح کل من العقدین أیضاً إن تعقبهما الإجازة من المالکین و الأصح ما علم سبقه و بطل اللاحق و لو بمجرد تأخر قبوله و إن اقترنا احتمل بطلانهما معاً إلا مع إجازتهما أو إجازة أحدهما و احتمل صحتهما لبقاء الإذن لکل منهما إلی تمام العقد و العقد بعد تمامه یؤثر أثره فارتفاع الإذن یقارن الملک و إن شک فی السابق و اللاحق مع العلم بسبق أحدهما فالقرعة و احتمال الرجوع إلی تقدیم معلوم التاریخ ضعیف و إن شک فی السبق و اللحوق و الاقتران احتمل الحکم بالاقتران و احتمل الحکم بالقرعة و احتمل الحکم بالرجوع إلی تقدیم معلوم التاریخ و هو قوی و یلحق بالشراء کل ناقل للعین و فاک للملک کالعتق لزوال الإذن بحدوثه دون ناقل المنفعة کالإجازة و نحوها و إن کلًا من العقدین یحکم بصحته بالنسبة إلیهما معاً و ذهب بعض أصحابنا إلی إنه عند اشتباه السبق و اللحوق أو اشتباه السابق یمسح الطریق بینهما و یحکم بالسبق للأقرب

ص: 275

طریقاً للخبر فی مأذونین عدا کل منهما فاشتری الآخر من مولاه فتداعیا فقال کل منهما للآخر أنت عبدی قد اشتریتک من سیدک قال: (یحکم بینهما من حیث افترقا بذرع الطریق فأیهما کان أقرب فهو الذی سبق الذی هو أبعد و إن کانوا سواء فهما رد علی موالیهما) و هو ضعیف لضعف الخبر سنداً و مخالفته لفتوی المشهور و القواعد المحکمة فلیحمل علی ما إذا کان أقربیة المکان و المسافة مما یفید قطعاً و ظناً بالسبق و ذهب بعض أصحابنا إلی الرجوع إلی القرعة حتی مع العلم بالاقتران استناداً لمرسلة فیها (إن کانت المسافة سواء أقرع بینهما) و هو ضعیف لضعف الروایة سنداً و مخالفتها للقواعد و فتوی المشهور فلتحمل علی صورة ما لم یعلم من استواء المسافة تساویهما علی أن المتیقن من مشروعیة القرعة هو ما یستکشف بها المشتبه واقعاً و ما یقال من جواز ترجیح أحدهما بنظر الشارع فالقرعة لاستخراجه لا وجه له لأن التکلیف منوط بأسبابه الشرعیة الظاهریة الدال علیها الدلیل الشرعی عموماً و خصوصاً و لیست القرعة منها قطعاً ثمّ إن للقرعة طرق متعددة مذکورة فی مظانها و یجوز هنا مع اشتباه السابق أن یستخرجها برقعتین فی أحدهما السابق و فی الآخر اللاحق و لو اشتبه السبق و اللحوق و کتب فی الثلاثة الاقتران لیحکم بالوقف معه أو البطلان.

الثانی و العشرون: و من ما ورد فی عبد لقوم مأذون له فی التجارة

دفع إلیه رجل ألف درهم فقال له اشتر بها نسمة فاعتقها عنی و حج عنی بالباقی ثمّ مات صاحب الألف درهم فانطلق العبد و اشتری أباه و أعتقه عن المیت و دفع إلیه الباقی یحج عن المیت فحج عنه و بلغ ذلک لموالی أبیه و موالیه و ورثة المیت جمیعاً فاختصموا جمیعاً فی الألف فقال موالی العبد المعتق إنما اشتریت أباک بمالنا و قال الورثة إنما اشتریت أباک بمالنا فقال أبو جعفر (علیه السلام): (أما الحجة فقد مضت بما فیها لا ترد و أما العتق فهو رد فی الرق لموالیه و أی الفریقین أقاموا البینة علی إنه اشتری أباه من أموالهم کان لهم رقاً) و قد عمل بمضمونها الشیخ (رحمه الله) فی النهایة و من تبعه ورد الأکثر بضعف السند لجهالة الراوی أو غلوه و مخالفة الخبر لأصول المذهب بوجوه منها الحکم برد العبد

ص: 276

إلی مولاه مع اعترافه ببیعه و ادعائه فساده و مدعی الصحة مقدم علی مدعی الفساد و منها حکمه بمضی الحجة مع إن ظاهر الأمر حجه بنفسه و قد استناب فیها و منها مجامعة صحة الحج لعوده رقاً مع إنه قد حج بغیر إذن سیده و منها أنه کیف یدعی مولی الأب شراءه بماله و لم یکن له عنده العبد المأذون مال و منها إن ظاهر الإذن فی التجارة کونها للمولی فلا تصح معاملته لغیره کی تترتب علیها صحة الحج و منها إن أمر الدافع وکالة فی الشراء و العتق و قد مات و الوکالة تبطل بالموت فلا یصح التصرف و منها إنه لو کان وصایة لبطلت أیضاً لعدم دخولها فی التجارة المأذون بها فلم یأخذوا و بمدلولها و لم یعملوا بمضمونها فمنهم و هم الأکثر حکموا بأن العتق لمولی المأذون لأن ید المأذون یده و قد اشتراه و إقراره لا یمضی علی سیده لأنه إقرار فی حق الغیر و ما یقال إنه وکیل فقوله مصدق و مردود بأن الظاهر إنه مأذون أولًا و بأنه لو کان وکیلًا أیضاً لا یصدق علی سیده لأن الید ید سیده و لیس العبد کالحر فی التوکیل و علی ما ذکره هؤلاء لا فرق بین العبد المعتق أباه المأذون أم لا و إن تضمنت الروایة الأول لاشتراکها فی مقتضی ترجیح قول ذی الید و لا بین دعوی مولی الأب شراءه من ماله لو کان قد دفع له مالًا و بین عدمه لأنه فی الأول مدع للفساد و مدع الصحة مقدم و فی الثانی خارج و الداخل مقدم و الروایة تضمنت الأول و لا بین استئجاره علی الحج و عدمه لعدم مدخلیة ذلک فی الترجیح و إن تضمنت الروایة الأول و منهم من حکم بصحة البیع و العتق و الحج لأن المراد من الحج وقوعه من مباشر معین و ذلک لأنه ذو ید فما ادعاه مسموع کالوکیل و هو مبنی علی أن للعبد ید کالحر و إنه لو کان وکیلًا یسمع قوله و لو فی معارضة مولاه لا یخلو من قوة کما لا یخلوان من إشکال و منهم من حکم بذلک أیضاً و لکن بشرط عموم إذن المولی له لیکون إقراره مسموعاً علی مولاه و فعله ماضیاً بالنسبة إلی الدافع و مولی الأب بعد ثبوت الفرض و هذا أقوی مما تقدم و منهم من قال و قد یقال بأن مولی الأب إن اعترف بمأذونیته

ص: 277

علی وجه یعم الشراء لغیره لم یسمع قوله و إلا سمع أو یقال بأن ورثة الدافع إن أقروا بتوکیل مورثهم للمأذون علی البیع و العتق و الحج لزم الجمیع و إن أقروا بالبعض لزم ذلک البعض و إن أنکروا الجمیع أو البیع وحده فلا بیع إلا مع الإجازة و قد اعتذر بعض عن بعض مما ذکرنا من مخالفة الروایة للقاعدة من تقدیم قول مولی الأب و هو مدع الفساد و مدعی الصحة مقدم بأن مولی الأب منکر لوقوع البیع لا مفسد له و فیه ضعف لمنافاته النص و الفتوی و بأن المأذون بیده مال لمولی الأب و غیره و مع تصادم الدعاوی یرجع إلی أصالة بقاء الملک علی ملک مالکه و لا یعارضه تقدیم دعوی الصحة علی دعوی الفساد لأنها مشترکة بین متقابلین متکافئین هما مولی المأذون و ورثة الآخر فیتساقطان و فیه منع تکافئهما مع کون من عدا مولاه خارجاً و الدلیل متقدم فسقطا دونه و لم یتم الأصل و هو بقاء الملک و منه یظهر عدم تکافؤ الدعویین الآخرین لخروج الآمر و ورثته عما فی ید المأذون التی هی بمنزلة سیده و الخارجة لا تکافئ الداخلة و الداخلة متقدم و إقرار المأذون بما فی

یده لغیر المولی غیر مسموع فی حق المولی وفقه المسألة أن یقال إن المأذون إن خصت إذنه علی التجارة لمولاه فهو فی فعله باطل و لا یدله فیصدق قوله بل الید لمولاه و هو مصدق بما فی ید عبده فیبطل العقد و یرجع المال إلی المولی و إن عم إذنه فی التجارة له و لغیره و کان الشراء بالوکالة مع حیاة الدافع و إن کان خلاف ظاهر الروایة صح الشراء و کان القول قول المأذون فی أنه للدافع و لورثته مع یمینه و تسقط دعوی مولاه و دعوی مولی الأب بعد الإقرار ببیعه و یحکم بفساد العتق و الحج و إن کانت عامة للتجارة و لغیرها له و لغیره کان القول قول المأذون فی ملکیة الدافع للرقبة و عتقها و حجها مع اعتراف الوارث بما ادعاه علی مورثهم و إن اعترفوا بالتوکیل علی الشراء فقط کان الملک لهم و لا عتق و لا حج فیرجع الباقی إلیهم و إن اعترفوا بالعتق دون الحج صح العتق و طولب بما بقی للحج و إن أنکروا الجمیع فالعبد علی حاله فیبقی الأب

ص: 278

ملکاً لصاحبه و أما دعوی مولی الأب فلا یسمع بعد إقراره و عمله الدالین علی صحة فعله هذا کله مع عدم البینة و معها فإن أقام مولی الأب و الدافع بینة حکم له ببینته لأن کلًا منهما خارج و إن أقامهما معاً احتمل رجوع المسألة إلی مسألة التداعی و احتمل تقدیم بینة مولی الأب لادّعائه الفساد بخلاف ورثة الدافع و تقدیم الورثة مع الإنکار و لو أقام الإذن مع أحدهما أو مع کل منهما بینة قدمت بینته علی بینتهما و إلا فالترجیح لبینة ورثة الدافع عملًا بمقتضی أصالة صحة البیع مع احتمال تقدیم بینة مولی الأب لادعائه ما ینافی الأصل و هو الفساد فیکون کالخارج و لأن الأصل بقاء الأب علی ملکه مع احتمال الرجوع إلی حکم التداعی و تصادم البینات و الأخذ بما هو الأحوط هو الأحری فی هذه المقامات.

القول فی السلم و السلف:

اشارة

بمعناه و إن لم یجر علی لسان الفقهاء کما فی التذکرة و هما فی اللغة لمعان لا تنضبط ذکرنا جملة منها فی شرح القواعد فی الشرع حقیقة شرعیة أو متشرعیة لعدم کونه حقیقة شرعیة مشهوراً استعماله فی الأخبار و فی کلام القدماء الأخیار عبارة عن نقل کلی بصیغة خاصة أو معاطاة أو انتقال کلی کذلک مضبوط مقدر مضمون فی الذمة لا فی الخارج کصاع من صبرة مؤجل بأجل معلوم بثمن حال مقبوض قبضاً حقیقیاً أو ما هو بحکمه مما کان فی الذمة فینزل منزلة المقبوض قبل التفرق من مجلس العقد معلوم مقدر إن کان جسماً یجری علیه التقدیر أو عبارة عن الصیغة الدالة علی ذلک النقل و الانتقال و الأقرب إلی المعنی العرفی و ما هو فی الأخبار هو المعنی الأول و الأقرب إلی اصطلاح الفقهاء هو المعنی الثانی و صیغته قد تقع علی نفس المبیع و ما شابهها و قد تقع علی نفس الثمن کأسلمت و ما ضاهاها فیقع القبول من البائع و قد یقع مقام بعت أسلمت مع اجتماع الشرائط لأنه من المجازات القریبة المعهودة کما یقع مقام أسلمت بعت و إن تعلق بالثمن و لکن مع کونه عیناً لا منفعة و شبهها و اسمها یقع علی الصحیح و الفاسد کسائر ألفاظ العقود و یشترط فیه ما یشترط فی العقود اللازمة من

ص: 279

لزوم الصیغة الخاصة فی لازمه و المعاطاة فی جائزة و لا بد فی الصیغة من إیجاب و قبول لفظین و الأحوط ترتیبهما و الأظهر لزومه لو کان بلفظ قبلت إلا أن إیجابه هاهنا قد یصدر من البائع بلفظ بعتک فیکون مفعوله المبیع و شبهه و قد یصدر من المشتری بلفظ أسلمت و شبهه فیکون مفعوله الثمن و یکون مدخول الجار المبیع و یتولی القبول البائع و صیغته المعهودة و ملکت و شریت عند صدور ذلک من البائع و أسلمت و أسلفت أو سلفت و سلمت عند صدور ذلک من المشتری و القبول قبلت و رضیت و تملکت و اشتریت و تسلمت و تسلفت و استلمت و استلفت و لا یجزی الفعل غیر المعاطاة إلا فی إشارة الأخرس و من لم یتمکن من اللفظ و المعاطاة غیر الأخرس وکل غیره و لا یجزی اللفظ العجمی للعربی و یجزی للعجمی سیما مع عدم تمکنه من العربی و التوکیل أحوط و لا یکفی الملحون بنیة و لا غیر الماضی المقصود منه الإنشاء و لا بأس باللحن الأعرابی و یشترط فیه شرائط البیع بالنسبة إلی المتعاقدین حال إجراء الصیغة و یشترط صراحة المعنی الإنشائی المستعمل فیه أما بالوضع أو لکونه مجازاً مشهوراً معهوداً کما ذکرناه و لا ینعقد بالمجاز البعید و لا بالعام البعید کنقلت و أعطیت اقتصاراً علی المورد الیقینی من حصول النقل و الانتقال لأن الأمر بالوفاء بالعقود ینصرف إلی المعهود شرعاً و خلو الأخبار عن بیان الصیغ اتکالًا علی المعهود و الطریقة المألوفة من إنهم إذا أرادوا المسامحة اکتفوا بالمعاطاة و إن أرادوا للزوم جاءوا بالصیغ الخاصة لا یدل علی عدم لزومها بین المتعاقدین کما ذهب إلی ذلک بعض الأعلام علی أن عموما أوفوا بالعقود بعد انعقاد الإجماع علی تخصیصه فی الجملة و إن الخارج منه أکثر من الداخل عاد کالمجمل فلا یصح التمسک به و ینعقد العقد بالمشترک اللفظی إذا استعمل فی معنی واحد مع القرینة و بالمشترک المعنوی القریب لفرده و لا ینعقد السلم بلفظ الهبة لکونه من المجازات البعیدة و لو قال شخص لآخر بعتک أو أسلمت إلیک و لم یذکر الثمن بطل و کان المبیع مضموناً و لو نصب قرینة علی إرادة الهبة و قلنا بصحة الهبة بکل لفظ کانت هبة و إن قلنا باشتراط اللفظ الصریح فیها کانت هبة فاسدة و لکنها غیر مضمونة لأن ما لا یضمن بصحیحة لا یضمن بفاسدة و کذا لو قال بعتک بلا ثمن مع نصب قرینة

ص: 280

علی الهبة و لو قال ذلک بقصد البیع بطل و کان المبیع مضموناً و لو قال لا بقصد احتملت الصحة و انصرافه للهبة قهراً لوجود معنی الهیبة فیه و تغلیباً لجانب الصحة و احتمل البطلان نظراً إلی جانب اللفظ و هل یکون مضموناً لأن ما یضمن بصحیحة یضمن بفاسدة أو لا یکون مضموناً لدلالة اللفظ علی إسقاط الضمان و الإقدام علی عدمه فیکون کاشتراط عدمه و الأصل البراءة وجهان و الأظهر الأول و یصح وقوع البیع موقع السلم فیتسلط علی الثمن لو کان عیناً و لا یجوز فیه و لو وقع علی منفعة ففی صحة العقد لکونه من المجازات القریبة أو بطلانه لعدم کونه معهوداً إشکال و لا یصح وقوع السلم موقع البیع مع قصد السلمیة و عدم اجتماع الشرائط لأن ما قصد لم یقع و ما وقع لم یقصد و احتمال صحة العقد و وقوع وصف السلمیة لاغیاً لا وجه له لأن وصف السلمیة ممنوع لا وصف زائد ملحوظ بعد قصد الکلی کی یصح القصد إلیه و یلغی الوصف الزائد علی أن السلم مأخوذ فی ماهیة الأجل فلو قصد و لم یذکر الأجل کان کمن ذکر أجلًا و لم یبینه و هل یصح وقوعه موقعه مع قصد البیع المطلق لکونه مجازاً قریباً من باب استعمال الجزء فی الکل لأن البیع المطلق جزؤه و استعمال الخاص فی العام لأن السلم جزؤه أو لا یجوز لمنع جواز الانعقاد بهذه المجازات و إن کانت قریبة للشک فی معهودیتها فی الصیغ اللازمة وجهان أما لو أطلق فلم یقصد شیئاً احتمل انصرافه للبیع المطلق لو جوزنا استعماله فیه تصحیحاً للعقد مهما أمکن و احتمل البطلان أخذاً بالظاهر نعم لو قلنا باشتراک صیغة السلم معنی بین المؤجل و الحال فأطلقها و لم یذکر الأجل لکان الحکم بانصرافها إلی المطلق له وجه ظاهر کانصراف إطلاق عقد المتعة مع عدم ذکر الأجل للدائم و صحته نکاحاً دائماً و لو أتی بصیغة البیع المطلق قاصداً للسلمیة فاتفق عدم اجتماع شرائطه فإن للقول بالصحة و وقوع نیة السلم لغواً لعدم کونها مقوما للعقد و لمصادفة الصیغة محلها فیکون بمنزلة من قصد آجلًا قصداً و لم یذکره فأطلق العقد وجه قوی

و الکلام فی السلم یفتقر إلی بیان أمور:

أحدها: یشترط المعلومیة بالجنس و الوصف

و المراد بالجنس اللفظ الدال علی الحقیقة النوعیة کالحنطة و الشعیر و الدخن و العبد و الحمار و المراد بالوصف هو العرض

ص: 281

المفارق بین أصناف ذلک النوع بحیث یعد بسببه صنفاً و هو الذی تختلف القیمة باختلافه غالباً و تختلط الرغبات و تختلف باختلافه أیضاً و هو أمر موکول بیانه إلی العرف و ربما کان العامی أعرف بها من الفقیه و لا بد من ذکر الوصف بلفظ ظاهر الدلالة بین المتعاقدین و یکفی الإشارة إلیه و لا یشترط ظهور دلالته فی العرف و اللغة کی یرجع إلیه عند الاختلاف کما قیل لعموم الدلیل قیل و لیس المراد مطلق الوصف بل الوصف الذی یختلف لأجله الثمن اختلافاً ظاهراً لا یتسامح بمثله فی خصوص السلم عادة فلا یکفی مجرد الوصف الرافع للجهالة عرفاً کباقی المبیعات من الکلیات و غیرها و لا یقدح الیسیر المتسامح به فیه و ظاهر هذا إن للسلم خصوصیة زائدة فی ذکر الأوصاف الزائدة دون باقی الکلیات المؤجلة کالنسیئة و دون الکلی الحال الشدة حصول الغرر فیه باعتبار تأجیله و عدم المشاهدة فیه و فیه أنا لو سلمنا إن للسلم خصوصیة فهی عن بیع الأعیان دون الکلیات و لو سلمنا إن له خصوصیة من الکلیات فهی عن الحالات دون المؤجلات لاتحاد المدرک فی الحکم و ظاهر الأصحاب إن المعتبر من الأوصاف ما کان معتاداً بین عامة الناس ذکره فی رفع الغرر و الاختلاف و لا یلزم الاستقصاء بل لو استقصی حال إلی غرة الوجود أو عسر التسلیم بطل و نقل علی ذلک الإجماع و علل ذلک بأن عقد السلم لما اشتمل علی الغرر لأنه کبیع المعدوم و بیع ما لیس بمرئی فلا یناسبه ما کان مقتضیاً لحصول النزاع و الاختلاف مع ذلک لأن بناء شرع العقود علی التخفیف و قطع النزاع و ظاهر هذا أیضاً إن لعقد السلم خصوصیة دون العقد علی الکلی المؤجل أو العقد علی الکلی مطلقاً و قد یظهر من الأخبار إن ذلک شرط فی بیع الکلی مطلقاً و سیجی ء فیه الکلام إن شاء الله تعالی و لو قلنا بعدم شرطیته فی بیع الکلی فالظاهر إنه شرط فی المؤجل منه و لیس لتأجیل التسلیم خصوصیة و الذی یدل علی اشتراط ذکر النوع و الوصف الرافعین للجهالة فی الجملة مضافاً إلی ظاهر اتفاق الفتوی و عموم النهی عن بیع الغرر الأخبار الخاصة کقوله (علیه السلام) (لا بأس فی السلم فی المتاع إذا سمیت الطول و العرض) و فی آخر وصفت و فی ثالث عنه السلم فی الحیوان إذا وصفته إلی آجل معلوم فقال: (لا بأس) و فی رابع فی (الحیوان إذا وصفت أسنانه) و فی

ص: 282

خامس (لا بأس فی الحیوان إذا وصف أسنانها) و فی سادس (إذا وصفت سناً معلوماً) و فی سابع فی حیوان معلومة و أسنان معدودة إلی أجل معلوم (لا بأس) و فی ثامن (من اشتری من طعام موصوف و لم یسم فیه قریة و لا موصوفاً فعلی صاحبه أن یؤدی به) و ورودها فی مقامات خاصة لا یمنع التعدی إلی غیرها لعدم القائل بالفرق و لتنقیح المناط و لو اختلف المسلم و المسلم إلیه فی الأوصاف فکل ادعی وصفاً کانا متداعیین و لو ادعی وصفاً زائداً کان القول قول منکره و لو تسلما علیه و نسیاه فالصلح أو القرعة و لو اختلفا فی صدقه علی المدفوع لزم الرجوع إلی العرف أو البینة أو قول العدل الواحد علی الوجه و إلا فالقول قول النافی بیمینه.

ثانیها: کلما لا ینضبط وصفه لا یصح السلم فیه

لظاهر الاتفاق و لعموم النهی عن الغرر و لإشعار جملة من الأخبار الخاصة به و مرجع ذلک إلی العرف و هو المحکم فیما لم یجعل له الشارع ضابطاً فمن ناقش فیما لا ینضبط و أشکل علیه معرفته و الفرق بینه و بین ما ینضبط و جعل الأصل فی المشکوک فیه الجواز إلا ما علم عدم إمکان وصفه أصلًا لو جاء الدلیل بمنعه رددناه بأن ذلک تشکیک فی مقابلة العیان لحکم العرف بالفرق بینها بالوجدان و دعوی إن الأصل فی المشکوک فیه الجواز مردود بأنه شک فی حصول الشرط لا فی طرو المانع و الأصل عدم حصول الشرط و المشروط عدم عند عدم شرطه و التمسک بعموم أدلة الجواز إلا فیما یقطع بجهالته منقوض بالتمسک باشتراط المعلومیة فلا بد من إحرازه و مما لا یضبطه الوصف فلا یصح السلم فیه اللحم و الخبز و نقل علیهما الإجماع و فی الخبر النهی عن السلف فی اللحم معللًا فیه إنه یعطیک مرة السمین و مرة التاوی و مرة المهزول و اشتری یداً بید و التعلیل بذلک ظاهر فی أن المنع سببه إن دفع الموصوف غیر ممکن لعدم انضباط الوصف فیه لا مجرد عدم وفاء البائع بما باع و فی الخبر دلالة علی مساواة الکلی الحال للمؤجل فی المنع و کذا لا یجوز فی السلم فی روایا الماء لعدم انضباط الراویة مع الإطلاق و عدم الوجود مع تقییدها بروایة معینة و فی الخبر النهی عن ذلک معللًا بأنه یعطیک مرة ناقصة و مرة کاملة و لکن اشتر معاینة و هو أسلم لک و یمکن منع عدم الانضباط و حمل الروایة علی

ص: 283

الاستحباب و کذا السلم فی النخل قبل أن یطلع لعدم انضباطه و للخبرین فی أحدهما (لا یصلح) و فی الآخر (لا یصلح) و کذا السلم فی الجواهر و اللئالئ الکبار لعدم إمکان ضبطها لو أرید ضبطها و الأول إلی غرة الوجود بخلاف الصغار الموزونة المطلوبة للتداوی و کذا لا یجوز السلم فی الجلود علی ظهر الدابة لعدم انضباط وصفه من خفة و نعومة و قوة و أضدادها و مع مشاهدتها تخرج عن وصف السلم علی أن مشاهدتها علی ظهر الدابة لا ترفع جهالة و مع مشاهدة جملة منها یشتمل علی المسلم فیه قیل بالجواز و الأظهر المنع أیضاً لعدم ارتفاع الجهالة و عموم الوجود المشترط فی السلم کما هو المشهور و ذهب الشیخ (رحمه الله) إلی جواز السلم فی الجلود مع المشاهدة و فیه ما قدمنا و استند إلی الخبرین فی أحدهما رجل یشتری الجلود من القصاب فیعطیه کل یوم شیئاً معلوماً قال: (لا بأس) و فیه مع ضعف السند و عدم الدلالة علی جواز السلم و علی شراء الکلی مطلقاً و عدم الدلالة علی کونها علی الظهر فلعله اشتری معیناً علی الظهر مطروحاً ثمّ دفع إلیه کل یوم شیئاً معیناً و فی الثانی أنی رجل قصاب أبیع الجلود قبل أن أذبح الغنم قال: (لیس به بأس و لکن انسبها غنم أرض کذا و کذا) و فیه ضعف السند و عدم الدلالة علی خصوص السلم و الاعتذار عن الشیخ بالحمل علی مشاهدة جملة یدخل فیها المبیع فیه ما قدمناه و الظاهر أنه لا فرق فی الحد بین أن یسلم ما علی الظهر منه و بین المسلوخ للغرر و للإطلاق و لا یصح السلم فی النبال المعمولة و السریر المعمول و أکثر الثیاب المخیطة و أکثر الأدویة المرکبة و الدور المبنیة و الصفر و الحدید المعمول إناءً و سلاحاً لتعسر ضبطها و وصفها و کذا جملة من الأراضی المقصودة للزراعة و یجوز فی جملة أخری مع انضباط وصفها کما یصح إجارتها و کذا الأوانی و الثیاب و المیزان الوصف و ینضبط وصف الجید و الردی ء و لا ینضبط وصف الأجود و الأردأ مع إرادة الفرد المتناهی للزوم ندرة الوجود لو أمکن ضبطه و لو أرید بالأجود و الأردأ المعنی الإضافی کان کالجید و الردی ء و لو أرید به المعنی الإضافی الحقیقی عاد مجهولًا لعدم انحصاره و ما یتخیل من صحة الأردأ حقیقیة لأنه إن دفعه حصل المطلوب و إلا کفی دفع الأعلی منه و یجب القبول مردود بأن الکلام فی صحته

ص: 284

ابتداءً إلا فی کفایة دفع الأعلی عنه بعد صحته و أحدهما غیر الآخر و کلما ینضبط وصفه عرفاً یجوز السلم فیه و هو أکثر الأشیاء من حبوب و فواکه و أدهان و حیوان و نبات و ثمر و خلول و أدباس لعموم الأدلة و خصوصها نعم یشترط فی کل نوع ذکر أوصاف صنفه الخاص التی تختلف بها القیم و الرغبات کما یذکر فی العبد الأنوثة و الذکورة و النوع و اللون و السن و القدر کالطول و القصر و الربع و لا یصح تقدیره بالأشبار لأوله إلی غرة الوجود إلا علی وجه التقریبیة و البکارة و الثیبوبة و کونها حاملًا و حائلًا و الکحل و الزعج و الزجج و تکلة الوجه و الضعف و الغلظة و نعومة الملمس و ثقل الردف و طول الشعر و أضدادها و هذه قد یلزم ذکرها و قد یکون أولی و یذکر فی الإبل السن و الذکورة و الأنوثة و اللون و الصنف کالعرابی و البخاتی و النتاج إذا کان معروفاً عام الوجود و الأرض الساکنة فیها و نحو ذلک و یذکر فی الخیل الذکورة و الأنوثة و السن و النوع و العربی و الترکی و النتاج و النسب إلی صنف معلوم و هکذا و یذکر فی البقر و البغل و الحمیر النوع و الذکورة و الأنوثة و السن و اللون و النسبة إلی أرض مخصوصة أو نتاج مخصوص إن کان و یذکر فی الطیر النوع و کبر الجثة و صغرها و یذکر فی السمن و الجبن و ما ماثلها النوع و الجدد و العتق و اللون و الصفاء و غیرها و یذکر فی الصوف و الشعر النوع و الزمان و الطول و القصر و النعومة و الخشونة و الذکورة و الأنوثة إن کان لها مدخلیة و یذکر فی الثیاب النوع و البلد و العرض و الصفاء و الغلظ و الخشونة و النعومة و کونه مقصوراً أم لا و ذکر البلد القصارة مع الاختلاف و مع تعدد الألوان و الصبغ لا بد من ذکر اللون و ما یصبغ به و عدد خیوط سداه لو افتقر فی بعض الأجناس لذلک و یذکر فی الحریر و الکتان البلد و اللون و النعومة و الخشونة و الغلظ و الدقة و الضعف و یذکر فی دود القز اللون و الطراوة و الیبس و البلد و یذکر فی الغزل الغلظ و الدقة و القوة و الضعف و شدة اللفت و عدمه و النعومة و شبهها و الزمان إذا افتقر إلیه و یذکر فی الحنطة و الشعیر و ما شابههما البلد و الحداثة و العتق و اللون و الکبر و الصغر و الطراوة و نحو ذلک و یذکر فی التمر البلد و النوع و اللون و الکبر و الصغر و الحداثة و العتق و الطعم و کذا فی الزبیب و یذکر فی الفواکه البلد و النوع

ص: 285

و الطراوة و الطعم و الرائحة فیما له ذلک و یذکر فی الجوز الکبر و الصغر و الحداثة و العتق و البلد و الصنف و کذا اللوز و للمسلم إلیه منزوع القشر الأعلی منهما و یذکر فی العصیر البلد و النوع و الحداثة و العتق و اللون و الصفاء و القوام و یجب کونه قد ذهب ثلثاه و یذکر فی الدبس البلد و اللون و القوام و ما ذهب منه و نحو ذلک و یذکر فی العسل البلد و الزمان و اللون و یحمل الإطلاق علی المصفی و یذکر فی الحطب و الخشب النوع و الیبس و الرطوبة و الغلظة و الدقة فی الحطب شدة النار و فی الخشب السماحة و الطول و الثخن و القوة و أضدادها و یذکر فی الآجر و الحجر اللین و النوع و القدر و السمک و الثقل و الخفة و البلد و النشاط و طریقة الفخر فی الحجر و اللون و یذکر فی الآنیة النوع و الشکل و القدر و الطول و السمک و السعة و کونه مضروباً و مصبوباً و یذکر فی القرطاس السمک و اللون و السعة و عدم انتشار المداد فیه إلی غیر ذلک مما لم یذکر و إنما ذکرنا ذلک تنبیهاً علی طریقة الوصف و إلا فقد لا یحتاج إلی جملة مما ذکرنا و قد یحتاج إلیها و قد یکون فی بعض الأزمنة ذکرها مفسداً و الظاهر إن هذه الأمور لا تخص السلم بل تعمه و کل کلی مؤجل لمکان زیادة الغرر بالتأخیر بل تعم کل کلی و لو حالًا لعدم المشاهدة فیه الرافعة للغرر إلا إن ظاهر الفقهاء إن الکلی الحال یتسامح فیه ما لا یتسامح فی السلم و یثبت الوصف بشهادة عدلین بل العدل الواحد علی الأظهر و مع تعذر ذلک فالرجوع إلی أهل الخبرة مع الأمانة و کذا یرجع فی السلم إلی العدول فإن لم یکن فإلی ظن أهل الخبرة و إلا صدق سیده فیما یدعیه أو أخذ بقول العبد إذا کان مأموناً و منهم من قدم قول العبد علی ظن أهل الخبرة و علی قول السید و قول السید علی ظن أهل الخبرة و لا یخلو من وجه و الأظهر ما قدمناه و ینبغی مما ذکرناه من الضابطة المتقدمة صحة السلم فی الجوز عداً مع ذکر الأوصاف المحتاج إلیها فی ارتفاع الغرر و لا حاجة إلی ضبطها بالوزن کما نقل عن الشیخ (رحمه الله) و یصح السلم فی جوز القز مع ضبطه لعموم الأدلة من غیر معارض سوی ما نقل عن الشیخ (رحمه الله) من منعه لاشتماله علی دود إن بقی حیّاً أفسده و إن مات فیه کان میتة و هو غیر صالح للمنع لأن المقصود بالبیع قابل للسلم و الدود غیر مقصود کالنوی فإن مات لا ضرر فیه و إن أفسد

ص: 286

ضمن فساده البائع إن کان قبل القبض و یصح السلم فی شاة معها ولدها و فی جاریة حامل لعموم الأدلة من دون معارض خلافاً للشیخ (رحمه الله) فمنع الأول لغرة الوجود و الثانی للجهالة و هو ضعیف لمنع الغرة فی الأول و اغتفار الجهالة فی الثانی لأنه من التوابع و یجوز السلم فی جاریة حسناء مع ولدها و منعه العلامة (رحمه الله) لغرة الوجود و هو حسن و یجوز فی شاة لبون بمعنی أنها من شأنها أن تحلب الحلب المعتاد.

ثالثها: یشترط فی ثمن السلم الحلول

فلا یجوز تأجیله لأنه من بیع الکالی بالکالی و لو أجل بعضاً دون بعض صح فیما لم یؤجله و بطل فی المؤجل مع احتمال بطلان أصل العقد لمکان الجهالة و إنه عقد واحد و یجوز إسلاف الأعراض فی الأعراض مطلقاً ما لم یکونا ربویین متحدین فی الجنس فلا یجوز إجماعاً لأن الشی ء من الربا و مع اختلاف الجنس لا بأس به لعموم الأدلة و خصوص الخبر لا بأس بالسلف ما یوزن فیما یکال و ما یکال فیما یوزن خلافاً لابن الجنید (رحمه الله) فمنع إسلاف العرض فی العرض إذا کانا مقدرین و هو ضعیف شاذ و فی الصحیح من إسلاف الزیت فی السمن فقال: (لا یصلح) و الآخر فیه (لا ینبغی) لا یعارضان ما قدمنا علی أنهما أخص من المدعی و لفظهما ظاهر فی الکراهة و یجوز إسلاف الأثمان بالعرض و هو المتعارف و المعتاد و لا یجوز إسلاف الأثمان بالأثمان و لو حصل القبض فی المجلس للإجماع علی الظاهر و لظاهر الأخبار فی بیع الصرف أنه یداً بید الشامل للحلول و القبض فی المجلس فما ورد من الأخبار المجوزة للدنانیر بالدراهم نسیئة و النافیة للبأس عن ذلک مطرحة أو محمولة علی التقیة و یجوز إسلاف المنافع بالأعیان و کذا الحقوق و الأعمال إلا أنه یلزم دفع العین المشتملة علی المنفعة فی المجلس کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و کذا یلزم تأدیة العمل فی المجلس و کذا توفیة الحق و تفویضه إلیه لعدم إمکان قبضه.

رابعها: یشترط فی ثمن السلم قبضه فی المجلس

للإجماع بقسمیه و الظاهر أنه شرط للصحة کما یلوح من عباراتهم لأنه کاشف عنها عند حصوله و لا إن التفرق فاسخ للعقد من حینه أو من أصله بعد حصوله و لا أنه شرط فی اللزوم و لا أنه واجب شرعی کما ذکروا فی الصرف لعدم دلیل علیه و لا یحتاج فی المقبوض سابقاً تجدید نیة القبض

ص: 287

مع الإذن فیه و إن کان الأحوط تجدید النیة و المقبوض بلا إذن سابقاً لا یجزی إلا مع الإذن اللاحقة و المال المودع و المعار بمنزلة المقبوض مع الإذن و إن کان فی البیت و لا یحتاج إلی إمساکه بالید جدیداً و تکفی التخلیة فیما لا یمکن نقله و قبضه بالید کالعقار و الحقوق و منافع العین المستأجرة و لا یتوقف علی استیفائها و لو قبض بعضاً فقط صح السلم فیه و بطل فی الباقی و کان للمسلم الخیار فیما قبض لتبعض الصفقة إلا إذا کان التبعض بتنزیله و یجوز کون ثمن السلم کلیاً کما یجوز أن یکون عیناً شخصیة و لکن یجب دفع فردها قبل التفرق و یجوز تعیین الفرد فی عین شخصه و یجوز تعیینها فی دین علی المسلم إلیه فینوی قبضه عن الکلی و لا یقع التهاتر مع اتحاد الجنس کما قیل لعدم اشتغال ذمة المسلم بشی ء للمسلم إلیه علی الأقوی و الأظهر و یجوز تعیینه فی دین للمسلم علی أجنبی فینوی الغریم قبضه عن المسلم إلیه مع رضائه بذلک و لا یجب علی المدین إفرازه ثمّ قبضه عن المسلم إلیه فی المجلس لأن ما فی الذمة بمنزلة المقبوض و کذا لا یجب علی المسلم إلیه قبضه فی المجلس بل لو رضی به صار ثمناً و إن کان الأحوط قبضه فی المجلس لأن تشخیص الکلی فی غیر العین من الدین سیما فیما لیس فی ذمة المسلم إلیه محل نظر و تأمل علی أنه لا یخلو من شبهة بیع الدین بالدین لتشخص الکلی بالدین و انصبابه علیه فیکون منه إلا أن تعلق العقد بالکلی أولًا و بالذات ثمّ احتساب الدین فرده بمنزلة الاستیفاء به لا معاوضة جدیدة علیه و مما ذکرنا یظهر إن المسلم لم أحال المسلم إلیه کلی الثمن حین العقد و التفرق فاسخ له من حینه فهناک الحوالة تکون بمنزلة القبض لو قلنا الحوالة من البری تفید النقل و الانتقال و کلاهما لا نقول به و لو أحال المسلم إلیه علی المسلم غریماً له فی المجلس احتملت الصحة علی القول بصحة الحوالة علی البری و إنها بمنزلة الضمان و الحکم بالفساد مطلقاً أوجه و هل یجوز جعل الثمن دیناً له فی ذمة البائع لعموم الأدلة و لأن ما فی ذمته بمنزلة المقبوض و لأن دلیل شرطیة القبض قبل التفرق هو الإجماع و المتیقن من انعقاده علی الأعیان فیدخل غیره فی عموم دلیل الصحة و للخبر فی رجل کان له علی رجل دراهم فعرض علیه أن یبیعه بها طعاماً إلی أجل مسمی فقال: (لا بأس بذلک) و فی ذیله ما یدل علی النهی عنه إلا أنه

ص: 288

بحسب سیاقه ظاهر فی التقیة و للآخر سألته عن السلم فی الدین قال: (إذا قال اشتریت منک کذا و کذا فلا بأس) أو لا یجوز لعموم النهی عن بیع الدین بالدین المنجبر بفتوی المشهور بل الاتفاق ظاهراً علی ما قیل و الدین عام للحال و المؤجل فیشمل ثمن المسلم لو کان دیناً حالًا أو مؤجلًا و عام لما کان قبل العقد و لما یکون بعده مجازاً مشهوراً أو حقیقة عرفیة و فی الخبر عن الرجل یکون علیه طعاماً أو غنماً أو بقراً فأتی الطالب المطلوب یبتاع منه شیئاً قال: (لا یبیعه نسیئة و أما نقداً فلیبعه بما شاء) إشعار بالمنع أیضاً و الأخیر أحوط إن لم یکن أظهر و لا بأس بالسلم فی کلی و اشتراط أدائه من الدین لعدم دخوله فی بیع الدین بالدین قطعاً.

خامسها: یشترط فی المسلم فیه أن یکون کلیاً

فلا یصح السلم فی العین للإجماع ظاهراً من فتاوی الفقهاء و لأنه موضوع لفظ السلم لغة و شرعاً و المنقول عن السلف کما قیل و الذی شهدت به السیرة و یلحق بالعین الدین الذی یراد تأجیله فیبیعه مؤجلًا علی شخص بثمن حال و لو أسلم فی دین أو عین فإن قصد البیع المطلق صح و إن قصد خصوص السلم فالأوجه البطلان.

سادسها: یشترط فی ثمن السلم أن یکون معلوماً بالنوع و الوصف و القدر

بالکیل و الوزن و العد و الذرع إن کان مقدراً بأحد هذه و لا تکفی المشاهدة فی المقدر مطلقاً لتنقیح المناط بین السلم و غیره من أنواع البیوع و لعموم أدلة النهی عن الغرر و لظاهر الاتفاق و للصحیح عن أبی عبد الله (علیه السلام) (إن أباه لم یکن یری بأساً فی السلم فی الحیوان شی ء معلوم إلی أجل معلوم) و خالف المرتضی (رحمه الله) فی ذلک و هو ضعیف بما ذکرناه و فی إیضاح النافع إن قوله متروک و خالف جمع فی المذروع فاکتفوا فیه بالمشاهدة لاندفاع الغرر بها و هو ضعیف لمنع اندفاع الغرر و الجهالة عرفاً بذلک و لأنه عقد لا یؤمن انفساخه أو تبعض الصفقة فیه و التنازع فیه فلزم معرفة قدره لرفع الاختلاف و التشاجر.

سابعها: یشترط فی المسلم فیه الضبط بالکیل و الوزن

سواء کان مما یکال أو یوزن أو کان مما تکفی فیه المشاهدة و المعاینة إذا بیع مشاهدة و معاینة و ذلک لعدم جواز السلم

ص: 289

فی المعاین و المشاهد إلا إذا کان المشاهد فی ضمن جملة فیسلم فی بعضها فی وجه و المنع منه أقرب کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و سواء کان من المعدود خلافاً للإسکافی أو کان مما یذکر یکثر فیه التفاوت کالرمان و الباذنجان و البیض و البطیخ و إن کان مما یقل کالجوز و اللوز و البندق و أشباهها فلا یبعد الجواز و ذلک لارتفاع الغرر به دون القسم الأول لو کان من غیره و أطلق بعضهم المنع فی المعدود لمکان الغرر فی المعدود مطلقاً مع عدم مشاهدته و هو یوافق الاحتیاط و علی ما ذکر فلا یجوز السلم فی الحطب حمولًا و لا فی التبن کذلک و لا فی الماء قرباً و لا فی الخشب جزافاً و لا فی القصب و لا فی البطیخ و الرمان و شبهها عداً و لا بالمکیل و الموزون جزافاً کل ذلک للإجماع فی جملة منها و لعموم النهی عن بیع الغرر و للأخبار الخاصة کقوله (علیه السلام) (من أسلف فلیسلف فی کیل معلوم إلی أجل معلوم) و الآخر (لا بأس بالسلم کیلًا معلوماً إلی أجل معلوم) إلی غیر ذلک و یفهم منها و من حدیث الغرر اشتراط کون الکیل معلوماً معتاداً بین عامة أهل ذلک البلد و کذا الوزن و لا یکفی الاتفاق علی کیله قدر صخرة بین المتعاقدین لیس بمعتادة لظاهر الإجماع لحدیث الغرر و للخبر (لا یجوز للرجل أن یبیع بصاع غیر صاع المصر) و فی آخر عمن یصغرون القفزان یبیعون بها (أولئک الذین یبخسون الناس أشیاءهم) و لو عین المتعاقدین ظرفاً للکیل معیناً فیما یباع جزافاً کقربة خاصة أو آنیة یکال فیها التبن مثلًا أو حملًا خاصاً أو عیناً کیلة خاصة لما یکال معتاداً أو کانت من أفراد الکیل المعتاد و لکن شرطاً إن الکیل بها بطل السلم فی وجه قوی لعدم مأمونیة الانقطاع و عموم الوجود کما سیجی ء بیانه إن شاء الله تعالی و یجوز رد الکیل للوزن و السلم موزوناً لاندفاع الغرر به و لا یجوز العکس لعدم اندفاع الغرر و فی دلالة روایة وهب علی ذلک منع و قد یحصل من رد الجزاف إلی الکیل و الوزن مع عدم مشاهدتهما غرر کثیر فی بعض الموارد فالحکم بجواز الرد یحتاج إلی تأمل و الاحتیاط غیر خفی و الظاهر هذا الحکم شامل لکل کلی مؤجل بل و للحال أیضاً تنقیحاً للعلة المانعة من لزوم الجهالة و الغرر فلا یخص السلم و إن اختص بذکره فیه.

ص: 290

ثامنها: یشترط فی المسلم فیه التأجیل إلی أجل معلوم مضبوط واقع عند المتعاقدین

بحیث یعرفانه معاً أما الأجل فیدل علیه ظاهر الأخبار المتکثرة فی الباب المقیدة فیه کونه إلی أجل معلوم و ظاهرها إن الأجل کالکیل و الوزن له مدخلیة فی السلم و دعواها أنها مسوقة لبیان اشتراط المعلومیة فی الأجل بعد الإتیان لا لبیان اشتراط نفسه خلاف الظاهر و کذا تدل علیه ظواهر الفتاوی قیل و ظواهر الاجماعات المنقولة و کلام الأصحاب متسالم علیه و عن الشیخ (رحمه الله) أنه احتج بإجماع الفرقة علی الصحة مع الأجل ما عداه لا دلیل علیه بل ربما یقال إن الأجل داخل فی موضوع لفظ السلم عرفاً و شرعاً فالقول بعدم اشتراط الأجل ضعیف و الاستناد إلی الأصل و إلی روایة عبد الرحمن عمن یشتری الطعام ممن لیس عنده فیشتری حالًا قال: (لیس به بأس) قلت: إنهم یفسدون عندنا قال: (و أی شی ء یقولون فی السلم) قلت: لا یرون به بأساً یقولون هذا إلی أجل فإذا کان إلی غیر أجل و لیس عند صاحبه فلا یصح فقال: (إذا لم یکن لأجل کان أجود) ثمّ قال: (لا بأس أن یشتری الطعام و لیس هو عند صاحبه إلی أجل و حالًا لا یسمی له أجل) لا وجه له لانقطاع الأصل إن لم یکن مقلوباً لعدم دلالة الروایة علی صحة السلم حالًا بل غایة ما تدل علیه جواز بیع الکلی حالًا و مؤجلًا و هو أمر معلوم بل قد یقال أنها لا تخلو من إشعار باشتراط الأجل فی السلم کما یلوح من صدرها نعم هنا مسألة ثانیة و هی جواز استعمال صیغة السلم فی البیع الحال بقصد البیع المطلق و مع الخلو عن قصد ذلک أو مع قصد السلمیة و لا یبعد جواز الأولین بناءً علی أنه من المجازات المتعارفة القریبة الصریحة فی إنشاء البیع و یجوز استعمال ما هو کذلک من المجازات فی الصیغ الخاصة و یحصل بها النقل و الانتقال و لا یتفاوت بین وقوعه علی المبیع نفسه أو علی ثمنه عیناً کان الثمن أو منفعة و إن کان الحکم بصحة الأخیر مشکل جداً و أما الأخیر فالأقوی و الأظهر عدم جوازه لأن قصد السلمیة ملازم لقصد الأجل و قصده ینافی قصد البیع المطلق و العقود تابعة للقصود فلو وقع البیع المطلق کان بمنزلة ما وقع لم یقصد و ما قصد لم یقع و هو باطل.

ص: 291

تاسعها: لا بد من صراحة الأجل من الجهالة لمکان الغرر

و لأن للأجل قسط من الثمن و للإجماع و للأخبار الخاصة المقیدة للأجل بالمعلومیة فلا یجوز السلم إلی وقت مجهول عند المتعاقدین کظهور الصاحب (علیه السلام) و قدوم الحاج و إدراک الغلة و إلی حصاد و دیاس و یکفی هلال الشهر و آخره و إن احتمل زیادته و نقصه بالهلال لانضباطه عرفاً و التسامح به عادة و یجوز التأقیت بشهور الفرس و الروم و بیوم النیروز و المهرجان و فصح النصاری و فطر الیهود مع معرفة المتعاقدین بتلک الاصطلاحات و لو ذکر الأجل بلفظ مشترک لفظی بین زمانین متأخر و متقدم کربیع و جمادی أو بین فصلین فی زمان متقدم و متأخر أو مشترک معنوی کذلک کالجمعة و السبت و رجب و شعبان و نفر الحاج فإن عین أحد الأفراد و ذکر ما عین فلا کلام و إن نسیه جاء احتمال القرعة و الأخذ بالأزید للاستصحاب و بالأقل للأصل و إن لم یعین جاء احتمال البطلان و احتمال الصحة لأن الحمل علیها مهما أمکن أولی فلیحمل علی أول جزء من أول معانی المشترک لأن الحکم علیه بإرادة معین لم یبینه مناف للحکم بالصحة و إرادة معین بعینه ترجیح بلا مرجح و بإرادة المبهم لا محصل له و بإرادة کل من المعنیین لا وجه لها فلیس إلا أنه أراد المفهوم الکلی و هو المسمی فی المشترک اللفظی و الطبیعة فی المشترک المعنوی و المفهوم الکلی یحصل بحصول جزء منه فیکون هو الأجل و قد یقال بالصحة و الحمل علی أول شهر لا لما ذکرنا بل الحکم العرف بالانصراف إلیه لظهوره فی مثل هذا المقام و أقربیته من المعنی الأخیر و هو حسن لأن انصراف الإطلاق إلیه فی الآجال مما لا ینکر سیما فی المشترک المعنوی فی الأشهر و الأیام و الأسبوع و قد یفرق بین تعریف أیام الأسبوع فینصرف إلی الأول و تکون اللام فیه عهدیة و بین تنکیره فیبطل للجهالة و هو قریب لفهم أهل العرف و علی کل حال فالأجل المعلق إلی یوم أو شهر أو غداً و نحو ذلک یحل بحصول أوله لأن المفهوم عرفاً و لأن المتیقن من انتهاء تأخیر التسلیم الانتهاء إلی أول جزء منه و لو قصد إن محل التأدیة جمیع الیوم أو الشهر أو قال و محله یوم الجمعة أو رمضان احتمل البطلان للجهالة و احتمل الصحة و تکون جمیع المدة ظرفاً للأداء فیتخیر البائع فی أجزائها فی التأدیة و یجب القبول منه متی أدی و احتملت

ص: 292

الصحة و تکون الغایة هی الآخر و یلحق توسعة ما قبل الآخر بما قبل المدة و لو صرح بالأول و الآخر من یوم أو شهر احتمل البطلان لجهالة الأول و الآخر و احتملت الصحة و انصرافه إلی الأول و الآخر العرفیین فتکون مدتهما ظرفاً للأداء مخیراً فیها و لو علق الأجل بوسط الشهر احتمل البطلان لجهالة الوسط لعدم العلم بانتهائه فی التاسع و العشرین أو الثلاثین و احتملت الصحة بالحمل علی الیوم الخامس عشر أو الوسط العرفی و علیهما یکون جمیع الوسط أظرافاً للأداء أو یتعین بأول الوسط أو یتعین بوسط الوسط الحقیقی وجوه أوجهها الوسط و تحمل السنون و الأشهر فی باب الآجال علی الهلالیة فتعتبر الأهلة ما لم یکن فیها منکسر کأن وقع العقد فی خلال الشهر صار وقوعه قرینة علی عدم إرادة الهلالی لأن الظاهر دخول الکسر و اتصاله بالعقد فلا یمکن کونه هلالیاً و هل یتم هذا المنکسر شهراً عددی أو یتم شهراً هلالی کأن یکمل أیامه بعد انتهائه بقدر ما فات منه من الهلال إلی حین العقد وجهان و الأوجه الأول و لو علق الأجل إلی ثلاثة أشهر و کان الأول منکسراً أکمل الأول من الرابع عددیاً لا هلالیاً و احتسب الباقیة هلالیة و احتمل انکسار الجمیع و احتسابها عددیة أو هلالیة بعید لعدم الاحتیاج إلیه و یصدق مضی ثلاثة أشهر حینئذٍ و صدق مضی شهرین و نصف لو مضی شهران هلالیان و نصف عددی فلا یفتقر إلا تکملته شهر عددی و الیوم المنکسر من یوم آخر بعد تمام العدة و لم یسقط احتسابه مطلقاً کما لا یجوز احتسابه بیوم تام مطلقاً قلیلًا کان الکسر أو کثیراً مع احتمال احتسابه یوماً تامّاً مع قلة الکسر و سقوطه مع کثرته و تلفیقه مع توسطه و الذی یفهمه أهل العرف فی الأیام المنکسرة هو الأول فکأنه صار مجازاً مشهوراً فی أمثال هذه المقامات فیقدم علی إرادة الحقیقة و لو قال إلی شهر فإن قارن الهلال کان الأجل آخره و إلا فالأجل إلی ثلثین یوماً و لو عین الشهر کرجب و مثله فالأجل أوله و لو بقی منه یوماً فإن قارن التأجیل أوله کان قرینة علی إرادة آخره حملًا للعقد علی الصحة مهما أمکن و احتمال الصحة و سقوط الأجل فیکون ذکره لغواً بعید و العمدة فی الحکم بذلک فهم العرف و لأن المبهم لو أرید به أوله لخلا الأجل عن الفائدة لتحقق أوله بعد تمام العقد فلو أرید به کل هلال یقع بعد العقد

ص: 293

لنفاه أهل العرف لأنهم یفهمون إرادة تمام العدة و إلا لعدلوا إلی المعین فلا احتیاج إلی تعلیل ذلک بأن المعنی فی المبهم المدة و هو لا یصدق إلا بالمجموع و فی المعین مسماه و هو یحصل بأول جزء منه و لا إلی أن الغایة فی المعین مفصولة بمفصل محسوس فتخرج و فی المبهم غیر مفصولة فتدخل لإمکان توجه النظر إلی ذلک کله و أعلم أن لفظ الیوم حقیقة فی التام و استعماله فی الملفق مجاز مشهور تقضی به قرائن الأحوال و مع جمعه یکون من استعمال اللفظ فی حقیقته و مجازه إن سوغناه أو من باب عموم المجاز کما إن الشهر حقیقة فی الهلالی دون العددی أو مشترک لفظی أظهر فردیة الهلالی أو معنوی و هو عدة من أیام لا یتأخر عنها الهلال تحقیقاً کالهلال أو تقدیراً کالعددی و أظهر فردیه الهلالی أیضاً و لکن قرائن الأحوال تصرفه إلی العددی أو إلی المعنی العام لهما کما إذا جمع أو ثنی و قد یظهر من العرف فیمن نذر صوم شهراً أو استأجر علی عمل شهراً أو نذر صوم سنة أو استأجر علی عمل سنة إرادة العددی دون الهلالی و کأنه لغلبة الانکسار و إرادة العمل فی المنکسر یکون ذلک.

عاشرها: یشترط فی السلم إمکان وجود المسلم فیه عند حلول الأجل

لیصح التسلیم و لا یضر امتناعه قبله و عبر بعضهم عن ذلک باشتراط القدرة علی التسلیم ذلک الوقت و آخر عبر بغلبة الوجود عند الحلول و رابع عبر بعموم الوجود و خامس عبر بمأمونیة الانقطاع و نقل الإجماع علی هذا الشرط مع التعبیر عنه بالعبارات الأخیرة و نحوها و ظاهر ذلک أن هذا الشرط أمر زائد علی اشتراط القدرة علی التسلیم التی هی شرط فی أصل البیع بل هو خصوص السلم فلا یسری لبیع کل کلی و لا لبیع کل کلی مؤجل أیضاً لأصالة عدم اشتراط أمر زائد علی إمکان التسلیم و القدرة علیه فیهما سواء ندر وجوده أو کثر و سواء تیسر تحصیله بسهولة أو کان مما یصعب تحصیله لوجوده فی مکان آخر یعسر نقله إلا بمشقة علی أنه یمکن تنزیل العبارات الأولیة علی العبارات الأخیرة بقرینة إفرازهم لهذا الشرط عن اشتراط القدرة علی التسلیم و عدم اکتفائهم به هاهنا بقرینة أن جل الذاکرین لهذا الشرط صرحوا فی مقام آخر ببطلان السلم إذا أدی إلی غرة الوجود و ندرته و ظاهر ذلک أنه أمر وراء القدرة علی التسلیم

ص: 294

و إمکانها فما یظهر من بعض من المتأخرین من الاکتفاء بوجوده و القدرة علی تسلیمه و لو بظن البائع للموثق (لا بأس أن یشتری الطعام و لیس هو عند صاحبه إلی أجل و حال) و لا یسمی أجلًا إلّا أن یکون بیعاً لا یوجد مثل العنب و البطیخ فی غیر زمانه و للصحیح فیمن اشتری طعام قریة بعینها قال: (لا بأس) و آخر فی رجل یشتری طعام قریة بعینها فإن لم یسم بعینها أعطاه حیث شاء و المشترطون لعموم الوجود لا یجوزون السلم فی طعام قریة ضعیف لا یعارض ما قدمناه من الإجماع المحکی و الشهرة المحصلة و المنقولة علی أنه یمکن حمل ما لا یوجد فی الروایة الأولی علی ما لم یوجد غالباً و نلتزم منع بیع ما لا یوجد غالباً حتی فی الحال أو یبقی علی معناه و یکون قیداً للحال الحال فیکون المؤجل مسکوتاً عنه فلا ینافی اشتراط الزیادة فیه أو یکون قیداً لهما فیکون دلالته علی اتحادهما فی الشرطیة بالمفهوم الضعیف فلا یلتفت إلیه و أما الروایتان الأخیرتان فحملهما علی القریة الکبیرة المقطوع بحصول الغلة فیها عادة جمعاً بینهما و بین کلام الأصحاب أولی من إبقائهما علی إطلاقهما و لو سلمنا إبقاءهما فلا نسلم إن موردهما السلم بل الظاهر منهما ارادة غیره ثمّ إن الظاهر من إطلاق الفتوی و الإجماع المنقول هو اشتراط عمومیة الوجود ذاتاً و وصفاً و مکاناً و ظرفاً و مکیالًا و متعلقاً و أن یکون عام الوجود فی محل أداء المسلم فیه المشروط أو المنصرف إلیه الإطلاق و فیما یقرب منه بحیث یعتاد نقله إلیه و لا یکفی وجوده فی آخر و الظاهر أنه شرط واقعی فلو عقدا بزعمهم عموم الوجود فبان العکس تبین بطلان البیع و لو زعما الندرة فبان الخلاف صح.

حادی عشرها: لا شک إن هذا الشرط شرط للسلم حین العقد

و إن تأخر حصوله له فلو کان حین العقد مما یعتاد حصوله عند الحلول فاتفق أنه ندر فلم یحصل صح العقد و إن انعکس الحال فسد إلا أن للمشتری الخیار فی الأول بین الفسخ و الصبر کما إذا انقطع المسلم فیه بعد عموم الوجود لحادثة أو وجد فأخر المشتری التسلیم إلی أن انقطع بعد ذلک العام فإن الحکم فی الجمیع الخیار و لا ینفسخ العقد أما عدم الانفساخ فنقل علیه الإجماع و تدل علیه ظواهر الأخبار و أما الحکم بالخیار فمستنده

ص: 295

حدیث لا ضرار و خصوص الأخبار الخاصة المنجبرة بفتوی المشهور و بما نقل من ظواهر الإجماع المنقول کالموثق فیمن أسلف و ذهب زمان ما أسلف فیه من الثمار و لم یستوف سلفه قال: (فلیأخذ رأس ماله) أو ینظره و الآخر و فیه (و إن لم یجد شرطه فلا یأخذ إلا رأس ماله لا تظلمون و لا تظلمون) و هذا کنایة عن جواز الفسخ و هل یجوز له أن لا یفسخ و لا یصبر بل یأخذ القیمة لأنها الضابطة عند تعذر الأمثال و لإشعار بعض الأخبار الواردة فی بیع السلف بعد حلول الأجل الآمرة بأخذ القیمة إذا لم یجد المسلم إلیه المسلم فیه وجهان و الأظهر أن له ذلک فیتخیر بین الثلث و یلزم البائع بالقیمة إن أرادها و لیس للبائع إلزامه بالقیمة قهراً لأن حقه عند تعذر المثل کما نقل عن العمیدی (رحمه الله) لأنه خلاف ظاهر الفتاوی و النص نعم قد یقال فیما لو قطع المسلم بعدم التمکن أبداً أن له الخیار بین الفسخ و أخذ القیمة و یزول الصبر عنه لعدم الفائدة فیه و ربما تنزل علیه بعض الأخبار الواردة فی بیع السلف بعد حلوله مع احتمال انفساخ البیع فیه من أصله أو من حینه و ربما تنزل علیه الأخبار الآمرة بأخذ رأس المال من دون تعرض للصبر و بما قدمنا یظهر ضعف ما ذهب إلیه ابن إدریس من لزوم الصبر علی المسلم عند تعذر المسلم فیه و عدم جواز الفسخ لمخالفته النص و الفتوی و هل یلحق بانقطاع المسلم فیه ثبوت الخیار عدم التمکن منه لفقر أو مرض أو بعد أو خوف أو عجز أو مشقة منه لا تتحمل أو عدم تمکن المشتری من قبضه لخوف أو عجز و لنحو ذلک کل ذلک لحدیث الضرر و لما تشعر به مفاهیم بعض الأخبار أو لا یلحق للأصل و لزوم الضرر وجهان و الأوجه الأول فیما لو کان المانع من قبل البائع و الثانی فیما لو کان من طرف المشتری و الظاهر إلحاق الحلول بالموت بالحلول عند الانتهاء لعدم الفارق بین الحلولین و لشمول حدیث الاضرار لهما و هل للمشتری الخیار قبل حلول الأجل إذا علم التعذر بعده لحصول العلم بالخیار المعلق علی وجود السبب أم لا للعلم به و هل هو فوری اقتصاراً علی مورد الیقین من الخروج عن عموم دلیل لزوم البیع فی الأزمان أو متراخ للاستصحاب وجهان و فی الأول قوة و یسقط هذا الخیار بإسقاطه و ببذل البائع له و رضاه بالتأجیل ثمّ حصل الانقطاع بعد ذلک للشک فی

ص: 296

شمول دلیل الخیار لمثل هذه الصورة و لو قبض المشتری البعض و تأخر الباقی تخیر بین الصبر و فسخ الجمیع للقواعد المتقدمة و لمکان تبعض الصفقة علیه أو فسخ الباقی فقط فیسترد ما قابله من الثمن لأنه متصف بالتعذر الموجب للخیار و للصحیح إن وفانی بعضاً و عجز عن بعض أ یجوز أن أخذ الباقی رأس المال قال: (نعم ما أحسن ذلک) و الآخر (لا بأس) إن تعذر الذی علیه الغنم جمیع ما علیه أن یأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو یأخذ رأس مال ما بقی من الغنم دراهم و فی احتمال عدم ثبوت الخیار له فی البعض لتبعیض الصفقة علی البائع و لا یجب الضرر بالضرر و تحمل الروایة علی أخذ القیمة مقاصته أو استیفاءً قوة إلا إنه خلاف ظاهر الأصحاب و لو فسخ المشتری البعض دون البعض کان للبائع الفسخ لمکان تبعض الصفقة علیه و جمعاً بین القواعد ما لم یکن التأخیر بتفریطه و یسقط خیاره.

ثانی عشرها: یجوز اشتراط السائغ فی عقد السلم

و هو ما لم یکن محللًا حراماً أو محرماً حلالًا أو منافیاً لمقتضی عقده أو عقد آخر أو غیر مقدور أو معدود من السفه أو مجهولًا لا یؤول إلی العلم و یؤدی إلی جهالة أحد العوضین و لا بد أن یکون فی أثناء العقد أو بنیا علیه العقد متأخراً أو متقدماً فیجوز اشتراط بیع آخر و سلف أو ضمین أو رهین أو قرض و اشتراط القرض فی السلف غیر مضر کاشتراط السلف فی القرض و اشتراط البیع و السلف اشتراط لعقده و لا یصح اشتراط غایة کاشتراط کون هذا مبیعاً و فی صحة اشتراط کونه رهناً من دون اشتراط الصیغة وجهان و لو قلنا بالصحة فالأولی أن یقول البائع استلمت و أرهنت و کذا لو صرح بصیغة الرهن کأن یقول البائع بعت و رهنت فالأولی أن یؤخر صیغة الرهن عن صیغة البیع و یؤخر القابل قبول الرهن عن قبول البیع بل الأظهر لزوم ذلک و ما ورد من النهی عن سلف و بیع عن بیعین و فی بیع ضعیف لا یقاوم ما ذکرنا فلیحمل علی اشتراط نفس الغایة أو علی تعلق السلم و البیع بشی ء واحد علی تقدیرین مختلفین.

ثالث عشرها: إذا دفع المسلم إلیه المبیع قبل الحلول

لم یجب القبول مطلقاً لأن التأخیر حق لهما و إن کان أصل مشروعیته إرفاقاً بالبائع و إذا دفعه بعد الحلول فإن

ص: 297

طابق الوصف وجب القبول إذا کان علی الحد الوسط من الأوصاف المشترطة و کذا لو کان متصفاً بالوصف الأعلی منها و أما لو کان متصفاً بالوصف الأدنی منها فالظاهر عدم لزوم القبول إلا برضاه لانصراف الأوصاف إلی الحد الوسط و لا یلزم مثله فی الأعلی لأنه وسط و زیادة إلا إذا اشترط الوسط و إن لم یطابق الوصف لم یجب القبول سواء کانت تلک الأوصاف أعلی أو أدنی کما إذا اشترط سناً معلوماً فدفع ما هو أجود منه أو صفة معلومة فدفع ما هو أعلی منها لعدم المطابقة و لجواز تعلق الغرض بوصف خاص و لعدم لزوم قبول الإحسان و للأخبار الخاصة فی أحدها فیمن یسلم فی وصف بأسنان معلومة و لون معلوم ثمّ یعطی دون شرطه أو فوقه قال: (إذا کان من طیبة نفسه منک و منه فلا بأس) و فی آخر أ رأیت أن أسلم فی أسنان معلومة أو شی ء معلوم من الرقیق فأعطاه دون شرطه أو فوقه بطیبة النفس منهم قال: (لا بأس) و فی الثالث فی الرجل یسلف فی وصف أسنان و لون معلوم ثمّ یعطی فوق شرطه فقال: (علی طیبة نفس منک و منه فلا بأس) و نسب للمشهور وجوب القبول فیما إذا دفع الأعلی لأنه إحسان و یجب قبوله و فیه منع وجوب قبول الإحسان أو لا منافاته لظواهر الأخبار المتقدمة ثانیاً و حمل جملة من الأخبار المتقدمة علی إرادة طیب النفس من المشتری فی قبول الأدنی و طیبة نفس من البائع فی دفع الأعلی فإنه لو أراد اشتراط طیبة نفس کل منهما فی کل منهما لقال بطیبة نفس فالعدول عن ذلک إیذان بذلک بعید عن السیاق و عن ظاهر الأخبار الأخر و یمکن حمل کلام المشهور فی وجوب قبول الأعلی ما إذا طابق الوصف و لکن کان أعلاها و لم یشترط الوسط علی المخالف و أما ما ورد فی بعض الأخبار من الأمر بأخذ ما دون الشرط و لا یؤخذ ما فوقه فمحمول علی الندب و الإرشاد لتنزیه النفس لا علی الحتم و الإیجاب لمخالفتها الفتاوی و النصوص و لو دفع المسلم إلیه الأکثر قدراً لم یجب القبول قطعاً لعدم وجوب قبول الهبة.

رابع عشرها: إذا حل الأجل وجب علی المسلم إلیه الدفع عند المطالبة

فلو لم یطالبه و لم یکن عدم المطالبة لعذر أو نسیان لم یجب الدفع و إذا دفع وجب القبول علی المسلم فلو کان لحمله مؤنة لم یجب علی الدافع إلا باشتراط أو قضاء عرف بذلک

ص: 298

بل لا یجب علی الدافع النقل إلا مع اشتراط أو قضاء العرف بذلک نعم یجب علیه التخلیة و التسلیم عند إرادة المسلم القبض و لو دفع المسلم إلیه فلم یقبل المسلم وضعه بین یدیه أو أدخله فی بیته تحت یده و برأ من ضمانه فإن لم یتمکن رفع أمره إلی الحاکم لیجبره علی القبض أو الإبراء لما فی تحمل الذمة من الضرر المنفی و الحاکم منصوب لقطع موارد النزاع و الاختلاف و قدم بعضهم هذه المرتبة الأخیرة علی الأول و هو لا یخلو من قوة لعدم تعین الفرد الموضوع بین یدیه وفاءً من دون قبضه له فیقوم الحاکم مقامه فی الجبر أو مقامه فی القبض فیقبض عنه لولایته علی الممتنع و إن لم یمکن الرجوع للحاکم فی الجبر أو القبض استأذن منه فی تعینه بالعزل و إبقائه أمانة عنده أو عند غیره من العدول فإن لم یمکن استئذانه عزله بنفسه لمکان الضرر بإبقائه و إبقائه أمانة عنده أو عند غیره و برأ من ضمانه لو تلف و هل ینتقل عند العزل إلی ملک المسلم فنماؤه له و لا یجوز للمسلم إلیه التصرف فیه أو یبقی فی ملک المسلم إلیه و فائدته فراغ ذمته و ارتفاع الضمان عند تلفه وجهان أظهرهما الأول و أحوطهما الأخیر و الأحوط منه إبقاءه دیناً علیه فیوصی به بطناً بعد بطن مع عزل مقابله للوفاء به.

خامس عشرها: إذا دفع المسلم إلیه من غیر الجنس بنیة الوفاء لا بنیة الأمانة و الاحتساب بعدد لک

فإن رضی الغریم بذلک کان وفاءً و إن ساعره علی قیمته کان قدرها وفاءً و إلا احتسب علیه بقیمته یوم الإقباض لظاهر الفتاوی و النصوص و الاجماعات المنقولة و فی الخبر فی رجل کان له علی رجل مال فلما حل علیه المال أعطاه طعاماً أو قطناً أو زعفراناً و لم یقاطعه علی السعر فلما کانت بعد شهرین أو ثلاثة ارتفع الطعام و الزعفران و القطن أو نقص بأی السعرین یحسبه هل لصاحب الدین سعر الیوم الذی أعطاه أو السعر الثانی بعد شهرین أو ثلاثة یوم حاسبه فوقع (علیه السلام) (لیس له إلا علی حسب سعر وقت ما دفع الطعام) و فی آخر عن الرجل یکون لی علیه المال فیعطینی بعضاً دنانیر و بعضاً دراهم فإذا جاء یحاسبنی لیوفینی یکون قد تغیر سعر الدنانیر أی السعرین أحسب سعر یوم الذی أعطانی الدنانیر أو سعر یومی الذی أحاسبه قال: (سعر یوم الذی أعطاک الدنانیر) و فی ثالث فی رجل

ص: 299

یکون له علی الرجل دراهم فیعطیه دنانیر فلا یصارفه فیتغیر الدنانیر بزیادة أو نقصان فقال له: (سعر یوم أعطاه) إلی غیر ذلک من الأخبار و ظاهرها إن المدفوع یکون وفاءً بقیمته بمجرد الدفع ونیة الوفاء لا یحتاج إلی أمر آخر من بیع أو صلح أو تصریح بذلک بل ظاهرها شامل للمدفوع بنیة الوفاء و عدمه و لما ساعره علیه و عدمه و لکن الظاهر اختصاصها بالأول و بما لم یساعره علیه حین الدفع جمعاً بین هذه الأخبار و بین القواعد نعم لو وقع الدفع من المسلم إلیه و لم یعلم وجهه کان الظاهر حمله علی الوفاء فیحتسب وفاءً بقیمة یوم الدفع.

سادس عشرها: لو أسلم فی کیل و شرط مکیالًا معیناً أو فی طعام و شرط کونه من أرض محصورة معینة

أو فی غزل امرأة معینة أو فی ثوب حائک معین أو فی عسل زنبور معین أو فی تمر بستان معین قالوا بطل لمنافاته لوضع السلم لابتنائه علی عموم الوجود فی شطوره و شرائطه و صفاته فلو انحصر کان غیر مأمون بقائه أو حصوله عند حلول الأجل قطعاً أو ظناً معتاداً إلا ما یقضی به الاستصحاب فی بعض الأحوال و هو لا یفید الظن بالمطلوب فی الباب و ما ورد فی بعض الأخبار من جواز السلم فی طعام قریة بعینها محمول علی الکبیرة کالبصرة و نجد و الأحساء و قد یناقش فی ذلک إلا أن متابعة المشهور أحری و لو أسلف و شرط شیئاً معیناً أو کلیاً محصوراً أو غیر محصور عام الوجود صح لعدم دخول هذا الشرط فی المسلم فیه و علی ذلک فلو أسلم فی غنم و شرط أصواف نعجات بعینها أو أصواف نعجات کلیة یمکن العلم بها بوصفها بحیث لا تؤدی إلی جهالة الشرط صح لعدم کون الأصواف داخلة فی السلم و عدم کونها مبیعة أصالة کی یجی ء المنع من بیع الصوف علی ظهر الغنم لجهالته و لأن الشروط قد یغتفر فیها ما لا یغتفر فی المشروط نعم لو کان الصوف غیر مشاهد و لا یمکن انضباطه بالوصف بطل الشرط و بطل العقد تبعاً لبطلانه قطعاً.

سابع عشرها: لا یجوز بیع المسلم قبل حلول أجله حالًا و مؤجلًا علی من هو علیه

أو علی غیره للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة لا لعدم ملکیة المشتری له لأن الأجل تحدید للأداء دون الملک کما هو الظاهر من الأخبار فی مثل هذه المحال و لأن

ص: 300

العقد مما لا یتأخر أثره فی غیر ما دل علیه الدلیل و لأن المیت إذا مات یحل ما علیه لا یملک بموته و لأن المسلم إذا مات ورث ورثته المال و احتسب ترکته فیجری علیه ما یجری علی سائر الأملاک فبطل احتمال عدم الملکیة و لا لعدم القدرة علی التسلیم لمنعه إذا بیع علی من هو علیه لأن ما فی ذمته مقبوض له و لأنه له مقدور له تسلیمه بعد الأجل کالمال الغائب إذا قدر علی تسلیمه بعد حضوره و ذلک کاف فی صحة البیع و ارتفاع السفه و لأنه مقدور له تحصیله من الغریم بإحدی الوسائل و ما کان مقدوراً بالواسطة کما کان مقدوراً بالذات و یکفی فی القدرة علی التسلیم ذلک و علی ما ذکرنا فالحکم خاص بالبیع دون غیره من المعاوضات و یجوز بیع السلم بعد حلوله و قبضه للأصل و الإجماع و الأخبار و هل یجوز بیعه قبل قبضه مطلقاً الأشهر و الأظهر ذلک ما لم یجیئه مانع من ربا أو نحوه للأصل و العمومات و الصحاح المستفیضة و غیرها و مواردها و إن اختصت بالبیع علی من هو علیه إلا أنه قد نقل عدم الخلاف بنفی الفرق بینه و بین غیره ممن هو علیه و یدل علی الجواز أیضاً ما دل من الأخبار علی جواز بیع ما لم یقبض بقول مطلق من غیر فرق بین مال السلم و غیره و بین کونه علی من هو علیه أو علی غیره و بین الطعام و غیره و بین المکیل و الموزون و غیره و بین التولیة و غیرها و إن کان الأحوط ترکه إذا کان مکیلًا أو موزوناً و کان البیع غیر تولیة للأخبار الناهیة عن ذلک الشاملة للسلم و غیره و من البعید افتراق حکم السلم عن حکم تلک المسألة فی الجواز فیه و المنع فیها لکونه أولی بالمنع منها و من الأخبار الدالة علی الجواز مرسلة أبا عثمان فی الرجل یسلف الدراهم فی الطعام إلی أجل فیحل الأجل فیقول لیس عندی طعام و خذ من ثمنه قال: (لا بأس بذلک) و فی الخبر فی الرجل أسلفه الطعام فیجی ء الوقت و لیس عندی طعام أعطیه بقیمته دراهم قال: (نعم) و فی ثالث عن رجل أسلف رجلًا دراهم بحنطة قال إذا حضر الأجل و لم یکن عنده طعاماً و وجد عنده دواباً و رقیقاً و متاعاً یحل له أن یأخذ من عروضه تلک الطعام قال: (نعم) و فی رابع رجل له علی رجل تمراً أو حنطة أو شعیراً فلما تقاضاه قال خذ بما لک عندی دراهم أ یجوز ذلک أم لا فکتب (یجوز عن تراض منهما) و إطلاقها شامل للبیع و غیره بمعونة

ص: 301

فهم المشهور و فتواهم و إجماعاتهم المنقولة و إلا فقد یمنع إرادة البیع من تلک الأخبار و تحمل علی الوفاء کما هو الظاهر منها فی أمثال هذه المقامات کالدفع إلی الغریم و شبهه أو تحمل علی الصلح و إن کان بعیداً لأن الظاهر فی معاوضة الأعیان هو البیع حتی یقوم دلیل علی الخلاف و هذه الأخبار و إن اختصت بموارد خاصة إلا أنه بضمیمة نقل الاتفاق علی عدم الفصل یتم المطلوب و بذلک یظهر ضعف ما نسب للشیخ (رحمه الله) من منع السلم بدراهم إذا کان الثمن الأول دراهم للخبر عن الرجل له علی آخر تمر أو شعیر أو حنطة یأخذ بقیمته دراهم قال: (إذا قومه دراهم فسد لأن الأصل الذی اشتری دراهم فلا یصلح دراهم بدراهم) لضعف الخبر عن مقاومة ما قدمنا و أما ما ذهب إلیه الشیخ (رحمه الله) من منع بیع المسلم قبل قبضه مع التفاوت إذا کان الثمن من جنس ما أسلمه سواء کان علی من هو علیه أو علی غیره و تبعه علی ذلک جمع من الأصحاب و نقل علیه الإجماع و اختاره جمع من المتأخرین استناداً لجملة من الأخبار کالصحیح فیمن أعطی رجلًا ورقاً بوصیف إلی أجل مسمی فقال له صاحبه لا أجد لک وصیفاً خذ قیمة وصیفک الیوم منی ورقاً قال: (لا یأخذ إلا وصیفه أو ورقه الذی أعطاه أول مرة لا یزداد علیه شی ء) و فی أخر (لا بأس بالسلم فی الحیوان إذا سمیت الذی تسلم فیه وصفته فإن وفیته و إلا فأنت أحق بدراهمک) و فی ثالث (من اشتری طعاماً أو علفاً إلی أجل فلم یجد صاحبه و لیس شرطه إلا الورق فان قال خذ منی بقدر الیوم ورقاً فلا یأخذ إلا شرطه و طعامه أو علفه فإن لم یجد شرطه فلا یأخذ إلا رأس المال لا تظلمون و لا تظلمون) و فی رابع فیمن یسلم فی الغنم قال: (لا بأس إن لم یقدر الذی علیه الغنم علی جمیع ما علیه أن یأخذ صاحب الغنم نصفها أو ثلثها أو ثلثیها و یأخذ رأس مال ما بقی من الغنم دراهم) و فی خامس فیمن یسلف فی التمر و الحنطة بمائة درهم فیأتی صاحبه حین یحل الذی له فیقول و الله ما عندی إلا نصف الذی لک فخذ منی إن شئت بنصف الذی لک حنطة و بنصفه ورقاً قال: (لا بأس إذا أخذ منه الورق کما أعطاه فهو و إن کان بحسب الدلیل إلا أن دلیله لا یقوی علی معارضة القواعد و العمومات و إطلاق الأخبار المتقدمة المنجبرة بما ذکرنا و بفتوی

ص: 302

المشهور نقلًا بل تحصیلًا فلیحمل علی الکراهة أو علی صورة ما إذا لم یجد المسلم إلیه المبیع وقت الحلول فیفسخ حینئذٍ فلا یکون له إلا رأس ماله لأن أخذ الزیادة علیه حرام لعدم مشروعیة أخذها من دون سبب ناقل علی أنه لا یخلو من شبهة الربا و أما الأخبار الدالة علی عدم جواز الشراء بالدراهم المرسلة إلا أن یکون معه آخر کالخبر فیمن أسلف دراهم بطعام فلما حل الطعام بعث إلیه بدراهم فقال اشتر لنفسک طعاماً فاستوف حقک فقال: (أری أن یولی ذلک غیرک و تقوم معه حتی تقبض الذی لک و لا تتولی أنت شراءه) و الآخر نحوه و فیه یکون معه غیره المحمولة علی الندب و الإرشاد إلی التنزه عن التهمة إذ لا قائل بما دل علیه ظاهرهما و هل یکره بیع السلم قبل قبضه إن کان مکیلًا أو موزوناً لفتوی جملة من فقهائنا و لاتخاذ هذه المسألة مع مسألة البیع قبل قبض المبیع أو لا یکره لعدم الدلیل علی الکراهة و لاختلاف المسألتین لکثرة الأخبار بالجواز هنا دونها هناک أو یکره إذا بیع علی غیر من هو علیه عملًا بتلک الأخبار فی باب القبض و لا یکره إذا بیع علی من هو علیه للأخبار المجوزة لذلک هاهنا من دون معارض إذ هی مع کثرتها مخصوصة بالبیع علی من هو علیه وجوه أقواها الأخیر.

ثامن عشرها: ما ذکرناه من جواز بیع المسلم بعد حلول أجله مطلقاً یسری لکل دین مؤجل قد حل أجله

سواء فی ذلک بیعه علی من هو علیه أو علی غیره خلافاً لابن إدریس حیث منع من بیعه علی غیر من هو علیه ناقلًا علیه الإجماع و هو ضعیف عن معارضة الأصل و العمومات و الشهرة المحکیة بل المحصلة و أما بیع الدین قبل حلول أجله فقیل بالجواز فیه للأصل من دون معارض سوی احتمال إلحاقه بمال المسلم المجمع علی منعه و هو قیاس ممنوع لاختصاص مورد الإجماع به و قیل بالمنع و کأنه استناداً لشبهة عدم الملک قبل حلول الأجل و شبهة عدم القدرة علی التسلیم و قد مر الجواب عنهما بمنع تأخر الملک عن سببه شرعاً و إن الأجل تأخیر للأداء و یمنع عدم القدرة علی التسلیم شرعاً و عرفاً و نزید هنا أن تأخر الملک لا یجری فی الدین المحقق من قرض أو غرامة و نحوهما إذا وقع تأجیلها بعقد لازم ضرورة تقدم الملک علی الأجل فلا یزول فالقول بالجواز أقوی و الاحتیاط لا یخفی.

ص: 303

تاسع عشرها: لا شک فی جواز بیع السلم قبل قبضه

بناءً علی القول به بعین حاضرة مشخصة و بکل حال غیر مؤجل لم تشغل به الذمة سابقاً و هل یجوز بیعه بکلی مؤجل لم تشغل به الذمة للأصل و العمومات أو لا یجوز کما هو الأقوی لأنه دین عرفاً بعلاقة الأول فهو مجاز مشهور أو حقیقة عرفیة و هذا بخلاف الحال فإنه لا یسمی دیناً و إن کان ما دام فی الذمة بعد وقوع العقد یسمی دیناً و لکن لا یسمی دیناً قبله و لما کان مال المسلم دیناً قطعاً دخل بیعه بالکلی المؤجل تحت بیع الدین بالدین الممنوع منه فتوی و روایة و دعوی أن مال السلم بعد الحلول لا یدخل فی الدین لأن الدین ما کان مؤجلًا ممنوع لمنع دخول الأجل فی مصداق الدین أو لا و بتسلیمه و کفایة الأجل السابق فیه و لا یحتاج إلی استمرار الأجل فی صدق الاسم ثانیاً و علی ما ذکرنا فلا یجوز بیعه بدین آخر للمشتری فی ذمة أخری و فی ذمته مؤجلًا کان الدین أو حالًا حل أجله بعد تأجیله کل ذلک لمکان النهی عن بیع الدین بالدین و هو مشتهر معتبر منجبر شامل للمؤجل و الحال لصدق لفظ الدین بعد شغل الذمة بالمال علیه عرفاً.

العشرون: لا یجب ذکر موضع التسلیم فی غیر السلم من العقود الحالة أو المؤجلة کلیاً کان المبیع أو عیناً

للأصل و لخلو الأخبار عن ذکر هذا الشرط و تسالم الفقهاء علی عدمه فعلی ذلک فیتبع حکم العرف فما حکم به العرف من التسلیم فی بلد العقد أو بلد أحد المتعاقدین من البائع و المشتری و بلد الحلول فی المؤجل أو بلد المطالبة أو بلد أحد المتعاقدین مع موافقته لبلد العقد حکم الشارع بلزومه فیه لکونه من مقتضیات العقد حینئذٍ و لا جهالة فی عدم ذکره للاکتفاء بدلالة اللفظ علیه و ما لم یحکم العرف به لمانع یصرف انصراف اللفظ لما هو المعهود فالظاهر وجوب تأدیته عند المطالبة کما هی القاعدة فی الحقوق المخلوقیة مع إن فی احتمال لزوم ذکر الموضع لرفع الجهالة و بطلان البیع مع عدمه قوة ثمّ إن العرف مختلف فمنه ما یقضی بنقل البائع له إلی البیت کالماء مثلًا و منه ما یقضی بطرحه فی السوق و منه ما یقضی بذهاب المشتری إلیه لیأخذه و علی کل حال فاللازم علی البائع تسلیمه للمشتری و قبضه بنفسه أو بوکیله و عدم الامتناع علیه و لا یلزم علیه نقله و تحمل مئونة نقله ما لم یقض العرف بذلک هذا فی غیر

ص: 304

السلم و أما فیه فیجب ذکر موضع المسلم فیه لأن الأین من الأوصاف الذاتیة للمسلم فیه فیجب ذکره لاختلاف الرغبات و القیم باختلاف موضع التسلیم و لحصول النزاع و الشقاق فی تعیینه و لا بد من قطعهما فی العقود اللازمة و الظاهر إن هذا القائل یلتزم بذلک فی کل کلی مؤجل کالنسیئة إن لم یلتزم فی الحال أیضاً لوحدة المدرک و احتمال إن فی السلم خصوصیة لشدة الاعتناء بضبطه و عدم تطرق الغرر إلیه بعید و قیل بعدم لزوم ذکر الموضع للأصل و لمساواة السلم لغیره و لارتفاع الغرر بالعرف و الإجماع المنقول علی عدم اللزوم و لعمومات الأدلة و خلو الأخبار الخاصة عن بیان حکمه مع بیان ما هو أقل احتیاجاً و خیال أنه داخل فیما دل علی لزوم بیان الوصف ظاهر المنع لظهور الوصف فی النصوص و الفتاوی فیما یعتری الذات من غیر زمانها و مکانها إلا إذا أحدث المکان وصفاً فهناک یجب ذکره لمکان الوصف لا لکونه مکاناً و قیل إن کان فی حمله مئونة وجب ذکر موضع التسلیم لأن الأغراض إنما تختلف لاختلاف المؤن و بدون ذلک لا یجب لاستواء أمکنة التسلیم فی نظرهما و قیل إن کان فی بریة أو بلد غربة یریدان مفارقته و لا یجتمعان فیه وجب ذکر الموضع لعدم إمکان التسلیم ببلد العقد حینئذٍ و غیره متساویاً بالنسبة و إلی التسلیم لعدم ما یقضی بترجیح واحد علی الآخر و الأغراض تختلف بالنسبة إلیها فیقضی عدم البیان إلی حصول النزاع و الشقاق و قیل إن کان لحمله مئونة و لم یکن المحل صالحاً للتسلیم اشترط ذکر الموضع و إلا فلا وجه یعلم مما تقدم ثمّ مع القول بعدم وجوب ذکر الموضوع قیل بانصرافه إلی بلد العقد و هو المشهور إن لم یکن مجمعاً علیه و قیل بانصرافه إلی بلد الحلول لأنه موضع حلول الدفع إلا أن ینعقد إجماع علی الانصراف إلی بلد العقد أو تقوم قرینة علی عدم إرادته و ربما یقال بانصرافه إلی بلد المطالبة لأنه الذی لا یجوز تأخیر الأداء عنه إلا مع قیام القرینة علی عدم إرادته و قد یقال بانصرافه إلی بلد المتعاقدین إن کانا معاً من بلد واحد أو یقال بانصرافه إلی بلد العقد مع موافقته لبلد أحد المتعاقدین أو یقال بانصرافه إلی بلد المسلم إلیه إذا منع مانع من انصرافه إلی بلد العقد و اختلفا فی البلد لأن مالک المال علیه اتباع ماله بانصرافه إلی بلد المسلم و للزوم تسلیم المال إلی أهله و الحق أن العرف إن

ص: 305

قضی أو العقد انصرف إلی موضع خاص کفی عن بیانه و اشتراطه و إلا فإن لم تختلف الأغراض باختلافه و لا تتفاوت القیم بتفاوته و لا مئونة لحمله و کان موجوداً بکل مکان لم یلزم علی المتعاقدین ذکر المکان و إلا لزم علیهم البیان.

الحادی و العشرون: إذا وجد المسلم فی المسلم فیه عیباً من غیر الجنس بعد قبضه

لزم البائع إبداله لأنه لیس من أفراد المعقود علیه و إن وجد فیه عیباً من الجنس کان له فسخ فردیته و إرجاعه فیعود الحق إلی ذمة المسلم فیه فیلزمه دفع بدله صحیحاً و له الرضا به مجاناً و لا کلام فی المقامین لأن المعیب فرد من أفراد الکلی المبیع و یجوز دفعه عنه فیملکه المدفوع له ملکاً متزلزلًا له فسخه و الرجوع علی البائع بالبدل و انصراف المبیع للصحیح تقضی بکون المعیب لیس من أفراده لأن انصرافه لیس انصراف تنویع و ذاتیة بل انصراف إلزام و شرطیة فلا منافاة بین ملک المشتری له و جواز فسخه و علی ذلک فالنماء للمشتری إذا کان منفصلًا و النفقة علیه فلا معنی للقول بأن المشتری علیه ملکاً ظاهراً قبل العلم بالعیب ثمّ بعد العلم به یزول ذلک الملک الظاهری عنه و یکون الرضا بمنزلة المعاوضة الجدیدة لکونه صالحاً لأن یکون من جملة أفراده نعم لو ظهر عند المشتری فیه عیب بطل الرد و کان له الارش مع احتمال أن له الرد أیضاً هاهنا لعدم تعین المعیب له بخلاف المعین فإن العیب معین له و مانع عن الرد کما هو مدلول الأخبار إلا أنه بعید و هل للمشتری فسخ أصل العقد الظاهر عدمه مع احتمال ذلک لانصباب الکلی علی الفرد المعین و اتحاده به فله فسخ أصل عقده و هل للمشتری إمساکه و الارش قهراً علی البائع لأنه ملکه فلا یجبر علی فسخ ملکه و العیب مضمون علی البائع فیأخذ ارشه الظاهر ذلک و إن ظهر من جملة من الفقهاء هاهنا أنه لیس له الارش و إنما له الإمساک مجاناً و إن ظهر عیب فی ثمن السلم فإن کان من غیر الجنس و کان معیناً بطل العقد مطلقاً و إن کان کلیاً فإن کان قبل التفرق کان له البدل و إن کان بعد التفرق بطل العقد أیضاً لتفرقهما قبل قبض الثمن هذا إذا ظهر العیب فی الکل فلو ظهر فی البعض جری علی البعض ما یجری علی الکل و تبعضت الصفقة فی غیر المعیب و إن کان من الجنس و کان معیباً فله الفسخ و له الإمضاء مع الارش قبل التفرق و بعده

ص: 306

لأن الارش غرامة مستقلة لا یتبعض به الثمن کی تتبعض به الصفقة و إن کان کلیاً کان له فسخ الفرد و الإبدال قبل التفرق و بعده لأن الفرد المعیب فرد للکلی یصح قبضه عنه و إن کان متزلزلًا و له الرضا مجاناً و إذا فسخ الفرد فلا یبعد لزوم أخذ البدل فی المجلس لعود الحق إلی ذمة المسلم سلیماً فعلیه إقباضه له قبل التفرق و هل له فسخ أصل العقد وجه تقدم بیانه و هل له الرضا به مع الارش علی المسلم وجه قریب لمقتضی القواعد و إن ظهر من جملة من الفقهاء خلافه و الحکم بالبعض کالحکم فی الکل.

الثانی و العشرون: لو اختلف المسلم و المسلم إلیه فی أصل القبض کان القول قول منکره

و أصالة الصحة لا تثبت قبضاً و لو اختلفا فی کونه قبل القبض أو بعده بعد اتفاقهما علی حصوله کان القول قول مدعی الصحة لتعارض أصلی عدم تقدم کل منهما علی الآخر فیبقی أصل الصحة سلیما عن المعارض و احتمال الرجوع إلی معلوم التأریخ و مجهوله قوی أیضاً إلا أن الأولی أقوی و یمکن ان یقال أن النزاع الواقع فی القبض و عدمه و النزاع الواقع فی کونه قبل التفرق أو بعده نزاع فی طرو المانع و عدمه فیکون کما لو وقع عقد و قبض و اختلفا فی وقوع التفرق بینهما و عدمه و لو أقام کل من المتداعیین علی تقدیم القبض علی التفرق أو تأخره بینة حکم لبینة مدعی الفساد لأنه خارج و بینته مقدمة مع احتمال تقدیم بینة مدعی الصحة لقوة جانبه بأصالة عدم طرو المفسد و لأن دعواه مثبتة و الأخری نافیة و المثبتة مقدمة و لو اتفقا علی کون الثمن فی ذمة المشتری و عنده فقال: البائع قبل التفرق رددته إلیک قوی القول بتقدیم قول البائع ترجیحاً لأصل الصحة و لتعارض الأصلین فیحصل الشک فی طرو المفسد و الأصل عدمه و احتمل تقدیم قول المشتری لأصالة عدم القبض و لاستصحاب عدم صحة العقد و الأول أقوی ثمّ إن ادعی البائع الرد بعد القبض لو خلا و نفسه غیر مسموع لأن سماع قوله فی القبض إنما جاء به أصالة الصحة و دعواه الرد لا شاهد لها فمقتضی سماع دعواه فی القبض عدم سماعها فی الرد و أنه لیس له مطالبة المشتری بالثمن إلا أن اعتراف المشتری ببقاء الثمن فی ذمته مع الحکم بصحة قول البائع یقضیان بکونه مقبوضاً مردوداً و قد یقال أن المشتری لا یعترف بکون الثمن فی ذمته لاعترافه بفساد

ص: 307

البیع فلا یسلم أن فی ذمته شی ء کی تتعلق به دعوی البائع للقبض و الرد فتسمع دعواه الأولی تصحیحاً للعقد و ترد الثانیة علیه فلا وجه لمطالبته للمشتری و لو اختلفا فی المسلم فیه فقال أحدهما فی حنطة و الآخر شعیر تحالفا و انفسخ العقد و لو اختلفا فی و صفین مختلفین فکذلک و لو اختلفا فی اشتراط وصف و عدمه کان القول قول نافیه و لو اختلفا فی أن البیع الواقع بصیغة البیع هل اشترط له أجلًا أم لا فالقول قول منکره و لو اختلفا فیما لو وقع البیع بلفظ السلم قدم قول مدعی الأجل لأصالة الصحة و احتمال تقدیم قول النافی و الحمل علی التجوز فی البیع المطلق جمعاً بین أصالة عدم الأجل و بین أصالة الصحة بعید أو خروج عن ظاهر الخطابات من دون قرینة و أصالة الصحة لا تصلح لصرف ظاهر الخطابات و لو اتفقا علی أجل فاختلفا فی زیادته و نقصه فالقول قول من نفی الزیادة و لو اختلفا فی أجل معلوم أو مجهول فالقول قول من یدعی المعلومیة و لو اختلفا فی دفع المسلم فیه و عدمه فالقول قول من ینکره و لو اختلفا فی حلول الأجل بعد الاتفاق علی الأجل فالقول قول من ینکره استصحاباً لبقائه کما إذا اتفقا علی کون الأجل شهراً و اختلفا فی مبدأ العقد أنه منذ عشرین أو ثلاثین.

الثالث و العشرون: لو أسلم مسلم إلی مسلم فی عبد مسلم فارتد المسلم

سلمه المسلم إلیه إلی الحاکم فیبیعه علی المسلم قهراً لأن الکافر لا یستقر له ملک المسلم و لو ارتد المسلم إلیه احتمل انفساخ العقد لتعذر التسلیم و احتمل بقاءه و أخذ قیمته منه لأنه بمنزلة من أتلف المبیع بتفریطه و احتمل ثبوت الخیار بین الفسخ و أخذ الثمن و بین الإمضاء و أخذ القیمة و لو أسلم رجل إلی رجل شیئاً ذو قیمة غالیة وقت العقد فنزل وقت الحلول کثیراً أو کان غالیاً فی مکان العقد لکونها فی غربة أو بریة یریدان مفارقتها فوجدا فی بلدهما سافلًا فی القیمة جداً فالأقوی أنه لیس للمسلم سوی المسلم فیه مع احتمال أخذ القیمة العلیا أو ثبوت الخیار له لحدیث لا ضرار أما لو عاد المسلم فیه لا قیمة له فالأوجه انفساخ العقد لأنه بمنزلة التلف قبل القبض و لو سلم کافراً إلی کافر فی خمر أو خنزیر فأسلم المسلم احتمال بطلان العقد و الرجوع بثمنه و احتمل صحته و لا رجوع له بشی ء لأنه فوت المسلم فیه باختیاره و احتمل أن له قیمته عند مستحلیه کما

ص: 308

إذا تعذر المثل و لو أسلم المسلم إلیه احتمل انفساخ العقد و الرجوع بالثمن و احتمل أخذ القیمة لتفویت العین علی المسلم باختیاره و یجری هذا الحکم إلی ما یکون بین مسلم و مؤمن أو مؤمنین مختلفین فی الاجتهاد إذا تحدد لأحدهم ما یحرم علیه تسلمه و تسلیمه فتأمل.

تم کتاب البیع بحمد الله و یتلوه إن شاء الله تعالی کتاب الإجارة و الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی خیر خلقه محمد و آله الطاهرین و قد فرغ من تسویده الخاطئ المذنب الملتمس من الناظرین طلب المغفرة عصر یوم الاثنین سادس شهر ذی الحجة الحرام من شهور سنة ألف و ثلاثمائة و اثنین و ثلاثین و قد کان الشروع فی غرة ذی القعدة من شهور هذه السنة و الحمد لله بدءا و ختاماً أولًا و آخراً

ص: 309

دلیل الکتاب

الموضوع ..... رقم الصفحة

کتاب البیع ..... 1

المطلب الأول: فی الصیغة ..... 1

المطلب الثانی: فی المتعاقدین ..... 9

القول فی شرائط المعقود علیه من العوضین ..... 36

القول فی الخیارات: ..... 73

القول فی النقد و النسیئة: ..... 98

القول فیما یدخل فی المبیع ...... 103

القول فی التسلیم: ..... 109

القول فی اختلاف المتبایعین ..... 123

القول فی الشرائط ..... 127

القول فی أحکام العیوب و فیه أمور ..... 140

القول فی التدلیس و التغریر و بعض أحکام العیوب ..... 160

القول فی المرابحة و المواضعة و التولیة و الربا ..... 173

القول فی الربا: ..... 179

القول فی الصرف: ..... 196

القول فی الثمار: ..... 216

القول فی بیع الحیوان: ..... 235

القول فی السلم و السلف: ..... 277

دلیل الکتاب ..... 309

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.